قصص

قصه شقة مريم ( كامله)

شقة مريم
١
دماغك دليلك.. دليلك اللي ممكن يوصلك للقمة، او للقاع.. متنساش ان كل مخاطرة بتعيشها بيبقى ليها جانب مظلم أنت مش شايفه، وعلى فكرة مش هتشوفه غير لما تلاقي كل اللي حواليك لقيوك اتغيرت، اتجننت بقى.. لبسك عفريت، انت وحظك.
أنا فارس علام، عندي 25 سنة.. خريج كلية أداب اعلام، قسم صحافة حديثا، وده بعد معاناة اني انجح مع مجتمع مليان دكاترة يحبوا التقليدي في ظل وجود طُرق أخرى هتخليك تعلى، ومقالاتك هتبقى أقيم، زي اللجوء لمجالات ما وراء الطبيعة.. فده بالنسبة للدكاترة عندي في الجامعة فشل في حد ذاته، يمكن البعض بيشوف انه إهمال في المهنة… لكن اتجاهاتي كانت دايمًا واضحة ومختلفة، زي تقمصك دور شخصية أخرى مش فيك عشان بس توصل لتحقيق يطرقع.. يطلع تريند، مصر كلها تنام وتصحى بتتكلم عنه، وانت بقى يطلعلك مصلحتك واسمك يتحفر في ذهن كل شاب او راجل كبير.. لكن صدقني مبقتش تفرق، ده لأن الكل بقى بيجري ورا التريند.. طبعًا بعد ده كله انا اتخرجت من الكلية على الحركرك.. ده لما الدكاترة زهقوا مني فنجحوني، واللي اتعلمته في الكام سنة الزيادة اللي قعدتهم في الكلية هو اني ابتدي بالمألوف، بعدها أخش في الغير مألوف، وده اللي حصل لما دورت على أكتر جريدة وضيعة في مصر، جريدة تسمى بجريدة الشمس.. جريدة مديرها مجنون، مختل عقليًا زي مابيقولوا..
ومن هنا ابتدت قصتي لما عملت تحقيق عن حادث قطار وعرضته على صاحب الجريدة، اللي وافق على الفور لما عرف اني مش عايز مقابل مادي، وده طبعًا بعد ما قراء الكلام ولقاه يستحق النشر بالفعل، ده غير العنوان اللي حطيتوا على التحقيق “قطار يسكنه الجن” ماهو كان لازم احط التاتش بتاعي بردو، والحمدلله التحقيق نجح ولقى إقبال كبير من ناس اكبر، لكني كنت مرتاح هنا في الجريدة لما المدير ثبتني، ومش بس كده، ده اداني مكتب خاص بيا كان فاضي في مقر الجريدة، والمقر اللي هو عبارة عن شقة لكنها واسعة حبتين.. ومن هنا تبدأ النفسنة اللي موجودة في أي شغل من صحفي شغال في الجريدة اسمه علي، وعلي ده يبقى أهم عنصر في الجريدة.. ده لأنه المسئول عن السقطة واللقطة بتاعة الفنانات، زي بعدم اللامؤخذة شاهد فستان الفنانة المشهور كذا، وجمال الفنانة المتألقة كذه.. اصل الجريدة كانت تعبانة، فمش هتشتغل غير على جو البطانة والذي منه.
وبالرغم اني اشتغلت في قسم الحوادث بالجريدة اللي كان مترب من كتر ما اتهمل وماكنش حد بينزل فيه، وعلى قد ما كان علي شغال في قسم الفن اللي هو أهم قسم في الجريدة.. لكنه كان حاططني في دماغة، دخل للمدير وطلب منه إنه يمشيني.. أه والله، ده غير إنه اتهمني بالجنون، وإني بسرق الشغل من الناس، لدرجة إنه جاب له نفس التحقيق بتاعي لكن بعض المؤلفين محولينوا لقصص رعب تحت مسمى “مستوحاة عن أحداث حقيقية” لكنه نسي يراجع تواريخ نزول القصص دي على كل من موقع الجريدة الخاصة بينا، والمؤلفين، والجرايد الأخرى اللي سرقوا التحقيق.. في الحقيقة علي كان قدم ليا خدمة كبيره جدًا في الموقف السخيف ده، وده لأنه قدر يقنع المدير أكتر بامكنياتي، بالرغم من تقديري اللي كان في كلية مقدرتش قدراتي، وده لما المدير طلبني في مكتبة، مكدبتش خبر وقومت لمكتب المدير.. وقتها علي كان طالع من الأوضة ونظرات الأنتصار باينه في عينه، بصراحه قلقت من نظرته ، لكن مع لحظة فتحي باب الغرفة بدأ احساس الخوف ده يقل شوية لما لقيت المدير باصصلي وبيضحك.. بعدها بدأ يتكلم ويقول:
-أنت رائع يا فارس، حقيقي أنا مبسوط منك جدًا، لدرجة إنك تستاهل مكانة تانية غير اللي انت فيها.
زي أي أنسان اتصدم من رد فعل مختلف عن اللي كان مرتبلة في دماغه قولت:
-ده من ذوق حضرتك أكيد، يعني أنا مش عارف أقول لحضرتك إيه الحقيقة غير شكرًا على ثقتك الغالية.
مد ايده بموبايله صاحب التفاحة المشهور، بعدها قالي:
-اقرأ كده.
مسكت الموبايل ولسه كنت هنطق أعترض على اللي شوفته لكنه قاطعني وقال:
-عارف انه العنوان بتاعك، بس اقرأ كده وانت هتفهم.
قرأت الكلام اللي مكتوب، او جزء منه بشكل سريع جدًا وقولت:
-دي قصة يا فندم، عبارة عن تحقيقي بس فيها بعض الأحداث الزيادة، وفعلا رابطين الجن بالحادث.. و ده كان مجرد عنوان للتحقيق مش أكتر.
-براڤو عليك… مجرد عنوان وصل لجرايد تانية، ده غير بقى بعض المؤلفين اللي خدوها وبدأوا يكتبوا عن الموضوع.. والحقيقة انا مبسوط إن علي وراني الكلام ده.
قاطعته وقولت:
-وليه (علي) يوريك حاجه زي كده يا أستاذ تامر؟
-مش مهم علي دلوقتي، سيبك منه.. خلينا فيك أنت، أنت فيك موهبة كبيرة، موهبة تخليك أعلى من قسم حوادث وغيره.. أنت ليك في ما وراء الطبيعة، وده واضح من العنوان اللي انت كتبته، اما بقى عن حاجات ما وراء الطبيعة.. الدنيا مليانة.
-مش فاهم يا فندم قصد حضرتك.
-قصدي ان الشقق المسكونة كتير، والحاجات دي بتجيب ريتش عالي.
ابتسمت وقولت:
-زي فساتين الفنانين؟
لقيته بلع ريقة وبصلي من تحت لتحت وهو بيقول:
-حاجه زي كده.. المهم إمشي انت دلوقتي، وزي ماقولتلك الشقق المسكونة كتير، وكلك نظر يعني، ويلا بقى خد الباب في ايدك عشان مشغول، انت شايف هم الجريدة كله على كتافي.
رديت بنبرة فيها سخرية:
– أه… طبعًا طبعًا يا أستاذ تامر، استأذن أنا.
طلعت من المكتب، لكن في الحقيقه طلوعي من المكتب ماكنش بسبب انشغال استاذ تامر.. دي كانت حجة عشان يمشيني، هو وانا عارفين ان الجريدة دي فاضية، معظم اخبارها كوبي اساسا… لكن ده مينكرش إن كلام المدير دخل دماغي وأنا أشتريته، وخدت أول خطوة إني سألت على سمسار عن طريق واحد كده معرفة قديمة هو اللي عرفني بالجريدة، وقدرت أوصل لواحد فعلًا اسمه محمود.. من بعدها خدت منه معاد واتفقنا عليه، واللي كان يبعد من الزمن ساعتين من دلوقتي، فماكنتش بعيدة يعني.. قعدت في مكتبي شربت كوبايتين قهوة ارتب للتحقيق الجديد، واللي حاطط فيه كل مجهودي لغاية ما الباب خبط، نطقت وقولت:
-اتفضل.
دخل وقتها راجل قصير القامة، لابس نضارة متربه وعفو عنها الزمن، ده غير لبسه المبهدل وجذمته المقطعة، وقتها بدأ بتكلم وقال:
-اهلًا بحضرتك يا أستاذ فارس.
-اهلا بيك، اتفضل اقعد.
ابتسم ابتسامة خبيثة وقال:
-كلك ذوق، أنا مش جي اتضايف.
اتغيرت ملامحي لملامح غضب وقولت:
-هو ايه اللي تضايف، هنتكلم وانت واقف يعني ولا ايه يا أستاذ محمود، بالله عليك شغل دماغك معايه شوية.
أحرج من كلامي وقال:
-أه أكيد، أعذرني مواعيدي زي السيف، والواحد مش فاضي خالص، مشوار من هنا على مشوار من هنا.. اليوم بيبقى خلص.
قولت بصوت واطي:
-لا وأنت مشاء الله عليك، مواعيدك مقطعة بعضيها.
-بتقول حاجه يا استاذ فارس؟
-لالا خالص كنت عايز شقة كده يبقى سعرها في الحنين.
لقيته بَص ليا من تحت النضارة وقال:
-طلبك عندي، ومش عند حد غيري.. شقة صحابها سابوها من سنين، ودلوقتي مفيش غير صاحبها وارثها من اسكندرية موكلني للشقة، وهو قاعد هناك مريح دماغة، ويدوبك سعر الشقة 300 جنية في الشهر مش اكتر، لا وكمان الشقة في حته محترمة جدًا، يعني حضرتك هترتاح فيها، وهتعرف تروح وتيجي شغلك زي ماتحب.
ابتسمت وقولت له:
-بس أنا سمعت يا أستاذ محمود إنك أجرت الشقة دي كتير، واللي بيجي بيقعد فيها ويسيبها من غير لا ياخد تأمينها ولا أي حاجه، أكنهم مأجروش أصلا، عشان اسهلها عليك.. بيهربوا يعني.
لقيته اتوتر وهو بيقول:
-أنا سمسار يا أستاذ فارس، وبجيبلك الحنين.. من بعدها باخد اللي فيه النصيب.
-واللي فيه النصيب ده بقى بيبقى كام مره في الشهر؟
لقيته قام من مكانه وقال:
-مش اسلوب ده يا أستاذ فارس، حضرتك جي تهزقني في مكتبك!!
-يا راجل اقعد كده متبقاش قفوش، هديك 400 جنية.. هقعد اسبوع في الشقة لا من شاف ولا من دري.
لقيت الضحكة رجعت على وشة وهو بيقعد على الكرسي بيعدل هدومه وبيقول:
-نمضي العقود بقى.
-توء توء توء.. عقود ايه يا راجل يا طيب، ال 400 دول حلاوة في جيبك، تقعدني في الشقة الأسبوع ده مش أكتر، اكون خدت اللي أنا عايزة.. وأنت خدت مصلحتك.
-طب وانت غرضك ايه من ده كله؟
-هي سهله وبسيطة، بس ميخصكش.. كل اللي يخصك فلوس، وانا أشوف اللي بيجرى جوه الشقة الملعونة دي، امين؟
قعد يفكر لثواني معدودة، لكن الأجابة كانت واضحة وسط عيونة اللي بتلمع على الورقتين اللي ب 200، وفي النهاية رهاني كان كسبان وأخد الفلوس زي ماكنت متوقع، مضيعتش وقعت واستأذنت من المدير اللي رحب لما عرف اني لقيت القصة التقيلة اللي هو عايزها، لكن الحقيقة ماكنش ده بس اللي في بالي، حاجات تانية كتير كانت في بالي أولها إني عايز اجرب، واخرها التحقيق…
وصلنا الشقة اللي كانت عبارة عن 3 أوض وصالة.. أوضتين مفتوحين، وأوضة مقفولة.. ده غير التصميم القديم بتاع الشقة، تصميم من الثمانينات تقريبّا.. أول حاجه سألت عليها كانت الأوضة المقفولة، واللي كنت متوقع جدًا إن الأوضة دي هي فيها العفريت اللي بيطلع يخلص على كل اللي بيسكن الشقة هنا، لكن رد السمسار كان مختلف، وصادم في نفس الوقت لما قال:
-اللي انت عايزه موجود في كل حته، يمكن أكتر حته هتلاقي فيه هو الريسيبشن عند التلفزيون، لكن الأوضة دي مقفولة عشان فيها كراكيب كتير.. كراكيب بتاعة اصحاب الشقة الاصليين، وده كان طلب مالك الشقة ان كل حاجه ليهم في الشقة تتساب هنا، فجات عروسة سكنت الشقة هي وعريسها، فخدوا كل الحاجات اللي ملهاش لازمة وحطوها في الاوضة دي واتقفلت، ومن ساعتها محدش بيخش الأوضة دي، مش عشان رعب والذي منه، عشان الشرط اللي قولتلك عليه، والشقة واسعة زي مانت شايف.
وقتها كنت خدت اللي أنا عايزة خلاص فقولت:
-اذنك معاك بقى يا حودة، مش هوصيك.
-عنيا، بس هو اسبوع، لو كترت السعر هيبقى الدوبل.. متنساش ان البواب بيتراضى بردو.
-خد الباب وراك.
-هكلمك بكره لو كنت لسه موجود.
شاورت له على الباب وقولت:
-من هنا يا حودة، انت بتيجي كل اسبوع مالحقتش تنسى.
أخد الباب وراه فعلًا وكل حاجه كانت تمام، كسلت وقتها ارجع الجريدة وقررت أريح ضهري شوية لأني كنت هلكان اليومين اللي فاتوا.
قعدت في الأوضة المقابلة للصالة، بعدها ريحت ضهري… نمت نوم عميق، وده بالرغم ان السرير قديم لكنه كان مريح جدًا الحقيقة، في نص الليل صحيت عطشان، فقومت دخلت المطبخ املى كوباية الماية، بعدها بدأت أسمع صوت تزيق.. صوت التزيق ده كان جي من الأوضة اللي أنا كنت قاعد فيها، بمعنى اصح من على السرير اللي كنت قاعد عليه، قولت إن ده طبيعي في ظل إن السرير قديم، لكن اللي مش طبيعي اني الاقي طفل او طفلة شعرها كان مش طويل اوي كعادة البنات، لكنها كانت جاية عليا وهي مغطية وشها بشعرها وداخلة المطبخ بتفتح التلاجة وبتطلع ازازة ماية منها، ده كله بالرغم إن مفيش اصلا ازايز ماية في التلاجة، وقتها كنت واقف في مكانى مش بتحرك، هدوء تام لغاية ما البنت أخدت بعضها ورجعت تاني اوضة النوم، من بعدها رجع صوت التزيق مره تانية على السرير لغاية ما هدي، وده دليل على إن الطفلة نامت، بس طفلة ايه بقى اللي قاعدة معايه على نفس السرير بقالها خمس ساعات وانا مش حاسس!!
رجلي شالتني لوحدها وبدأت تتحرك تلقائي للأوضة بالرغم اني بحاول أوقف نفسي، لكن من الواضح ان رجلي أخدت القرار من شيء أخر غير مخي، لكني أول ما دخلت الأوضة الباب بدأ يتقفل ببطيء شديد لدرجة إن صوت تزيق الباب كانت مرعب، وقتها مبقاش في غير ضوء خافت جي من الشباك ناحية الباب، لفيت وسطي أبص في ايه، لقيت واحده واقفة في زاوية الأوضة جنب الباب بشكل مرعب وهي بصالي من عين واحده باينة من شعرها، بعدها بدأت تبتسم ابتسامة بشعة وهي بتقول:
-أنت ايه اللي جابك شقة أبويا!!.. أنت كمان عايز تعمل زي الملعون اللي لعن البيت زمان.
بدأت أخد خطوة ورا التانية للخلف ببطيء وأنا بقول بتهتهه:
-مين الملعون!!.. ومين اللي لعن البيت، أنا كنت جي بعد اللي سمعته عن الشقة دي، لا أكتر، ولا أقل.
لقيتها صرخت بصوت عالي لدرجة إني حسيت بحاجه زقتني بعد ما قالت:
-كدااااب..
بعدها بدأت تقرب مني وهي بتقول:
-كداب زيك وزي كل اللي قبلك، المختلف انك جي عشان تعرف حقيقة تفيدك أنت.
بدأت أرجع ببطيء شديد لورا زي مانا، وهي كانت بتقرب مني وبتقول:
-هسيبك هتمشي من هنا.. بس أفتكر كويس إني مش هسامح، ومش هخاف… لما خوفت كل حاجه من انتهت من ايدي، ومش هدي لحد فرصة تاني عشان ينهي حياتي.
وقتها كنت وصلت البلكونة وعلى حافة السور، وهي كانت في لحظة قدام عنيا، مش هنسى ابتسامتها، ولا حتى ريحتها الكريهة وفستانها الابيض المتلطخ بالدم.. كل ده فكرت فيه بلحظات قبل ارتطام راسي في الأرض، ده كله قبل ما أقع من البلكونة، غيبت عن الوعي تدريجيًا وصحيت مره تاني وأنا على نفس السرير الملعون، لكن المرادي ماكنتش قايم أشرب ماية، كنت صاحي على المنبه، وقتها كانت الساعة 8 الصبح وكنت اتأخرت على الشغل، فقومت غسلت وشي لكن عيني كانت على البلكونة وأنا بعيد مشهد أمبارح زي ما حصل بالضبط، لكن الحقيقة ماكنتش حابب أقعد أكتر من كده في الشقة، فبهدومي نزلت من الشقة طلعت على المكتب.
أول حاجه قابلتها في وشي كان علي وهو باصص ليا بنظرة حقد، وكان ناقص يفتعل معايه خناقة، لكن في الحقيقة ماكنتش فاضي لشغل العيال ده ودخلت مكتبي، قعدت على الكرسي، طلعت ورق كتير قصادي.. فضلت ارسم وأطبع على الورق كل اللي حصل، بعدها برمي اللي عملته في الزبالة اللي في الجانب المقابل ليا من المكتب، وزي ماكنت متوقع كل اللي كنت بعمله ده مالوش أي قيمة الحقيقة، وده بسبب اللي شوفته أمبارح، بس الموضوع مبقاش ليا مُجرد تحقيق، بالعكس.. الموضوع كان بالنسبالي فضول، مين البنت دي؟.. وليه سابتني امبارح، طب ليه اصلًا ظهرتلي.. ماكنش قدامي غير إني أتصل بمحمود، وفعلًا بدأت أتواصل معاه ورد عليا:
-ألو يا أستاذ فارس، كويس انك لسه عايش.. لو بتسأل على الإيجار فأنا أسف بقى الاتفاق اتفاق.
-مين البنت دي؟.. وليه ظهرلتي؟.. الشقة دي بتاعة مين بالضبط.
لقيته بلع ريقة وقال:
-هو أنت لسه مُصر على قعادك في الشقة بردو!!.. أنت مبتحرمش ولا ايه؟
-بقولك ايه يا حودة، أنت مقعدني في شقة من غير لا عقود، ولا غيره.. ولاهف ضعف تمن الأيجار، وخد بالك أنا معايه اللي يثبت ده كله.
ضحك وقال:
-يثبت ايه بالضبط؟.. ده احنا كنا في مكتبك وكل حاجه مشيت حبي، هتثبت الكلام ده ازاي بقى؟
بخبث شديد قولت:
-بالمكالمة اللي حضرتك اعترفت فيها بكل حاجه دلوقتي.. فزي الشاطر كده تقولي كل اللي تعرفة عن الشقة دي، بالذات البنت اللي ظهرتلي من العدم دي كمان.
نبرة صوته اتغيرت لنبرة هزيمة لما قال:
-وليه ده كله يا أستاذ فارس ده أنا بحبك حتى، اللي أنت عايزة ده هتلاقي مع البواب عم رزق، لكن أنا اللي اعرفه مهما كان مش هيفيدك زي ما أنت متخيل .
-حبيبي يا حودة كده تعجبني، بس لو لقيت موبايلك مقفول وعملت فيها مختفي لما اعوزك.. فيؤسفني إني أقولك التسجيل ده هيتسلم للشرطة وهما يلاقوك براحتهم، سلام.
قفلت مع محمود السمسار واستأذنت مره تانيه من المكتب، بعدها نزلت روحت العمارة الملعونة لغاية ما لاقيت عم رزق البواب كان قاعد على بوابة العمارة زي كل يوم، لا ومزاجة رايق وقاعد بيغني.. فقعدت على الكنبة اللي هو قاعد عليها وانا بقول:
-ايوه ياعم رزق يا فنان، ايه الحلاوة دي كلها.. ده أنت تقدم في the voice بقى، اصل أنا سمعت إنهم عامليين برنامج للكبار.
بدأ يتكلم بلهجة صعيدي وهو بيقول:
-عايز ايه يا ولدي، الشقة مسكونة وأنت داري.. إيه اللي چد ؟
-اللي جد يا عم رزق إنها ظهرلتي من العدم، فضلت تتكلم كلام غريب عن لعنة، وغدر.. بعدها سابتني بدون مبرر، مع انها كانت ممكن تؤذيني، بس بالعكس صحيت تاني يوم زي الفل.
-وأنت متضايق لأجل إنها سابتك بحالك يا ولدي، ولا لأجل إنك مافهمتش.
-استغربت يا عم رزق.. يعني ايه بعد كل الكلام اللي على الشقة دي يطلعلي طفلة تقول كلام مش مفهوم وتختفي.. ده بعدم اللامؤخذة كانت بتبقى ليلة الدخلة وبيطلعوا رمح من الشقة زي مابيقولوا.
ضحك وقال:
-زي علي صاحبك كدهون يا ولدي؟
استغربت كلامه وقولت:
-علي صاحبي!!.. وايه دخل علي صاحبي بالشقة؟
-كان هنا من سنة بالتقريب، ولقيناه بيرمح بره الشقة على الفچرية وهو بلباس النوم.
-لا والله يا عم رزق أنا أول مره أسمع الكلام ده منك دلوقتي، أنا فاكر اني اول واحد أجي الشقة دي من الصحافة، او على الأقل المكتب.
لقيته اتلجلج في الكلام اكنه قال حاجه ماكنش ينفع تتقال، فكمل كلام وقال:
-غلطان يا ولدي، كتير جوي جوي جم الشقة حدانا، لكن محدش وصل لأيوتها حاچة، الشقة دي يا ولدي مسكونة بروح بنت صغيرة وأبوها.. أبوها اللي اختفى من تلاتين سنة وأكتر يا ولدي، ده بعد ماسمعته حدايا الفچرية بيقولي انه مسافر، ومن بعديها فص ملح وداب، لا حد شافه، ولا حد سمع عنه ايتها حاچة.. من ساعتها كل اللي بيقرب من الشقة بيتلعن، وميفكرش يهوب حداها واصل.
-ومتعرفش صاحب الشقة وبنته راحوا فين يا عم رزق؟
تتبع.
شقة مريم
٢
ومتعرفش صاحب الشقة وبنته راحوا فين يا عم رزق؟
-أبدا يا ولدي، مفيش غير من كام سنة عرفت إن الشقة كانت متباعة لواحد في اسكندرية، والأوراق كلها كانت سليمة.. فبدأت الشقة تتأجر، لكن اللعنة كانت بتزيد.. وأي واحد بيطمع باللي في الشقة كان بيچرالة اللي بيچرالة.
-شكرًا ياعم رزق، كتر خيرك على المعلومات اللي اديتهاني.
-على إيه يا ولدي..أنا اللي مُتشكر على الحلاوة اللي بعتهالي مع محمود.
فهمت وقتها هو عايز ايه، فطلعت 100 جنية وكرمشتها في جيبة، بعدها رجعت المكتب مره تاني، والمرادي كنت عارف أنا هعمل إيه كويس…. أول ما وصلت المكتب، فضلت اسأل على مكان علي، لغاية ما وصلتله بالفعل واللي استغرب جدًا إني بدور عليه بنفسي، لكن ده ماكنش سبب يخلي يوافق يكلمني، لكني سبقت رفضة وقولت:
-كنت بتعمل ايه في عمارة 5 ؟ الدور الأول بالتحديد.
لقيت ملامح وشه بدأت تتبدل لملامح خبيثة لما قال:
-عادي، ماكنتش لاقي شقة فقعدت فيها.
-ماكنتش لاقي شقة ازاي يا علي وأنت أصلا دبلة الجواز في ايدك منوره، وعم رزق مذكرش خالص انك كنت جي انت ومراتك.. يبقى معنى كده انك جي لوحدك برجلك عشان حاجه معينه.
انفعل عليا وصوته بدأ يعلى اكتر وقال:
-براڤو عليك، أنا كنت جي عشان اللي أنت روحت لأجلة.. فمتعملش نفسك شريف أوي، الفرق بنا لغاية دلوقتي إنها رفضتني، وبصراحه أنا مش مهتم بالموضوع، ويالا بقى إذنك معاك عندي شغل كتير وسهره أطول.
-سهره؟!
اتلجلج في الكلام وقال:
-يا سيدي بسهر أشرح للعيال كل ليلة أربع عشان درس الأنجليزي بكره.. بقولك ايه متشغلنيش أنا فيا اللي مكفيني، روح شوف شغلك أنت مش هتعيشلك على تحقيق طرقع صدفة واحنا نطفح الدم كل ده، بعدها يجي عيل زيك يتحجزله مكتب من مفيش.
في الحقيقة ماكنتش قادر أتخانق، وكمان أنا لسه جديد في الجريدة.. ومن الواضح إن محدش من الموجودين هيقف في صفي، فكل النتايج بتُشير إن لازم رجلي تزقني لبرا المكتب خالص على قهوة المعلم صالح أشربلي كوباية شاي.. لكن قبل كل ده أروح شقتي أستحمى وأغير هدومي اللي بقالي يومين مغيرتهاش دي..
وصلت البيت ودخلت الحمام، شغلت الدُش وقعدت في البانيو، بعدها شديت الستارة وفضلت افكر في كل اللي حصل اليومين اللي فاتوا، اسئلة كتير في دماغي واجوبتها بين جدران شقة مقفولة من سنين، بعدها أفتكرت الراجل صاحب الشقة… أكيد عنده بعض الأجابات للأسئلة اللي عندي!!
قومت من البانيو مسكت الفوطة حطيتها على وشي، لكن وأنا بمسح وشي شوفتها من بعيد، كانت متكومة جنب الحيطة وبصالي نفس النظر المرعبة، شعرها مغطي وشها كله معادا عين واحده مرعبة بصالي منها، من غير ماتتحرك حركة واحده لقيتها بدأت تتكلم وتقول:
-مش هتلاقي اجابتك.. اجابتك مش هتلاقيها غير في المكان اللي ابتدى منه الأحداث.. الأحداث اللي من بعدها أختفينا من الوجود، لكننا لسه حواليك، افتكر اننا لسه حواليك يا فارس، والممول هو اللي بيخبي حقيقة ادفنت بين جدران منزل من سنين.
قومت أجري عليها لكني كنت أتزحلقت وقتها على دماغي اغمى عليا، فتحت مره تاني وأنا في أوضة مظلمة، لكني كنت عريان زي ماكنت في الحمام بالضبط.. فشديت فوطة من جنبي كانت مغطيه حاجات مش قادر أحدد إيه هي لظلمة الأوضة الشديدة، لكن في وسط العتمة نور زي ما بيقولوا.. لقيت نور جي من على كوميديون قديم على حسب اللي أنا قادر أشوفوا منه يعني، النور ده كان جي من درج من الأدراج، فتحت الدرج بكل هدوء، وقتها لقيت سبحة لونها دهبي، جنب السبحة لقيت ورقة.. شديت الورقة من الدرج، في الحقيقة هي كانت ورقة قديمة والتراب مش مفارقها، لكني فتحت الورقة، بعدها ولعت الأباچورة القديمة اللي قصادي، من بعدها فتحت الورقة اللي كانت فاضية تمامًا مفيهاش أي حاجه.
و للمره الاولى كنت بتمنى أسمع صوتها وأنا محتاج تفسير لكل اللي بيحصل قصادي لما قالتلي:
-السر مش في الورقة، الورقة كانت مُجرد وسيلة عشان اخد اللي أنا عايزاه.
لفيت ضهري ليها المرادي وأنا مش خايف، أصل لو عايزه تموتني كانت موتتني من بدري، لكني زي أي صحفي عايز يعرف الحقيقة قولت :
-وايه اللي أنتي عايزاه؟.. أنتي عماله تلعبي بيا زي العروسة وأنا مش فاهم أي حاجه!!
ضحكت ضحكة مرعبة:
-مش أنا اللي بلاعبك يا فارس، هما اللي بيلاعبوك ورموك في مصيدة فيران عشان ورقة زرعتها في دماغهم، لكن أنت مختلف، وأختلافك ده هو اللي نجاك من ايدي.
-بس أنا اللي أعرفوا إنك عمرك ما قتلتي منهم حد.
-لأنهم معملوش حاجه، هما اتلعب بيهم زي ماتلعب بينا.. لكن خلاص الحقيقة قربت تتكشف.. وكله في ايدك، تساعدني، يا تساعدني، مالهاش حل تالت يا فارس، وأنا عارفه كويس إنك مش هتخذلني، بالذات لما تروح المكتب النهاردة الساعة 12، ومن هنا هتفهم كل حاجه، بس أهم شيء يفهموا إن الورقة معاك.. ورقتك دليلك.
بعدها بدأت تتراجع ببطيء شديد وهي بتختفي من قصادي، وأنا زي المجنون بجري عليها لغاية ما خبط في الباب وقعت على بركة ماية، بعدها فوقت وأنا في البانيو وكل حاجه طبيعية… قومت لبست وبصيت في الساعة لقيتها داخلة على 12 تقريبًا، من غير مافكر نزلت المكتب.. بالرغم إني عارف ومتأكد إن المكتب هيبقى مقفول في ساعة زي دي، لدرجة إني بدأت أقول لنفسي(أنت اتجننت ولا إيه يا فارس، معقولة هتسمع كلام عفريتة!!) لكن في الحقيقة أنا ماكنتش بسمع كلام عفريتة، أنا كنت سامع صوت الحدس الصحفي وهو بيناديني.
أول ما وصلت المكتب لقيت شباك من الشبابيك منور!.. معنى كده إن في حد جوه المكتب، وقتها لقيت علي طلع بيبص من الشباك وعلى وشة علامات الخوف والقلق، فخدت بعضي وشغلت كاميرا الموبايل وأنا طالع على السلالم ببطيء شديد، بعدها سمعت أستاذ تامر بيتكلم مع حد أول مره أسمع صوته:
-بقولك ايه يا دوكش، البضاعة دي تتوزع على الموزعين قبل طلوع الفجر، الحكومة مفتحه عينها وأنا عايز 100 ألف جنية ضروري ومفيش وقت للتفسير.
رد عليه بصوت خشن:
-بس ياباشا الحوار كده مش مظبوط، واحنا اتفقنا الفلوس بعد التسليم، لكن ايه اللي جد بقى؟
-اللي جد اني اتزنقت يا سيدي، وتمن البضاعة دي معدي ال 5 مليون جنية، انا عايز 100 الف وهتاخدهم بفوايدهم ياسيدي.. اعتبره عربون محبه.
-أمين، سهله وموجودين في العربية بمشي بيهم لو اتزنقت.. بس افتكر اني عملت معاك الصح.
-فوق الصح كمان، أنا هنزل أخد منك الفلوس، وأنت معاك علي أهو ظبط معاه كل حاجه لغاية ما البضاعة تتوزع.. بس افتكر ان كل حاجه لازم تخلص قبل الفجر، ده لأن الحكومة هتعدي هنا في المنطقة الساعة 6 بالدقيقة.
-مش أول مره يا معلم، سهله متقلقش.
نزلوا فعلا تحت ومعاهم علي كمان.. فنزلت وراهم واستخبيت في كشك كان بيقعد فيه الأمن، لكن من الواضح ان محدش قعد فيه من زمن لحالته، وقتها المدير أخد الفلوس والراجل اللي معاهم طلع تاني المكتب، لكن علي و المدير فضلوا واقفيين يتكلموا مع بعض، وكان واضح على (علي) التوتر الشديد، واضح انها أول عملية مخدرات يقوم بيها.. لكن ده اللي كنت فاهمه في الأول قبل سمعت المدير بيقوله:
-رزق مش هيسكت، ده لأنه حاسس بخطر ناحية الواد اللي اسمه فارس ده، وحاسس كده انه مش بس هيجيبلنا الدليل.. ده كمان هيبلغ عننا، وطلب ال 100 الف جنية.. فلازم دلوقتي أطلع على العمارة اديلوا الفلوس قبل ما عقلة يخلي يعمل حاجه كده ولا كده، احنا مش ناقصيين مصايب.. كفاية الكوكايين اللي مالي الشقة فوق ده.
بنبرة مهزوزة علي كمل كلام وقال:
-أنا خايف من كل اللي بيحصل حوالينا ده ومش مطمن نهائي، والواد رزق ده بقاله 30 سنة ساكت، جي في وقت زي ده ويتكلم!!.. لكنه غدار، غبي.. قال لفارس حاجات ماكنش ينفع تتقال، ماغلطش لما قولتلك انه كبر وخرف يا تامر باشا.
-مش مهم دلوقتي مين هيتكلم وهيتكلم امتى، انا اللي غلطان اني بعت الواد ده للشقة مخصوص عن طريق محمود، بس انا قولت الواد ذكي وممكن يعرف يجيبلنا الورقة من العفريتة اللي في الشقة دي.. العفريتة اللي عملتها بإيدي من 30 سنة.
في ظل نبرة الخوف اللي كانت عند علي، لكن في لحظة النبرة دي اتغيرت لنبرة غيرة وحقد من الكلام اللي سمعه لما قال:
-اهو اخرة انك تفضل حتت عيل زي ده عليا يا تامر باشا، ادي بقى خطر علينا.
-مبقاااش.. مبقاش يا علي، احنا شاكيين بسبب تصرفاته.. لكني لا عليتوا عليك ولا أي حاجه، الواد كان هيودي الجريدة حته تاني، فتظبط كده وتطلع للناس اللي فوق دي من غير شوشرة، الناس نايمة دلوقتي.
-حاضر يا تامر باشا، بس افتكر ان انا من الأول ماكنتش موافق على كل اللي بيحصل ده.
لقيت المدير في لحظة اتعصب عليه ومسكه من لياقة القميص اللي لابسه وقال:
-مش من حقك.. مش من حقك ترفض وتوافق، ومش هعيدها تاني.. انت تطلع تشوف اللي بيحصل وانا هخلص المصلحة وهرجع، ولو سمعتك بتشتكي تاني وديني المسدس اللي معايه ده هفرغة فيك.
بعدها نبرة صوت المدير هديت وهو بيعدل قميص علي وبيقول:
-شوف بقى بتعصبني عليك ازاي!.. اطلع يالا.
من غير ولا كلمة علي كان طلع فوق بهدوء تام، من بعدها المدير ركب عربيته واتحرك للعمارة اللي بتبعد عن الجريدة بكام شارع، انا اختصرت الطريق ومشيت بسرعة في الخفاء عشان محدش يشوفني، من بعدها طلعت على العمارة، واللي بالمناسبة كانت يومها فاضية تماما، ماكنش في غير مدام سعاد في الدور الخامس بس ودي ست سمعها على قدها، لكن الباقي كان سايب العمارة، فأعتقد ده كان سبب إن المقابلة كانت في العمارة، تحديدًا في أوضة رزق البواب.. الأوضة اللي وصل ليها المدير قبل وصولي بحوالي خمس دقايق.
لكن أول ما وصلت قدرت استخبى في مكان ميقدروش يشوفوني منه، وبدأ يحصل بينهم حوار.. لكن من الواضح ان الحوار بينهم كان اشتد لما وصلت وسمعت رزق بيقول:
-يا سعادة الباشا ملاليمك دي مبقتش تسكتني، بكفياك معاندة، البت بتظهرلي كل شوية وبتهددني، وأنا خلاص كبرت، بكفياك بقى يا ولد عمي.. بكفياك.
-يعني ايه بتظهرلك، ويعني ايه كفياني معاندة يا راجل يا مخبول؟
-كل اللي بيحصل بيناتنا دلواكيتي شوفته بحلم.. حلم انتهى بتشريفة الأستاذ فارس، واللي واجف حدانا على السلم.
-واجف حدانا!!
بعدها طلع المدير من الأوضة، وقتها ماكنتش قدرت اختفى من قصاد عينه، شافني… شافني وصوب المسدس ناحيتي قبل ماجري على الدور الأول، الدور اللي في الشقة الملعونة.. فتحت بابها بسرعة، لكني ماكنتش أسرع من المدير اللي لحقني للدور الأول والمسدس بتاعه كان متصوب ناحية راسي في مشهد درامي اتبعه دخولي الشقة وانا رافع ايدي وبقول الشهادة، بعدها المدير بدأ يقول:
-عاجبك كده… أهو أنت بتدخلك اللي مالوش لازمة ده موتك هيبقى على ايدي، كان ممكن تساعد وانت ساكت، بس متخافش.. هدفنك جنبها.. في الحيطة.
بلعت ريقي وبدأ الرعب يتملكني:
-تقتلني!!.. ومين اللي في الحيطة، لكن مين اللي في الحيطة ايه.. أنت اللي مين بالضبط!!
-شيطان.. شيطان في جنس بني أدم، وزي ماعملت جريمة من 30 سنة وقدرت أخبي أثارها.. فاقدر أعمل زيها واخبيها بنفس الطريقة.. بس تعرف ايه المميز بين الجريمتين؟
بعدها صوب عليا المسدس وقال بصوت عالي:
-قولي ايييه؟
بنبرة خوف قولت:
-اييه، ايه.
-انكم انتو الاتنين مالكمش اللي يسأل عليكم، فمفيش أسهل من كده جريمة.
في اللحظة دي الباب اترزع، بدأت الشبابيك تخبط في بعض.. الحيطة اللي قصادي واللي عليها التلفزيون بالتحديد بدأت تتحرك، شروخ ضربت الحيطة.. بدأ الدهان يقع اتبعة المحارة.. بعدها طلعت من وسط الحيطة، هي مين.. هي اللي بتظهرلي كل مره، هي المشكلة اللي شدتني معاها بنفس طريقتها وقصت شعرها المرعبة، ده غير فستانها الأبيض اللي ملطخ بالدم.. وقتها كنت شايف في عين تامر المدير الرعب، بدأت ايده ترتعش، ده غير عينه اللي بؤرتها وسعت بدل الضعف ضعفين، كان زي المشلول قصادها، حتى السلاح كان وقع من ايده وهو بيقول:
-مريم!
ردت عليه وعلى وشها نظرات رعب وغدر قادر اميزه من عين واحده واضحة من وشها:
-فاكرني يا تامر، فاكر الدروس اللي كنت بتديهاني في نص الليل، ده لأن أبويا استأمنك عليا بعد ما رفضت أخد دروس، ده عشان العيال بيتريقوا على عيني التانية وإني بعين واحدة، ولا الاوضة.. الاوضة اللي كنت بتاخدني فيها بنص الليل وابويا نايم ومستأمنك عليا، كنت بتلاعبني لعبة العرايس الموسيقية.. دبحتني وأنا حيه.. طعنت أبويا في شرفة في ليلة مطلعلهاش شمس، وفي اوقات زي دي تصليح غلطك ماكنش بجوازة لطفلة مش فاهمة حاجه، لكن التمن الحقيقي كان رقابتك، وانت عارف كويس ان ابويا ماكنش هيرضى غير برقابتك بعد ماقولتله على كل حاجه، وده لما لقى فستاني ملطش بالدم وانا قاعدة في الاوضة طول الليل ببكي على الألم اللي كنت حاسه بي، لكنك لحقت نفسك وبرصاصة قدرت انك تقتلني أنا وأبويا، والحيطة كانت المكان اللي مش ممكن مخلوق يعرف اننا هنكون موجودين فيه..
وقتها رزق البواب كان بيحاول يهرب من المكان وهو بيفتح الباب، لكنها صرخت فيه وقالت:
-لكن شهادتك يا رزق انك سمعت ابويا بيقول انه هيمشي دي مخلتش حد من العمارة يبلغ عن اختفائنا، وعشان كده هتدفع تمن كل اللي حصل أنت والقاتل اللي جنبك.
بدأ رزق يفتح في الباب ويقول:
-أرحميني، أرحميني يا بتي.
ضحكت وقالت:
-بنتك، دلوقتي بنتك.. طب فين بنتك وانت بتدفينها هي وابوها بالحيطة عشان عشرين الف جنية لا بيودوا ولا بيجيبوا.
بعدها بدأت الحيطة تتشقق اكتر، ومن وراها بدأ يظهر هيكل عظمي لراجل وبنت صغيرة ماسكين ايد بعض.. كأن كل حاجه بتتعاد تاني… وفي لحظة تامر ميل خد المسدس وفضل يفرغة في مريم، لكنها كانت بتتحرك ناحيته بكل سلاسة وهي بتقول:
-الموت، خايف منه!!.. ماكنتش خايف وانت بتعمل لعبة من بتوعك، وكل ده ليه!!..عشان حتة ورقة كنت بجيبهالك في منامك كل ليلة عشان تفتح الشقة تاني؟.. لكن مفيش ورق يا تامر، دي كانت مجرد خدعة حاولت بيها سنين اتخلص منك، لكنك كنت حريص ومش بتيجي الشقة هنا ابدا، حتى موضوع الورقة خلاك تجيب ناس عشان يجيبوها لك، دايما كده عايش جبان، لكنك اخر مره بعت ليا المنقذ بإيدك.. المنقذ اللي هيقدر يساعدني، المنقذ ده هو فارس، واللي بيه قدرت أخليك تبقى متواجد هنا دلوقتي، ومنها هتخلص منك.
رصاصة.. رصاصة طايشة جات في كتفي، وقعت واغمى عليا.. كنت شايفها قصادي وهي بتكلمني وبتقولي ان كل حاجه انتهت، لكني حسيت بصوت رزع الباب، من بعدها محستش بأي حاجه.
صحيت مره تاني وأنا على سرير غريب، كان حواليا ناس كتير بتطمني.. بعدها واحد قال:
-بقولك يا أستاذ، انت ربنا كتبلك عمر جديد، ده غير البواب اللي اعترف بكل حاجه وماجبش سيرتك.
عرفت بعديها ان دول الجيران، سمعوا صوت رصاص فطلعوا جري على الشقة، مسكو رزق و تامر، بعدها اتصلوا بالشرطة.. ودلوقتي تامر ورزق في القسم، اما محمود و علي فدول لسه الشرطة بتدور عليهم، بالذات اني بلغت عن تجارتهم بالمخدرات، لكن للأسف التسليم كان تم قبل ما الشرطة توصل المكتب.. انما بقى بالنسبة للحق فهيرجع لصحابة، حتى لو بعد 30 سنة.. وده بسبب ورقة فاضية في مخيلة واحد جبان، لكن افتكروا ان مريم مش الوحيدة، مريم كتير وسط مجتمع مليان بعقول مريضة.
تمت
اندرو شريف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط