قصص

قصة كابر

مَكُنتش سامعة حاجة من التشويش، دا غير إن الصورة على شاشة اللاب توب، كانت بتروح وتيجي ومُش واضحة.
اسمي “كابِر”، الحكاية بدأت لمّا نزّلت تطبيق من موقع مايكروسوفت، كان اسمه (NDTV)، التَّطبيق باختصار عبارة عن (DEADBOTS)، الموتى، وهو عبارة عن روبوتات محادثة بالذكاء الاصطناعي، بتقدر تكتب فيها كل مواصفات أي شخص مات، حركاته وتصرّفاته وانطباعاته وكل شيء يخصّه، وتقدر كمان تضيف نبرة صوته عن طريق أي ريكورد له عندك، وتقدر تضيف صورته، والتطبيق هنا بيقوم بدوره، وبيبدأ يظهِرلك شخصية مطابقة تمامًا من الشَّخص اللي أنت دخَّلت كل المعلومات عنّه، زي نظام المحاكاة كده، يعني شخصية تُحاكي الشّخصية اللي أنت عاوزها.
أنا قَبل ما آخد الخطوة دي؛ قرأت كويّس عن التطبيق، لقيت آراء إيجابية وسلبيّة، لكن شَغفي خلَّاني أتجنّب أي رأي يخلّيني ما أنزّلش التطبيق، خصوصًا لمّا كان في رأي من ضمن الآراء؛ بيقول إن التطبيق ده عبارة عن (BLACK MIRROR)، كُنت مستغربة ازّاي تطبيق ممكن يتحوّل لمرآة سوداء!
في النهاية، نزّلت التطبيق وفعَّلته، كُنت عايزة أستحضِر “روان”، أختي التوءم اللي ماتت في حادثة من 6 شهور، بدأت أدخّل صورتها وريكورد من ريكورداتها للتطبيق، وأكتب مواصفاتها اللي حافظاها زي اسمي، دا غير إنّي حطّيت لينك الأكاونتات بتاعتها على السوشيال كمان؛ عشان التطبيق يقدر ياخد معلومات أكتر عنها، زي بتحب إيه وبتكره إيه، هيقدر يعرف أكتر عنها لمّا يحلّل شخصيتها من حياتها على السوشيال.
أمّي لاحظِت إنّي بقضّي وقت كتير في أوضتي الأيام الأخيرة؛ ولمّا سألتني عن السبب، قولتلها إنّي حابّة أنعزِل شويّة، مَكُنتِش أقدر أحكيلها عن اللي بعمله، إحنا مجتمع شرقي والأفكار دي أكيد هتتهاجم فيه، دا لو ما دخلناش في الحلال والحرام كمان؛ عشان كِدَه خلّيت الموضوع في السّر.
لمّا وصلني إشعار من التطبيق بإن الشَّخصية اللي استحضرتها جاهزة، قرَّرت إني أبدأ أتواصل معاها، لكن في اليوم دَه؛ انتظرت لِحَد ما أمي نامِت، والشّقة بقت فاضية، الساعة كانت داخلة على 12 بالليل، دخلت أوضتي وقفلت عليّا، فتحت اللاب توب، وقعدت قدامه على المكتب، شغّلت التطبيق وبدأت أمشي ورا التعليمات اللي ظهرتلي؛ عشان أبدأ بعدها إنّي أتواصل مع “روان”.
آخر مرحلة وصلتلها؛ كانت هي صورة “روان” اللي ظهرت قدّامي، كانت في يمين التطبيق من فوق؛ وكان ظاهر تحتها علامة تكبير الصورة بحجم الشاشة، وعلامة ريكروردر وسماعة.
كبَّرت الصورة بحجم الشاشة, وحطّيت السّماعات على ودني، وحرَّكت مؤشر الماوس ناحية الريكوردر وضغطت عليه وبدأت أتكلّم:
-آلو، “روان”، آلو!
انتظرتها ترُد عليّا، لكن صورتها اللي على الشّاشة كانت بتبُصّلي بَس، قضّيت وقت طويل وأنا بحاول أتواصل معاها؛ لكن لمّا حسّيت بالملل، قولت إن التطبيق دَه مجرَّد كلام، خلعت السّمّاعة من وداني وقومت، لكن بمجرّد ما عطيت ضهري للمكتب، سمعت هَمس في السمّاعة، كان صوت “روان” وهي بتنده اسمي!
-“كابِر”!
وقفت في مكاني؛ الصوت كان زي الهَمس، خارج من سمّاعة اللاب توب، لفّيت ورجعت مكاني، ومدّيت إيدي أخدت السماعة وحطّيتها على وداني، وبعد ثواني؛ لقيت الصوت من تاني بيقولّي:
_”كابر”!
ضغطت على زرار الريكوردر وقولت:
_”روان”.
ولقيتها بتتواصل معايا وبتقولّي:
_ازّيك يا “كابِر”.
مَكُنتش قادرة أوصف الفَرحة اللي أنا فيها، إحساس غريب وأنا شايفة أختي قدّامي وبكلّمها، كأنها مسافرة وبتتكلّم معايا؛ مُش مَيّتة، ولقيتني بقولّها:
_طمنيني عليكي، انتي عاملة إيه؟
_أنا مبسوطة يا “كابِر”، فرحانة إني رِجعت.
_هَتِفضلي معايا هِنا علطول.
_أنا اللي عاوزة أفضل علطول يا “كابِر”.
قعدنا نتكلّم، كُنت حاسّة إنها معايا فعلًا، الوقت سَرقني لكن كُنت فرحانة، لحد ما شاشة اللاب بدأت تتهز، الصورة بدأت تروح وتيجي؛ دا غير الصوت اللي بقى زي الوَش؛ كأني فاتحة شاشة التليفزيون على قناة مَفيش فيها إرسال، قولت يمكن النت ضعيف؛ قومت بصّيت على الراوتر، الدنيا كانت مظبوطة، تفكيري وصّلني إن التطبيق مهنّج، قفلته وفَتَحته من تاني، لكن لمّا اشتغل، صورة “روان” مَكَنِتش زي ماهي، دي كانت قاعدة وبتبُص في الأرض؛ وشعرها كام نازل قدّام وشّها!
حسّيت بخوف غريب، إيدي ارتعشت ومَكُنتش قادرة أحرّكها، في الوقت دَه؛ نور الأوضة بدأ يرتِعش هو كمان، وفجأة اللاب توب فَصَل، كُنت انشغلت في التطبيق ومخدّتش بالي إني أوصّل الشّاحن، وبعدها نور الأوضة انطَفى، في اللحظة دي؛ سمِعت صوت “روان” وهي بتقول:
_”كابِر”!
جِسمي اتكهرب من الخوف، مَكُنتِش عارفة الصوت جاي منين واللاب فاصل؛ لكن الصوت اتكرَّر مرّة تانية، ولاحظت إنه جاي من ورايا!
بدأت ألتِفِت وأنا بحاول أسيطر على خوفي، بصّيت ناحية الصوت، كان جاي من ناحية الشّبّاك، اللي كان نور الشارع مخلّي المكان جنبه منوّر شويّة، وساعتها شوفت أكتر حاجة خلَّت أعصابي تهرَب وأقع في الأرض من الخوف، كانت “روان”؛ قاعدة على كرسي قدّام الشّبّاك، بنفس شكلها اللي ظهرت به، لما قَفَلت التطبيق وفَتَحته!
بدأت أرجَع بضهري لِوَرا، لحد ما لزقت في السرير، عيني كانت عليها؛ لكن مَكُنتِش شيفاها كويّس من الدموع اللي بدأت تملا عيني من الموقف، مكُنتِش عارفة أتصرّف ازّاي، فكّرت أجري على مامتي؛ لكن رجلي كأنها مش موجودة في جِسمي؛ انتَظرت منها أي حركة، لكنها كانت زي التّمثال، وفجأة نور الأوضة رِجع من تاني، في اللحظة دي، ملقتهاش موجودة في مكانها!
كان تفسيري للي حصل؛ إنه هلاوس من كُتر تفكيري في التطبيق، أو فرحتي بإني عرفت أستحضرها، بدأت آخد نَفَسِي، ومع الوَقت قِدِرت أقوم من الأرض، أوّل حاجة عملتها إني وصّلت شاحن اللاب توب، وبعدها روحت غسلت وشّي من الدموع اللي كانت مغرّقاه، وفي الآخر رجعت أوضتي تاني ونِمت.
الصبح؛ صحيت على صوت أمي، كانت بتطلب منّي أقوم عشان أساعدها في شغل البيت؛ لأنها حاسّة إنها تعبانة ومحتاجة مساعدتي؛ لكن بعد ما بدأنا نشتغل لقيتها بتقولي:
_أنا شوفت “روان” في الحِلم امبارح.
ردّيت عليها وأنا واخدة الكلام عادي وقولتلها:
_الله يرحمها، خير شوفتي إيه؟
_حِلم مش مِطَمّني.
_خير يارب.
_شوفتها قاعدة في أوضتك قدّام الشّبّاك، الدُّنيا ضلمة وشعرها نازِل على وشّها، كان شكلها يخوّف!
بلعت ريقي وقولتلها:
_قصدك إيه؟
_قصدي إن أختك مُش مرتاحة، لازم أطلّع حاجة على روحها.
مَكُنتِش مُنتَظرة إجابتها دي على سؤالي، أنا كُنت عاوزة تفسير للي بتقوله، اللي شافته في الحلم هو نَفس اللي حصل معايا هنا في الأوضَة!
كانت ملاحظة إني اتغيّرت بعد ما حَكَتلي، حاولِت تعرف منّي إيه السّبب؛ بس أنا كنت مقرّرة من البداية إن حكاية التطبيق دي سِر.
انتظرت اليوم يعدّي، ولمّا أمي نامِت؛ شغّلت اللاب توب وفتحت التطبيق، لكن صورة “روان” كانت ظاهرة بشكلها المخيف؛ قاومت إحساس الضعف اللي جوّايا؛ حطّيت السمّاعة في ودني، وبدأت أتكلّم:
_سمعاني يا “روان”؟
_…
_”روان”.
_…
_لو سمعاني كلّميني.
مَكُنتِش سامعة غير صوت مشوّش، ومعاه صوت حاجات بتتكسّر، الصورة كانت بتروح وتيجي، وأنا كُنت لسّه بحاول أتواصل معاها؛ وبقول:
_انتي فين يا “روان”؟
_أنا هِنا يا “كابِر”.
الصوت مَكَنش في السّماعات، دا كان جاي من ورايا، اتفزعت من على الكرسي، وَقَفت وأنا بتمنّى إن دي تكون هلاوس؛ لكن لمّا بصّيت ورايا؛ لقيتها، كانت قدّام الشّبّاك.
في اللحظة دي، حاولت أهرب من الأوضة، جريت ناحية الباب؛ ولمّا جيت أفتحه مَكَنش بيتفتح، كأن في قوّة مَسكاه، بدأت أصرخ؛ لكن صرختي كانت مكتومة، حتى أنا مَكُنتِش سمعاها، كنت زي اللي بيسابقوا الزّمن عشان ينجوا من مصير مجهول، بَبُص ورايا وبَرجع أبُص من تاني على الباب، اللي مَكَنش راضي يتفتح.
كانت لسّه في مكانها، لكن مع الوقت بدأت تقرّب ناحيتي؛ حسّيت إن رجليها مش لامسة الأرض، زي ما تكون طايرة، لكن ببطء، أنا بدأت أحِس أن دي مش “روان”؛ ومش فاهمة إيه اللي بيحصل بالظبط.
ولقيت إن أمي بتصرخ في أوضِتها، في اللحظة دي؛ اكتشفت إن “روان” مش موجودة، بس اتفاجئت إن باب الأوضة اتفتح، خرجت وأنا بجري على أمي، والغريبة؛ إنها لمّا لمحتني صرخت، كانت مرعوبة منّي؛ ولمّا قرَّبت منها حاولت تبعدني عنها، مَكُنتِش فاهِمة هي ليه بتعمل كده، وفي الآخر وَقَعِت في الأرض وغابت عن الوعي!
مقدرتِش أشيلها من الأرض؛ سيبتها في مكانها وجِبت مخدّة حطّيتها تحت راسها، مَكُنتِش بفكّر في حاجة غير فيها، جريت جِبت إزازة مايّه، كُنت بَحُط منها على إيدي وبمشّيها على وشّها عشان تفوق، ومع الوقت بدأت تتحرّك، ولقيتها بتقول وهي مغمّضة:
_انتي مُش “كابِر”!
كلامها مَكَنش مسبّب إزعاج بالنسبة ليّا، هي مهما كانت فاقدة الوعي مُش عارفة بتقول إيه، لكن لمّا فاقت وحسّيت إنها قادرة تتكلّم قولتلها:
_إيه اللي حصل، أنا مُش فاهمة حاجة!
كانت بتبُصّلس بخوف؛ وبتقولّي:
_أنا شوفتك في أوضتّي، واقفة وشكلِك مخيف، شعرك قدّام وشّك، ولمّا سألتِك إيه اللي انتي عملاه ده؛ اتفاجأت بيكي بتشيلي شعرك من على وشّك؛ وبتبصيلي، وعينيكي كانت لونها أبيض!
مَستوعبتِش اللي سمعته، دي قالت قبل كده إنها حلمت بـ “روان”، وبنفس تفاصيل اللي حصل معايا، ودلوقت بتقول شافتني، لكن في نفس الشكل اللي بشوف فيه “روان” برضُه!؛ دَه اللي خلَّاني أقولّها:
-أنا مَدخَلتِش أوضتك غير دلوقت!
ردَّت عليّا بعصبية وقالتلي:
-بقولّك انتي كُنتي هِنا يا “كابِر”!
كان إصرارها فظيع؛ وكانِت واثقة من كلامها، إنما أنا فَمَكَنش عندي اللي أجادِلها به، انسَحبت من الموقِف بهدوء وخرجت من أوضتها، ولمّا رجِعت على أوضتي؛ قعدت أفكّر في اللي بيحصل، وبدأت أبعِد تفكيري عن الآراء الإيجابية اللي اتقالت عن (NDTV)؛ وأفتِكر الآراء السلبية اللي بعض النّاس قالتها؛ بناءً على تجاربهم مع التطبيق.
كان الرأي اللي جِه في بالي؛ لمّا شَخص قال: إنه عبارة عن (BLACK MIRROR)، في اللحظة دي الخوف بدأ ياخدني لدهاليز تفكير كلّها ضلمة، وسألت نَفسي تاني، هو ازّاي تطبيق يبقى مرآة سوداء؟ ولو الفكرة كانت بمعناها الفعلي؛ ياترى المرآة دي ممكن تِعكس إيه بالظبط؟!
الأسئلة دي؛ خلَّتني أعمل سيرش من تاني، لِحَد ما وصلت لرأي الشَّخص ده، وساعتها أخدت اسمه اللي كاتب به الكومنت؛ وبدأت أعمل عنّه سيرش، لِحَد ما وصلت لأكاونت على الفيس بوك بنفس الاسم، دخلت أتأكّد إن هو نَفس الشَّخص، الأكاونت كلّه كان عبارة عن بوستات بتتكلّم عن تطبيقات، لفّيت في الأكاونت؛ لِحَد ما وصلت لبوست عن تطبيق (NDTV)، كان بيحذّر النّاس منّه، وبيحكي تجربته معاه، وقال إن مش كل حالات الاستحضار اللي بيقوم بِها التطبيق بتكون ناجحة؛ وإن المحاكاة اللي بيعملها مع الشَّخص اللي بيستحضره؛ مُمكن جدًّا ينتج عنها استحضار أرواح وكيانات مع عوالم تانية، وِدَه بيتم عن طريق ثغرة في التطبيق لسّه محدّش عارِف يوصل لِحَل لها، وإن الشِّركة المنتجة مُش عاوزة تِعلن دَه؛ عشان متعرَّضش نفسها لخساير؛ وإن الثغرة دي بتخلّي التطبيق أحيانًا أشبه بالمرآة، واللي هي أحيانًا مُمكن تبقى بوّابات بين عالمنا وعوالم تانية، بَس للأسف، هي مرآة لونها أسود، لأنها استحضرت له كيان كان هيدمّره؛ وإنه أخيرًا تخلَّص من الكيان دَه؛ لمّا مَسح كل بيانات الشَّخص اللي كان بيستحضره من التطبيق، دا غير إنه حذف التطبيق تمامًا، ومن وقتها والكيان دَه مَعَدش بيظهرله، وإنه مُش عارف إن كان اللي عمله دَه ممكن ينجح مع أي حد زي ما نَجح معاه، ولا هي جَت معاه كده صدفة!
بعد ما قرأت؛ لقيت نَفسي بَشوف كل الأحداث اللي حصلت قدّام عيني، بَس أكتر حاجة كانت لافتة انتباهي؛ هي إن أمي قالتلي إنّها شافتني في أوضتها؛ ولون عيني كان أبيض، فتحت التطبيق وبدأت أراجع البيانات اللي كتبتها عن “روان”، كُنت تقريبًا بَحكي عنّي أنا، المواصفات في الشَّكل والطِباع تقريبًا واحدة لأننا توءم، حتّى أصدقائنا كانوا بيقولوا إنهم بيتلغبطوا ما بين أكاونتاتنا على فيس بوك، لأن شكلنا تقريبًا واحد، ونوعية البوستات اللي بننشرها واحدة، وإنهم مَبيعرفوش يفرّقوا بينا إلا عن طريق الاسم بس.
بَس أنا اتأكّدت إن كل حاجة مظبوطة، حتّى روابط أكاونتات السوشيال ميديا، صورتها، ريكورد صوتها، قضّيت وقت طويل من غير ما أقدر أوصل وأعرف الخلل جاي منين.
بدأت أعمل سيرش من تاني، كانت كل صفحة بَحث بفتحها بتنقلني لمواضيع مشابهة، لِحَد ما لقيت موضوع غريب، كان بيتكلّم عن تطبيقات الاستحضار اللي بتتباع على الدّارك ويب، ولمّا بدأت أقرأ أكتر؛ عرفت إن التطبيقات دي بيستخدموها في استحضار كيانات من العالم السفلي، واللي الوسطاء الروحانيين وبعض المؤسسات الغامضة بتشتريها من الدارك ويب، ومحدّش عارف بيعملوا بها إيه، واللي فهمته من الموضوع، إن الحكاية زي ما تكون أنت وحظّك في الكيان اللي يظهرلك، يعني مُمكن اللي بتستحضِره يظهرلك بنفس المواصفات اللي كتبتها؛ لكن هو في الأصل كيان من عالم تاني، مع الوقت طبيعته هتتغلّب عليه، وهيبدأ يتقلب ضدّك.
مَكُنتش قادرة أتمالك أعصابي، حسّيت إنّي فتحت على نَفسي أبواب جهنّم، لكن مُش عارفة ليه لقيت نفسي بفتح شاشة التطبيق؛ عشان أتكلّم مع “روان”، زي ما تكون حاجة جوّايا عاوزة تكذّب اللي قرأته.
كبَّرت الصورة بحجم الشاشة، لكن مُش عارفة ليه صورتها اللي ظاهرة مختلفة عن اللي دخلّتها التطبيق، شَعرها مِدَاري ملامحها، ضغطت الريكوردر وقولتلها:
-انتي اللي موجودة يا “روان”؟
-…
-طيّب فاكرة أكتر حاجة كُنّا بنلعبها وإحنا صغيّرين؟!
سِمعت تشويش في السّمّاعة، زي ما تكون بتحاول تستقبل إشارة، وبعدها سمعتها بتقولّي:
-نَط الحَبل.
إجابتها كانت صحيحة، فعلا دي كانت لعبتنا علطول، حسّيت بقلبي اتطمّن شويّة وبدأت أكمّل كلامي معاها؛ فقولتلها:
-صورتك مالها يا “روان”؟ مُش دي الصورة اللي كُنت قاصدة أشوفِك فيها!
ساعتها حسّيت إن الصورة بتتهَز، وبعدها لقيتها بتحرّك إيدها وبترفع شعرها من قدّام وشّها، ولمّا شوفت ملامحها، لقيت نَفسي بقوم مفزوعة من على الكرسي!
عنيها كانت لونها أبيض وممسوحة، وبتبتسم إبتسامة مُخيفة، زي ما تكون ابتسامة تحدّي أو انتصار، وفجأة صورتها اختَفت من على الشاشة، وساعِتها؛ سِمعت صوت أمي وهي بتصرُخ وبتقول:
-اطلعي برَّه يا “كابِر”!
في اللحظة دي؛ عرفت إنّها شيفاني هناك، أو بمعنى أوضَح، شايفة الكيان اللي التطبيق دَه استحضره، واللي هو كان على شَبَهي برضُه، ماهي “روان” توأمي وشَبهي!
بعد ما أمّي صرخِت؛ مَفيش حاجة تانية حصلت، حتّى الصورة اللي كانت على التطبيق مَرِجعِتش، كان كل تفكيري إنّي أتخلّص من التطبيق دَه بكل هدوء، زي ما بدأته في السّر وبكل هدوء برضُه، دخلت على البيانات وبدأت أحذفها، مَسيبتش أي مكان كتبت فيه حرف أو رَقم إلا واتحذف، حتّى روابط السوشيال شيلتها، والصورة والريكورد، دا أنا حتّى دخلت من تليفون “روان” الله يرحمها، وعطّلت كل الأكاونتات بتاعتها، وبعدها حذفت التطبيق من اللاب توب!
أخدت نَفس عميق، وحسّيت إنّي اتخلَّصت من حِمل تقيل على قلبي، بعدها روحت عند أمي في أوضتها؛ لقيتها صاحية ومفيهاش أي حاجة غريبة، والأغرب بَقى، إنها رِجعت تكلّمني عادي زي الأوّل، وتقريبًا كِدَه، اللي حصل معاها اتحذف من الذاكرة بتاعتها!
رِجعت أوضتي بعد ما حسّيت إنّي مطَّمّنة، كُنت محتاجة أنام كتير، اتمدّدت على سريري، ومدّيت إيدي على زرار النور اللي جنب السرير وطفيته، بعدها عيني غمَّضت؛ لكِن مع الوَقت، حسّيت بأنفاس حد معايا في الأوضة، فَتحت عيني ومدّيت إيدي فَتحت النور، لكن اتفاجأت بِها واقفة جنب الشّباك، شَعرها مداري ملامحها، حسّيت إنّي اتحوّلت للوح تَلج، مَقدِرتش أحرّك إيدي أو رِجلي، وعيني كانت عليها زي ما أكون مُش قادرة أبُص في مكان تاني، وبعد محاولات كتير قدرت أتكلّم، لكن صوتي كان متقطَّع ومش طالع، وقولتلها:
-“روان”؟!
سِمعت صوت تشويش في الأوضة، مَكُنتش عارفة جاي منين، لكن بَعده سِمعتها بتقولّي:
-أنا انتي، أنا “كابِر”!
***
عاوزة أقولّكم حاجة، أنا بعد كِدَه عرفت إنه مَينفعش إن حد يستحضر توأمه، لأنه ساعتها بيكون بيستحضر قرينه وهو مُش واخِد باله، دَه اللي عرفته بعد ما كُنت بتابع أخبار تطبيق (NDTV)، واللي تقريبًا مشاكله اتحلَّت، وده طبعًا مالوش علاقة باللي حصل معايا، أصل اللي استحضرته موجود خلاص، كان قريني، وعاوزة أقولّكم برضُه، إن أمّي مَعَدِتش بتشوف حاجة، لأنّ اللي فهمته إن الحكاية انتَهت مع حذف البيانات والتطبيق، لكن بتنتهي تمامًا لو كان تم استحضار أي كيان عادي، واللي فهمته برضُه، إن في حالتي دي؛ حضور القَرين مَبينتِهيش بحذف البيانات والتطبيق، عشان كِدَه أنا بقيت متعوّدة على إنّي أشوف نَفسي كُل يوم في أوضتي، قدّام الشّباك، وبنفس شَكلي المُخيف!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط