قصص

قصه قصيره

طول سنين عمري ال 30 وأنا بخاف من الماية، وافتكر إن مئات المحاولات من أهلي في تعليمي العوم وانا في سن صغير، كلها فشلت فشل زريع، لحد ما رموا طوبتي زي ما بيقولوا، حتى محاولات صحابي فشلت، مكنتش بهتم لتريقتهم عليا وسخريتهم مني، إني وبرغم كبر سني لسه بخاف، وكان الكل يستغرب، إزاي اسكندراني مبيعرفش يعوم؟!، فأصبحت الراجل التلاتيني اللي بيقف على الشط يبل رجليه بالماية، ولو دخل جوه البحر شوية والماية وصلت لصدره، بتحوم في راسه خيالات لا حصر لها، أنه مثلا هيغرق، أو في حركات غريبة تخت الماية، مشهد للفنان عادل إمام تحت الماية في فيلمه الشهير (جزيرة الشيطان)، وصوت ضغط الهواء في القاع، بل وإن في سمكة قرش متوحشة على أعتاب أكلي!!، ومعرفش أنهي سمكة قرش حظها تعس يخليها تقرر تسيب عمق المحيط، وتيجي تاكلني على شاطئ ميامي العام؟!، لكن الخوف كفيل أنه يرسم سيناريوهات عجيبة داخل عقلي، أكبر حتى من أفلام الفانتازيا..
لحد ما في يوم قريت كتاب عن كيفية تحدي المخاوف بالمواجهة، وإن أي شخص عنده فوبيا مم شئ ما، يتوجب عليه أنه يقف قدامه نِد، وعملت بالنصيحة، فعلا، ومع انتهاء ازدحام المصيفين، وزي ما اتعودنا دايما في اوائل سبتمبر انا وأصحابي، طلعنا مصيفنا المعتاد لمحافظة مطروح، اللي مؤخرا الإسكندرانية لقوا فيها ملاذ وبيت تاني، بعيدا عن تكدث إسكندرية بالمُصيفين..
مع أول يوم لينا قضيناه في النوم لحد المغرب، وكان مفروض نصحى ننزل البلد ناخد جولة لطيفة، لأننا بننزل في قرية بعيد عن وسط المدينة، إلا إن أصحابي ال5 قرروا فجأة أنهم مش هينزلوا وسط المدينة، وأنهم هينزلوا الماية؟!!!، وده خلاني مضايق جدا؟!، حتى لو هينزلوا الماية وكنت قررت اني هواجه خوفي، ليه يبقى بليل يعني؟، ومقدرتش طبعا اتمرد، نظرا لأن رأي الأغبيلة ضد رغبتي، وأجبرت أروح معاهم على الشط، رغم كل محاولات رفضي، بل وأني انزل الماية، لاني اتسرعت وقولتلهم اني قررت اواجه مخاوفي ولازم يساعدوني ويشجعوني، وكان تعليلهم أن ده سبب أقوى يكسر خوفي من البحر، أني لما انزل، يكون كمان بليل .
سبب وجيه، ده استنتجته وانا بحضر المايوه بتاعي، وقولت لنفسي ليه لا؟!، هجرب مدام قررت..
وقررت فعلا، غيرت هدومي وطلعنا كلنا على الشط، اللي مكنش عليه غيرنا تقريباً، القرية اللي احنا فيها كلها عائلات، وكان الكل خرج من البحر وراحوا على شاليهاتهم عشان يستريحوا ويتغدوا، بدأوا أصحابي يشدوا من أزري، ويشجعوني أنزل، وقفوا حواليا وخدوا بايدي لحد ما بدأت الماية تغمر جسمي، حسيت بنشوة جميلة، يمكن لأني قررت اغير فكري، واتحدى مخاوفي عن البحر، ويمكن لان البحر هنا هو خلي صناعي خاص بالقرية، مش البحر الطبيعي، فإذاً مفيش داعي لأي مخاوف نهائي…
حبيت الموضوع جدا، فضلت ساعة جوه الماية مش عايز أخرج، فرحة جوايا تشبه فرحة لبس العيد بتاع زمان، تلبس وتنزل تقف في الشارع كده بلا هدف، عمرك ما هتخرج بره حدود الشارع، فجايب لبس جديد ليه؟!، كذلك كانت فرحتي بنزول الماية، مبعرفش أعوم، ومبتحركش، بس واقف كده وخلاص مع أصحابي، وفرحان اني أخيرا كسرت حاجز الخوف وانتصرت على الهاجز والوهم.. لدرجة ان اصحابي لما قالوا هنخرج شوية نشرب حاجة وسجاير، انا رفضت، وقررت أقف لوحدي عشان مستمتع، كان احساس لا يوصف جوايا اني انتصرت على لعنة الخوف…
صحابي خرجوا فعلا، وفضلت أنا واقف ومستمتع، كانت الساعة حوالي 7 ونص، الليل عاكس لونه على البحر، والقمر ضايف عليه لمحه جميلة، صوت هدير الماية كان عاملي نشوة جميلة داخل عقلي، كنت واقف ضهري للشاطئ، وباصص على اتساع الخليج اللي عيني مش جايبة آخره، وصوت اغنية للست جاي من بعيد ضايف لمسة سحر على الأجواء، وبدأت ألاحظ أضطراب الماية في وسط الخليج، بدأت أمواج تتهادى، وبرغم أن مفيش مركب معدي او موتوسيكل بحر (جيتس كي)، إلا إن الأمواج بدأت تزيد وتقرب من ناحيتي!!، بدأ جسمي يرتعش، وأعصابي تسيب من الخوف، بصيت ورايا بصعوبة وبرقبتي بس لأن جسمي اتخشب مكانه، ولقيت الشط فاضي!!!!، صحابي اختفوا؟!!..
حاولت اطلع بره الماية، لكن مقدرتش، حسيت إن رجليا غرزت في الرمل!!، عافرت أكتر بكل قوتي، ومكنش في فايدة خالص، فجأة حسيت بايد كلبشت في رجلي!!، ايد انسان مسكت رجليا الاتنين من فوق القدم وبدأت تسحبني!!، وبدأت غصب عني أدخل ناحية اضطراب الأمواج!!، كل ما بتعمق بفقد قدرتي على المقاومة وبسمع أصوات بعيدة بتنادي عليا، لكني لا قادر اقاوم ولا حتى قادر ألف وشي لورا!!..
اضطراب الموج زاد، ولقيت نفسي قربت أوي منه، كان يفصلني عنه حوالي 10 متر، وبدأت حركة الأمواج تبقى حركة دائرية كأنها دوامة، استمرت لثواني واختفت، وظهر فوق الماية بنت!!!!، معرفش دي جت منين وازاي؟!، كان شعرها أسود زي الليل وناعم ولحد كتفها ونازل على عينها الشمال، بشرتها سودا سواد قاتم، وعينها اليمين اللي ظاهرة لو أصفر لامع، زي اللمات بتاعت كشافات الإنارة اللي في الشارع؟!!، مدت ايدها، وهي بتشاورلي اني أقرب منها أكتر، ايدها كانت طويلة جدا وعندها صوابع كتير طويلة ومجسمة كأنها هيكل عظمي!!!، بدأ صوتها يظهر وهي بتقولي تعالى، قرب.
كانت بتتكلم بهمس، وكل ما تتكلم، اضطراب الموج حواليها يزيد، وتداخل مع صوتها أصوات صحابي بينادوا عليا من بعيد، كنت سامع في اللحظة دي اصواتهم كويس جدا، لكني فشلت مرة كمان اني ألف وابص لهم، او حتى اتحرك ولو حركة بسيطة، كنت ما زلت بتسحب في اتجاه البنت البشعة المرعبة دي!!، الماية كانت غطت كل جسمي، بالكاد من أعلى راسي لحد مناخيري بس اللي فوق الماية وباقي جسمي كله تحت!!، واقف حرفيا على طرف صباعي لاني طويل القامة، وده كان مخليني قادر أشوف المشهد كويس..
فجأة الماية غطتني بالكامل، ولقيت نفسي شايف اللي تحت الماية برغم ان الدنيا ليل، كان فراغ كبير جدا، والبنت ملهاش أي جزء سفلي تحت المايه!!، حاولت لما رجليا لمست الأرض أرتكز وادفع نفسي، معرفش قدرت اعمل ده ازاي، لكني قدرت، ولما رجعت تاني فوق الماية، لقيت البنت اتحولت لراجل!!، في نفس هيئتها، لكن صوته غليظ ومرعب!!، ومد ايده ومسك دراعي بكل قوة وشدني ناحيته جوه الدايرة اللي هو واقف فيها والأمواج مستمرة في الاضطراب من حواليه!!..
فقدت كل السيطرة على نفسي، وبدأ جسمي ينزل لتحت، ونفسي يروح، وشايف حواليا نسخ كتير من البنت بتعوم حواليا كأنهم طايرين في السما، وصوت ضحكاتهم عالي وغريب، قلت الرؤية، نفسي بيروح، الماية بدأت تدخل مناخيري، بفقد الوعي، وفجأة لقيت أكتر من ايد بتشدني لفوق، لحد ما طاف جسمي على الماية، ومحستش بحاجة بعدها لمدة دقايق، وفتحت عيني لقيت نفسي على الشاطئ وصحابي حواليا، والخوف احتل ملامحهم، ومش قادرين ياخدوا نفسهم..
شهقت؛ الماية خرجت من بؤقي ومناخيري وفضلت اكح واستعيد أنفاسي، وساعتها قال واحد من صحابي بلهفة:
انت دخلت جوه كده ازاي؟..
رديت عليه بدهشة:
مش عارف حاجة، لقيت نفسي غصب عني بتسحب، وكان فيه واحدة واقفة وبتشاورلي، حاولت ارجع معرفتش، كان شكلها مخيف جدا، كأنها مش بشر..
رد واحد تاني من صاحبي وقال:
هي فعلا مش بشر، دي شيطانة..
الكل بصوا تاحيته وسألوه في صوت واحد:
شيطانة ازاي يعني؟!..
قال:
كنت قريت من فترة إن عرش إبليس موجود فوق البحر، وبنزل للأرض في وقت معين من اليوم، تحديداً من مغيب الشمس لشروقها، وكان مرفق مع المقال حديث نبوي، وفيه تحذير من السباحة في الوقت ده، ودليل على كده كلام وائل أنه كان بيتسحب غصب عنه، وكمان أننا كل ما كنا بنقرب منه بنلاقيه بيبعد، لكن من رحمة ربنا أنه ألهمنا نوصله وننقذه…
مكنش حد قادر يرد بأي كلمة على كلام أحمد، كلنا سكتنا وخدوني ومشينا على الأوضة، خدت حمام وقعدت أبحث عن الدليل اللي إيهاب استشهد بيه عن عرش إبليس، فلقيت ان كلامه صح، وإن فيه حديث نبوي شريف فيه تحذير من السباحة أثناء الفترة اللي أحمد قال عنها، وكفاية اللي شوفته بعنيا ومريت بيه، ده كفيل أنه يثبت لي أن البنت كانت جن فعلا مش بشر..
تمت..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط