مرحباً بكم أصدقائي وأحبابي عاشقي القراءة والقصص والروايات حيث نغوص اليوم مع رواية رومانسية مصرية كاملة جديدة للكاتبة شيماء جوهر والمليئة بالعديد من الأحداث الإجتماعية المليئة بالتضحيات , وموعدنا اليوم علي موقع قصص 26 مع الفصل الثامن والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر.
رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل الثامن والثلاثون
رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر – الفصل الثامن والثلاثون
“الحقيقة العارية”
عقد طارق جبينه وهو يحاول أن يتمالك أعصابه من هول ما يسمع، وتلك الكارثة الجديدة التي حلت عليهم دون أي مقدمات:
ـ بتاع إيه ده الظرف الأسود
رد سريعًا:
ـ ده اللي فيه البضاعة المتهربة وبأسمائهم .. واللي كانت صفقة الأدوية ستارة ليهم .. الورقة دي لو وقعت في إيديهم كلنا هنروح في ستين داهية .. والأهم من كده لازم نتصل بسلمى قبل ما يوصلوا لها .. وده اللي ذكروه في المسدج عايزين الظرف الأسود
تناول هاتفه وحاول الإتصال بسلمى، يسمع الجرس دون إجابة، ليحاول أكثر من مرة ولا تستجيب بالرد عليه، يزفر طارق بغضب:
– مفيش فايدة جرس .. يمكن في الشنطة ومش سمعاه .. هتكون فين دلوقتي في المرسم؟
رد نور سريعًا:
– تصدق فكرة .. أستنى كده
تناولت هاتفها وضغطت على بعض الأرقام وقامت بالإتصال، أنتظرت سماع صوت الطرف الآخر بلهفة إلى أن صاحت فجأة:
– ألو .. ايوة يا جاسر .. بقولك أنت فين دلوقتي؟ .. بجد!! طب مشوفتش سلمى عندك ؟ .. بص كويس الله يكرمك لاتكون في أي ركن بتشتغل .. طيب ماشي يا جاسر شكرًا .. سلام
نظر لها طارق باهتمام وفضول:
– مين جاسر ده؟
ردت نور بهدوء وثقة:
– ده جاسر زميلنا في الكلية .. وأكتر حد بيكون موجود في المرسم معايا أنا وسلمى .. للأسف مش موجودة هناك
صاحت بهم تهاني في قلق:
ـ اومال هتكون راحت فين .. لا في الكلية ولا راحت لعمتها .. حتى المرسم مش موجودة فيه
القلق وإعادة التفكير والتساؤل رجع لها مرة أخرى، عدم الأمان الذي كانت تشعر به كان حقًا وبلا شك صحيح، كانت تحاول استبعاد وجودها في الشركة ووضعت جميع الاحتمالات الأخرى أمامها، ولكن بدأت تتساقط واحدة تلو الأخرى، لا يوجد أمامها إلا هذه الفرضية التي تؤمن نفاذها بالفعل .
لاحظ طارق شرودها وارتباك قسمات وجهها ليقول بجدية:
ـ شكلك مخبية حاجة يا نور .. أتكلمي
تدخل أمير وقام بسرالها بنبرة حانية:
ـ لو عندك أي معلومة حتى ولو كانت صغيرة ممكن تساعدنا إننا نوصلها قبلهم قوليها
حسمت أمرها، بالفعل لا يوجد مكان آخر تذهب إليه فقالت موجهة حديثها لوالدها:
ـ الشركة .. زي ما قلت لحضرتك يا بابا كانت بتدور في الموضوع ده وشكلها شكت في حاجات كتير .. فاحتمال إنها تكون راحت هناك بس أنا استبعدته
تدخل أمير بتساؤل:
ـ اشمعنى
نظرت لهاشم بعتاب وحزن:
ـ لأنها لا يمكن تروح الشركة وانكل هاشم هناك .. من يوم الفرح وهو يعتبر كأنه تخلص منها مكنتش تعرف هتبررله إيه بوجودها
كان حزين وهو يسمع هذا الرد، كأنه في غفلة ولتوه خرج منها عندما شعره بأنه يمكن فقدها
اقترب منهم طارق وقال بلهفة:
ـ احنا مستنيين إيه !! بينا على الشركة
****************
تحركوا جميعًا إلى مقر الشركة ومنها إلى السكرتيرة، التي شعرت بالريبة من هلّتهم عليها الخمس بعد رحيل سلمى بفترة ليست بطويلة .
وقفت بتوتر مستعدة لتساؤلاتهم، أقبل عليها هاشم بتساؤل:
ـ سلمى ماجتش الشركة ؟
توترت ونظرت لهم بلمحات خاطفة ولا تعرف ماذا تقول، شعر بتوترها أمير الذي حسم الموقف ليطمئنها:
ـ ردي على أد السؤال وخليكِ صريحة .. جات هنا ولا مجاتش
ردت بتوتر ملحوظ وبنظرات زائغة:
ـ بصراحة ايوة .. هي اللي قاللي متقوليش لأي حد إني كنت هنا وبذات أستاذ هاشم
نظروا له جميعًا لتقول نور بثقة
ـ كما توقعت
أكمل أمير أستجوابه معها:
ـ شوفتيها أمتى وبتعمل إيه .. قولي كل اللي تعرفيه
شعرت بالخوف من طريقة الأسئلة التي يعرضها عليها، يبدو أن ه
رواية زواج لم يكن في الحسبان الفصل الاول
ناك خطبًا ما، فقالت بعدما طمئنها أمير بالحديث:
ـ من حوالي ساعة جات باركتلها على الجواز بعدين سألت أستاذ هاشم موجود ولا لأ .. بعدين دخلت على مكتبه حوالي تلت ساعة ولا حاجة ماغبتش جوة .. بس طلعت مستعجلة حتى قالتلي سكي على النسكافيه اللي كانت طلباه .. حتى شكلها مرتبك جدًا ومخضوض ونبهتني مجبش سيرة لحد ومشيت على طول
تركوها ودخلوا غرفة المكتب ليجد كل شيء كما هو، دلف إلى مكتبه وبحث في الملفات وجدها كما هي ولكن ليست بنفس النظام التي كانت عليه من قبل، رفع رأسه وقال:
ـ سلمى كانت بتفتش في الملفات .. صحيح كل حاجة رجعتها مكانها بس مش بنفس الترتيب .. حتى ملف الصفقة ورقه مش مترتب كانت بتبص فيه بعشوائية
قال الأخيرة وهو يتفحص ملف الصفقة ثم لفت نظره شيئًا ما لم يلاحظه أثناء دخوله على سطح المكتب، ألتقط الورقة التي كانت على سطحه وقرأها بتمعن لفتح فاه في صدمة ودهشة لدرجة أدهش من معه ليقطع صمته محمود:
ـ إيه في إيه ؟.. لقيت حاجة؟
أكيل له الورقة ليتفحصها محمود ومن معه في صدمة، فأدركوا بأنها قرأتها وعرفت ما يدور حولها وما هو مقدمة عليه .. صاح محمود مناديًا على السكرتيرة في غضب، لتأتي مسرعة في خوف، رفع الورقة إلى الأعلى وقال بنبرة جعلتها تتوتر زيادة:
ـ إيه ده يا عبير ؟
نظرت للورقة ثم تذكرت لترد في لهفة:
ـ ايوة نسيت أقول لحضرتك أن الفاكس ده وصل لحضرتك قبل ما تنزل مفيش دقيقة وكنت لسة هديهولك بس مشيت بسرعة .. لما آنسة سلمى جات أدتهولها
ـ طيب روحي أنتِ دلوقتي
قالها محمود بعدما وجد هاشم لا يستطيع الرد من هول الأحداث التي تجري أمام عيناه وهو لا يصدق، خرجت السكرتيرة وهي تحمد الله أن خروجها كان بسلام وتدعو الله أن يمر هذه الأزمة التي تشعر ببوادرها .
جلس محمود وقال بعدما ربط كل الأحداث ببعضها البعض:
ـ كده سلمى عرفت كل حاجة وكانت بتتعامل في إيه .. صدمتها فيك أكتر ما تتوقع
تمتم هاشم بصدمة وفزع:
ـ يادي المصيبة روحنا في داهية ..
قاطعه محمود ساخرًا:
ـ مضايق من شكلك قدام بنتك .. كنت متوقع أن الموضوع هيكون مخفي عنها أكتر من كده
نظر له وقرأت محمود الخوف في عيناه:
ـ الظرف الأسود مش موجود .. كان موجود في ملف الصفقة .. مفيش غيرها .. لو وصلولها هنروح كلنا في ستين داهية .. راحت فين أنا أبتديت أقلق
نور تحاول الإتصال بها ولكن تسمع رنين دون رد، زفرت بقوة وحاولت عدة مرات دون جدوى:
ـ اللي مطمني شوية إن الفون مش مقفول .. ربنا يجيب العواقب سليمة
صاح أمير موجهًا حديثه لنور:
ِـ أتصلي بيوسف خليه يجي بسرعة .. مبيردش عليا
حاول أن يبرر لها كي تنفذ ما يقول، لتتصل به بالرغم عنها ..
يتفاجيء يوسف بإتصال من نور، رد رغم دهشته بغير رسمية:
ـ خير يا نور
قالت نور بتلقائية ودون رسمية هي الأخرى ولكن بلهفة:
ـ يوسف تعالى شركتكوا حالًا .. سلمى في خطر .. سلام
أغلقت سريعًا فنظر لها الجميع في دهشة ولكن لم يعلقوا على ذلك، فليس الوقت المناسب لأستجوابها ..
لقد تحدث معه بدون رسمية بالفعل، ولكن ما هذا ؟ .. شقيقته في خطر لم تمكنه من الأستفسار حتى ودب القلق والخوف في قلبه، عكس أتجاه سيارته وذهب إلى حيث هي .
حاولت نور أن تتفادى نظراتهم، لا تعرف كيف فعلت ذلك للمرة الثانية دون أن تشعر، من الواضع أن مشاعرها تتحكم فيها هنا ..
عشر دقائق ووصل يوسف الشركة وبلهفة صاح بهم، قصت له نور بأختصار ما حدث ليكون في الصورة كاملة ويستطيع أنيتصرف معهم بسرعة أو يجد طريقة لإيجادها قبلهم ..
الصدمة أحتلت مشاعره وعقله وملامحه التي لا تصدق بنت كلمة على الإطلاق، تأثرت نور وحزنت على حاله .. دون أي مقدمات كاد يشبك في عراك به لولا تدخل طارق وأمير بينهم ليصيح محمود به:
ـ ميصحش كده يا يوسف .. خلينا نشوف هنعمل إيه دلوقتي
انفعل يوسف وهو يقول بنبرة تحمل الكثير ما في قلبه وما يشعر به:
ـ يعني مش سامع اللي قالته !! .. أنا مش قادر استوعب اللي بيحصل .. يعني أبويا كده يعني إيه ؟؟! .. يعني كل فلوسنا وعيشيتنا حرام في حرام؟ .. أمي ماتت بسبب الحرام ؟ .. حد يرد عليا .. لو جرالها حاجة أنا عمري ما هسامحك في حياتي مهم قلت أو عملت .. مش مكفيك اللي حصلها عايزها تحصل أمي كمان .. أنا مليش غيرها ليه عايز تحرمني من كل اللي بحبهم .. لييييه .. هي فين دلوقتي ؟
وجه تلك الأخيرة إلى نورلتقول بلهفة:
ـ محدش عارف هي فين .. مبتردش والفون مش مقفول وده اللي هيجنني .. حتى المرسم مش موجودة فيه ولا عند طنط سميحة .. هحاول تاني أن شاء الله خير
***************
استيقظت من غفلتها لتجد نفسها في مكان مظلم، فيه بصيص من شعاع الضوء لا تدري من أي مصدر يكون، رؤيتها معدومة بسبب الغمامة المعصبة على عيناه، لا تعرف أين هي حاولت النهوض لكن لم تسطع كأن شيئًا ما قابض على قدميها ويداها هي الأخرى، لا تسمع سوى صوت الهدوء الرهيب وخطوات خفيفة تقترب منها، إنها تعرف هذه الرائحة جيدًا كلما اقتربت تلك الخطوات الركيزة منها كلما أستطاعت الاستنشاق أكثر والتعرف على مصدرها، إلى أن دق قلبها سريعًا عندما أدركت صاحبها ولكن التساؤل هنا كيف وأين هي؟ أصبحت مشتتة وعقلها به تساؤلات عديدة، تريد أي شيء ينتشلها من هذه الدوامة .
كأنه يستمتع بكونها مقيدة أمامه، أسيرة بين يداه لا حول لها ولا قوة، عرف أنها استعادت وعيها من حركات يداها وقدميها محاولة منها فك قيدها .. لاحظ توترها على قسمات وجهها، أصبح الآن في مواجهتها إلى أن شعرت بأنفاسه تقتحم وجهها لتدرك حينها إنه بمقربة تامة بها لتنتفض وتشعر بالقشعريرة تسري في جسدها، وضع يده على ذراعها لتبتعد هي بجسدها مذعورة تزوم رافضة الأقتراب منها، تريد أن تصرخ ولكن لا تستطيع أيضًا بسبب الشريط الاصق حول فمها .. لمس على شعرها وهي تحاول الأبتعاد عنه ليقول بتشفي
ـ مش قلتلك قبل كده مصيرك ليا يا سلمى مصدقتنيش !! .. ايدكِ معايا وبين أيديا أهو شوفي بقى البيه اللي فضلتيه عليا وأتجوزتيه هيعمل إيه لما يعرف إنك معايا دلوقتي وشوية هتبقى في حضني .. متتصوريش كنت مستني اللحظة دي بقالي كتير ازاي
صوت أنفاسها عالية، رافضة كل حرف تفوه به، أدركت بأنها مخطوفة وأدركت أيضًا الخاطف، تشعر بالغضب والخوف الشديد من اقترابه منها، زاد كرهها له، تشعر بأنه مريض نفسي كي يكون رد فعله على رفضها له هكذا .
زال الغمامة والشريط اللاصق، فتحت عيناها ببطء شديد، المكان مظلم للغاية تكاد أن تراه بصعوبة، نظرت له بأذدراء وغضب:
ـ أنت اتجننت يا عاصم!! اللي هببته ده
ضحك وقال ساخرًا:
ـ بعتذر جدًا على الطريقة اللي جبتك بيها هنا .. بس كليشيه حركة عربية تدخل عليكِ مش كده؟ .. أنتِ اللي اضطرتيني أعمل كده .. كل ده عشان بحبك .. يمكن لو ضغطت على أبوكِ بالطريقة دي تطلقي من طارق وترجعيلي تاني .. أنتِ ليا أنا لوحدي .. فاهمة
انفعلت ولا تصدق بأنها في هذا الوضع الغريب مع هذا المريض:
ـ أنت مجنووون يا عاصم .. بجد مش طبيعي أبدًا .. لو كنت بتحب بجد فهو نفسك لكن أنت عمرك ما حبيتني .. أنت إنسان خاين مبيحبش إلا مصلحته وبس .. ياما فوتّ وعديت يمكن تحس لكن أنت والحيطة واحد .. هاشم بيه لو يطول يبيعني في مزاد عام مش هيتأخر .. كارتك محروق
جذبها من ذراعها بعنف ونظر لعيناها والشرر يتطاير منهما وقال:
ـ ورحمة أمك لو ملميتي لسانك أنا هلمهولك يا بنت الجوهري وهخليكِ تحصليها .. ولا تحبي تعرفي الوالدة ماتت أزاي !! .. لا تكوني فاكرة إنها ماتت في حادثة عربية بسبب شغل أبوكِ !! .. لا يا حلوة هو صحيح بسبب شغله بس في حادثة .. بده
أخرج من جانب بنطاله مسدس وحركه أمام وجهها ..
********************
محاولات الإتصال بسلمى كانت مستمرة من نور، والجميع بإنتظار ردها على نار أحر من الجمر، ولكن لا ترد .. فإذا تم الأمساك بها كما توقعوا فيكون النتيجة سحب الهاتف منها وغلقه على الأقل، ولكن ما معنى رنين دون رد؟ .
عاد صوت الرنين مرة أخرى وقد انزعج من سماعه طيلة هذا الوقت، نظرت له بعدم تصديق، تعرف جيدًا بأنها خدعت فيه ولكن ليس لهذه الدرجة، ولا تعتقد أنه سوف يدعها ترحل بكل بساطة، لقد سقطت في عرينه وما من منقذ .. لا تعرف أين حقيبتها فقط تسمع رنين الهاتف المتوالي في إتصالاته، تتمنى أن تحين لها الفرصة وتجيب، لتتفاجيء أن الهاتف بحوذته طيلة الوقت ومازال يرن، ليصيح بها بعد أن بدأ المكالمة بالخطأ:
ـ وبعدين في تليفونك اللي مبطلش رن من أول ما جيتي .. تعرفي كان سهل عليا أوي أقفله بس قلت لا .. سيبه مفتوح وخلي الحيرة تاكل في قلوبهم أكتر يا ترى راحت فين ومبتردش على التليفون ليه
لتصيح نور بلهفة عندما سمعت صوت .. ليأخذ طارق الهاتف من يداها وفتح السماعات الخارجية ليطمئن الجميع عليها وهو يصيح:
ـ ألو سلمى .. أنتِ فين؟ .. ألو ردي عليا
ليسمع صراخها وهي تصيح في ضيق لتنصب الصاعقة على وجوههم جميعًا وهم يستمعون بعدم فهم، ولكن من الواضع إنها بداية عير مبشرة على الإطلاق:
ـ حرام عليك يا أخي وهما ذنبهم إيه ..
قاطعها ليقول بغل وهو يصوب المسدس عليها:
ـ مش أهل النبي حرصه مش كده !!
حاولت أن تتحرر لم تستطع، فنظرت إليه وردت:
ـ مش مبرر هما مالهم في كل ده ؟ .. عايز تنتقم يبقى صفي حسابك مع هاشم بيه هو السبب في كل اللي وصلناله ده
اقترب منها والمسدس كلما تحرك يعرف طريق جبينها جيدًا لينفعل عليها أكثر:
ـ وأنا ذنبي إييييييه كل ده يروح في ثواني عشان شرط أهبل محدش توقعه من بهايم زي دول .. ما بقالنا كتير بنتعامل معاهم أشمعنى بعد وفاة فريدة هانم والموضوع حلى في عينيهم
عقدت جبينها لتقول بشك مما فهمت للتو وتريد أن تتأكد:
ـ تقصد إيه بالظبط .. مال أمي ومال الشرط
ضحك بسخرية وقال وهو واضع كلتا يداه داخل جيوب بنطاله:
ـ لا هي ملهاش أوي يعني .. بس الصفقات الأخيرة هي السبب في موتها
توقعت بأن وفاة والدتها له علاقة بتلك الصفقات المشبوهة، فلن تنسى أبدًا أنها ألتقطت أنفاسها الأخيرة أمام عيناها، وكل ما تعرفه جيدًا أن والدها سبب موتها ولكن لم تكن تعرف إلى أي مدى، أدمعت عيناها في ألم .. تماسكت بس سألت بفضول:
ـ أنت عرفت كل ده أزاي؟
ضحك عاصم ساخرًا:
ـ أنتِ طيبة بجد يا سلمى .. صحيح بابا مقلكيش إن أبويا شريك في الصفقات هو كمان مش في الصفقة دي وبس
دق قلبها بعنف وتتمنى أن تكون مخطئة في فهمها، أبتلعت غصتها وحاولت أن تستجمع شجاعتها وتسأل مرة أخرى مصطنعة عدم الفهم لتجمع معلومات أكثر وتربط خيوتها بطريقة صحيحة:
ـ وإيه يعني ما أنا عارفة أن شركتكوا مش أول مرة تتعامل معانا .. اللي دخل ده في اللي بنتكلم فيه
هنا ضحك عاصم أكثر وأقترب منها حتى وصل لنفس قطرها وبنفس النبرة:
ـ هو أنتِ متعرفيش أن سواء الصفقة دي أو اللي قبلها تهريب مخدرات !!
مع كل كلمة يتفوه بها تتوقع الكلمة التالية ويضرب قلبها بعنف، يرتجف من التوتر والصدمة ولكن وجهها وأنفعالاتها الخارجية باردة ثابتة للغاية، حتى أنه اندهش من عدم تأثرها أو تفاجأها، ولكن تفاجئت لشيئًا آخر:
ـ أنتوا كنتوا عارفين .. أنتوا فيها ؟!!
استغرب من منطقها ولكن أكمل حديثه:
ـ أومال أنا أضايقت أن أبويا خبى عليا الصفقة الجديدة قبل ما يسافر ليه وأنك بتعملي بيزنيس كبير من غير ما أعرف لا ومن اللي قلبك يحبها .. أومال كنتِ مفكرة صفقة ربحها 90 في المية وأكتر من أدوية بس !! ههههههههههههههههه لا طيبة بجد وعلى نياتك كمان .. لا عندك حق لو أبوكِ طال يبيعك في مزاد عام يعملها
نظرت له بقرف وأذدراء من أخمص قدمه لشعر رأسه وهي تستلقى هذه الصدمة التي كانت مغيبة عنها .. تحملت هذه الكلمات التي كانت بمثابة ماء نار وأنصب على وجهها وقالت بجمود كأن ما قال لا يعني شيء بالنسبة لها:
ـ أنت عايز مني إيه دلوقتي .. ليه خاطفني
جعل المسدس على وضع الأستعداد ورد بلامبالاه:
ـ مش عارف أقولك إيه يا روحي بس مش أنا بس اللي خاطفك .. أصل أنا نسيت أقولك إني خطفك بالإتفاق مع الشركة إياها بحجة إن أبوكِ مدفعش فلوس الدفعة الأولى من الشحنة اللي هتدخل مصر النهارده الفجر .. في الدرا ده سبب … السبب التاني بقى إنك مش بعد كل ده تبقى لسي طارق بتاعك ده .. أنتِ المفروض اللي تبقى مراتي مش مراته هو
ردت ساخرة غيرمبالية بكلماته:
ـ لا حقيقي هو أنت مبتزهقش !! .. هو أنا كام مرة أقولك إني متجوزة
ضحك بشدة ليقول بنفس نبرة السخرية التي أبحت ملازمة لحديثه:
ـ أنتِ لسة بتدافعي عنه رغم اللي قولته .. بيحب خطيبته وهيتجوزها وأنتِ لسة بتقولي جوزك وأنتِ مش في دايرة اهتمامته أصلًا .. بأمارة إيه يا آنسة مش لسة آنسة بردو ؟ .. بسيطة يطلقك زي ما كان مخطط مش عارف ليه ساكت طول المدة دي وهو مش طايقك والود وده يطلقك النهارده قبل بكره .. يكونش حبك ولا أنتِ حبتيه يا .. يا بنت الجوهري
شعرت بوجع قلبها من كلماته، يذكرها بأشياء تحاول جاهدة تناسيه ولم تستطع، حاولت أن تتماسك وأن لا تسقط دموعها الآن، يجب أن يراها لا تهزم أمامه مهما حدث، لا يستحق لهذا المريض أن يرى ضعفها لترد بتحدي:
ـ ايوة بحبه يا عاصم .. بحب جوزي وعلاقتنا هقولهالك لأول وآخر مرة خط أحمر.. إياك تهوب ناحيتها وملكش دخل بيها من أساسه
قلبه أرتجف بشدة لسماعه تلك الجمل التي خطفت قلبه، لا يصدق أعترافها بمشاعرها ولا أحد من الحضور .. ولكن كانوا فرحين للغاية من سماع ذلك، هذا الأعتراف قلب موازين الأمور بشكل كبير أمامهم .. لينظر الجميع له بلوم كبير وعتاب وقد شعر بأنه فقد عمره بتلك المكالمة .
غضب عاصم من كلماتها، والغيرة تدب في قلبه وعقله بدأ يفقد رزانته بشكل كبير، ليجذبها من ذراعها بعنف :
ـ وهو مبيحبكيش .. مش عايزك .. أحسن مني في إيه عشان تحبيه .. ها ردي عليا .. أنا بقى مش ههنيكِ عليه ولا هو كمان هيتهنى بيوم بيكِ .. أنتِ اللي أخترتي يا سلمى هدفعك التمن غالي أوووووووي
ألقى الهاتف بعنف وصوت طلق النار يداوي في أرجاء الفضاء الواسع ..
صرخ طارق بانفعال شديد:
ـ سلمىىىىىىىىىىىىى .. عمل فيها إيه الحيوان ..
هوت دموعها سريعًا وهي لا تصدق ما سمعت، تشبثت بذراع اخيها وقالت:
ـ شوفت يا طارق شووووفت .. مش ذنب انكل هاشم لوحده عشان تكون عارف أنت أهملتها .. سلمى اتخطفت ووجودنا هنا مبقاش له لازمة
صاح أمير وقال قبل أن يهم بالرحيل بلهفة:
ـ آنسة نور معاها حق .. هقلب عليه الدنيا لحد ما أوصل لأقرب واحد يوصلنا ليه .. سلام دلوقتي ولو في أي جديد بلغوني
رد محمود سريعًا:
ـ ربنا معاك يابني .. يا رب رجعها سليمة ياااااا رب .. وأنت ياكش تفوق بقى من ماشيك اللي ودانا في داهية من تحت راسك .. مش عارفين عمل في البنت إيه أنا هتجنن
وجه الأخيرة إلى هاشم الذي شعر بالذنب الشديد لأول مرة وهو لم يفكر بأنهم يتسرعون بهذه الطريقة وقد مضى على تسليم المبلغ أسبوع واحد، كيف لحامد أن يفعل ينكث بالأتفاق بينهم لمجرد تأخر بسيط ؟ .. لا .. لا يشعر بالاطمئنان حيال ذلك ليصيح بجنون:
ـ مش بعد كل اللي عملته يعملوا معايا كده .. ده مكنش أتفاقنا .. رايح أشوف المهزلة اللي حصلت دي سببها إيه
صاح به محمود قائلًا بغضب:
ـ رجلي على رجلك .. أنا مش هرحمك لو سلمى جرالها حاجة .. محدش يجيب سيرة لمدام سميحة ولا تهاني أنتوا سامعين لحد ما نلاقيها
رحلوا وتبقى الثلاث شباب يفكرون في مخرج ليصلوا إلى عاصم ومنهم إلى سلمى، لتقطع حبل أفكارهم صوت نور وهي تصيح بهم بأنهيار وبكاء :
ـ أنا عايزة سلمى .. هنفضل باصين لبعض كده !! .. الكلب اللي اسمه عاصم ده طول عمره واطي ومبينزلنيش من زور يا رب ما يكون عمل فيها حاجة .. ده أكيد مريض مش طبيعي أبدًا .. مش هنسيب أمير يدور لوحده .. منك لله يا بعيد
تكلم أخيرًا بعدما تذكر ما حدث قبل هذه الكارثة التي سترت على أثاره من تفكيره، هي الحل الوحيد الذي أمامه وعلى معرفة به في الفترة الأخيرة:
ـ مفيش ألا هي .. سارة
مسحت نور دموعها وقالت بعدم فهم بعدما عقدت حبينها بتساؤل:
ـ ومال سارة بعاصم دلوقتي .. احنا في إيه ولا إيه يا طارق
صاح بها طارق بنفاذ صبر:
ـ ده اللي ملحقتش أفهمه .. تعالوا هفهمكوا كل حاجة في السكة لازم نكسب وقت .. بس لازم أعمل مكالمة ضرورية في الأول
خرجوا من المكتب ومنها إلى الشركة ليقول طارق سريعًا وهو يدلف لسيارته:
ـ كلنا نبقى في عربية واحدة أحسن .. يلا
وبالفعل تركت نور ويوسف سيارتهم وأصبحوا بصحبة طارق، ويوسف يحاول أن يطمئنها بقدر الإمكان والتوتر يقتل قلبها قبل الخوف، تهتز قدمها بعنف ودموعها تسيل في صمت، ينظر لها طارق في المرآه وقلبه ينفلت منه وضميره يؤنبه بشده على ما بدر منه في حقها، ولن يسامح نفسه إن حدث لها شيء ..
تناول هاتفه وقام الإتصال بإيهاب بانفعال شديد:
ـ ألو ايوة يا إيهاب أنت فين ؟ .. خمس دقايق وألاقيك قدام البيت .. في مصيبة .. كارثة سلمى أتخطفت .. يلا عشر دقايق بالكتير وهكون عندك
أنهى المكالمة سريعًا ليقول يوسف باهتمام وهو يحاول أن يتماسك من أجل نور:
ـ ممكن نفهم إيه الحكاية .. مش سارة دي خطيبتك ؟
رد طارق وهو يقود بجنون وانفعال إلى أن هوت دموعه دون أن يشعر:
ـ اللي كانت خطيبتي .. متجبش أسمها على لسانك أنت وهي .. دي واحدة خاينة غدرت بيا بعد الحب اللي حبيتهولها .. على علاقة بعاصم بتخني مع الحيوان ده ..
قاطعته نور بفاه منفرغ لا تصدق ما تسمع :
ـ يا نهار أسود أنت عرفت ازاي ؟
أكمل طارق بوجع وألم شديدين شعروا بهم نور ويوسف:
ـ صحابي شافوها أكتر من مرة وهي طالعو ونازلة من شقة في عمارة وبعدما سألنا وشوفت بعيني وسمعت بوداني الحقيرة بتروحله الشقة .. شوفتها وهي لابسة ..
صمت ولم يستطع الرد، ضرب الموقد ضربًا مبرحًا لتبكي نور في صمت على حاله ليكمل:
ـ ليه تعمل كده ليه ؟ .. أنا كنت بحبها ليه تخونني يا نور ؟! .. الزبالة اللي مرفقاه لو شوفته قدامي لهطلع روحه وهيبقى التار تارين .. لولا حاشوها عني كنت قتلتها بأيدي وأرتحت من النار اللي جوايا .. عايز أفهم عرفته أزاي دي ومن أمتى وهي بستغفلني
أمسكت ذراعه ومسحت دموعها محاولة منها الأرفاق به والهون عليه قليلًا:
ـ خلاص يا طارق الحمد لله إن ربنا كشفها قدامك وأنت لسة على البر قبل ما تتجوزها .. ياما حذرناك منها وأنت مصمم عليها .. كل واحد يتحمل غلطه وأنت بتدفع غلطتك في مراتك بس قادر ربنا ينجيها .. مش أنت لوحدك يا طارق دي غلطة والكل بيدفع تمنها غالي أوي .. لأول مرة أعرف إنك بتحبها بجد .. المواقف هي اللي بتبين معادن وقلوب الناس
نظر لها بصدق وأومأ برأسه تأيدًا لكلامها، لتهوي دمعة صادقة من عيناه وهو لأول مرة يشعر بقيمة وجودها في حياته، لا يعرف بأنه يكن لها كمية هذه المشاعر في قلبه وهو لا بالي لها وينكرها .. دقائق وتوقفت السيارة أمام منزل إيهاب الذي صعد على الفور وقلبه يرتجف من التوتر الذي أصابه من تلك المكالمة ليصيح بطارق بنفاذ صبر:
ـ اللي قولته ده !! .. مين اللي عمل كده؟
رد طارق دون النظر إليه:
ـ الكلب اللي أسمه عاصم .. هفهمك كل حاجة بعدين المهم لازم نجيب سارة من تحت الأرض هي اللي هدلنا على مكانه .. أوصفلي الطريق اللي حصل مدربكلي دماغي مش قادر أفكر
وصف له العنوان بالتتفصيل وطارق يسير على هداه إلى أن وصلوا للعقار المنشود ليقول طارق منفعلًا وهو يهم بالخروج:
ـ أنا طالع أشوفها لسة فوق ولا راحت في أي داهية .. خليكوا هنا
ترجل من السيارة وإيهاب خلفه ليلتفت وراءه طارق ويقول بعصبية:
ـ مش قلت خليكوا هنا اللي جابك
رد وهو يحاول تهدئته:
ـ مينفعش أسيبك تطلع لها وأنت بالحالة دي تتهور عليها واحنا عايزينها حية
أقتنع طارق ودخلوا العقار ومنها إلى الشقه والحارس يشعر بالغرابة من الموضوع منذ البداية .. باب الشقة مفتوح دخلوا ليبحثوا عنها لم يجدوا لها أثر .. زفروا بشدة ومسح شعره بكفيه بعنف:
ـ هربت أكيد .. بينا على بيتها يا خوفي لايكون ده كدبة كمان
عادوا إليهم مرة أخرى والفضول ينهش فيهم وقبل أن تسأل نور أجابها طارق لأنه يعرف رد فعلها:
ـ مفيش أي أثر لها فوق .. بس هتروح مني فيه أنا وهي والزمن طويل
قاد السيارة متوجهًا إلى منزل سارة والشرر ينطلق من عيناه كالصواريخ الحربية أثناء معركة جوية شرسة أمام العدو، أصبحت منذ لحظة رؤيتها عدوة له ولم يشعر بالراحة إلا إذا أنتقم منها .
*********************
كان النقاش حاد بينهم لدرجة لم يتحمل هاشم وكاد ينقض على حامد السيوفي وينهال عليه بالضرب، إلا أن تدخل محمود لفض النزاع بينهم وهو يصيح بينهم، فأعصابه لم تعد تحتمل أكثر من ذلك
ـ بس بقى أنت وهو خلونا نشوف حل في المصيبة اللي أحنا وقعنا فيها دي .. الظرف ده لو وقع في أيديهم خلاص روحنا في داهية مش أقل من 15 سنة سجن ولا أكتر .. دي مخدرات مش لعب عيال كلنا في مركب واحدة
ليصيح حامد بغضب:
ـ أنت هترمي بلاك عليا يا حامد .. ما أنا زيي زيك معرفش المتخلف ده عمل كده ليه
ليصيح هاشم بعدم تصديق لكلامه:
ـ يعني عايز تفهمني أنك أنت وابنك في نفس العملية ومتعرفش دماغوا فيها إيه .. بنتي لا يا حامد بنتي لا شكلكوا طابخينا سوا طمعانين في نسبة زيادة ده بعدكوا
طرق حامد على سطح المكتب بغضب:
ـ أنت ناسي إني بستلم معاك البضاعة ونصها في المخازن عندي عشان لو أتعكشت البوليس ميصادرهاش كلها ولو حد فينا أتمسك كلنا هنروح في أبو نكلة .. لا تعايرني وأعيرك الهم طايلني وطايلك .. الغبي قلتله يقرب منها عشان يرجع الماة لمجاريها بعد تنفيذ الشرط ونستلم البضاعة مش يخطفها !!
صاح محمود بلهجة جامدة وصارمة:
ـ ياريته كان خطفها لوحده يا حامد بيه .. ده متفق معاهم على خطفها .. ابنك بيساومنا بجاوزه منها .. عارف لو حصلها حاجة أنا مش هيكفيني فيك يوم أنت ولا أبنك .. الظرف أختفى واللي حصل حصل وأبنك معاهم لو سلمهم الظروف يبقى القضية لبسانا كلنا والدليل بقى في أيديهم ..
قاطعه هاشم بنبرة تهديدية:
ـ بنتي لو مرجعتش هروح أبلغ عننا كلنا وعليا وعلى أعدائي بنسخة الظرف اللي معايا .. عقل أبنك من الجنان اللي في دماغه ألا سجن الحضرة هيمسي علينا كلنا بلا أستثنا
رحل هاشم ومحمود، وبمجرد خروجهم من المكتب تناول هاتفه وحاول الإتصال بعاصم هاتفه مغلق أو غير متاح .. أزاح كل ما هو موجود على سطح المكتب في غضب وعصبية شديدة وهو يحاول فك زرار قميصه العلوي من شدة اختناقه، تدخل السكرتيرة بعد خروجهم لتجده يجلس على الكرسي بعشوائية ولا يستطيع أن يلتقي أنفاسه لتصرخ به:
ـ حامد بيه .. يا نهار أسود حامد بيه .. حد يلحقني ..
********************
وقع الفأر في المصيدة أخيرًا، سمع الحوار الدائر بينه وبينهم .. وأدرك أن نهاية هذه الصفقة قد ولت، ومادام وقع حامد السيوفي تحت براثنهم فبلتالي وقع عاصم هو الأخر ولن يفلت من العقوبة لأنه شريك ومساعد، أو بمعنى آخر ذراعه الأيمن في كل شر ينوي إليه، فهو من ساعده لأختطاف سلمى وحان الوقت للهروب قبل أن يدخل في براثن الشرطة .. بمجرد أن خرج من المدخل الرئيسي من الشركة وجد ضابط ومجموعة من أمناء الشرطة بأنتظاره، لم يستطع الهرب حتى أو الإفلات فقد تم القبض عليه على الفور:
ـ لسة بدري يا أستاذ صلاح .. مطلوب القبض عليك .. خدوه
ركب سيارة الترحيلات ومنها على قسم الشرطة لبداية التحقيق معه .. بعد تحريات عن شركة السيوفي توصل أمير لمساعده، فهو الخيط الاول للوصول إليه .
طرق أمير على سطح المكتب في غضب شديد لينتفض صلاح من مكانه:
ـ ما تنطق يلا عاصم فين ؟
يحاول صلاح الأنكاروالرد بتوتر ملحوظ على قسمات وجهه:
ـ والله ماعرف مكانه فين ولا أعرف أنا هنا بعمل إيه .. هو فيه إيه يا باشا أنا موظف محترم
رد ساخرًا بنبرة تعنيفية:
ـ ماشي يا موظف يا محترم أنا هقولك أنت هنا ليه .. عاصم السيوفي متهم بخطف أنثى وسيادتك لو متكلمتش وأعترفت بمكانه هعتبرك شريك في الجريمة .. ها عرفت بقى أنت هنا ليه ولا أقول كمان
أبتلع غصته بصعوبه وأصطنع عدم المعرفة:
ـ لا لا أنت بتقول إيه يا باشا ولا أعرف بتتكلم عليه .. أنا حتة موظف في شركة ولا ليا في الطور ولا في الطحين .. خطف مين عدم اللامؤاخذة
طرق المكتب بعنف ليقول بنفاذ صبر:
ـ أنت هتستعبط يا روووووح أمك .. اومال لو مكنتش دراعه اليمين زي ضله مين هيعرف .. قوم يلااا أنا هعرف ازاي أخليك تتكلم وكده كده القضية لبساك طالما مش عايز تساعد نفسك
رن الجرس بجوار مكتبه ليدخل عسكري ويقول بلهجة آمرة:
ـ خد الواد ده وديه الحجز لحد ما يبانله صاحب
جلس على مكتبه وزفر بشدة وهو يحاول أن يتمالك أعصابه من أجل أتيان الحقيقة ومعرفة مكانه من المدعو عاصم، لن يعترف على مكانه بسهولة والوقت ليس بصالحه على الإطلاق .
*******************
وصلوا إلى منزل سارة وعلى الفور قام طارق بالإتصال بها، والكل منتظر رد بفارغ الصبر .
وجدت أسمه على شاشة هاتفها، كل مكالمة تفرح بها ولأول مرة تخشى هذه المكالمة وتتمنى لو أستطاعت لعدم الرد، لو أستطاعت أن تجعله يغفر لها وأنها تحبه هو وأن تشرح له موقفها بالتفصيل لعل وعسى يصدقها ولكنها تعرف إن هذا يعتبر مستحيل، لن يصدق بحرف واحد بعدما شاهدها في شقة رجل غريب وهي شبه مرتدية ملابس ولكن ستحاول للمرة الأخيرة، فلن تخسر شيء أكثر مما خسلرت .. ردت بصوت مرتجف:
ـ أااالو .. ايوة يا ط طارق
صاح بها بنبرة تعنيفية لم تسمعها منه من قبل حتى وإن كان غاضبًا منها:
ـ أسمى ميتنطقش على لسانك القذر ده تاني أنتِ سامعة
كتمت بكاءها وأومأت بالموافقة لتشهق بشدة من أثر البكاء:
ـ حاضر .. والله أنا ..
قاطعها بنفس النبرة:
ـ متحلفيش بربنا لو سمحتي .. أنا تحت بيتك في ظرف خمس دقايق تكوني عندي وإلا هطلع أجيبك أنا من وسط أهلك وأقولهم أنا لقيتك فين تمام؟
بكت بشدة وهي تشعر بالحسرة والذل على حالها:
ـ لا أبوس أيدك أهلي لا أنا نازلة حالًا
انهارت من البكاء ونزلت على الفور بعدما تحججت لأسرتها لأي سبب كي تنزل، وبالفعل وجدت سيارة طارق أمام منزلها فقامت بالركوب في الخلف، لتشعر بالأشمئزاز والأذدراء من أعين الجميع .. لحظات صمت مرت عليها كسنوات تتمنى ولو تستيقظ منها للتو .. حاول طارق أن يتمالك أعصابك كي يستطيع أن يصل لزوجته فقال بهدوء شديد يشوبه بعض الحزم:
ـ أنتِ عارفة إني مش قادر ابص في خلقتك بعد اللي عملتيه مش كده ؟!.. مش عايز أسمع منك ولا مبرر لأن مفيش حاجة هتغفرلك عندي مهما قلتي .. كل اللي عايز أعرفه تعرفي الزبالة اللي أسمه عاصم السيوفي ده منين ومن أمتى ومكانه فين .. ألا مش عايز أحلف بالله لو مراتي جرالها حاجة من تحت راسك يا وش المصايب أنتِ ما هرحمك .. أنطقي وبطلي عياط
شهقت وبدأت في السرد وهي تبكي:
ـ حاا حاضر .. عاصم أعرفه بقالي سنة ونص شوفته على يخت زي اللي احنا كنا فيه .. كلمة مني على كلمة منه عرفت إنه صاحب شركة ومبسوط جدًا قلت دي فرصتي أطلع منه بأي مصلحة .. علقني بكلامه ورقته خلتني أسلم بكل سهولة .. يوم ورا يوم لما بيقولي نتقابل مكنتش بعرف أقوله لأ ..
قاطعها طارق بقلب ممزق وهو يسمع منها أعترافها بخيانتها له بنفسها، نظر لها بأحتقار وقال:
ـ طبعًا كل ده وأنتِ كنتِ معايا مش كده؟ ليه؟
ردت سارة وأكملت بخوف من شدة هدوئه:
ـ ااايوة .. كنت كل ما بتلمحلي بسيرة الجواز هو يقوم يزغلل عيني أكتر وأشوف في الأخر اللي كفته أكتر .. لحد ما حصل اللي حصل ومبقتش أقدر أسكتله أكتر من كده وإلا هتفضح ..
فهم ما ترمي إليه، لم يحتمل فقاطعها طارق للمرة الثانية وهو يحاول أن يتمالك أعصابه ليقول بغضب شديد وكاد أن يجذبها من شعرها لولا تدخل نور بينهم:
ـ كنتِ عايزة تلبسيلي عملتك القذرة .. أنا مشوفتش كده في حياتي وأنا اللي كنت هأمنك على أسمي وشرفي وأنتِ متستحقيهوش .. كملي اللي حصل
انهمرت دموعها أكثر وأكثر وقالت بندم:
ـ عشان كده فتحت معاك سيرة الجواز وأستغربت لأني كنت على طول بتحجج بأي حاجة .. من ساعة الصفقة وعاصم بيخطط ازاي يفرق بينك وبين سلمى .. كل واحد له مصلحة عند التاني من الآخر هو ازاي يكوش على شركتها قبل منها ويجوزها بعدما تطلقها وأنا يخلالي الجو معاك ونتجوز .. هو اللي خطط لكل حاجة معايا وأمتى أبعد أو أقرب منك.. ماعدا الرسالة بتاعة المركب واللي عملته في الاوتيل كنت بكرهها وغيرانة منها .. كنت عايزة أخلص منها بأي طريقة
كان يحترق دمه بشدة وهي تعترف وتقول بكل بجاحة وصراحة متناهية، لفت نظره رسالة المركب ولم يفهم ماذا تقصد ليقول بجمود:
ـ تقصدي إيه بالظبط ؟
أبتلعت غصتها بصعوبة وهي تقول:
ـ لما سلمى شافتنا على المركب مع بعض مكنتش صدفة ولا حاجة .. أنا اللي بعتتلها رسالة عشان تيجي وتشوفنا مع بعض فتعمل بينكوا مشكلة كبيرة فتطلب الطلاق .. حبي ليك كان عماني وأنا شايفاها بتاخد كل حاجة على الجاهز وأنا كنت بحس إنك بتبعد عني يوم ورا يوم ومكنتش عارفة أعمل إيه إلا إني أطيرها من حياتك بأي تمن
ألتفت لها وصفعها بشدة على وجهها، لم يتحمل أبدًا أن يسمع أكثر من ذلك ، لا يستطع أن يتخيل للحظة أنه كان مغقلًا لهذه الدرجة وأنه في وهم وخداع كبير، عقله لا يستطيع أستيعاب أي شيء في المطلع .. إنه في كابوس مفزع أقوى وأكبر مما مر به عللى الإطلاق .. الصدمة ليست فقط لطارق وحده وأيضًا لإيهاب الذي كان في يومًا ما أحبها قبل معرفة صديقه بذلك وحاول الإبتعاد عنها عندما علم بمشاعر صديقه لها وأهتمامه بها الذي تحول فيما بعد لأرتباط بينهم .
لم يتحمل طارق استجوابها أكثر من ذلك، لم يتحمل بأن يستمع لهذه القذارة مرة أخرى .. فتدخل إيهاب سريعًا وقال باستهجان وجدية:
ـ أنا لو سبته عليكِ ثانية كمان هيخلص عليكِ .. أنطقي عاصم فين؟ له مكان تاني غير الشقة اللي بتتقابله فيها
بكت وقالت:
ـ معرفش عنه أي حاجة غير اللي قلته .. كان حويط جدًا وماسك عليا حاجات لو فتحت بؤي مش هيرحمني
أمسك بها من شعرها وفضت نور بينهم وهي تصيح:
ـ أمسك نفسك شوية يا طارق لحد ما نعرف اللي احنا عايزينه .. أنا مقدرة جدًا اللي أنت فيه بس فكر في سلمى دلوقتي خلينا نخلص
صاح بها إيهاب بعنف وانفعال شديد:
ـ ما تخلصي ألا طارق نفسه مش هيرحمك لو متكلمتيش .. حياة مراته بين أيدك عاصم فين وسمعتي إيه أخلصي .. كده كده هيتسجن ومش هيقدر يعمل حاجة
بكت بشدة وقالت بعدما شعرت بالطمأنينة قليلًا:
ـ كان بيقول إنه لازم يخلص منها النهارده ينفذ العملية .. وسمعته بيتكلم على صفقات مشبوهة مع واحد أسمه صلاح وده دراعه اليمين وعارف عنه كل بلاويه .. عنده شالية مهجور في آخر العجمي كلمني عنه كتير قبل كده .. وبما أننا داخلين خلاص على الشتا مش هيلاقي أنسب من المكان ده لأن المصيفين مشيوا خلاص والشاليهات معظمها مقفولة والمنطقة دي بتبقى هص في الشتا روحت معاه مرة السنة اللي فاتت .. والله العظيم معرفش حاجة إلا ده ..
صرخ بها طارق وقال بنبرة تحذيرية مرعبة:
ـ حسك عينك لو أتكلمتي أو فتحتي بؤك بكلمة واحدة كل حرف قلتيه متسجل وهيطلع على النيابة وكده كده هيطلع متقلقيش .. فخليكِ كويسة لحد الآخر وقوليلي الشاليه مكانه فين ..
إلي هنا ينتهى الفصل الثامن والثلاثون من رواية صفقة حب بقلم شيماء جوهر