
قصة جريمة ورد كنت سايق عربيتي كالعادة ومش مقرر أروح فين، بس اللي كنت عارفة اني ماينفعش أرجع البيت، لأني لو رجعت هتخانق معاها وبدل ما تبقى مشادة عادية في التليفون احتمال الموضوع يكبر وننفصل، مش عارف لحد امتى هفضل أمتص غضبي وأكتم جوايا وهي في المقابل تخترع خناقات بدون مبرر، في اللحظة دي موبايلي رن، كان ياسين صاحبي اللي بيتصل، رديت عليه وأنا بنفخ وبقوله:
-ألو.. خير أنت كمان عاوز ايه؟
-ولا حاجة اهدى كده يا درش، أنا روحت أسألك عليك في النيابة قالولي انك مشيت وكنت متعصب ف قولت أتصل بيك أشوفك مالك؟
-كالعادة يا ياسين مشاكل معاها وياريتها مشاكل تستاهل دي حاجات تافهة شبهها.
-هي أول سنة جواز بتبقى كده، شد وجذب لحد ما تاخدو على طباع بعض وكل واحد فيكوا يفهم التاني.
-يا ابني ده احنا مخطوبين 3 سنين ماتخانقناش فيهم مرة، اشمعنى الخناق حلى بعد الجواز.
-عشان الاهتمام قل من وجهة نظرها.
-أنا تعبت وبأمانة شكلي في مرة كده هقوم مطلقها زي ما بتزن عليا كل شوية وأخلص.
-طول بالك، في ايه يا مصطفى! ده أنت مش كده مع المجرمين اللي عندك خليك هادي معاها شوية وبلاش علاقة الندية دي.
-والله الكلام ده محتاج تقولهولها هي مش انا مش هي بنت خالتك وأختك في الرضاعة، روح قولها الكلمتين دول وعرفها بالمرة اني ماينفعش أسيب شغلي عشان هي عاوزة تتعشى سوشي في مطعم معين.
-نعم!
-ما كانت بتتخانق معايا عشان حجز المطعم راح عليها، وأنا قولتلها يا ستي اطلبيه دليفري وأنا هدفع بس هي ازاي توافق، كبرت الموضوع واتخانقت واتعصبت وعملت ليلة من مفيش.
-طيب انا هكلمها، ولا أقولك أنت مروح امتى؟ تعالى نجيب سوشي ونفاجئها ياعم وأحللك مشكلتك.
-أنت طيب أوي، هي زعلانة من الموقف مش الأكل.
-طيب أعملك ايه؟ ابقى خلي مراتك تكلمه وتعقلها، ما هي أكيد هتشتكليها مني كالعادة.
– طيب ماشي خلاص، أنت تؤمر، ربنا يهدي سركم.
-اقفل لم أشوف محيي بيتصل ليه؟
-ماشي ابقى طمني لما ترجع البيت وأشوفك بكرة ان شاء الله.
-سلام يا ياسين.
قفلت معاه ورديت على مكالمة محيي اللي كانت على الويتينج وقولتله:
-أيوه يا سيادة الرائد خير مالك؟
-حضرتك فين؟
-نعم! ده أنا مراتي مش بتسألني السؤال ده، في ايه يا محيي.
-ما اقصدش والله يا افندم، بس محتاجين حضرتك ضروري.
-قول في ايه، أنا جاي في الطريق حالا.
-كالعادة جريمة قتل، بس المرة دي غريبة شويتين.
-كل جرايم القتل الفترة دي بقت أغرب من بعضها، ابعتلي اللوكيشن وطلع قوة على هناك.
-القوة طلعت بالفعل يا افندم ومتواجدين هناك دلوقتي.
-طيب أنا شوية وهكون عندكم.
-تمام يا أفندم، في انتظار معاليك.
قفلت معاه ورنيت على هدير اللي ردت عليا بعد ما كنت وصلت لمكان الجريمة ف كلمتها قبل ما أنزل من العربية وقولتلها:
-لسه زعلانة؟
-هيفرق معاك، ما انت سهران بره وماهنش عليك ترجع تصالحني.
-حقك عليا، ماكنتش حابب أرجع عشان مانشدش سوا، يعز عليا زعلك، هخلص الشغل اللي معايا وهرجع البيت وهجيبلك سوشي يا ستي ونسه للصبح قدام التليفزيون.
-بجد يا مصطفى.
-بجد يا ديرو، يلا ادعيلي بقى ربنا يوفقني وماتزعليش.
-ربنا يوفقك يا حبيبي.
قفلت معاها وبطلت العربية ونزلت بصيت على الشارع اللي كان هادي زيادة عن اللزوم، وقربت من القوة اللي كانت واقفة قدام المكان، أول ما محيي لمحني قرب مني وقالي:
-أهلا وسهلا يا سعادة الباشا.
-أهلا بيك يا سيادة الرائد، قولي بقى التفاصيل بشكل سريع كده قبل ما أدخل.
-حاضر يا أفندم، محل اسمه ورد ستور متخصص في الورود وفي ركن صغير كده لبيع الهدايا والانتيكات مع الورد، صاحبته اسمها ورد سليمان عندها 26 سنة، واحد من اللي متعودين يشتروا منها دخل عليها ولقاها كده ف اتصل بالنجدة وبلغ باللي حصلها وبدورنا اتحركنا وكلمت حضرتك بلغتك.
-ماشي يا محيي هدخل أعاين باقي التفاصيل بنفسي.
-تمام اتفضل يا باشا.
قربت من المكان وساعتها محيي زعق للعساكر اللي كانوا واقفين ف خدوا جنب، أول ما دخلت خدت بالي ان بتوع المعمل الجنائي لسه في مسرح الجريمة وبيفحصوا الجثة، وقفت ورا واحد فيهم وهو منهمك في شغله، وركزت مع ورد اللي كانت واقعة على الأرض وهدومها كلها غرقانة دم، جسمها كان فيه طعنات متفرقة كتير، ملامح وشها كانت خايفة، وده يدل على ان الشخص اللي عمل كده هددها مثلا واترجته عشان يسيبها، كان في سيناريوهات كتيرة بتدور في خيالي وعشان أرجح حاجة فيهم كان لازم آخد لفة في المكان، ف اتحركت بخفة ومشيت في المحل لحد ما وقفت جنب الكاشير، ماكنش باين عليه آثار عنف أو انه اتفتح غصب وده بينفي انها ممكن تكون جريمة قتل بغرض السرقة، كان لازم أقطع الشك باليقين، عشان كده طلعت خدت جلافز من العسكري اللي كان واقف مع بتوع المعمل الجنائي ولبسته وفتحت درج الفلوس، وساعتها اتصدمت لأن الفلوس كانت في مكانها، بصيت حواليا بتمعن وأنا بفكر ايه تاني ممكن يتسرق، ساعتها لمحت خزنة صغيرة على جنب، ولما قربت منها، خدت بالي انها مفتوحة والمفتاح بتاعها مش متشال منها، وفي اللحظة دي استغربت وسألت نفسي ايه اللي ممكن يجيب خزنة في ستور ورد، الا لو عندها حاجة غالية محتاجة تحطها فيها، والغريب ان الخزنة دي هنا في المكان ده مش في البيت مثلا، فوقت على صوت محي وهو بيسألني وبيقولي:
-ها يا مصطفى باشا وصلت لحاجة؟
-هو حد قرب من الخزنة دي؟
-ماحدش لمس أي حاجة عند خالص يا افندم.
-أومال العلبة دي محطوطة كده ليه؟
-مش عارف يا باشا، هي فيها ايه أصلا؟
-مافتحتهاش استنى لما نشوف.
وفعلا مديت ايدي ومسكتها، كانت علبة قطيفة حمرا شكلها مستطيل، فتحت الكلبسة بتاعتها فاتفتحت على طول واكتشفت ساعتها ان فيها سلسلة لونها دهبي ب اسم هند وتلقائي ساعتها بصيت لمحيي وسألته:
-هي بتبيع دهب كمان ولا ايه؟
– على حد معلوماتي لا، احتمال كبير تكون اكسسوار.
-أومال ليه جايبة خزنة وبتاع.
ساعتها فتحت اله=خزنة وأنا مفكر ان مفيهاش حاجة، بس اتصدمت لما لقيت ان فيها أوراق كتيرة تخص ملكية المكان وعقد شقة وأراضي، وبصراحة كنت مستغرب ازاي حد يآمن انه يسيب حاجات زي دي في خزنة المحل ليه مش في البيت أو أي مكان آمن، طلبت من محيي يتحفظوا على كل الأوراق اللي موجودة للخزنة وخدت لفة في المخزن اللي كان فيه الورد، وده كان مكان واسع وهادي مفيش فيه أي حاجة تلفت الانتباه، غير ان كان في باقة ورد مركونة على جنب، تقريبا جهزتها ومالحقتش تسلمها، افتكرت ساعتها الشخص اللي بلغ على اللي حصل، وخرجت سألت محيي عليه وقولتله:
-فين الشخص اللي بلغ عن الجريمة؟
-الدكتور اللي في العيادة اللي هناك دي يا افندم، تحب استدعيه لحضرتك؟
-لا أنا هشرب السيجارة اللي في ايدي دي وأروحله أدردش معاه بشكل ودي شوية الأول.
-ماشي يا باشا زي ما تحب.
خلصت السيجارة وبصيت على العيادة اللي محيي شاور عليها وعديت الطريق ودخلت، بصيت بعيني على الموجودين وقربت من الممرضة وميلت على ودنها وقولتلها:
-بلغي الدكتور ان مصطفي حمدان وكيل النيابة بره ومحتاج يدردش معاه شوية.
-حاضر يا افندم اتفضل ارتاح وأنا هبلغه حالا.
وفعلا دخلت للدكتور وبعدها خرجت وقالتلي:
-هيخلص الكشف اللي معاه حالا وهدخل حضرتك أول ما يخرج.
-لا مافيش مشكلة، أنا ممكن أنتظر عادي لما الاتنين اللي قاعدين دول يدخلوا.
-لا طبعا يا افندم، ثواني وهتدخل.
قعدت مكانها وسكتت، وبعد شوية قولتلها:
-هو الدكتور بيحب الورد؟
-لا خالص، دكتور محمود عنده حساسية لا ورد ولا برفان ولا حاجة ريحتها نفاذة.
في اللحظة دي شكيت فيه، ايه اللي يخلي واحد مش بيحب الورد يتردد على محل للورد؟ قولت لنفسي:
-واضح انها قضية سهلة، اسهل مما كنت متخيل.
ماحستش بالمريض اللي خرج من عند الدكتور الا لما لقيتها واقفة قدامي وبتقولي:
-اتفضل يا افندم الدكتور في انتظار.
-شكرا.
دخلت على الدكتور واتصدمت لما وقف واداني وشه، الكلام اتجمد لثواني وبعدها قالي:
-مصطفى! مش معقول قد ايه الدنيا دي صغيرة، عامل ايه يا درش وايه أخبارك؟
-أنا كويس، هي دي عيادتك؟
-آه يا ابني في ايه، فينك وفين أراضيك كده، اوعى تكون انت وكيل النيابة اللي الممرضة قالتلي عليه!
-أيوه أنا، قولي بقى، أنت اللي بلغت باللي حصل لورد.
-ده حقيقي، أنا روحت الاستور بتاعها كالعادة زي كل خميس، بس اتفاجئت انها فاتحة بدري والباب مفتوح ومش بترد، ولما دخلت وناديت عليها لقيتها واقعة في الأرض وغرقانة في دمها.
-أنت ايه علاقتك بورد أصلا؟
-مفيش علاقة بيني وبينها، أنا متعود كل خميس باخد منها ورد وأنا رايح أقرأ الفاتحة لأمي وأبويا.
-طيب مالحظتش حاجة غريبة في الوقت ده؟
-الحاجة الغريبة الوحيدة هي ان المحل كان مفتوح بدري، ده مش من عادتها هي بتفتح الساعة 11، وأنا كنت جاي 9.
-بقالك قد ايه فاتح العيادة دي؟
-سنتين وكام شهر.
-والاستور بتاعها فاتح من قبل ولا بعد ما جيت؟
-بص يا سيدي، هو كان محل أبوها، كان قديم وعلى قده، اللي أعرفه انها من سبع شهور جددته وفتحته تاني وطورت فيه، بس هو أصلا محل ورد قديم وكان اسمه البستاني.
-طب آخر سؤال أنا عارف ان وقتك غالي ومش ملكك واني معطلك، في مشاكل بينها وبين حد من أصحاب المحلات، سمعت خناقة مثلا حد زعق؟
-خالص، دي بنت مسالمة وهادية لأبعد حد، تصدق بالله يا درش، انا قعدت شهر أتعامل معاها كل خميس ومفكرها خارصة، لحد ما ف مرة كنت بتعامل معاها بالإشارة لقيتها بتضحك وبتقولي انها بتعرف تتكلم، ساعتها كنت ف نص هدومي وبتمنى الأرض تتشق وتبلعني.
-طيب يا محمود أنا همشي دلوقتي، وانت لما تخلص شغلك يا ريت تشرفنا عشان تقول كلمه في محضر رسمين وف أيكرت أي كلمني وماتترددش ده رقم تليفوني، خليه معاك، وخلينا نشوفك يا عم.
-حاضر يا مصطفى والله انت كنت واحشني أوي بس أنت أكيد عارف ان الدنيا لهاية وبتسحل الواحد مننا في مليون حاجة.
-عارف ومش زعلان منك والله، يلا أشوفك على خير، سلام.
-سلام.
سيبته ورجعت تاني عشان أشوفهم وصلوا لايه، ومع وصولي لقيت محيي واقف على الباب وبيقولي:
-احنا خلصنا كده يا مصطفى باشا وهننقل الجثة على المشرحة.
ماشي وأنا هطلع على النيابة وهستني هناك ملف كامل عنها، مين اللي اتردد عليها ومين في بينها وبينه خلافات وأنت عارف بقى.
-حاضر يا باشا، مسافة ما توصل وتشرب قهوتك كل حاجة هتكون على المكتب قدامك.
-ماشي يا محيي، ربنا معاكم ويقويكم يا رجالة.
سيبتهم وركبت عربيتي وطلعت على النيابة وبمجرد ما دخلت طلبت القهوة بتاعتي وقعدت أشربها وأنا بفكر في القاتل، واللي وصلتله بعد التفكير ده هو ان أكيد في خلافات بينها وبين قرايبها عشان كده أوراق الملكية بتاعة المحل والبيت والأرض في خزنة المحل مش البيت وده يزود دايرة الشك ان ممكن يكون اللي قاتلها من جوه بيتها نفسه، بس لو كده ليه القاتل ماخدش الورق ما الخزنة كانت مفتوحة قدامه، يمكن ماكنش يعرف! كان في مليون حاجة تفسير للقضية بيدور في دماغي، واللي أكيد مش هتخرج عن حاجة منهم، فوقت من تفكيري على صوت خبط على باب المكتب، واللي بعده الباب اتفتح ودخل منه محيي، وهو بينهج وحط قدامي ملف وقالي:
-أوامر معاليك اتنفذت بالحرف، أنا بصيت ف الملف بسرعة وممكن أديك نبذة عنه قبل ما تبدأ التحقيق يا باشا.
-قول اللي عندك.
-ورد سليمان، أمها اتوفت من بعد ولادتها بشهر ونص، وبعد وفاتها بسنتين أبوها اتجوز، ومرات أبوها كانت كويسة معاها وراعت ربنا فيها دي حتى خطبتها لابن أختها وكان فرحهم بعد خمس شهور.
-احنا كده محتاجين نعمل استدعاء لخطيبها ولمرات أبوها عشان ناخد أقوالهم.
-اعتبره حصل يا افندم.
بعد شوية فعلا محيي خبط على الباب وقالي:
-مرات أبو القتيلة موجودة بره يا افندم.
-تمام دخلها حالا.
أول ما دخلت شاورتلها تقعد وخلصت مكالمة في السريع وأنا براقب انفعالاتها وتعابير وشها وبعد ما خلصت فتحت الملف بتاعها وقولتها:
-مدام نجية محروس، اتجوزتي سليمان بعد موت مراته بسنتين، وكنتي متجوزة قبل واطلقتي عشان مابتخلفيش.
-حصل يا سعادة الباشا.
-قوليلي بقى، ايه طبيعة علاقتك بورد؟
-ورد دي بنتي اللي ماخلفتهاش، شوف أنا ربنا ماردليش اني أبقى أم بس عوضني بالبنت ورد دي، نسمة ومالهاش صون، عمرها ماحسستني اني مرات أبوها، ودايما تاخد رأي ف كل حاجة، ومن صغرها بتقولي ماما لوحدها من غير ما حد يطلب ده منها.
-يعني مافيش خلافات بينك وبينها على ورث المرحوم مثلا.
-لا يا باشا، ده أنا أزودلها ورثها، هو أنا يا حسرة ورايا مين ياخد مني، بس الشهادة لله، عمها هو اللي كان عينة على الدكان اللي فتحته وكان عاوز ياخد نصيبه ف أخوه، اكمن سليمان يعني ماخلفش ولاد، بس هي وقفتله ورفضت، لأنه كان عاوز ياخد المحل ويديها نصيبها فلوس ويفتحه هو، وانتي شايفه ان عمها ده ممكن يوصل بيه الحال انه يقتلها لو ماعرفش يمشي اللي هو عايزة.
-بصراحة كده هو راجل شراني وبتاع مشاكل، مش سليمان خالص.
-تعرفي ورد ممكن تكون محتفظة بعقد المحل فين مثلا.
-لا ماعرفش بس هو مش في البيت.
-واضح انك دورتي ومتأكدة عشان كده ماخدتش وقت حتى تفكري في اجابتك ولا عواقبها.
-عواقب ايه يا بيه اللي هافكر فيها، أنا اللي في قلبي على لساني وجاوبت بسرعة عشان آخر مرة كان عندنا فيها في البيت هدد ورد وقالها انه هياخد المحل غصب عنها وهي ساعتها خدت الورق من البيت وخرجت بعد ما مشى من غير ما أعرف راحت فين؟
-ماشي هيبان، قوليلي بقى علاقة ابن أختك بورد كانت عاملة ازاي؟
-زي السمنة على العسل، مافيش بعد كده، طاهر ده أصله واد يتيم زيها ويعتبر برضة أنا اللي مربياه، وكاش ايلها ف حبة عينه، منه لله اللي عمل فيها كده وحرمنا منها، وحرمها هي كمان فرحتها، ده فرحها كان خلاص مافيش.
-البقاء لله يا ست نجية، عندك أقوال تانية تحبي تقوليها.
-لا يا باشا متشكرين، بس أمانة عليك تجيبلي حقها وتكسر عين عمها الظالم ده لو هو اللي عمل فيها كده، ماتخليهوش ينفد بعملته دي.
-ماتخافيش، القانون هياخد مجراه، احنا هدفنا تحقيق العدالة، ومافيش حد فوق القانون.
-روح ربنا يطمن قلبك وينور طريقك.
-امضي على أقوالك يا حاجة، ولو احتجنالك هنبعتلك تاني.
-ماشي يا بيه، أنا ببصم مابعرفش أكتب ولا أقرا.
-مش هنختلف، اتفضلي ابصمي هنا.
-حاضر أهو، أي خدمة تاني؟
-لا متشكر جدا ولتاني مرة بقولك البقاء لله ربنا يصبركم.
-البقاء لله واحده يا باشا.
بعد ما خرجت من المكتب محيي دخل وقعد قدامي وقالي:
-ها يا باشا وصلت معاها لحاجة؟
-آه وفي نفس الوقت لا.
-دي فزورة يعني ولا ايه يعني يا افندم؟
-لا بس في حاجة هي بتحاول تداريها، عشان كده رمت الليلة كلها على عمها، وكمان وأنا بقولها امشي قالتلي أنا ببصم، لو بتبصم ومفيش مشاكل بينها وبين ورد ايه اللي هيخلي ورد تشيل ورق البيت كمان في المحل، بص هو كلام الست دي مش مقنع، بس للأسف مفيش حاجة تخليني أتهمها لأننا مش بنمشي ورا احساسنا.
-عموما كله هيبان، خطيبها بره تحب أدخله لحضرتك دلوقتي.
-أيوه خليه يدخل لما نشوف أقواله هو كمان.
-تمام يا افندم.
ساعتها محيي فتح الباب ونده عليه، وأول ما دخل سابه وخرج، قرب من المكتب ووقف قدامي زي الألف فقولتله:
-اسمك وسنك ومحل اقامتك؟
-طاهر نصر الدين 32 سنة عندي ورشة لتصليح العربيات وساكن في الكوربة.
-اقعد يا طاهر وخد راحتك.
-شكرا يا افندم.
-قولي يا طاهر تعرف ايه عن ورد سليمان؟
-الله يرحمها خطيبتي وتبقى قريبت برضة.
-كان في مشاكل بينكم في الفترة الأخيرة؟
-لا لا خالص.
-مخطوبين صالونات ولا عن حب بما انكم قرايب وكده يعني؟
-لا هي في دار الحق دلوقتي، حرام افتري عليها، هي مرات أبوها عرضتها عليا وأنا وافقت لأنها يتيمه زي ومش هلاقي حد من عيلتها يقفلي.
-خطبتها قبل موت أبوها ولا بعده؟
-بعده يا باشا.
-ورد كانت بتحكيلك مشاكلها مع عمها ولا ماتعرفش حاجة عن الموضوع ده؟
-كنت بسمع من خالتي وبسكت لحد هي ما تقول عشان ماتحسش اني بدخل في علاقتها مع قرايبها، بس الصراحة، عمها ده راجل ناقص، عاوز يكوش على كل حاجة، قال ايه ياخد الدكانة ويخلصها فيها.
-طيب يا طاهر ماتعرفش ممكن مين اللي يكون عمل فيها كده؟
-بصراحة لا بس زي ما قولتلك، عمها هو الوحيد اللي من مصلحته يخلص منها، خصوصا بعد ما اكتشف ان عمي سليمان كاتب الشقة والأرض لورد، يعني يادوب مش هيورث غير ف المحل بس عشان كده زي ما قولتلك كان عايز يكوش عليه.
-طب وعلاقة ورد بنجية كان شكلها عامل ازاي، زي الام وبنتها فعلا ولا نجية كانت مرات أب عليها؟
-نجية مابتخلفش، هي اللي مربياني ومربيه ورد كمان، عمري ماشوفتها بتزعقلها ولا مرة اختلفوا دايما الاتنين كويسين مع بعض.
-أه فهمت، اتفضل امضي على أقوالك، ولا بتبصم انت كمان؟
-لا أنا معايا دبلوم وبعرف أكتب وأقرأ.
-طيب امضي وخليك في محل الإقامة المثبت في البطاقة عشان لو احتجناك نعرف نوصلك.
-أكيد يا باشا هو أنا يعني هروح فين؟
-تمام، بعد ما خرج من عندي، ناديت على العسكري وسألته على الرائد محيي فقالي انه خرج، ساعتها فضلت رايح جاي في المكتب بفكر في كلام طاهر ونجية وفجأة موبايلي رن، استغربت لما لقيت ياسين اللي بيتصل بيا، ومع اتصاله اللي اتكرر لتاني مرة رديت:
-ألو..
-ايه يا مصطفى هناخد مواعيد عشان نكلمك بعد كده ولا ايه؟
-لا والله يا ياسين، بس مسحول في قضية جديدة.
-كالعادة يعني، طيب طمني عملت ايه مع هدير، صالحتها ولا ايه دنيتك؟
-لا والله ماروحتش من ساعة ما سيبتك، بس كلمتها قبل ما انشغل وانشغلت بعدها عنها أكتر، طيب على العموم هي مكلمة مراتي ومراتي بتلبس ونزلالها.
-طيب أمانة عليك توصي المدام عندك تبقى حنينة وماتقومهاش عليا، هي الحرب دايرة من غير تسخين.
-بكره تاخدوا على طباع بعض وهي تفهم طبيعة شغلك.
-يارب يا ياسين.
-ماشي يا حبيبي، أنا قولت أشوفك عملت ايه قبل ما تروحلها.
-فيك الخير والله، يلا سلام.
-سلام.
قفلت معاه ورميت نفسي على الكنبة اللي في المكتب، جسمي كله كان مدغدغ، فضلت أفكر في القاتل والدوافع بتاعته لحد ما روحت في النوم من غير ما أحس بنفسي، وبعد شوية حسيت بايد بتخبط على كتفي، فتحت عيني بفزع وأنا بتنفض من مكاني وبصيبت حواليا بغضب ممزوج بالخضة وقولت لمحيي:
-في حد يخض حد كده؟ الباب ده اخترعوه عشان الناس تخبط عليه قبل ماتدخل!
-أنا اسف يا مصطفى باشا والله، ماكنش قصدي أزعج حضرتك وأخضك كده، بس أنا خبطت مرة واتنين وتلاته وحضرتك ماردتشن ده أنا حتى لما دخلت فضلت واقف أنادي عليك كتير وبرضه ماردتش فاضطريت أعمل كده عشان تفوق، بكرر أسفي لمعاليك والله ماكنش قصدي يا باشا.
-خلاص ولا يهمك، خلي حد يعملي قهوة عشان الصداع هيفرتك دماغي.
-طيب أطلب لحضرتك أكل، انت ماكلتش حاجة من امبارح.
-قهوة، عايز قهوة بس ها صعبة دي؟
-لا يا افندم دقايق وتكون قدام معاليك.
اختفى كام دقيقة وبعد شوية رجع والعسكري وراه شايل فنجان القهوة اللي حطها قدامي على المكتب وانصرف، ومع انصرافه محيي ابتسم وقالي:
-تؤمر بأي حاجة تانية يا أفندم؟
-اقعد يا محيي.
-أوامرك، خير.
-معلش اني اتعصبت عليك، بس انت خضتني.
-لا ولا يهمك يا باشا، انا عارف اني غلطان، المهم طمني في جديد في التحقيقات؟
-لحد دلوقتي طاهر ونجية بيغنوا لبعض.
-اه بالحق ه أنا كنت بصحيك عشان أقولك ان عزمي بره، أنا اللي خدت القوة وجيبته بنفسي.
-عزمي مين؟
-أخو سليمان وعم ورد، المتهم في قتلها.
-يا راجل وسايبنا نرغي هنا وهو بره، دخله بسرعه.
-طيب وقهوتك يا افندم؟
-هشربها وأنا بحقق معاه.
-ماشي تمام.
نادى على العسكري وخلاه يدخله، كان راجل في أواخر الستينات، شاورتله يقعد وقولتله:
-البقاء لله.
-البقاء لله وحده يا باشا، ماعرفتوش مين اللي عمل كده في بنت الغالي؟
-لا ما احنا جايبنك عشان نعرف أهو.
-وأنا هعرف ازاي يا بيه مين اللي قتلها؟
-يعني مش أنت مثلا!
-وأنا اتجنيت عشان اقتل بنت أخويا، طيب هقتلها ليه؟
-عشان في مشاكل بينكم على المحل.
-هو البوليس كمان عنده علم بالموضوع ده.
-بص من الآخر نجيه وطاهر أقوالهم كلها بتقول انك المستفيد الوحيد من قتل ورد؟
-ايه أنا، ليه هو أخويا حرمني أنا ولا مراته من الورث؟
-تقصد ايه بكلامك ده؟
– أقصد إن سليمان أخويا كتب الأرض والبيت باسم ورد، وماسبش حاجة لمراته غير حقها في المحل مع ورد ومعايا وأنا قولتلهم هشتريه منهم، وهي اللي ملت دماغ البنت بعد ما كانت موافقة.
-لا واحدة واحدة واشرحلي كده بالراحة كلامك لأن نجية قالت غير كدهز
-أنا معرفش نجية قالت ايه؟ بس بعد موت أخويا بكام يوم، جالي تليفون من نجية وطلبت مني أروحلهم، ولما روحت قعدت تعيط وتشتكيلي ان أخويا ماسبلهاش غير ميراث في المحل بس، وساعتها اترجتني عشان أشتريه وأخلصها في حقها، أنا ماكنش عندي علم باللي سليمان عمله، بس طول الوقت كنت بقوله اني مش مرتاح لنجية، طيبتها الزيادة وأسلوبها ماكنش مريح بالنسبالي، في اليوم ده فضلت قاعد مستني ورد لحد ما رجعت وخدتها ونزلنا اتمشينا شوية زي ما نجية شارت عليا ان الكلام مايبقاش قدامها وقولتلها:
-سمعت ان أبوكي ماسابش حاجة لنجية خالص، صح الكلام ده ولا بيفتروا عليه.
-لا صح، بس مش عارفة هو عمل كده ليه!
-عايز يحفظلك حقك.
-بس ده مش شرع ربنا.
-انتي ماغصبتيهوش يا ورد، هو عمل كده بارادته.
-ده حقيقي، أنا ماكنتش أعرف أي حاجة من الكلام ده غير بعد موته.
-طيب يا بنتين أنا هاشتري المحل وأخلصك انتي ونجيه فيه، قولتي ايه؟
-مافيش بعد قولك يا عمي اللي تشوفه صح يتعمل.
-خلاص بكره نجيب حد يتمنه وبعدها فلوسكم تبقى عندكم ونمضي العقود.
-ان شاء الله يا عمي.
وبعدها روحتها بيتها وماطلعتش معاها، مشت على طول عشان ما أتأخرش.
وتاني يوم رنيت عليها كتير ماكنتش بترد، فخدت الراجل اللي هيفصل المحل وروحتلهم البيت، قابلتني نجية أسوأ استقبال، كأنها حد غريب أول مرة أعرفه، ماراعتش حتى صلة الدم اللي كانت بينا وهي بتقولي:
-نبيع ايه يا راجل يا خرفان يا نصاب ياللي قولت اتنين ولاية أضحك عليهم وأرميلهم قرشين وآخد المحل.
-مش ده كان اقتراحك وأنا بنفذه؟
-انت جاي ترمي بلاك عليا؟
-أرمي بلايا على مين يا ست انتي، اقفي عوج واتكلمي عدل، انتي اللي شورتي عليا أشتري المحل عشان تاخدي نصيبك.
ساعتها شاورت بايديها الاتنين ل ورد عليا وقالتلها:
-أدي اللي أبوكي سابنا ليه، عاوز ياكلنا لحم ويرمينا عضم، مش قوتلك عمك ده مش سهل، آديه جاي لعتبة بيتي وبيرمي بلاه عليا ويقول ان أنا اللي قولتلها اشتري، مليون مرة أقولكم ده مايه من تحت تبن وطمعان فينا، عرفتي واتأكدتي يا ورد ولا لسه هتقولي عمي لا يمكن يكون كده.
في اللحظة دي ورد قربت مني ووقفت قدامي وقالتلي:
-أنا مش هبيع حاجة، وانت مالكش في المحل، واللي عندك اعمله.
حسيت ساعتها اني اتلعب بيا ومن مين، من حتة وليه ماتسواش في سوق الحريم حاجة، بس هيا لعبتها صح، أنا حتى مازعلتش من ورد عشان اللي حصل، بس أسلوبها وطريقة كلامها خلوني أشيل منها مشيت يومها ومن بعدها ما اعرفش عنهم حاجة، بس وصلني من كام شهر ان ورد تعبانه ولما روحت أعمل بالاصول وأزورها عرفت انهم متخانقين على الشقة، نجسة عاوزة تبيعها وينقلوا مكاني تاني وورد رفضت وقالتلها:
-الشقة دي باسمي وانتي يادوب قاعدة فيها لحد ربنا ما ياخد وديعته، دي فيها ذكريات أمي وأبويا مستحيل أفرط فيها.
ورد كان استقبالها ليا فاتر، باركتلها على المحل الجديد وقولتلها:
-لو عايزة أي حاجة أنا رقبتي سدادة وسيبتها ومشيت وأخبارهم اتقطعت عني ماعرفتش حاجة غير لما كلموني قالولي ان ورد حد ضربها بسكينة، أنا كنت بظبط أمور شغلي وهروحلهم البيت أشوف في ايه، أصل أنا فكرته ملعوب من ملاعيب نجية وخوفت، عشان كده اتصلت عليهم كتير ومع عدم ردهم كنت هاروحلها المحل، بس انتوا سبقتوني والظابط جه خدني الأول.
-طيب وعلاقتها بخطيبها؟ كانت كويسة ولا فيها مشاكل؟
-طاهر نفسه بتاع مشاكل، مش بينزلي من زور مدام قريب نجية يبقى دحلاب زيها، أنا كنت رافض الموضوع كله وقولتلها:
-يا ورد يا بنتي انتي متعلمة علام عالي ومعاكي جامعة، ماتقليش قيمتك مع واحد زي ده، بس تقول ايه، الزن على الودان أمر من السحر، والبنت كان باين من أسلوبها انها مترددة ومش قابلة الموضوع بس كالعادة نجية كلت دماغها وملتها من ناحيتي اني مش رايدلها الخير واني عاوز أجوزها لحد من عيالي والكلام ده ماكنش صح، لأن عيالي كلهم خاطبين ومبسوطين، الخلاصة يعني ان طاهر من نجية مفيش فرق بينهم، كلهم سوس في المش ومش سالكين.
-ماشي تمام، شاكك في نجية ولا طاهر أكتر؟
-الاتنين نفس السواد، ممكن نجية تكون وزت طاهر، خصوصا انها هتورثها بعد ما تموت.
-وجهة نظر تُحترم، عندك حاجة تانية عايز تقولها في التحقيقات؟
-لا يا باشا متشكر، كتر خيرك.
-طيب اتفضل امضي على أقوالك، ولا بتبصم؟
-لا بمضي يا باشا الحمد لله أنا متعلم أوي وأعجبك.
-تمام.
بعد ما مضى على أقواله سيبته يخرج ومع خروجه، محيي أتكلم وقالي:
-ده ايه القضية دي، كل ما نقول هانت هتتحل.. تتعقد أكتر وأكتر.
-قضية مالهاش مالكه، أقوال نجية وطاهر بتضرب ف عزمي وأقوال عزمي بتضرب ف نجية وطاهر وخصوصا بتأكد ان اللي ف ايده ينفذ طاهر.
-بصراحة شايف ان معاه حق، نجية ست كبيرة وهتتلخم وتروح في شبر مايه وقلبها مش هياخدها تضربها عدد الطعنات دين وبعدين ده اللي قتلها بينتقم مستحيل يكون شخص عادي، دي واخدة تلاتة أربعين طعنة ف أنحاء متفرقة من جسمها.
-مش عارف يا محيي، أنا من البداية ما ارتحتش لكلام نجية ولا أسلوب طاهر وحاسس ان وراهم مصيبة.
-هيبان يا باشا، عاوز حضرتك تطلعلي أمر بتفريغ كاميرات المحلات والشارع كله عشان نعرف اللي راح واللي جه.
-ماشي تمام، أنا هروح دلوقتي وأول حاجة تعملها بكره الصبح قبل ماجي النيابة تكون شاددلي طاهر ونجية هنا، عشان أواجههم باللي عزمي قاله ولو حصلت أواجههم بعزمي نفسه عشان نعرف مين الكداب ومين فيهم اللي قتلها.
-حاضر يا مصطفى بيه، اللي حضرتك تقوله أوامر.
تمام، هقوم أروح أنا بقى وأشوفك الصبح على خير.
-في رعاية الله يا افندم.
سيبته وخرجت من النيابة، كنت محتاج ألف بالعربية شوية وأشم شوية هوا قبل ما أرجع البيت، بس للأسف ماكنتش قادر، كل حته في جسمي كانت بتستغيث بيا عشان آخد شاور وآكل وأرتاح، وده اللي حصل فعلا، روحت على البيت على طول، وأول ما دخلت دورت على هدير ولحسن حظي اني لقيتها نايمة، عشان كده اتسحبت على طراطيف صوابعي وخدت هدومي ودخلت خدت شاور وطلعت عملت لنفسي سندوتش ونمت على نفسي وأنا باكله على الكنبة، ماحستش بنفسي غير وهي بتصحيني، فتحت عينيا وقولتلها:
-صباح الخير يا حبيبتي، هي الساعة كام؟
-صباح النور، داخله على 11، خد رد على موبايلك اللي مابطلش رن ده.
-يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم، مين اللي اتصل بيا كل المكالمات دي، طيب ده رقم محيي التاني رقم مين؟
-ماتشوفه في التروكولر يا مصطفى بدل ما أنت ملطم نفسك كده!
-تصدقي معاكي حق، انتي صح بس هتصل الأول بمحيي أشوفه عايز ايه ووصل لايه.
-طيب هحضرلك الفطار بقى على ما تخلص مكالمتك.
-ماشي يا حبيبتي، تسلميلي يا رب.
وفعلا دخلت المطبخ وأنا اتصلت بمحيي، وبعد ما خلصت المكالمة قومت دخلت الحمام ولبست هدومي بسرعة، بس وانا طالع من الاوضة لقيتها في وشي وبتقولي:
-أنا بدور عليك، روحت فين؟ يلا الفطار جاهز.
-معلش يا قلبي أنا لازم أنزل حالا.
-طيب والفطار يا مصطفى!
-افطري انتي بيه بقى.
قربت منها وبوست راسها وقعدت ألبس جزمتي وسمعتها بتبرطم بالكلام وبتقول ان كده كتير عليها وانها زهقت، ماكنش عندي وقت حتى اني أقف وأصالحها وأدخل معاها في مناقشة الشغل واخدك وأهم مني والكلام ده، عشان كده سحبت نفسي بهدوء ونزلت بسرعة على النيابة وأول ما وصلت كانت نجية وطاهر موجودين، طلبت من محيي يدخلي نجية الأول، ومع دخولها خبطت على المكتب بعنف وقولتلها:
-انتي مفكرة انك هتضحكي عليا، من أول كلمة قولتيها وأنا عارف انك كدابة، بس السؤال هنا ليه، الراجل عملك ايه عشان تخليني أشك فيه، بتبعدي عن نفسك التهمة مثلا؟
-أنا مش فاهمة حاجة من الكلام اللي بتقوله يا سعادة الباشا.
-بصي أنا مطول بالي عليكي ومش عايز أتكلم أو أتعامل بأسلوب مش لطيف معاكي احترما للسن، بس لو هتسوقي في العوق وتحوري هطلع…
قاطعتني ساعتها وقالتلي:
-لا وعلى ايه يا باشا، انا هقولك كل حاجة أنت عايز تعرفها.
-حلو، احكيلي كل حاجة بصراحة، ها بصراحة عشان ماتشوفيش الوش التاني.
-أنا وقعت بينها وبين عمها عشان يخلالي الجو وأعرف أخليها تسيبلي الشقة، وكدبت عليها وفهمتها انه طمعان فيها عشان يخلالي الجو وأبعده عنها، العيب مش عليا، العيب عند اللي خدنيلحم ورماني عضم واستخسر فيا حتة الشقة، بعد ما شيلت بنته وخدمته وربيتها وكبرتها وخليتها عروسة، يكون جزاتي انه يكتبلها كل حاجة وأطلع من المولد بلا حمص، كنت هعمل ايه أرجع أقعد ي الاوضة اللي على السطوح بعد العمر ده كله، أنا آه اتخانقت معاها وكنت عيزاها تبيع الشقة وناخد مطرح تاني، بس هي ماردتش وعصلجت دماغها وفضلت تقولي:
-دي من ريحة أبويا وأمي لا يمكن أبيعها.
بس أنا والله ما عملتلها حاجة ولا مسيتها بسوء، أنا آه كنت مضايقة منها وشايلة في قلبي، خصوصا لما خدت الورق بتاع البيت والأرض والمحل وخبته مني، بس ماتوصلش للقتل، أنا كنت خايفه تشكوا فيا عشان كده كدبت عليك وقولت عمها يشيل الشيلة وأشفي غليلي منه.
-وطبعا انتي مظبطة مع ابن اختك الكلام اللي قولتله على عمها.
-حصل يا باشا، بس وعهد الله ما قتلتها، ولو الزمن رجع بيا مش هعوز منها حاجة ولا حتى الشقة.
-مممم هيبان تفريغ الكاميرات هيبين كل حاجة، امضي على أقوالك، اللي لو طلع فيها حاجة كدب المرة دي هحبسك بسببها حتى لو مش انتي اللي قتلاها.
-ببصم يا باشا.
-طيب خلصي.
أول ما خلصت وبصمت ناديت للعسكري يدخل طاهر ولما دخله طلبت منها تخرج وماادتهاش حتى فرصه تبصله، وساعتها قولتله:
-اقعد يا طاهر على ما أخلص المكالمة اللي معايا دي.
ساعتها كان نفس الرقم بيرن، رديت عليه عشان أشوف مين:
-ألو..
-ألو، مصطفى باشا معايا؟
-أيوه مين حضرتك؟
-أنت ماعرفتنيش ولا ايه؟
-لا والله مش عارف حضرتك، مين معايا؟
-أنا محمود، دكتور محمود، اللي في وش محل القتيلة.
-آه آه ازيك يا محمود، عامل ايه؟ عندك جديد ولا ايه؟
-بصراحة آه، أنا كنت بتكلم مع الممرضة وبندردش في اللي حصل امبارح بالليل وقالتلي على حاجة مهمة، بس دي على عهدتها.
-حاجة ايه دي يا ترى؟
-بتقول ان ورد اتخانقت مع خطيبها من كام يوم وفرج عليها الشارع.
-متأكد من كلامك ده؟
-ده كلامها هي وأنا حبيت أنقله لحضرتك يمكن يكون مفيد ليكوا في التحقيقات ولا حاجة.
-مش عارف أقولك ايه يا محمود، بس اتصالك ده جه في الوقت المناسب، حقيقي ممتن ليك، ياريت تبلغ الممرضة لو أمكن تيجي تدلي بشهادتها دي عشان أكيد هتنفعنا.
-حاضر هبلغها ولو كده هجبهالك بنفسي.
-متشكر يا محمود، مش هنسالك الموقف ده.
-حبيبي على ايه تسلم، يارب بس تمسكوا اللي عمل فيها كده لأنها كانت بنت غلبانة وماتستاهلش الموته دي.
-ماشي يا محمود، معلش هقفل معاك دلوقتي وهكلمك بعدين ان شاء الله.
-ماشي يا باشا سلام.
-سلام. قفلت معاه وأنا ببص لطاهر اللي قاعد قدامي بابتسامة تشفي وف نفس اللحظة قولتله:
-ها يا طاهر باشا بقى قولي قتلتها ليه؟
-قتلت مين؟! أنا ماقتلتهاش والله.
-هنستعبط، تعالالي سكة ودوغري عشان مطلعش…
-منا قولت اللي عندي المرة اللي فاتت.
-لا ماقولتش كل حاجة، انت تعمدت تكدب وصدقني لو ماقلولتش الحقيقة واعترفت بكل حاجة اتأكد اني وديك ورا الشمس ب إيديا دول.
-ليه بس كده يا باشا؟
-قتلتها ليه؟
-والختمة الشريفة ما قتلتها.
-تنكر انك اتخانقت معاها خناقة لرب السما قبل ما تموت بكام يوم؟
-لا مش هنكر، بس كل المخطوبين بيتخانقوا يعني عادي.
-صح بس مش بيفضحوا بعض ولا ايه!
-دي كانت مجرد خناقة عادية.
-ممكن أعرف ايه سببها وليه ماقولتش في البداية انك اتخانقت مع ورد.
-خوفت أدخل في دايرة المشتبه بيهم.
-الله دي احلوت أوي، كل واحد يقولي خوفت! ولا انت متفق مع نجية تقتلوا البنت الغلبانة دي عشان تاخدوا ورثها وتلبسوها لعمها صح؟
-والله العظيم ما حصل، شوف أنا فيا كل العبر الا اني أخو العيش والملح وأغدر.
-اتخانقت معاها ليه يا روح أمك؟
-باشا ماتجيبش سيرة أمي.
-انجز يالا وماتستفزنيش.
-كنت عاوز أبدل معاها، اديها المحل بتاعي واخد المحل اللي ورثاه من أبوها، بصراحة المحل بتاعها على ناصية وفي شارع رئيسي وهي يعني مش هتفتح فيه حاجة توكل عيش.
-وبعدين ايه اللي حصل؟
-حاولت ألين دماغها مرة واتنين وتلاتة بس هي دماغها كانت ناشفة، ف شديت معاها قبل اللي حصلها ده بيومين وصوتنا كان عالي، ده حتى الناس اتلموا علينا وسمعوني وأنا بقولها:
-وربي لأقعدك في البيت بعد الجواز وماهتخطي برجلك المحل ده، وهاخده برضاكي أو غصب عنك.
-هو أنت قولتلي خطبت ورد ليه؟
-يعني ايه خطبتها ليه يا باشا؟ أكيد عشان أكمل نص ديني.
-غريبة بجد، يعني ماكنتش طمعان فيها.
-أنا أطمع في حرمه حد الله.
-ربنا يبارك فيك ويقوي ايمانك.
-أنا حاسس انك بتستهزأ بيا يا باشا.
-بستهزأ لا خالص، انت هتفضل منورني هنا لحد ما تفريغ الكاميرات يوصل ونشوف بقى، انت روحتلها يوم الوفاة ولا ماروحتش.
-يا باشا أنا ماعملتش حاجة.
-امضي يالا على أقولك وخلصني.
-حاضر بس أنا مظلوم والله.
-هيبان، كله هيبان.
ناديت على العسكري اللي بره وقولتله:
-خده على الحجز وشوفلي الرائد محيي فين؟
في اللحظة دي دخل محيي وهو بيقول:
-بتجيب في سيرتي ليه يا مصطفى باشا؟
-اتأخرت يعني؟
-كنت بجيب تفريغ الكاميرات بنفسي زي ما قولت لحضرتك.
-وفيها حاجة؟
-فيها حل كل حاجة ان شاء الله.
-طيب اقفل الباب واقعد.
-حاضر يا باشا.
-قولي بقى وصلت لايه؟
-الأول قبل أي حاجة خد الفلاشة دي كده اتفرج عليها.
خدت الفلاشة وشغلاتها واتفرجت على الفيديو اللي عليها وقولتله:
-ده واحد جايب لورد بوكيه الورد اللي لقيناه جوه في المخزن!
-ركز كده، هتلاقي العلبة القطيفة في ايده.
-بس العلبة دي فيها سلسلة اسمها هند والقتيلة ورد.
-بالظبط وهنا مربط الفرسن احنا محتاجين نوصل للشخص ده عشان نعرف ايه اللي حصل، لأنه اتردد على المكان أكتر من مرة وحتى يوم الجريمة جه في نفس اليوم، تحديدا في نفس وقت وقوعها.
-يعني ده مرتكب الجريمة؟
-بنسبة كبيرة هو يا افندم.
-اعمل التحريات اللازمة عليه، وبعدها نطلع أمر ضبط واحضار.
-حصل يا افندم ووصلنا لاسمه عنوانه، مش ناقصنا غير أمر من معاليك بالتحرك.
-حلو جدا ده أنا هروح اجيبه بنفسي، يلا بينا.
فعلا روحت مع القوة للعنوان اللي التحريات أثبتته وهناك لما اتكلمنا مع أمه عرفنا ان حسام نايم في أوضته تحت تأثير المهدأ، قعدت مع أمه شوية واكتشفت ان فيه برواز كبير ليه مع ورد في الصالون، ف سألت والدته:
-هي تبقاله ايه دي يا حاجة؟
-خطيته الله يرحمها، كان اسمها هند.
-هند!
آه ياابني، اتوفت في حادثة الاتوبيس اللي هزت مصر دي.
-معلش ياحاجة بس عشان أستوعب، هي هند اتوفت امتى؟
-من كام شهر كده، ومن بعدها ابني دخل في حالة نفسية وحشة ومشى في طريق المهدآت ويا حبة عيني الدكتور غُلب معاه، من كام يوم راجعلي بيعيط بعد ما فكرت انه خف، دخل عليا وهو مهدود من العياط وبيقولي:
أنا شوفت هند وروحت كلمتها ماعرفتنيش، حتى لما وديتلها هديت عيد ميلادها، زعقتلي وماردتش تاخدها أنا مش عارف بتنكر نفسها مني ليه.
ساعتها كلمت الدكتور بتاعه وحكيتله اللي حصل وقالي انه هيتصرف، بس بيني وبينك من يومين رجع وهدومه غرقانة بالدم، دخل أوضته من غير م يتكلم وحبس نفسه، كلمت الدكتور بتاعه جاله اداله مهدأ وقالي سيبيه لحد ما يفوق مع نفسه، هو انتوا عايزينه في ايه؟
-ابنك متهم في جريمة قتل.
-يا حوستي، قتل مين؟
-واحدة شبة هند الله يرحمها الخالق الناطق.
-لا ابني لا يمكن يعملها.
-كل اللي انتي حكيتيه ده يأكد انه عملها يا حاجة، عمتا الدكتور بتاعه أكيد أدرى بحالته، أنا هسيب عسكري هنا عشان اما ابنك يفوق هناخده وهعمل استدعا للدكتور وأشوف حالته.
******
وفعلا يا هدير الدكتور أكد ان حسام بيعاني من اضطراب ما بعد الصدمة واكتئاب شديد بسبب موت خطيبته، وانه لما قابل ورد حكاله انه لقى خطيبته، ساعتها الدكتور حاول يقنعه ان ده مجرد تشابه وكان فاكر انه مع الوقت هيفهم ده، بس للأسف خلص عليها لما رفضته.
-ياااه يا مصطفى، ده انتا شغلانتكوا دي طلعت صعبة أوي.
-عشان بس تقدري تعبي وسهري وانشغالي عنك مش بيبقى من فراغ.
-أنا آسفة أوعدك اني مش هاتخانق معاك تاني على الفاضي والمليان.
-أتمنى، يلا قومي البسي بقى عشان عازمك انتي وياسين ومراته على العشا بره.
-لا خلاص بقى.
-خلاص يه مش هينفع اتحرك كتير الفترة الجاية.
-ليه ان شاء الله؟
-عشان أنا حامل والحركة للي زي مش حلوة.
-يا ما انت كريم يارب، عارفة لو جبنا بنت، ان شاء الله هسميها ورد.
-موافقة يا سيدي.
-الا قولي صحيح انتوا عملتوا ايه في طاهر ده، حبستوه؟
-لا لا بمجرد ما وصلنا للقاتل طلعته، ماكنش في تسجيلات تدينه أصلا، بس عارفة الورث فعلا بيفرق، أنا عمري ما شوفت لحد دلوقتي ورث جمع، دايما المشاكل والكره والحقد والغل بيجي من ورا المواريث، مع ان ربنا مشرعها في القرآن، بس غياب العدل بيعمل أكتر من كده.
تمت بحمد الله.