الفصل الثامن (من أجل وريث )
-يعني ايه هنتجوز بعد يومين ؟!!أنت أتجنـ نت يا عم ؟!!أتجنـ نت أنت عارف ده اسمه أيه …اسمه ز.نا…جواز باطل يعني فوق ما احنا ممكن نروح في ستين داهية…. الحيو.ان ده لو لمسني علي أساس مراته أبقي أنا زا.نية !!!ده غير بقا لو أكتشف الحقيقة شوف هيعمل فينا أيه …يا باشا أبوس ايديك أنا مليش في الحرام ولا التز.وير ولا الكلام ده ..أنا امي ست تعبانة ولو عرفت اللي ناوية أهببه ده إحتمال تمو.ت فيها …
كانت جواهر تتكلم وهي تشعر بالإختناق …غلبها البكاء في كلماتها الأخيرة ولكن شريف كان وجهه جامد وهو ينظر إليها …لم تتحرك مشاعره لها…لم يشفق عليها أبدا …تلك هي من ساعدت ابنته علي الهروب مد.مرة كل خططه وهو لن يجعل الأمر يمر ببساطة !!!…هي من ستنقذه من تلك الورطة وهو لن يكف عن البحث عن عبير وعندما يجدها سوف يخفيها حتي تنتهي لعبة الزواج تلك ولا يعرف عدي ان جواهر هي عبير !!..لقد دفع مبلغ كبير لتزوير الاوراق وجعل جواهر رشوان عبير صديق ..ولن يستسلم …هو يجب أن يفعل المستحيل لكي يخرج من تلك الورطة التي تورط بها …الشفقة الآن سوف تتسبب في دخوله السجن …هو لا يجب أن يشفق علي تلك الفتاة وخاصة انها هي من تدخلت فما لا يعنيها!!!
-والله يا جواهر أنا قولت اللي عندي معندكيش أي خيار تاني…لو رفضتي تتجوزي عدي هتشرفي في السجـ ن ونتسجن احنا الاتنين مفيش أي مشكلة …او ممكن تتجوزي عدي فترة عقبال بس ما أخد الشيكات منه وبعدها ابقي طفشيه لحد ما يطلقك …وبعدين أنا أقطع الشيكات اللي واخدهم عليكي بسبب علاج الست الوالدة والموضوع ينتهي تماما …ببساطة كده.!!…
-وأنت تفتكر واحد زيه ممكن ميكتشفش الحقيقة …فاكره غبي …يا باشا ده هو ده منظر واحدة عاشت في فرنسا ولا واحدة غنية اصلا …باين من لهجة كلامي اني سرسجية درجة أولي …وبعدين أنا ممثلة فاشلة يعني من اول يوم معاه هتقفش وساعتها هتفتح علينا أبواب جهنم …
تنهدت وقالت:
-أنا عندي الحل انت لاما تحاول تدفع فلوس أو تتحبس كام سنة كده وانا وعد مني هاجي ازورك كل يوم واجيبلك كانتلوب
-أنتِ بتهزري يا حيلتها !!
قالها هو بغضب لترد :
-لا يا باشا مبهزرش ..أنا بتكلم جد جدا …صدقني هو ده الحل الوحيد لكن لا اتجوزته هيكشفني ووقتها بدل ما حضرتك تتحبس بشيكات هتتحـ بس بتهمة التز.وير وممكن يلبسنا جريمة قتـ ل ونلبس البدلة الحمرا وانا عايزة اعيش يا باشا ..أمي ملهاش غيري …
-ممكن تخر.سي شوية …قولتلك مش قدامنا الا الحل ده ومتخافيش مش هتتكشفي ابقي شوفي فيديوهات علي اليوتيوب ازاي تكوني بنت ناس وهتتستر إن شاء الله ..
ضحكت جواهر وقالت:
-والله يا باشا أنت د.مك خفيف ياريت لما نتحبس يحبسونا في زنزانة واحدة واهو تسليني ..
-وأنتِ دمك يلطش ويالا روحي من هنا وجهزي نفسك يا عروسة …ومتحاوليش تهربي يا جواهر وإلا اقسم بالله هطين عيشتك !!!
-أكتر من كده يا باشا !!
قالتها بتعب ثم أكملت :
-هروح أغير هدومي وأروح …وحسبي الله ونعم الوكيل في الظا.لم والمفتر.ي …
-يالا يا بت أخلصي بلاش طولة لسان !!
زفرت جواهر بضيق وأتجهت الي غرفة عبير لتبديل ثيابها
……..
في غرفة عبير …
انتهت جواهر من تبديل ثيابها ثم وقفت أمام المرآة تنظر إلي انعكاسها وقالت بغضب :
-كله بسببك أنتِ بسببك ..غباءك اتورطتي …تستاهلي اللي بيحصلك ..تستاهليه مليون مرة يا أغـ بى خلق الله !
…………
في بيت رانيا …
-كده يبقي اتفقنا يا أم رانيا ..كتب الكتاب بعد أسبوعين وبعد كتب الكتاب هسلملك ورث أخويا كامل ….
تنهدت رابحة براحة وقالت :
-كده يبقي عداك العيب يا أبو كرم تسلم يا أخويا ..
ابتسم الرجل بزهو ونظر لرانيا وقال:
-مكشرة ليه يا عروستنا …دي الليلة قراية فاتحتك حتي علي محسن ابن عمتك …ويا ستي جبتلك مراته ذات نفسها تطلبك عشان متفتكريش أنها مجبورة ولا حاجة …
التحمت عيني رانيا بعيني رهف…زوجة من ستتزوجه …وجدت الا.لم الشديد يقبع في عينيها …تمسك دموعها قسرا ولا تسمح لها بالإنهمار …عرفت رانيا أن رهف مثلها …تشبهها كثيرا … الاثنين يشتركان في نفس المصير …الاثنين لا يحق لهما الشعور بالأ.لم …لا يحق لهما قول لا !!!لا يحق لهما إبداء الرأي ولا حتي الإعتراض…ولا يمتلكون رفاهية الإختيار ….يكتفون بأنهم تحت ظل رجل ..حتي ولو كان هذا الرجل ظا.لم …حتي لو كان سئ ..أو قا.سي ….فزواجهم منه هو أهون من شبح العنو.سة الذي سوف يواجههم …أهون من الفقر الذي يتربص بهم ….انسحق قلب رانيا في صدرها وهي تتطلع الي معاناة تلك المرأة والتي عرفت انها بكل تأكيد غير راضية علي زواج زوجها من آخري ..هي تحتر.ق ولكن ليس لديها خيار … حتي رانيا ليس لديها الخيار …فأما أن تتزوج منه وتعيش حياة بائسة طوال حياتها مع رجل مثله وتكون وعاء لأطفاله …ولكن ستسعد والدتها وأما أن ترفض الأمر برمته وتظل تتعذ.ب بسبب حبها المستحيل هذا وتعاني والدتها معها ولأنها لم تكن يوما أنانية أختارت أن تفنـ ي نفسها من أجل والدتها المسكينة …ولكن في تلك الزيجة هناك ضحـ ية آخري …ضحـ ية لا يلاحظها أحد وهي زوجة زوجها !!! هل ستسامحها يوما لأنها وافقت أن تتزوجه ..هل ستتفهمها ام ستظن دائما أنها من سر.قت زوجها !!!
انسابت دموع رانيا رغما عنها ومسحتها سريعا ولكنها لاحظت أن رهف رأتها …نظرت إلي الأرض وهي تعض شفتيها بقوة كي لا تبكي ليخرجها صوت عمها القوي قائلا:
-يالا يا جماعة نقرأ الفاتحة…
-ماشي يا حاج..
قالتها والدة رانيا ثم بدؤا بقراءة الفاتحة….
بعد أن انتهوا ..نهضت رانيا سريعا وتحججت أنها ستجلب العصائر …
…..
ولجت رانيا الي المطبخ وهي تكتم بقوة شهقاتها بينما الدموع تندفع بقوة من عينيها…قلبها لا يتوقف عن النز.يف …هي متأ.لمة …غاضبة ويائسة …تشعر وكأن العالم يضـ يق بها…تريد أن تصرخ ولكنها لا تمتلك حق الصر.اخ أو الرفض…هي قبلت وانتهي الأمر …
فجأة تجمدت وهي تري رهف أمامها وقد ولجت للمطبخ ….شحبت وهي تنظر إلي وجه المرأة البائس فقالت رهف بتلعثم؛
-جيت أساعدك .
أجلت رانيا حلقها ومسحت دموعها وقالت:
-لا شكرا أنا هطلع دلوقتي العصير ..اتفضلي أنتِ ارتاحي …
هزت رهف رأسها ورأت رانيا الدموع تتصاعد لعينيها وشعرت أنها تريد قول شيئا ما ….
تنهدت رانيا وقالت:
-أتفضلي عايزة تقولي أيه ؟!
ارتعشت رهف وانفجـ رت الدموع من عينيها وتعالى نشيجها.بشكل أفزع رانيا …امسكتها رانيا من ذراعيها وهي تقول بشفقة:
-بس ..بس اهدي …مالك؟!
تكلمت رهف من بين شهقاتها :
-متتجوزهوش…أبوس ايديكي متتجوزهوش وتكـ.سري فرحتي وتهـ دي حياتي …
ثم أمسكت كف رانيا وكادت فعلا أن تقبله إلا أن رانيا أبعدت يدها بقوة وهي تبكي وتتمز.ق من الداخل ….
وضعت رهف كفها علي بطنها وقالت:
-أبوس ايديكي متدمريش حياتي …أنا بحب محسن ومقدرش اشوفه مع غيري …والله أنا عملت حاجات كتير عشانه وعشان اجيبله عيل يفرح بيه…اتعالجت واتحملت كتير وأخيرا ربنا كرمني وانا حامل وقولتله كده بس عمك مصمم يجوزهولك معرفش ليه وهو بيسمع كلامه …خليها تيجي منك أنتِ وأرفضي عشان خاطري…
مسحت رانيا دموعها وابتعدت قليلا وقالت بصوت مختنق:
-مقدرش ارفض …أنا أسفة !!!
…………
في اليوم التالي ….
كانت المياة تتساقط من شعرها المبتل …تزامنا مع تساقط الدموع من عينيها …انها رت اعصابها كليا بسبب عدم رده علي مكالماتها …منذ أكثر من أسبوع وهو يعاقبها بقسو.ة غريبة عليه …لم يكن يوسف أبدا قاسي عليا …بل كان حنون …لطيف معها …عكس والدها تماما …ولكن الآن ذاقت قسو.ته …لدرجة انه لم يفتح لها عندما ذهبت الي منزله منذ يومين …لقد بكت وترجته أن يفتح لها الباب ولكنه رفض بإصرار …كان غاضب منها ….لا يحتمل حتي رؤية وجهها …هل تقول انها بريئة …لا هي لن تبرر لنفسها …هي أخطأت عندما خرجت مع فؤاد …دعوة الغداء تلك د مرت كل شئ …لقد قضت علي علاقتها بيوسف تماما!!!لا زالت تتذكر نظراته المشتـ علة عندما رآها مع فؤاد ثم الجليد الذي زحف لعينيه …لقد غادر يومها دون ان ينبس ببنت شفة لها …تجاهلها تماما وهو يرحب بفؤاد …لم ينظر إليها بعدها أبدا …عرفت وقتها انه غاضب …حاولت التواصل معه كثيرا …ولكنه لم يرد …علي قدر محاولاتها المصرة التواصل معه كانت محاولاته لصدها لا تنضب أبداً!! …حتي عندما ذهبت إليه لم يلين …لقد رأت وجه آخر من يوسف …وجه قاسي …لم تتخيل أبدا ان يكون بتلك القسو.ة معها هي بالذات ….
مسحت نسرين الدموع التي تغر.ق وجنتيها وقررت أن تذهب مجددا لمنزله …لن تتحرك من أمام منزله حتي يتحدث معها …لن تستسلم …يجب أن يسمعها …لا يمكنه أن يطر.دها من حياته هكذا بكل بساطة!!!
أتجهت الي الخزانة وأخرجت قميص حريري أزرق وبنطال أسود …جففت شعرها بمجفف الشعر اولا وخلعت مئزرها وارتدت ملابسها…..
أخذت حقيبتها وخرجت من غرفتها علي عجل…
نظرت إليها نهي بحيرة وقالت:
-هو مش النهاردة محاضراتك هتكون بعد الضهر ؟!رايحة فين بدري كده. ؟!
ولكن نسرين لم ترد عليها وغادرت بسرعة …
هزت نهي رأسها بيأس وامسكت هاتفها لتكلمها عليه ولكنها خافت أن تنفـ جر فيها …في الأيام السابقة كانت نسرين هادئة بشكل غريب معها وحتي أن تعاملها معها تحسن قليلا …..شعرت أنها هدنة مؤقتة بينهما وكم كانت سعيدة ونسرين تعاملها بهذا اللطف المتحفظ….صحيح تتباعد عنها قليلا ولكنها تعترف أن علاقتهما شابتها التحسن الأيام السابقة …ويمكن أن تقول بكل ثقة أن كل هذا بسبب فؤاد …فهي غير غافلة عن تلك الكيمياء بينهما …عن الاعجاب الساكن بعيني ابنها لنسرين وهي تتمني حقا أن تتم هذة العلاقة فهي لن تجد افضل من نسرين لتكون زوجة فؤاد …
………..
امام البناية التي يقطن بها يوسف …
ترجلت نسرين من سيارة الأجرة ثم اتجهت مسرعة للبناية…..
….
وقفت أمام باب المنزل وقلبها يرتعش داخل صدرها …كانت مرتعبة من أن يرفضها مرة آخري…فلو رفضها مرة آخري تلك ستكون النهاية بينهما …هي تعرف هذا …
لملمت شتات نفسها وطرقت الباب بقوة وهي تقول بصوت مختنق :
-يوسف أنا عارف انك هنا …يوسف كفاية كده افتح حر.قت قلبي …
..
داخل المنزل ..
كان يوسف يقف بجوار الباب يسند رأسه عليه وهو مغمض عينيه بتعب …هو منهك …متأ.لم وخائف…خائف أن تتسرب منه ..عندما رآها تضحك بتلك الطريقة مع فؤاد كاد أن يقتـ له حقا …وخاف أن يميل قلب نسرين له ..لهذا اختار أن يبتعد قليلا ويراها ماذا ستفعل من أجله…صحيح تصرف بطريقة أنانية ولكن كان يجب أن يضع لهذا حدا قبل أن يخـ.سرها
..
-يوسف ..كفاية افتح بقا ..افتح حرام عليك …أنا همو.ت ..حرام عليك مش قادرة استحمل…انت بتعمل معايا كده ليه ؟!
صوتها اختنق أكثر ثم بدأت الدموع تطفر من عينيها وشهقاتها ازدادت ثم سقطت علي الأرض وهي تبكي بعنـ ف
فُتح الباب ليخرج يوسف لها …نهضت نسرين من الأرض وهي تمسح دموعها وتقول بلهفة:
-يوسف …يوسف ..
ابتسم يوسف وهو يفتح ذراعيه لتندفع هي وتعانقه بقوة وهي تبكي …كانت أخيرا تشعر بالراحة لانه سامحها..
-أنا آسف …أنا آسف…
قالها يوسف وهو يبعدها عنها ويمسح دموعها …قلبه تألم وهو يري عينيها الجميلة والتي استحالت للون الأحمر من شدة البكاء …امسكها من كفها وأدخلها للمنزل ثم بلطف أجلسها علي الأريكة وهو يذهب بسرعة للمطبخ ويجهز لها عصير الليمون المفضل لديها….
كانت نسرين جالسة علي الأريكة ما زالت شهقاتها المتتالية تخرج من فمها دون ان تستطيع منعها…علي الرغم من انه قد عفا عنها الا انها لا تستطيع التوقف عن البكاء !!!
-اتفضلي يا حبيبتي ..
قالها يوسف وهو يقدم لها كوب العصير .. نظرت إليه بينما دموعها ما زالت تتدفق من عينيها …ويديها ترتعش بقوة …لم يعطيها يوسف الكوب…بل جلس بجوارها ثم بنفسه بدأ يعطيها العصير كي تهدأ وهو يربت علي ظهرها برفق …
-خلاص اهدي يا نسرين …اهدي ..
قالها يوسف وهو يضع الكوب الفارغ علي الطاولة الصغيرة أمامه…
أمسك كفها وشد عليه ثم تنهد وهو يقول :
-عارف اني زودتها وجر.حتك وانا آسف بس أنا …
أغمض عينيه بتعب ثم فتحها مرة آخري وأعطاها ابتسامة قصيرة :
-أنا بغير يا نسرين …بغير عليكي أووي واتضايقت لما شوفتك معاه …أتجننت ..معرفش حصلي أيه …كل اللي كان نفسي فيه إني أقتـ له لانه قرب منك …نسرين أنا عارف أن خروجك مع فؤاد كان بنية سليمة من ناحيتك وان مفيش أي مشاعر برضه من ناحيتك …بس من ناحيته هو لا !!…من ناحيته كنت شايف الإعجاب الواضح في عينيه ليكي وده خلاني أتجنن أكتر …أنا راجل وعارف نظراته دي كويس …وأنا عارف ان كتير هيحبوكي ويحاولوا يقربوا منك …كتير أحسن مني كمان …وأصغر مني …وأنا مش هلومك لو فكرتي تسيبيني لو جتلك.فرصة أحسن …أحيانا الحب مبيكونش كفاية …
أمسكت هي كفه بلهفة وقالت:
-لا لا أوعي تقول كده …أنا بحبك أنت والله أنا غلطت وبعترف بغلطي …وبعتذر منك ..مش هتتكرر تاني وأنا مش هقرب منه تاني …ده وعدي ليك يا يوسف …هبعد عنه خالص ومش هتكلم معاه …بس أوعى تسيبني …أوعى يا يوسف والله هموت من غيرك …
اقترب منها ثم عانقها لتقول بنبرة مهتزة :
-أنا محدش بيحبني قدك …محدش مهتم بيا غيرك… بابا مش مهتم الا بنهى بس …لكن أنا عمري ما كنت مهمة عنده ابدا …حتي يمكن بيحب ابن نهى أكتر مني …صدقني يا يوسف بعد ماما الله يرحمها مليش غيرك أنت وليان فمتسبنيش عشان خاطري …اوعي تبعد عني …
ابتسم بإنتصار عاشق تأكد من عشق حبيبته لها وقبل رأسها وقال:
-ولا عمري هسيبك …انتِ حبيبتي …أنا كنت بديكي بس حريتك في الاختيار يا نسرين مش عايز اكون أناني واضغط عليكي قولت أسيبك براحتك … وكمان كنت متضايق منك ومجرو.ح ..فأنا اسف كمان …
أغمضت نسرين عينيها براحة وشددت من احتضانه وقالت:
-أنا واثقة من حبي ليك يا يوسف …وصدقني مش عايزة غيرك ..خلينا نتجوز…اطلبني من بابا وخدني بعيد عن هنا …مش عايزة أبقي مع حد غيرك …
أبعدها قليلا وأمسك وجهها وقال:
-حاضر هطلبك قريب مني …وصدقيني مادام أنتِ بتحبيني وانا بحبك هتأكد أن محدش هيقدر يفرق ما بيننا أبدا يا عمري …هتفضلي ليا لحد ما أمو.ت..بس لو سمحتي ..لو سمحتي متقابليش اللي اسمه فؤاد ده مرة تانية..مفهوم .
هزت رأسها بطاعة ليضمها مرة آخري ويقبل رأسها ثم يبتعد ويقول :
-هعملك فطار ونقعد شوية قبل محاضراتك..ماشي يا حبيبي ..
ابتسمت له نسرين وهي تهز رأسها بالموافقة..
………….
في منزل ياسين ..
كانت ورد تُدرس ياسمين وتساعدها في حل واجباتها بينما ياسين يجلس علي الأريكة ممسكا بهاتفه يتابع أحدي المباريات المعادة…هل يقول إنه يتابعها بالفعل …حسنا سيكون كاذ.ب ….رغم شغفه الشديد بكورة القدم إلا انه حقا ليس لديه شغف بمتابعة تلك المباراة …بل عوضا عن ذلك أخذ يختلس نظرات لزوجته الغاضبة التي ترفض أن تعيره اي اهتمام بالمرة ..منذ آخر مواجهة لهما وهو لا يجرؤ علي الاقتراب منها أو التحدث معها …وهي ايضا لا تنظر إليه حتي كأنها أحبت الوضع ..ولكن هو يشـ.تعل …يشتـ عل وهي تبتعد عنه بتلك الطريقة …هي زوجته هو .. زوجته ولا يجب عليها أن تتجاهله بتلك الطريقة السيئة ..حسنا هو أخطأ وأعتذر هل تد.مر العالم …لم تكبر المواضيع؟! ….
تنهدت وهو يعترف داخله عن مضض انه أشتاق إليها …أشتاق للمسها …عناقها …أشتاق لإبتسامتها التي تجعل وجهها يشرق….جدالها معه …كم يعشق جدالها. ..هي بطريقة ما تسليه بطريقة جيدة. ..هو يعشق الجدال معها …يعشق إغضابها ولكن تجاهلها هو الجانب الأسوأ في شخصيتها علي الإطلاق …هو يكر.هه …يكر.هه بقوة …
نهضت ورد فجأة وقالت:
-استني يا ياسمينتي هعملي قهوة عشان أقدر أكمل ..تحبي أجبلك سناكس تأكليه ..
هزت ياسمين رأسها لتذهب ورد الي المطبخ…
ترك ياسين هاتفه ونهض خلفها …ولج الي المطبخ وتجمد عندما وحدها تقف علي أطراف اصابعها تحاول ان تجلب عبوة القهوة …كانت ترتدي قميص بيتي قصير فلما رفعت نفسها أرتفع القميص قليلا مبرزا ساقيها …أمال ياسين رأسه وهو ينظر إلي ساقيها الطويلة والمتناسقة جدا وعلي شفتيه ابتسامة رائعة …ثم اقترب خلسة وهو يرفع يده ليجلب عبوة القهوة لتشهق هي برعب …ضحك بخفوت في أذنها وقال:
-متخافيش يا حبيبتي ميبقاش قلبك خفيف اومال …
عضت ورد شفتيها بغيظ وانتظرت بصبر كي يبتعد عنها ….
ابتعد بالفعل وهو يضع عبوة القهوة بكفها لتقول ببرود:
-متشكرين .
ثم تتجه لتصنع لها فنجان من القهوة …
-أعمليلي قهوة معاكي وتكون تقيلة زي دمك …
قالها بمشاكسة وهو يضحك لتزفر هي بضيق وتتمتم بغيظ:
-مفيش أتقل من دمك يا قليل الذوق …
-بتقولي حاجة يا روحي ؟!
-بكح!
قالتها بغضب وهي تبدأ بصناعة القهوة ..ليخرج هو من المطبخ وهو يشعر بالتسلية بسبب غضبها ..
. ….
بعد دقائق معدودة …
احضرت ورد وجبة خفيفة لياسمين وكوبين من القهوة لها ولياسين…
ثم بدأت في استكمال ما تفعله ….
…..
بعد نصف ساعة تقريبا كانت قد انتهت من تدريس ياسمين وسمحت لها أن تلعب أخيرا…
انطلقت ياسمين مهللة الي غرفتها وأخرجت عرائسها وهي تلعب ثم نادت ورد كي تلعب معها …ضحكت ورد ونهضت لتلحقها ولكن ياسين توقف في طريقها وقال:
-استني عايزة أكلمك شوية اسبقيني علي أوضتنا عقبال ما اقول لياسمين انك شوية وهتجيلها ….
لم تجادله ورد بل أتجهت بآليه الي غرفتهما ..
-ربنا يصبرني عليكي يا ورد ..
قالها ياسين بضيق ثم أتجه الي غرفة ابنته ..
….
في غرفتهما…
كانت ورد جالسة علي الفراش تنتظره … ابتسمت بخبث وهي تعترف انها عذ.بته بما يكفي ..ولكن لا ..هي لن تسامحه بتلك السهولة …يجب أن يعترف مائة مرة علي كلامه الد.نئ معها …
ارتعشت قليلا عندما ولج لغرفتهما …وقفت وهي تنظر إليه بجمود …ربع هو ذراعيه وقال:
-حابب اعرف لحد أمتي هتفضل معاملتك كده معايا لاني مبحبش التجاهل …بيعصبني !!
ضغطت علي أسنانها بغضب وقالت:
-والله طيب بالنسبة لكلامك ايه ؟!ولا أنت تجر.ح الناس ولما يكون فيه رد فعل منهم تضايق …
-أنا اعتذرت !!!عايزة ايه تاني ؟!
-والله يا أستاذ ياسين مش كل حاجة بيحلها الإعتذار …اتعلم متجر.حش اللي قدامك بالشكل البشـ ع عشان وقتها اعتذارك هيكون ملوش قيمة !
-باشمهندس!!أنا مهندس مش أستاذ لما تحبي تديني لقب تديني لقب مهنتي…
ضربت علي الأرض بقوة وهي تصرخ :
-ايه بتعصبك كلمة أستاذ … طيب يا أستاذ يا أستاذ
.يا استاذ يا أستاذ …يا أستااااذ.
رمقها ببرود وقال:
-فعلا طفلة !
ثم ترك الغرفة وخرج .
……………
-أنا بقالي فترة ملاحظة انك مش كويسة …حقيقة كنت مشغولة بمشكلتي مع يوسف ومخدتش بالي من الحزن اللي في عينيكي يا ليان …سامحيني ..
قالتها نسرين وهي تمسك كف ليان وهما في مقهي الجامعة ….كانت ليان ترتدي نظاراتها السوداء …تحجب الحزن الذي في عينيها عن الجميع …استطاعت أن ترسم ابتسامة علي شفتيها وقالت:
-مفيش حزن يا نسرين متهيألك أنا كويسة اووي …
مدت نسرين يدها وخلعت نظارات ليان وقالت وهي تنظر إلي عينيها المنكـ.سرة والحزن يسكن فيهما :
-اهو الحزن يا ليان …هتخدعيني وتقولي انك كويسة ؟!ليان أنا البيست بتاعتك …احنا اصحاب واكتر من الاخوات …اسرارنا دايما مع بعض …أنا لما حبيت جو جريت عليكي أنتِ وقولتلك اني بحبه حتي أنتِ قولتيلي علي مشاعرك ناحية موسي …معقول يا ليان هتيجي دلوقتي وتخبي عليا !!!..
تصاعدت الدموع لعينيها بالتوازي من ازدياد الأ.لم داخل صدرها …انفلتت شهقة من بين شفتيها وأدتها سريعا وهي تضع كفها على فمها بينما دموعها تخذلها وتتخذ الطريق الي وجنتيها…تمعنت فيها نسرين بقلق ثم أمسكت كفها وقالت:
-الموضوع فعلا باين انه كبير يا ليان …قوليلي حصل أيه مخليكي منهارة بالشكل ده …طمنيني بدأت أقلق…
نظرت ليان للأسفل وهي تحاول السيطرة علي نفسها ولكنها فشلت تماما …فهذا كثير لأيام ظلت مسيطرة علي نفسها …متجنبة موسي تماما ولكنها عرفت ان تلك السيطرة واهية…هي هشة اكثر مما تتوقع …
-ليان …
نادتها نسرين مشفقة لتنظر ليان إليها وقد أحمرت عينيها بقوة …مسحت دموعها بقوة لتقول نسرين برفق:
-حابة تتكلمي دلوقتي ؟!
هزت رأسها بالإيجاب…ثم بدأت بسرد ما حدث بينها وبين موسي آخر مرة ….
…..
بعد ان انتهت ليان من سردها صاحت نسرين بغضب:
-الحيو.ان!!!هو فاكر نفسه مين ؟!!!ازاي يعمل كده …ازاي …
تعالى نشيج ليان وقالت بنبرة مختنقة :
-أنا اللي غلطانة يا نسرين مش هو …موسي عمل كده عشان يبعدني عنه …أنا فضلت وراه …رميت كرامتي علي الأرض وهو داس عليها …فضلت الاحقه وفاكره أنه بالطريقة دي هيحبني بس مقدرش يشوفني الا ر.خيصة …أنا اللي غلطانة يا نسرين مش هو خالص …
حاولت نسرين ان تنكر الأمر ولكن ليان مسحت بقايا دموعها وقالت:
-لا يا نسرين الغلط غلط مش عشان انك صاحبتي تحاولي تبرريلي …أنا غلطت لما فضلت ألاحقه…الحب مش عافية …والمشاعر مش بإيدينا هو قال إن قلبه مش ملكه بس أنا صممت اخد حاجة مش ملكي وأنا اللي خسرت في الاخر …
نظرت إليها نسرين بحزن وشدت علي كفها تدعمها…يؤ.لمها حزن صديقتها ..هي حقا تشعر بالأ.لم من أجلها …فليان دوما كانت أقرب شخص لها ..حتي أقرب من والدها ويوسف…هي تفهمها …تسمعها ..تنصحها دون أن تحكم عليها ..ولهذا صداقتهما ناجحة للغاية …
-طيب هتعملي أيه دلوقتي ؟!
ابتسامة حزينة أحتلت شفتيها وقالت:
-هنساه يا نسرين مفيش حل غير كده …موسي مش ليا ومينفعش اتمسك بحاجة مش هتكون ليا …يمكن ده درس ليا عشان أبعد عنه…
-هتقدري تنسيه ؟!
تساءلت نسرين لتهز ليان رأسها وتقول:
-دايما مؤمنة أننا النسيان صعب …متعب ومرهق ..بس مش مستحيل …اقدر أعمل الحاجة مادام مصممة أعملها…موسي من النهاردة برا حياتي …وقريبا برا قلبي !!!
كادت نسرين ان تتكلم ولكن رنين الهاتف أوقفها…رأت أن المتصل يوسف …أشرق وجهها بقوة وقالت بلهفة لليان:
-ده جو ..هرد ماشي ..
هزت ليان رأسها وهي تعطيها ابتسامة قصيرة …
نهضت نسرين وهي تتحدث مع يوسف بلهفة كالمراهقات بينما أخرجت ليان هاتفها وهي تكتب علي المذكرات بالهاتف :
-لقد حطـ متني ولن أنسي هذا ما حييت ….لن أسامحك أبدا !!
ثم أغلقت هاتفها وهي تمسح دمعه انسابت رغما عنها وقالت:
-هنساك يا موسي وهتشوف !!
……….
خلعت الشعر المستعار واللحية والشارب …ولجت للحمام وأخذت شاور سريع ثم أرتدت قميص قطني وبنطال أخذتهم من أمير …
خرجت عبير براحة من الحمام وهي تشعر بالإنتعاش…لقد مكثت .هنا أسبوع تقريبا مع أمير وحقا أظهر شهامة كبيرة معها ولحسن.الحظ حتي الآن لم يكتشف انها فتاة وهذا طبعا بفضل الله ثم حذرها دوما …تتمني ان تتحلي بهذا الحذر دائما حتي لا ينكشف أمرها …حسنا وفقا لمكوثها معه لمده أسبوع كامل فهي عرفت الكثير عنه …هو مكيانيكي …يمتلك ورشة في هذة الحارة بالقرب من منزله …يخرج من الصباح ثم يعود قبل العصر يأكل ثم يذهب للمسجد ومن المسجد للورشة مرة آخري …ما زالت تتذكر انه في يوم طلب منها ان تأتي معه لتصلي ولكنها تهربت منه بمهارة وهو لم يضغط عليها وتتمني الا يضغط عليها والا يسألها مرة آخري…صحيح انها كانت غير ملتزمة في الصلاة والتزمت مؤخرا وتصلي في المنزل عندما لا يكون موجود ولكنها لا يمكنها الذهاب للجامع وهي متنكرة بتلك الطريقة لا يمكن !!
ابتسمت وهي تشعر بالحرية أخيرا من والدها المستـ.بد…
ولجت للمطبخ النظيف لتبدأ بتجهيز الطعام ..لابد أنه سوف يأتي …ضحكت بمرح وهي تتذكر كيف كان حال المنزل في فوضي عندما أتت الي هنا ولكن استطاعت أن تحول المنزل لمكان آدمي. ..ما زالت تتذكر كيف أندهش أمير من تحول مسكنه بتلك الطريقة…صحيح انها مدللة ولكنها اعتادت في فرنسا علي تنظيف منزلها بنفسها …علي الرغم من أن كان لديها خادمة ولكن عبير أحبت دوما أن تخدم نفسها…ولهذا لم تواجه اي صعوبة مع أمير ولا مع نمط حياته …هي لا تشعر بالفرق كثيرا بين حياتها السابقة وحياتها الآن بل علي العكس عندما كانت بمنزل والدها كانت تشعر أنها بالسجن ولكنها الآن أكثر حرية وما أن تستطيع استخراج جواز سفر جديد سوف تسافر الي فرنسا وتبتعد عن والدها تماما وتتخلص من تسلطه…فجأة تجهم وجهها وهي تسلق المكرونة علي النار…تري ماذا فعل والدها وكيف تخلص من تلك الورطة ؟!…تري هل سُجن ؟!ولكن لا …كانت بالتأكيد ستعرف من الأخبار …وهي لا يجب أن تفكر به او تقلق بشأنه بعد ان اراد بيعها …الذي يجب أن تقلق عليه هو جواهر ..تُري ماذا فعل بها والدها عندما علم انها هي من ساعدته….بالتأكيد هو ليس غبي وسيعرف ان جواهر هي من ساعدتها علي الهروب …تري ماذا فعل بها …
أغمضت عبير عينيها وتنهدت وهي تقنع نفسها ان جواهر ذكية ولابد انها قد تصرفت يجب ألا تقلق عليها …ثم ان والدها لن يستطيع أن يفعل أي شئ معها …ستكون بخير بكل تأكيد ..يجب أن تركز علي نفسها وتقرر خطوتها القادمة ..فهي لا يمكنها المكوث بمنزل أمير أكثر من هذا …
نظرت الي المكرونة وجدتها قد نضجت قامت بتصفيتها ثم اضافت الصوص عليها …بعدها أخرجت صدور الفراخ المتبلة وقامت بقليها …وعندما أنتهت نظرت الي الساعة وجدت ان أمير سوف يأتي بعد خمس دقائق …غطت الطعام بسرعة ثم أرتدت الشعر المستعار والشارب واللحية وانتظرت قدومه …
…
مرت الخمس دقائق وكان قد أتي أمير وهو يرتدي ملابس العمل أغمض عينيه وقال:
-أيه الريحة الحلوة دي يا باشا …
ابتسمت عبير وقالت:
-اتفضل علي الحمام عقبال ما أحط الاكل علي السفرة…
ضحك امير وقال:
-أسمها طبلية يا نوح ..طبلية …
ثم ولج بسرعة للحمام ليستحم …
بعد قليل خرج أمير من الحمام وهو يجفف شعره جيدا…تعلقت عيني عبير به وهي تبتسم ..جلس علي الأرض وهو يشم رائحة الطعام وقال:
-تعرف يا نوح ..أنا من وقت ما أمي الله يرحمها ماتت مشمتش روايح حلوة زي كده في البيت ..يا جدع ده أنا حبيتك لدرجة اني مش عايزك تمشي ..بكلمك بجد والله خليك عايش معايا هنا
ابتسمت عبير بقلق وهي تفكر انه لو عرف الحقيقة بالتأكيد هذا لن يكون كلامه!!!
………..
في المساء …
في منزل يوسف مالك …
-أنا حاسس بالضيق …حاسس اني مخنوق يا يوسف….حاسس اني بخون صاحبي !!
قالها منير بنبرة مختنقة…يشعر انه حقا بين نارين …أما أن يتكلم ويفضح صديقه …وإما أن يصمت ويخدع صديقه الآخر …كلا الخيارين مؤلمين …هو لا يستطيع أن يخسر أحد منهما …يشعر أنه مشتت …
كاد يوسف ان يتكلم معه ولكن منير أوقفه بإشارة من يده وقال:
-أنت لسه بتقابلها صح …لسه بتقابلها يا يوسف …
لمعت عيني يوسف بتملك وقال؛
-نسرين ملكي يا منير …وهتفضل ملكي …محدش هياخدها مني ..حط ده في بالك كويس …ومتحاولش تخليني أغير رايي وإن كان علي ضميرك يا سيدي أنا هريحك …قريب هطلب إيد نسرين من كريم وأتجوزها!
هو منير رأسه وقال :
-كريم مش هيوافق …عمره ما هيوافق علي كده يا يوسف …حرام عليك البنت لسه عشرين سنة …مفيش أي توافق ما بينكم …ليه عايز تظلمها معاك …
لمعت عيني يوسف العسلية بتملك …منطقيا منير لديه حق ولكن في قانونه …قانون عشقه نسرين ملكه وكفى …لا يهم كيف يفكر العالم به ولكنه يحتاجها اكثر من الهواء …هي تمثل أهمية كبري لديه …هي من أنسته ما عاشه علي يد رقية وهو لن يتركها تنساب من بين يديها …
-نسرين عندها عشرين سنة يا منير واحدة قادرة تأخد قرارها يعني مش مراهقة وبعدين كريم هيرفض ليه ؟!كريم عمره ما كان أب ليها…دايما مهتم بمراته …نسرين عمرها ما حست بحبه أبدا …يبقي بأي حق يرفض اللي بنته بتحبه …ده هيكون قرار نسرين مش قراره وهو ملوش أي حق يفرض عليها حاجة هي مش عايزاها …أصبر شوية يا منير وهطلب ايديها وأقول لكريم علي كل حاجة …أنا مستحيل أتخلي عن نسرين ..
هز منير رأسه بيأس …لقد يأس من محاولة اقناع هذا الأحمق ان هذا ليس حبا بل وهم …نسرين تري فيه حب الوالد المفقود وهو يري فيها تعويض جيد عما فاته من سنوات عمره يبكي علي عشق مضني دمر حياته …
قال منير أخيرا بتعب :
-هتيجي في يوم وتعرف ان ده مش حب بس اتمني أنك متكونش خسرت صاحب عمرك وقتها!!!
…………
بعد منتصف الليل ….
في بيت جواهر …
كانت تجلس علي الأريكة القديمة .. تمسك سيجارتها تدخنها ودموعها تسير علي وجنتيها…تشعر أن قلبها سوف ينفـ جر من الأ.لم …هي تتجه نحو الهاوية …ما تفعله سوف يد.مر حياتها …تز.وير وزواج باطل ..ماذا تبقي بعد لم تفعله؟! …القتـ.ل !!! …مررت كفها علي شعرها الطويل ثم بدأ صوت نشيجها.يزداد تدريجيا وهي تشهق بقوة من وسط بكاءها …بدت منها.رة للغاية …رغم أنها وعدت نفسها الا تنها.ر وتحاول حل المشكلة قبل أن يتفاقم الأمر …وفكرت أنها حتي لو تزوجته ستحيل حياته للجحيم ولكن عندما عرفت أن زواجها منه بعد يومين أصابها الرعب …هي لا يمكنها أن تفعل هذا …هذا مريع …والدتها لو عرفت بالأمر بالتأكيد سوف تغضب منها …أن تسامحها علي ما ستفعله بنفسها …
نظرت إلي الاعلي وقالت:
-يارب ساعدني…ساعدني يارب …
أطفأت السيجار في المنطقة ونهضت وهي تشعر بالإهارق بسبب بكاؤها لفترة طويلة …قررت أن تستحم وتخلد للنوم ربما الأمور تُحل من تلقاء نفسها …ربما تعود عبير وتنقذها من تلك الورطة التي ورطت نفسها بها من أجلها … ربما …
اخذت تعدد الاحتمالات داخل عقلها وقد شعرت حقا بالتفاؤل …
توجهت لخزانتها واستلت قميص بيتي من القطن لتستحم ….
…….
ولكن حتي وهي تحت صنبور المياه الذي يضخ الماء بقوة علي جسدها كانت لا تستطيع التوقف عن التفكير في الأشياء البشـ عة التي تنتظرها لو تزوجت من هذا الرجل والذي يبدو أنه يكر.ه شريف بطريقة غريبة وبالطبع هي من ستدفع الثمن …وضعت كفيها علي وجهها وأنفجـ رت بالبكاء مجددا!!!
…….
خرجت من الحمام منهكة للغاية …لم تشعر بالراحة ابدا…القلق ينهـ شها من الداخل …عقلها يفكر بأسوأ الاحتمالات بعد أن كانت متفائلة قليلا عاد الإحباط يتصاعد داخلها وبقوة أيضا !!!
وقفت أمام المرآة وبدأت بتمشيط شعرها وعقدته علي هيئة كعكة ..ثم اتجهت لتنام في السرير المقابل لسرير والدتها ولكن رنين هاتفها جمدها للحظات …نظرت إلي الساعة المعلقة علي الحائط لتجد الساعة تجاوزت الواحدة بعد منتصف الليل …مين سيتصل بها في هذا الوقت …اتجهت للهاتف لتري المتصل لتتجمد أكثر وتبرق عينيها بغضب وهي تجده شريف !!!
نظرت إلي والدتها بقلق لتجدها غارقة بالنوم فاستغلت الفرصة وخرجت من الغرفة واتجهت للتراس وهي تفتح الهاتف وتقول بإنفعال :
-ممكن تختار الأوقات اللي بتتصل فيها …انت راجل كبير مفروض تكون عارف الذوق !!!
-اخلصي يا جواهر مش بتصل بيكي من سواد عيونك يا حبيبتي بس بقولك أن بكرة هتروحي مع خطيبك تشتري فستان الفرح ..
-خطيبي مين يا راجل انت …حالا ناوي تلبسني الراجل …بقولك ايه اتصرف أنا مش هتجوزه !!!
هز شريف كتفه وقال:
-براحتك يا حبيبتي ..خلاص نقدم الشيكات للبوليس وخلي امك تجهزلك العيش والحلاوة هتحتاجيهم …
أغمضت عينيها بقوة ودموعها تنساب …هذا الرجل بلا قلب …بلا مشاعر. ..أنه أسوأ شخص قابلته في حياتها كلها …لقد انخدعت به لأنه ساعدها ولكنها الآن عرفت شكله الحقيقي …
ضغطت علي أسنانها وقالت بصوت مختنق بفعل البكاء :
-أنت أسو.أ واحد شوفته في حياتي !!!أنا مش مستغربة ان طنط لانا سابتك واتطلقت منك ..أنقذت نفسها منك !
وجهه تجمد للغاية ولكن بداخل صدره كان يخفي قلب أنهكه الأ.لم …ما قالته فتح جر.وحه…جر.وحه التي أحدثتها انفصال لانا عنه…لا أحد يعلم كم أحبها …لقد أحب لانا حقا …أحبها كثيرا ..
ولكنه لم يظهر أي لمحة للمشاعر بصوته وهو يقول:
-خلصتي مناحة وتجر.يح ؟!متفتكريش ان كلامك ده هيغير رايي …لا يا روحي مستحيل أنتِ هتتجوزي عدي رشيد والا هحبسك….بكرة تكوني عندي عشان عدي هيعدي عليكي تجيبوا الفستان …سلام ..
ثم أغلق الهاتف بوجهها لتضع كفها علي رأسها بينما تشعر أنها محاصرة ولا سبيل للهروب
……….
في أحد المقاهي الراقية التي لم تحلم يوما بدخولها كانت هي تجلس امام عدي تجمع كلماتها …لقد قررت وأنتهي الأمر سوف تخبره الحقيقة كاملة ..قد يساعدها …قد يكون لديه ضمير علي الأقل…تمنت من داخل قلبها ان يكون انسان جيد ويتفهم الأمر ويتركها وشأنها …لقد ظلت طيلة الليل تفكر بالأمر…هي لا يمكنها أن تفعل هذا ..والدتها قد تمو.ت فعليا إن عرفت !!
-بقالك نص ساعة ساكتة …قولتيلي خلينا نتكلم قبل ما نجيب الفستان وجيت أهو اتكلم معاكي …ها يا عروسة انجزي شوية ..فرحنا بعد بكرة .
ابتلعت ريقها وقالت وهي تنظر إليه :
-أنا مش عايزة أتجوزك…أنا مجبورة عليك ..
ابتسم ببرود وقال:
-مش مهم …قبولك من عدمه مش مهم عندي …
ضر.بت علي الطاولة بغضب وقالت:
-يعني عادي بالنسبالك انك تتجوز واحدة مش عايزاك …
ضحك بإستفزاز وقال:
-ما أنا برضه مش عايزك ولا همو.ت عليكي يعني …أنا عايزك لغرض معين…
-ايه هو ؟!
قالت بتوجس ليرد بتشفي :
-أنك تجيبيلي وريث وبعدين مش عايز اشوف خلقتك تاني !!!
يتبع
رواية اين انا الفصل الثاني والعشروين 22 بقلم ضحي ربيع