قصة اوتيل ترانزيت
-ايوة يا احمد.. اعمل حسابك إننا هنسافر بعد اسبوع من دلوقتي لأمريكا، خلاص.. شركة الأنتاج خلصت كل حاجة، والمفروض إننا هنبدأ تصوير اول ما هنوصل.
ده كان كلام المدير بتاعي في الشغل.. اه، ما انا بعد ما خلصت دراسة في معهد السينما، قسم إخراج، اشتغلت كواحد من مساعدين مخرج كبير.. والمخرج ده المفروض إنه كان بيشتغل على فيلم فيه مشاهد، لازم تتاخد في ولاية من الولايات المتحدة الأمريكية، وبصراحة شركة الانتاج مابخلتش علينا ولا صعبت اي حاجة؛ الناس ساعدونا في إننا نخلص ورقنا، وكمان ظبطولنا الحجز والرحلة، ومن بعد مكالمة الريس بتاعي او المساعد الأول الأول للمخرج اللي انا بشتغل معاه، جهزت نفسي انا وكل زمايلي اللي هيسافروا معايا، وفعلًا.. بعد اسبوع كنا في مطار في القاهرة وركبنا الطيارة، الطيارة اللي هتودينا لدولة ما، ومنها هننزل وناخد طيارة تانية لولاية من الولايات.. ومن الولاية دي، هناخد طيارة كمان هتودينا للولاية اللي المفروض هنروحلها.. وده اللي حصل بالمللي.. ركبنا الطيارة ونزلنا في الدولة دي، وبعد كده خدنا طيارة كمان ودتنا لولاية من ولايات امريكا.. وبمجرد ما وصلنا للولاية دي، الناس اتكلموا مع المسؤول عن الكرو كله وقالوا له..
-كان المفروض إن الطيارة اللي هتنقلكم هتتحرك في المعاد المحدد ليها، لكن بسبب سوء الأحوال الجوية، فالطيارة هتتحرك بعد ١٢ ساعة من دلوقتي، وعشان كده الفريق بتاع حضرتك كله، هيرتاح طول الوقت ده في أوتيل للترانزيت، موجود جنب المطار بشوية.. الاوتيل ده تابع للمطار وهيتم معاملتكم فيه احسن معاملة، وكمان تقدروا فيه تناموا وتاكلوا وتاخدوا الدرينكز بتاعتكم لحد ما معاد سفركم يجي.
والكلام اللي اتقال للمسؤول جه وقاله لنا، بعد كده خدنا بعضنا وخرجنا من المطار وروحنا قعدنا في الفندق او الأوتيل ده.. ماكنش بعيد عن المطار بكتير اوي، هو يادوبك كان حوالي تلت ساعة بالعربية.
اول ما وصلنا للأوتيل، اتقسموا ٤ أوض كانوا فاضيين علينا، والمفروض إن انا كنت هقعد مع اتنين من فريق العمل، والمخرج ومعاه المساعد الاول وحد كمان، هيقعدوا في أوضة، والاوضة التالتة هيقعدوا فيها بقية زمايلنا الشباب، والأوضة الاخيرة هيقعدوا فيها البنات كلهم مع بعض.
اول ما دخلت الاوضة ومعايا الاتنين زمايلي، واللي بحكم شغلنا سوا بقالنا فترة بقينا صحاب، اتكلم واحد منهم وقال لنا..
-بقولكوا ايه يا جدعان، انا عاوز ادخل الحمام واخد دش كده وافوق عقبال ما الاكل يجي، فانا معلش يعني.. قبل ما أي حد فيكوا يدخل الحمام، اسمحوا لي إن انا ادخل الاول.
كان اللي بيتكلم مصطفى.. مصطفى اللي رديت عليه بكل تلقائية وانا بدور على ريموت التلفزيون..
-لا براحتك يا درش، عيش.. انا كده كده دخلت الحمام في المطار، خلص براحتك وخلي عبد العزيز يدخل وراك، وانا هدخل بعدكم، ولما الاكل يجي هنبقى ناكل كلنا سوا.
بص مصطفى لعبد العزيز وسأله..
-ها يا زيزو..اخش ولا محتاج الحمام؟!
في الوقت ده كان عبد العزيز فرد جسمه على السرير وشاور لمصطفى بإيديه وهو بيتاوب…
-خش
خش يا صاصا.. انا هنام شوية ولما الاكل يجي صحوني، وانت يا احمد.. لو هتشغل التلفزيون وطيه شوية عشان انا تعبان اوي ومحتاج اريحلي ساعتين.
هزيتله راسي بعد ما لقيت الريموت، فتحت التلفزيون ووطيته، بعد كده دخل مصطفى الحمام وزيزو حط تيشيرت من تيشرتاته اللي كانت في الشنطة على عينيه، وابتدى يروح في النوم.
قعدت على سريري وانا باصص للتلفزيون وعمال اقلب فيه، برامج برامج برامج.. لحد ما استقريت على قناة شغال عليها فيلم اجنبي رعب، سيبت القناة وعليت الصوت شوية صغيرين عشان اعرف اسمع لأن مافيش ترجمة طبعًا، الفيلم كان بيتكلم عن شخص بيقتل الناس بطرق وحشية، وفي وسط الفيلم كان فيه ضرب نار.. بس اللي لفت نظري، هو صوت ضرب نار عالي اوي، كان اعلى من اللي في الفيلم، ده زي ما يكون صوت ضرب نار جوة حيطة من حيطان الأوضة!
ركزت اكتر مع الصوت اللي كان اعلى من صوت التلفزيون، وساعتها اتأكدت إن شكي كان في محله؛ صوت الضرب النار ده جاي من أوضة من الاوض اللي جنبنا!
قومت بالراحة وحطيت ودني على الحيطة اللي جاي منها الصوت، ومرة واحدة واول ما حطيت ودني على الحيطة، سمعت صوت واحدة ست بتصرخ، وبعدها على طول سمعت صوت طلقة قوي اووي.
رجعت لورا كام خطوة وانا متوتر وقلقان..
-يا نهار مش فايت، الأوضة اللي جنبنا شكلها كده حصل فيها جريمة قتل، يا زيزو.. ياض يا زيزو.. قوم ياض يا زيزو.. الأوضة اللي جنبنا فيها.. زيزو.. يا زيزو!
قصة اوتيل ترانزيت
لكن زيزو ماكنش بيرد عليا، كان رايح في سابع نومة، حاولت اصحيه مرة في التانية في التالتة، وبرضه مافيش فايدة!
وقتها الخوف والرعب ابتدوا يتسللوا لقلبي، مش بس بسبب الاصوات اللي سمعتها، ده كمان بسبب حالة زيزو اللي ماكنش بينطق ولا بيتنفس وكأنه مات!
وعشان كده بسرعة، روحت ناحية باب الحمام وفضلت اخبط بكل قوتي..
-يا مصطفى.. اخلص واطلع يا مصطفى في مصايب بتحصل هنا، يا مصطفى؟!
حطيت ودني على باب الحمام عشان اسمع صوته لو كان بيكلمني ولا بيرد عليا ولا بيقول اي حاجة، لكن مافيش.. ماكنتش سامع غير صوت المايه اللي كان عالي اوي، قربت ودني اكتر وانا بقوله بصوت عالي..
-يا مصطفى.. انت يا ابني.. يا مصط..
ومالحقتش اكمل كلامي.. بعدت عن الباب وانا مرعوب بسبب صوت الصرخة اللي سمعتها من جوة، كان صوت صرخة راجل.. ماقدرتش احدد الصرخة دي صرخة مصطفى ولا صرخة مين، انا كل اللي قدرت احدده.. هو صوت الهبدة القوية اللي سمعتها بعد صوت الصرخة!
قصة اوتيل ترانزيت
ثواني والادرينالين عندي وصل لأعلى مداه، قربت من باب الحمام وفضلت اخبط عليه بإيديا الاتنين..
-يا مصطفى افتح.. انت كويس يا ابني؟.. طب لو سامعني رد عليا طيب؟.. يا مصطفى.
فضلت اخبط وانادي، وبرضه ماحدش بيرد، يعني انا دلوقتي قاعد في الاوضة لوحدي، وزيزو معايا وشكله مات، وفي الحمام مصطفى اللي شكله هو كمان حصلتله مصيبة جوة، وفي الاوضة اللي جنبي على طول، في جريمة قتل وصوت رصاص، بقيت واقف متبرجل ومش قادر حتى افكر.. وبعد ثواني من الافكار المتلاحقة والتشتيت الذهني، روحت جري ناحية التليفون اللي اول ما رفعت سماعته وطلبت اي رقم، ماحدش رد، بس ايه ده.. تليفون الاوتيل مافيهوش حرارة اصلًا، وكأنه عطلان او واقف من أصله!
ماخدتش وقت كبير عشان اقرر انا هعمل ايه، انا روحت جري ناحية الباب وفتحته، وبمجرد ما فتحته بسرعة وجيت اخرج، لقيت في وشي.. وقصاد الباب من على مسافة مش بعيدة اوي، اخر منظر كنت متوقع إن انا اشوفه؛ انا شوفت شابة شكلها بيقول إنها امريكية، بس كانت متبهدلة جدًا.. تحت عينيها أسود وشعرها مش متسرح وهدومها متوسخة، قربت منها بالراحة ولسه هتكلم معاها او نقولها اي حاجة، فجأة لقيتها سابتني ومشيت، ومشيت راحت فين بقى، دخلت جوة أوضة من الاوض اللي جنبينا، والغريب بقى إن انا لا سمعت صوت باب بيتفتح او بيتقفل، الشابة دي كأنها اختفت او دخلت جوة الأوضة وبابها لسه مفتوح!
قصة اوتيل ترانزيت
روحت ناحية الاوضة ولسه هبص على الباب، فجأة سمعت من جواها صوت ضرب نار.. بس المرة دي اقوى من قبل كده، وبعده على طول سمعت صوت مصطفى وهو بيصرخ من جوة اوضتنا، فمن غير أي تفكير، خدت بعضي ورجعت الأوضة جري، وبمجرد ما دخلت الأوضة لقيت راجل واقف جنب زيزو بالظبط، كان ماسك في إيده حقنة وعمال يدبها في دراعه وهو بيبص لي.. كان راجل بشرته سمرة ورفيع جدًا، لابس لبس متبهدل وعينيه البياض اللي فيها ده لونه احمر زي الدم!
كان مستمر في ضرب دراعه وهو فارده بالحقنة، لحد ما مرة واحدة صرخت فيه..
-بس بقى.. كفاية، كفاية.. انتوا عايزين مننا ايه.. كفاية بقى يا عم اسكت…
ومع كلمة اسكت دي، سمعت من الحمام صوت مصطفى وهو مكتوم..
-يا احمد.. يا زيزو.. الحقوني.
ابتديت احس بصداع غريب، ومعاه ابتدت الرؤية تبقى ضبابية..
-اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. في ايه، ايه اللي حصل، ايه اللي انا شوفته ده؟!
ده كان صوت زيزو، فتحت عيني عشان اشوف بوضوح، وساعتها حمدت ربنا لما لقيت نفسي نايم على السرير اللي كنت قاعد عليه، وقصادي التلفزيون كان لسه شغال، وحقيقي كنت هبقى أهدى واحسن، لولا إني بصيت على زيزو اللي كان قاعد على السرير وهو بياخد نفسه بالعافية وحاطط إيديه على صدره..
-اعوذبالله من الشيطان الرچيم.. ايه الكابوس المنيل ده!؟
ماكملش زيزو كلامه، وبعده على طول لقيت مصطفى خارج من الحمام وهو بيزعق…
-الحقوني يا جدعان.. في راجل ميت في الحمام!
اول ما قال كده، قومت انا وزيزو جري على حمام، بس لما دخلنا، مالقيناش حد ولا لقينا أي حاجة غريبة لفتت انتباهنا.
خرجنا لمصطفى اللي كان قاعد مرعوب وحاولنا نهديه لما زيزو قال له..
-ايه يا عم مصطفى، وحد الله كده، الحمام فاضي ومافيهوش أي حد، لا راجل ميت ولا راجل صاحي، تلاقيك بس كان بيتهيألك بسبب الشبورة اللي انت عاملها جوة دي ولا حاجة.
وقتها رد عليه مصطفى وهو باين عليه انه خايف بشكل مش طبيعي، لأني لأول مرة كنت اشوفه بالمنظر ده، وشه كان مخطوف وكان قاعد عمال يهز في رجليه بتوتر..
-لا يا عم عبد العزيز.. لا انا مابيتهأليش، الأوضة دي مش مظبوطة.
وقام يكمل لبس وهو بيكمل كلامه..
-انا من وقت ما دخلت الحمام وانا سامع اصوات ناس بيتخانقوا وناس بيزعقوا، وكمان سمعت صوت ضرب نار، ده غير الهوا الساقع اللي كنت حاسس بيه في الحمام، بالرغم من إني يعني كنت مشغل المايه السخنة، انا مش مرتاح للمكان هنا ولا مرتاح لقعدتنا فيه.
ارتبك زيزو وابتدى يبلع ريقه بالعافية، قام شرب مايه وبعد كده بص لنا بقلق..
-وانا كمان زي مصطفى، انا لما نمت حلمت بحلم وحش اوي، حلمت إن في راجل بشرته سمرا واقف قدامي وماسك في إيده حقنة وعمال يض..
قصة اوتيل ترانزيت
قاطعته بسرعة..
-وعمال يضرب دراعه اليمين بيها وإيديه عمالة تنزل في دم، صح؟!
برق لي زيزو اول ما قولتله كده..
-صح.. بس انت عرفت منين، انت كنت معايا في نفس الحلم، ولا اللي انا شوفته ده ماكنش حلم ولا ايه؟!
-الله اعلم بقى كان حلم ولا ايه، انا لما غفلت وانا قاعد بتفرج على فيلم اجنبي، شوفت حاجات غريبة وسمعت اصوات ضرب نار برضه، ومن ضمن الحاجات الغريبة اللي شوفتها.. كان الراجل اللي انت بتقول عليه ده، الظاهر كده إننا مش هينفع ننام، ولا حتى هينفع حد مننا يقعد او يدخل الحمام لوحده، المكان ده شكله مسكون ولا فيه مصيبة سودة ولا..
سكتت لما سمعت صوت الباب بيخبط خبطات متتالية وبسرعة، في الاول افتكرناه الراجل اللي جايب لنا الاكل اللي طلبناه، بس لما قومت وفتحت، اكتشفت إنهم البنات اللي معانا، واللي المفروض قاعدين في أوضة قريبة من الأوضة بتاعتنا، كانوا خايفين ووشهم مخطوف بطريقة غريبة، طلبوا إنهم يدخلوا، فدخلتهم.. وبحكم إننا اشتغلنا مع بعض كتير زي ما قولت، وكلنا يعتبر اصحاب، فأول ما واحدة منهم دخلت وسألناها في ايه، اتكلمت بسرعة وقالتلنا بطريقة كلام سريعة وكأنها عايزة تمشي من المكان ده في اسرع وقت..
قصة اوتيل ترانزيت
-المكان هنا مش مظبوط، انا لما دخلت الحمام، شوفت خيالات غريبة، ومرة واحدة النور اتقفل، ولما روحت ناحيته وفتحته تاني، شوفت في المراية.. شوفت.. شوفت بنت في العشرينات تقريبًا، كان وشها شاحب وتحت عينيها لونه أزرق بشكل مرعب، نظراتها ليا عمري ما هنساها، والمصيبة بقى إن انعكاسها في المراية كان بيقول إنها واقفة ورايا.. وانا فعلًا كنت حاسة بنفسها ورايا، بس اول ما لفيت وبصيت ناحيتها، مالقتهاش.. مالقتهاش ولا لقيت اي حاجة، ولما جيت ابص في المراية شوفتها تاني.. بس المرة دي كانت ماسكة موس، وكانت عمالة تقطع في دراعتها!.. وقتها ماحستش بنفسي وخرجت جري من الحمام وانا بصرخ، والمصيبة الاكبر بقى إني لما خرجت، لقيت بقية البنات متكومين جنب بعض على سرير واحد وكلهم مبرقين ناحية الدولاب.
قصة اوتيل ترانزيت
لما وصلت لحد هنا، اتكلمت بنت تانية وقالتلنا…
-احنا كنا عاملين كده لأننا واحنا قاعدين، فجاة سمعنا خبط من جوة الدولاب، ومافيش واحدة فينا كان عندها الشجاعة إنها تروح وتشوف مين اللي بيخبط من جوة الدولاب ده او حتى تفتحه، بس الشهادة لله يعني.. هو ماحتاجش حد يفتحه، ده اتفتح لوحده، وساعتها كلنا لصقنا في بعض من اللي شوفناه جواه.. احنا لقينا جوة الدولاب اول ما اتفتح، شاب شكله امريكاني، كان واقف وفي إيده مسدس، بص لنا وابتسم وضرب نفسه بيه، حطه على راسه وضرب.. ومع ضربته لراسه، لقينا حنان خرجت من الحمام، فبصينا ناحيتها واحنا مرعوبين، ولما جينا نبص ناحية الدولاب تاني مالقيناش حاجة، الدولاب كان مقفول وماكنش فيه أثر لاي حاجة، ولما حنان حكت لنا عن اللي شافته ودخلنا كلنا الحمام ومالقيناش البنت دي، اتشجعنا وفتحنا الدولاب كلنا برضه، ومالقيناش أي حاجة جواه.. ساعتها اقتنعنا وصدقنا إن المكان ده فيه حاحة غريبة او مسكون، فلمينا هدومنا تاني وحطيناها جوة الشنط بسرعة، وخرجنا من الاوضة جري وجينالكوا.
بعد ما خلصوا.. اكدنا كلامهم لما حكينالهم عن اللي شوفناه، ومش احنا والبنات بس على فكرة اللي شوفنا كل ده، ده المخرج كمان والناس اللي معاه، وحتى بقية زمايلانا اللي كانوا في اوضة لوحدهم، كل واحد منهم برضه حكى إنه شاف حاجة غريبة، وبعد ما كلنت اتجمعنا في اوضة المخرج وأجمعنا على إن المكان ده مسكون، اتفقنا على إننا هنسيبه ونمشي وهنروح نستنى في المطار، او هنقعد في الصالة بتاعت الاوتيل لحد ما معاد طيارتنا يجي.
نزلنا كلنا من الاوضة وقعدنا في صالة الاستقبال، والشخص المسؤول عننا واللي بيتكلم انجليزي كويس بالمناسبة، راح حكى لحد ما الإداريين عن اللي شوفناه وطلب منه إننا نرجع المطار.. والغريب بقى إن الراجل بالفعل وافق وقال للشخص المسؤول اللي معانا ده، إننا معانا حق، ولما سأله عن اصل الاوتيل وأصل حكايته.. حكاهاله، وبعد ما حكهاله ومشينا ورجعنا على المطار وسألنا المسؤول زميلنا عن السبب اللي خلى المكان ده مسكون، بص لنا بنظرة مليانة قلق وقال لنا..
– الراجل ماكدبش ولا خبى عليا حاجة، هو عارف وكل اللي في الأوتيل عارفين إنه مكان مسكون.. بس هم ماقدامهمش حل غير إنهم يفضلوا فيه لأنه مكان شغلهم، اما بقى عن سبب إنه مسكون، فالفندق ده يا أساتذة، كان زمان عبارة عن أوتيل درجة تالتة، يعني… حد يجي من غير ورق ويدفع فلوس، يقعدوه فيه، شاب وشابة طايشين عاوزين يقضوا ليلة كلها مخدرات وشرب، يدفعوا فلوس ويقعدوا فيه.. شخص مكتئب من الدنيا وعاوز ينتحر بعيد عن أهله، يدوله أوضة ويطلع ينتحر فيها، وبعد كده ياخدوا جثته ويرموها في الشارع.. وهكذا بقى لحد ما حالات الانتحار زادت اوي في الاوتيل ده، ومع كتر الكلام عنه وعن إنه مكان مشبوه، السلطات وقفت العمل فيه واتقفل لفترة كبيرة.. وطول الفترة دي، الجيران او اهالي المنطقة، بيقولوا إنهم كانوا بيسمعوا منه أصوات غريبة بالليل، أصوات ناس بيصرخوا، على أصوات ضرب نار، على أصوات مزيكا غريبة بتشتغل متأخر، وساعات الانوار كانت تشتغل وتطفي لوحدها، وفضل المكان ده كده لحد ما إدارة المطار خدته وخلته فندق للمسافرين الترانزيت اللي طياراتهم ممكن تتأخر.. وده كان أنسب مكان بالنسبة لهم لأن كان سعره رخيص، وكمان لأن اللي هيقعدوا فيه مش هيقعدوا كتير، يعني لا هيطلع عليه سمعة سيئة ولا هيخسروا حاجة، هم يادوبك.. المسافرين هيقعدوا فيه كام ساعة وبعد كده هيسافروا، وبكده اتحول الأوتيل ده، من أوتيل درجة تالتة موبوء ومسكون، لأوتيل ترانزيت تابع لإدارة المطار.
ولحد هنا كان خلص المسؤول كلامه اللي كلنا صدقناه، وحتى المخرج كمان صدقه، لأنه لما غفل شوية وهو في الأوتيل، حلم بكوابيس وقام من نومه وهو بياخد نفسه بالعافية، وفي النهاية.. احنا فضلنا قاعدين في المطار لحد ما طيارتنا جت وركبناها وروحنا على الولاية اللي كنا رايحينها، بس خليني اقولك إن السفرية دي كانت من اسوء السفاريات اللي سافرتها في حياتي، احنا كلنا بلا استثناء، من بعد ما وصلنا للوكيشن التصوير وبدأنا نشتغل، كلنا ماكناش مظبوطين.. اللي يشوف خيالات وهو صاحي او وهو شغال، واللي مننا ماكنش بيعرف ينام من كتر الكوابيس، وفضلنا على الحال ده لحد ما خلصنا ورجعنا مصر.. ومع مرور الوقت، ابتدينا نتناسى اللي مرينا بيه، بس صدقني.. احنا اه بنتناسى، لكن عمرنا ما هنقدر ننسى كل اللي عيشناه في الرحلة المشؤومة دي بكل تفاصيله، من اول الطيارة اللي اتأخرت، ومرورًا بالأوتيل الترانزيت، وانتهاءًا بالكوابيس والخيالات اللي فضلت ماتفارقناش لفترة مش قليلة، حتى بعد ما رجعنا مصر، لكن الحمد لله إنها عدت.. ومش مهم عدت ازاي، المهم إنها عدت واحنا لسه عايشين، زي ما كل حاجة بتعدي واحنا برضه لسه عايشين.. سلام.
(تلك القصة عن رواية أحدهم.. وقد تم تغيير مهنته وأسمه بُناءًا على رغبته.. ولك كل الحق يا صديقي في التصديق من عدمه..)
محمد_شعبان
قصة اوتيل ترانزيت