بقلم بتول علي
الفصل الواحد والعشرون
لم تكن معرفة حقيقة مالك بالنسبة إلى هبة أمرا سهلا بل كان شيئا في غاية الصعوبة استلزم منها الكثير من التفكير كما أن الدهاء كان عنصرا مطلوبا من أجل تحقيق غرضها.
تذكرت هبة عندما اتصلت بمالك وطلبت منه أن تلتقي به وقد وافق بالفعل وذهب لمقابلتها في أحد الأماكن المطلة على نهر النيل.
أخذت هبة تنظر إلى مياه النيل التي كان لها مظهرا ساحرا في هذا الوقت من الصباح وابتسمت قائلة بهدوء:
-“المنظر هنا جميل أوي وأنا بحب أجي كل فترة المكان ده عشان بحس فيه براحة نفسية عجيبة جدا مش بحسها غير فيه”.
شاركها مالك الابتسامة ولكنها متصنعة فهو ليس راضيا عن قدومهما إلى هذا المكان لأنه يعلم جيدا أنها كانت تلتقي فيه بأحمد وتلتقط الصور برفقته.
لم يتمكن مالك من خداع هبة بابتسامته المزيفة فقد استطاعت أن ترى أمارات الضيق مرتسمة بشكل واضح على ملامحه وفهمت أنه على علم بمسألة تفضيل أحمد لهذا المكان.
يجب عليها الآن أن تجعله يقع بلسانه ويعترف دون أن يقصد بشيء يجعلها تتأكد أنه بالفعل المسؤول عما حدث معها فهي لا تريد أن تظلمه وتبني أحكام بناء على مجموعة شكوك قد تكون غير صحيحة.
أشارت هبة إلى النادل وطلبت منه أن يجلب كأسين من عصير الفراولة وقد تعمدت أن تطلب هذا النوع من العصير لأن أحمد يفضله وهي تعلم أن مالك يعرف هذا الأمر وسوف يتضايق بسبب تصرفها وهذا بالفعل ما تريده أن يحدث.
يجب عليها أن تتفنن في مضايقة مالك حتى تشتت تركيزه لأن هذه هي الحالة الوحيدة التي ستجعلها تنال غرضها بمنتهى السهولة ودون أن تبذل مجهود كبير في الوصول إلى هدفها.
وضع النادل الكأسين أمامها ثم انصرف فأمسكت هبة بكأسها وأخذت تشربه وهي تراقب باستمتاع تعبيرات وجه مالك المتغضنة.
تركت هبة الكأس وابتسمت قائلة بلؤم:
-“فيه إيه يا مالك؟ أنت مش حابب النوع ده من العصير ولا إيه؟”
هز مالك رأسه بنفي وبدأ يشرب العصير أمامها وهو يحاول أن يتمالك أعصابه حتى تمر تلك المقابلة على خير.
قطعت هبة الصمت الذي خيم على الجلسة لدقيقة متحدثة بجدية:
-“أنت مقولتليش يا مالك، إيه رأيك في المكان؟”
وضع مالك الكأس جانبا وهو يجيب بتلجج:
-“جميل جدا يا هبة، ذوقك حلو في اختيار الأماكن اللي بتحبيها وعندك حق لما قولتي أن المكان هنا بيخلي الواحد يحس براحة نفسية”.
ابتسمت هبة ووجهت بصرها نحو مياه النيل قائلة:
-“أنا من ساعة حادثة الصور اللي حصلت معايا وأنا مجيتش المكان ده بس النهاردة فكرت أجي هنا معاك”.
تحشرج صوت هبة وهي تستكمل حديثها:
-“أنت يا مالك أكتر واحد شهد على معاناتي بما أنك وقفت جنبي في المحنة دي وعارف كويس مدى قسوة التجربة اللي أنا مريت بيها”.
ابتسمت هبة بتصنع قائلة بامتنان يخفي في باطنه الكثير من التوعد:
-“شكرا ليك يا مالك على كل حاجة حلوة أنت عملتها عشاني”.
اختفى ضيق مالك وحل محله سعادة لا يمكن وصفها بعدما أثنت عليه هبة ولم يكن يعلم أن هذا الإطراء ما هو إلا طُعم ألقته أمامه حتى تصطاد منه الحقيقة التي تريد التأكد منها.
نالت هبة مرادها عندما تحدث مالك عن الصور المفبركة قاصدا تحريضها على ابن عمه وأثناء حديثه نصحها بارتداء نظارة كبيرة تخفي بها ملامحها عندما تفكر في التقاط الصور مع الآخرين على هواتفهم الشخصية لأن هذه الطريقة سوف تحميها من الفبركة لأنه يشترط في عملية تعديل الصور أن تكون جودة الصورة عالية للغاية كما يتوجب أن تكون ملامح الشخص الذي سيتم تعديل صورته واضحة ويجب ألا يخفي وجهه بأي شيء مثل النظارات الشمسية.
استرسل مالك في حديثه ولم ينتبه إلى الخطأ الفادح الذي اقترفه عندما أخبرها أن أحمد لم يتمكن من استخدام الصورة التي التقطتها معه قبل عام في هذا المكان عندما كانت ترتدي فستان أزرق في عملية الفبركة لأنها كانت ترتدي حينها نظارة شمسية.
لقد سقط مالك وأقر بالحقيقة دون أن يدري لأن اللقاء الذي جرى بينها وبين أحمد في ذلك اليوم الذي يتحدث عنه مالك لا يعلم أحد عنه أي شيء سوى هبة وأحمد فهما قد خرجا سويا بعد انتهاء وقت محاضراتها والتقطا تلك الصور التي يوجد منها نسخة على هاتف أحمد في ملف خاص يحمل الكثير من صورهما المشتركة ولا أحد يعرف هذا الأمر.
لا يمكن أن يعلم مالك بأمر هذه الصور إلا إذا فتش في هاتف أحمد وتفقد جميع الصور الخاصة التي يحتفظ بها.
مسألة تفتيش مالك في هاتف ابن عمه تؤكد أنه المسؤول عن فبركة ونشر تلك الصور من حسابات أحمد ولكن السؤال الذي جعل هبة تشعر بالحيرة هو كيف استطاع مالك أن يستخدم هاتف أحمد ويقوم بكل هذه الأمور دون أن ينتبه الأخير لهذا الأمر؟!
شعرت هبة بأنها على وشك الاختناق فوجودها بالقرب من شخص كاذب ومخادع مثل مالك صار يجعلها تشعر بالاشمئزاز وعدم التنفس بأريحية.
طالت مدة شرود هبة فلوح مالك أمام وجهها حتى يحصل على انتباهها وقد نجح في ذلك بالفعل عندما نظرت له وحملت حقيبتها قائلة:
-“أنا همشي دلوقتي يا مالك عشان ورايا مشوار مهم ومش عايزة أتأخر، سلام”.
استقلت هبة سيارة أجرة وكلمات أحمد في أوقات زيارتها له أثناء فترة علاجه في المصحة تتردد في رأسها:
“أنتِ النجمة التي أنارت عتمة ليلي المظلم، فقد أنقذني حبك بعدما كنت تائها في أودية الضياع، أمسكِ بيدي لأني سأغرق من دونك”
أخبرته حينها أنها ستدعمه وتقف دائما بجانبه ولكنها خذلته وتركت عقلها يصدق تلك الأكاذيب الملفقة وتجاهلت نداء قلبها الذي كان واثقا من براءة معشوقه.
أخذت تبكي بشدة فهي لم تكن مخلصة للوعود التي قطعتها أمامه مثلما أخلص هو لحبهما، ابتعدت عنه ورفضت تصديقه وفي المقابل ظل هو يعشقها.
توقف سائق السيارة أمام المقابر بناء على طلب هبة التي قررت أن تزور قبر والدتها الراحلة وتقرأ لها الفاتحة.
انتهت هبة من قراءة الفاتحة والدعاء لوالدتها ووعدتها أنها سوف تجلب حقها مؤكدة هذا الأمر بعدما أقسمت يمينا معظما أنها لن تستسلم مهما حدث.
كوني مطمئنة يا أمي العزيزة، فمهما طال الزمن لن أنسى حقك فسلام لروحك يا من تعلق قلبي بحبها، طبتِ وطاب مرقدكِ يا غاليتي.
كان هذا أخر ما قالته هبة قبل أن تغادر المقبرة وتعود إلى المنزل وهي تفكر فيما ستفعله حتى تنتقم من مالك.
انتهت عملية تشريح جثة يحيى وظهرت النتيجة التي كان يتوقعها الجميع ولكنها كانت صادمة للبعض بسبب الطريقة التي تمت بها عملية القتل.
حصل محمد على نسخة من التقرير واتصل بأحمد حتى يبلغه بالنتيجة التي كان ينتظر معرفتها.
تأخر أحمد في الإجابة على هاتفه لأنه كان يغسل وجهه في الحمام فزفر محمد بسأم وقام بإعادة الاتصال مرة أخرى وهذه المرة أجاب أحمد معتذرا:
-“معلش يا محمد معرفتش أرد عليك أول مرة لأني كنت موجود في الحمام”.
هتف محمد بتفهم وهو يقرأ بعينيه كلمات التقرير:
-“ولا يهمك يا أحمد، ركز معايا دلوقتي في اللي هقوله لأن الكلام ده على قد ما إحنا كنا متوقعينه على قد ما هو هيخليك تتفاجأ”.
فهم أحمد من حديث ابن خالته أنه حصل على نسخة من تقرير الطبيب الشرعي فابتسم وقال:
-”قول اللي عندك بسرعة لأني حاسس أن فيه حاجة هتغير خط سير القضية”.
هتف محمد بجدية شديدة مؤكدا صدق حدسه منذ بداية معرفته بموت يحيى:
-“يحيى طلع فعلا ميت مقتول بس موته مش بسبب الضربة اللي أخدها على رأسه وسببتله جرح سطحي”.
ضيق أحمد ما بين حاجبيه قائلاً بتساؤل:
-“أمال مات إزاي طالما مش بسبب الضربة اللي في رأسه؟!”
أجابه محمد وهو يعيد النظر إلى نسخة التقرير التي بين يديه:
-“سبب موت يحيى هو التسمم، يحيى اتقتل يا أحمد بسِم الزرنيخ”.
أجاب محمد على السؤال الذي توقع أن يطرحه عليه أحمد:
-“رجال الشرطة لما فتشوا الشقة كلها ملقيوش فيها أي أثر لسِم الزرنيخ والتحريات أثبتت أن يحيى محاولش حتى أنه يشتري السم ده أو أي نوع تاني من أنواع السموم وده بيأكد أنه اتقتل وبينفي احتمال أنه ممكن يكون انتحر”.
استحوذت الدهشة على كيان أحمد متسائلا بينه وبين نفسه، كيف يمكن أن يتم قتل يحيى داخل منزله باستخدام سِم الزرنيخ؟!
خرجت آية من شقتها وهبطت الدرج قاصدة شقة حماتها ولكنها توقفت فجأة بعدما ظهرت مروة أمامها وأمسكتها من معصمها بقوة هامسة بحدة:
-“إذا كنت مفكرة يا سوسة يا حرباية أن الحركة بتاعة الرسائل دي أنا هعديها وهسكت عليها تبقي غلطانة، قسما عظما بجلالة الله لهخليكِ تدفعي التمن غالي أوي لأنك كده زودتيها وعيارك فلت على الأخر”.
نفضت آية كف مروة صارخة بعصبية شديدة تخفي بها الارتباك والتوتر الذي تمكن منها بعدما صرحت مروة بكشفها لحقيقة هذا المخطط القذر:
-“إيه الكلام الفارغ اللي أنتِ بتقوليه ده، واضح كده أنك اتجننتي وعقلك فوت”.
لم تتمكن مروة من التحكم في أعصابها بعدما سمعت تلك الإهانة فاندفعت وأمسكت آية من شعرها صائحة بصوت جهوري وصل إلى أذني فادية التي خرجت على الفور من شقتها حتى ترى ما يجري بالخارج:
-“وكمان وصلت بيكِ البجاحة تقولي على عقلي مفوت يا تِعبانة بعد ما بعتي ليا رسائل على تليفوني من أرقام مخفية عشان تخلي جوزي يشك فيا ويطلقني!!”
صرخت آية وحاولت تحرير شعرها من قبضتي مروة التي تابعت حديثها بنبرة متوعدة:
-“أنا مش هسيبك النهاردة غير لما أكسر كل عضمه في جسمك عشان تتعلمي الأدب وتعرفي أن الله حق”.
ارتفع صوت صراخ آية بعدما فشلت في تخليص نفسها من قبضة مروة فتدخلت فادية على الفور وأبعدت مروة عن آية وهي تصيح بغضب:
-“جرى إيه يا بنت أنتِ، هو أنتِ مش لاقية حد يلمك ولا إيه؟! هو مش كفاية أنك قاعدة طول النهار أكل ومرعى وقلة صنعة وكمان بطلتي تنزلي عندي في الشقة غير لما عمرو بيجي وجاية بعد ده كله تضربي آية قدامي!!”
شرحت مروة سبب قيامها بهذا الأمر فهتفت فادية باستنكار:
-“فيه ناس كتير يا أختي بيغلطوا في قواعد الإملاء وهما بيكتبوا على الموبايل وبعدين هو إيه اللي يضمن أن أنتِ فعلا مش بتخوني ابني وعايزة تلبسي بلوتك لآية؟”
في هذه اللحظة تدخل عمرو في الحديث فهو قد سمع صوت الشجار بين زوجته وأرملة أخيه أثناء وجوده في شقته ونزل بسرعة حتى يبعدهما عن بعضهما ليس لأنه ضد مسألة ضرب آية وإنما لأنه يخاف أن تتعرض مروة لأي أذى قد يؤثر عليها أو على وضع الجنين بشكل سلبي:
-“ماما لو سمحتِ بلاش الكلام ده لأني واثق في مراتي وعارف كويس طريقة كتابة آية واللي طلعت متطابقة مع الرسائل اللي جيت على موبايل مروة”.
أخذت آية تبكي في محاولة منها لكسب تعاطف فادية وقد نجحت في ذلك بالفعل بعدما تشاجرت حماتها مع عمرو من أجلها.
سأم عمرو من دفاع والدته عن آية بهذا الشكل المستميت فقرر أن ينهي هذا النقاش العقيم ساحبا مروة معه متجها بها إلى شقتهما.
قرر شادي ألا يؤجل مواجهته لآية حتى يتأكد إذا كانت بالفعل هي المسؤولة عن موت والدته أم أن ما يشعر به مجرد الفكرة تستحوذ عليه بسبب الهاجس الذي يخبره أن آية هي من قتلت ياسين.
سؤال واحد فقط سوف يحسم نتيجة تلك المعركة التي تدور بين عقله الذي يؤكد له أنها الجانية وقلبه الذي يتمنى أن تكون بريئة وجميع الأفكار التي اقتحمت رأسه مجرد سوء ظن بها.
انتهى شادي من ارتداء ملابسه وغادر المنزل تحت نظرات شقيقته التي تفاجأت بخروجه من عزلته.
أخرج شادي الهاتف من جيب سرواله وكاد يتصل بآية ولكنه تراجع وأعاد الهاتف إلى جيبه مقررا عدم الاتصال إلا بعد وصوله إلى القاهرة.
-“أيوة جاي دقيقة واحدة، هي الدنيا طارت!!”
فتح مالك باب الشقة الذي كان يُدق عليه بعنف ليتفاجأ بوالده يدفعه للداخل وقبل أن يسأل عن سبب هذا التصرف شعر بيد عماد وهي تحط على وجنته بصفعة قاسية كان يجب أن يحصل عليها منذ زمن بعيد.
رمش مالك بعينيه عدة مرات شاعرا بالذهول مما قام به والده الذي قام بصفعه مرة أخرى ثم أمسكه من ياقة ملابسه:
-“هي حصلت أنك تحاول تقتل ابن عمك؟! خلاص أنت عقلك طار للدرجة دي ووصلت بيك الحقارة أنك تموت أحمد اللي اتربى معاك من صغركم وكان بيعتبرك زي أخوه؟!”
هز مالك رأسه مستنكرا هذا الكلام ودافع عن نفسه قائلا:
-“إيه الكلام الفارغ ده يا بابا!! أنا مستحيل أفكر في قتل أخويا مهما حصل”.
كز عماد على أسنانه صارخا بغيظ:
-“يا سلام، طيب وبالنسبة لخميس والفلوس اللي أنت أكلتها عليه دول كمان كلام فارغ؟!”
ضيق مالك عينيه وظهر عدم الفهم على ملامحه وهو يقول:
-“خميس مين بس يا بابا؟! أنا مش فاهم أي حاجة من كلامك”.
دفعه عماد وأسقطه أرضا ثم انهال عليه بالضرب وهو يردد بقهر فقلبه لم يعد يحتمل تصرفات ابنه المتناقضة:
-”كفاية بقى يا أخي، حرام عليك أنا تعبت منك، أنت كل شوية تقول كلام وتتصرف تصرفات عكس اللي كنت بتعملها من دقايق، فوق بقى وارجع لعقلك وكفاية بقى الجنان الرسمي اللي مش عايز يسيبك من ساعة موت أمك”.
استطاع مالك أن يتفادى بعض من ضربات والده وهتف باعتراض على اتهام عماد وتشكيكه في سلامة قواه العقلية:
-“أنا كويس جدا يا بابا ومش مجنون ولا حاجة، أنت ليه بتقول عني كده وليه بتدخل ماما الله يرحمها في الموضوع؟! مش كفاية أنك كنت بتخونها واتجوزت أحلام بعد موتها على طول ونسيت أن عندك عيال بعد ما خلفت منها وبقالك شهور مش بتسأل فيا وجاي كمان بعد ده كله تتهمني بالجنون!!”
انحدرت دموع عماد وهو يهتف بأسف على حالة ابنه التي لا يمكن التعامل معها إلا بإرساله إلى مصحة نفسية:
-“لا مجنون وستين مجنون كمان، كل شوية بتقول نفس الأسطوانة بتاعة الخيانة، يا بني آدم افهم بقى أنا مكنتش بخون أمك، صحيح كنت بكرهها بس مخنتهاش”.
بهتت ملامح مالك وشعر بالتيه قائلا بتعجب:
-“أسطوانة إيه اللي بعيدها؟! أنا عمري ما قولتلك الكلام ده غير دلوقتي عشان أخليك تشوف الظلم اللي بترتكبه في حقي عشان خاطر أحلام وابنك”.
ارتفع صوت بكاء عماد مرددا من بين دموعه:
-“أول مرة إيه بس يا مالك؟! أنت عمرك ما بطلت تقولي كده وياريتها جيت على دي وخلاص، أنت على طول بتتهمني بالتقصير والإهمال ناحيتك مع أنك لو مسكت تليفونك دلوقتي وشوفت سجل المكالمات عندك هتلاقي أن كان فيه مكالمة بيني وبينك أول إمبارح الصبح”.
لم يقتنع مالك بحديث والده ولكنه قرر أن يفحص سجلات المكالمات لديه حتى يؤكد لوالده أن كلامه ليس جنونا وأنه بالفعل قد أهمله بعد فترة قصيرة من إنجاب شقيقه الأصغر.
شعر مالك أن كل شيء حوله عبارة عن دوامة من أحداث متناقضة بعدما رأى بالفعل في السجل الكثير من المكالمات التي دارت بينه وبين والده وأخرها كانت أول أمس في الصباح الباكر.
لم يتمكن مالك من معرفة أي من تلك الأفكار هي الحقيقة وأي منها هو الوهم وظل رأسه يدور من كثرة الضغط الذي يتعرض له إلى أن استسلم في النهاية لتلك الظلمة التي اكتسحت كل شيء يحيط به وسقط أرضا أمام عيني والده الذي صرخ باسمه.
نهاية الفصل