قصص

قصة راشد

قصة راشد

pexels cottonbro 5427202

هو في حد ممكن يعيش مع شخص مات، وكأنه لسه موجود معاه؟
السؤال ده طبعًا أجابته عند معظمنا، لأ.. مستحيل بني أدم شكله وهيئته بيقولوا إنه طبيعي، يعيش مع شخص مات، او بالتحديد يعني.. مع روحه، لكن في الحكاية دي الموضوت مختلف شويتين.. الحكاية بدأت من حوالي سنة، بالظبط في اليوم اللي اتنقل فيه شاب إسمه (راشد).. من الفرع اللي بيشتغل فيه، للفرع اللي انا مديره.. وبالمناسبة يعني؛ انا راجل اربعيني، بشتغل مدير فرع من فروع واحدة من شركات الاتصالات الكبيرة في الخليج.
فاكر اليوم ده كويس، يومها دخل عليا راشد المكتب، وقبلها طبعًا كنت متبلغ من إدارة الشركة، إن في موظف جديد هيتنقل عندي الفرع، شاب وسيم إلى حد ما.. لابس لبس كويس جدًا، الابتسامة مرسومة على وشه وده اللي خلاني ابتسمله الحقيقة وانا برحب بيه، ومن بعد ترحيبي والسلامات المعتادة، قعد قصادي وسألته..
-نورت الفرع يا راشد.. لكن المعلومات اللي عندي بتقول إنك طلبت نقلك من الفرع اللي كنت بتشتغل فيه من سنين، عشان تيجي الفرع هنا.. ممكن اعرف ايه سبب طلبك للنقل؟!
الابتسامة كانت لسه ملازمة ملامحه وهو بيجاوبني..
-طلبت اتنقل هنا عشان الفرع قريب من البيت، وانا في الفترة الأخيرة كنت بمر بمشاكل صحية، وبسببها أخدت أجازة، وبعد ما خفيت وجيت ارجع للشغل، لقيت نفسي هتعب لما ارجع للفرع البعيد اللي كنت بشتغل فيه، فشوفت إن من الأفضل يعني إن انا اتنقل لفرع قريب مني، واهو.. منها ماتأخرش واجي في ميعادي المحدد، وبرضه انام كويس لأني بصراحة كنت بصحى من بدري اوي عشان الحق عربية الشغل، بس لما اتنقل هنا.. مش هضطر انام عدد ساعات كتيرة وفي نفس الوقت هكون مركز وفايق لشغلي.
كلامه بالرغم إنه كان ملخبط ومش مقنع، إلا إني ما اخدتش واديت معاه كتير، انا اللي يهمني إنه شخص مهذب وهيسمع الكلام وهينفذ الشغل اللي هيطلب منه وخلاص.. وعشان كده وافقت على نقله واستلم الشغل، لكنه من بعد ما استلم الشغل، وانا وزمايله لاحظنا إنه مش بس شخص بيشتغل بذمة وضمير.. لا، ده كمان كان دايمًا مبسوط ولبسه كويس وهيئته مُهندمة جدًا، وضيف على كل اللي قولتهولك ده إنه كان تملي بيتكلم في التليفون بعيد عن زم

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

رواية الشادر الفصل الثامن

قصه ليلي و اخواتها

ايله.. كان بيمسك التليفون ويفضل يتكلم فيه وهو مبتسم بصوت واطي اوي، ودي كانت الحاجة الغريبة اللي خلتني في مرة اسأله..

-بقولك يا راشد.. انا بلاحظ انا وزمايلك يعني، إنك اوقات كتير بتتكلم في التليفون بعيد عننا، وصدقني دي مش مشكلة يعني ولا حاجة بتأثر على شغلك، انت شغلك مظبوط وعمرك ما قصرت.. بس انا يعني كنت حابب اعرف ايه سبب المكالمات دي بشكل شخصي، يعني لو انت بتكلم ست او لو مش حابب تجاوبني قول لي ومش هضايق.
لما قولتله كده وانا مبتسم، رد عليا وهو على وشه نفس ابتسامته المعتادة..
-وليه ماجاوبش يا فندم، اه انا بكلم ست.. حضرتك انا بكلم مراتي.
ضحكت لما قال لي كده وقعدت قدامه..
قصة راشد
-يا راجل.. بقى المكالمات اللي بتتكلمها دي كلها مع مراتك، اه تلاقيك لسه متجوز جديد.. شكلك المترتب ولبسك الشيك كل يوم، ومكالمات الحب دي كلها، بيقولوا إنك لسه عريس جديد، صح؟!
-لا.. خالص، انا متجوز من تلات سنين واربع شهور.
ضحكت لما قال لي كده ورديت عليه وانا بقوم من مكاني..
-طيب يا سيدي، ربنا يسعدك ويخليكوا لبعض، ويديم المحبة ما بينكم.
خلصت كلام معاه وسيبته ومشيت، ومن وقتها وكل الموظفين تقريبًا عرفوا إن راشد بيكلم مراته اللي مخليه حياته جنة، وفي البداية خليني اقولك بس إن الموظفين استغربوا من طريقة راشد مع مراته ومكالماتهم الكتير… ده كان بيبقى عامل زي الطفل اللي بيكلم امه، لكن زي العادة يعني.. موضوع استغراب الموظفين مادامش كتير وابتدوا يتعودوا، وفضلوا يتعاملوا مع راشد كويس اوي لحد ما في مرة، وبعد اجتماع من الاجتماعات.. قعدنا كلنا قعدة صداقة بعيدة عن جو الشغل.. ولأني مدير مش صعب يعني وبتعامل مع الموظفين اللي عندي زي أصدقائي، فانا كنت قاعد بدردش معاهم، لحد ما اتكلم واحد منهم وقال لي..
-والله ياريس احنا وحشتنا القعدة معاك برة الشغل، فاكر لما اتعزمنا كلنا عندك في البيت اخر مرة؟.. كانت عزومة عظيمة، ياريت تتكرر مرة تانية حتى لو عند اي واحد فينا، ما احنا ياما اتعزمنا قبل كده عن زمايلنا، وحقيقي يعني كنا بنقضي يوم لطيف.
قصة راشد
بعد ما الموظف ده قال كده، اتكلم موظف تاني وهو بيبص لراشد..
-اه والله معاك حق.. بس تعرف انا نفسي اتعزم عند مين، انا نفسي اتعزم عند راشد.. يا راجل ده من كتر الحب اللي هو فيه وبسبب شكله وهيئته، بقيت حاسس إنه عايش في الجنة، مش تعيس زي حالاتنا في جوازه.. ها يا راشد قولت ايه؟!
بص له راشد وقال له بملامح شخص اتفاجيء من الكلام..
-مش فاهم حضرتك تقصد ايه يعني؟!
جاوبت انا على سؤال راشد..
-يقصد يقولك يا سيدي إن الموظفين الأداريين عاوزين يتعزموا عندك في البيت، اصلنا كل فترة كده بنعمل عزومة عند واحد مننا وبنقضي يوم أجازة لطيف… فأيه رأيك لما نعزم نفسنا عندك في مرة؟!
بلع راشد ريقه بصعوبة وارتبك وهو بيجاوبني..
-لا لا مافيش مانع طبعًا، شوفوا اليوم اللي يناسبكم وتنوروا في أي وقت يعني، البيت.. البيت بيتكم.
ماهتمتش بارتباك راشد وكملنا كلامنا واتفقنا على يوم محدد هنتعزم عنده فيه، واليوم ده كان بعد اسبوع بالظبط، بس طول فترة الاسبوع دي راشد كان متغير… كلامه مع زمايله بقى اقل من المعتاد، ولما بقول أقل مع شخص طبعه اصلًا مش بيحب الاختلاط، فبكده انا بقصد إن كلامه بقى شِبه مُنعدم.. وده في الحقيقة ماحسسناش بأي قلق او حتى بأي رفض من ناحيته للعزومة، الراجل جه قبل العزومة بتلات أيام وأكد علينا المعاد.
وبالفعل استعدينا كلنا للعزومة والدنيا كانت ماشية تمام اوي، بس انا في اليوم اللي قبل العزومة بالليل، ووقت ما كنت نايم كالعادة جنب زوجتي، فجأة صحيت من النوم مش على صوت ولا على حاجة مخيفة يعني، انا صحيت يومها على هوا دافي قريب من وشي، زي ما يكون حد بينفخ في وشي بالراحة عشان اقوم من النوم.. ولأن نومي خفيف، فانا اول ما حسيت بالأحساس ده، قومت على طول.
قصة راشد
بصيت حواليا مالقتش حد، الأوضة كانت فاضية ومراتي كانت نايمة نوم هادي خالص، لكني فجأة وانا قاعد على السرير، وبتلفت حواليا عشان الاقي مصدر الهوا اللي حسيت بيه، فجأة كده شميت ريحة غريبة، كانت ريحة قذرة اوي.. زي ما تكون ريحة عفن او.. او.. تقدر تقول كده إنها ريحة مكان مهجور!
قومت من على السرير وتتبعت أثار الريحة، ايه ده!.. الريحة جاية من برة باب الأوضة!
روحت ناحية الباب وفتحته بالراحة، ومع كل سنتي كنت بفتحه من الباب، الريحة كانت بتقوى وبتشتد، لحد ما فتحته على الأخر وساعتها اتصدمت!
قصة راشد
انا لما فتحت باب الأوضة مالقتش شقتي، انا لقيت طرقة طويلة تقريبًا ضلمة، فيها لمبة واحدة بس نورها أحمر وضعيف اوي، لكن الأغرب من كل اللي حكيته ده، إن الطرقة كانت أرضيتها مش سيراميك ولا بلاط، دي كانت أرضيتها تراب!
حاولت اتدارك الصدمة وخطيت خطوة ناحية الطرقة وانا ببص على حيطانها، الحيطان كانت متشققة وعليها عفن مخلي شكلها مقرف اوي لدرجة إن بطني ابتدت تألمني، وكمان ابتديت احس بأحساس قيء اول مرة احس بيه في حياتي، انا زي ما اكون دخلت قبر مش طرقة برة أوضتي. لكن ثواني.. ثواني وقفت فيهم بفكر.. انا بعمل ايه هنا ولا الطرقة دي وصلت لشقتي ازاي، انا اصلًا في العادي، اول ما بفتح باب أوضة نومي، بخرج على الصالة، مش على طرقة!
لكن الثواني دول ماداموش كتير.. لأني مرة واحدة سمعت من نهاية الطرقة صوت مش مفهوم، كان صوت لحد بيهمس بكلام انا مش قادر احدده، ومعاه كان في صوت تاني غريب ماكنتش قادر احدد هو صوت ايه بالظبط، فقربت اكتر وابتديت امشي في الطُرقة دي عشان اوصل لنهايتها، او على الأقل يعني عشان اوصل للحد اللي طالع منه صوت.
مشيت كام خطوة بحذر وابتديت اقرب.. خطوة في التانية في التالتة في الرابعة، لحد ما لمحته.. راشد، كان قاعد على الأرض وعمال يحفر بإيديه في أرضية الطرقة، وصوت الحفر ده كان هو الصوت اللي ماكنتش قادر احدد هو صوت ايه، وبالنسبة للهمهمات، ف دي كان مصدرها راشد نفسه.. اللي كان عمال يتكلم بصوت واطي اوي لحد ما فجأة وقف عن الحفر وبص لي، عينيه كانت سودة.. لا لا، ماكانتش سودة وبس، دي عينيه مجوفة، مكان عينيه مافيهوش حاجة، الفراغات اللي المفروض بيبقى جواها عنينا دي.. كانت فاضية!
قصة راشد
اول ما بص لي وشوفت شكله بالمنظر ده، لفيت بالراحة وابتديت ارجع لأوضتي، جريت بسرعة ناحية الاوضة تاني، ووقت ما كنت بجري.. كنت سامع من ورايا صوت راشد وهو عمال يتكلم بنفس صوت الهمس ده، ومع قربي من باب أوضة نومي، جريت اسرع ودخلت بسرعة وقفلت الباب ورايا.
خدت نفسي بالعافية وبصيت لمراتي اللي كانت نايمة ومتغطية، قربت منها عشان اصحيها واحكيلها اللي انا شوفته، واهو.. يمكن لما احكيلها الاقي تفسير، فقربت منها بالراحة وشيلت الغطان من عليها، وقبل ما اقولها أي كلمة، بعدت عنها بسرعة لما لقيتها بتبصلي.. ماكانتش مراتي، دي كانت جثة لواحدة ست متحللة، جلدها واقع وريحتها وحشة اوي ومش باين منها ملامح، لأن شعرها الطويل كان مغطي وشها، بعدت عنها اكتر وابتديت ارجع لورا لحد ما فجأة نطت من مكانها وقامت وقفت، وبسرعة رهيبة قربت مني وابتدت تصرخ في وشي بأسم راشد!!!!
-يا ابو فارس.. اصحى الوقت اتأخر.
ده كان صوت مراتي اللي صحاني..
-الحمد لله كنت بحلم، الحمد لله.
قولت كده وقعدت على السرير، ولما سألتني مراتي عن اللي شوفته، حكيتلها الكابوس كله، اه حكيته بالتفاصيل ولسه فاكرة لحد النهاردة لأني من الناس اللي عادة مابيحلموش، فلما احلم في ليلة، وكمان احلم بحلم غريب زي ده، طبيعي هقوم فاكره.
قصة راشد
بعد ما حكيتلها عن اللي شوفته، طمنتني وقالتلي إن اللي شوفته ده كان مجرد كابوس، لأني قبل ما انام كنت شاغل تفكيري بالعزومة وبراشد اللي انا تملي شايفه غريب وكلامه قليل.
كلام مراتي طمنني شوية وخلاني قومت فطرت وقضيت معاهم نص اليوم لأنه كان أجازة، وقبل معاد العزومة اتصلت بالناس اللي هتيجي.. وبراشد، وأكدت عليهم المعاد واتحركت من البيت، ومع وصولي للعنوان لقيت معظم الموظفين وصلوا، اتجمعنا كلنا وجه راشد خدنا ووصلنا عند بيته، كان بيت عيلة من تلات ادوار، واحنا طالعين الدور الأول كان مقفول، وباب الدور التاني كان مفتوح وواقف قصاده راجل شبه راشد، سلمنا عليه وابتدى راشد يعرفه علينا وبعد كده قال لنا..
-ده طاهر اخويا، متجوز وعايش في الشقة اللي تحت شقتي على طول.. مش يلا بقى ولا هنفضل واقفين كده كتير؟!
ابتسمنا له وطلعنا معاه، بس واحنا طالعين انا خدت بالي إن طاهر اخو راشد كان بيبص لنا بصات غريبة، استغربت بصراحة من نظراته وقولت في بالي إن العيِلة دي شكلها كلها كده، ماهو يأما هم مش متزنين نفسيًا او في ما بينهم مشاكل، يأما في إنَ او سر فيهم.
قصة راشد
فضلت اتكلم بيني وبين نفسي لحد ما وصلنا لشقة راشد.. شقة راشد اللي من اول ما دخلناها، واحنا لاحظنا حاجة مهمة وواضحة اوي في المكان.. البيت ده لا يمكن يكون في ست عايشة فيه، ريحته وحشة اوي ومش متوضب كده ومليان كراكيب، لكن الاغرب من ده كله بقى.. هي الطرقة اللي بتودي من باب الدخول للصالة، الطرقة دي كانت شبه الطرقة اللي انا شوفتها في الحلم بالظبط.. لكن المتغير فيها بس إن أرضيتها بلاط مش تراب زي ما شوفت، وحيطانها مافيهاش عفونة، لكنها برضه كانت مشققة والنور فيها كان ضعيف جدًا.
ملامحي اتغيرت بصراحة واتاخدت كده اول ما شوفتها، لكني دخلت مع باقي الموظفين وقعدنا على السفرة وسمعنا صوت حد بيحضر الأكل في المطبخ.. الأكل اللي لما راشد جابه وحطه قصادنا ابتدينا ناكل منه، كان عبارة عن لحوم وفراخ وطبيخ ورز، بس الاكل ماكنش كويس.. ولما بقول ماكنش كويس فانا ماقصدش إنه بايظ، لا.. انا اقصد إنه مش مطبوخ بطريقة حد بيعرف يطبخ، عارف لما تحس إن الاكل ده معمول تأدية واجب، او اللي عامله عمره ما وقف في مطبخ قبل كده!. اهو ده بالظبط اللي كنت حاسس بيه انا وبقية الموظفين اللي بعد العزومة على فكرة، أكدوا على كلامي، وطبعًا عشان ما نحرجش راشد، سكتنا وأكلنا وشربنا المشروب اللي بعد الاكل، وبعد كده خدنا بعضنا ومشينا على طول.
بعدها راشد اتغير معانا، كلامه القليل انعدم خالص، وبعد حوالي يومين كانت المفاجاة، راشد تغيب عن العمل.. مابقاش يجي الشغل وكنا لما بنتصل بيه، دايمًا بنلاقي تليفونه مقفول، وفضل متغيب لأخر الأسبوع تقريبًا، وعشان كده في يوم إجازتنا، خليت حد من الموظفين يروح لبيته ويسأل عليه، وفعلًا الموظف راح وسأل عليه، لكنه لما رجع كلمني وقال لي إنه مالقهوش.. طلعله الشقة وخبط عليه كتير لكنه مافتحش، ولما جه ينزل قابله طاهر اخوه وقال له إنه هيبقى يعدي عليا انا بكرة في الشركة، عشان يشرحلي ويفهمني سبب انقطاع راشد عن العمل في الأيام اللي فاتت دي كلها، وفي الحقيقة انا ماكنتش فاهم هو ماله لأن اخوه حتى ماقالش للموظف على تفاصيل، بس خليني اقولك إن انا فضلت مش فاهم، لحد ما طاهر جالي المكتب وحكالي الأتي لما سألته عن اخوه..قصة راشد
-انا اخويا يا فندم شخص مريض، من تلات سنين او اكتر شوية، اتجوز بنت عمي من بعد موت والدتي، اتجوزها لأنه شاف فيها امي الله يرحمها لأنها كانت واخدة بعض من ملامحها، وهو كان متعلق بأمي اوي، فاتعلق بمراته جدًا وحياتهم كانت سعيدة وتمام اوي، لحد ما بعد فترة بقت حامل.. وبعد شهور من الحمل، ووقت ما كانت بنت عمي بتعمل حاجة في شقتها، وقعت من على السلم واتعرضت للأجهاض، ومش بس كده.. دي كمان وهي بتجهض الجنين، اتوفت.. بعدها راشد حاله اتبدل، بقى حزين ومابيتكلمش مع حد وكان معظم الوقت ساكت، لا بقى بيروح الشغل ولا بقى بيقابل حد، وفضل منعزل لحد ما في مرة خرج من البيت، ولما رجع بعد وقت مش كبير اوي.. رجع مع التربي اللي بيحرس المدافن اللي فيها مدفن عيلتنا، التربي لقى راشد بيحاول يفتح المدفن وعاوز ينزل يقعد مع مراته ويشوفها، ولما الراجل اعترض.. راشد فضل يضرب فيه لحد ما اتعصب عليه بطريقة غريبة، وفجأة فقد الوعي، بعدها فوقه التربي وجابه على البيت، وخليني اقولك إن الواقعة دي اتكررت كتير اوي وفي كل مرة التربي كان بيرجعه، وبسبب كده أخدته ووديته لدكتور نفسي وفضل يتابع معاه لحد ما حالته اتحسنت، وكان من ضمن تكملة العلاج لحالته، إنه لازم يغير حياته القديمة، يعني يرجع شغله اه.. بس مش في نفس المكان اللي كان فيه عشان مايفتكرش ذكرياته وهو بيكلم مراته، وعشان السبب.. ده قدم راشد طلب نقل، واشتغل في الفرع هنا وابتدى يتعايش، بس في الواقع راشد ماكنش هو اخويا اللي انا اعرفه.. مابقاش هو نفس الأنسان اللي كان عليه قبل ما مراته تموت، اتغير كتير اوي.. بقى بيخرج بالليل ويسهر جنب المقابر بالساعات، واوقات كتير كنا بنسمع صوت خبط في شقته بالليل وكركبة، وفضل كده لحد ما من كام يوم صحينا بالليل على صوت خبط قوي اوي جاي من شقته، ومعاه كنا سامعين صوته وهو بيصرخ وبيقول ابعدي عني، ليلتها طبعًا طلعت انا وزوجتي وفضلنا نخبط عليه.. لكنه مافتحلناش، فبسرعة نزلت جري وجيبت نسخة من مفتاح شقته كنت مخليها معايا للطواريء.. ولما فتحنا عليه الباب، لقيناه قاعد في ركن في أوضته وبيخنق نفسه وهي عينيه بيضا تمامًا، وكان بيتكلم مع حد خفي وكأنه واقف قصاده، او بالظبط يعني مش حد.. هي واحدة، مراته يعني، هديناه وفوقناه من الحالة اللي كان فيها وطلبنا الدكتور اللي كان بيتعالج عنده، جه الدكتور وكان كلامه إن راشد وهم نفسه إن مراته عايشة معاه، مخه حاول يتعايش مع الحياة من غيرها لكنه رفض.. وده كان التفسير لكتب السحر اللي لقيناها في أوضة نومه، وجنبها صور لمراته مكتوب عليها كلام غريب، راشد يا فندم كان بيحاول يحضر روح مراته، وطبعًا لما فشل في ده لأنه ماينفعش اصلًا، مخه اوهمه إنها حضرت وابتدى يتصرف على اساس إنها موجودة لحد يوم العزومة، يوم العزومة اللي من بعده وهو حاله اتغير.. ولما سأله الدكتور عن اللي وصله للحالة دي اول ما فاق، قال له إنه فعلا حضر روح مراته وانها بقت عايشة معاه، لكنكوا لما جيتوا العزومة وهي رفضت تساعده في اي حاجة وسابته لوحده.. اتخانق معاها.. ومن يومها وهي بقت بتظهرله بشكل مخيف غير شكلها، وطبعًا الدكتور اول ما سمع الكلام ده منه، طلب انه يتنقل من البيت للمستشفى اللي هو بيشتغل فيها عشان يتعالج من الهلاووس اللي عنده، وفعلًا اتنقل راشد للمستشفى وانا حرقت كتب السحر اللي كانت عنده، ولأني كنت مشغول معاه الايام اللي فاتت دي، فانا ماقدرتش اتصل بيكم ولا اجي احكيلكم اللي حصل.
لما طاهر وصل لحد هنا انا كنت هتجنن، في حاجات كتير ماكنش ليها اي تفسير في عقلي، طب لما هي ماتت.. هو كان بيكلم مين في الموبايل، وبعدين انا بنفسي ومعايا الموظفين، كلنا سمعنا صوت حد بيخبط في المطبخ يوم العزومة غير راشد.. طب ايه، انا مش لاقي تفسير ولا حد من اللي كانوا موجودين قدر يعرف سبب للي سمعناه وعيشناه مع راشد، لكني بعد فترة ولما قعدت مع شيخ.. قال لي إن راشد فعلًا بقى مريض نفسي، وجايز كل اللي بيشوفه ده كان وهم في خياله، ولما سألته عن الأصوات اللي سمعتها وعن مكالمات التليفون، قال لي إنه جايز يكون وهم.. كان بيوهم نفسه بيه وبإنه بيكلمها، وهو اصلًا ماكنش بيكلم حد، وبالنسبة للأصوات.. فدي جايز تكون تهيؤات.. او جايز يكون راشد فعلًا بكتب السحر اللي جابها دي، حضر حاجة خبيثة، بالتأكيد هي بعيدة كل البُعد عن كونها روح مراته، لأن الانسان لما بيموت، روحه بتطلع عند اللي خلقها وخلقنا، ولما سألت الشيخ عن الكابوس اللي شوفته قبلها، قال لي إن دي كانت أشارة من ربنا عشان ماروحش او كانت زي تنبيه كده بأن راشد عنده أزمة.. بس انا اللي شكلي مافهمتش وروحت وشوفت نصيبي، والنهاردة بعد مرور شهور على اللي حصل، لسه راشد في المستشفى، وشقته لسه مقفولة زي ما هي.. واخوه لسه برضه بيسمع منها بالليل اصوات خبط وحد بيتكلم، ولما بيطلع مابيلاقيش حد!
قصة راشد
وفي نهاية الحكاية حابب اقول كام حاجة مهمة، الموت مش نهاية.. الموت لازم يكون بداية لرحلة حياة المفروض نعيشها طالما لسه عايشين، احنا لازم نبقى مؤمنين بأن كلنا هنموت، ولازم نصبر عل فراق المتوفي لأننا كده كده هنروحله، سواء في وقت قريب او بعيد.. والحاجة التانية اللي حابب اقولها، هي إنكوا ماتسيبوش الشخص اللي فقد حد عزيز عليه لوحده، الوحدة بتدمر وخصوصًا لو مصاحبها حزن شديد، وسواء كان راشد مريض نفسي، او حضر شيء خبيث، او حتى الاتنين.. ففي النهاية هو ضحية للشيطان ولقلة الصبر، وكمان لأهله اللي سابوه لوحده لحد ما انعزل وبقى بيدور على أي طريقة يرجع بيها روح مراته عشان تعيش حواليه، حتى لو الطريقة دي هتكون سبب في دمار حياته بعد كده.
(تلك القصة مأخوذة عن رواية حقيقية رواها لي أحدهم، ولك كل الحق عزيزي القاريء في التصديق من عدمه)
تمت
قصة راشد
محمد شعبان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط