الوجع الرابع
حمدت ربها أنها رحلت قبل حضور ولدها من عمله فما كان لها القدرة على شجار آخر قد ينشب بينه وبين أبيه من أجلها، فقد اكتفت ذلا وقهرا.
صعدت الدرج القديم لتلك البناية العتيقة والتي شهدت طفولتها واحلام مراهقتها وصباها قبل أن ترحل عنها معتقدة أنها لن تعود إليها إلا زائرة، لكن ها هي تقف أمام باب شقة ابيها التي ما فتحت الا لتنظيفها من فترة وجيزة عندما حضر اخوها الوحيد من الخارج حيث يستقر بأحد الدول الأجنبية لزيارة مصر بعد سنوات من البعاد، دفعت الباب الذي أصدر صريرا معتادا على مسامعها وشعرت بالحنين لأيام مضت كانت لا تحمل الا ذكريات من سعادة خالصة..
دخلت إحسان واضعة الحقيبة جانبا وأغلقت خلفها الباب لتفتح باب اخر من خواطر داهمتها ما أن أصبحت وحيدة تماما، جلست على اقرب مقعد قابلته بطريقها للردهة وتطلعت حولها في تيه لا تعرف كم طال الا عندما انفجرت باكية في لوعة عمرها الضائع سدى..
طالت نوبة البكاء حتى أفرغت كل دموع الانكسار والوجيعة، دخلت تغسل وجهها وتنعش نفسها من جديد وقد قررت أن تواجه الأمر الواقع، أن تتكيف مع وحدتها وتتحمل مرارة العيش بلا سند حقيقي الا ربها وخاصة وأنها لا تملك مالا خاصا بها يمكنها الاعتماد عليه في محنتها، فهل كانت تتوقع ولو في اسوء كوابيسها ما يجري لها الان!؟.
اتجهت تحمل حقيبتها من موضعها حيث تركتها لتعود لحجرتها القديمة، لتبدأ حياتها الجديدة..
اندفعت صفية في جزع باتجاه المقهى الذي يجلس به طليقها مسعد وما أن وقع ناظرها على محياه حتى توجهت مهرولة نحوه في اضطراب: – مسعد، يا مسعد، قوم معايا..
تطلع مسعد نحوها بنظرة ماجنة
هاتفا: – ايه يا جميل، حنيت وجيت..!؟، أنا كنت عارف ان..
صرخت به هاتفة تخرسه: – عارف ايه!؟، انت طول عمرك مش عارف الا مزاجك وبس، ابنك بيروح مني، قوم ودينا لدكتور ولاه هاتف فلوس اجري بيه على اقرب مستوصف..
تجاهل مسعد النظر إليها ما أن عرف مقصدها من هذه الزيارة الغير متوقعة والغير مرحب بها من الأساس طالما أنها لطلب المال وهتف في لامبالاة: – منين!؟، اجيب لك فلوس منين!؟.
هتفت ساخطة: – اتصرف بأي طريقة، بقولك ابنك بيموت..
هتف مسعد في غضب: – ما قلنا مفيش، هلحنهالك!؟، مفيش يعني مفيش، غوري بقى من وشي طيرتي الحجر اللي شاربه شُكك..
برقت دموع القهر بأعين صفية التي تسمرت موضعها لثوان تفكر كيف لها أن تحصل على بعض المال لعلاج ولدها وسميرة التي كانت تلجأ لها في بعض الأحيان ما عادت صديقتها من بعد آخر موقف حدث بينهما قد اخرجتها من حياتها للأبد..
انتفضت في غل دافعة النرجيلة التي كان ينفث مسعد دخانها بالقرب منها بقدمها مندفعة لخارج المقهى تتبعها لعنات مسعد لما فعلته بحجره الثمين.
هرولت في الطريق كالمجنونة لا تعلم ما عليها فعله وصورة ولدها الغارق بالحمى لا تفارق مخيلتها، وجدت نفسها بلا وعي تقف على بوابة المصنع الذي تعمل به، لا تعلم هل ستجد به أحد في تلك الساعة قبيل المغرب، لحظات مرت عليها متسمرة قبالة البوابة الموصدة متأملة في إيجاد مخلوق لكن يبدو أن الجميع قد رحلوا..
سارت بمحازاة السور العالي لا تعرف الي اين يمكنها الذهاب، فليس لديها من أحد تلجأ إليه في محنتها، تساقطت دموعها على خديها غزيرة والقهر يمزق احشائها في قسوة غير مبال بأوجاعها الأخري التي تنازعه بروحها، رفعت نظرات منكسرة للسماء هامسة في نبرة متضرعة: – ياارب.
قادتها قدماها للسير بلا هدى حتى وصلت لبوابة المصنع الخلفية وما أن همت بالإندفاع تجاه بوابها الذي كان يهم بفتح البوابة حتى توقفت بغتة أمام عربة فارهة كادت أن تصدمها.
خرج حماد من العربة متطلعا نحوها في تعجب هاتفا: – خير يا ست صفية!؟، انتِ بتعملي ايه هنا!؟.
لم يكن هناك من بد لتخبره بما تريد لكنه لم يكن بحاجة ليعرف فقد كان حالها مرتسم بحرفية شديدة على قسمات وجهها الغارق بالدموع التي كانت تحاول مسحها بظاهر كفها اللحظة مستشعرة الحرج..
أمرها مشيرا وهو يركب سيارته من جديد: – اركبي، ياللاه..
لم تطعه فورا بل ترددت قليلا قبل أن يأمرها بصرامة: – انا هفضل اتحايل كتير، ما جلنا اركبي..
صعدت على مضض لكن لا بديل..
ساد الصمت وهو يسير بعربته في اتجاه حارتها لتهتف به: – انت رايح بيا على فين يا حماد بيه!؟.
هتف في نبرة تحمل غضبا مكبوتا: – رايح اشوف لي حل مع طليجك ده، ما هو اكيد سبب..
قاطعته صفية تكتم شهقة بكاء اورثتها غصة بحلقها كادت تختنق جراءها وجعا: – ابني بيموت ومش معايا تمن علاچه ولا أبوه رضي يديني..
همهم حماد في غضب محوقلا ولم ينبس بحرف حتى وصلا بالقرب من مدخل الحارة فأخرج بعض المال من جيب سترته ناولها إياهم هاتفا: – خدي، روحي اكشفي على ولدك وچيبي دواه وخضار وفاكهة يتغذى، ولو احتچتي حاچة بعد كده تاچيني على طول..
هزت رأسها في طاعة وهي تتناول المال وما أن همت بالترجل من العربة الا واستوقفها أمرا: – بكرة خديه اچازة عشان تراعي ولدك، ربنا يبارك لك فيه، ده نعمة متتعوضش..
اومأت برأسها في إيجاب مؤمنة على كلماته الأخيرة هامسة في امتنان: – ربنا يبارك لك يا حماد بيه في صحتك وعافيتك ويرزقك بر عيالك.
ابتسم في شجن ولم يعقب لتندفع خارج السيارة ليظل ناظره معلقا بها حتى ابتلعتها الحارة بجوفها ليرحل في هدوء وعلى شفتيه نفس الابتسامة التي يغلفها الشجن بغطاء محكم..
سقطت الملعقة التي كانت تحمل جبل من الأرز بقوة على المائدة ليحدث دويا ما أن اصطدم بالطبق الذي كان قابعا قبالتها تلتهم محتوياته العامرة في استمتاع حقيقي، تطلعت نحوه في صدمة وقد ساد الصمت لبرهة في حساب الزمن لكنها مرت عليها دهرا وهي تهمس أخيرا بصوت مهتز النبرات: – هتتجوز..!؟.
أكد كمال في برود قاتل: – ايوه، حقي..
كانت تعلم أنه رجل متعدد العلاقات النسائية وكم من مرة اكتشفت محادثاته ودردشاته مع غيرها، تكيفت على الوضع الحقير لكنها ابدا لم تتوقع أن يصل به الأمر للزواج من احداهن..
تعلم أن زواجه افضل من ارتكاب تلك المعاصي لكن الأمر أثار بداخلها تساؤلا، هل لديها القدرة على تحمل وضع كهذا!؟، لا حيلة لديها، أنها تعشق هذا الرجل ولم ولن تمنح قلبها لرجل اخر ما حيت، فهي امرأة الرجل الأوحد، هو أو لا أحد، وهي لن تدع أخرى تسلبه منها مهما حدث.
ردت في هدوء رغم غليانها الداخلي هاتفة: – طبعا حقك، بس لما تكون قادر على فتح بيتين وانك تعدل بينهم، هتقدر على ده!؟.
هتف مؤكدا: – الصراحة لا مش هقدر..
هتفت بانتصار: – شفت، يبقى اصلا معندكش شروط..
قاطعها مؤكدا: – بس على العموم، انا مش هحتاج لكل ده..
هتفت نجوى مستفسرة: – ازاي!؟، هتعيشنا كلنا في شقة واحدة..!؟.
قهقه كمال ساخرا: – كان نفسي والله، بس هي طلبها ما تدخلش على ضرة عشان محدش يقولها يا خرابة البيوت وكمان انا مش هقدر افتح بيتين زي ما انت عارفة، فمفيش الا حل واحد، انت..
قاطعته صارخة ما أن تيقنت من مقصده وانتفضت في ذعر حقيقي تتشبث بكفه: – لا، عشان خاطري متطلقنيش، خليني على زمنك واعمل اللي انت عاوزه..
جذب كفه بصعوبة من بين كفيها المتشبثين به ولم ينبس بحرف لتستطرد في قهر: – اوعى تسبني يا كمال، لو سبتني هموت.
هتف وهو ينهض متجها لباب الشقة مؤكدا: – محدش بيموت عشان حد..
هتفت تستجديه بروح الأبوة: – طب وابنك، مين يربيه!؟، ليه ما يترباش بنا!؟.
أكد هاتفا وهو يضع كفه على مقبض الباب: – العيال كلها بتتربى، ولاد الأرامل بيتربوا احسن تربية..
هتفت في جزع والدموع تغرق صفحة وجهها: – أرامل!؟، انت واعي للي بتقوله!؟.
هتف كمال في ثقة: – اه واعي طبعا، وبقولهالك بصراحة، اعتبريني مت واتصرفي ع الاساس ده، نجوى، انتِ طالق..
وفتح باب الشقة وغادر بكل سهولة تاركا إياها تنهار أرضا بلا قدرة على الثبات أمام ذاك الزلزال القاهر الذي أصاب أساسات حياتها وعواميد استقرارها في مقتل لتتهاوى جميعها دفعة واحدة دون سابق إنذار..
حملها بين ذراعيه في حرص خارجا بها من الحمام حتى حجرتهما ليضعها برقة على الفراش مدثرا إياها لتباغته بفك ارتباط كفيها حول عنقه لتضم بهما جانبي وجهه مقبلة جبينه في رقة هامسة: – ربنا ما يحرمني منك، دايما تاعب نفسك معايا، ما كانت هناء موجودة..
ابتسم حماد في رزانة هامسا: – هو انتِ مراتي ولا مرات هناء!؟، وأن ماكنتش اتعب لك، اتعب لمين، يا ام هناء، يا وش السعد!؟.
دمعت عيني حورية هامسة بصوت متحشرج: – ربنا يسعد قلبك ويجبر بخاطرك زي ما بتجبر بخاطري وانا فالحالة دي..
هتف حماد محتجا: – ومالها الحالة دي!؟، ما أنتِ زي الفل اهو، والدكتور جال انك..
قاطعته حورية في يأس محتدة: – انا ايه يا حماد!؟، انا ع الحال ده بقالي اتناشر سنة، وكل يوم تقولي هاتبقى احسن، انا راقدة الراقدة دي من سنين ومفيش تحسن..
وانفجرت باكية في حسرة على حالها ليقترب منها حماد ضاما إياها في حنو هامسا: – هانعترضوا على أمر الله يا حورية!؟، ليه بس كده!؟.
همست متشنجة بين ذراعيه: – وانت ذنبك ايه تفضل مع واحدة..
قاطعها حماد هامسا في حزم: – وبعدهالك يا حورية..!؟، انا مرتاح كده، هو انا كنت اشتكيت لك!؟.
ومد كفه ماسحا دمعاتها هامسا في محبة: – ده انت وش السعد والخير كله، كيف انسى لما نزلت من الصعيد وفيدي اختي الأرملة وولدها، ومكنش حيلتنا الا الهدمة اللي علينا، مين اللي فتح لنا بابه وعرض عليا شغل في ورشة أبوه اللي ورثتها، وبعدها مسكتيني إدارتها واستأمنتني على كل حالها ومالها، مش أنتِ يا حورية!؟، عايزاني دلوجت انسى كل ده عشان تعبتي شوية..
هتفت حورية: – الشوية دول سنين يا حماد، سنين راحت من شبابك، حتى العيال كان رزقنا منهم يا دوب هناء، معرفتش أجيب لك اخ ليها يفرحك ويقف بضهرك..
هتف حماد مبتسما: – انا هناء عندي بالف واد، ربنا يبارك لنا فيها..
هتفت حورية متسائلة تحاول تغيير دفة الموضوع لإتجاه اخر: – ماقلتليش!؟، عملت ايه مع البت اللي طليقها مبهدلها وانت خلصتها منه!؟.
هتف حماد متنهدا: – اتصوري، وانا چاي من المصنع لجيتها واجفة تبكي جدام البوابة، معرفش كانت مستنية مين والمصنع كان خلاص نبطشياته خلصت، اتاري ولدها تعبان وملجتش حد تاخد منه فلوس العلاج الا انها تاچي تستلف من اي حد لأن أبوه رفض يديها، اني مش عارف رچالة ايه دي اللي تفرط فلحمها!؟.
هتفت حورية بسرعة قبل أن تخونها شجاعتها: – اتجوزها يا حماد..
انتفض حماد متطلعا إليها هاتفا في صدمة: – ايه الچنان ده!؟، هو اني بساعدها عشان غرض لسمح الله!؟
هتفت حورية تكرر طلبها كأنها لم تسمع اعتراضه: – اتجوزها يا حماد، هي محتاجة لك، وانت محتاج لها، هي محتاجة لراجل في حياتها يكون سند ليها ضد طليقها اللي مبهدلها ده وكمان يساعدها في تربية عيالها، وانت..
هتف حماد محتدا وقد تغيرت ملامح وجهه: – اني مش محتاچ حد..
ربتت كف حورية على كفه ورفعتها لوجهه تديره نحوها متطلعة لعيونه السمراء التي تعشق: – لا محتاج يا قلب حورية، محتاج ست، ست تاخد بالها منك، تسعدك..
تطلع حماد لعمق عينيها هامسا: – جلب حماد عمره ما عشج الا حورية، كيف..
قاطعته رابتة على خده هامسة: – وحورية عشان بتعشق حماد بتقوله روح، اتجوزها يا حماد وارحمها وارحم نفسك، وارحمني معاك من ذنبك اللي قاتلني..
تطلع إليها حماد دون أن ينبس بحرف واخيرا اندفع من الحجرة تاركا إياها باكية وقد تساقطت دموع القهر على خديها بعد أن حبستها طويلا، فما من قهر أمر على امرأة من دعوتها زوجها الذي تعشق للزواج بغيرها وهي عاجزة تقوم بدور المتفرج ولا حيلة لها إلا البكاء بعيد عن الأعين والتظاهر بالصلابة أمام الجميع وهو أولهم..
كان هدوءها ينذر بقرب عاصفة، عاصفة من نوع آخر لم يعتده منها وهي تجلس في انتظار انتهائه من تناول غذائه، كان يستشعر جوا غائما وهي ساهمة بهذا الشكل تعبث بصحنها دون أن تأكل منه إلا النذر اليسير..
هتف متسائلا متعجلا معرفة ما يجري: – فيه ايه يا أمل!؟، مالك ساكتة كده؟!.
رفعت رأسها متطلعة نحوه هاتفة: – انا روحت للدكتور يا أمجد..
هتف في لهفة متسائلا: – دكتور النسا، ايه!؟، حصل!؟.
أكدت في هدوء: – لا..
شعر بالخيبة وعاود تناول ملعقته مستأنفا طعامه فما عاد شئ يرقى للنقاش بعد نفيها الخبر السار الذي ينتظره..
هتفت من جديد: – الدكتور قال انا عندي كانسر ولازم ابدأ العلاج فورا.
تطلع إليها في صدمة وقد توقفت كفه عن استكمال طريقها لفمه بحملها لبرهة قبل أن يترك ما كان بيده متمعنا النظر فيها هاتفا بصوت متحشرج: – انتِ بتهزري، صح!؟.
هزت رأسها نفيا وهمست: – محدش هيهزر فحاجة زي دي، انا رحت للدكتور وعملت التحاليل اللي كان طالبها وأكد لي النهاردة ان عندي لوكيميا، ولازم ابدأ بروتوكول العلاج بسرعة لأني اصلا اتأخرت في اكتشاف المرض..
هتف أمجد في حنق: – مالك كده بتتكلمي كأنك عندك شوية انفلونزا وهيخفوا!؟.
هتفت تؤكد في ثبات: – لأنه مرض زي اي مرض، ابتلاء من رب العالمين، وانا عارفة أنه هيكرمني بالشفا فالأخر..
هتف أمجد وهو يدفع مقعده للخلف في غضب: – وهو المرض ده مش عايز وقت عشان تخفي..
هزت رأسها موكدة: – طبعا، عايز وقت ومش محدد كمان..
هتف مستطردا: – والعلاج ده مش عايز فلوس، وفلوس كتير كمان، اجيب منين!؟.
هتفت أمل ساخرة: – هو ده كل اللي همك!؟، الفلوس..
هتف أمجد صارخا في غضب: – اومال ايه اللي هيهمني يعني!؟، أجيب لك منين، أسرق!؟.
قهقهت ساخرة: – لا مش محتاج تسرق خاالص، انت بس خرج من الفلوس اللي شايلها عشان جوازتك التانية، ولا مكنتش ناوي تصرف..
اتسعت عيونه عن اخرها متطلعا إليها في صدمة ولم ينبس ببنت شفة لتستطرد أمل: – ايه!؟، مستغرب اني عارفة، فاكرني نايمة على وداني ومش حاسة بنظراتك ليها في الطالعة والنازلة، وكلامك عنها اللي كنت بعديه بمزاجي، ولا انت كنت فاكر أن العانس مش هتلاقي غير جوز صاحبتها اللقطة تتجوزه!؟، وفر فلوسك يا أمجد، انا اللي هيصرف عليا ابويا..
اندفعت في اتجاه غرفة نومها جاذبة حقيبة جلدية تضع بها ملابس لها ولطفلها ليهتف بها أمجد: – لو خرجتي من البيت ده مش هترجعيه تاني..
استدارت متطلعة إليه ساخرة: – مش يمكن ترتاح خاالص ومرجعش الا ع القبر..
هتف أمجد صارخا في ثورة: – انتِ بتتحديني!؟، طب وريني هتخرجي ازاي!؟، لا فيه مرواح لأبوكِ ولا علاج، ولا خروج من البيت ده من اساسه..
واندفع لخارج الشقة مغلقا بابها خلفه بالمفتاح لتقف موضعها تشعر بقهر ووجيعة ما استشعرتهما يوما، مشاعر قاسية تتلاعب بها ولا قدرة لها على ترجمتها..
انهارت على طرف الفراش تشهق باكية لا تعلم ما عليها فعله إلا البكاء..
مسحت دمعات تساقطت على خديها وبدأت في دق أزرار حاسوبها في هوادة وبروح مثقلة بذكرى تؤرق راحتها كتبت..
القهر، كيف يمكن لأحرف الأبجدية أن تصف هذا الشعور المميت، لا اعرف كيف يمكن أن يوصف الا بمطارق تسقط على قلبك على حين غرة تتلقاها في صمت عاجز لا قدرة لك على التأوه او التوجع.
ربما أكثر ما بالقهر إيلاما هو عدم قدرتنا على التعبير عنه، عن إظهار أثره بنفوسنا، لكنه شعور لا اتمنى لأحدكم معايشته، لانه يترسب داخل النفس ولا يتركها الا حطام تزروه رياح اليأس.