قصص

قصه الفرح الملعون

قصه الفرح الملعون
275324447 5538724752808652 1294417811511980086 n
“القصة مستوحاة من أحداث حقيقية”
قصه-الفرح-الملعون
=أنتوا فاكرين أن الحيطان دي هتقيدني؟ الحيطان دي بتقيدكم أنتوا، بتحدد حركتكم، عشان أنتوا زي الفيران جوه متاهة، عقلكم والحواس بتاعتكم محبوسة جوه قمقم وفاكرين نفسكم حرين وليكم إرادة… أنا غيركم، أنا سايباكم بمزاجي، بشترك في اللعبة البايخة بتاعتكم، يعني مثلًا عملت أني مش قادرة أقاومكم وإني مجبورة أجي هنا، للمكان اللي جبتوني فيه وأقعد في الأوضة الضيقة الحقيرة دي….
-آنسة “هديل” أنتي عارفه أنتي هنا ليه؟
=مانا قلتلك بلعب معاكم..
-فاكره اللي حصل قبل ما تيجي المستشفى هنا، الليلة اللي فاتت؟
اتنقلت بنظري ما بين الاتنين، بصيت حواليا، غريبة! مش فاكره، مش فاكره حاجة من الليلة اللي فاتت، والكلام اللي بيخرج مني أنا نفسي مستغرباه، مش عارفه إيه مصدره، مليش سيطرة عليه وعلى أفعالي، في الحقيقة أنا حاسه إني مسجونة، مش بس في الأوضة دي، مسجونة جوه نفسي!
بنبرة متحفزة سألتهم:
=أنا فين؟
-متعرفيش؟ مش مهم أنتي فين، المهم اللي حصل الليلة اللي فاتت، حاولي تفتكري.
ضحكت بصوت عالي كأني… كأني شمتانة! في حاجة حصلت، حد اتأذى، مش فاكره هو مين، بس عندي يقين أنه يستحق. الغريبة أنهم مكانوش مستفزين مني، بالعكس، نظراتهم كانت كلها تعاطف وشفقة.. واحد منهم قرب مني أكتر وقال لي:
-آنسة هديل، إمبارح بليل كان في فرح، أنتي كنتي معزومة فيه…
فرح؟ فرح؟ لقطات بدأت تظهر قدامي، دوشة، أصوات عالية، ضحك، موسيقى، مهرجانات، لقطات مزعجة، مش قادرة، صداع، دماغي، مش قادرة!
قصه-الفرح-الملعون
-إحنا مش عايزين نضغط عليكي، بس أنتي أكتر واحدة ممكن تفيدينا، أنتي الوحيدة اللي قادرة تتكلمي وعلى درجة من الوعي، الباقي حالتهم ميؤوس منها ، على الأقل في الوقت الحالي….
يستاهلوا، هم اللي جابوه لنفسهم! …..يستاهلوا إيه؟! جيه منين الصوت ده؟ الصوت اللي وشوش لي وقال لي إنهم يستاهلوا؟! أنا مش قادرة أفتكر حاجة ومش فاهمة بيحصل لي إيه، دول بيقولوا إني على درجة من الوعي، هو أنا كده بحالتي دي على درجة من الوعي؟ أمال الباقي اللي قالوا عليهم حالتهم تبقى عاملة إزاي؟
-طيب بلاش إمبارح بليل، بلاش الفرح، إيه رأيك نرجع شوية لورا، للصبح مثلًا، فاكره إمبارح الصبح كنتي فين وبتعملي إيه؟
=كنت…كنت…
في كده مناطق، قرى أو مدن أو حتى دول كاملة تستحق يتخسف بيها الأرض! بكل اللي فيها واللي عليها، كلهم مؤذيين والمؤذي يستحق الأذية…. رجعت أضحك تاني بصوت عالي رج الأركان وقلتلهم:
=إحكولي، إحكولي، حصل لهم إيه، هما فين دلوقتي؟ يا ترى ماتوا، متحملوش؟ ولا لسه عايش

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

قصه سرداب الموت (كامله)

رواية الشادر الفصل الثامن

ين، لو عايشين يبقى أحسن عشان يبقوا لسه بيتعذبوا، بيبلعوا النار وبتفضل قايده ف أجسامهم….

نبرتي كانت متغيرة وأنا بقول الكلام الماسخ ده، كأني حد تاني! ده مش صوتي، مش صوتي….مين دول اللي بيتعذبوا؟ حصل لهم إيه؟
تجاهلوا اللي قلته وسألوني تاني عن اليوم اللي فات….
جاوبت وقلت:
=الصبح كنت….كان في فستان متعلق، لونه أخضر فيروزي، كان متعلق على شماعة قدامي…
-حلو، تفتكري الفستان بتاع مين ولأنهي مناسبة؟
=بشيله من عالشماعة، بتأمل فيه، شكلي هيبقى حلو أوي لما ألبسه.
-يعني الفستان بتاعك؟
=أيوه بتاعي..
فجأة سمعت صوت، زي ما تكون صرخة مكتومة، المفروض إحنا 3 بس في الأوضة، صوت إيه ده وجي منين… سألتهم، ردوا وقالوا إن الصوت ممكن يكون مصدره المواسير….
فضلت ساكتة، فترة الصمت طولت لحد ما واحد منهم قال لي إنهم هيسيبوني في الوقت الحالي وهيرجعوا كمان شوية، عشان يهمهم سلامتي الصحية والنفسية…
هزيت راسي كإني موافقة، بس من جوايا، مكنتش عايزاهم يمشوا! زي ما مكنتش عايزاهم يسمعوا الكلام المزعج اللي كنت بقوله، اللي مش قاصداه ومعرفش جي منين… “خليكم، خليكم متسبونيش، أبوس إيديكم، مش عايزه أبقى لوحدي!” بس الكلام مخرجش من جوايا، مكنتش عارفه أخرجه!…..
………………………قصه-الفرح-الملعون
وبقيت لوحدي….
الأجواء هنا كئيبة، مآسي، الأركان بتحكي مآسي، ناس كتير اتألمت هنا، عدوا بأبشع أنواع العذاب، التوهه، الحيرة، فقدان المنطق والذاكرة….
الباب خبط مرة واحدة، خبطة صوتها واطي وبعدين اتفتح. ممرضة دخلت، مبصتليش، كانت ماسكة حقنة. مسكتها بإيد وخبطت بصوابع الإيد التانية عليها…
ملامحها كانت جامدة، كأنها روبوت جي ف مهمة، بصيت لوشها، وبعدين عيني جت على رجليها، الجيبة بتاعتها كانت غريبة ، طويلة بشكل مبالغ فيه، مغطية حتى أقدامها، وف لحظة وهي بتتحرك حته من الرجل اتكشفت، كانت حوافر معيز!
رفعت راسي ، عيني وسعت على آخرها، بصيت ف وشها، نص وشها اليمين كان مليان حبوب والعين اليمين لونها أحمر دم. بصيتلي بصة باردة وقالت وهي بتشد إيدي:
-يالا!
فجأة الشمس غابت، الدنيا بقت ضلمة كحل، بس أنا كنت لسه قادرة أشوف وشها. مدت إيدها بالحقنة وقبل ما تغرزها ف دراعي شديته وقمت اجري!
فتحت باب الأوضة وبدأت أصرخ وأنا بجري في طرقات المستشفى….
=هنا، الشيطان هنا، الحقوني.
مكنش في جنس مخلوق! الممرات اللي بجري فيها كانت مهجورة، كلها ضلمة، مفيش بصيص نور، معرفش كنت رايحة ف أنهي اتجاه، ههرب أروح فين ومن إيه، مبطلتش صريخ…
حسيت بأيادي بتمسكني وبعديها بدأت أسمع أصوات:
“إهدي…إهدي يا هديل، إهدي، متخافيش، متخافيش”
أخيرًا الأشكال بدأت تظهر، أصحاب الصوت والأيادي اللي مسكتني ظهروا، النهار رجع تاني، الطرقات بقت زحمة، ناس كتير حواليا، واللي ماسكنني دكاترة وعاملين في المستشفى، كانوا بيحاولوا يهدوني، بس عينيهم كلها كانت رعب…
دكتور من اللي كانوا بيحققوا معايا في الأول مشي معايا لحد الأوضة ودخلنا….
سألني:
-قادرة تحكي؟
=أحكي؟…
-إيه اللي حصل من شوية، إيه اللي خوفك كده؟
عاتبته، قلتله إنهم سابوني كتير أوي لحد ما ليلة كاملة عدت وجه تاني يوم، بس هو رد وقال إنهم سابوني ساعة واحدة بس! يعني الليل معداش؟؟ إحنا ف نفس اليوم؟ إزاي؟ والضلمة؟ واختفاء كل الناس من المستشفى؟ أنا اتجننت؟
سألني إزاي قدرت أخرج من الأوضة عشان المفروض إنهم كانوا قافلينها بالمفتاح!
الإجابة بسيطة، اللي فتحته الممرضة إياها، اللي نصها بني آدم ونصها حيوان! مجاوبتش، عرفت إن الإجابة دي مش هتعجبه ومش هيصدقها. سكت….
سألني بعديها إذا كنت افتكرت حاجة تانية من الأحداث اللي قبل كده، اللي كانت السبب في إني أجي المستشفى..
رديت:
=ساعدني..
-طبعًا ، كلنا هنا عشان نساعدك، بس قوليلي حابه نبتدي منين، نساعدك إزاي؟
=قول لي أنت حاجة من اللي حصلت، من اللي عرفتوه ، أي خط أقدر أمسكه عشان أفتكر.
خد نفس عميق.. فضل ساكت شوية كأنه متردد، خايف عليا، خايف يقول أي حاجة مكنش مستعدة ليها، وفي الآخر بدأ يتكلم….
-الموضوع بدأ ببلاغ عن عربية بتتحرق..النار كانت عمالة تعلى، وأصحابها مكانوش قادرين يسيطروا لحد ما اتفحمت، اللي حرقوها مجريوش، مستخبوش، مكنش هاممهم يتعرفوا أو يتمسكوا، كانوا واقفين جنب العربية وهي بتتحرق. أصحاب العربية كانوا بلغوا البوليس أثناء الحريق. اتقبض على الجناة، 3 شباب وراجل عنده حوالي 50 سنة، ولما استجوبوهم اتفاجئوا بإجابات غريبة، سيناريو محدش كان يتوقعه، مظنش عدى على أي جهة تحقيق أو شرطة قبل كده!
=مين أصحاب العربية؟
-“تحية” وجوزها “أبو دومة”…
“تحية”، “تحية”! هي هي “تحية”، هي اللي كانت عندي في الأوضة، هي اللي دخلت عليا وكانت عايزه تديني الحقنة، هي اللي وشها كان نصه غريب كأن في كيان تاني جواها ورجليها حوافر معيز! افتكرت، افتكرت، “تحية” أكيد السبب، هي السبب في كل اللي حصل!
الدكتور كمل وقال:
-القصة مطلعتش قصة حريق عربية، طلعت حادثة أكبر من كده بكتير، حادثة ف مكان تاني.
=الفرح!
ابتسم، وشه نور، أكيد كان ف باله أنهم أخيرًا هيبدأوا يفهموا عشان أنا افتكرت، افتكرت الفرح…
رد عليا:
-ايواااا، الفرح، الفرح اللي محدش بلغ عن اللي حصل فيه، أثناء ما العربية كانت بتتحرق، كان في فرح في أكبر قاعة حفلات في عزبة الحسيني، جواه مكنتش بتحصل جريمة واحدة، كانت مذبحة جماعية، والجاني أشخاص كتير من المدعوين نفسهم!
قصه-الفرح-الملعون
=وأنتوا إيه تفسيركم للي حصل للناس في القاعة؟
-ممكن…هستيريا جماعية…
ضحكت. بصيتله وأنا حاطة إيدي على بوقي، “هيستريا جماعية”؟ هو ده بقى التفسير الطبي؟ طب دي الحقيقة أوقع بكتير من النظرية العلمية الفصيحة دي.. لأ، هي مكانتش هستيريا ولا هلاوس ولا تأثير مخدر، ده كان مس جماعي، كلنا دخلنا دايرة الشيطان! الحكاية بدأت قبل الفرح بكتير، من ساعة ما اللي إسمها “تحية” حلت علينا، الله أعلم من فين، محدش يعرف أصلها، كأن معندهاش تاريخ قبل وصولها قريتنا. المفروض إنها كانت غريبة عننا ، لكن في وقت قليل بقى ليها شأن، بتظهر في كل المناسبات، بتدخل في شؤون الناس كلها من غير ما حد يسمحلها، حتى لو الناس منزعجة. كانت بجحة وجريئة، شايفه أن فلان مينفعش يشتغل في محل فلان أو علان لا يصلح يكون عريس لعلانة، وكل ما حد يبين اعتراضه على تصرفاتها كان بيتأذي، كل واحد بيتأذي بشكل مختلف، اللي يتخانق مع مراته من غير سبب معروف والموضوع ينتهي بالطلاق، واللي يتوه، ميبقاش مركز في حاجة ، كأن عنده زهايمر وشغله وحياته تتعطل، اللي يخسر كل فلوسه بين يوم وليلة واللي متعرفش تنام لشهور وتحكي إنها بتشوف كيان قاعد متربع على سريرها بيراقبها وبيظهر كل ما تحاول تنام. أما الحدث الأكبر، الحدث الفارق في حياتها من وقت ما جت وحياتنا كلنا هو إنها بطريقة ما قدرت تسيطر على دماغ واحد من أعيان القرية، واحد من أهم أفراد أشهر عيلة عندنا ، “عزيز القناوي”، الحج عزيز كان راجل طيب، صحيح معاه فلوس كتير ، فاتح مصنع ، ووارث ثروات من أجداد أجداده لكنه كان رحيم بكل اللي حواليه، كان فاتح بيوت ناس كتير أوي، عُمال كتير من اللي بيشتغلوا في المصنع بتاعه مكنش عندهم الإمكانيات اللي تأهلهم للشغل، سواء إمكانيات جسدية أو تعليمية، في اللي مكنش إتخرج من المدراس أساسًا، لكنه كان بيشغلهم لوجه الله عشان يبقى في عذر للمرتب اللي بيدهولهم كل أول شهر من غير ما يكسر نفسهم ويحسسهم أنه بيتصدق عليهم، وزي ما كان حنين مع الناس بره بيته، كان حنين برضه على أهله ، بيود قرايبه وبيعشق مراته وبناته وبيعتز بيهم جدًا، عاش عمر بحاله مع مراته، قصة حب دامت لأكتر من 30 سنة ومكنش عايز غيرها هي وبناته من الدنيا… الحج “عزيز” كان من أكتر الناس اللي بتكره “تحية”، وعلطول كان بيحذر أهل القرية منها، أي حد بيتعامل معاها بينصحه يبعد عنها وميعديش حتى من قدامها. وفي يوم واحد كل ده اتغير، جيرانه سمعوا أصوات صريخ مصدرها بيته ومن الهلع كسروا الباب ودخلوا، لقوه زي المارد، عينه حمرة وبيدور الضرب في مراته وبناته التلاتة من غير ما ينطق ولا حرف، الناس اتبهدلت وهي بتحاول توقفه، حاولوا يفهموا منه بس مكنش بيجاوب، زي ما يكون مش ف وعيه، نايم مثلًا! والوضع في المصنع مكنش أحسن، فجأة قرر يرفد عمال كتير من غير ما يقول أسباب، مظنش أنه أصلًا كان عنده أسباب، بقى علطول عصبي وبيعامل الناس بطريقة بشعة، بيشتم بأقبح الألفاظ وبيتباهى بفلوسه ونَسبهُ عمال على بطال. مفيش غير شخص واحد قدر يهديه، حد واحد كان بيتعامل منه أحسن معاملة كأنه بحر هايج بيهدى لما يشوفه ، الحد ده كان “تحية”! “تحية” اللي مكانش بيطيقها وأول ما يشوفها بيفضل يقول أذكار، يشوفها في طريق يمشي في الطريق التاني، فجأة قلبه مال ليها وقرر يتجوزها، مش بس كده، ده طلق مراته ورمى عياله، مبقاش يسأل عليهم ولا كأنه يعرفهم، كان بس من وقت للتاني بيقول تعليقات عجيبة لما تيجي سيرتهم، كان بيقول “بشوف العفاريت على وشوشهم، ملامحهم بشعة مش ملامح بني آدمين، وجودهم بيحسسني أن جوايا نار، غضب والنار مش بتطفي غير لما بيغيبوا”…
حكيت للدكتور كل الأحداث دي وكنت هكمل بس هو أصر يسيبني عشان الوقت متأخر وقال إني محتاجة أرتاح، أرتاح إيه؟ هرتاح إزاي؟ “من فضلك متسبنيش”، “مش عايزه أبقى لوحدي”، لكني برده مقدرتش أقول ده بصوت عالي، في حاجة كانت بتمنعني، كل ما أجي أقول أحس إني مخنوقة، صوتي محبوس، عيني بتدمع، عيني جواها كل الكلام، بس هو مفهموش، ومشي…
قصه-الفرح-الملعون
الباب خبط أول ما الدكتور مشي، كنت لسه هنطق، هقول إتفضل بس فكرت ف حاجة…
لو ده كان الدكتور اللي لسه ماشي من ثانية مش منطقي يخبط، كان أكيد هيدخل علطول. قررت مردش، التخبيط رجع تاني، كل مرة 3 خبطات وره بعض وبعدين يبطل، وأنا لسه مصرة مردش، بس بعدها حصل تغيير، مبقوش 3 خبطات، بقى رزع، الباب فضل يتهز جامد، مش إيد بني آدم أبدًا اللي يبقى ليها القوة دي، الخبط مبيفصلش والصوت بشع…..
=إدخل، إدخل.
زعقت وأنا بقول كده، كنت عايزه أخلص من الخبط وخلاص. الخبط وقتها وقف، صمت رهيب للحظات وبعدين….
الباب اتفتح. مكانش في حد وراه، سمعت صوت خطوات بس مش شايفه حد. فضلت قاعدة عالسرير، عيني بتدمع من الرعب ومشلولة مكاني، الكيان الخفي بيقرب، بيقرب….
السرير بقى يهبط جنبي كأن في جسم بيزحف عليه ولسه مش شايفاه. في اللحظة دي حد تاني ظهر حد، إنسان، واحدة ست، واحدة دخلت من الباب، شعرها وهدومها منعكشين، قالت بذعر:
-أنتي عملتي إيه؟
=معملتش، معملتش حاجة.
-سمحتيله يدخل!
لما قربت عليا لقيت وشها مألوف، أنا عارفاها، دي “إبتهال”! واحدة من اللي ساكنين في نفس قريتي وكانت برده في الفرح ، أكبر مني بييجي 10 سنين، مكنتش أعرف إنها معايا هنا في نفس المصحة العقلية.
كانت بتجر رجليها كأنها مجروحة أو جسمها فيه إصابات ومنهك، بس هي حاولت تسرع على قد ما تقدر، جت لحد عندي وزقتني ووقعتني عالأرض وقعدت مكاني!
شفت وشها بيتغير، جسمها بيتنفض، الكيان اللي كان بيزحف عليا أتمكن منها هي، أنقذتني وهي اللي بقت ممسوسة، رسمي بقت ممسوسة، أنا بقيت شبه مدركة تمامًا للي حصل، كلنا حصلنا مس بدرجات مختلفة، بس في اللي شاف واللي عاش واللي زي “إبتهال” الجن بقى جوه جسمها، مغيبها تمامًا!
بقت تصرخ وتضحك ف نفس الوقت، أنا قمت من مكاني ووقعت تاني، مكنتش عارفه أمسك أعصابي وجسمي سايب، جريت لبره الأوضة وأنا بزعق:
=الحقونا، الحقونا!
“يتبع”
قصه الفرح الملعون
#ياسمين_رحمي
قصه الفرح الملعون
“الجزء الثاني والأخير”
الدكاتره والممرضين جريوا ، دخلوا الأوضة وهما مذعورين، “إبتهال” بقت تزقهم وتوقعهم، جسمها في قوة غريبة ونفس الدكتور، دكتور “حلمي” اللي متابع حالتي ظهر، كان هيتجنن، إزاي باب الأوضة إتفتح تاني، إزاي كل مرة بيتفتح وهو بيقفله بالمفتاح ومفيش أثر لكسر.
أخيرًا ومع كتر عدد الممرضين قدروا يمسكوا “إبتهال” ويجروها على مكان معرفوش. شفتهم بيبعدوا، بيمشوا في الطرقة لحد ما اختفوا، رجليها كانت لامسة الأرض، كل شوية تلتفت ليا وتضحك وتقول:
“كلنا نستاهل، نستاهل!”
أول مرة دكتور “حلمي” يتصرف بالشكل ده، مسكني من دراعي جامد ومشي معايا للأوضة. قعدني بنفس القوة على كرسي جنب السرير وقال:
-إحكيلي باقي القصة، مش هستنى لبكره، إيه اللي حصل مع الحج “عزيز” ومعاكوا كلكوا!
حكيتله أن بعد جواز “عزيز” من “تحية” وبرغم السعادة الظاهرية للحج عزيز بس محدش كان مقتنع من عزبة الحسيني كلها أنه كان مبسوط، حتى القليلين اللي حضروا كتب كتابه عليها كانوا بيقولوا أنه وشه كان مضلم، بيعرق جامد وكأنه حابس دموعه، كأنه مجبر علي بيعمله، تصرفاته ف حته وهو ف حته تانية وده بقى النمط ف باقي أيامه. كتير الناس كانت بتلاقيه في وسط الطريق، في أماكن مختلفة واقف باصص في الفضا، مش بيتكلم ، ملوش غرض ولا هدف، عينه حمره، بيحاول يستنجد بنظراته كأنه رهينة، محبوس، بس محدش اتجرأ يتدخل خصوصًا أن اللي حاول قبل الجواز يفهم منه أو يرجعه عن تصرفاته اتأذى منه ومن “تحية”، رسميًا أهل العزبة خرجوا إيديهم من الموضوع، للأسف!
“تحية” كوشت على كل ما يملك، إتنازلها عن المصنع والأراضي والأملاك، فتحلها حساب في البنك وبقى يحول لها دفعات وره دفعات لحد ما بقى يا مولايا كما خلقتني وفي الآخر مات ف ظروف غامضة! فجأة خرجت علينا “تحية” وقالت أنه مات في البيت موتة ربنا وأنها اتكفلت بكل حاجة، الغسل والدفنة ولا حد دري ولا حد حضر ولا حد شاف…..
لكن كان في حكاية الناس رددتها عن طريقة موته، قالوا أنه طلع بندقية قديمة كانت عنده بتاعة أبوه، حبس نفسه في أوضة ، رفع البندقية وحط فتحتها تحت دقنه وضرب! الله أعلم طبعًا جابوا القصة منين، إزاي عرفوا أساسًا، لكن أنا عن نفسي مستبعدش!
هي بقى أيًا كانت طريقة موته مكانتش عايزه شوشرة ، عشان كمان كلام الناس اللي بيكتر يوم عن التاني، أهل العزبة بقوا متأكدين إنها بتمارس السحر والشعوذة، في الأول كنا منقسمين، جزء مننا رأيه إنها ست مؤذية وشريرة لكن مش ساحرة وجزء رأيه إنها بتستعين بالجن والأعمال السفلية ، يعني الكل مجتمع على إنها أذى ، طريقة الأذى بقى هي اللي كنا مش متفقين عليها، بس في النهاية كلنا اتفقنا، اتفقنا أنها مؤذية بشتى الطرق ومن ضمنها السحر…
بعد موت “عزيز” بكذه شهر ظهرت شخصية جديدة، واحد عرف نفسه ب”أبو دومة”، كان معاه عياله ، أربع عيال، بقى يتردد على بيت “تحية” وقعدته كل مدى بتطول هناك. الملفت بقى إن العيال اللي معاه كانوا شبه “تحية” جدًا وشبهه. شكوك متطرفة مش كده؟ إن الراجل الغريب ده مش غريب ولا حاجة، أنه عشيقها أو حتى جوزها وأنها إتجوزت الحج “عزيز” وهي على ذمته من زمان وإنها مخلفة منه العيال دي، كل ده عشان يبقى ليها سلطة وفلوس كتير في العزبة وبعدين، بعد ما تتخلص من جوزها الجديد تستدعي القديم بالعيال.. لكن اللي حصل أن الشكوك المتطرفة مطلعتش شكوك، الأيام أثبتت إنها واقع، عشان بعد 5 شهور بالظبط إتجوزته! على الأقل قدام الناس، جابت مأذون وشهود، بس الحقيقة إنها أصلًا كانت متجوزاه من زمان، والطريقة اللي كانت بتعامل بيها الولاد مش بس الشبه أثبتت بما لا يدع مجال للشك إنها أمهم. كل ده كان متخططله من الأول، مفيش حاجة اتعملت بالصدفة، مش بعيد تكون درست العزبة بتاعتنا وعرفت كل واحد فينا فبل ما تيجي وكانت حاسبة بالظبط اللي هتعمله ومش بعيد، لأ ده أكيد تكون دمرت قرى ومدن تانية قبل ما تيجي زي ما دمرتنا. كل اللي فات كان مرحلة واللي بعديه مرحلة تانية تمامًا، اللي شفناه ودقناه وكنا فاكرين أنه الجحيم كان ولا حاجة. مبقتش لوحدها! جوزها بقى معاها، الاتنين سحرة، مش أي سحرة، مش زي القصص اللي بنسمعها عن السحرة اللي بيجوبوا الأرياف والصعيد وكمان المدن الكبيرة الأيام دي وبيستعين بيهم أغنى وأشهر الناس في السر، لأ، دول سحرة من نوع تاني.. الحاجات اللي كانت بتحصل لنا، مش بس وكل واحد لوحده، لأ ده في عز النهار وفي وسط الأعداد، تلاقي واحد بيحكي أنه كان بيشوف زي كتل ضخمة من الرملة كل لما يقرب من خطيبته، الكتل تحجبها عنه واللي يشوف حفر جواها نار، ميعرفش يعديها عشان يوصل لمصالحه، واللي متبقاش عارفه ترفع راسها وتبص في الوشوش عشان الوشوش مبقتش وشوش بني آدمين، وحوش أو كائنات مرعبة، والأطفال اللي سرايرهم تتهز وهما نايمين والحرايق اللي تولع في البيوت من غير سبب. وفي يوم، لما أدركنا أن الخنوع والاستسلام اللي إحنا فيه مش بيمنع الشر، قررنا نقف، نقاوم ، نعلن رفضنا ، نطردها من المجتمع ولو بشكل سلمي، نبطل نتعامل معاها كأننا عاملين ليها block كده، مش شايفنها ومش سامعينها، ملهاش وجود لا هي ولا “أبو دومة” وفعلًا بدأنا التنفيذ…
-“هديل”!
إيه ده، حد بيندهني، صوته واطي بس واضح، معقول يكون في حد تاني غير “إبتهال” معانا في المستشفى؟ حد من القرية؟
-“هدييل”!
وقفت ببص ناحية الصوت. هناك في حد وره الشباك! شاب وشه بشوش ، طلع هنا عشاني!
قال لي:
-أنا جاي عشانك، “تحية” طالقة عفاريتها علينا، ناويالك وناويلنا كلنا على مصايب، أنتي حياتك في خطر.
رديت عليه ف رعب:
=أعمل إيه؟ ساعدني، قول لي أعمل إيه، مش عايزه أموت.
-تعالي، أنا جاي أخدك، هحميكي، العزبة كلها اتجمعت في مكان بعيد، مكان متعرفش عنه حاجة، لحد ما الهوجة تعدي، لحد ما تغور ف داهية ولا يتقبض عليها، تعالي، هاتي إيدك…
مشيت ناحية الشباك مديت إيدي الاتنين ليه وأنا ببتسم، كنت مصدقاه جدًا، عندي يقين أن الفرج قرب، هروح أقابل أهلي وأصحابي وأتطمن عليهم، هنتجمع كلنا تاني في مكان واحد و”تحية” نهايتها قربت عشان خلاص تقريبًا اتفضحت، يأما البوليس هيقبض عليها أو هتهرب لمدينة تانية، بس لحد ساعتها هقعد معاهم في المكان الآمن ده، لحد ما الموجة تعدي…
فجأة حسيت أن الجاذبية بقت قوية، بقاومها بصعوبة وأنا بمشي، بتشدني لورا كل ما أتقدم ، خصوصًا لما بقيت قريبة أوي منه وأنا رجلي على حرف الشباك…
لكن إصراري كان أقوى، نص جسمي بقى بره الشباك، والشاب فاتحلي دراعاته وبعدين سمعت صوت زعيق….
جي منين الصوت ده؟ وإزاي ظهر فجأة كده؟
-الحقوني، حد ييجي هنا، بسرعة!
ده كان صوت دكتور “حلمي”، ماله؟ إيه اللي حصل له؟ بس أنا لسه مش شايفاه. خليني ف نفسي، أنا برده محتاجة إنقاذ بين لحظة والتانية ممكن أفقد حياتي زي ما فقدت عقلي. “شدني يا…”، صحيح مين ده؟ الشاب ده مش من القرية مشفتوش قبل كده، معرفوش، عرف مكاني إزاي وجي من طرف مين؟
بصيت ورايا، على مصدر الصريخ، أخيرًا قدرت أشوف الدكتور، كان قاعد عالأرض تحت الشباك، جسمه ممدد في وضع غريب، مادد إيده الإتنين، ماسك فيا! أو عشان أكون دقيقة ماسك ف حرف هدومي، عشان أنا أغلب جسمي بقى بره الشباك. رجعت بصيت قدامي ، الشاب الوسيم بقى مش وسيم أبدًا، كان عنده عين واحدة كبيرة وملامحه كانت ممسوحة وراسه بدل ما يبقى عليها شعر كانت نار قايده. كان بيشدني جامد، عايز يوقعني. لما ركزت لقيت أن الأرض بعيدة اوي ، لو نطيت أكيد هموت!
مبقتش عايزه أروح معاه، بحاول أرجع، بس مش عارفه أسيطر على جسمي اللي خرج كله بره الشباك.
خطوات قربت، ناس كتير دخلت الأوضة. أطراف هدومي فلتت من إيد الدكتور بس ف لحظتها كذه حد مد إيده وحاوطوني وقدروا يرجعوني.
-دي رابع مرة!
الدكتور قال جملته وهو بيحاول ياخد نفسه. قصده إيه برابع مرة؟
بصيتله بذهول وسألته يقصد إيه، قال إنها رابع مرة أحاول انتحر من إمبارح للنهارده، وكل مرة يلحقوني. بصيت على إيدي الاتنين لقيت جروح في أوردة المعصم. بس ده مش أنا، أنا عمري ما أفكر بالطريقة دي، عمري ما أحاول أنتحر، أنا مؤمنة ومصلية وراضية بقضاء الله دايمًا، كل اللي يعرفني متأكد من ده…..
كذه ممرضة غيرتلي هدومي ، لبسوني ولفوني بأقمشة، إيديا بقت متكتفة جوه الهدوم عشان يضمنوا محاولش أاذي نفسي أو أذي غيري تاني.
فضلت كذه ساعة لوحدي. هما مش فاهمين إن مينفعش أكون لوحدي، مش هصمد، لازم حد يفضل معايا. أخيرًا دخل عليا الدكتور حلمي. شكله بقى مختلف، مبقاش متماسك ورزين زي الأول، وشه بقى أصفر وتحت عينه أسود وعينه نفسها منفوخة، مش بس تعب جسدي، لأ، ده اتهز، حالته النفسية مبقتش قد كده، يمكن لسه مش مصدق اللي حكتهوله والتفسير الخارق للأحداث بس في النهاية وأيًا كان التفسير اللي بيحصل كتير عليه، على أي عقل عشان يحاول يهضمه ويستوعبه.
=مستعد يا دكتور تسمع بافي القصة.
مكنش راضي يبصل لي، عينه في الأرض.
رد بنبرة مهزوزة:
-معرفش إذا كنت مستعد أسمع ولا لأ، بس لازم، عشان نقدر نلاقي التفسير المنطقي للي جرالكم ونعالجكم، اللي عايش منكم..
قلتله أن بعد ما بدأنا نطبق مبدأ الحظر ضد “تحية”، مبقناش نتكلم أو نتعامل معاها كأنها طيف مش مرئي ولا مسموع، “تحية” استسلمت، كل اللي كان بيعاني من حاجة بقى كويس، محدش فينا بقى يحلم بكوابيس أو يشوف حاجات غريبة، الأذية الجسدية والنفسية وقفت ولا كأن. رجعنا زي الأول وأحسن، قربنا من بعض تاني، الإخوات اتصالحوا والحبايب اتلاقوا والمصالح المتعطلة مشيت و”تحية” خبطت على كل بيت، استسمحت أهله العفو، قالت إن كل اللي هي عايزاه من هنا ورايح نسامحها، نقبلها ونحتضنها، عايزه تبقى وحدة مننا، تدوب وسط مجتمعنا الحنين اللي مشافتش في طيبته ودفاه وكرمه، وإحنا صدقناها…. إزاي منصدقش؟ كل المعطيات بتقول إنها صادقة في توبتها، كل أشكال الأذية اختفت. يمر شهر، شهر العسل، 30 يوم هنا وفرحة وسلام لحد يوم الفرح….
أغلب الناس قبلت الدعوة وراحت تهني وتجامل، العدد ده مكنش اتجمع من زمان، حتى اللي كانوا في محافظات تانية عشان أشغالهم وحياتهم جم يحضروا المناسبة السعيدة..
سمعت بالصدفة أهل العريس والعروسة وهما بيشتكوا لإنهم مكانوش عاملين حسابهم على كل الأعداد دي، الكراسي والمساحات مش مكفية ، ومع ذلك، الفرحة بالتجمع غطت المشكلة دي، المعازيم مكنش هاممهم يقعدوا أو يكلوا ويتضايفوا، هما بس بيحتفلوا بالجوازة وبنهاية المرار اللي عشناه كتير.
فاتت حوالي ساعتين بعدها لقينا “تحية” داخلة علينا، مالت على العروسة وسلمت عليها وأديتها نقطة الفرح ، بعديها سلمت على العريس والأهالي. قعدت شوية، غنت ورقصت وضحكت معانا بعدين اتستأذنت ومشيت…
في عز احتفالنا وحركتنا صواني العصير عدت علينا، كان عصير مختلف، مش زي اللي عادة بيتقدم في المناسبات دي، “تمر هندي”!…..”مش هو المفروض يكون شربات أو على الأقل جوافة ومانجا والحاجات المعتادة دي؟”
ده اللي جه ف بالي، للحظة استغربت، حدسي خلاني اتاخدت، بس بسرعة جدًا تخطيت الإحساس ده، خصوصًا لما لقيت الناس بتجري على الصواني عشان تروي عطشها، أنا كمان كنت عطشانة أوي ومتهيألي لو كنت شفت مية بحر كنت هشربها.
الدكتور وقفني وقال:
-ثانية واحدة؟ إنتي بتقولي تمر هندي؟ وكلكوا شربتوا منه؟
=ايوه.
ضحك ضحكة عفوية، ملامحه إترخت كأنه ارتاح، وصل لحل معين وخلاص فسر اللي حصل معانا…
-هو ده، هو ده المشترك ما بينكم كلكم، العصير، مانتوا لو كنتوا بلغتوا كان البوليس عاين مسرح الجريمة واستعان بخبرة ودكاتره و…
=صبرك عليا يا دكتور، أنا لسه مكملتش وبعدين لو وصلت لتفسير طبي للي جرى، قول لي إزاي أبقى عارفه موضوع القطط والكلاب والضفادع؟!
اتاخد، ملامحه رجعت انقبضت… قال لي:
-قصدك إيه؟
=الحيوانات اللي كنت بتاخدها معاك البيت وأنت طفل في الأوقات اللي أهلك غايبين فيها، لما كنت بتعذبهم وتقتلهم، فاكر؟ الغسالة والدولاب والبانيو و….
-بس…بس!، عرفتي منين؟
=من الصوت، الصوت اللي بيوشوشني دلوقتي وقال كل ده عنك.
قلع نضارته وفرك عينه، كأن الحجج خلصت من عنده، بقى عاجز ومش لاقي تفسير منطقي.
حكيتله أننا بعد ما خلصنا العصير كملنا الفرح عادي، تصرفاتنا متغيرتش والوضوع استمر على كده حوالي 10 دقايق وبعديها… لقينا واحد من المعازيم فجأة وقف مكانه، فضل يقلب عينيه ويبص للناس حواليه بعد كده زعق بصوت بشع وبدأ يخبط ويزق في الناس، بعديها كذه حد وقع مكانه، واحد وره التاني بقى يفقد الوعي وواحد من اللي بيقدموا الأكل للناس، سحب سكينة من البوفيه وطعن بيها زميله، في ناس بعدها حاولت تمسكه وتشيل من إيده السكينة لكنه رفعها عليهم وطعنهم، كان بيطلع أصوات غريبة، أنفاسه كانت عالية، الأصوات كانت زي ما تكون مش بتاعة شخص واحد، كذه حد، كذه نبرة بتخرج في نفس الوقت. واحدة لاقيتها بتقلع الإيشارب وبتشد ف شعرها وبتخربش في راسها لحد ما بقت تنزف وهي مش حاسه بألم وبتكمل، واحدة تانية قالت إنها ماشية ولما اتسألت رايحة فين، قالت المقابر! أنا مدرستش الماني لكن عارفاه، أعرف أميزه لو سمعته ، وسمعت بقى ناس بتتكلم ألماني وفرنساوي وأسباني ويمكن كمان لغات آسيوية، ومحدش منهم كان عنده فكرة عن اللغات دي قبل كده! والعروسة شفتها بتفقد الوعي، بس مش بالطريقة المعتادة موقعتش زي كتير من المعازيم وأغم عليها، هي المفروض كانت صاحية بس وقفت متخشبة، عنيها بس اللي بتتحرك ، بوقها زي ما يكون متخيط، في همهمات جوه بوقها مكتومة، ده غير الناس اللي كانت بتضرب ف بعض واللي بيشيل الكراسي والطرابيزات ويرميها على غيره من غير تمييز، كنت براقب المشهد كأني مش موجودة جواه، مش مستوعبة، واحد بيموت وره واحد ومش بجري ولا بحاول أهرب لحد ما الدنيا بقيت بيضة، زي ما يكون البث انقطع عني! غيبت تمامًا ، تاني لقطة لقيت نفسي هنا ولقيتني بتكلم مع الدكاتره والممرضين بلهجة غريبة وبقول كلام مش متحكمة فيه..
الدكتور قام، لف حوالين نفسه وقال:
-أكيد حطتلكم حبوب سببت هلاوس في التمر حنة، بس أنتوا غلطانين ، قصدي يعني قرايبكم ومعارفكم، لما يوصلوا المكان ويشوفوا المدابح اللي حصلت والناس المرمية وفاقدة الوعي واللي فاقدين عقلهم بدل ما يلجأوا للشرطة يستدعوا شيوخ ويقفلوا القاعة والدجالين يحاولوا يعالجوكم بالشعوذة؟ كان زمان البوليس شاف شغله والدكاتره.
ضحكت ضحكة عالية ورديت عليه:
=تعرف إيه الغريب بجد؟ لأ بجد؟ أنك واللي زيك شايف أنه نفس اللي حصل واللي بيحصل في حالات تانية غريبة ، نفس التصرفات الشاذة زي القتل العشوائي ونوبات الغضب المميتة ممكن تحصل بسبب كيميا، تركيبة في شوية حبوب، بس مش قادرين تصدقوا أن المصدر ممكن يكون مختلف؟ هتفرق ف إيه لو شفت السرير بيطير من مكانه فجأة من غير سبب مادي ظاهري لو كان ده بسبب قلة نومك وخلل في الكيميا في دماغك أو بسبب جن خفي بيرفعه، زي دلوقتي كده مثلًا….
شاورت براسي وراه.. لف، شاف السرير وهو بيترفع عن الأرض، كأن حد شايله!
لف وبصل لي تاني. لبس نضارته، وفضل يراقبني شوية وبعدين قال:
-مش هتفرق، بدل النتيجة واحدة مش هتفرق، بس مصير الجاني ممكن يتغير.
مكنتش فاهماه، الواضح أنه صدقني، بعد كل اللي شافه وسمعه بقى عنده يقين بإن “تحية” ساحرة وأنها لعنتنا كلنا بسحرها..
………………….
وصل لي بعد كده أن بعد الجلسة الأخيرة ليا مع “حلمي” في دكاتره عاينوا مسرح الجريمة والكؤوس اللي اتحط فيها العصير وبعد التحليل اتوصلوا أنه كان في بواقي حبوب مسببة للهلاوس اتطحنت واتدوبت في العصير ورفعوا بصمات “تحية” و”أبو دومة” من على الكوبايات والأطباق، والحملة دي كانت تحت إشراف الدكتور “حلمي”! وبسبب النتايج “تحية” و”أبو دومة” اتسجنوا وغالبًا مش هيخرجوا من السجن أبدًا.
فهمت جملته أخيرًا، آخر جملة قالهالي في آخر مرة أشوفه فيها “بس مصير الجاني ممكن يتغير”. “حلمي” زور! بطريقة ما اثبت وجود حبوب وبصمات لتحية وأبو دومة بس عشان يتحاكموا ويتسجنوا. في الحقيقة هما محطوش حبوب ومفيش أي دليل مادي يجرمهم. محدش من جهات التحقيق أو الدكاتره يقدروا يشوفوا الشياطين اللي بيتعاونوا معاهم أو يستدعوا الأعمال السفلية للتحقيق، عشان ده كان لازم يعمل كده، شاف أن العالم لازم يخلص من شرهم وقوتهم اللي شبه قوة سحرة الفراعنة قبل ما يخسفوا بمكان تاني الأرض ويحولوا حياة الناس لجحيم. الحمد لله الدكتور “حلمي” بطل قدر يحبسهم وينقذ حياة المتبقي من عزبة “الحسيني” لكن للأسف معرفش ينقذ نفسه. في أثناء المحاكمة “حلمي” اختفى تمامًا ومحدش قدر يعرف طريقه لحد دلوقتي….
تمت
#ياسمين_رحمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط