قصه رمسيس يشهد
طلعت للأوضة، كنت ناوي أقفل على نفسي زي الليلة اللي فاتت وأفضل لحد الصبح، ولا أمشى بقى في طرق ولا قاعات ولا أفتح الباب لو سمعت أي صوت، إن شا الله يكون انفجار مش هفتح….
من أول الطرقة قدرت أميز أن باب الأوضة مفتوح! أنا كنت قافله، قافله بالمفتاح، في حد فتح الأوضة، أروح فين؟
أهرب لفين؟ معقول أنزل تاني؟ المكان تحت كله فاضي وأكيد مش هقرب من القاعة إياها، طب هما فين ، فين “جبريل” و”نايل” و”أيمن” أروحلهم فين عشان استنجد بيهم؟؟ مليش غير إني أدخل الأوضة، هتعدي على خير، الليلة هتعدي على خير، زي الليلة اللي فاتت….
مشيت ناحية الأوضة برجل تقيلة وأنا بحاول أقنع نفسي بده، إن مفيش حاجة هتحصل، مسمعتش أي حركة، مفيش غيري….
قصه رمسيس يشهد
قفلت بسرعة أول ما دخلت، جسمي فضل ساند على الباب، رجلي مش شايلاني أتحرك وأروح ناحية السرير، أول ما رفعت راسي لقيت كلام عالحيطة….
حروف كبيرة باللون الإسود “وجودك هنا غلط، وجودك غلط، إهرب دلوقتي!”
بصيت عالأرض لقيت شنطة السفر مفتوحة وهدومي منتورة على الأرض كلها……..
لازم أهرب، ههرب من هنا ودلوقتي حالًا، اللوكانده دي فيها حاجة مش مظبوطة، لكن هقدر؟ هقدر أنزل تاني لوحدي تحت؟ لأ مش هقدر، ده غير أن باب اللوكانده مقفول ومفيش حد يفتحهولي… مفيش مهرب، أنا محبوس هنا!
الشباك كان مفتوح، أهو ده برده كان مقفول قبل ما أنزل، اكتشفت أن جسمي بيترعش من البرد، بس كل ده مكنتش واخد بالي من اللي شفته واللي حصل معايا.
قمت قفلته بالعافية ورجعت عالسرير، فضلت قاعد متنح قدامي، مش قادر أسيطر على أعصابي، ضربات قلبي سريعة لدرجة حسيت إني هيجيلي أزمة قلبية ومش قادر أهدى.
قصه رمسيس يشهد
مسكت الريموت وفتحت التليفزيون، أهو أي صوت يحسسني إني مش لوحدي، الصورة مشوشة، الإرسال ضايع، أهو ده اللي ناقص! أنا رسميًا لوحدي تمامًا من غير حتى أي مصدر للإلهاء….
معرفش الوقت عدى إزاي، فجأة لقيت الضلمة اتبدلت بنور، الشمس طلعت، قضيت الليلة كلها وأنا قاعد مكاني عالسرير، كل الحركة اللي عملتها هي أني بصيت كل شوية للكتابة على الحيطة ومليون سؤال في بالي…..
التصرف الطبيعي هو إني أهرب، ألم هدومي جوه الشنطة وانفد بجلدي من اللوكانده المشبوهة دي، بس، أنا متفاجئ من نفسي، متفاجئ من التردد، مش عارف إيه اللي خلاني بفكر كده، مش عارف اخد قرار، كان في فكرة في دماغي، فكرة بتلح عليا، طب ما اسأل، ما أحاول أفهم اللي بيحصل، مش يمكن كذه نزيل عدى بنفس التجربة، ويكون ده أول الموضوع وآخره، مفيش حد اتأذى، ومش يمكن لو روحت أي لوكانده تانية أعدي بتجارب وظواهر مش مفهومة؟ هفضل أهرب؟
السؤال مش هيخسر! وكده كده لو مرتاحتش للإجابات أو لو ملقتش أصلًا إجابات يا دار ما دخلك شر، هاخد بعضي وامشي حتى لو هرجع بلدي، حتى لو هتخلى عن الحلم.
كان باين عليا الإنهاك، عم “جبريل” أكيد خد باله، فضل متابعني وأنا بنزل السلم لحد ما وصلتله، وبرغم اللي بيدور جوايا حاولت أبان متماسك… سألته وأنا راسم إبتسامة مزيفة:
=عم “جبريل” القاعات هنا؟….
وقبل ما أكمل قاطعني وقال:
-حاجة آخر أبهة مش كده، أصلها من زمن رايق وراقي أوي.
=هو كل القاعات لسه مُستخدمة؟
-لا لأ، دي مساحات ما شاء الله ومفيش حاجة لإننا نفتحها، زي ما أنت شايف الأعداد اللي بنستقبلهم عالقد، هو صحيح في الصيف وشوية مواسم العدد بيقى أكبر بس برده، قول بيبقى في 20 نزيل بالكتير في نفس الوقت.
=والقاعات دي كانت إيه بالظبط؟ قصدي يعني أدي قاعة الأكل وعرفناها، الباقي بقى كان إيه الغرض منهم؟
-اه….شوف بقى، في عندك قاعة التحف واللوحات، دي كانت لعرض التحف الفنية والرسومات لرسامين مشهورين من كل حته في العالم ومن مصر طبعًا وفيهم رسامين كانوا برده مش مشاهير وعندك قاعة الاجتماعات، إيه بقى نوعية الاجتماعات اللي كانت بتدور جواها، علمي علمك، بس اللي أعرفه أنها كانت اجتماعات لشخصيات مهمة، سياسيين وفنانين، مش بعيد اجتماعات للمنظمات والعائلات إياها اللي بتتحكم في شئون العالم من تحت الطرابيزة…
قال جملته الأخيرة وهو بيغمز لي. حقيقي الموضوع مش ناقص خالص يا “جبريل”، حتى لو على سبيل الهزار، معندكش فكرة باللي بمر بيه…
قصه رمسيس يشهد
سألته وأنا لسه بحاول أبان تقيل ومتماسك:
=وإيه تاني؟
-أما بقى القاعة الأخيرة فدي قاعة الإحتفالات….
صوته كان واطي ونبرته مختلفة في الجملة الأخيرة…
كمل:
-دي القاعة اللي كان بيقام فيها حفلات الملوك والطبقة المخملية، كان بيبقى فيها غني وموسيقى ورقص، الصالة كانت حية بالحفلات دي ، كانت من أحسن وأفخم الصالات على مستوى مصر كلها بس للأسف…. لسبب ما غير معروف حصل حريق كبير، العدد جوه كان كبير، الناس اتذعرت، تدافعت ، دهست بعض، والكل اتفحم..
=إزاي الكلام ده بس الآلات وال….
كنت هغلط غلطة غبية، كنت هقوله الآلات والكراسي جوه مش محروقين ولا باين أن طالهم أي نار، وكان طبعًا هيستغرب إزاي عرفت ده إلا لو كنت دخلت…
-المهم يا أستاذ أبانوب أن الصالة دي بالذات مينفعش تقرب منها!
=ليه بقى، ليه؟
-عشان النزلا دايمًا بيشتكوا أنهم بيسمعوا أصوات منها، أصوات ناس بتضحك وبتغني وبتصرخ وبتجري، وكمان…
أصوات عزف. أنا عن نفسي مسمعتش حاجة ولا نايل كمان، يجوز أيمن يكون سمع بس زي ما أنت شايف مش بيعرف يعبر، ولا عمر حد فينا دخلها ولا قرب منها من وقت ما اشترينا اللوكانده.
=طب مش جايز تكون اترممت بعد الحريق، وبقى فيها آلات جديدة ؟
-يمكن، العلم عند الله، يمكن تكون افتتحت تاني بعديها، محدش يعرف الحريق حصل إمتى بالظبط والأحداث اللي بعد كده، المهم، المهم يا أبانوب متقربش من الصالة مهما سمعت من أصوات جواها!
مقدرتش أمسك نفسي أكتر من كده، عيوني كانت بترف والعرق اتجمع ف وشي.. عم “جبريل” انفجر في الضحك وأخيرًا قال بعد ما خلص وصلة الضحك:
-إيه يا عم أبانوب ده أنت طلعت خفيف أوي، أصوات إيه وأشباح إيه، دي حكاية عبيطة بنسمعها من زمان وبنرددها، وبعدين مش لو كان في عفاريت كانت الأولى تظهرلنا إحنا، مش إحنا أصحاب اللوكانده وساكنين هنا من 800 سنة فاتوا؟!
رديت وأنا بضحك (برده ضحكة مزيفة):
-أيوه، صح…
قصه رمسيس يشهد
كنت همشي ناحية قاعة الأكل لولا إني افتكرت… لسه في موضوع الشخبطة اللي عالحيطة عندي بس مجتليش الجرأة أقول اللي شفته، قلت لجبريل إن أوضتي محتاجة تنضيف وأن في وساخة على الحيطة، هو طبعًا استغرب من موضوع الوساخة ده، إشمعنى الحيطة وليه مقولتش عليها قبل كده… طمني إن الأوضة هتتنضف لكن “أيمن” كان في مشوار وبعد ما يرجع هيدخل الأوضة وينضفها ويغير المفارش ويروق….
كان غرضي من ده إنهم يشوفوا بنفسهم، بدل ما حد يتهمني بالجنون، لما يشوفوا يبقوا هما ييجوا يتكلموا معايا ساعتها هحكيلهم بكل اللي حصل من وقت ما جيت….
وزي اليوم اللي قبله فطرت وخرجت…..
مزاجي أكيد مكنش رايق، مكنتش مبسوط، كل حاجة مكنش ليها طعم، الشوارع اللي كنت بحبها والقهوة اللي قعدت عليها، مبقتش أبص لهم بنفسالنظرة، أول نرة أحس إني بجد غريب عن المكان….
قررت أرجع في النص، أريح شوية وبعد كده أبقى انزل، يمكن كمان اكلم صاحبي اللي عايش في القاهرة واللي مجاش ف بالي أبلغه قبل كده إني جيت، متهيألي وجوده معايا ممكن يفرق، ممكن أرجع أحس بأمان…..
الساعة كان يدوبك 5، اليوم لسه فيه، حاجات كتير ممكن تتعمل، قلت أريح ساعة مثلًا بس وأشوف هعمل إيه. طلعت الأوضة، إترميت على السرير، في الدقايق الأولى كنت نسيت تمامًا موضوع الحيطة والكتابة عليها وأول ما افتكرت، اتنفضت من مكاني، بصيت على الحيطة، الكتابة إختفت!
“أيمن” شالها، نضف الحيطة، مبقاش في أثر للكلام…..
حلو! جه الوقت اللي أفضفض فيه لعم جبريل، أكيد “أيمن” حكاله علي شافه. نزلت السلم على ملى وشي، في ثانية كنت قدام جبريل….
وجهتله الكلام وأنا ببتسم:
=الحيطة….
-الحي…….يوووه، أنا آسف يابني، حقك عليا، بعد ما “أيمن” رجع من المشوار سحتله ف مشاوير تانية، مكنش في وقت، بس أوعدك أول ما ييجي طيران على أوضتك هيخليها بتلمع.
قلت بعصبية:
=يعني إيه؟ “أيمن” منضفش الأوضة؟
بعد ما سألته افتكرت، فعلًا الأوضة مكنتش متوضبة، الحيطة بس هي اللي اتنضفت!
-أيوه حقك عليا يا أستاذ أبانوب.
=أمال مين اللي دخل؟
-دخل فين؟
=أوضتي، مين اللي دخل أوضتي؟
-مش فاهم.
أديته ضهري، كفوفي الاتنين كانوا على وشي، لا بقى، كده تمام أوي، ده أخري في اللوكانده، مش هبات الليلة دي فيها!
في اللحظة دي لقيت “أيمن” داخل من باب اللوكانده، برضه، برضه بيبصلي بنفس النظرات، عينه مثبتها عليا..
-روح يا “أيمن ” أعمل عصير برتقان للأستاذ.
ده كان عم “نايل” اللي ظهر فجأة. بعدها وجهلي أنا الكلام:
-جايبين أحسن برتقان من السوق، عشان أعصابك تروق كده.
=متشكر أنا مش…
-مش إيه؟ أنت هتشرب البرتقان وهنقعد نتكلم مع بعض شوية، لحد دلوقتي محكتلناش حاجة عنك، زي إيه سبب زيارتك للقاهرة وفين أهلك وهتفضل هنا لوحدك، عايزين نعرفك أكتر….
العيون كلها كانت بتراقبني جبريل ونايل وأيمن، مستنيني أشرب العصير اللي اتحط قدامي، مسكت الكوبايه وشربته كله على مرة واحدة…
بدأت أحكي، أتكلم عن عيلتي ومراتي وولادي وشغلي، بس…. مصمدتش كتير، مفيش 10 دقايق وحسيت بدوخة شديدة، عايز أترمي عالسرير وأنام… طلعت عالسلم وأنا بترنح زي ما أكون سكران، وصلت للأوضة بالعافية، الدنيا كانت بتلف حواليا، اترميت وغبت في لحظات……
قدرت أفتح عيني بالعافية، الدنيا ضلمة كحل، مفيش أي بصيص نور، قمت وببطء وصلت للنور وفتحته، بصيت في الساعة، كانت 12 بليل!
إزاي نمت كل ده وإيه المواعيد الغريبة دي؟؟ إزاي أنام في الوقت ده، إيه اللي حصل لي؟
في حاجة لفتت إنتباهي، الدولاب مردود!
قربت وفتحته، الملف اللي كنت حاطه، في حاجة غلط! الورق طالع منه، مهرجل، أنا كنت مرتبه، زي ما يكون الملف اتفتح والورق اتلم واتحط فيه تاني… الورق ده كان عبارة عن كذه نسخة من شهادة ميلادي والفيش والتشبيه وورق الشغل، حتى الموبايل، الموبايل كان في جيبي قبل ما أنام، بس لقيته عالكومودينو، في حد كان هنا…..
الخطوات! الخطوات رجعت، سامعها قريب من أوضتي. المرة دي اتحركت بسرعة جدًا، فتحت الباب وخرجت، برده صاحب الخطوات هرب بس كان قريب أوي. أنا مستسلمتش، جريت ورا الصوت. سمعت حاجة تانية وأنا بجري ، عياط، صاحب الخطوات بيعيط، لأ، صاحبة! دي واحدة ست، معرفش ليه الأنوار كانت مطفية في الطرقة ، مكنتش قادر أشوف، طلعت موبايلي وأنا نازل بجري عالسلم، دست على أي زرار عشان الشاشة تنور، شفت وشها كانت واقفة على جنب على عتبة من عتبات السلم، بتبصلي وبتعيط، نفس الست اللي شفت انعكاسها في المراية اللي قدام قاعة الأكل.
متقدمتش، منزلتش وراها، لأني بقيت عارفه دي مين أو بمعنى أصح إيه، دي شبح!
رجعت الأوضة، لميت حاجتي ونزلت، هسيب اللوكانده، زي ما عاهدت نفسي، هسيبها قبل ما الليلة تعدي بس……
برده! الباب مقفول ومفيش جنس مخلوق، لا بس المرة دي مكنتش هسكت، بدأت أزعق ولما ملقتش إستجاية، رفعت إيدي الاتنين ودبدبت على الباب…
=عايز أخرج، خرجوني..
“أيمن” ظهر، كان مخضوض، جري عليا، حاول يهديني، قال لي أن جبريل ونايل نايمين في أوضهم وإنهم بيقفلوا الباب كل ليلة الساعة 10 وأنه مش معاه المفتاح، مش هيقدر يفتحلي. بقيت أزعق زي المجنون، قلتله يصحيهم عشان مش هقعد ولا ثانية بعد كده، بس بعديها، حسيت بدوخة، جسمي كان لسه تعبان، تعبان أوي، مقدرتش أتمالك نفسي ، وقعت…..
بصيت حواليا، كان الصبح! كنت ممدد على سريري في أوضتي، لسه في اللوكانده……
تليفون الأوض بيرن، مديت إيدي بصعوبة ورديت…
-إيه يا عم أبانوب ينفع تخضنا عليك كده؟؟
=عايز….أمشي…..
قصه رمسيس يشهد
-ليه يا سيدي إحنا زعلناك ف حاجة؟ عمومًا انزل افطر وبعديها إحنا تحت أمرك، ميهونش علينا زعلك بس على راحتك.
نايل وجبريل قعدوا معايا ف قاعة الأكل، حاولوا يفهموا مني ، مكنتش عايز أتكلم ف حاجة، أنا أصلًا مش عارف أقول إيه، “شبح” طلع عيني من ساعة ما جيت ومش مهنيني بالقعدة؟ واحدة ست بتدخل وتخرج من أوضتي على راحتها، بتشخبط عالحيطة وبتلعب عالبيانو في الصالة المهجورة وبنلعب سوا إستغماية؟
وبعديها حصل اللي عمري ما كنت أتوقعه….
شفتها!
الشبح، شفتها، كانت بتتحرك بره قاعة الأكل، بس المرة دي كانت لمة شعرها ولابسه لبس عادي، وحركتها طبيعية..
قمت من مكاني وأنا مادد إيدي وبزعق:
=أهيه، أهيه، الشبح، أهيه، الست اللي كانت بتمشي قدام الأوضة واللي بتعلب عالبيانو، الشبح أهو…
الاتنين بصوا وراهم ناحية الإتجاه اللي كنت ببصله.. عم “جبريل” اتلفت ليا وقال:
-شبح إيه يا بني، أنت قصدك عالبنت اللي بره القاعة؟
=أيوه، أيوه هي، أنت شايفها؟ شايفها مش كده؟
-أيوه طبعًا شايفها دي “حسنية” بنت أخونا الله يرحمه وبتشتغل معانا هنا…
=لأ دي…دي شبح.
-كده، طب إستنى.
ندهلها.. عرفت من بصتها إنها هي، هي فعلًا اللي كانت بتعمل معايا كل ده! وهمتني أو أنا اللي اتوهمت إنها عفريته من تحركاتها المريبة!
…………………..
بقيت أتابعها، اتنقل وراها في كل حته لحد ما أخيرًا بقت لوحدها، كانت قدام قاعة من القاعات، اتسللت من غير ما تحس، شديتها من دراعها….
قلتلها:
=عايز أفهم!
-إوعى..
أول مرة أركز في ملامحها، وشها طفولي جدًا ممكن تديها بالكتير 12 سنة مع إنها في العشرينات، جوه عينيها نفس الحزن اللي شفته قبل كده، وراها حكاية….
سألت:
=أنتي كنتي بتعملي معايا كده ليه؟ كنتي عايزه مني إيه؟
شدت دراعها من إيدي… بصتلي للحظات كأنها عايز تحكي، عنيها بتقول كده بعكس حركة جسمها، مشيت وسابتني.
صحيح مفيش عفاريت بس في حاجة تانية بتحصل هنا، بقيت متأكد! حاجة مرعبة أكتر…….
…………………..قصه رمسيس يشهد
كنت متأكد، في حاجة هتحصل الليلة دي، لازم أفضل صاحي، مغبش عن الوعي أبدًا. قعدت على طرف السرير رجلي بتتهز طول الوقت في عصبية، مش قادر أسيطر عليها، لحد ما أخيرًا…..
الخطوات، “حسنية” قدام أوضتي! في ثانية كنت قمت وفتحت الباب، شديتها وقفلت الباب ورايا…..
-لأ، لأ، لأ!
=في إيه يا “حسنية” إيه اللي بيحصل؟ إحكي، إحكي متخافيش.
قعدتها وأنا فضلت واقف ببصلها، بحاول أطمنها….
بقت تهز في راسها بهستيرية، جسمها كله بيترعش..وأخيرًا بدأت تتكلم:
-أنا اللي عملت كل ده، قصدي أغلبه، أنا اللي كنت بمشي قدام الطرقة وبفتح أوضتك وبلعب عالبيانو في الصالة المهجورة وأنا اللي كتبت على الحيطة أن وجودك غلط وأنك المفروض تهرب وأنا اللي مسحت الكتابة ونضفت الحيطة.
=ليه بقى؟ ليه وجودي غلط وليه بتحاولي تطفشيني؟
-عشان كنت خايفة عليك، أنت كنت ف خطر.
=ثانية، ثانية، أنتي قلتي “أغلبه “، أغلب اللي حصل لي بسببك ومين المسؤول عن الجزء المتبقي، مين اللي عمله؟
قامت ، قربت شفايفها من وداني وهمست:
-هما!
=هما مين؟
-أنت عارف هما مين، هما اللي شربوك العصير وحطولك المخدر فيه، هما اللي أخدوا ورقك من الملف عشان يصوروه
ويعملوا تحرياتهم وأخدوا موبايلك وفتشوا فيه، عشان يتأكدوا….
=يتأكدوا من إيه؟
-يتأكدوا أن ليك أهل وأصحاب هيسألوا عليك لما تختفي!
=إيه اللي بتقوليه ده؟
-عامة، خلاص، أنت مبقتش ف خطر، تقدر تستريح، مش هيعملوا فيك حاجة، اختفائك هيعمل شوشرة.
=خلاص إزاي؟ لا معلش أفهم، هما أهلك دول بيعملوا إيه؟
-فارقة معاك؟
=أيوه طبعًا!
وطت على شنطتي، فتحت السوستة الصغيرة وطلعت سجايري وولاعتي، وولعت سيجارة! دموعها كانت بتسيل كأنها شلال من غير ما تعمل صوت… بعد شوية بصتلي وقالت:
-بكره، هيجيبوه، هما اللي هيجيبوه، هيلقطوا واحد مغترب، جي من محافظة تانية أو بلد بره مصر، راجل معاه فلوس، هيقعدوا يحققوا معاه، هيقولوا له مش مهم البطاقة عايزين نحكي معاك وهيحاولوا يقرروه عشان يعرفوا علاقته بأهله وإذا كان في تواصل، ويعرفوا مكانه ولا لأ، بعديها بيوم هيشربوه حاجة، هيحطوله مخدر وهيفتشوا ف حاجته عشان يعملوا تحرياتهم ولما يتأكدوا أنه مقطوع من شجرة أو على الأقل محدش عارف مكانه،
هيخدروه تاني، “جبريل” و”نايل” و”أيمن” و”أنا” اللي بالجبر هبقى معاهم ، هنقتله ونقطعه وندوب لحمه ونشيل البواقي ونرميها في المكان المعتاد ونسرق فلوسه أو ساعته الدهب عشان جبريل يكمل جولات القمار اللي بيخسر فيها كل فلوسه ونايل يصرف عالستات بتوعه…
=إيه اللي بتقوليه ده؟ أكيد لأ، في كده؟
-مش مصدقني، أقعد وأنت تشوف!
مشيت وهي بتبصلي، وشها بائس حزين عديم الحيلة.. ما داهية، ما داهية ليكون كلامها صح، وأنا مالي، أنا مالي؟
ما اللي يموت يموت واللي يتدبح يتدبح، لأ، مش هقدر، مش هقدر أبقى عارف أن في حد حياته ف خطر وأتخلى عنه، بس أصلًا هي أكيد مضطربة نفسيًا، ده باين من كل تصرفاتها، عايزه تتعالج، كل ده وهم ف دماغها….
…………………..قصه رمسيس يشهد
نزلت الصبح، لقيت حد واقف مع عم “جبريل” في الريسبشن، راجل شكله مقتدر، لهجته مكسرة، كأنه لسه جي من بره مصر وكان عايش هناك فترة، عم جبريل كان بيقول له أنه عايز يتكلم معاه ومش مهم البطاقة!
“أيمن” بيراقبه كأنه صياد وده الفريسة. هما مش كانوا قالولي أنه بييجي 3 أيام أيام في الإسبوع، ليه بيظهر كل يوم، كأن في مهمة ما…..
“جبريل” طول اليوم وكل ما يظهر النزيل بيحقق معاه، بيسأله عن أدق تفاصيل حياته….
اليوم اللي بعده شفته بيشرب عصير برتقان وبيغيب طول اليوم في الأوضة!
كلامها صح، يادي المصيبة، كلامها صح، حطوله مخدر وفتشوا أوضته، إحتمال كبير يبقى الضحية اللي جايه، هيدبحوه ويخفوا جثته عشان يسرقوا القرشين اللي معاه… وأنا، أنا هعمل إيه؟؟
“حسنية” جتلي، قعدنا في الأوضة، قالتلي أنه قدامه 3 أيام بالكتير، يكونوا اتأكدوا، وبعديها هيعملوا العملية المعتادة…
أنا فضلت أكرر جملتي بهسيتيريا:
=لازم ننقذه، لازم ننقذه، لازم ننقذه.
سألتني ممكن نعمل إيه. قولتلها نعمل نفس اللي هي عملته معايا، أكيد هيطفش، هنمشيه من اللوكانده….
بقينا نمشي قدام أوضته بليل متأخر، بس مكنش بيسمع، نومه تقيل، حاولنا نفتح أوضته بالمفتاح اللي مع “حسنية” بس كل مرة تقرب من الأوضة، يكون في حد، التلاتة كانوا بيحوموا زي النسر على فريسته…
مقدرناش نفتحها عشان نكتب عالحيطة أو نبعتر حاجته، حتى عزف البيانو في الصالة مستجابش ليه…
الوقت بيجري، الوقت بيجري، الليلة دي، قالتلي أن المعاد الليلة، هيدبحوه!
خرج يومها وهما كانوا مترصدين ليه، أول ما هيدخل من باب اللوكانده هيقفلوها ويبدأوا طقوسهم…
طبعًا قبلها هيحطولي مخدر في العصير عشان يضمنوا أكون ف سابع نومة….
مكنش في غير حل واحد، الناس دي لازم تقف، شوكتها لازم تتكسر وده مش هيحصل إلا لو….
لو بطلوا يتنفسوا، لازم يموتوا، عشان شلال الدم يقف، آخر دم هينزف هيبقى دمهم هما…
وأكتر واحدة محتاجة إنقاذ كانت “حسنية”، أكتر واحدة اتعرضت للإساءة النفسية والجسمانية…
قلتلها تقفل باب اللوكانده قبل ما النزيل يرجع، وتبدل كوباية العصير اللي هتتقدملي بواحدة مفيهاش مخدر وتقعد في أوضتي متتحركش لحد ما اخلص ….
قصه رمسيس يشهد
دخلت المطبخ جبت سكينة كبيرة وفرادة عجين… اتوجهت للأوضة اللي “حسنية” قالتلي عليها، التلاتة كانوا متجمعين، أكيد بيخططوا للي هيعملوه الليلة…..
فتحت الباب بالمفتاح اللي اديتهوني ودخلت……
ضربة سكينة وره ضربة بفرادة العجين، كنت عامل زي الروبوت، بضرب في كل اتجاه باستمرار من غير ما اتردد لحظة، لو كنت وقفت كانوا هيردوا، هيقتلوني. بعد ما خلصت، بعد ما قتلت التلاتة، بدأت أوعى، وشي كان مليان دم والأرض متغرقة، افتكرت، صريخهم وذعرهم، الوضع كان بشع، لو كنت بطئت عن كده مكنتش هعرف أكمل…
سمعت سرينة….البوليس!
يا دي الداهية، إزاي؟ إزاي لحقوا ييجوا؟ كنا هعمل زي ما “حسنية” قالت، كنا هنقطعهم وندوبهم، ملحقتش!
سمعتها بتصوت بهستيريا، جريت عليها، حاولت أخليها تسكت، مفيش….
البوليس كسر باب اللوكانده ولقيتهم فجأة قدامي. هي صراخها علي وقالت:
-هيموتني زي ما موتهم، مجنون!
جروني بره اللوكانده، خبطوا راسي على عربية الشرطة وهما بيقيدوا إيديا، قدرت أفهم كل حاجة في الحظة دي، من بصتها وهي واقفة بتراقب المشهد، عمامها و”أيمن” مكنوش مجرمين! لا قتلوا ولا كانوا ناويين يقتلوا، جبريل قال لي إمبارح أنها مختلفة معاهم عشان إدارة اللوكانده، مكنتش محتاج أعرف الأخبار اللي وصلتني في السجن بعد كده، والتحول اللي حصل للوكانده، بصيتها كانت كافية، هي اللي حطتلي المنوم في العصير المرة الأولى وهي اللي حطته في عصير النزيل الجديد عشان تقنعني بمخططهم الوهمي، كانت عارفه أن في نزيل هييجي في التاريخ ده وأنه جي من بره وحافظة عمامها وطريقتهم الودودة، وهمتني وإستخدمتني عشان تقتلهم بإيد نضيفة وتستولى على اللوكانده اللي كتبوها ليها في الوصية بس كان لازم يموتوا في الأول، ياما قالتلهم يوسعوا نشاط اللوكانده ، يستخدموا كل القاعات، يحولوها لفندق 5 نجوم بس هما كانوا فقريين، عايزنها تفضل بسيطة ويستقبلوا الناس البسيطة، وأنا كنت الحل لكل مشاكلها، حد لقطة، عاطفي ، ساذج، قدرت تدرسني من غير ما اخد بالي، الراجل اللي شايف القاهرة وناسها مثاليين، اللي بيجري وره وهم، قتلت اللي أكرموني واحتووني كأني إبن ليهم، قتلت 3 ملهمش ذنب عشان هي تعيش ومين الشاهد على حكايتي، مفيش غير رمسيس…..
تمت
قصه رمسيس يشهد
#ياسمين_رحمي
قصه رمسيس يشهد