الجزء الأول..
احساس جميل بيلمس القلب والروح، وقت ما بنسمع قرآن المغرب في شهر رمضان.
في الوقت ده، انا كنت خلاص جهزت الفطار وخلصت كل اللي ورايا، وصلوا اخواتي وعيالهم عشان كنا كلنا معزومين عند امي، خبط الباب ولقيته جوزي، اخدت من ايده الحاجات اللي كان مشتريها وسبتها على السفرة، روحت ناحية اوضة امي عشان اصحيها تقوم تفطر، كُنت كل خطوة بخطيها ناحية اوضتها قلبي بيدعي قبل لساني..
“ربنا يباركلي فيها ويشفيها من المرض الملعون اللي صابها”
فتحت باب أوضتها لقيتها لسه نايمة ، كُنت بتمنى في اللحظه دي، ان وجعها يكون فيا وهي ماتحسش بلحظه ألم ابدا، مسحت دموعي عشان ماتخدش بالها وقربت من سريرها :
-ماما، ماما، أصحي يا حبيبتي المغرب على آذان.
-ايوه يامني، انا صحيت اهو يابنتي.
-يا ماما انا قولت لك من اول رمضان بلاش صيام، وده كمان كلام الدكتور عشان العلاج اللي بتاخديه تقيل عليكي مع الصيام.
-علاج ايه بس يا بنتي!.. يرضيكي أتحرم من صيام الفرض، ده هو شهر في السنة، مش كفاية اتحرمنا من صلاة التراويح بسبب البلا اللي صابنا اللي اسمه كورونا، يا عالم ان كنت السنة الجاية هكون معاكم، ولا في قبري.
-بعد الشر عنك يا امي، ربنا يطولنا في عمرك.
-الموت مش شر يا حبيبة امك، الموت ده حق، انتي مفكرة إن الناس اللي بتموت كل يوم بسبب كورونا، ماتوا بسبب المرض ده.. لا يا حبيبتي، المرض ده مجرد سبب، الناس دي ماتت عشان ساعتها حتمت، فكانوا هيموتوا سواء بالمرض ده او بغيره، الموت هو الموت اما أسبابه مفيش أكتر منها مكتوبة عند اللي خلقنا . فهمتي يامنى.
-فهمتي يا ماما، ربنا يخليكي لينا، بقولك أيه اخويا الحمدلله لقي لك سرير في مستشفي كويسة، عشان تكملي علاجك بإذن الله، بالعافية والله ياماما، لما لقينا مستشفى.. المستشفيات معظمها الايام دي مقفولة حجر صحي لمرضى كورونا بس أكدوا علينا في ميعاد دخولك على بعد العيد على طول.
-على خير يا بنتي، كل اللي يجيبه ربنا خير، وربنا هو الشافي المعافي.
سندت امي وطلعتها بره وسط اخواتي، كنا حابين نرفع معنوياتها عشان تقدر تواجه المرض الخبيث، خلصنا فطار المغرب، وقضينا وقت من أحلى أوقاتنا ، لحد ما أذن العشا وصلينا التراويح جماعه، وبعدها كل واحد وواحدة من أخواتي روح على بيته، بس انا استأذنت من جوزي إني ابات مع امي ، صراحه ربنا يباركله ماعترضش، وعدت ايام الشهر الكريم وايام عيده كمان.. كلمت أخويا عشان افكره بميعاد مرواحنا بماما للمستشفي، وخصوصاً إني كنت شايفه التعب على ملامحها..
تاني يوم الصبح كلمني اخويا عشان اجهز امي، و اجهز حاجات ليا لأني هكون مرافق ليها.. على اساس اني الأنسب بين اخواتي ماكنش لسه عندي اولاد، وعلى بعد الضهر، كان جايب اخويا عربيه، خدني أنا وامي ووصلنا لمستشفي السرطان، وبدخولنا المستشفى جت ممرضة وشها بشوش استقبلتنا، دخلتنا الأوضة اللي هتكمل فيها امي علاجها،
الأوضة كانت عباره عن سريرين للمرضى ، كل مريض معاه مرافق، واحنا كنا اول ناس في الاوضه ، ماكنش فيها حالات غيرنا، بعد ما وصلنا بساعة ابتدت امي في مرحلة العلاج وتحاليل واشعات، عدا اليوم ماحسناش بيه من دوشة معمل التحاليل..
الساعة ١٢ نص الليل كانت أمي في الوقت ده نايمه، سمعت باب الأوضة بيتفتح، لقيت الممرضه ومعاها واحدة ست بس مش كبيرة، تقريباً اول التلاتينات ، مسنديين ست كبيرة في السن شكلها يعدي ٧٠سنة ، حالتها حرفيا مدمرة، اما وصف شكلها من اول ما شفتها وقلبي اتقبض، عارف احساس لما تشوف حد من اول مرة، ومايجيش في بالك غير انك مش مرتاح للبني آدم ده، اهو ده بالظبط كان احساسي لما شفت الست دي، وواضح ان الاحساس كان متبادل، لمحت من نظرة عيونها اللي في حدة عيون الصقر، انها كمان مش مرتحالي، حاولت أهدى واشيل الأفكار اللي هجمت على راسي بدون ادلة ملموسه، لأن الست لسه يادوب داخله الاوضه، فقلت بلاش اسبق الأحداث، الافضل اروح وارحب بيهم واقدم المساعدة..
لقيت قبول من الست اللي كانت مرافق مع المريضة، كانت في منتهى الذؤق وشكرتني على مساعدتي ليهم،
بعد ما نيموا المريضة على سريرها استأذنت منهم ورجعت لأمي، قفلت كمان الستارة اللي بينا عشان ياخدوا راحتهم، في الوقت ده كانت الممرضة مركبة لأمي محلول، فمسكت التليفون وفتحته يسليني لحد ما المحلول يخلص، وغير كده كنت حاسه بقلق غريب، وفين وفين لما قدرت اغمض عيني، وفي لحظة.. قمتُ على صوت صرخة خلعت قلبي من مكانه، كان الصوت جاي من الست اللي جت امبارح، فتحت الستارة اللي موجوده بينا، لقيت حاجة غريبه جدا.. الست نايمة وعيونها مقفولة وبتصرخ، والاغرب البنت اللي معاها مفيش من نا حيتها اي رد فعل، فبصيت ليها وقولت :
-والله انا زعلانه على امك، وقلبي بيوجعني من الألم اللي هي فيه.
-معلش ربنا يشفي كل مريض، روحي مكانك وكملي نومك.
تفاجئت من طريقة كلامها، وقلت في بالي “مالها دي؟.. لو الست دي واحدة من الشارع يمكن كانت تحزن وتشفق على حالتها” فسبتها وروحت كملت نومي..
على الساعة ١٠ اخواتي كلهم جم عشان يطمنوا على أمي.. بس من التعب ماحستش بوجودهم، وماصحونيش غير وهم ماشيين قرب العصر، بعد ما مشيوا دخل عند الست المريضة راجل كبير وكان معاه واحدة ست تانية واتنين شباب، صوتهم كان عالي فكُنت سامعة كلامهم بوضوح.. وف لحظه قلبت مفتش مباحث، والله فضول مش اكتر مش قصدي اتجسس عليهم، بس كنت عاوزه اعرف مين دول، فسمعت البنت المرافقه اللي مع المريضة بتقول :
-اهلا يا بابا، عاملين ايه يارب تكونوا بخير .
فهمت ان الراجل ده يبقي ابوها، واللي معاه اكيد اخواتها، رد عليها الراجل وقال :
-اهلا بيكي يا بنتي بخيروالله ، بس اكيد أنتي مش بخير.
-اهو ماشي الحال وربنا يستر.
-وهي وصلت لحد فين؟
-طلعت نتيجة الأشعة إمبارح ، الورم ماسبش مكان غير وراحله، مسك في كل حتة من جسمها.
-يارب سلم، ده ولسه.. هي لسه في أول الطريق،ولما تروحله هو بقى يصطفل معاها.
-افتكاره رحمه يا بابا، افتكاره رحمه.
-مين دلوقتي اللي هيقعد معاها؟
-انا موجودة اهو يابابا ولو تعبت تيجي مكاني سمية.
دخل في الحوار صوت جديد، وكان صوت الست اللي دخلت معاهم قالت :
-عمالين تقولوا رحمة رحمة، هي اللي زي سلطانة ليها رحمة، ممكن يا بابا تقول اي حاجة الا الرحمة لواحدة زي دي.
رد ابوها وقال :
-اسكتي يا سمية ماتنسيش انها امك.
-بس ماتقلش امك، انا هسكت بس عشان واثقه انها سامعه كل كلامنا حتى لو كانت في سابع نومه.
-رد واحد من الشباب وهو متعصب وقال :
-فعلا ماتنسيش نفسك في الكلام يا سمية ، وماتنسيش ان سلطانه أُمنا .
فهمت اخيرا من كلامهم إن سلطانة تبقى الست المريضه، والمخلوقات اللي عندها عيالها وده جوزها.. اخدوا وقتهم بعد الحوار اللي شيفاه ملوش اي تلاتين لازمه، غير انهم كارهين امهم، ليه بقى الله اعلم؟
خلصت مواعيد الزيارة، والمستشفى فضيت على المرضى والمرافقين، لقيتها فرصة اروح عند الست اللي قاعده مع المريضه، اتكلم معاها واتعرف عليها اكتر يمكن افهم منها حاجه، عملت كوبايتين شاي وروحت عندها، قدمت لها الشاي وبدأت الكلام:
-يارب الشاي يعجبك، انا اسمي مني جيت مرافقه مع امي ربنا يشفيها ويشفي امك، لقيتها بتبص نا حية سرير امها اللي كانت نايمة في سكون مش بيصدر منها اي حركة، وقالت :
-تسلم ايدك يا حبيبتي، انا اسمي (علية)، هصححلك معلومة اللي نايمة دي ماتبقاش أمي ..
(رديت عليها وانا مستغربة من كلامها) ..
-ازاي يعني مش امك؟
-دي تبقي عمتي سلطانه، هي اللي مربياني انا واختي (سمية)، يعني مرات ابويا وفي نفس الوقت حماتي، الشباب اللي كانوا مع ابويا وقت الزياره دول يبقوا ولادها و اجوازنا انا واختي سمية.
-طبعا هي بتحكي وانا مركزة في كل حرف بتقوله، وقلت في بالي كده وضحت الرؤية وده سبب الكلام الغريب اللي كان بيتقال وقت الزيارة، بس قلت انا مالي كفاية فضول لحد هنا، وفي اللحظه دي فُقت على صوت (سلطانة)، جريت عليها مرات ابنها، كانت بتاخد نفسها بالعافية، وشايفه صدرها طالع ونازل كأنها بتلقط اخر أنفاسها، وسمعت علية وسط كل ده بتقول :
-يااارب تعبنا بقى، ياارب خلصنا من اللي احنا فيه،ياارب تكون اخر مرة.
بصيت لها وانا بضرب كف على كف، وبقيت مستغربه من ولاد المجانين دول، بس سبتها وجريت على اوضة الممرضات اللي جم معايا بسرعة، راحوا ناحية سريرها واترسم على وشهم القلق ، واحدة منهم قالت:
-روحي بسرعة يا نعمة اندهي الدكتور عادل.
وفعلا راحت الممرضه وفي لحظه كان معاها الدكتور، وقف دقايق مع المريضة وبص لمرات ابنها وقال :
-البقاء لله وحده، حد يتصل على أهلها يبلغهم،وبلغوا المغسلة تجهز نفسها، وادوا علم لعمال المشرحة، ييجوا ينقلوا المتوفية لاوضة الغسل في المشرحة.
خلص الدكتور كلامه، روحت نا حية علية عشان اعزيها، ردت عليا رد غريب جدا وكانت ملامحها جامدة مش عارفه افسرسبب الرد ده ايه قالت:،
-تفتكري يكون موتها بالسهولة دي، ماتستعجليش وارجعي انتي لأمك .
سبتها و روحت اشوف امي، وكان العمال جم الاوضة وبدأوا في نقل سلطانة للمشرحة،وبعد مرور وقت رجعت علية للاوضه تستني ابوها، وانا اسكت ابداا رجعتلها قلت اواسيها واخد بخاطرها :
-معلش شد حيلك، ما دايم غير وجه ربنا،وكالعادة نفس الردود قالت ;
-خليها تروح، اخدت الشر وراحت بس المهم انها تروح وتخلصنا.
-للدرجة دي مش بتحبيها!
– مش بحبها!. دي كانت حما ومرات اب.
في اللحظه دي دخل ابوها واختها وأولاد سلطانة، حسيت انها بلعت لسانها وخرست خالص، اتكلم أبوها وقال:
-قومي يا علية وضبي حاجاتنا عشان نمشي من هنا.
هزت راسها وقامت تظبط حاجتهم، الوقت ده كان جه ميعاد جلسة الكيماوي لأمي ، فنزلت بيها الدور اللي فيه المكان المخصص لجلسات الكيماوي، واخدنا وقت على ما خلصنا، بعد ما خرجت سندتها عشان نرجع الأوضة، شوفنا عند دخولنا الاوضة اللي يخلع القلب من الفزع، سلطانة كانت نايمة في سريرها.. الست اللي ماتت من كام ساعة موجوده في السرير، رجعنا بضهرنا خطوات فاتخبطت في الممرضة، اللي قالت:
-اهدوا اهدوا ، ادخلوا الأوضة وانا هفهمكم كل حاجة.
دخلت امي في سريرها وجت جنبنا الممرضة وقعدت، قالت :
-عذراكم من الخضة اللي اخدتوها، حاولت الحق اوصلك يا مني عشان اقلك، بس كان معايا حاله مكنش ينفع اسيبها، رديت عليها وانا مش عارفة اقول جملة علي بعضها :
-تفهمينا ايه؟ وايه اللي حصل هي دي سلطانة ولا عفرتيتها؟
-عفريتة ايه بس دي سلطانة بعينها، بعد ما جم خدوها ونقلوها على اوضة الغُسل في المشرحة، كل اللي في اوضة الغُسل ماكنوش مرتاحين لها، حتى جوزها لما كلمناه حسينا من كلامه انه مصدق خلص منها، وقال لنا نغسلها ونكفنها في دقايق وهو جاي ياخد جتتها عشان يدفنها، وفعلا جت المغسلة وجهزوها بسرعة، المغسلة كانت بتقول للمرضات :
-مين الست دي؟.. ومال شكلها عامل كده ليه؟
-ردت واحدة من الممرضات، وقالت :
-دي تبقي الحاجة سلطانة، مالها يعني؟
-حاجة!. متأكدين اني دي حاجة، لو ادتيني عمر على عمري، في شغلانة مغسلة الاموات مستحيل اقتنع ان دي ركعتها مش حجت زي ما بتقولوا، اللهم احفظنا.
ردت عليها الممرضة وقالت :
-انجزي يا أم شاكر الله لا يسيئك، مش وقت ظهور الحاسة السادسة دلوقتي، شوفي شغلك خلينا نخلص، انا نفسي مخنوق وصدري طابق عليا.
-حاضر يا بنتي، انا بقول اللي عرفاه واللي حفظاه بعد العمر ده كله، ناوليني بس المية، واوعي تكون المية سخنه بزياده، حكم هي جسمها قايد نار لوحده.
-ازاي يعني يا أم شاكر؟ واحدة ميته تبقي متلجة انتي الحاسه السادسة عندك من ناحية اللمس معدومة.
-اهو شوفي بنفسك يا بنتي، يمكن كبرت وخرفت.
قربت زميلتي “ثريا” من سلطانة ومسكت ايدها، لقيت ايدها فعلا سخنة وجسمها كمان، استغربت وماكنتش عارفه تعمل ايه، فقالت لأم شاكر وزميلتها التانيه كملوا تغسيلها على ما ارجع لكم.
خرجت من المشرحة، ودقايق وكانت راجعة معاها الدكتور، لحظة دخولهم المشرحة، سمعوا صراخ كان خارج من اوضة الغُسل، شافوا أم شاكر والممرضة طالعين بيجروا ووشهم مخطوف كأنهم شافوا عفريت، صراحة هم يعتبروا شافوا عفريت، ما هو اللي حصل صعب برضه، تخيلي الولية داخلة تتغسل ومسلمة الروح ، ولحظة ما يكبوا عليها المية تفتح عينها، ده الرعب بعينه لأي حد،لا وايه.. فتحت عينها وكلبشت في أيد أم شاكروهي ماسكة كوباية المية.. وقالت لها ;(انتي بتعملي ايه؟ ابعدي عني احسن لك)
الدكتور اتعصب عليهم بسبب الهيصة والهرجلة اللي هم عاملينها، وان كده ميصحش مراعاة لحالة المرضي في المستشفى، حاولوا يتماسكوا عشان يفهموه سبب صراخهم، وفعلا بالعافية قدروا يتكلموا ويحكوله اللي حصل.. “إن سلطانة صحيت من الموت”..
دخل الدكتور بسرعة مع ثريا وكشف عليها، لقي سلطانة فيها الروح، ونبضها منتظم، طلب منهم ينقلوا سلطانة لأوضتها بسرعة، وفعلا نقلناها هنا تاني على سريرها، وعلقنالها محلول والدكتور قال لنا..
(حالتها تسمح بالاكل، لو حبت تاكل أكلوها هيبقي احسن).
اسكتي يا منى الولية شكلها كانت روحها متعلقة في الدنيا، ماهي الروح حلوة برضه.
رديت عليها وانا بقولها;
-روح ايه؟.. انا شوفتها بعيني وهي بتشهق ونفسها دخل ماخرجش تاني.
-اهو اجلها لسه ماجاش بقي، لسه ليها عُمر.
خلصت الممرضة كلامها وقامت تشوف شغلها، روحت اشوف سلطانة اللي كانت في سابع نومة، بس اللي كانت معاها ماكنتش علية، دي كانت اختها (سمية)، سلمت عليها وقولت لها:
– حمد الله علي سلامة الحجة سلطانة.
ردت عليا بطريقة مش مريحة:
-الله يسلمك، متشكرين.
وانا مش احترم روحي بعد الرد ده، لا ابدا.. كملت برود وسألتها..
-انتي اختي علية الكبيرة مش كده؟
ردت عليا بنفس أسلوبها:
-اه انا اختها الكبيرة خير؟
-ايوه ما علية كانت كلمتني عنك، وعلى الحجة سلطانة، مش تبقى برضه حماتكم ومرات ابوكم؟
بصت لي وبرقت عينها، جزت على اسنانها وقالت:
-علية دي مش هتسكت ولا هترتاح، غير لما سلطانة تقطعلها لسانها.
-ازاي يعني؟.. هي الست فيها نفس تقطع ولا توصل، لما خلصانه والمرض اكل جسمها، ربنا يشفيها.
-يشفيها!.. يا ختي من بوقك لباب القبر، اسكتي اسكتي أنتي ماتعرفيش حاجة والافضل ماتعرفيش، سلطانة اللي انتي شايفاها دي من الجبابرة، وربنا هو القادر على كل متجبر.
-وانا خلاص هموت واعرف فيه ايه؟.. طلبت منها تحكيلي ليه بتقول كده قالت :
-احكيلك ايه!.. انتي عاوزاها تخليني اعد النجوم في عز الضهر، بقلك جبارة، دي سلطانة وهي سلطانة وف سلسال رقبتها رابطة سلاطين.
-والله العظيم ما فاهمه منك حاجة، ولا فاهمة ايه كمية الالغاز اللي عندكم دي؟.
-ده فضل من عند ربنا، انه حجب عنك الفهم وخلاكي غبية في اللحظه دي.
(رديت عليها وانا متغاظه من قلة ذؤقها) :
-لولا مراعية حالتك كان هيبقي ردي مش هيعجبك، يناسب الكلام اللي قلتيه دلوقتي.
لحقت نفسها لما لقتني اتضايقت من كلامها وقالت:
-والله ما اقصد، بس بتكلم جد ده راحه ليكي ياستي، انك مش فاهمة خليكي كده، سلطانة الشر اللي بيزحف زي الحية، يقتل ويهلك وانتي طيبة وبنت حلال يا ست مني.
بصيت لها وانا جوايا احاسيس ملغبطة، غيظ منها على شفقة عليها، على حيرة حاجات كتير مش فهماها، ومرضتش اعلق بكلمة على كلامها، الوقت ده الضهر أذن فقومت اصلي، وكنت متعودة اصلي في اوضه الممرضات لأنها نضيفه وطاهرة تصلح للصلاة، وبعد ما اخلص صلاه انام شوية، وفعلا نمت.. ماكملتش ساعة وصحيت على صوت دوشة عند سلطانة، وطبعا حفظت دول اكيد عيلة الالغاز، سمعت سمية بتكلم ابوها وبتسأله :
-عملت ايه يا بابا مع الناس؟
رد عليها وهو بيتنهد بضيق ملحوظ في نبرة كلامه :
-على ما روحنا من هنا، لقيناهم بيجهزوا الفراشة، وبعتوا مرسال للتربي يفتح المدافن بتاعتنا، وعطيناهم خبر انهم يهدوا كل حاجه لان سلطانه كويسة.
-وسمعت بنته سمية بترد بضيق على تريقة وبتقول :
-طبعا كويسة اهي قدامك مش شايفها نايمة ومفيهاش حاجة.
رد عليها ابوها وهو بيشاورلها:
-اسكتي يا سمية الله يكرمك يابنتي حتي لو نايمة، سلطانه ليها بدل الودن ١٠، سامعة كل كلمه بنقولها، سلطانة لو كملت في الدنيا وعاشت، هتورينا اللي عمرنا ما شفناه، ولاحتي سمعنا عنه، فكل واحد وواحدة منكم يخلي باله من كل كلمة وكل حرف بيقوله، مش عاوز قلبي يتحسر على حد منكم فاهمين.
الصمت حل في المكان، اما انا بقى الاستغراب زاد اكتر من الاول، مش فاهمة ايه اللي بيقوله ده، قلت في بالي “اقطع دراعي اذا ما كانوا الناس دول مجانين فعلاً، دول لو بيحكوا عن امنا الغولة مش هيقولوا عنها كده، مش واحدة مرمية مريضة كانسر لاحول ليها ولاقوة، ااه ياما نفسي فضولي ده ينام شوية، اوحتي يموت عشان مخي يرتاح”..
ويا ريتني ما قولت حاجة، اللي جرا بعد كده ماكنش يخطر على بالي، ولا حتى علي بال حد..
تاني يوم في الليل كان قرب الساعة ١١، امي اخدت علاجها ونامت، وكنت شايفة سمية بتحط اكل عشان تاكل، فمسكت المصحف علي تليفوني وفتحته اقرا فيه شوية، ولسه يادوب بقرأ البسملة واول آية، والاقي اللي بتصرخ بصوت عالي، بس مش صراخ بتاع بني آدميين، ده صوت طالع من جهنم، يعلي ضربات القلب من قوته، ويزود الادرينالين في الدم من الخوف، كان صوت سلطانه بتنده على مرات ابنها :
-انتي يابت.
جريت عليها سمية، من خوفها بلعت اللقمة بالعافية لدرجة انها كانت هتزور وهي بتبلعها، وردت عليها بالاغرب من اللي فات كله :
-امرك يا ستي، اللي تؤمري بيه يا ستي.
-مين اللي بيقرا هنا؟.. انطقي يا بنت الكلب، مين اللي بيقرا هنا؟
-والله انا من خوفي معرفتش انا كنت بقرا ايه ولا فين، صدقت وقفلت التليفون خالص، ولقيت سلطانة بتكمل كلامها وبتقول :
-ماحدش يقرا هنا، اللي هيقرا انا هقطعله لسانه، اخليه ميعرفش ينطق باقي عمره.
-ردت سمية عليها وهي بتنزل عند رجلها وقالت :
-معلش يا سيدي، احنا اسفين يا سيدي مش هتتكرر تاني.
كُنت ببص لسمية بشفقة على حالتها، اللي كانت بتتكلم وهي بتترعش وهتموت من الخوف، عاملة زي الغرقانة في بركة مية في عز البرد، مع علو الصوت جوه الأوضة، دخلت الممرضه اللي ماسكة وردية الليل، وحمدت ربنا ان امي لسه نايمة وده بسبب علاجها اللي بتاخده، فقالت الممرضة (نعمة):
-ايه اللي بيحصل هنا، يا جماعة ممنوع الصوت العالي بالشكل ده، فيه ناس تعبانة في المستشفى.
وقت دخول الممرضة، كانت سلطانة راقدة في سريرها ومكنتش بتنطق، وفي لحظة شوفت اللي خلاني مش عارفة ارد، شُفت ورا الممرضة سلطانة كانت واقفة.. الممرضة لاحظت ملامحي وحست ان في حاجة وراها، بتلف عشان تشوف ايه اللي واقف وراها، لقيت سلطانة.. مفيش فيها ذرة تعب او مرض، عيونها مفتوحه وحمرا زي الدم، ماتكلمتش معانا بأي كلمة، هي وقفت الدقيقة دي وهي مبرقة عيونها ، وبعدها رجعت تاني مكانها وغمضت عينها وراحت في النوم، بقينا مش فاهمين ايه اللي بيحصل، وايه جو الملبوسين ده، شديت سمية من دراعها، وقولت لها..
-هو فيه ايه حماتك مالها؟
ردت عليا وقالت :
-متسأليش في اللي ملكيش فيه عشان متتأذيش، ونصيحة ليكم انتوا الاتنين ماحدش يحكي اي حاجة عن اللي حصلت هنا، او اي حاجة شوفتوها، انا حذرتكم وانتوا احرار، ومسئولين عن اي حاجه تحصل.
سحبت الممرضة نفسها بهدوء وخرجت من الاوضة، وانا حاولت ارجع للنوم بس الليلة دي مريت بحاجات عمري ما انساها، بدايتها لما سمعت صوت حد بيهمس كأن فيه ناس بتتكلم بعض، ومابقتش فاهمه مين بيتكلم في وقت زي ده، قُمت من جنب امي ونورت كشاف موبايلي، عشان بنطفي نور الاوضة في الليل، بصيت ناحية سمية كانت نايمة، عيني راحت على سرير سلطانة، لقيتها قاعدة على السرير ومنزله رجليها في الارض، وبتتكلم بهمس بس كلام مش فهماه كلام معكوس وملغبط، ومرة واحدة لقيتها وقفت، خبيت نفسي عشان ماتخدش بالها مني، كانت ماشية بطريقة غريبة، كأنها بتسحب رجلها سحب، وكل ده وهي لسانها ماوقفش عن اللي بتقوله، منظرها مش رايح من خيالي، وهي ماشيه في الطرقة بين الاوض، ونور الطرقة مطفي الا من نور بسيط خارج من اوضة الممرضات، اللي بابها موارب مشيت وراها اشوفها رايحة فين، وهموت من الرعب لتتعدل وتبص وراها، لحد ما وصلت عند الحمام، وقفت وراحت داخله جوه، لحظة دخولها سمعت اصوات رهيبه خارجه من الحمام، سمعت حرب قطط.. قطط كتير بيتخانقوا مع بعض، جسمي اتنفض وجريت بسرعة على الاوضة، بس سلطانة كانت نايمة في سريرها زي ما سبتها قبل ما انام، فسألت نفسي” امال مين اللي خرجت من شوية وراحت الحمام؟”..
الجزء الثاني والأخير..
من خوفي نمت في حضن امي، لحد ما طلع النهار وبدأنا الروتين اليومي، وعلى الساعه ١١، لقيت الممرضة نعمة داخله ومعاها الدكتور، اللي فهمت من كلامها معاه انها حكتله على كل اللي حصل امبارح في الليل، لما قالت له:
-والله العظيم يا دكتور وقفت، انا مش فاهمه ايه الحالة دي، مره تموت وتصحي، ومره تقف وهي حالة مرضها حضرتك اعلم بيها مننا، دي حالة منتهية وايام في الدنيا بقضيها.. طيب اقلك يا دكتور اسأل مرات ابنها، اهي كانت موجوده وشافت كل حاجة.
ردت سمية برد كالعادة غير متوقع قالت :
-انا ماشفتش حاجة، ولا خدت بالي من الكلام اللي بتقوله الممرضة.
-اتعصبت عليها نعمه، وقالت لها بغيظ:
-اه يا ولية يا لئيمة، بقى ماخدتيش بالك من حماتك وهي واقفه، خلاص خلاص اسأل مدام منى يادكتور، ما هي التانية كانت موجودة وشافت كل حاجة.
وقت ما كانت الممرضة بتتكلم، لاحظت ان سمية بتبص لي، فهمت من نظراتها تحذير بعدم الكلام واني اسكت ماقلش اي حاجة من اللي حصلت، وده اللي حصل.. لما الدكتور سألني كان ردي “ماعرفش حاجة”.. وكأن لساني اتلجم بالنطق باللي شوفته، ولما لقيت الدكتور اسألته زادت ، فقولت اي كلام خطر على بالي:
-يمكن الحجة سلطانة كانت مسنوده وهي واقفة، او يمكن الممرضة كان بيتهيألها انها واقفة.
كان لازم اقول كده عشان اطلع من المطب ده بأي شكل، ما يمكن تحذيرات سمية تكون في محلها، والست دي تكون فعلا مش طبيعيه ولا ملبوسة، والبس انا الليلة وبدل ما اطلع بأمي بخير من هنا، اطلع على سراية المجانين، فامكنش قصادي حل غير السكوت ومانطقش باللي شوفته، وطبعا لما كدبنا كلام الممرضة، الدكتور اخد نفسه وخرج من الاوضه ومعاه الممرضة، وفضلت انا وسمية وسلطانة.. بصت لي سمية وقالت:
-جدعه انك قولتي كده، وياريت تنسي اللي حصل خالص.
-كنت لسه هرد عليها، عشان احكيلها اللي حصل امبارح في الليل، سمعنا صوت سلطانة وهي بتزعق :
-انتي يابت.
-جريت ناحيتها سمية، كملت سلطانة كلامها:
-انتي مش حذرتيها انها متتكلمش.. بس اهي نطقت، وكل واحد مش بيسمع الكلام بياخد نصيبه واللي يستحقه.
-انا سمعت الكلام ده منها، اتكلمت مع نفسي” القصه مش قصة احساس ولا غيره، لا.. الموضوع كده فيه إن ومش طبيعي ابدا”..
قربت مني سمية وسألتني :
-بقلك ايه يامني، هو انتي اللي كنتي بتقري قرأن في الأوضة؟.
فقولت لها :اه انا اللي كنت بقرا قرآن، ردت عليا وقالت :
-طيب الله يخليكي متكرريهاش تاني، طول مااحنا معاكي في الاوضة، عشان ماتأذيش نفسك وتأذي المستشفي كلها، وياريت لو سمحتي تسمعي كلامي بدون حتي ما تسألي عن السبب اوحتي اي اسئلة تخطر على بالك لاني مش هقدر اجاوبك، ماتصدقيش نوم سلطانة لو هي نايمة هم مش نايمين، سامعين كل حاجة.
صراحة كلامها قبض قلبي وخوفني، فقولت لها “حاضر ، مش هقرا اي حاجة”.. و مشيت من قدامي وانا كنت اخدت قرار اني لازم اسيب الاوضة دي نهائي، واتنقل لأوضة غيرها انا وامي وبسرعة، فروحت على مكتب مشرف الأدوار ، اللي في ايده ترتيب المرضى في غرف المستشفي، ودار بينا حوار مطلعتش منه بأي نتيجة، كان تضييع وقت على الفاضي بدأت معاه الكلام وقلت له :
-لو سمحت انا عاوزه انقل لأوضة تانيه، لان الاوضة دي مش مرتاحين فيها.
رد عليا وقال:
-للأسف ما ينفعش يامدام النقل نهائي.
-ليه بقي ده من حقي، واي مصاريف مطلوبة هندفعها.
-القصة مش قصة فلوس، لو تاخدي بالك انتوا حجزتوا سرير بالعافية واكيد حضرتك عارفة الاسباب، وهي نفس الاسباب اللي تخلي نقلكم صعب، المستشفى زي ما انتي شايفه اكتر من نصها مقفول عزل صحي بسبب كورونا، يعني كل واحد لقي سرير يكلبش فيه وكل واحد عارف مكانه، حضرتك احنا في عز الأزمة ، مستحيل حد يتنقل من مكان لمكان، اتحملي لحد بقي ما ربنا يأذن بالشفا، وتخرجي بوالدتك علي خير، لان ماعنديش حل اقدر اساعدك بيه.
-طيب اقلك بلاش احنا، انقل اللي معانا في الاوضة.
-ياستي والله انا بتكلم عربي مابقولش كلام مايتفهمش، مستحيل نقل اي حد من مكانه، يعني الكلام ينطبق عليكم وعلى غيركم، وضحت الرؤيا ولا اعيد من الاول، حاجة اخيرة عشان مانصدعش بعض بكلام ملوش داعي، لو فكرتي تاخدي المريضة وتخرجي، انسي انك ترجعي تاني، لان مكانكم حد تاني هياخده، ١٠٠مريض مستني سرير واحد يفضي، ف وحياة الغاليين قضي ايامك على خير، وارضي باللي انتي فيه، تمام يامدام ولا فيه حاجة تاني؟
-لا خلاص لا تاني ولا تالت فهمت، الامر لصاحب الامر، عشان امي اتحمل الغلب كله.
ورجعت عشان اطمن على امي، وقت ما كنت راجعة سمعت هيصة ودوشة جامدة، والممرضين بيجروا ناحية الدور اللي تحتينا، فمسكت واحده من الممرضات من ايدها، وسألتها “خير فيه ايه ايه اللي حصل؟”.. قالت :
-كنا قاعدين في الاوضه، وسمعنا صوت صراخ جامد، راحت واحده مننا تشوف في ايه، لقيت زميلتنا (نعمة) بتقع من على السلم، وبعيد عنك مش بتتحرك خالص، كلمنا الاسعاف تيجي تاخدها مستشفي العظام، عشان يلحقوا يسعفوها ويعملولها اشعات ليكون عندها كسور شديدة.
الوقت ده كانت في حد واقف ومراقب كل الحوار اللي داير بيني وبين الممرضة، سمية اللي اول ما نزلت الممرضه الدور التاني، جت ناحيتي وقالت لي وهي بتهمس :
-ايه مش فاكرة نعمة، انا عملت اللي عليا وحذرتها بس هي ماسمعتش كلامي، ربنا يعديها على خير، وتكون اخر اللي هيتأذوا هنا.
-سبتني ومشت بعد ما قالت الكلمتين اللي شقلبوا حالي، اكتر ما هومتشقلب، الخوف مسك فيا اكتر من الاول، مابقتش عارفة اخاف على نفسي، ولا اخاف علي٦ امي، ولا حتي على الناس اللي ماعرفهمش وبيتعالجوا جوه المستشفى.
طول الليل كنت بحاول انام، بس الكوابيس كانت مستخسرة فيا ساعتين النوم اللي بنامهم، كوابيس كتير وياريت متصلين يتفهموا، كل حلم كان غير التاني كأنهم عاملين ماراثون للرعب، بس الصلة الوحيدة المشتركة بينهم، اني كل ما كنت بحاول اخرج من المستشفي، بخرج علي مقابر عيلتنا وبشوف امي وهي لابسة جلابية بيضا، وماشية وسط المقابر، وبشوف سلطانة خارجة من باب تاني للمستشفى، بس اعوذ بالله لابسة اسود، وبتزحف على ايدها ورجلها، والاتنين كانوا من كتر كحتها في الارض، بيجيبوا دم لدرجة ان جلابيتها غرقانه مش عارفه ده دم، ولا مايه ولا ايه بالظبط وصحيت على صوتها وهي بتزعقلي (اسمعي الكلام ومترغيش كتير مع حد)،بس بقوم وكأني كنت بجري اميال ونفسي مقطوع من الجري، وفي نفس الوقت قلبي مقبوض على امي خفت لتفارقني.
بعد ما صحيت بربع ساعة جه جوزي يطمن علينا ، اليوم ده كان يوم خميس، وأخر الاسبوع كان بييجي جوزي ياخدني، ارتاح شويه في البيت، وتيجي واحدة من اخواتي البنات يقعدوا اليومين دول مع امي على ما ارجعلهم، اتضايق جوزي اول ما شافني وشي تعبان ودبلان كأني بقالي سنه مانمتش، وسألني ايه السبب اللي شايفه على وشي، وكلم اختي (اسماء) عشان تعجل وتيجي وفهمها اني تعبانه، اختي ماخدتش وقت وجت على طول، سبناها مع امي وروحت انا وجوزي البيت، بعد ما روحنا طول الوقت وانا قاعده مع جوزي، ساكتة وفي ملكوت تاني خالص،
لاحظ جوزي وفوقني من سرحاني وقال :
-مالك يامني سرحانة في ايه وساكتة ليه؟
-بصتله وضحكت، وانا متردده احكيله اللي حصلي في المستشفى، ولا اسكت ما هو انا كنت خايفه عليه، بس حسيت ان فيه حمل تقيل عليا، ولازم حد يشاركني فيه، وماكنش فيه اقرب ليا من جوزي، فاتشجعت وقلت له كل حاجه، كل حاجه حكيتها من اول دخول الست دي الاوضة لحد الكابوس اللي شفته، بصلي وهو بيبتسم وقال :
-ايه اللي بتقوليه ده يامني؟ ياحبيبتي ده اكيد مجرد صدف مش اكتر، والست دي كمان من شدة مرضها بتخطرف
ربنا يشفي كل مريض، ماتحطيش في بالك الكلام ده، وحاولي تهدي اعصابك وتنامي.
كنت بحاول انام و اعوض الايام اللي فاتت كلها من ضغط الاعصاب والارهاق النفسي اللي اتعرضتله، بس مش لازم كل حاجه بنتمناها بنطولها وخصوصا راحة البال، بمجرد ما عيني غمضت، شفت في الحلم (سلطانة) واقفة على باب المستشفى، وشكلها مرعب ومخيف عليه غضب ربنا، وبنفس عيونها الحادة صرخت في وشي وقالت لي :
“مش قلتلك متقليش لحد”.. وراحت سحباني جوه المستشفي وقعت على وشي، قمت مفزوعه وبصرخ من الوجع اللي حسيت بيه لما حدفتني، وصحي جوزي علي صراخي وحاول يهديني.. حكتله على الكابوس، وكان مصمم على رأيه اني لازم اشيل الست دي من دماغي، وبشوفها كتير بسبب اني مركزه تفكيري عليها وعلى اي حاجه بتحصله..
صراحة اقتنعت شوية بكلامه وقلت اه فعلا ليه لأ، انا لازم ابطل اشغل نفسي بيها شربت كوباية ميه، ورجعت كملت نومي، وبعد ما فوقت خلصت كل اللي ورايا ورجعت المستشفى، اخواتي كلهم كانوا موجودين سلمت عليهم، وسلمت على اسماء كانت ايدها متلجة ووشها مخطوف، فسألتها مالك من يوم تعبانه؟، ردت عليا وقالت :
-اسكتي يامنى ، قضيت امبارح ليلة سودة بعيد عنك، الست اللي نايمة دي مش عارفه مالها، قامت من النوم في نص الليل وتحسي انها داخلة مسابقة في تغيير الاصوات، مره تتكلم بصوتها وتقول (سامحوني)، وزي ما يكون حد بيرد عليها بس بصوت مخيف وخشن صوت تاني خالص غير صوتها انا متأكدة وبيقول (اسكتي واخرسي يا سلطانه)، وصوت تالت كأنه بيهددها ويقولها (بس يا سلطانة)، وهي تعييط وترجع لصوتها وتقول (سبوني امشي)، يابنتي كأنها كانت بتكلم ٣٠واحد في نفس الوقت، ومرة واحدة بقت تطلع صوت زي الشخير، او صوت زي صوت الدبيحة وهم بينحروا رقبتها، وجت الممرضة علي صوتها وندهت للدكتور، كشف عليها وقال واضح ان دي (سكرات الموت)، جسمي قشعر يامنى وعيوني دمعت من الكلام، والغريب ان بنتها ولا ماعرفش مين دي اللي كانت معاها ، مفيش اي تأثير عليها ولا فيه حزن على وشها، دي كانت بتبص كأنها مستنية لحظة خروج روحها اه والله يا منى كأنها مستنياها تموت، ودقايق وجت واحدة غيرها شكلها اختها اتكلموا مع بعض، بس ماسمعتش حاجة من اللي قالوه، المهم قعدت الست دي وروحت التانيه.
– ماتشغليش بالك وقومي روحي لعيالك، ورجعت انا لقضايا، وطول الليل وسلطانة تنازع وتطلع في الروح، بأصوات ربنا ما يحكم على حد يسمعها، وانا قاعدة مراقباها ومراقبة نفسها اللي كان بيخرج بالعافية، وصدرها اللي كان طالع ونازل بصعوبة، لا المنظر صعب والاحساس اصعب، قلبي كان هيقف لما سلطانة شهقت شهقة طويلة، وفي نفس اللحظه سمعنا اصوات صراخ من بره الاوضة، وجالنا خبر سبب الأصوات، ان فيه شاب مريض في الاوضه اللي جنبنا اتوفي، رجعت ببص على سلطانة لقيتها كويسه ونفسها مرتاح، جالها الدكتور وكانت فايقه وحالتها مستقره، بصت له وقالت:
– انا كويسه محدش يقرب مني.
وبعد شويه قعدت وندهت على سمية وقالت لها :
-بت يا سمية فيه حد من الجماعة جم؟
-ايوه ياعمتي سلطانة، جم وكلموني وأذوا الممرضه
-تعبت امتى بقي ربنا ياخدني، وارتاح من العذاب دي، هاتيلي يا سمية شوية ميه ابل ريقي.
ومرة واحده بقت تكلم حد مش شايفينه، وتقول (خلاص خلاص هسكت)،والحال اللي كانت فيه استمر معاها، كل يوم في الليل يشد عليها التعب والألم وكل يوم بيكون اسوأ من اللي قبله، وايام كانت تيجي في نص الليل، وتقعد زي التمثال وتطلب اكل كتير مايتنسبش مع حالتها، وبرضه بتتكلم مع حد مش شيفاه، والمصيبة التانيه اللي معاها مرة تقولها امرك يا ستي، ومرة تانية امرك يا سيدي، لا خلاص انا بقيت متأكدة ان الست دي ملبوسة، ولما قلت كده في بالي والله العظيم اتكلمت وكأنها بترد عليا وقالت:(ايوه ياارب تكوني فهمتي، اسكتي بقي يا حرباية).
انا حرباية! اللهم اخذيك يا شيطان شكلي فعلا وصلت لمرحلة الجنون، انا بقيت بكلم..
طول المدة دي ورتني الويل، الولية دي كان بييجي علينا وقت بتقول نشرة أذاعيه.. اه والله نشرة وهاتك بقي (سامحني يا فلان ويا فلان ويا علان) بتنده على اسامي لبني آدمين ومفيش غير سامحوني، والاقي حالة الانفصام بدات بعد كلمة سامحوني، صوت مختلف نهاائي عن صوتها يطلع ويزعق ويقول (اسكتي يا سلطانه) تصدق والله بقيت زي الجبلة، عارف الواحد اللي بيشغل كاسيت على نفس القناة كل يوم، اهو انا كنت وصلت للمرحلة دي مع سلطانة جسمي وعقلي اتعودوا مابقاس فارق معايا، بس الموقف اللي مكنش له تفسير عندي.. النوبة اللي بتجيلها اشبه بسكرات الموت، بنفس الوصف اللي وصفته لحالاتها قبل كده في كلامي، واخر ما تخلص منازعة الموت واقول خلاص دي بطلع في الروح ، الاقي الصراخ جاي من بره، وحد يموت من العيانين في المستشفى، وبعد ما نسمع الخبر تقوم هي ولا كأن كان فيها حاجه.. واختي حرمت تيجي تبات تاني مع امي، من بعد اللي جرالها وشافته في المستشفى على ايد سلطانة، لدرجة انها بقت تتهرب مني وتطلع بأي حجة عشان متجيش تبات مكاني ولو حتى يوم، وكنت مع تعبي ده كله كان من المستحيل اخرج امي قبل ما تكمل علاجها، اللي كانت دايما بتصبرني وتهون عليا تعبي.
وفضلت على الحال ده فترة، لحد ما في يوم كانت برضه عماله تقول (سامحوني، سامحوني)، فسحبت مرات ابنها مين ايدها وقولت لها “هم مين اللي بتنده عليهم حماتك؟”.. قالت ;
-كتير، اللي ظلمتهم كتير يامني، واحنا منهم.
-هم مين طيب فهميني؟
-للأسف ماقدرش اقول حاجة، مش مسموح لي اتكلم.
تاني يوم دخلت سلطانة في غيبوبة كاملة، وحتي وهي في الغيبوبة بقت تصرخ بصوت عالي، والدكاترة بقوا محتارين في امرها، ومش عارفين يسكتوها ازاي عشان القلق اللي عملاه للعيانين، وهم مش بأيدهم حاجه لانها في غيبوبة اصلا، هيسكتوها ازاي؟
وفضلت على الوضع ده٤ ايام، تالت يوم بقت تتنفس وكأن فيه صخره على صدرها، فقلت اقرا قرأن ماحدش عارف الخير فين، يمكن ربنا يسهلها، واول ما بدأت اقرا لقيتها بتعمل صوت مرعب وتزوم بصوت مخيف وهي بتجز على اسنانها، اتكلمت مرات ابنها :
-اسكتي يا منى اسكتي، كفاية قراية خلي اللي يجرالها يجرالها ده ذنب وبيخلص.
حسيت ان سلطانه خلاص بتموت، فجه في بالي اخد من مرات ابنها نمرة تليفونها بسرعة بحجة اني اطمن عليها، واقدر اتواصل معاها، وهي ماعترضتش.. رابع يوم لحاله الغيبوبة اللي فيها سلطانة،كانت الساعة تقريبا ١٢ ونص في الليل، خرجت منها شهقة قوية، مش هبالغ لو قلت ان الاوض اللي حوالينا سمعوها، ومن بعدها قطعت النفس، ونبضها وقف، وبرغم كل ده الدكاترة مكنوش واثقين في موتها، ماهي ليها سبقة موت قبل كده، فأخدوها وحطوها على اجهزة الانعاش كام ساعة، ومن بعدها اعلنوا وفاة المريضة سلطانة وكلموا اهلها عشان ييجوا يستلموا جثتها.
قلت خلاص قصة سلطانه واخيرا هرتاح، بس واضح انها كانت مجرد امنيه في خيالي، تاني يوم بعد وفاتها صحتني امي في الليل، عشان اجبلها ماية ساقعه وفعلا طلعت اجبلها، دخلت الاوضه اتلمحت بحد نايم علي سرير سلطانه، او هي نفسها سلطانة، الكوباية وقعت من ايدي، وجريت بسرعة عشان انور لمبة الاوضة، وبصيت ورايا السرير فاضي مافيهوش حد، استعذت بالله من الشيطان الرجيم، وروحت جبت مايه لأمي ورجعت عشان انام، وانا نايمة سامعة حد بيهمس في ودني وبيقولي (بصي جنبك) بصيت لقيت سلطانة قاعدة بنفس هيئتها وشكلها، وبتبص عليا وانا نايمة، ومقدرتش يومها انام غير والكهربا منورة، وبرغم ان جالنا مرافق في الاوضة، اهو زي ونس ليا بس برضه كنت بشوف سلطانه دايما قاعده على سريرها، او بتقف وتمشي ناحية الحمام، وبعد اسبوع من الرعب ده، امي شد عليها التعب ماكملتش ساعات وربنا استلم أمانته، نزلوها اوضة الغسل، ودخلت معاها والمغسلة كانت مرتاحة ومبسوطه وهي بتغسل امي، وعماله تقول (الله يرحمك يا حاجة، ما شاء الله عليكي) كنت مرتاحة لكلامها عن امي بالشكل ده، فقلت لها، هو الميت بيتحسد يا خالتي ردت وقالت :
-اه امال ايه يابنتي، وامك طلتها ووشها مفيش احلي من كده، الله يحسن خواتيمنا، انتي عارفه احنا من اسبوع غسلنا واحده يااارب سلم من طلتها، قاطعت كلامها وبدون ما افكر ثانية قولت لها:
-اكيد سلطانة مش كده؟
اكدت كلامي، بس طبعا بسؤال بتتعجب في (عرفت منين؟، واعرف منين سلطانة)، بدون ما احكيلها تفاصيل اللي حصل مع سلطانة الفترة اللي فاتت، اكتفيت بالرد عليها بأن سلطانة كانت معانا في نفس الاوضة، فرجعت للي كانت بتعمله وقالت :
-اه ساعتين يابنتي، ساعتين عذبتنا ووريتنا المر سلطانة بنت محاسن.
حمدت ربنا انها وقفت بكلامها لحد هنا، لأن ماكنش عندي استعداد اسمع كلام عن اي حد، وفاة امي كان قاسم قلبي ١٠٠ حته، وموقف عقلي عند اخر لحظه اتكلمت فيها معاها قبل ما تموت.. عدت ايام العزا، ورجعت مع جوزي على بيتي، اللي كان بيهون عليا وفاة امي علي قد ما بيقدر، لدرجة انه كان بيحاول يضحكني ويفكرني بذكريات سلطانة الملبوسة، وقتها افتكرت نمرة تليفون سمية اللي اخدتها منها، ومن غير تردد جبت تليفوني واتصلت عليها، ودار بينا كلام لا يمكن كان يخطرلي على بالي، اول ما كلمتها سلمت عليها وفكرتها بنفسي وكان ردها عليا :
-انا عارفه انتي متصلة ليه؟ مش حوار سلامات انتي عاوزة تعرفي ايه اللي كان بيحصل مع سلطانة.
رديت عليها;
– اه مين سلطانة؟.. وخصوصا اني لسه بشوفها في أحلامي.
– أحلامك!.. ده انتي غلبانة اوي يا بنتي، احنا بنشوفها في كل حتة في البيت، كأنها قدر واتكتب علينا هيفضل ملازمنا باقي عمرنا، مش هترتاح غير لما تاخدنا معاها القبر، بس عارفة انتي تستاهلي اللي يجرالك، يا ما حذرتك ونبهتك ماتركزيش مع سلطانة، بس انتي ماسمعتيش الكلام اشربي بقى ، ومش النهارده ولا بكره لا، ده باقي عمرك يا منى
رديت عليها وانا مرعوبة من كلامها;
-تقصدي ايه بكلامك ده؟
-اقصد انك وقعتي في حجر (سلطانة بنت محاسن دجالة بنت دجالة)، سلطانة اللي رضعت من امها الكره، وربتها علي الحقد، واتعلمت منها ازاي تعمل المستحيل عشان محدش يعصيلها كلمة، سلطانة (حماتي، ومرات عمي، ومرات ابويا)، سلطانة اللي حفرت بضوافرها عشان تملك كل حاجة بتسخير عشيرة مردة من الجن، يعملوا كل حاجة، (تقتل، تيتم، ترمل، تهدم بيوت)، كل خراب حل على ايدها، وبيتنا كان من البيوت اللي خربتها، يوم ما حطت عينها على عمي واتجوزته، خلف منها ولدين (كامل، وعلي)، ولاد عمنا واجوازانا انا واختي، اللي كانت مبهدلاهم معاها في القرف اللي كانت بتعمله، مكنش بيهمها انها تسحب واحد من عيالها، عشان تفتح المندل لفلان، او تاخد من دمهم عشان تستخدمه في عمل قذر لعلان، المهم عندها تفضل علي طول (سلطانة)، حتى لو التمن ولادها كان شعارها (ايه يعني هيجرالهم ايه، لو ماتوا اجيب غيرهم عشرة)، كان الكل تحت طوعها، عمي وعيالها حتى ابويا ماكنش يقدر يفتح عينه فيها، مش عارفة دي بسبب خوفه علينا ولا خوف منها، ماسبتش مخلوق غير لما أذته، سلطانة كانت زي الوباء اللي بيزحف على كل بيت، مش بتسيبه غير لما يهلك بالجنون او الموت..
والموت طال عمي، عمي يامني في يوم اسود فكر يقف قصادها، ويمنعها من انها تقرب لولاده، الصبح ماطلعش عليه، صحينا علي خبر موته وهو كان بصحته مافيهوش اي مرض، وتفتكري تسكت زحفت بسمها على بيتنا، خطفت امي من ابويا بالسحر والاعمال واتجوزته، ويوم ما امي اعترضت جننتها كانت تفضل تصرخ بدون اسباب، وتقطع في شعرها وتاكله، كانت بتشوف حاجات في البيت احنا مش شايفينها، امي اللي كان الكل بيحلف بعقلها، رماها ابويا في مستشفى المجانين ومنعنا من زيارتها، فضلت تتعذب هناك ٣سنين لحد ما ربنا خدها عنده، وماسبتناش في حالنا انا واختي، ورتنا الويل.. كانت تمسك ايد اختي علية عشان تاخدها المقابر في نص الليل، وانا مكنش بيهون عليا اختي الصغيرة، كنت اقلها سيبي علية وهروح انا مكانها، اطبطب علي٦ اختي وادخلها الاوضة وانيمها، واطلع انا معاها للأماكن اللي كانت بتخطف قلبي من الرعب، شوفت في سن صغير علي ايدها اللي محدش شافه، كل حاجه من جن لأشباح، ماسبتش حاجة تنشف الدم اللي لما ورتهالي، وفي سن صغير يمكن ماكناش كملنا ١٦ سنة جوزتنا لاولادها، حكمت ان كل واحد ياخد اوضة في البيت ويقعد فيها، عشان تربطنا اكتر واكتر ومانبعدش عن عينها، حمدنا ربنا ان عيالها مش زيها، كانوا معترضين على كل افعالها، بس ولا واحد يقدر يتكلم، كلمتها تمشي على الصغير قبل الكبير، لو ماكنش بالرضا يبقي بالغصب..
سلطانة مكنتش تعرف يعني ايه ربنا، ولا كان يتذكر اسم ربنا في البيت، ولا آيه قرآنية تتقال، ولو حد فينا بالغلط قرا، ربنا ما يوريكي اللي، كان بيحصل البيت كله يتقلب، ومنعت كل اللي في البيت من كل حاجه تربطنا بالدين حتى في عز صيام رمضان، تلاقي سلطانة فاطرة وبتاكل، واحنا نكدب عليها ونقولها فاطرين واحنا نبقي صايمين، قصصها كتيريا مني لو قعدت سنة احكي مش هجبلها اخر، فاكرة يوم غسلها انا الوحيدة اللي دخلت معاها، محدش وافق من الممرضات يدخل معانا، المغسلة اللي بتغسلها كانت هتتجنن، كانت كل ما تكب عليها المايه جسمها يطلع دخان، ويسيب على جلدها علامات حروق، لدرجة ان الست غيرت المايه اكتر من مرة كانت بتشك انها سخنه، الولية غلبانه ماتعرفش انها بتغسل شيطانه من بنات ابليس، وانا واقفه ومش بنطق هقولها ايه، والست تكب المية تنزل سودا اسود من الهباب.. ده غير البهدلة اللي شفناها كل ما نقول خلصنا، تعمل حمام (بول وبراز وقرف) ده غير الدم اللي كان بيطلع من تحت ضوافرها، وكله ولا ريحة العفونة، طالع منها ريحة جيفة ميته بقالها اسبوع مش واحدة ميته من ساعه، مكنش فيه حاجه نافعه لنضافتها، وكنا خلاص تعبنا والمغسلة زهقت اكتر من ساعتين نغسلها ومفيش فايدة، لفتها المغسلة في كفنها من غير غسل وقالت ;
-خلاص يابنتي الامر بأيد ربنا وحده، هو عاوزها تروحله كده زي ما عاشت كده، الله اعلم عملت ايه في دنيتها سلطانة بنت حوا وآدم.
ورفضت المغسلة تاخد مننا فلوس، قالت لنا نطلعها علي روحها يمكن ربنا يرحمها برحمته..
على فكرة احنا قفلنا البيت اللي كنا عايشين فيه معاها، سبناها بكل حاجة جواه حتي هدومنا سبناها، مستحيل حد كان يرضي يشتريه، عزلنا في بيت جديد وبنحاول نبدأ حياة جديده، بذكر ربنا اللي مش بيتقطع من البيت، مع انها مش سيبانا برضه، بس احنا متحصنين بربنا أقوى من اي شئ، وبسبب كل اللي حكتهولك، كنت خايفه اقلك مين هي سلطانة وهي لسه عايشه، كنت خايفة لتتأذي منها، اللي زي دي ربنا مش هيسامحها، بس ادعيلها ربنا غفور رحيم،
قفلت مع سمية المكالمة، وانا مش مصدقه اللي سمعته، معقوله فيه ناس كده، بيشركوا بالله عشان طمع وجشع الدنيا، ليه وعشان ايه دول هيخسروا اخرتهم قبل دنيتهم، وليومنا ده بشوف سلطانة دايما في أحلامي بشكلها المرعب، واغلب الاحلام بتكون يا اما داخله الحمام يااما خارجه منه، بس سلاحي الوحيد ايماني بربنا ان مفيش حاجه في الدنيا تقدر تأذيني الا بأمره..