قصص

قصة بوستر

 قصة بوستر القصة اللي هحكيهالك النهاردة، حصلت لزميلة ليا اسمها عبير، كنا شغالين سوا في بنك، مش هطول على حضرتك.. هدخل في الحكاية على طول، احنا كنا بنتين وتلت شباب في المكتب، كانت أقرب حد ليا، دايما بنروح ونيجي مع بعض.. بحكم انها ساكنه في نفس منطقتي، وكعادة جيلنا في الوقت ده، كنا بنشتري بوسترات المطربين والممثلين، ونعلقها على حيطان الأوض بتاعتنا، واحنا بنرسم أحلام وردية، بس بجد كانت أحلى أيام، وتقدر تقول ان مع الوقت.. علاقتي أنا وعبير بقت قوية جد، لدرجة اننا بقينا نزور بعض في بيوتنا، ونسهر عن بعض من غير أهلنا ما يقلقوا علينا، وفي مرة واحنا راجعين من الشغل، دخلنا مكتبة على أول الشارع، كنا عارفين صاحبها.. ودايما بنشتري من عنده بوسترات، مع دخولي للمكتبة، عيني وقعت على بوستر لطفل شكله جميل أوي، لفت انتباهي.. وفضلت باصه ليه، لحد ما لقيت عبير بتقولي:
-حلو أوي البوستر ده، مش كده؟
بصيتلها باندهاش، وعيني راحت للمكان اللي بتبص عليه، ومش هقولك اتفاجئت لما لقيتها بتشاور على نفس البوستر، عارف ليه؟.. لأن ذوقنا شبه بعض، هي كمان كانت مركزه معاه ومبتسمه، وساعتها اتفقنا نشتري منه اتنين، ومع اتفاقنا، نادينا على صاحب المكتبة.. وطلبنا منه بوسترين نفس الشكل، بس للأسف، بعد ما قلب رفوف المكتبة، وقف قدامنا وقال:
-مفيش غير واحد بس المتوافر دلوقتي.
بصيت لصاحبتي اللي عينيها ماتشالتش عنه، ورديت عليه وقولتله:
-تمام هي هتاخده، ولو جالك نفس البوستر.. احجزلي واحد تاني، بس نفس الشكل يا عمو، وانا كده كده بعدي من قدامك على طول.
-حاضر، عينيا يا ست البنات، اللي تؤمروا بيه.
خدنا البوستر وحاسبنا ومشينا في طريقنا، بس الغريب، ان صاحبتي كانت ماشية فاتحة البوستر في الشارع وبتبتسم زي العبيطة وبتقولي:
-البيبي ده شكله حلو أوي.. أنا حاسة انه بيضحكلي، يارب لما أتجوز وأخلف أجيب بيبي كيوت شبهه.
– ربنا يرزقني أنا وانتي وكل مشتاق، هو بصراحة ماشاء الله، جميل وبيضحك.. بس مش ليكي، هي صورته بيضحك في المطلق.
-طيب والله يا ستي بيضحكلي أهو.
-ما هو طبيعي دي صورة طفل بيضحك، مفيش فيها حاجة غريبة، لفي البوستر يا عبير وامشي عدل، وركزي في طريقك، ولما تروحي طمنيني.. الكلام خدنا وأنا خلاص وصلت.
قولتلها الكلمتين دول وسيبتها ودخلت البيت، ماحطتش في دماغي اللي حصل، ومارست حياتي عادي، وقبل ما أنام افتكرت انها مارنتش عليا خالص، فقولت اتصل بيها أسأل عليها وأشوفها بتعمل ايه؟ اتصلت بيها كذا مرة على ما ردت، كان صوتها نايم ومش واضح، ولا فاهمة منه هي بتقول ايه؟ عشان كده قفلت معاها، وتاني يوم الصبح عديت عليها، واستنتها كتير على ما جت، ماكنش في وقت أسألها حتى اتأخرت ليه، يادوب شدتها من ايدها ومشينا، كانت ماشية زي المتخدرين ومش حاسة بالدنيا من حواليها، ومع دخولنا البنك، وأول ما وصلنا الدور اللي احنا شغالين فيه، دخلنا، وقعدت على المكتب بتاعها، وفضلت مسهمة على غير عادتها، ومع تمام الساعة 9 بالدقيقة الشغل بدأ، وكل اللي في المكتب كانوا ملاحظين انها مش معانا خالص، عشان كده قومت مسكتها من كتفها وقولتلها:
-جرى ايه، يا عبير انتي جاية تنامي هنا؟ أنا لو مش مكلماكي وانتي نايمة، كنت قولت انك مانمتيش! مالك فيكي ايه؟
-أنا فعلا مانمتش امبارح خالص، وطول الليل فاتحه البوستر وبصاله، ده جميل أوي يا بنتي، انتي مش متخيلة ضحكته بتفرحني ازاي!
-بوستر زي أي بوستر بنجيبه عادي، حتة ورقة في الأول والآخر، كبري دماغك كده وفوقي، وبصي للشغل اللي متكتول قدامك.
-يووووه خرجتيني من المود، دايما مفسده للحظات السعيدة، حاضر.. هتهبب أشوف الشغل.
بعد ما اتكلمت معاها فاقت شوية وبدأت تشتغل، بس من وقت للتاني، بتسرح مننا ومش بترد علينا وبتحتاج اللي يفوقها، اليوم خلص وكل واحد روح بيته، وتاني يوم الصبح كالعادة، فضلت مستنياها كتير، ولما اتصلت بيها كنسلت عليا.. فاضطريت اني أسبقها وأروح الشغل لوحدي، أكيد مش هقف طول اليوم مستنياها، ومع ذلك، هي ماجتش الشغل في اليوم ده، وبسبب غيابها، اضطريت أروحلها البيت وأنا مروحة من الشغل.. عشان أطمن عليها، وأشوفها مش بترد ليه، ولما وصلت بيتها لقيتها قاعدة في أوضتها وكويسة، وأول ما شافتني واقفة على الباب، شدتني لجوه وقفلت الباب علينا وقالتلي:
-تعالي كده شوفي بيبصلي ازاي وبيضحك معايا.
– لااااا ده انتي اتجننتي خالص، وعلى فكرة بقى.. غلط تركزي مع أي صورة، لأن الإحساس البصري هو اللي ممكن يوحيلك باللي بيحصل ده.
-لا أنا متأكدة انه بيحرك عينيه وبيضحكلي.
سكت وكنت لسه هاستأذن منها أروح، بس مامتها مسكت فيا عشان اتغدى معاهم، وماقدرتش أرفضلها طلبها، قعدت معاها شوية بعد الغدا في أوضتها، وكل ما كنت الاقيها باصة للبوستر، ابصله أنا كمان ومالقيش فيه حاجة غريبة، اتفقت معاها تنزل معايا الشغل بكره وماتكسلش، وقبل ما أخرج من عندها، لقيتها مرة واحدة وقعت من طولها، وجسمها كله بقى بيتشنج، ماعرفتش أعمل ايه في اللحظة دي، غير اني أنادي على مامتها، اللي أول ما دخلت قالتلي:
-يالهوي هي أغمى عليها تاني، دي بقالها يومين على الحالة دي.
-طيب في دكتور شافها ولا ايه؟
-أيوه وقال ان ضغطها واطي من كتر الشغل، ومفروض تاخد أجازة وترتاح شوية.
ماكنتش فاهمة ضغط شغل ايه اللي كانت بتتكلم عنه، منا قاعده معاها في نفس المكتب ومافيش حاجة، عديت الموضوع، وسكت لحد ما اطمنت عليها ونامت.. وبعدها روحت على بيتي، بس عقلي فضل مشغول باللي حصلها، رغم انها نزلت الشغل وبانت عادية جدا، بس المشكلة، إن نفس الحالة دي حصلتلها واحنا في الشغل، وساعها بقى ماحدش من الولاد قرب منها، أنا بس اللي جريت عليها، وأخدتها في حضني وحاولت اهديها، وبعد ما هديت.. والدنيا بقت تمام، اتصلت بوالدتها وبلغتها باللي حصل، وطلبت منها تبعت أخوها، عشان مش هعرف أروح بيها لوحدي وهي في الحالة دي، وده لأن جسمها بيبقى تقيل جدا، ومش هقدر أسيطر عليها لو اتكرر الموضوع ده واحنا مروحين، وفعلا حصل، أخوها جه وروحناها البيت، وفضلت جنبها، وبعد اليوم ما خلص وحسيت ان الوقت اتأخر.. سيبتها وروحت البيت، وبسبب تعبها غابت يومين عن الشغل، وطبيعي نتج عن غيابها ده ان شغلها تراكم عليا، وبقيت مش عارفة الاحق على الشغل منين ولا منين، لدرجة ان في مرة.. سواق المدير اللي كان بيجي يقعد في المكتب سألني عليها وقال:
-مالك يا أستاذة، شايله الشغل كله لوحدك ليه، مش كان معاكي أستاذة تانية؟
-آه.. عبير، اصلها تعبانة، وواخدة أجازة كام يوم، ادعيلها تخف بسرعة.
-ربنا يقومها ويردها لمكانها بالسلامة.
-تسلم يا رب، مانتحرمش من سؤالك.. هبقى أبلغها بيه.
شرب كوباية الشاي اللي كانت في ايده، وسلم على الشباب واستئذن ومشى، بصراحة هو شخص رخم شويتين، بس محترم جدا وبتاع ربنا، ده حتى السبحة مش بتفارق ايده، قبل كده لما كان بيدخل علينا المكتب وعبير موجودة، كانت بتتعصب وبتبقى مش طايقة وجوده، وهو بقى بيقعد يضحك ويستفزها، المهم في اليوم ده بعد ما مشى روحت زورتها في البيت، ومع دخولي عليها أوضتها، لقيتها قاعدة على السرير وباصة للبوستر وبتكلمه، لدرجة انها ماحستش بيا لما دخلت، لحد ما ضربتها بخفة على كتفها، عشان تفوق من السرحان اللي هي فيه، في اللحظة دي اتنفضت واتنرفزت جدا، بس مرة واحدة اتمالكت أعصابها، ولقيتها فاقت وقامت سلمت عليا كأن مفيش حاجة حصلت، طمنتنتي عليها وفضلنا سهرانين سوا، واتفقنا نروح الشغل تاني يوم الصبح، وفعلا كانت مستنياني على باب بيتهم، خدتها وطلعنا الشغل وبدانا نشوف اللي ورانا، عشان نعوض غياب الشباب اللي معانا، اصل في اليوم ده أنا وهي ومعتز زميلنا بس اللي كنا في المكتب، وبعد البريك ما خلص ورجعنا المكتب، لقينا عرفة سواق المدير قاعد مستنينا جوه، في البداية هي ماكنتش راضية تدخل، بس لما سحبتها من ايدها ودخلتها وبدأنا نشتغل فكت شوية، لكن بمجرد ما بدأ يضايقها اتحولت، ساعتها معتز حاول يخرجه من المكتب، بس هو فضل يستفزها ويقرا قرآن، لحد ما وشها احمر وبدأت تتشنج، معتز في اللحظة دي زعلقله، وحاول يسكته بالعافية، لأنها بدأت تصرخ والناس الموجودة اتلمت علينا، لكن عرفه كان أسرع من الكل، وطلع ازازة من جيبه ورش منها عليها، فصرخت جامد، صرخة خوفتنا وصدمتنا كلنا، ومع صرختها، حطت ايديها على وشها، ماكنتش عارفة أعمل ايه، وقفت لثواني مشلولة، وبعدها فوقت وجريت عليها، عشان أخبيها منه وحضنتها وقولتلها:
-ماتخافيش مش هيقدر يعملك حاجة، أنا هنا.
ومع جملتي، رفع راسها، ويادوب شالت ايديها من على ووشها وهي متعصبة، في اللحظة دي، حسيت ان في كهربا مسكت فيا، وشلت ايدي من عليها وبعدت عنها، وبلعت ريقي بخوف، وده لأني شوفت منظر مرعب، عقلي رافض يستوعبه، أصلي شوفت وشها مقسوم نصين، نص عادي أنا حفظاه، والنص التاني كان واخد ملامح نفس الطفل اللي على البوستر، ومع كل اللي حصل ده صرخت تاني في وشي، بس المرة دي ماكنش طالع منها صوت واحد، لا دول كانوا صوتين، وبعدها وقعت على الأرض وأغمى عليها، بصيت حواليا بضعف وخوف، وساعتها عيني جت في عين عرفة ولقتني بقوله:
-أنت شوفت اللي حصل، ولا أنا بيتهيألي؟
-لا شوفت، وصليها البيت، وسيبي خبر لأهلها اني هفوت عليهم بالليل، بس بما اني ماعرفهمش، ومش هيقبلوا مني أي حاجة على بنتهم، عاوزك تكوني معايا.
-تمام ماشي، ده رقم تليفوني كلمني قبل ما تيجي، وهوصفلك العنوان بالظبط وهستناك هناك.
-ربنا يقدم اللي فيه الخير ويشيل عنها.
-يارب.
فضلت في اليوم ده قاعدة جنبها لحد ما فاقت، ووقفت تاكسي وروحتها، وأول ما أمها شافت حالتها كده.. اتخضت وفضلت تعيط، بس أنا شاورتلها عشان تساعدني ندخلها أوضتها، وفعلا ده اللي حصل، وبعدها وقفت معاها على باب الشقة، وحكيتلها اللي حصل، وبلغتها إن عرفة هيجيلها بالليل، وهي كأي ست محترمة قالتلي:
-وماله ينور.. هخلي أخوها يفضل في البيت عشان ماينفعش راجل غريب يدخل واحنا لوحدنا.
-يكون أحسن برضه يا طنط.
شكرتني على وقفتي معاها، فابتسمت وسيبتها ونزلت، روحت على بيتنا، وللأمانة ماحكتش لأمي أي حاجة من اللي حصلت لعبير، عشان كنت خايفة تمنعني من شوفتها، عشان كده لما رجعت حاولت أبين ان مفيش حاجة واني تمام، وبين المغرب والعشا تليفوني رن، وكان اللي بيتصل عرفة، وساعتها استئذنت من أمي وقولتلها:
-معلش يا ماما.. هنزل مع عبير تشتري هدية عيد الأم لوالدتها.
-ماشي يا حبيبتي ما تتأخريش.
نزلت من البيت، وفضلت مع عرفة على التليفون لحد ما وصل بيتها، وكنت مستنياه هناك، خدته وطلعنا، ومامتها وأخوها استقبلونا وشاوروا على أوضتها، ولما دخلت عليها، كانت كالعادة سرحانة مع البوستر ومش حاسة بحاجة من اللي حواليها، كانت بتقول كلام غريب، أنا ماكنتش فاهمة منه حاجة، بس مع دخول عرفة، لفت وشهها بكل غضب وبصتلنا، وفجأة، قامت من على السرير وحاولت تهجم عليه، بس أخوها مسكها وقعدها على السرير، أما عرفة بقى فكتب بقلم أحمر بعض الايات على ورق، وطلب مني أحطه في مايه وأدوبه، وبعدها قعد على طرف السرير وبص للبوستر، وبدون استئذان.. مد ايده وشده وقطعه نصين، ومع تصرفه، صرخت بغضب ووشها اتقسم نصين تاني، حتى صوتها اتغير وبقى صوت طفل، في اللحظة دي، عرفة وجه كلامه ليه وقاله:
-اخرج وسيبها في حالها.
-لو خرجتني هاموتها وهاخدها معايا.
ساعتها من كتر خوفي عليها أنا اللي رديت باندفاع وقولتله:
-مش هاتعرف تعمل كده، أنت طفل صغير.
في اللحظة دي عرفة زعقلي جامد وقالي:
-ماتتكلميش، أنا مش عايز حد يتكلم معاه.
اتعصبت عليه وقولتله:
-هو أنت خايف منه ولا ايه؟ لو خايف اخرج وسيبها.
وقتها اتبدل صوت الطفل، وسمعت عبير وهي بتقولي:
-خرجيه بره، الراجل ده مش كويس، ده هايموتني.
قربت منها وحاولت اهديها، فحذرني وقالي:
– سيبيها مالكيش دعوة بيها، ماتقربلهاش.
بس في الحقيقة، أنا ماسمعتش كلامه وقربت أكتر وخدتها في حضني، وبعدها بصيت لعرفة، وهزيت راسي عشان يكمل اللي كان بيعمله، رجع تاني يقرا آيات معينة من سورة البقرة والرحمن والجن، كانت طول الوقت بتصرخ وبتعيط، وصوت الولد مرة يظهر ومرة يختفي، وبعد ما خلص جاب المايه ورشها عليها، ده حتى خلاني أمسح وشها وشعرها بيها، وبعد دقايق، ابتدت تهدا ونفسها انتظم وشربناها جزء من المايه اللي فاضله، وساعتها بقى رجعت كل اللي في بطنها واللي كان عبارة عن مادة لزجة سودة ومعاها رغاوي كتيرة، وبعد كده هدت خالص، لكن عرفة برضه كمل وخلاها تقرأ آيات معينة وراه، وبالفعل مع قرايتها ولما خلص، بصلنا وقال:
-الحمد لله، خلاص اللي عليها انصرف بأمان.
ساعتها مامتها سألته:
-هو ايه للي حصل؟ أنا مش فاهمه ده حد عامل لبنتي حاجة يعني ولا ايه؟
-لا لا كل الصور أحيانا بيسكنها الجن، وهي فضلت مركزة مع الصورة كتير واتمست عن طريقها، بس الحمد لله، هي دلوقتي خفت وبقت كويسة، ماتقلقوش، ياريت بس تشيلوا كل البوسترات اللي هنا.
-حاضر تمام، هنفذ كلامك وهمنعها تتجيب القرف ده تاني.
وفعلا عرفة كان معاه حق، عبير اتحسنت وبقت أفضل من الأول والموضوع انتهى، واللي طلعت بيه من اللي حصل.. اني حرفيا كرهت الصور، والبراويز والمجسمات، وأي حاجة ممكن الجن يسكن فيها، لدرجة اني مش بجيب لولادي عرايس أو لعب مجسمه، بقيت أخاف، بجد ربنا يعافينا ويحفظنا، ودي كانت حكاية عبير صاحبتي يا أستاذ محمد، أتمنى تعجب حضرتك والمستمعين، والرسالة اللي قصداها منها تكون وصان لكل اللي بيسمعوا حضرتك.
تمت بحمد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط