قلب صناعي تِرن
مِسكت التليفون لمّا سمعت صوت رسالة على واتس آب، استغرَبت لأن رقمي مش مع ناس كتير، ونادرًا لما بستِلِم رسالة من رقم غريب، والأغرب من كل ده؛ هو الكلام اللي كان مكتوب في الرسالة..
“أنا هاخُد قلبَك!”
حاوِلت أتواصَل مع الرقم لكنه كان غير متاح، زي ما يكون حد بَعَت الرسالة وقفل تليفونه! فكبّرت دماغي، وقُلت: أكيد رسالة استلمتِها بالغَلط.
اليوم ده كان يوم جمعة، وكان عندي أرق فظيع ومُش جايلي نوم؛ عشان كده غيّرت هدومي ونزِلت أسهَر في الكافيه، قعدت على ترابيزتي المعتادة، ومفيش دقايق؛ ولقيت اللي بتسحب كرسي وبتقعد قدّامي.. كانت جميلة جدًا؛ لدرجة إني ارتَبَكت ونسيت أسألها أنتي مين، ولقيتها بتبتسم وبتقول لي:
_الكافيه ده مُريح نفسيًا.
ضِحكت وقُلت لها:
_خصوصًا ترابيزتي.. صح؟
ضِحِكِت وهي بتطلّع سيجارة من علبة غالية مستوردة وقالت:
_ولّع لي.
مدّيت إيدي بالولّاعة وأنا بقول لها:
_العلبة دي عجباني.. هاخدها.
ابتسمت وحطّت السيجارة في بوقّها وسحبت نَفس عميق وخرّجِتُه وهي بتقول:
_وأنا هاخد قلبَك!
بمجرَّد ما سمعت الكلمة دي جِسمي تلّج، وهي لاحظِت ده على رد فعلي، وساعتها قالت:
_إيه.. مقدَرش آخد قلبَك؟!
ابتَسَمت وقُلت لها:
_لو أنتي صاحبة الرسالة؛ يبقى مش هسألك جبتي رقمي منين، ممكن لاحظتي إني بقعد هنا كتير وتعرفي حد في الكافيه وأخدتي منه الرقم، لكن على أي حال هشوف إن كنتي تقدري تاخدي قلبي ولا لأ.
ابتسمت وطفَت السيجارة وقالت:
_تِحب تشوف؟
_أحِب جدًا.
أخدتني من إيدي وهي بتقول:
_كده يبقى الكلام مُش هينفع هنا.. تعالى في عربيتي.
خرجنا وركِبنا عربيتها، مكنتش عارف أنا رايح معاها على فين، كل اللي كنت بفكّر فيه إني أعرف هي هتقدر تاخد قلبي ازّاي، وفي الوقت ده شمّيت ريحة غريبة، وبعدها محسّتش بحاجة..
لما فتحت عيني؛ لقيت الدّنيا مزغللة قدّامي، حاولت أقوم لكن حسّيت بتُقل على ضهري! قاومت ووقفت وبصيت حوالين نفسي، كنت في أوضة قديمة ريحتها بِنج، مفيهاش غير سرير عمليات جراحية، وكُنت لابِس طقم أبيض.. أول حاجة بصّيت لها هي ساعة إيدي، دي الحاجة الوحيدة اللي لقيتها موجودة من حاجاتي الشخصية.. وعرفت منها إن اليوم هو يوم الخميس، يعني فات أسبوع من ساعة ما كنت قاعد معاها في الكافيه، كُنت هتجَنن وأعرف كل ده حصل ازّاي، لكن بدأت أحس بألم شديد في صدري، في اللحظة دي لمحت مراية على حيطة قدامي، قرّبت منها وبصّيت على مكان الألم، وساعتها اتصدمت لمّا لقيت إن الألم من جَرح طولي في صدري، والجرح واصل فيه خراطيم مصدرها شنطة صغيرة موجودة على ضهري، واتضح لي إنها سَبب التُّقل اللي حسيت بيه!
مكنتش فاهم إيه اللي حصل معايا، لكن لمحت باب للأوضة، مشيت بالعافية لحد عنده، ولما فتحته، لقيت إن الأوضة في مبنى مهجور، غالبًا مستشفى أو مدرسة، بس لقيت مكتوب على بابها من برَّه؛ أخدت قلبك زي ما وعدتك؛ لكن مهونتش عليا؛ سيبت لَك مكانه قلب صناعي؛ يادوب يساعدك تقعد في الكافيه!
***
تمت…