دلفت قمر من باب شقتها لتجد نور غرفه نومها مضئ استغربت لانها لم تجد سيارة غيث بالاسفل …مشت علي أطراف أصابع رجليها لكي ترى من بغرفتها …فتحت الباب ببطئ شديد لترى الخادمه مواليه ظهرها لقمر تفتح دولابها …انتظرت لترى ماذا تفعل لتجدها تخرج من صدرها زجاجه لتضعها في دولابها قبضت علي ذراعها لتلفها أمامها لتتساقط زجاجه الدواء علي الأرض متهشمه لتنظر قمر الي الزجاجه وتجحظ عيناه وتنظر الي الخادمه وتقول بصوت قوى
=انتي بتعملي ايه عندك.
وفاتحه دولابي ليه…وايه الازازة اللي وقعت منك علي الارض دي…انطقي.. ساكته ليه…ردي يا هانم..بدل ما ابلغ عنك واقول بتسرقيني.
منذ ان أمسكت قمر الخادمه حتي رميها بالأسأله عليها والخادمه في حاله خوف شديد… فردت عليها قائله باهتزاز
=والله يا ستي قمر انا مليش دعوة…الست غصون هي اللي قالتلي اعمل كده…وانا لولا الحوجه للفلوس علشان اصرف علي عيالي…ما كنت أحاول أذيكي ابدا يا ست قمر.
نظرت قمر بداخل عينيها بغضب تتسائل فيما بينها ماذا قالت أمها لتلك الخادمه فردت بعنف
=الازازة اللي علي الارض دي فيها ايه….وامي قالتلك ايه بالظبط…فاكراني هصدقك…اني امي عايزة تأذيني…فتقوم تبعتك انتي…وانتي يا حرام مكنتيش عايزة تعملي كده.
ازداد خوف الخادمه فرمت التهمه علي غصون ايضا قائله
=الازازة دي دوا لسي غيث…وهو اللي بيخليه بالحاله دي…وكنت بحطله منها من شهرين …و النهارده الست غصون عرفت ان الدواء معدش فيه غير نقطه فقالتلي أحط العلبه في لبسك يا ست قمر….والدوا ده كان السبب في تعب سي غيث.
تفاجئت قمر مما قالته الخادمه وتأكدت من شكوكها من ناحيه أمها وانها كانت تدبر شئ ما ولكنها كدبت نفسها كثيرا…حتي الان عقلها رفض ذلك ولكنها تذكرت ضرب غصون لغيث بالرصاص وقتلها لوالداها فردت علي الخادمه بلؤم وخبث قائله
=وعلشان كده وقعتي علبه الدوا اول ما شوفتيني…علشان مش أخدها علي المعمل واوديكي في داهيه صح…وبعدين ايه دليلك ان غصون هانم اللي قالتلك تعملي كده…مش يمكن حد تاني…وعايزة تدارى عليه.
هزت الخادمه رأسها بالرفض ثم فتحت هاتفها حيث قامت بتسجيل كل المكالمات بينها وبين غصون حتي لا تقع لوحدها فقالت
=لا يا ست قمر…انا اللي جابتني هنا الست غصون…لما حضرتك صممتي مترجعيش القصر…فزرعتني هنا علشان انفذلها مخططها…ولو مش مصدقاني اتفضلي اسمعي بنفسك.
نظرت قمر الي الهاتف وفتحت جميع التسجيلات بين غصون والخادمه لتتأكد ان امها لن تتغيرأبدا وان شكها فيها كان بمحله…حيث انها لم تصدق أبدا أمر مصالحتها لها …جلست علي الاريكه الموجوده بالغرفه لتدمع عينها ثم مسحت دموعها بسرعه لتضع يدها علي رأسها تفكر في ماذا تفعل بالخادمه ,بأمها…بداخلها شعور مستميت بالكره والبغض نحو امها…وبالألم الشديد علي ما بلاها ربها بتلك الام…اثناء ذلك رن هاتف الخادمه لتضئ الشاشه بأسم غصون فنظرت قمر الي الخادمه قائله بتهديد
=طبعا الهانم بتتصل تتأكد انتي عملتي ايه …مش صح كده…عموما انتي هتردي عليها عادي خالص…وهتتطلبي منها انك تأخدي فلوسك وتمشي وتختفي.
اخذت الخادمه منها الهاتف وردت علي غصون بكل هدوء قائله
=ايوه يا غصون هانم…كله تمام…حطيت الدوا زى ما قولتي ليا…وقمر هانم لسه مجتش…وحطيته بطريقه ان قمر هانم متعرفش توصله…استأذنك انا عايزة فلوسي وعايزة اهرب بقا علشان انا ابتديت اخاف.
شكت غصون في هدوء الخادمه فغالبا ما تكون مفزوعه من اتصالها فسألتها بعجب
=عايزة تهربي…وابتديتي تخافي..ما انتي من اول ما بدأنا خايفه…ده انا حتي حاسه انك دلوقتي هاديه و لا هامك حاجه…وبعدين انا مش هعطيكي الفلوس الا لما يتم المراد كله.
اشارت اليها قمر ان تجاريها في الامر فقالت الخادمه
=انا هديت لما عرفت ان دي اخر حاجه…لسه هستني لما يتم المراد..افرضي غيث بيه مصدقش ان الست قمر عملت كده.. ودبسوني انا في الليله دي هتعمليلي انتي ايه.
ردت عليها غصون بكل تأكيد وعينيها تلمع بخبث ومكر
=متخافيش…يوم ما تجيله الرساله…هبعتلك انتي كمان رساله…تأخدي بعضك وتقابليني بالعنوان اللي هبعته ليكي في الرساله…تأخدي فلوسك وتوريني عرض اكتافك.
هزت لها قمر رأسها بان توافق علي الأمر فقالت الخادمه لغصون
=تعيشي يا ست غصون…مش هنسي ليكي الموقف ده ابدا…لولاكي انتي مكنتش هعمل لبنتي العمليه…الهي ربنا ما يحرمني منك…هقفل انا بقا لاحسن زمان سي غيث علي وصول.
اغلقت الهاتف ونظرت الي قمر باستفهام لتنهض قمر وتتقدم منها ترفع سبابتها قائله
=اللي حصل ده محدش يعرفه غيرى انا وانتي وجدي…لان انا هقوله…علشان اشوف هتصرف ازاي مع المصيبه دي…فهماني…ولا تحبي أيتم عيالك.
شهقت الخادمه خوفا من غالب يؤذيها ولكن قامت قمر بطمأنتها رغم شعورها بالخوف علي حاله غيث
كان غالب بالمصنع يراقب تصرفات غيث كثيرا. فلاحظ علي وجهه علامات الارهاق والتعب ولكنه يريد اكمال شغله فتركه وعدل يعمل …فكر غالب ان يهاتف قمر ليستدعيها لترىغيث وحالته بنفسها ..في هذه اللحظه وجد هاتفه يضئ باسم قمر…فتناول هاتفه بلهفه…ليخبرها…ولكنه انتفض من صوتها.. حيث اخبرته انها تريده في امر هام وضرورى…قبل مجئ غيث…هرع اليها غالب بعد توصيه يحيي علي غيث بضرورة تأخيره في العمل حتي لا تتثني له الفرصه في العوده الي البيت.. وبالفعل ذهب اليها ففتحت له الخادمه برعب فدلف مسرعا ليجد قمر في حاله من الجمود فقلق عليها فجذبها الي احضانه وهي علي نفس حالتها قائلا
=الحمد لله انك بخير يا قمر…في ايه يا بنتي قلقتنيني عليك…ايه هو الامر المهم والمستعجل اللي عايزة تقولي ليا ضرورى.. انا شايف غيث النهارده تعبان شويه بس مش بالحاله اللي انتي وصفتيها… هو كشف صح؟
ابتسمت قمر بسخريه قائله بصوت مبحوح
=لا يا جدو … غيث كان هيموت مني من يومين…وروحنا عملنا تحاليل وأشعه وطلع مفيش فيه حاجه… …يمكن علشان ازازة الدوا خلصت… فرجع لطبيعته…وده اللي خليتك تيجي علشانه…الظاهر اننا غلطنا لما وثقنا في ماما تاني يا جدو.
اتسعت حدقه عين غالب بتركيز هاتفا برعب
=قصدك ايه…وازازة دوا ايه…مش فاهم …ايه علاقه امك بموضوع غيث…انتو بعيد وعايشين لوحدكم…واعتقد انها مش بتزورك…من يوم ما اصطلحتوا.
مسحت قمر علي وجهها تهاتفه بألم
=اصطلحت عليا.. وحسستني انها مهتميه بيا..وبعتت ليا واحده تطبخلي..وتحط دوا في أكل غيث…بيشتغل علي المخ…وهو اللي اتسبب في حالته دي.
نظر لها غالب بحيرة وهو يحاول ادراك ما تقوله ليشعر بغصه في حلقه ويقول
=قصدك ان الحاله اللي حكيتي عنها انتي وحمزة…كانت بسبب دوا…وامك السبب فيه…طب وانتي عرفتي منين…كل الكلام ده…وفين ازازة الدوا دي…انا هتصل بحمزة فورا.
حاولت قمر منع غالب من مهاتفة حمزة لانه تم كسر الزجاجه من قبل الخادمه ولكنه اتصل به وانتهي الامر… جاء حمزة مسرعه ودلف بمرح قائلا
=حمزة دكتور المجانين وصل…اقسم بالله انا اصحابي لما بيشوفوا رقم اي واحد من عيلتهم بيفرحوا ..وانا الوحيد اللي بترعش…لاني عارف اني في مصيبه…علي رأي نجيب الريحاني…حاسس بمصيبه جايالي…يا لطيف يا لطيف…مصيبه مكنتش علي بالي…يا لطيف يا لطيف.
تهكم غالب علي مرح حمزة وقال
=حمزة…مش وقته…شوف المصيبه اللي احنا فيها…غيث بيأخد دوا …وهو اللي اتسبب في مرضه ده…عايزينك تشوفوه.. وتشوف المضاد بتاعه ايه علشان نلحقه
انتبه حمزة لما يقوله جده فقال بقلق
=دوا…دوا ايه يا قمر…وبعدين انا مباشر علي تحاليله بنفسي …اعتقد ان من يومها وهو كويس…حتي انا قلت اللي فات ارهاق شغل وخلاص.
تحدثت قمر بمرارة قائله
=للاسف يا حمزة…زى ما جدي قالك…ده دوا بيدمر الخلايا العصبيه بالمخ…بس ده لما يأخده لفترة كبيرة…بس اللي عمل كده معايا… زهق وقال يخلص مني خلي الخدامه تحطه في هدومي…وبعدين يبلغ غيث…ويتهمني فيها.
اغتاظ غالب وهتف بقوة قائلا
=وهو بقا مفكر ان غيث اهبل…ممكن يصدق انك ممكن تضريه صح…بصراحه انا كل يوم بتأكد اني كنت غلطان لما سبت امك في وسطنا…روح هاتي ازازة الدوا خلي حمزة يشوفها.
وجهت قمر اظارها الي الخادمه قائله
=للاسف يا جدو…حتي دليل برائتي ضيعته…في اللحظه اللي عرفت فيها الخطه…ازازة الدوا اتكسرت علي الارض…وللأسف كمان ده دوا متحضر مش عليها تيكت.
قبض غالب علي يديه حتي ابيضت مفاصله قائلا
=دوا متحضر يا غصون الكل …..بقا قتلتي اولادي الاتنين…وبتحاولي تقتلي حفيدي…اه يا نارى منك…وما خفي كان أعظم..يا ترى في جرابك ايه ياغصون.
قال حمزة بعد تفكير
=انتي لازم يا قمر تواجهي غيث باللي عرفتيه…علشان تشوفي اخرتها ايه…يمكن تكون عندها خطه بديله باللي بتعمله ده…لان وديعه النهارده كلمتني وعرفتني ان ضياء متسربع علي جوازة شادي وهمس.
هتف بعده غالب بمرارة قائلا
=كلام حمزة صح يا قمر…وبالنسبه بقا لما تخلص مخططاتها…طبعا انا عارف ان غيث بعد ده كله مش هيقدر يعملها حاجه علشانها امك…فانتي يا قمر المفروض تأخدي الخطوة دي وتتصرفي معاها…والكورة هتبقا في ملعبك…وكلنا واقفين معاكي…حتي همس…فهماني يا قمر.
ثم تركها واخذ حمزة وغادروا قبل مجئ غيث وهي تنظر في أثرهم بشرود تفكر فيما تنوى فعله مع أمها بعد الألم التي سببته لها.
بعد مغادرة غالب وحمزة من عند قمر…عزمت قمر مواجهه غيث بما تعلمه عن أمر العقار…فجهزت العشاء بنفسها وانتظرته وارتدت فستان بدون اكمام وقصيرا باللون البني الداكن وفردت شعرها البرتقالي…جاء غيث بصورة جديده حيث كان نشيطا للغايه ولا يوجد علي وجهه اي علامات ارهاق ولا تعب.. دلف غيث الي المنزل واول ما رأها انبهر بهيئتها المثيرة فتقدم نحوها وامسكها من خصرها ليهمس في أذنها بصوته العذب المثير قائلا
=في وقتك تماما…عارفه لو كنتي استنتيني كده من يومين…مكنتش هقدر املي عيني بالجمال بتاعك ده…بس الحمد لله غيث الشريف راجع تاني وبقوة.
تمرمغت قمر في احضانه تهمس داخل صدره همس اشعل الرغبه بداخله قائله
=اخيرا ورجعتلي تاني يا غيث…انا كنت خلاص فقدت الأمل…وقلت انك مش بتحبيني…وبتتحججك بتعبك…علشان تهربي مني…بس انا عذرتك لما عرف……
احس غيث انها ستقطع هذه اللحظه الرومانسيه بكلام يفصله عنها فقاطعها واضعا يده علي رأسها من الخلف مداعبا شعرها قائلا
=انا عمرى ما أقدر اهرب منك ابدا يا قمرى…كل الحكايه اني كنت تعبان الفترة اللي فاتت…بس انا خلاص الحمد لله بقيت كويس…وعلي فكرة انا جعان جدا لو هتوقفيني كده كتير هقع من طولي والليله هتتضرب.
امسكت يده التي تضم خصرها ورفعتها الي شفتيها تقبلها بعشق قائله
=بعد الشر عنك يا حبيبي…انا ما صدقت انك تبقي كويس…تعالي اقعد…وكل كويس هااا…ويارب الاكل يعجبك…علي فكرة انا اللي عامله الأكل النهارده.
سحبته من يده فمشي ورائها باستسلام كالمسحور والمفتون بها وجلس علي الطاوله ينظر اليها برغبه جامحه قائلا
=انا لو عليا مش عايزة اكل…انا عايز اكلك انتي يا قمرى…كل مرة بتجنيني بجمالك…بحمد ربنا اني جيت في الوقت المناسب وبقيتي بتاعتي.. بس ايه الشطارة دي…ده انا فقدت الأمل انك تتعلمي تقلي بيض حتي…
توترت قمر من سؤاله واحتارت متي تجيبه الأن …ام بعد تناوله للطعام…الي ان حسمت قرارها ان تجيبه بعد انتهاء طعامه فوضعت يدها علي يده تربت بحنان قائلا بدلع
=انا اتعلمت علشانك يا غيثو.. بصراحه بقا معدش ينفع تأكل من ايد حد غيرى…وبعدين لو بتحمد ربنا قيراط علي جوازك مني…انا بحمده اربعه وعشرين قيراط واكتر كمان…وبدعي ربنا اني افضل مراتك العمر كله لغايه ما أموت
وضع غيث يده علي شفتيها قائلا
=بعد الشر عنك يا قمرى…وبعدين احنا هنقلبها نكد ولا ايه…انا بصراحه مشتهي الأكل علشان أقولك رأيي فيه…وبعدين فين البت اللي بتعمل الأكل …؟
ابتلعت قمر يقها وهتفت بتوتر قائله
=مشيت
اقتطب جبينه وقال
=ليه يا قلبي…؟
ابتسمت ابتسامه خافته
=عادي …كده أحسن…أنا معنتش محتاجه ليها.
ثم ابتسمت قمر له ووضعت له طعاما في طبقه ليتناوله اما عنها فكانت تتلاعب بالطعام في طبقها شارده في ترتيب كلماتها بعد انتهاء الطعام.. انهي غيث طعامه ومسح بقايا الطعام من علي فمه وامسك يدها ليقبلها قائلا
=تسلم ايديكي يا قمر…ده انتي ولا طباخه محترفه…كنتي مخبيه المواهب دي فين من زمان…اااه يا قمر لو كنتي حاولتي…كنت هتريحيني من وش الطباخه اللي جايباها امك دي.
انتبهت قمر لذكره والداتها والخادمه وابتلعت ريقها قائله بصوت منخفض
=انا طردت الخدامه…بس مرجعتهاش القصر…ومش عايزة حد يعرف اننا طردناها…لان في حاجه مهمه انت لازم تعرفها…حاجه ممكن تأثر علي علاقتنا.
قطب غيثه جبينه وابتسم ببلاهه قائلا
=مفيش حاجه ممكن تأثر علي علاقتنا يا قمر.. ولو علي البعد…انا عمرى ما هختاره…الا لو انتي اختارتيه…وياويلك.. لانه مش مسموح ليكي…وبعدين انا مش عايز اعرف ليه طردتي الخدامه.. انا عايز اعوض الايام اللي فاتني في بعدي عنك.
ثم نهض وقام بحملها علي كتفه وهي تحاول مقاطعته وهو لن يقبل أبدا الانتظار ودلف بها الغرفه لينزلها وهو متمسك بخصرها وهي تحاول التحدث معه قائله
=والله لأعوضك عن كل حاجه فاتتك…سواء في الايام اللي فاتت.. او سنين عمرك اللي راحت منك…بس اسمعني…ارجوك.. في حاجات مهمه لازم تعرفها
ظل ينظر لها باثارة بالغه والي شفتيها التي يريد التهامها وابتلاع حروف كلماتها داخل فمه ..اخذ يعبث في ظهرها الي ان وصل الي بدايه السحاب وهي تتحدث غافله عما يفعله وهو يفتح سحاب فستانها المثير…الي ان شهقت عندما لامست اصابعه الخشنه بشرتها…فأرادت تكمله حديثها ليجذبها نحوه بقوة مقبلا اياها بقوة لا يريد البعد عن شفتيها ابدا .. ولكنه ترك لها فرصه لتتنفس فوضع جبهته فوق جبهتها قائلا وهو ينهج كأنه عائدا من سباق مارثوني فقال
=انتي أهم حاجه في حياتي…مش عايز اعرف غير حاجه واحده…انك بتعشقيني…زى ما انا بعشقك…انا كنت حاسس بتعبك النفسي اليومين اللي فاتوا وقلقك عليا…صدقيني انا كنت بتقطع من جوايا علشانك…سامحيني يا قمرى علي أي حاجه اتسببت في زعلك مني.
استغربت قمر حديثه من يطلب طلب العفو من الأخر هو… ام هي فقالت
=انت بتقول ايه يا غيث…انا مبقتش فاهمه حاجه…وزعل ايه اللي هزعله منك…انا عمرى ما أزعل منك ابدا…انتي ابويا واخويا وحبيبي وجوزى.
دفن غيث وجهه في تجويف عنقها قائلا
=اااه ياقمرى…يا حته مني…بحبك اوى.. بعشقك…بموت فيكي…اوعي يا قمر في يوم تفكرى تسيبيني ولا تبعدي عني.. مهما ان كان…حتي لو طلعت أنا الشرير في حكايه حبنا.
انفرجت شفتيها من حديثه وقالت
=حبيبي…مالك …هو في ايه…عمال تتكلم عن البعد…وكأن هيحصل حاجه…هو انت في حد قالك حاجه عني…صارحني..مش احنا اتفقنا نكون صرحه مع بعض؟
كلماتها عن الصراحه اصابت مرماه فابتلع ريقه قائلا
=اااه…طبعا…بس أحيانا يعني يا قمر…الانسان بيضطر ميكونش صريح…علشان ميزعلش حبيبه…او يجرحه.. او يوصله انه مش واثق فيه
نظر اليها عينيها بتوتر فحاول تغيير مجرى حديثه حتي لا يعكر صفوة ليلته فقال
=وبعدين بقا يا قمرى…ارحميني انا مشتاقلك جدا…خليني نأجل اي كلام لبكره…وانا أوعدك بكره الصبح قبل ما أنزل هقعد وهسمعك….
ابتسمت قمر وكادت ان تهز رأسها بالموافقه لتجد نفسها محلقه في سماء عشقه حيث حملها واودعها في الفراش برفق ليعتيلها وينهل من شهد عسلها المصفي.
استيقظ غيث مبكرا بعد ليلتهم العاصفه واخذ ينظر لقمر المستغرقه في نومها يحتار في كيفيه مواجهتها ولكنه عزم أمره بتأجيل مواجهتها …فنهض من جوارها برفق حتي لا يوقظها واخذ حمامه سريعا وارتدي ملابسه وذهب الي مصنعه.. بعد خروجه بساعه استيقظت قمر تتملل في فراشها بنعومه واستمتاع بليله أمس.. اخذت تتحسس المكان بجوارها فلم تجد غيث اعتقدت انه يأخذ حمامه ولكنها لم تستمع لهدير الماء في الحمام…خرجت من الغرفه وبحثت عنه في جميع انحاء الشقه فلم تجد له اثرا… زفرت بحنق فقد كانت تريد ان تسرد عليه كل شئ….رجعت مرة أخرى الي غرفتها لتسمع رنين جرس الباب فابتسمت لأنها توقعت نزولها لجلب الافطار فركضت مسرعه نحو الباب تفتحه لتتفاجئ بالشيطانه خلود تنظر اليها باستهزاء علي منظرها بشعرها الاشعث وحماله قميصها الساقطه فابتسمت لها بسخريه وثقه قائله
=لولا اني عارفه اني غيث مش موجود…كنت قلت اني جيت في وقت غير مناسب…عارفه ان أخر حاجه تتوقعيها اني اجيلك هنا…بس كان لازم اجي…ولازم تدخليني علشان تسمعي اللي هقوله لأنه مهم بالنسبه ليكي.
تأملت قمر ثقه خلود بنفسها وعلمها الجيد بعدم تواجد غيث فأشارت لها بالدخول واغلقت الباب لتلتفت لتجد خلود تجلس علي الكرسي بمنتهي الأريحيه كما لو كان بيتها تضع ساق علي ساق تسند ظهرها الي الخلف…لتجلس قمر هي الاخرى أمامها قائله بحنق
=ايه هو بقا المهم اللي هتقوليه…ما العلم ان مفيش حاجه من وراكي مهمه…انتي مبيجيش من وراكي غير الهم وبس…بس مش مشكله اسمعك بكماله الهم.
وضعت خلود يدها في حقيبتها واستخرجت علبه الدواء الشبيهه بعلبه الدواء التي وضعتها الخادمه في دولاب قمر…وهي نفسها علبه الدواء التي وضعتها غصون في غرفه شادي…بعد ان وجدها ضياء اعادها الي خلود…اول ما رأتها قمر انفرجت شفتيها لتتحدث خلود بجمود قائله
=لسه برضه شايفه ان مبيجيش من ورايا الا الهم…انا لو كده مكنتش جيت وجبتهالك لحد عندك…كنت عطيتها للهانم والداتك…وكانت كملت الخطه.
نظرت لها قمر باندهاش قائله
=خطه ايه…وانتي مالك ومال الخطه دي أساسا…وعلي فكرة بقا…الخطه فشلت يا هانم لأني انا اللي اكتشفت كل حاجه امبارح.. والنهارده غيث هيعرف كل حاجه.
اخذت خلود تتلاعب بعلبه العقار الي ان اسقطتها علي الارض لتتحطم مثل العلبه الاخرى قائله بخبث
=ولما يجي يسألك فين الدوا ده هتقوليله ايه …هااا…هتقوليلي الازازتين الصدفه خليتهم يقعوا وينكسروا…وان معنديش دليل علشان تصدق كلامي.
نظرت قمر الي علبه الدواء المحطمه علي الارض مثل قبيلتها فهتفت قائله
=وانتي عرفتي منين ان علبه الدوا اتكسرت. انتي بتتجسسي عليا ولا ايه…وبعدين لما انتي معاكي علبه كمان مكملتيش ليه الخطه…ولا زهقتي.
ابتسمت خلود بسخريه قائله
=ابدا…انتي عارفه اني مبحبش اذيه غيث…بس هنعمل ايه في جشع الست والداتك…كانت عايزة تأذيه وهو يتأكد بنفسه فيقوم يطلقك…وهي تأخدك وتأخد ميراثك وتسافر ترميكي في أي مكان وتستمتع بفلوسك.
نظرت اليها قمر بسخريه لأنها لم تأت بجديده فزفرت قائله
=كل اللي بتقوليه ده انا عارفاه..انا سألتك سؤالين.. عرفتي منين ان علبه الدوا انكسرت…وليه ما كملتيش اللعبه بعلبه الدوا التانيه..ولا معندكيش اجوبه.
قهقهت خلود عاليا وقالت
=مع خلود كل الأجوبه…اولا الخدامه تبعي.. وانا اللي قلتلها تكشف نفسها قدامك…وانا برضه اللي قلتلها تكسر علبه الدوا…بس للاسف غصون هانم مفكرة الخدامه تبعها …يا حرام.
طفح الكيل لدي قمر فنهضت بغضب قائله
=لا انتي زودتيها اوى…وانتي مفكرة ان بعد اللي عملتيه ده وغيث لما يعرف هيسكت ليكي…كنت مفكرة انه ممكن يطلقني …انتي عبيطه اوى علي فكرة غيث عمر ما يقدر يتخلي عنك.
نهضت خلود واستدارت حول قمر الهادئه وتحدثت بهدوء قائله
=انا مش عبيطه يا قمر…وعارفه قد ايه ان غيث بيحبك…بس اللي بيحب حد بينتظر منه حاجات كتير…مش بينتظر واحده سلبيه محيلتهاش غير دموعها.
مسحت قمر علي وجهها بغيظ قائله بحنق
=وانتي مالك…بدل ما تروحي تقوليله ان امي هتأذيه تقومي تساعديها…وطبعا دلوقتي هتبيني قد ايه انك انسانه شريفه لما رفضتي تعطيها علبه الدوا التانيه.
نظرت لها خلود بسخريه وابتسمت قائله
=انا ما رفضتش اعطيها العلبه التانيه…بالعكس…العلبتين كانوا معاها من اول ما رسمنا الخطه…بس هنقول ايه في طمعها ..بدل ما تأخدك انتي وميراثك وتسافر.. طمعت في ميراث أختك كمان.
قطبت قمر جبينها وقالت
=ميراث اختي…همس..طب وده هتأخده ازاي…يكونش هتحطلها علبه دوا هي كمان وتتهمها انها حاولت تأذي شادي…بس ده مش منطقي لأن شادي لسه ما اتجوزش همس.
اشارت خلود بسبابتها بالرفض قائله بخبث
=لااا…هي علشان تثبت التهمه عليكي أكتر…راحت لعمتك وزارتها ودخلت أوضه شادي وحطت الازازة اللي كانت في ايدي دلوقتي في درجه…علشان لما تبعت الرساله لغيث ويدور عندك وعنده يلاقي نفس الدوا ويفتكر انكم كنتوا مخطوبين فيقوم مطلقك…كمان همس لما تلاقي حبيب عمرها لسه بيأذي وما اتصلحش زى ما كانت متوقعه ترفض تتجوزه.
قمر بشرود
=علشان كده …ضياء بيه كان عايز يجوزهم بأسرع وقت…وهي حبت تتغدا بيهم قبل ما يتعشوا بيه…كده انا فهمت كل حاجه…بس اللي مش قادرة افهمه ليه جيتي قولتيلي الكلام ده.
تقدمت خلود أمامها بكل رقه قائله
=بصي يا قمر…انا لا بحبك ولا بكرهك…كل الحكايه اني مستخسراكي في غيث…غيث كان يستاهل بعد المعاناه اللي عانها انه يلاقي واحده تدافع عنه بكل كيانها …انما انتي ضعيفه.
ابتعدت عنها قمر قائله
=انا مش ضعيفه يا خلود…وغيث عارف كده…وانا امبارح حاولت احكيله الحقيقه كلها…وكنت مستعده أقبل بأي شئ يعمله في أمي…ابقا انا كده ضعيفه.
هزت خلود رأسها بسخريه قائله
=ضعيفه جدا…انتي فكرك ان غيث ما يقدرش يعمل حاجه في والداتك…لا طبعا يقدر…بس بالنهايه دي أم مراته…اللي هتعيط وهتتسهوك وتقولها شفتي يا قمر..غيث راجع علشان الانتقام.
احست قمر ان حديث خلود صائب فالذي يمنع غيث عن غصون هو خوفه من اعتقاد قمر الخاظئ فهتفت قائله
=وانا مش هديله فرصه انه ينتقم بنفسه.. انا اللي هنتقم منها…بس انتي ما تركتيش ليا فرصه…حتي علبه الدوا كان ممكن اخدها منك واحللها واثبت اللي فيها.
ابتسمت خلود بسخريه قائله
=وافرضي ما طلعش فيها الدليل اللي انتي عاوزاه…هتعملي ايه…وفرض ا لو طلع…هتثبتيه ازاي…طبعا الست والداتك ليس عليها غبار…وكله هيجي فوق دماغ الحدامه.
لم تخف قمر من حديثها فهتفت بثقه قائله
=من الناحيه دي متقلقيش…الخدامه مسجله كل مكالماتها معاها…وساعتها انا هقدم كله وعليا وعلي اعدائي…لاني خلاص مبقتش قادرة استحمل ظلمها لينا أكتر من كده.
زفرت خلود بحنق قائله
=وهي فين الخدامه ان شاء الله…الخدامه انا سفرتها بلدها…طبعا انتي حاسه اني بصعب عليكي الموقف…بس أحسن علشان تفوقي وتعرفي هتعملي ايه كويس.
رغم ان هاتف الخادمه مع قمر…الا أنها لم تستطع السيطرة علي حالها فانقضت علي خلود قائله
=انتي عايزة مني ايه ها…عايزاني اخرج من حياته…صح…علشان كده جايه وبتصارحيني…انا مش هسيبه يا خلود فهماني…الا لوهو اختار ده
خافت خلود من رده فعل قمر لتقتلها فركضت نحو الباب وهربت من أمامها لتترك قمر في حاله هياج…عازمه أمرها علي مصارحه غيث بكل ما تعرفه.
انتظرت قمر غيث طويلا حتي تقوم بألقاء كل ما حدث من والداتها والاتفاق التي عقدته مع خلود…ايضا لم تنسي أمر خلود فسوف تصرح بزيارتها الملعونه…التي افسدت كل شئ بالنسبه لها…رغم انها اوضحت لها الكثير من الأمور…حلمت قمر ان تتم المواجهه بينه وبينها بسلام…خاصه بعد عزمها علي الثأر من غصون بمفردها ودون تدخل منه…حيث نوت الا تسرد الأمر لهمس ايضا…لان همس سوف تسبقها في المهاجمه…لانها نوت ان تقوم بطرد غصون أمام الجميع لتذكرها بكلام جدها وخلود انها عليها التصرف في الامر بمفردها.. فكفي لأفعال هذه الام التي لا تستحق هذا اللقب …تستحق لقب الجشعه والطماعه والمستبده والقاتله…جاء الليل وجاء غيث الي المنزل…فدلف يرسم علي وجهه معالم السعاده حيث قام بتحتضانها هي الأخرى بادلته الاحضان ليربت علي ظهرها قائله
=عارف انك زعلانه مني…لأني وعدتك امبارح ان لما نصحي الصبح هنقعد ونتكلم…بس اعذريني خفت نتكلم في أمور سلبيه تضيع جمال ليله امبارح.
رفعت رأسها من احضانه ونظرت اليه باعجاب علي صراحته تحدثت بألفه قائله
=عذراك…بس ممكن تسمعني النهارده من غيراي عواطف…لان مش هينفع اسكت أكتر من كده…لو سكت يبقا انا وانت هنوصل لطريق مسدود.
ارتفعت اصابعه تلامس خديها كأنه سيلمسها لأخر مرة قائلا بعقلانيه
=اتكلمي يا قمر…بس عايز أقولك علي حاجه قبل ما تتكلمي…أي ان كان الكلام اللي هتقوليه او انا هقوله…عمرنا ما هنوصل لطريق مسدود.
قطبت قمر جبينها قائلا باستفسار
=كلام انت هتقوله…هو انت كمان عندك كلام وعايز تقوله…طب ما تتكلم انت الأول…جايز كلامك يسهل عليا موضوعي…ويريحيني.
زفر غيث بحنق وقال
=ان كان عليا انا مش عايز أتكلم في حاجه…انتي اللي مصرة…وانا مضطر أسمعك…ولو اني حابب منتكلمش…ساعتها صدقيني يا قمر هترتاحي أكتر.
لم تستطع قمر السيطرة علي حالتها فقست علي حالها كثيرا وهتفت قائله
=انت كنت مريض بسبب دوا كان بيتحط ليك في الأكل…الخدامه كانت بتحطه كل يوم…وامي هي اللي خلتها تعمل كده…علشان تفكر ان أنا اللي بأذيك..
اخفض غيث رأسه أمامها تتساقط العبرات من عينيه قائلا بصوت مبحوح
=عارف.
يا ترى غيث عرف منين…من حمزة الفتان…ولا من غالب اللي مفكر انه بيعمل كل حاجه صح…وهو عمال يلبخ الدنيا في بعضها…ولا خلود.