قصص

قصه ما بعد الساعه 9

قصه ما بعد الساعه 9
278261430 5658176520863474 4916643416090839773 n
“القصة مستوحاة من أحداث حقيقية”
قصه ما بعد الساعه 9
عمري ما اشتكيت من الحي إللي ساكنة فيه، بالعكس، أنا شايفه أن شارع الهرم كله ميتعوضش ولا يتقارن بأي شارع أو حي تاني في مصر، حتى لو الأحياء بقت مهملة حبتين، حتى لو كذا حي بقى شعبي زي الحي إللي ساكنة فيه، أصل إيه إللي ممكن ينافس منطقة بتحاوط أهرامات اتبنت من آلاف السنين؟ سواء شقق بتبص على الأهرامات مباشرة أو حتى مش بتبص عليها بس سكانها يقدروا يشوفوها لو نزلوا اتمشوا شوية..
وحقيقي عمري ما كان عندي تطلع أو رغبة إني اتنقل، أظن حتى لو بقى في إمكانية مادية للنقل، مكنش هييجي في بالي.. لكن الظروف هي اللي اضطرتني أتنقل، جالي شغل في الزمالك.. المسافة كانت بتهلكني، بروح الشغل وأنا مهدودة قبل ما يبتدي اليوم، ده غير أن يوم بعد يوم الدنيا بتبقى زحمة أكتر، المسافة اللي كنت بقطعها في نص ساعة بقيت بقطعها في ساعة إلا تلت مثلًا، وده معناه إيه، هييجي يوم أضطر اصحى من 5 الفجر عشان يدوبك الحق؟
وعشان كده قبلت فورًا عرض قريبي اللي عايش بره مصر.
لما بابا فضفض معاه في مكالمة وحكاله عني وعن شغلي الجديد اقترح علطول إني أقعد في شقة الزمالك بتاعته، الشقة المقفولة من سنين، وبعد إصرار بابا قريبي وافق ياخد مبلغ إيجار رمزي عشان منحسش بس بالإحراج…
بعترف، برغم حبي للحي بتاعي والمنطقة بس أنا إنبهرت من المنطقة الجديدة اللي فيها العمارة…
مكنتش متخيلة أبدًا إنها بالجمال ده، الزمالك بشكل عام حي راقي وعماراته قيمة طبعًا لكن العمارة دي كانت حاجة تانية.
مكنش ليا جيران! قصدي يعني في نفس الدور، نظام العمارة إن كل دور فيه شقة واحدة، الأسانسير بيفتح مباشرة على الشقة، يعني بتاع الدليفري عمره ما يتلخبط ومش هحتاج أشرح كتير!
البواب وصلني للشقة، فتحلي الباب.. مشي قدامي وهو بيرحب بيا. فضل يرغي كتير، أتكلم عن أنه هيجيب مراته وممكن واحدة كمان معاها تساعدها في التنضيف وهيقلبوا المكان ويخلوه زي الفل وأن ده هيحصل بكره علطول و، و….
أنا بقى مكنتش سامعة نص كلامه، كأنه بيكلمني من تحت الميه، كنت سرحانة في مساحة الشقة وجمالها.. الشقة كانت 2 ونص متر أو حتى 3، يرمح فيها الخيل، والعفش اللي مغطيه التراب كان تحفة فنية، حتى التراب مخفاش قيمته…
شكلي هحب القعدة هنا ولو قريبي سمح ممكن أمد إقامتي لمثلًا مدى الحياة!
-هو حضرتك بترجعي من الشغل الساعة كام؟
فقت من سرحاني على سؤال البواب، لأول وهلة مفهمتش سؤاله، هو ماله يعني بالمعاد اللي برجع فيه؟ وبعدين علطول إفتكرت أن مراته المفروض تنضف الشقة فطبيعي يسأل..
=لأ ما عادي يا عم “عبده”، ممكن أسيبلكم المفتاح بكره بس عشان موضوع التنضيف ده، خلي مراتك والست اللي هتساعدها يشيلوا الشقة الصبح عشان هبقى راجعة مهدودة ومش قادرة على دوشة وتنضيف.
-لأ يا أستاذة أنا بسأل بشكل عام، بترجعي الساعة كام من شغلك؟ وإذا كنتي ناوية يبقى ليكي نشاطات تانية بعد الشغل، برده يعني إيه آخر معاد ممكن ترجعي فيه؟
لأ بقى، ده راجل غريب جدًا! بيسألني هرجع كل يوم الساعة كام وكمان عايز يعرف الجدول بتاعي والأماكن اللي هروحها، في إيه؟
حاولت أحافظ على أعصابي ورديت بهدوء بس بحزم..
=بص يا عم “عبده” أنت هتعمل لي نسخة من مفتاح العمارة ومتشغلش بالك بيا، مش هلزمك يعني تستناني.
-لأ أستنى إيه يا “أستاذة”، المسألة مش كده، في أصلًا أفراد أمن بييجوا بليل، يعني هو.. إحنا هنا عندنا شوية قواعد.
=قواعد إيه؟
-هو يعني، عدد من السكان هنا أجانب أصلًا والباقي اتطبعوا بطبعهم، مش بيحبوا الدوشة والحركة بليل متأخر، كله بيتك بيتك بدري، بيناموا بدري…
=ياه؟ غريبة، مسمعتش بحاجة كده في مصر، بس كده الصورة وضحت، فعلًا الأجانب بيروحوا ويناموا بدري وزي ما بتقول لو باقي السكان المصريين كمان اتفقوا على كده فتمام أنا مش هخالف القاعدة، أنا كده كده اصلًا مش بسهر أو برجع متأخر، أخري في الشغل 5 ولو هخرج بعديها مش هتأخر عن 9 إلا لو في ظرف أو استثناء.
-لأ، حاولي ميبقاش في استثناء!
الله! ده إيه البجاحة دي؟؟ أنا مشفتش كده، هو ده ولي أمرنا ولا حارس العقار ولا الحارس الشخصي ولا إيه بالظبط؟ بس أنا لا أملك من الأمر شيء، مينفعش حتى أبين زهق أو أفأفة، في النهاية أنا مهما طولت إقامتي ضيفة عليهم.. هضمت سماجته وقلة ذوقه وتصرفه اللي مش مفهوم وسكت، ده أنا حتى إبتسمتله وهزيت راسي اللي هو حاضر يا فندم…
…………………………….
ندمت على الحركة اللي عملتها، إني جيت في أيام الشغل، كان ممكن مثلًا اتنقل في إجازة الإسبوع، أهو أبقى رايقة أكتر، أشرف على التنضيف، الحق أستمتع بالمكان بدل الجري والدربكة. بس هعمل إيه؟ مقدرتش أقاوم العرض، كنت متحمسة أتنقل وف أسرع وقت، عشان الشقا بتاع كل يوم الصبح.
مسهرتش، على 11 كنت غرقت في النوم، نفضت كنبة من الكنب اللي في الصالة ونمت عليها….
الساعة كام؟ راحت عليا نومة؟؟ …. قمت مخضوضة، شديت شنطتي من الأرض وخرجت منها الموبايل، بصيت في الساعة، كانت 2 بليل! لسه بدري، إيه اللي صحاني في المعاد ده؟!… افتكرت….
كان في حركة، حركة برا الشقة، رجلين بتجري، كذا حد، ناس بتمشي أو بتجري بسرعة، أكيد في الشقة اللي فوقي أو اللي تحتي.. أمال إيه بقى القوانين والقواعد الصارمة بتاعت بيتك بيتك وبدري بدري ونظام الريف المصري وأيامنا الجميلة ده؟؟
مهم ناس أهو مصحصحين وبيلعبوا الغميضة كمان، لدرجة إني قلقت وصحيت.. يالا مش مشكلة، المفروض مركزش مع حد وأحمد ربنا أن سخر ليا قريب عشان يبقى في بيت قريب من الشغل، مش هجادل ولا أشتكي ، خليني ف نفسي…
بس هي الناس دي كانت بتجري ليه صحيح؟
كان لازم أجبر نفسي على النوم، ما هو أصل مفيش فايدة فيا، لو سبت دماغي تشتغل مش هتفصل، شديت الملاية عليا ونيمت نفسي بالعافية..
……………………………قصه ما بعد الساعه 9
بمنتهى التحمس والسذاجة عرفت نفسي وانطلقت في الكلام مع الاتنين اللي قابلتهم الصبح في الأسانسير، بس هما مكنوش بنفس التحمس، ولا وجهولي كلمتين على بعض….
فاكرة نفسي عايشة ف مصر بتاعة القرن العشرين؟ جارة جديدة بقى والناس هترحب بيا وهبعتلهم حاجة حلوة ويردولي العزومة وهنتصاحب وكدا، ساذجة!
حسيت بإحراج رهيب من رد فعلهم البارد. سكت تمامًا بعد ما قلت إني ساكنة في الدور التالت، بس هما مسكتوش!
بعد الصمت الرهيب بصوا لبعض وبدأوا يوجهولي كلام.. الست قالت لي:
-الدور التالت؟ بس…ام..ده كان مقفول بقاله كتير، وصاحب الشقة المفروض مش في مصر.
=اه، ما هو قريبي، هو فعلًا لسه مرجعش، بس أنا هقعد في الشقة عشان اشتغلت في مكان قريب.
وصلنا الدور الأرضي، باب الأسانسير اتفتح بس هما ماتحركوش…فضلوا باصين ليا.
اتوترت من الصمت المريب وبصاتهم. عيني إتحركت على مخرج الأسانسير، بفكرهم أننا وصلنا.
الراجل اللي هو تقريبًا جوزها قال لي:
-أهم حاجة متتأخريش بليل، أخرك مثلًا 8، 8 ونص بالكتير، دي مواعيدنا كلنا!
مالهم في إيه؟ ليه متمسكين أوي بالقاعدة دي ؟ هو أنا سافرت أوروبا وأنا معرفش؟ ما خلاص فهمنا، البواب قال لي مينفعش أتأخر ولا أعمل إزعاج وأدي اتنين كمان أهو من السكان، ناقص واحد واحد فيهم يخبط على بابي عشان يقول لي التنبيه وهو محمر عينيه وماسك منبه في إيده!
ابتسمت وحركت راسي برده ومشيت من سكات. سبحان الله مش بس أهل كل دولة مختلفين في طباعهم عن الدول التانية، ده أهل كل محافظة وكل حي جوه نفس المحافظة، عندنا مثلًا في شارع العريش، العرض مستمر، لا ينام الشارع ولا يهدأ له بال، علطول، علطول في حركة، في أي ساعة من اليوم، علطول في محلات فاتحة أو أفران أو أكشاك وناس بتمشي هايمة في الشارع، وعربيات بتجري وتزمر وأفراح تقام وناس بتتخانق وناس بتتصالح ، أما هنا بقى فالوضع مختلف جدًا، صحيح الزمالك برده في حركة علطول، لكن الناس مختلفين، سكان الزمالك نفسهم، هاديين وحركتهم ابطأ، ضحكهم خافت وبحساب، حذرين في التعامل مع غيرهم، أما سكان العمارة دي بالذات ، فليهم طبع كمان مميز عن طباع السكان التانيين، الله المستعان على اللي جاي!
……………………………قصه ما بعد الساعه 9
كنت عاملة زي الطالبة المجتهدة اللي عايزه تثبت نفسها عشان تتثبت في المدرسة الجديدة، بقيت أخلص شغل من هنا وأجري بسرعة عشان أروح، مش عايزه اتأخر أبدًا، عايزه أوريهم إني ملتزمة بقواعد العمارة، ولما بدخل، بمشي على أطراف صوابعي ولما بضطر أتكلم، صوتي بيبقى همس، أهو مفيش أخف من كدا!
فات إسبوع والحمد لله الناس بدأت فعلًا تاخد عليا، حسيت ده من إرتياحهم في وجودي، والمناقشات اللي بدأت تطول، والابتسامات وهما بيحييوني لما يشوفوني، بقيت بنت العمارة والحي!
لكن أنا بقى في مسألة صغيرة شاغلاني، الدبدبة بتاعة كل يوم بعد نص الليل، الساعة 2 أو قبلها أو بعدها بشوية، الجيران اللي لسه مش مميزة فوقي ولا تحتي، بيرمحوا كأنهم في سباق، عدد من الناس، حفلة يمكن، كل يوم تقام والمدعوين وأصحاب البيت يفضلوا يمشوا بسرعة أو يجروا، ليه بقى؟؟ شيء مريب جدً!
ليالي كنت بصحى على صوت الخطوات التقيلة السريعة دي وليالي كنت ببقى تعبانة لدرجة مش بفوق ولو بالطبل البلدي..
كنت مترددة أفاتح البواب في الموضوع، بس الفضول كان هيقتلني، عايزه أفهم، الشقة دي مثلًا بتتأجر لحفلات الخطوبة وأعياد الميلاد والذي منه؟! وهل ده يتوافق مع سياسة العمارة الصارمة بتاعة الهدوء والسكينة والمواعيد وهنطفي النور لما الشمس تغيب؟!
وبعد تفكير عميق قررت مفاتحهوش في الموضوع، على الأقل مش وقتها…
……………………………قصه ما بعد الساعه 9
التزمت إسبوع بحاله، بس اليوم ده مكنتش قادرة أفضل ملتزمة، كنت عايزه اعمل حاجة مختلفة، مهو مش معقول الحياة هتبقى شغل وبيت وبس، كده هبقى زي آلة أو روبوت.. عشان كده قررت أروح للمركز الثقافي المشهور في الزمالك، اللي بيعملوا فيه حفلات وفعاليات متنوعة.. اشتريت تذكرة وحضرت حفلة لأم كلثوم بتقنية الهولوجرام على المسرح اللي بيطل عالنيل.. قلت أنسى شوية موضوع القواعد والمواعيد، وسكان العمارة اللي زمانهم مستنيني، كده كده برده مكنتش هتأخر أوي، وبعد الحفلة جبت قهوة وقعدت في الجنينة بتاعة المركز وشربتها بروقان.
الساعة وصلت 9 إلا ربع بليل، قررت أمشي، عشان كمان كنت مهدودة ومحتاجة أرتاح… اتمشيت لحد العمارة، المسافة كانت ربع ساعة مشي.
دي كانت أول مرة أدخل العمارة في التوقيت ده. الأجواء كانت مريبة! مفيش أي حركة أو صوت، البواب مش قاعد بره باب العمارة ولا باين اصلًا، الباب مقفول بالمفتاح والدنيا هس هس.
فتحت الباب بالنسخة اللي معايا.. تزييق الباب كان عالي أوي، كاإنا في قصر كبير مهجور في منطقة فاضية من البشر، عشان طبعًا ده الصوت الوحيد الموجود، مفيش أصوات تانية تغطي عليه.
مشيت ناحية الأسانسير، كان فاضل لي خطوتين وابقى على عتبته بس افتكرت حاجة… رجعت تاني لحد باب أوضة عم “عبده”. مخدش الزبالة في المعاد المعتاد عشان تأخيري. ندهت عليه، مردش.. ندهت بصوت أعلى، برده مردش.
خبطت على بابه، رد بصوت مخضوض واطي بيترعش:
-مم..مين؟
=ايوه يا عم “عبده” أنا “هداية”.
-أيوه يا أستاذة “هداية”؟
=الزبالة بس يا عم “عبده”، بستأذنك تطلع تاخدها.
-لأ!
=نعم؟
-بكره الصبح إن شاء الله أعدي عليكي قبل ما تنزلي الشغل.
=بكره الجمعة يا عم “عبده”، هروح لأهلي في الهرم وهرجع بعد بكره بليل.
-هتمشي الساعة كام؟
=يعني، على 1 بعد الصلاة كده ومش هصحى أظن قبل 11.
-خلاص، إصحي براحتك وإبقي رنيلي، هطلع علطول.
=طب هو مينفعش تطلع بسرعة دلوقتي عشان بس الدنيا بدات تحرر والحاجة ريحتها بقت تفوح بسرعة.
مردش عليا! تجاهلني تمامًا، اللي هو الموضوع إتحسم ومفيش كلام تاني يتقال. مش بس اتفاجأت من تصرفه وجرأته، لكن الموقف نفسه، التشدد في موضوع المواعيد، المواعيد اللي مكنتش اعرف حدودها لحد اليوم ده، مش مسألة بعد نص الليل والفجر، ده الحظر بيبدأ حرفيًا من 9 ويمكن قبلها، مع غياب الشمس مثلًا!
ما باليد حيلة، لفيت عشان أروح الأسانسير. في نص الطريق، لمحت بجنب عيني واحدة جيه عليا. دخلت إمتى دي؟!
إزاي مسمعتش صوت الباب؟؟ الصوت ده كان مزعج جدًا لما أنا فتحته، إزاي هي دخلت بالهدوء ده؟
كملت مشي للأسانسير، متلفتش ولا وجهتلها كلام.. جت هي وقفت جنبي، مستنية الأساسنير زيي.
لاحظت إنها بتبص عليا من طرف عنيها، بتجيبني من فوقي لتحتي. الأسانسير وصل…دخلنا.
بعد لحظة صمت قالت لي:
-إنتي جديدة هنا؟
سبحان الله، كان نفسي أسألها نفس السؤال، دي أول مرة اشوفها من ساعة ما سكنت.
رديت:
=اه، أنا موجودة من إسبوع، أجرت الشقة اللي في الدور التالت.
-ياه، الدور اللي فوقينا. الشقة دي كانت مقفولة من زمان.
=فعلًا ما هو صاحبها يبقى قريبي، عايش بره مصر.
-كل ما أجي ألاقي الدنيا هادية أوي في العمارة.
ياه، في حد زيي، حد بيشاركني الرأي، أن العمارة هادية زيادة عن اللزوم وأن السكان محنتفين بزيادة؟
كملت وقالت:
-بس هي مش كده!
=هي مين؟
-صاحبة الشقة، الدور التاني.
الله؟! مش اللي بتتكلم هي صاحبة الشقة؟….باب الأسانسير اتفتح في الدور التاني. الست فضلت واقفة حبه، باصة قدامها في اتجاه الشقة. مش فاهمة إيه اللي كان معطلها، ليه مترددة تخرج من الأسانسير. يمكن عشان الضلمة الحالكة، ليه صحيح الدور ده بالذات مفيهوش أي نور؟؟
باب الشقة إتفتح ببطء، مسمعتش صوت اللي فتح، لا إتكلم ولا ندهها ولا خرج يستقبلها ولا حتى فتح نور اللمبة اللي بتبقى المفروض بره كل شقة زائد نور الدور نفسه..
عينيها مكنتش بتطرف وفي سحابة عليها.
في النهاية اتحركت، اتحركت ببطء شديد.. اختفت وحدة وحدة ، الضلمة بلعتها ، بقت جزء منها، مش مرئية.
باب الأسانسير إتقفل في نفس الوقت اللي باب الشقة كان بيتقفل فيه….
يتبع
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
“الجزء الثاني والأخير”
وصلت شقتي، اترميت على السرير مستعدة أغرق في نوم عميق، ومفكرش ف أي حاجة.. لكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن! فجأة سمعت دوشة رهيبة، صوت كلام وضحك، اه تلاقيها الست اللي كانت لسه طالعة معايا اللي بتزور سكان الشقة في الدور التاني. ممكن برد يكونوا هم اللي بيعملوا دوشة كل ليلة بعد نص الليل؟ لأ ، ده أكيد، هم اللي ليهم زوار وطبعهم مختلف، أكيد بيعملوا حفلات أو على الأقل بيعزموا أصحابهم أو قرايبهم وبيسهروا معاهم، كده اللغز إتحل.
منزعجتش من الدوشة لكن بعد فترة الوضع اتغير…
فجأة الصوت علي جدًا، كأن في مكبر صوت إتحط، زي ما يكونوا قاعدين معايا في الشقة مفيش حيطان بتفصلنا!
الكلام كان سريع أوي، زي شريط إتسف، مقدرتش برغم الصوت العالي أميز أي كلام إتقال…
محاولات النوم كلها باءت بالفشل.. الناس دي مش بتاخد بريك، مش بيبطلوا كلام، شيء عجيب!
النوم طبعًا طار من عيني وقررت أدور على أي نشاط أعمله لحد ما الزائرة تمشي. فتحت التليفزيون على قناة الأفلام الأجنبية، لقيت فيلم بيبتدي، فيلم رعب، لأ الموضوع ده عايز أكل! … في أجواء كده لازم تحصل مع فيلم من النوع ده، لازم أطلب أكل من بره… وفعلًا في دقيقتين كنت قررت هاكل إيه وطلبت..
الدليفري متأخرش، وصل بعد ربع ساعة.. افتكرت وهو بيكلمني إني لازم أنزل بنفسي عشان أستلم الطلبية، الباب بتاع العمارة مقفول. أخدت المفاتيح والمحفظة ونزلت…
الشاب بتاع الدليفري كان مستنيني قدام العمارة. شكله كان غريب جدًا، وشه مخضوض، وبيتهرب من عيني، مش عايز يبص لي.
قال لي وأنا بديله الفلوس:
-حضرتك جديدة هنا؟
=اه، عرفت إزاي؟
-يعني… ايه..جيت هنا كذا مرة ومشفتكيش، بس!
كان بيهز كتافه وإيده بتتحرك كتير وهو بيقول الجملة الأخيرة، كذاب! كلها علامات على التوتر والكدب، أي كلام وخلاص قاله بدل ما يقول الحقيقة اللي معرفهاش.
ركب الموتوسكيل وإنطلق بسرعة رهيبة، كأنه بيجري من ساحة معركة…
وقفت مشلولة مكاني شوية وأنا بتابع الموتوسكيل وبعدها فضلت باصة في نفس الإتجاه، بحاول أستوعب الغموض اللي طلع مش بس متعلق بالسكان لأ دول كمان الناس اللي في محيط المكان..
لقيت واحد شكله موظف أمن بيندهلي.
-حضرتك مين؟
=”هداية”، أنا الساكنة الجديدة في الدور التالت.
-الدور التالت؟ أيوه بس..
=الشقة مقفولة من فترة وصاحبها بره مصر، أنا قريبته والله العظيم ومأجره منه الشقة، إنتوا مش بتبلغوا بعض ليه يا جماعة؟!
-تمام، بس هو حضرتك متعرفيش؟
=القوانين، والناس بدري بدري ترجع، بدري بدري تنام، عارفه، بس أعمل إيه، مانا مش عارفه أنام من الدوشة و، وبعدين إشمعنى بقى الشقة اللي طالع منها الدوشة مش بيتطبق عليها نفس القوانين؟
اتخشب، عينيه زاغت، وبلع ريقه بصعوبة… مردش علطول..بعد شوية سألني بصوت واطي، بخلاف نبرته قبل كده:
-دوشة؟
=أيوه، أصحاب الدور التاني! كل يوم سهرات وجري ورغي..
-طيب، حضرتك إستلمتي اللي عايزاه صح؟ إطلعي بقى!
مردتش، خلاص بقى اتعودت على كلامهم وردودهم العجيبة. من سكات كده أخدت بعضي ومشيت. دخلت الأسانسير ودوست على زرار الدور التالت…
الأسانسير وصل، بس مش في الدور بتاعي، الدور التاني…
محدش كان واقف، محدش طلبه، الدور فاضي وطبعًا عتمة. مفهمتش إزاي وقف ومحدش طلبه. اتهزيت، مكنتش متطمنة… دوست بسرعة على زرار الدور التالت لكن الأساسنير مستجابش، فضل واقف…
سمعت صوت تكة باب بعدها تزييق، باب الشقة كان بيتفتح.. مفيش حد كان ورا الباب عشان مسمعتش صوت حركة أو خطوات، أو اللي فتحه حركته خفيفة لدرجة ميتسمعش وياريت الوضع استمر على كده…
في صوت ظهر، خطوات تقيلة وعالية كأن صاحب الخطوات مش بني آدم، كأنه حيوان ضخم…
الخطوات بتقرب عليا، في الأول كانت بطيئة وبعدين سرعتها زادت ..دوست على الزرار كتير ورا بعض زي المجنونة ومفيش فايده، الأسانسير مش بيتحرك، عطل! صوتي كن مكتوم، بفتح بوقي كإني بصرخ بس الصوت مش طالع، الخطوات بقت قريبة ، قريبة أوي وأخيرًا خرجت مني صرخة عالية…
مبقاش في صوت خطوات، ده عشان صاحبها كان وصل قدام الأسانسير، حاسه بوجوده، أنفاسه العالية اللي ريحتها بشعة، بيراقبني ومستعد للهجوم….
في اللحظة دي الباب اتقفل، الأسانسير اتحرك، طلع للدور التالت….
رجلي مكنتش شايلاني، شعري كان عرقان وكل ذرة في جسمي بتتنفض….
إيه اللي بيحصل بالظبط في الدور التاني؟ مين السيكوباتية اللي ساكنين فيه؟؟ وإزاي باقي السكان ساكتين عنهم؟ إيه الموقف السلبي ده؟
عشان كده، موضوع المواعيد، وكل يقفل على نفسه الباب بدري قبل الوحوش ما تصحى، عشان الساكن أو السكان الفتوات اللي في الدور التاني، مش إحنا مش في العصر الحجري، وعندنا نظام وقانون! ليه يتسابوا بتصرفاتهم دي؟ بحفلاتهم والصخب بتاعهم وأ ذيتهم للناس؟ يكونوا ناس مهمين أوي في البلد؟ أو قريب لناس مهمين، زي القصص بتاعة أفراد العائلة اللي بيبقى عندهم مشكلة عقلية وعندهم ميل للعنف ومؤذيين؟ فباقي أفراد العائلة يقرروا يعزلوهم في أوصة لوحدهم وفي حالتنا دي شقة بحالها في دور معزول في عمارة كل اللي فيها تعايشوا معاهم وتفادوهم والسلام؟ أنا عارفه أن ده سيناريو شاطح بس أهو أكتر تفسير منطقي في هذه الظروف غير المنطقية.
……………………………قصه ما بعد الساعه 9
طلع النهار عليا وعيني مداقتش طعم النوم.. فضلت قاعدة على طرف السرير، سرحانة، براجع كل اللي حصل الليلة اللي فاتت وما قبلها ، من وقت ما جيت…
مفقتش من سرحاني إلا على تخبيط الباب….
فتحت، كان “عم عبده”… مكلمتوش، مردتش على سلامه…
دخلت جبتله باسكيت الزبالة ومديت إيده بديهوله. كسرت حاجز السكوت وهو بياخده مني..
=عم “عبده” أنا حصل معايا حادثة كده إمبارح بليل.
“يا أرض إنشقي وإبلعيني” ده اللي شفته على وشه، ملامحه اتخطفت وبان عليه التوتر من قبل ما يسمع اللي عندي، مكانش عنده رغبة تمامًا يعرف إيه اللي حصل. بس أنا تجاهلت رد فعله وكملت….
=طلبت أكل إمبارح، نزلت أخدته ولما جيت أطلع…
-محصلش حاجة!
قاطعني وقال جملته الغريبة دي، هو إيه ده اللي محصلش حاجة. استفزني باللي عمله فأصريت أكمل.
=لما جيت أطلع الأسانسير بدل ما يقف عند الدور بتاعي وقف في الدور التاني، مكنش في حد واقف قدامه وباب الشقة اتفتح و…
-معلش حاجة يا أستاذة، إنتي بس بعد كده التزمي بالمواعيد!
=لأ، بقى أنا مبقتش مستحملة قلة ذوقكم دي! إنتوا ليه كلكم بتتعاملوا معايا كده، كأن كتر خيركم أنكم قابلنني بينكم، أنا زيي زيكم أعتبر ساكنة برده في العمارة، دي شقة قريبي يعني شقتي، ومش عيلة عشان تفرضوا عليا قوانينكم من غير ما تقولوا السبب الحقيقي ، ويأما تكدبوا عليا يأما ماتكلمونيش كلمتين على بعض…
مردش عليا! يا حرقة أعصابي، بعد كل ده مردش برده عليا، ولا كأن، هوا قدامه بيتكلم. ده أنا كان ناقص أدبدب في الأرض من الغيظ والعصبية..
كل اللي عمله أنه شد الباسكت ونزل يرمي الزبالة في السلة الكبيرة اللي في الشارع.
……………………………قصه ما بعد الساعه 9
من ساعة ما دخلت على أهلي البيت وأنا دماغي بتودي وتجيب، كل شوية برأي مختلف، شوية أقول لنفسي لازم أخد موقف وأزن وأفهم مين اللي ساكن في الدور التاني وإيه تبرير تصرفاته وتصرفات السكان السلبية وشوية أقول إستهدي بالله وأرضي بالقواعد والمواعيد عشان شغلك وراحتك وقدري إنك ضيفة عليهم، حتى لو هتطولي، برده ضيفة…
برغم الرعب اللي عيشته ليلة الخميس بسبب عدم إلتزامي بالمواعيد بس لقتني برده بتحرك من بيتي في الهرم على 8 إلا بليل! يمكن من تعبي والحركة البطيئة بسبب تعب الإسبوع ويمكن عند اللاوعي بتاعي وإصراري أكتشف أكتر عن أسرار الدور التاني….
عبال ما وصلت كانت 9 إلا دقايق. مديت إيدي بمفتاح باب العمارة عشان أفتحه. حسيت بوجود جنبي، بصيت، لقتها نفس الست، الزائرة بتاعة ليلة الخميس. نظرتها باردة، كانت مركزة في باب العمارة وزي ما تكون أخيرًا خدت بالها مني، إبتسمت ليا..
دخلنا مع بعض، مشينا لحد قدام الأسانسير، دست الزرار عشان أطلبه..
بصتلي وبدأت تتكلم:
-أنا جيت لوحدي، جوزي و”أشرف” لسه هييجوا بعد كده..
الأسانسير وصل ، فتحت الباب ودخلنا…
فرصة، فتحت معايا الكلام، يبقى استغل الوضع واسألها أو أحاول أفهم منها الأمور اللي بتحصل في شقة الدور التاني.
=أشرف ده صاحب الشقة؟
-اه ومراته “لبنى”. أنا صاحبتها زي ما “عمر” صاحب “أشرف” مش مجرد علاقة شغل، إحنا أصحاب بجد.
=و…بيشتغلوا إيه؟
سرحت، كأنها فصلت فجأة، بصت قدامها في الفراغ وبعد لحظات… رجعت بصت لي… وقتها الأسانسير كان وصل الدور التاني.
قالت:
-“اشرف” بيزنس مان و”عمر” مدير أعماله، إحنا أصحاب مش مجرد علاقة شغل.
غريبة، إجابتها وتكرارها لنفس الجمل كأنها شريط تسجيل وكمان… أخدت بالي من حاجة، لبسها، كان نفس اللبس اللي جت بيه ليلة الخميس، هو بالظبط! نفس البلوزة ونفس الجيبة ونفس المكياج بنفس لون الروج، نفس رسمة العين بالكحل، نفس الشنطة، كأنه مشهد بيتكرر!
وبرده نفس التصرف.. فضلت واقفة مش راضية تتحرك، باصة قدامها في اتجاه الشقة.. باب الشقة اتفتح ببطء، نفس الطريقة بتاعة المرة اللي فاتت، محدش خرج يستقبلها أو ندهها، الدنيا عتمة.. في سحابة اتكونت على عينيها، زي دموع محبوسة.. في الآخر بدأت تتحرك، فتحت الباب الخارجي للأسانسير بس بدل ما تكمل زي قبل كده لفتلي، ضهرها على الباب اللي سانداه بإيديها ووشها ليا.. قالت بصوت منتحب، كأنها بتعيط:
-متعمليش اللي ناوية عليه! متتحركيش من شقتك مهما سمعتي، كإن مفيش حاجة حصلت، متعمليش اللي ناوية عليه!
رزعت الباب الخارجي ومشيت ببطء، اختفت جوه الضلمة، باب الأسانسير إتقفل في نفس الوقت اللي باب الشقة كان بيتقفل فيه.
للحظة مكنتش قادرة أتحرك، كنت مرعوبة ومش فاهمة حاجة! قصدها إيه؟ إيه اللي أنا ناوية عليه؟ إيه اللي ممكن أسمعه؟؟ المفروض إني كنت دوست على زرار الدور التالت من وأنا في الدور الأرضي بس الأسانسير متحركش، دوست عليه تاني وطلعت الشقة…
وطبعًا، طبعًا مقدرتش أنام.. فضلت أتقلب في السرير كله، زي الفراخ اللي بتتشوي على سيخ، مش ببطل حركة، ومش ببطل تفكير، براجع شكل الست وكلامها كل شوية في دماغي.. ورسميًا بقى مستحيل أنام، لما أصوات الرجلين بدأت تدبدب وتجري في الدور التاني، ومعاها أصوات الناس عليت، كلام وضحك سريع هستيري، صوت عالي بشكل عجيب وبعدين…. الأصوات اختلفت، بقى في شد، كإنها خناقة، زعيق وصويت، رجالة وستات بيتخانقوا..
الخناقة بقت عنيفة أوي، لدرجة إني فتحت باب شقتي عشان أسمع أكتر وبعد كده.. الخناقة وقفت، بدلها بقى صريخ هتسيري وإستنجادات و….طلقات! ضرب نار، الصوت بشع، بشع، كمية ضرب نار رهيبة، حطيت إيدي على وداني وأنا بصرخ… جريت لحد أوضة النوم ، فتحت الدولاب وإستخبيت جواه.
سيل الطلقات وقف أخيرًا بس أنا برده فضلت جوه الدولاب، ركبي متنيين، جسمي مكرمش وإيديا لسه على وداني.. بعد شوية اتجرأت وخرجت ، جبت الموبايل ودخلت تاني الدولاب وقفلت الدرف.. بإيد بتترعش كلمت “عم عبده”.. مش راضي يرد، فضلت وراه مرة واتنين وتلاتة وأربعة لحد ما رد في الآخر…
=عم عبده الحقني، في ضرب نار في شقة الدور التاني، حد سيكوباتي معاه آلي تقريبًا وبيقتل في الناس!
-محصلش حاجة يا أستاذة
=لأ بقى مش طالبة برود دلوقتي، بقول لك في واحد مش طبيعي بيقتل في الناس وممكن جدًا يطلع علينا واحد واحد ويقتلنا زي ما قتل اللي معاه، إطلب البوليس ولا حذر الناس ولا إعمل أي منظر، ولا تعالى خدني ونزلني، أنا هموت من الرعب.
-متتحركيش من مكانك لحد الصبح!
وقفل! هو ده اللي عنده؟! قاتل مش متزن موجود في العمارة وبيدبح الناس وهو يقول لي متحركش؟!
كان لازم طبعًا أتحرك، لازم أهرب من ساحة المجزرة دي بأي شكل، بدل مفيش أمن أو شرطة هييجوا، لازم أنقذ
نفسي…
مشيت من الشقة بهدومي، معايا بس شنطة إيدي.. ركبت الأسانسير ودوست على الزرار الأرضي…
الأسانسير وقف بس في الدور التاني…
مهما ضغطت على الزرار الأرضي، الأسانسير متحركش… مكنش في غير حل واحد، أخرج منه وأنزل على السلم، لكن مكنتش قادرة، الرعب شالل حركتي.. لو خرجت هبقى على بعد خطوات من القاتل المجنون، بيفصلنا بس باب خشب…
بس برده لو كنت استنيت، في النهاية كان هيفتح باب الشقة ويخرج ويلاقيني، وأكيد هيكون صايبه هيستريا الدم وهيبقى عايز أكتر….
فتحت الباب الخارجي ببطء واتحركت بحذر .. بعد خطوات انطلقت أصوات تانية، برده خناقات مصدرها الشقة، بس مش خناقة بني آدمين، خناقة قطط! قطط كتير بتقطع في بعضها، الصوت بشع..وبدل ما أنزل على السلم، رجلي بدأت تمشي في اتجاه الشقة…
مكنش ليا سيطرة، بمشي من غير إرادتي، دموعي محبوسة جوه عيني زي صوتي المحبوس جوه دماغي، بمشي زي الزومبي، حاجة بتوجهني وبتجرني للشقة…
الباب اتفتح…..
مفيش حد كان وراه.. دخلت، هدوء، أصوات القطط اختفت، مكنش في أثر لوجود قاتل أو حد…
وصلت الصالة هناك على الكنب وعلى الأرض، أربع جثث، في فجوات كتير أوي فيهم، عدد مهول من الرصاص، والفجوات نازل منها دم، وخارج منها دخان… في جثة معينة…
جثة من الجثث على الكنبة، دي الست، الزائرة، اللي شفتها مرتين واتكلمت معاها وجنبها….
أنا عارفاها، دي…دي الفنانة المشهورة، المغنية “لبنى”، بس المفروض إنها اتقتلت من كذا سنة، جوزها قتلها وقتل مدير أعماله وصاحبة وقتل مراته وقتل نفسه، يا خبر، يا خبر! هي دي شقتها، هي دي العمارة، ده المكان اللي حصلت فيه الحادثة.. عشان كده، “القواعد، المواعيد البدري، كإني مسمعتش حاجة، محصلش حاجة، متعمليش اللي ناوية تعمليه، متتحركيش من الشقة” .
أنا في شقة “لبنى” المسكونة!
في حاجة بتحصل، الجثث بتتحرك! بيتأوهوا! بيقوموا….
الفجوات بتتلم والرصاص بيقع من جسمهم على الأرض…. كل واحد بيرجع للوضعية اللي كان عليها قبل ما يموت…
محدش شايفني، كإني مش موجودة….
-مش قلت كفاية كده يا “لبنى”!
ده جوزها رجل الأعمال “أشرف الأسيوطي” بيزعق فيها، شكله مش متزن، سكران…
=هو إيه ده اللي كفاية، كفاية إيه؟
-كفاية زفت غنى! كفاية حفلات وجولات وليالي بيات بره البيت، كل حبه ف كل بلد، ومين بقى اللي كان بيصرف على جولتك في قطر؟؟
بتقوم، عنيها بتطق شرار، بتبصله بتحدي وبترد بزعيق:
=أنا أشرف منك، محدش يجرؤ يلمسني.
-لأ يا اشرف أنا مسمحلكش، لبنى أشرف مغنية، أشرف بني آدمة، وأنا مستحملش “عمر” يتهمني إتهام زي ده، حفها تزعل..
ده كان تعليق الست الزائرة “أمينة” صاحبة “لبنى”…
“أشرف” رد بحدة أكبر:
-إتنيلي إنتي وجوزك، أهو “عمر” ده سبب الوكسة اللي أنا فيها، أنا مديون بملايين عشان شورته والقروض اللي واخدينها من البنك وقريب هبقى خلف الأسوار.
“عمر” بيحاول يهديه، لكن دي بداية الجولات، الأصوات بتعلى والخناقة بتشتد… “أشرف” بينسحب، بيروح لأوضة ويرجع بمسدسين وكلاشينكوف..
بيرفع الكلاشينكوف وبيوجهه ليهم…..
طلق النار الجنوني اشتغل من تاني….
نزلت على ركبي وحطيت إيدي على وداني… وداني هتتخرم، مش قادرة!
التلاتة وقعوا، جسمهم اتصفى… رمى الكلاشينكوف ورفع مسدس تحت دقنه و….
بص لي، شايفني! ده شايفني… عينه مليانة دموع وبعدين….
في حد تاني، حد تاني ظهر، راجل واقف ورايا بيبص ل”أشرف” كأني مش موجودة وسطهم، الراجل ملثم لابس إسود في إسود وعينه بس اللي باينة، ماسك في إيده كلاشينكوف و لافف حزام حوالين وسطه جواه مسدس..
رمى الكلاشينكوف وخرج المسدس وضرب ناحية “أشرف” 3 رصاصات..
المشهد اتعاد من تاني، الجثث قامت والخناقة بدأت لكن المرة دي، “اشرف” مدخلش الأوضة، مجابش أسلحة ، الشخص الملثم طلع من أوضة وكان معاه الأسلحة، قتل الأربعة ودخل على ناس كانوا مستخبيين في أوضة تانية، اتنين شكلهم بيشتغلوا في البيت وممثلة بتعمل أدوار ثانوية ، هددهم، قال لهم سيناريو معين يقولوه قدام جهات التحقيق، أن “اشرف” قتل الكل وانتحر يأما هيلاحقهم ويقتلهم ويقتل أسرهم….
القاتل رجع الصالة ، بص لي، في اللحظة دي في حاجة خرجت من جسمه، نسخة تانية منه، نفس الهيئة بس العين كانت مختلفة، العين لونها أصفر، البؤبؤ أصفر، مش إنسان!
الكيان ده جري ناحيتي وهو بيضحك، لف دراعه حوالين رقبتي، مكنتش مجرد بتخنق، كان زي ما يكون في سلسلة حديد مولعة نار على رقبتي، جلدي كان بيتحرق.. في الآخر أغمى عليا من الألم…
فقت على صوت تخبيط، حاجة بتخبط في رجلي الاتنين كل شوية، حركة مستمرة… كان باب الأسانسير الداخلي، عمال يفتح ويقفل وجسمي عازل، الباب بيخبط فيه!
سحبت رجلي في ذعر جوه..الدور اللي كنت فيه هو التاني. والنور موجود، نور النهار….
كنت بهدوم البيت ومعايا شنطة إيدي… وصلت للدور الأرضي لقيت عم “عبده” وعدد من السكان واقفين قدام الأسانسير…
بصيت للأرض، مفتحتش بوقي، مشيت من سكات…
لما وصلت بيت الهرم فضلت على سكوتي، دخلت أوضتي وقفلت الباب، بصيت في المرايه، كان في علامات حروق على رقبتي، اثر سلسلة حديد!
مرجتش بيت الزمالك غير مرة واحدة عشان أجيب حاجتي من هناك. بقى عندي حب وتقدير اضعاف أضعاف لشارع العريش بزحمته ودوشته وخناقاته، مبقاش يحلالي النوم إلا على زعيق الناس وزمير العربيات!
“تمت”
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
قصه ما بعد الساعه 9
#ياسمين_رحمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط