قصص

قصة اوضة الركنة

عندي قطة كُل ما تعدي قدام ركن معين في أوضة الركنة شعرها يقف وتتوتر جدًا وتبعد عن الأوضة خالص.
الموضوع ده غريب، بس الأغرب أن الركن ده كل ما أقرب ناحيته أنا أو جوزي أو ابني بنحس بخنقة، جسمها بيقشعر، الهوا تقيل، النفس بناخده بالعافية. كل ده ممكن يكون عادي أو طبيعي بس اللي مش عادي أني مرة كنت نايمة بدري شوية علشان تعبانة وصحيت على صرخة من جوزي!
قومت جري، الصوت جاي من الركنة، زي ما يكون بيحاول ياخد نفسه. دخلت لقيته قاعد على الكنبة، ماسك صدره، أنفاسه سريعة، بيبص حواليه بخوف. بصلي وقالي “كان في حاجة هنا”!
جسمي قشعر، قام وبدأ يبص حواليه، توتره وصل ليا، قشعرة مسكت جسمي كله، حاولت أهديه “شوفت إيه طيب”! صوته متردد، متقطع، خايف بجد: “كنت نايم، نايم وحسيت بحاجة بتحسس على رجلي، محستش غير وأنا برفسها جامد بس كانت ماسكة في رجلي جامد، حاجة ليها إيد وصوابع طويلة”!
وشاور على الأرض وكمل: “في حاجة هنا مش طبيعية”!
خوفي زاد، قولتله بعتاب لأنه عارف أن المكان ده مخيف: “ما أنت مش بتنام هنا، تعالى طيب برا.. أكيد كابوس”! حاولت أمسك إيده، بس بعدها!
استغربت، جسمه بيتنفض، عينه في لمعة غريبة، عاد تاني نفس الجملة بصوت جامد شوية “في حاجة هنا” وشاور برضه على الأرض! سمعت صوت جاي من الصالة وباب الشقة بيتفتح، شهقت، بصيت له وقولتله “مين برا”! قالي بهدوء وهو بيقعد على الركنة “شوفي طيب”!
الجملة مش عارفة ليه خوفتني، طلعت برا وأنا بقول بعصبية وخوف “مين”! محدش معاه المفتاح، الباب اتفتح واتقفل يعني حد دخل! بصيت ورايا لجوزي ملقتهوش طلع، ناديت عليه بعصبية وخوف “يا محمد تعالى”!
سمعت صوته جاي من الصالة!
“في ايه يا ولاء”!
الجملة رنت في ودني وكنت هدوخ. محمد برا! صوته جاي من الصالة! جريت على برا وأنا ببص وريا بخوف ورعب. شوفته قدامي كان جاي من برا وهدوم الخروج، اترميت في حضنه وقعدت أعيط، حاول يهديني وأنا بشاور لجوا وبقوله بهيستريا “كنت جوا معايا، كنت جوا”!
مسك إيدي وشدني معاه لجوا وهو متأهب، خايف، دخلنا الركنة وبصينا وصرخت من الخوف.. مكانش في حد!
طلعت برا مش مستوعبة، صوتي بيرعش، قولتله “عايزة أروح لماما دلوقتي”! قدر خوفي ونزلنا فعلًا ويادوب لبست بس عباية على هدوم البيت من الخوف. في الطريق حكيتله اللي حصل، ملامحه بتقول إنه مصدقني، مستحيل أخاف كده من وهم، وداني لماما ونزل وقالي هيشوف حل للموضوع ده.
عدت ساعة واتصلت بيه اطمنت عليه، كنت لسه خايفة، قالي إنه جاب شيخ وقرأ قرآن في البيت. قولتله إن الراجل اللي كان شبهه كان بيشاور على مكان معين في الأرض، أكيد فيه حاجة.. دي رسالة منه!
قالي هيشوف الموضوع ده، والليلة دي عدت عليا كلها كوابيس ورعب وخوف ومنمتش غير ساعتين. الصبح بدري اتصلت بيه اطمن عليه لأنه صمم يبات في الشقة، لقيته بيكلمني وهوبينهج وبيقولي بسعادة “لقيت السبب”!
سألته “يعني إيه”؟ قالي بانتصار غريب: “خلعت السيراميك، كان في واحدة سيراميك مكتوب على ضهرها طلاسم وكلام سحر كتير”!
جسمي اتلبش، سألته بخوف “عملت فيها إيه”؟ قالي “كسرتها مليون حتة”.
حسيت أن في هم واتزاح، طلبت منه يخلص ويجي ياخدني نروح مع بعض، وبعد الظهر فعلًا جه.
مش عارفة ليه حسيته متغير، عينه في لمعة غريبة، جسمه مشدود، نبرة صوته أقوى وحادة، وشه جامد. خوفت منه للحظات وبعدها قولت أكيد بسبب التجربة اللي حصلت وأنه اتعرض لسحر وكده. رجعنا البيت ودخلنا وبعدها لقيته بياخدني من إيدي للركنة.
قعدت وقعد قدامي وقالي بهدوء: “كل إنسان بيغلط يا حبيبي وأنا غلطت”. مفهمتش، عيني دمعت شوية من الخوف ومن كلامه. سألته بلجلجة: “غلطت في ايه يا محمد”؟
رد وهو بيقرب مني وبيمسح على شعري: “السيراميكة دي كان فيها حاجة بتحضر شيطان قوي، وكان محبوس في طلاسم مكتوبة على ضهرها، وأنا لما كسرتها حررت قوته، هو كان بيحاول يلفت نظرنا للمكان ده بأي شكل علشان نوصله ونحرره”.
جسمي اترعش، حسيت بخنقة ودراعي بيبرد وصوابعي بتترعش. كمل: “كان لازم السيراميك دي تتدفن في مكان تحت الأرض، بعيد، ميوصلش ليها بشر، بس أنا عملت العكس، حررتها وهو دلوقتي معانا”. وبص حواليه وكمل: “معانا هنا”.
عيني زاغت بجنون حوالينا، قولتله بصريخ: “يعني إيه يا محمد، تقصد إيه”؟
مسك إيدي جامد وقالي برقة: “بتحبيني يا ولاء”؟
…………….
فاكرة الإجابة، قولتله وأنا بعيط “بحبك يا محمد”، قولتله كده ومن وقتها وإحنا حياتنا اتغيرت 180 درجة، حبي ليه خلاني أساعده، أساعد الشيطان اللي اتحرر، الشيطان اللي مش شايفينه بس أثره موجود، بيطلب منا غذا مقابل أنه يسيبنا عايشين في البيت وميأذناش، بيطلب منا أننا نجيب بني آدمين للشقة يتغذى على طاقتهم وروحهم وبعدها يسيبهم.
جبت أهلي، وأهل محمد، وجيرانا، الكل فاكر أننا اجتماعيين وبنعزم الناس كل يومين في بيتنا بس محدش يعرف السبب. محدش يعرف أننا مُجبرين على ده، مجبرين نوفر بشر للشيطان في الركنة علشان يهجم عليهم ويتغذى على جزء من طاقتهم. الناس بتخرج من عندنا حاسين بتعب، بخوف مش مبرر، بس محدش فاهم السبب. عزائي الوحيد أننا مش بنموت حد، مفيش روح بريئة بتموت.
المشكلة أن محمد قالي إن الشيطان ده لسه صغير، مولود، وعلشان كده غذاه خفيف، مش مؤذي بالشكل اللي يموت، وبيقول كمان إنه بيكبر بسرعة رهيبة وقريب جدًا هيبدأ يطلب أكتر، فلو في يوم اتعرفتوا على حد اجتماعي وعزمكم في بيته بلاش تروحوا، ولو صمموا وروحتوا يبقى خدوا بالكم.. محدش يقعد في الركنة لوحده!
#تمت
#عبدالرحمن_دياب

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط