روايات رومانسيهرواية جانا الهوى

رواية جانا الهوى للكاتبة الشيماء محمد الفصل الثاني

همس بصت لصاحب الايد واتفاجئت بسيف هو اللي بياخد الكتاب فالاتنين سابوا الكتاب وهي بصتله بإحراج: دكتور؟ اتفضل حضرتك الكتاب.
سيف ابتسم وهي حست اد ايه بيكون وسيم لما بيبتسم وخصوصا من غير نظارته: لا اتفضليه انتي، أنا هشوفه وقت تاني عادي يعني.
اتراجعت خطوة وردت بخفوت: لا خلاص.
استغرب استسلامها السريع وسألها: خلاص ايه؟ خدي الكتاب يا بنتي.

اتكلمت بتوضيح: أنا كنت هاخد الكتاب علشان في نقطة حضرتك شرحتها وأنا مافهمتهاش كويس فقلت أراجعها بنفسي.
راقبت ملامح وشه وهو بيعترض: ولما ما فهمتيهاش مسألتينيش ليه أو طلبتي مني أعيد شرحها تاني؟
بصت للأرض بإحراج: بصراحة اتحرجت.
افتكر كل ردودها عليه واستغرب إحراجها جدا: اتحرجتي؟ ليه؟

جاوبته بخجل: لأني تقريبا أكتر واحدة بتسأل في المحاضرة وحسيت انك هتبدأ تستغباني وخصوصا انك مش مقتنع باني أستاهل أكون أولى دفعتي.
ردد باستغراب: أستغباكي؟ بالعكس أي دكتور بيحب ان الطلبة تتحاور معاه دي حاجة بتفرحه مش بيستغباهم، المهم بما اني هنا تعالي قوليلي ايه النقطة اللي عايزة تفهميها، بس الأول الساعة 10. 15 المفروض ان في محاضرة هتبدأ.
ابتسمت وهي بتوضح: ماعنديش محاضرات.
سألها بفضول: وهتروحي امتى؟

– عندي سيكشن الساعه 2 يعني هروح على 3: 30 تقريبا.
استغرب أكتر: يعني انتي فاضية من 10 وهتستني للساعة 2 علشان السكشن؟
ابتسمت ووضحتله أكتر: لا هو أنا مش فاضية فاضية يعني.
ابتسم بعد ما فهم قصدها: قصدك مزوغة؟
دافعت عن نفسها بغضب: لا طبعا أنا مش بزوغ من أي محاضرات، بس أنا عندي معمل فأسبوع بيكون عندنا وبالتالي بنكون مشغولين لوقت السكشن وأسبوع تاني بيكون السكاشن التانية اللي عندها واحنا فاضيين وهكذا.

حرك دماغه بتفهم: اممم تمام فهمتك، المهم وريني ايه اللي ما فهمتيهوش؟
قعد معاها فترة طويلة وهو بيشرحلها أو بيتكلموا المهم ان الوقت بيعدي وهو معاها لحد ما تليفونه رن فرد: ايوة يا مريم خير؟
همس كان عندها فضول تعرف مين مريم دي؟
مريم: بفكر حضرتك باجتماع الساعة 12: 30 هو حضرتك ناسيه ولا ايه؟
سيف: لا مش ناسيه هاجي في ميعادي.
– ميعادك ازاي يا افندم والساعة 12: 30 وحضرتك لسه ما وصلتش؟

سيف بص لساعته و وقف وبصوت مصدوم: افندم؟ الساعة كام؟ خمس دقايق وهكون عندك.
همس وقفت معاه: حضرتك اتأخرت أوي؟
بصلها بذهول: عادي بس هو ازاي ساعتين عدوا بالسرعة دي؟! أنا فاكر الاجتماع بس ما تخيلتش ان الوقت عدى بالشكل ده، أنا لازم أمشي حالا – قبل ما يتحرك بصلها – مكتبي مفتوح في أي وقت تحبي تسألي فيه أو تستفسري عن حاجة.
ابتسمت واعتذرت تاني: آسفة لو اخرتك.
بصلها وابتسم وهو خارج: بس أنا مش آسف، هشوفك بعدين.

ابتسمت بعد خروجه واستغربت ازاي هي كمان ماحستش بالوقت بالشكل ده؟ ايه سر سعادتها وابتسامتها دي؟
حاولت تفوق نفسها بقوة: فوقي يا همس ده دكتور مش مُعيد حتى، وكمان انتي يدوب طالبة ولسه قدامك سنة كمان علشان تتخرجي، فوقي.

بالرغم من حب سيف لشغله في الشركة لكن مش أكتر من شغله كدكتور في الجامعة؛ بيستمتع بجو الطلبة والمدرجات والشرح، وللأسف والده مش قادر يتقبل حبه ده ولا قادر يفهمه، طول عمره صديق لوالده أكتر من كونهم أب وابن، إلا انه في الفترة الأخيرة بقى دايما في خلاف مع والده بسبب وبدون سبب، علشان الشركة وغيرها، مش متفقين من ساعة ما رجع من أمريكا بالدكتوراه، والوضع ده هو مش حابه ولا حابب فكرة انه دايما مختلف مع والده، حاول كتير انه يفهم أو يسأل عن التغيير ده إلا أنه كل مرة بيرجع بخفي حنين للأسف، وأول ما وصل للاجتماع متأخر والده بصله بضيق: أخيرا الباشا قرر يشرفنا ويحضر؟

سيف اعتذر بهدوء: آسف على التأخير بس كان غصب عني.
عز بغيظ من ابنه: طبعا لازم يكون غصب عنك لان أي حاجة برا الشركة بتكون أهم من الشركة بالنسبة ليك.
سيف حاول يتماسك ويكون عملي أكتر وما يردش على والده قدام الناس فبص للورق قدامه: هنتكلم في الشغل ولا هنفضل كده كتير؟
أبوه اتنهد باستسلام لأنه فعلا مش وقته: نتكلم في الشغل.
عدى الوقت وأخيرا خلص الاجتماع والكل خرج وسيف جه يقوم بس أبوه وقفه: استنى يا سيف عايزك.

بص لوالده: افندم؟ خير.
اتكلم بحزم: اتأخرت ليه بقى؟
اتنهد بتعب وإرهاق من الجدال اللي مابقاش ينتهي أبدا بينه وبين والده: تاني الموضوع ده؟ كان عندي محاضرة وخلصت متأخر، سوري.
عز هز دماغه ومش عاجبه أصلا شغل سيف في الجامعة: ما علينا المهم أنا عازم النهارده عصام المحلاوي على العشا.
بصله بعدم فهم: وأنا ايه علاقتي بالموضوع ده؟
اتكلم عز بوضوح: بنته هتكون موجودة.

سيف فهم أبوه بيرمي لايه بس مش عايز يتسرع: وبعدين؟ برضه ايه علاقتي؟
عز وقف وبيجمع حاجته: بعدين ايه؟! مافيهاش بعدين أصلا، تكون موجود وتتعرف عليها، أعتقد اسمها شذى هي دكتورة.
سيف وقف قدامه وبحزم: شوف حضرتك اني أشتغل معاك هنا وأتقبل انتقاداتك ليا على طول ده كوم وإنك تتدخل في حياتي الخاصة ده كوم تاني خالص.
استنكر أبوه بغضب: ايه أتدخل في حياتك الخاصة دي؟ هو أنا مش أبوك ولا ايه؟

سيف بص لأبوه بغضب مماثل: أبويا على عيني وعلى راسي بس ده ما يديلكش الحق انك تختار ليا أتعرف على مين وأقابل مين وأكلم مين أو تختارلي مثلا شريكة حياتي، أعتقد كده الأمور واضحة؟
جه يخرج بس عز وقفه قبل ما يخرج وبغضب: لا طبعا الكلام اللي بتقوله ده غلط، أنا ليا كل الحقوق اللي متخيلها وليا الحق كمان اني أختار اللي هتشاركك حياتك وهتشيل اسم العيلة.

سيف ضحك بغيظ: يا سلام؟ اللي حضرتك بتقوله ده مش هيحصل أبدا ومش بس لأني رافض تدخل حضرتك في خصوصياتي لكن كمان علشان أذواقنا مختلفة تماما.
عز حرك راسه برفض تام: يعني ايه؟ البنت دكتورة ومحترمة وأبوها رجل أعمال كبير و…
هنا قاطعه سيف: وده مربط الفرس، أبوها رجل الأعمال الكبير، صح كده؟
عز ما أنكرش بالعكس وافقه: أيوة امال سيادتك عايز ايه؟ تجيبلنا واحدة من الشارع لا ليها أصل ولا فصل؟

سيف اعترض: أنا عمري ما هختار واحدة من الشارع بس كمان مش شرط أبدا تكون من عائلة ارستقراطية وتكون مطابقة للشروط والمواصفات اللي تليق بعز الدين الصياد، غير كده أنا حاليا مش بفكر أبدا في الارتباط.
أبوه بصله لوهلة بغضب وبعدها رد عليه بعصبية: يعني ايه مش بتفكر في الارتباط؟ امال سيادتك هتفكر امتى لما مش هتفكر وانت داخل على التلاتين؟ لما توصل خمسين سنة؟ أنا في سنك كنت خلفتك أنت وأختك.

سيف اكتفى من انه يسمع زيادة فبص لأبوه بجدية: وأنا غير حضرتك، بعد اذنك ورايا شغل.
عز كان هيعترض بس هدّأ نفسه واستغفر في قلبه ؛ مش وقته دلوقتي الاعتراض: اتفضل على شغلك بس الساعة 8 تكون موجود ومش هقبل أي أعذار نهائي.

هند آخر يومها الدراسي بتلم حاجتها في أوضة المدرسين ومامتها اتصلت بيها فردت عليها: أيوة يا ماما خير
فاتن اطمنت عليها وبعدها سألتها: بت يا هند وانتي جاية عدي على الكوافير وجددي كده من نفسك.
استغربت طلبها: ليه؟
اتوترت فاتن وحاولت تكون عادية: عادي يعني تغيير مش أكتر هي الواحدة لازم تكون حلوة لسبب؟ ايه الغريب في كده؟

ما ارتاحتش أبدا لطلب مامتها: ماما، قري واعترفي عايزاني أروح الكوافير ليه؟ وما تقوليش عادي ولا تغيير ولا الجو ده علشان عارفاكي كويس.
فاتن فكرت تقولها مبرر ايه فردت: هو ما ينفعش أشوف بنتي حلوة وجميلة ولا ايه؟ مش كفاية عليا أختك اللي حاساها زي نادر؟! عايزاكي بنوتة حلوة وحتى اشتريلك فستان جديد ايه رأيك؟
ما صدقتش مبررها فصممت: ماما قولي حالا كل ده ليه؟ وبلاش لف ودوران، بتخططي لايه؟

اتنهدت وجاوبتها: يوووه منك عادي يا هند، واحدة صاحبتي أم عبدالرحمن اللي كنت بصلي معاها في رمضان عزمتها تيجي تاخد معانا فنجان قهوة وعايزة تشوفك.
كشرت هند باستغراب: صاحبتك وجاية تاخد معاكي فنجان قهوة أنا ايه علاقتي؟ أروحلها الكوافير ليه؟ واشتري كمان فستان جديد؟ انتي هتعملي ايه يا ماما؟
فاتن اضطرت تشرح لبنتها: بصي هي تعرف معظم أهل المنطقة و بتعرف توفق الناس مع بعض و…

هند شهقت وصرخت: خاطبة؟ خاطبة يا ماما؟
حاولت تدافع عن وجهة نظرها: وفيها ايه يعني؟ انتي عارفة هي جوزت كام واحدة قبلك؟
صرخت بغضب: مش عايزة أعرف ومش هروح كوافيرات ولا أقولك؟ مش هتجوز خالص ريحي نفسك بقى، ده ناقص تعمليلي إعلان في الجرايد تطلبيلي عريس، حرام عليكي اللي بتعمليه ده، مش هتجوز يا ماما سلام.
قعدت مكانها بتحاول تتماسك وتتنفس وجواها كمية غضب من مامتها وحاسة انها عايزة تنفجر وبس.

انتبهت فجأة لحد بيسألها: لو سمحتي ما شوفتيش مها؟
استغربت وبصت حواليها: شوفتها بس معرفش هي فين حاليًا
بصت قدامها وبتكمل لم حاجتها فعرفها على نفسه بابتسامة: أنا محمد أخوها على فكرة مش حد غريب يعني، حضرتك أستاذة هند؟
هند تنحت للحظات؛ هي لسه من كام يوم قايلة لصاحبتها مش عايزة تتعرف على حد كده تقوم تبعته لحد هنا وتعمل الحجة البايخة دي؟!

بصتله بغيظ وحاولت تكون مؤدبة وابتسمت ابتسامة صفرا: اه أهلا بحضرتك، بس برضه للأسف معرفش مها فين حضرتك تقدر ترن على موبايلها وتسألها هي فين بعد اذنك.
سابته وخرجت وهي على آخرها؛ هي بترفض تتحط في أمر واقع أو حد يعمل حاجة غصب عنها، ماشية متنرفزة وبسرعة لقت حد وقف قصادها ويسألها: لو سمحتي ما تعرفيش ألاقي الأستاذة هند فين؟

زعقت في وشه بكل غضب وتهور: لا معرفش ومش عايزة أعرف، وسيادتك بقى باعتاك الأستاذة أسماء صح؟ بقولك ايه يلا يا شاطر العب بعيد عني وشوف حد غيري وأسماء دي هعرف شغلي معاها بعدين.
الشخص اللي واقف قدامها بصلها مذهول منها بدون مايرد حتى بكلمة واستناها لحد ما خلصت كلامها وحاول يعرفها بنفسه بتوضيح: على فكرة أنا…
قاطعه محمد اللي جه على صوتها العالي بتساؤل: خير يا أستاذة هند؟ في حاجة ولا ايه؟ حد بيضايقك؟

هند بصتله بغيظ أكبر لأنها حاليا مش ناقصاه هو كمان: لو حد ضايقني بعرف أدافع عن نفسي كويس متشكرة.
محمد قرب أكتر: يعني أنا موجود و…
قاطعته هند بصرامة: متشكرة لحضرتك بعد اذنك – التفتت للي قدامها وبصتله بتهكم – وانت ياريت بعد كده ما توقفش حد ما تعرفوش وتخترع حجج بايخة، بعد اذنكم.
سابتهم واقفين ومشيت والاتنين تابعوها لحد ما اختفت وبعدها محمد بص للي قدامه بتحفز: انت مين وبتعمل ايه هنا؟

بصله بهدوء وسكت شوية وبعدها نطق: أعتقد دي حاجة ما تخصكش، بعد اذنك.

محمد لقى نفسه واقف لوحده اتلفت حواليه يشوف مها فين وطلع موبايله يكلمها ويزعق معاها انها مش مستنياه.
مها جتله بسرعة ولاحظت غضبه فقربت بتردد وهو أول ما شافها اتعصب: حضرتك مش مستنية ليه؟ وايه صاحبتك دي اللي دخلت فيا شمال وحسستني اني بعاكسها ولا بفرض نفسي عليها؟ انتي سيادتك هببتي ايه بالظبط؟
مها بصت حواليها وبعدها مسكت دراع أخوها وكلمته بخفوت: بقولك يلا البيت نتكلم فيه مش هنا.

أخوها شد دراعه بغضب: أنا شبه اتهزأت منها وقسما بالله لولا انها صاحبتك والله أعلم مالها كنت رديت عليها كويس.
مها اتأسفتله وهي بتشده: معلش هفهمك كل حاجة بس يلا بس.

هند روحت وطول الطريق متغاظة من مامتها اللي زودتها جدا وكمان من أصحابها وبتتوعدلهم لما تشوفهم وشبه قررت تقطع علاقتها بيهم أو تقطع علاقتها بالناس كلها، مش عايزة تعرف حد ومش عايزة حد يتدخل في حياتها ده مش طلب كبير أبدا.

وصلت البيت وأول ما دخلت أمها قابلتها وقبل ما تنطق حرف هند رفعت ايدها بضيق: قسما بالله يا ماما لو اتكلمتي ونطقتي حرف عن موضوع الجواز ولا اللي انتي قلتيه لهسيب البيت حالا ومش هتعرفولي طريق.
راحت ناحية اوضتها وقبل ما تدخلها كملت: واياك تناديلي لما صاحبتك دي تيجي.
قفلت الباب وأمها فضلت شوية متنحة للباب المقفول ومستغربة ليه بنتها مكبرة أوي الموضوع بالشكل ده؟

نادر في المستشفى بعد ما خرج من العمليات كان في طريقه لأوضته و معاه إيمان بتاخد منه التعليمات لمتابعة المريض وقبل ما يمشي سألته: هو ينفع أسأل حضرتك سؤال شخصي؟
بصلها بتردد بس وافق فاتجرأت وسألته: ليه حضرتك بتعمل مسافة بينك وبين كل اللي هنا؟
بصلها باستغراب مش فاهم قصدها
وضحت إيمان أكتر: أقصد الجنس الناعم؟ حضرتك غير كل الدكاترة مش بتتكلم ولا بتهزر مع أي حد ولا حتى ليك أصحاب فليه؟

بصلها شوية وبعدها هز كتفه بلامبالاة: عادي أنا مش إنسان اجتماعي.

بصتله بعدم اقتناع بإجابته؛ لانه دكتور وسيم وشاطر وأكيد ده بيدي ثقة بالنفس وبالتالي هيعرف يعمل علاقات اجتماعية مع أي حد، إنما هو رافض أي تعامل مع أغلب الناس فليه؟ هي فاكرة كويس أول ما اشتغل في المستشفى كان نشيط زي دلوقتي صح لكن كمان كان لطيف وبيهزر ويضحك مع الكل، واختفى فترة الحملة الطبية وبعدها رجع شخص تاني، رجع الشخص اللي هو عليه دلوقتي، هتموت وتعرف ايه اللي غيره؟ ايه حصله هناك قلب حاله وغير شخصيته وطباعه؟ انتبهت انهم في آخر الطرقة وهيمشي فلحقت نفسها و سألته: حضرتك ليه مش متجوز ولا مرتبط بأي حد؟

بصلها شوية بعدها اتكلم بحزم: أعتقد ده شيء ما يخصكيش ولا ايه؟ روحي شوفي المريض وخليكي جنبه ولو في أي جديد بلغيني.
سابها وهو رايح لأوضته قابل يسرا في وشه اللي بقالها كذا يوم ما شافهاش فابتسملها: عاش من شافك، فينك كده للدرجة دي مشغولة؟
يسرا بصتله باستغراب: أنا برضه اللي مشغولة ولا حضرتك يا دكتور اللي استغنيت عن خدماتي؟!

هنا جه دوره في الاستغراب: أنا برضه؟ أنا كل ما ببعتلك بيقولوا مشغولة مع دكتور فلان ودكتور علان.

هنا يسرا نوعا ما فهمت فوضحت: حضرتك عارف يا دكتور اني ما بقدرش أتأخر عنك أبدا، ودايما بيكون ليك الأولوية وربنا يعلم اني بتعامل معاك زي أخويا الصغير أو حتى ابني كمان، بس فعلا الكام يوم اللي فاتوا أنا ماعرفتش أوصلك أصلا يا في عملية يا في كشف ومشغول، لدرجة اني افتكرت إن حضرتك زعلان مني أو في حاجة مضايقاك فماحبيتش أحرجك أو أحرج نفسي.

نادر حرك دماغه برفض للي بيسمعه: يسرا أنا بالفعل بتعامل معاكي زي أخوكي والكل عارف ده وحتى لو كنت مشغول مش هيكون عنك، انتي أصلا بتساعديني لو مشغول ولو متضايق أو في حاجة مزعلاني هاجي وأواجهك مش ههرب؛ لأن ده مش طبعي وأعتقد انتي عارفة كده كويس، وبالنسبة للكام يوم اللي فاتوا أنا شبه فهمت ايه اللي حصل المهم دلوقتي أنا لسه خارج من عملية طويلة ومتعبة وكمان واخد اجازة أصلا أسبوعين كده هريح نفسي فيهم ولما أرجع إن شاء الله لينا كلام تاني.

كمل طريقه لأوضته وبيفكر هل يواجه إيمان اللي بتبعد الكل علشان تشتغل هي معاه؟ ولا يسكت ولما يرجع يتعامل معاها ويوقفها عند حدها علشان ما تتماداش أكتر؟
دخل مكتبه بيجمع حاجته علشان الاجازة اللي واخدها والباب خبط ودخلت إيمان تسأله: هو حضرتك فعلا واخد اجازة أسبوعين؟
بصلها بطرف عينيه ورجع لحاجته ورد: اه.
قربت من مكتبه بلهفة: طيب ليه؟ حضرتك عندك مرضاك وعندك عمليات وعندك…

قاطعها بصرامة وبصلها: أولا ليه فدي حاجة ما تخصكيش وثانيا في دكاترة كتير في المستشفى.
ردت بنفي: بس محدش فيهم زيك.

لهنا وساب اللي في ايده وبصلها بجدية: اوك شوفي يا إيمان انتي ممرضة كويسة ومحدش يقدر ينكر ده بس لازم تفهمي كويس انك بالنسبة ليا ممرضة شاطرة فقط لا أكتر ولا أقل علشان الأمور تبقى واضحة، أما بالنسبة للحركة اللي عملتيها الفترة اللي فاتت علشان تشتغلي معايا فده مش هيتكرر لأنك مش هتشتغلي معايا تاني، كده كل حاجة واضحة؟

عينيها وسعت بذهول والدموع لمعت فيها وحاولت تعترض بس هو كمل كلامه بصرامة: ودلوقتي أنا مشغول وورايا حاجات كتير، اتفضلي شوفي وراكي ايه؟
وقفت شوية تحاول تستوعب اللي حصل ولما استمر تجاهله خرجت وسابت دموعها تنزل، أما هو اتنهد وقعد على مكتبه؛ هو مش قاصد أبدا يجرحها بس كل حاجة لازم تكون واضحة وصريحة علشان ما توصلش لمرحلة أكبر صعب الخروج منها، هي إنسانة كويسة بس مش له وده الموضوع ببساطة.

افتكر نفسه زمان وافتكر اد ايه كان مختلف عن شخصيته دلوقتي وغصب عنه رجع بذكرياته لقبل سنتين لما قرر يروح بالحملة الطبية اللي في الأماكن البعيدة، وكان نصيبه في بلد بعيدة وصغيرة، كان فرحان جدا بسفره وفرحان أكتر انه هيساعد ناس بالفعل محتاجة للمساعدة.

عز الدين استقبل ضيوفه بالليل وكل شوية يبص لمراته يسألها بعينيه عن ابنها اللي اتأخر مع انه مأكد عليه يجي في ميعاده، قرب منها وهو مبتسم بعكس اللي جواه وهمس: ابنك فين يا سلوى؟ أنا مأكد عليه، روحي اتصلي يجي بسرعة.
سلوى قبل ما ترد أو تتحرك لمحته داخل وبيعتذر عن تأخيره بعدها أبوه عرفه على ضيوفه عصام المحلاوي وبنته شذى و والدتها شيرين.

حاول سيف على اد ما يقدر انه يكون مجامل في الليلة دي بس عمره ما حب يعمل حاجة غصب عنه و وجوده هنا غصب عنه مضايقه وبالرغم من إن شذى متكلمة ودكتورة وذكية إلا انه ما اتقبلش منها أي كلام أبدا.
انتبه سيف على باباه بيتكلم فبصله: افندم؟ معلش ما سمعتش حضرتك.
أبوه ابتسم غصب عنه: بقولك خد الدكتورة وريها الجنينة برا وخصوصا الأنوار اللي عملناها.
سيف ابتسم ابتسامة صفرا: اه وماله، اتفضلي يا دكتورة.

شذى قامت معاه وكانت طول الوقت بتراقبه وحست انه مجبور يتواجد معاهم، بعد ما خرجوا برا بصتله بهدوء: كنت تفضّل تكون فين غير هنا؟
بصلها باستغراب: نعم؟ قصدك ايه؟
ركزت نظرها عليه تراقب رد فعله و وضحت: واضح أوي انك موجود هنا غصب عنك وواضح انك مش طايقنا كلنا ولو تطول ترمينا كلنا برا البيت هتعملها.
ابتسم وبصلها: لا لا مش للدرجة دي، أنا عمري ما رميت حد برا بيتي فما تقلقيش.

بصتله بذهول وانفعلت: يعني انت فعلا مش طايقنا؟ انت نفيت بس فكرة رمينا برا لكن مانفتش انك مش طايقنا.
سيف بص للسما ونفخ بضيق: انتي عايزاني أقولك ايه؟ أنا أول مرة أشوفكم فأنا ولا بحبكم ولا بكرهكم، الموضوع سيان بالنسبة ليا، عادي يعني، وانتي؟
بصتله بتركيز: أنا ايه؟
بص لعينيها وسأل: جاية هنا بمزاجك ولا غصب عنك؟ انتي دكتورة والمفروض مشغولة مش فاضية.

أخدت نفس تهدي نفسها؛ لأنها مش عايزة تتعصب وتبوظ اللقاء الأول بينهم، بصت بعيد عن عينيه وجاوبته: أكيد مشغولة بس مش لدرجة اني ماأقدرش أخرج مع عيلتي أتعشى وبعدين الأسبوع ده نبطشياتي بالنهار والليل بكون فاضية، غير كده بابا مش بيجبرني أعمل حاجة أنا مش حاباها، وانت؟ (كملت بتهكم تحاول تنرفزه وتضايقه زي ما نرفزها) المفروض انك واخد دكتوراه من برا وما أعتقدش انك شخصية منقادة أو بتمشي ورا كلام بابا أو ماما ولا ايه؟ بس شكلك ما يديش.

شاور على مقعد قدامه يقعدوا عليه وكان هادي وللأسف ماشافتش العصبية اللي كانت مستنياها بالعكس جاوبها بهدوء: في فرق بين اني أمشي ورا كلامهم وبين اني أحترم كلامهم، ده الموضوع بكل بساطة، وبعدين ليه واخدة انطباع اني موجود هنا غصب عني؟ أنا بس مش فاضي، أنا عندي شغلي في الجامعة الصبح وبعد الظهر بروح الشركة فبالتالي وقت فراغي ضيق، لكن أهلا وسهلا بيكم.

فضلت تتكلم كتير وهو بيسمعها بس بدون ما يشارك كتير في الكلام إلا لو وجهتله سؤال مباشر.
استمرت السهرة شوية وهو حاول يتقبل شذى بس أفكاره غصب عنه كل شوية بتروح لصاحبة ساندوتش التومية.

مها حاولت تتصل كتير بهند تفهمها أو تحاول تعتذرلها لكن هند قفلت موبايلها وما ردتش على أي حد والصبح نزلت وهي مقررة ما تكلمش حد فيهم أو تقعد معاهم.
وقفت لوحدها وقت الطابور وبعدها جت تدخل أوضة المدرسين وقفها العامل وقالها ان المدير عايزها، فاتنفست أكتر من مرة لأنها حاليا مش حمل أي مناهدة أو كلام مع أي حد، دخلت عند المدير وسألته بهدوء: خير يا أستاذ راضي؟

المدير شاورلها تقعد ويدوب هتقعد اتفاجئت بالشخص اللي زعقتله امبارح قدامها قاعد بكل هدوء، بصتله باستغراب وقبل ما تفتح بوقها تعترض على وجوده
المدير عرفها: اقعدي علشان أعرفك على الأستاذ بدر اتعين معانا هنا جديد وامبارح يدوب جه بس الظاهر معرفش يوصلك لاني قلتله انك هتعرفيه أماكن فصوله وجدوله وتساعديه يستقر بما انه تقريبا هيدرس نفس الفصول بتاعتك، هو بيدرّس ماث.

هند غمضت عينيها واتمنت لو الأرض تنشق وتبلعها وحاولت تفتكر هي قالتله ايه بالظبط امبارح؟ ما سمعتش أي كلمة المدير قالها تاني وخصوصا ان عيون بدر مركزة معاها، انتبهت على اسمها فبصت للمدير بتوهان، لكن بدر اتكلم لأول مرة: لو مش هنتعبك يعني توريني مكان فصل تانية ثانوي دي أول حصة عندي النهارده.
هند بصتله وحاولت تبتسم بعملية: الحصة الأولى دلوقتي؟
نفى بهدوء: لا التانية، الأولى أصلا قربت تخلص اهيه.

وقفت هند ومعاها بدر وخرجوا برا المكتب وكان صمت هي مش عارفة تقطعه وكل ما تحاول تتكلم تسكت لأنها مش عارفة توضح موقفها ازاي؟!
أخيرا قدرت تنطق بخفوت: بالنسبة لامبارح أنا…
قاطعها بدر بهدوء: بالنسبة لامبارح أكيد حضرتك كنتي مضغوطة لسبب ما وأنا جيت في وقت مش مناسب وانفجرتي فيا، فهنعتبره انه ماحصلش أصلا وما تشغليش بالك أنا عقلي مش صغير ومش موقف صغير زي ده هيشغل بالي.

اتنهدت بارتياح وابتسمت: أنا آسفة برضه ان انفجاري كان في حضرتك بس افتكرتك شخص تاني.
ابتسم هو كمان بمرح: اه جاي من طرف أسماء، مين أسماء دي بقى؟ وهتبعتلك حد ليه؟
حركت دماغها بإحراج: هتعرف كل اللي هنا وما تشغلش بالك بالموضوع هو زي ما قلت كان مجرد انفجار مش أكتر.
حرك راسه هو كمان بتفهم وطمنها: تمام نقفل الموضوع ده ونعتبره ما حصلش وبعدين كلنا من حقنا ننفجر في حد من وقت للتاني بدل ما ننفجر احنا في نفسنا.

– كمل بضحك- أي نعم حاجة مش لطيفة اني أكون أنا في وش الانفجار بس معلش.
ضحكت غصب عنها وبصتله: بجد آسفة.
قدام ضحكتها سكت وبعدها بص لقدامه: انسي المهم فين الفصل؟ انتي رائدة الفصل ده زي ما عرفت صح؟
هزت راسها بتأكيد وكملت: معظم الطلبة اللي فيه مميزين وهتلاحظ ده بنفسك، أتمنى يعجبك الشغل هنا.
استغبت نفسها بعد الجملة دي، يعني ايه يعجبه الشغل هنا؟ وهي مالها يعجبه ولا ما يعجبوش؟
ابتسم وهو بيجاوبها: أكيد هيعجبني.

سكتوا الاتنين وهو جواه فضول يعرف مين الشخص اللي جه عشان يشوف مالها امبارح؟ وليه كانت متنرفزة بالشكل ده؟

وصلته الفصل وعرفت الطلبة عليه وسابته ونزلت لأوضة المدرسين وهناك كانت موجودة أسماء ومها وأول ما شافوها قربوا منها فحاولت تتجاهلهم بس مها مسكتها بسرعة: صدقيني أخويا جه هنا صدفة أنا ما طلبتش منه يجي علشانك، كان ورانا مشوار وقال هيعدي ياخدني وبعدين أنا مش بتكلم غير عنك وهو عارف شكلك من صورنا مع بعض فعلشان كده سألك، أنا بحترم رأيك وعمري ما هفرض عليكي وضع انتي مش عايزاه، صدقيني دي كانت صدفة مش أكتر.

بصتلها بعدم تصديق بدون ما تنطق فكملت أسماء بصدق: طيب وغلاوتك عندي مجرد صدفة، أصلا محمد بهدلني بسببك وقالي ازاي بتكلمني كده؟ وليه حسستني اني بعاكسها؟! وكان ناقص يمد ايده عليا
ابتسمت هند غصب عنها بس رجعت كشرت ورددت: احسن تستاهلي.
أسماء بصتلها بعتاب: طيب وأنا ما رديتيش عليا ليه؟
اتنهدت وحكتلهم موقفها مع بدر وانها افتكرته تبع أسماء والاتنين ضحكوا عليها وفرحوا فيها كمان لأنها ظلمتهم.

وقت البريك المدرسين كلهم اتجمعوا وفي اللي بيفطر واللي بيتكلم لحد ما دخل الأستاذ هاني مدرس التربية الرياضية وبيسكت الكل علشان يعرفهم على مستر بدر: اسكتوا شوية كلكم خليني أعرفكم على المستر اللي اتعين معانا جديد.
الكل سكت وبصله بفضول وبيقيموه لدرجة ان بدر بص للأرض حرجا منهم بس لمح هند وابتسم بحرج أكبر لأنها ابتسمت تقديرا لحرجه.

هاني بدأ يعرفهم بابتسامة: مستر بدر هو مش من هنا هو من الاسماعيلية ولسه جاي طازة جديد وما يعرفش حد في البلد هنا، ( سكت وبعدها كمل بابتسامة مرحة ) متجوز؟
بدر شاور براسه بنفي
هاني كمل كلامه بهزار- اهو طلع مش متجوز علشان…
بدر قاطعه بهدوء ووضحله: مطلق علشان بس ما تزودش في الكلام.
كلهم بصوله باستغراب وخصوصا هند اللي آخر ما كانت تتوقعه انه يكون مطلق.
أسماء همست جنبها: بقى في واحدة عاقلة تتطلق من القمر ده؟

هند ضربتها على كتفها وبعدها اتحرجت لان بدر بصلها.
هاني بهزار مد ايده اللي كان عاملها كأنه ماسك مايك في ايده: دلوقتي معاك الميكروفون عرفنا عن نفسك أكتر لان احنا هنا فضوليين جدا وفوق ما تتخيل.

الكل ضحك وبدر عمل نفسه كأنه ماسك المايك فعلا: ازيكم، أقول ايه أكتر من اللي قاله؟ أنا بدر أأأ —كلهم ضحكوا وهو كمل- ما أعتقدش عندي حاجة عايز أقولها – قبل ما يتحرك من مكانه افتكر حاجة وكمل بابتسامة- اه ومابحبش الفضول للأسف، يمكن أكون سيبت الاسماعيلية علشان الكل عارف بعضه في المدرسة.
هاني بضحك: يعني انت سيبت بلدك علشان الناس عارفينك؟ ده هنا بقى مش بس عارفين بعض احنا ممكن نكون عايشين في بيوت بعض.

بدر بهزار: ربنا يستر بقى.
الكل رحب بيه وهو لقى هاني قرب من الترابيزة اللي عليها هند وزمايلها وقعد معاهم فقرب يقعد معاهم.
هاني تولى نقطة تعريفه: بص يا سيدي وركز، مسيو أحمد فرنساوي، مس مها عربي، مس أسماء دراسات، مس هند انجلش، وأخيرا مستر فتحي انجلش بس ده أستاذنا كلنا.
بدر رحب بيهم وعرف نفسه: وأنا ماث إن شاء الله.

قعد معاهم وقت البريك وبعدها كل واحد قام لحصصه وهو كمان قام ومعاه الجدول وطلع الدور التاني وبيبص في الجدول وبيبص يمين وشمال مش عارف هيروح فين لحد ما لقى هند رايحة فصلها شافته فابتسمت: اينعم المدرسة مش كبيرة أوي بس تتوه شوية، انت عندك سنة كام؟
وراها الجدول وقالها: 3ث أول.
شاورتله على الفصل: أنا في الفصل اللي جنبك لو احتجت أي حاجة بلغني.

شكرها وراحوا مع بعض كل واحد لفصله بس في صمت تام وقبل ما تدخل فصلها سألها: هي دي صاحبتك أسماء اللي اتكلمتي عنها امبارح؟
هزت دماغها بنعم وفكرته: مش قلتلك الكل بيعرف كله بسهولة؟! أهلا بيك معانا مرة تانية واعذرني على دخولي فيك شمال امبارح.
ابتسم وبص ناحية فصله: قلتلك اعتبريه ماحصلش عادي.
كل واحد دخل فصله مبتسم بغير عادته.

خلص اليوم الدراسي وبدر راح شقته اللي مأجرها جديد وأول ما وصل لسه هيمد ايده يفتح الباب لقاه اتفتح وواقفله ابنه بتذمر: أخيرا شرفت؟ لا احنا ما اتفقناش تتأخر عليا كده.
ابتسم وقرب: قلبي أنا حقك عليا يا سي أنس باشا ؛ بس كان عندي الحصة الأخيرة ويدوب مسافة الطريق، وبعدين أنا أخدت الشقة دي مخصوص جنب مدرستك علشان تطلع تيجي على هنا وما تستناش حد أو حد يتأخر عليك.

اعترض وهو حاطط ايديه على وسطه: يا سلام يا بابا يعني حضرتك أخدت الشقة دي علشان تتأخر براحتك وتطنشني؟
بدر قرب من ابنه وباسه: ما عاش ولا كان اللي يطنشك يا أنس باشا، بس علشان ما تستناش في الشارع، المهم تعال نشوف هناكل ايه؟ تحب تاكل ايه سيادتك؟
أنس فكر شوية وبعدها اقترح بحماس: مكرونة وبانيه.
اتنهد بدر: يا ابني هو كل يوم مكرونة وبانيه؟ لازم نغير بقى، نجدد يا أخي زهقنا منها.

أنس فكر تاني: تيتا بتعمل محشي حلو.
بدر بصله وهو رافع حاجب: واد انت اتعدل، لما نروح عند تيتا تعملك المحشي شوف حاجة تانية ولا أقولك؟ حلو المكرونة والبانيه، مين قال انهم وحشين؟ ولا مين قال عايزين نغير؟
أنس ضحك: انت اللي قلت على فكرة.
بصله بهزار: اني آسف دول تحفة تحفة تحفة. أروح أغير هدومي وأعملك المكرونة وبانيه.
دخل أوضته يغير هدومه وبعد كدا بدأ يعمل الأكل وأنس معاه: تحب أساعدك في ايه؟

بصله وابتسم: روح اعمل واجباتك اللي عليك وبكرا…
قاطعه بحماس: اوعى تقول أكبر أنا خلاص كبرت أنا في سنة 6 فأنا بقيت راجل.
أكد وهو بيبتسم: طبعا راجل بس حاليا وظيفتك هي مذاكرتك وده اللي عايزه منك.
أنس قعد قصاده على كرسي: هذاكر بعد الغدا بس قولي، قابلت الميس اللي اتخانقت معاك امبارح؟
ابتسم وهو بيفتكر منظرها وإحراجها وبعدها بص لابنه: قابلتها أيوة.
أنس بفضول الأطفال: وعرفت اتخانقت معاك ليه؟

بدر اتنهد لانه عارف انه مش هيبطل أسئلة غير لما يعرف كل حاجة: كانت متضايقة وافتكرتني حد تاني واعتذرت.
فتح بوقه يتكلم فأبوه قاطعه: وبس كانت متضايقة وافتكرتني شخص تاني وبس.
أنس كشر: على فكرة كنت هسألك على باقي يومك.
بدر ابتسم وكل واحد حكى للتاني يومه بالتفصيل.

بالليل الكل في بيت همس متجمع بيتعشوا مع بعض ودي كانت من المرات القليلة اللي بيتجمع فيها الكل.
نادر كان أول حد يتكلم: اه يا جماعة أنا مسافر أسبوعين كده إسكندرية اجازة أغير فيها جو شوية.
فاتن شهقت: أسبوعين بحالهم اخص عليك يا نادر هتسيبنا أسبوعين كاملين؟!
أبوه بصلها بهدوء: سيبيه براحته يا أم نادر وبعدين هو كل يوم بيسافر يعني؟! سيبيه براحته.

اتغاظت من موافقة جوزها بسرعة: انت شايفني يعني متعلقة في دراعه؟! ما أنا سايباه بس مش حابة فكرة انه يبعد عني أسبوعين بحالهم، دي همس بتروح الأسبوع وترجع خميس وجمعة ومش حابة ده يقوم هو يبعد أسبوعين وبدون سبب؟
هند بهزار: علشان تعرفي بس ان ماعندكيش زيي أنا في وشك على طول.
نادر بصلها بابتسامة: لا يا ستي احنا عايزين نخلص منك بقى، ما توافقيلك بقى يا بت انتي على عريس من اللي بيتقدمولك دول.

كشرت لأنها بتتضايق من السيرة دي بالذات: ما توافق انت على أي عروسة ماما بتجيبهالك
نادر حط ايده على بوقه وكأنه بيقفل سوستة واعتذر: سوري براحتك يا قمر ده انتي منورة البيت كله.
الكل ضحك وأمهم مش عاجبها هزارهم: اه يا أخويا اقفل بقى الموضوع علشان محدش يكلمك انت.
أبوهم بصلها: يا فتون سيبي العيال تقعد معاكي وتهزر بدل ما يهربوا منك من السيرة دي.

بصتله و شهقت: هي وصلت للهروب مني؟ ليه؟ أنا عايزة مصلحتهم ونفسي أفرح بيهم، بعدين أنا…

قاطعها نادر بابتسامة: محدش بيهرب منك أبدا يا ست الكل وكلنا عارفين انك بتعملي ده بحب لينا وكلنا مقدرين، بس صدقينا أو أنا عن نفسي والله لو لقيت حد مناسب هاجي وأقولكم بس لحد دلوقتي للأسف مفيش – بص لاخته وكمل – وأعتقد هند كمان لو في شخص مناسب قابلها هتوافق لكن يا أمي هو مش جواز والسلام لازم يكون حد مناسب ومتوافق معانا.
خاطر كمل كلامه: وده اللي بنقوله يختاروا بنفسهم لان دي حياتهم وهم اللي هيعشيوها.

فاتن مصمصت شفايفها ومش عاجبها الكلام بس هي من جواها موافقة عليه: خليك انت كده دايما توافقهم على كل كلمة – بصت لقت همس سرحانة فكملت – وانتي يا ست همس لا أسكت الله لكي حسا.
همس مش معاهم نهائي لحد ما أختها زقتها فانتبهت بعدم فهم: ايه بتقولوا ايه؟
هند بهزار: اللي واخد بالك.

أمها كشرت وبتريقة: ياخد بالها؟ هو انتوا في حد بيعرف ياخد بالكم؟ ده انتوا تطفشوا بلد كده بحالها، بعدين تلاقيها سرحانة في مسألة كده ولا كده ولا درس عايزة تراجعه ولا وراها امتحان – بصت لهمس بضيق – يا بنتي المذاكرة حلوة بس فين انتي هو مفيش غير مذاكرة وبس؟
همس بصت لمامتها بذهول: على فكرة انتي أول أم في الدنيا بتشجع عيالها على الفساد.

فاتن بصت حواليها وعايزة تحدف عليها أي حاجة: أنا بشجع على الفساد يا هبلة؟ أنا غلطانة اني خايفة عليكم، أقولكم أنا سايبالكم القعدة كلها واشبعوا بأبوكم اللي بيوافقكم على كل حرف.
جت تقوم بس جوزها مسك دراعها بابتسامة: والله ما انتي سايبانا وقايمة، هي القعدة تحلى من غير فتّون الحلوة برضه؟!
كلهم صقفوا وضحكوا وسهروا مع بعض سهرة خفيفة وبعدها كل واحد قام يشوف وراه ايه.

سيف دخل بيته بالليل لقى أبوه وأمه في انتظاره سلم عليهم وجاي يطلع أوضته بس أبوه وقفه بتساؤل: على فكرة انت ما قلتليش رأيك ايه في الدكتورة شذى؟
سيف اتنهد وغمض عينيه وبيحاول يتماسك علشان يقدر يكون هادي معاه وبعدها ابتسم وبصله: رأيي في ايه بالظبط؟ اهي دكتورة وكويسة وبس.
أبوه بعدم رضا: يعني ايه وبس؟

قرب منهم وبصلهم الاتنين بجدية: يعني وبس مجرد تعارف واتعرفت لكن أكتر من كده آسف، قلتلك وهقولك تاني شريكة حياتي دي اختياري أنا لوحدي وبس ودلوقتي أنا تعبان ومحتاج أنام ضروري، بعد اذنكم.
سابهم وطلع أوضته وهو بيحاول حتى يفتكر شكل شذى ايه؟ بس فاكر كلامهم وهزارهم فقط لكن ملامحها تايهة تماما عنه وغصب عنه ملامح همس ظهرت قدامه وهو مستغرب ليه؟ دي مجرد عيلة بالنسبة له قدامها لسه سنة عقبال ما تتخرج.

مر يومين الاجازة ورجعت همس القاهرة وراحت الجامعة، قاعدة مع أصحابها بس عينيها على المبنى اللي فيه مكتب سيف علشان تلمحه وهو داخل لأنها مش شايفة عربيته في المكان اللي بيقف فيه دايما.
فضلت مش مركزة معاهم لحد ما لمحت عربيته وقلبها بيدق بسرعة وراقبته وهو بيقف وينزل ومعاه حاجته وهو كمان لمحها وبصلها واتمنى لو ينفع يسلم عليها.
همس باصاله وبتلعن النظارة اللي دايما لابسها واتمنت لو تقدر تكسرها ألف حتة.

كانت مكشرة بس أول ما شاور كسلام ليها ابتسمت ابتسامة واسعة وردت بإشارة صغيرة من راسها بخجل.
تابعته لحد ما اختفى وساعتها لقت خبطة على كتفها من صاحبتها خلود اللي فاجئتها: هممممممس.
همس اتفزعت وضربتها بضيق: يا باردة خضيتيني.
خلود بضحك: أنا باردة؟ أنا غلطانة اني سيبتك لحد ما طلع ما رخمتش من بدري.
همس بصتلها بارتباك: قصدك ايه؟ ومين ده اللي طلع؟

هالة اتدخلت في الحوار ببرود: اللي تابعتيه من أول ما عربيته ظهرت لحد ما اختفى هو.
همس كشرت واتوترت فحاولت تداري: لا عادي أنا بس لمحته مش أكتر، وبعدين ايه الرخامة دي؟ انتم بتراقبوني ولا ايه؟ يلا ورانا محاضرة.
سابتهم وسبقتهم على المحاضرة وبتفكر كل شوية تطلع عنده تسأله في أي سؤال بس بعدها بتتراجع.
خلص اليوم ورجعوا كلهم السكن واتغدوا وكل واحد بدأ يشوف اللي هيعمله.

كانت همس في أوضتها طلعت مادة سيف وبدأت تذاكرها مع انها فاهماها كويس بس كانت بتحاول تطلع أي سؤال علشان تسأله، كل ما بتطلع سؤال هالة أو خلود بيجاوبوها عليه لحد ما أخيرا لقت مسألة محدش فيهم عرف يحلها فابتسمت بانتصار وتخيلت نفسها بتطلع عنده وتتكلم معاه بس كشرت لما لقت خلود وهالة مركزين معاها، فقفلت المادة ومسكت مادة تانية ومحدش فيهم اتكلم لانها رافضة تقتنع بكلامهم او هي بتحاول تقنع نفسها انه كله طبيعي وسيف مافيهوش حاجة مميزة هي بس متغاظة لما طردها ولما ما صدقش انها الأولى وعايزة تثبتله انها تستحق عن جدارة تكون الأولى.

الصبح راحت الكلية ومتحمسة للبريك اللي عندها علشان تطلع تسأله بس للأسف مالقتهوش في مكتبه فاستنته طول البريك بس المكتب فضل مقفول طول الوقت.

آخر النهار قبل ما تمشي لمحت عربيته في مكانها فطلعت جري لفوق لحد ماوصلت وبتنهج جامد قدام الباب وخبطت وهي بتدعي انه يكون موجود جوا، ما سمعتش أي رد فتحت الباب فاتفاجئت بيه بيتفتح في ايدها وصوته جوا بيقول ادخل
دخلت بتردد، كان واقف بيلم حاجته وبصلها مستنيها تتكلم وهي ساكتة وبتنهج بس حاولت تتكلم لكن صوتها راح فابتسم بهدوء: هدي نفسك الأول وبعدين ما طلعتيش في الأسانسير ليه؟

أخدت نفسها وبصتله بتذمر لذيذ: معلقين ورقة كبيرة عليه لهيئة التدريس فقط.
ابتسم وشاورلها تدخل وهي بصت لشنطته اللي بيلم فيها حاجته بلهفة: حضرتك مستعجل؟
بص لساعته وبصلها: قدامي شوية لسه، خير؟
شاورت على ورق في ايدها بخيبة أمل: كان عندي سؤال بس واضح حضرتك مش فاضي…
قاطعها بابتسامة: هاتي سؤالك.

حطت الورق قدامه وبتقلب فيه بتوتر وهو لاحظ ده من رعشة ايديها فحط ايده على الورق فبصتله باستفسار فوضحلها بابتسامة: اهدي الأول وخدي نفسك أنا مش هطير.
أخدت نفس طويل وكان نفسها تقوله ان مجرد وقوفها جنبه بيوترها مش طلوعها السلم.
اتحرك من مكانه وفتح تلاجة صغيرة طلع منها إزازة مياه وقدمهالها: اشربي طيب الأول.

حاولت تفتحها بس ايديها المتوترة ماقدرتش. أخدها منها وفتحها وناولها تشرب وبعدها شاور على الورق فطلعت مسألتها ورتهاله
بص للشخابيط اللي مالية الورق بفضول: انتي حليتي كل المسائل دي ولا ايه الشخبطة دي كلها؟
جاوبته بسرعة بفخر: اه حليتها كلها.
موبايلها رن وهي تجاهلته بس صوته مزعج فبصلها: ردي عادي.

بصتله وكانت خلود فكشرت وكنسلت عليها بس رنت تاني، بصلها فشاورت بدماغها بقلة حيلة انها هترد وبالفعل ردت: أيوة يا خلود؟
سألتها: لقيتي الدكتور ولا ايه؟
فكرت تقولها لا بس اتراجعت وبتردد: ايوة لقيته موجود بس ماقدامهوش وقت كتير.
اتمنت انهم ما يطلعوش بس خلود قالتلها هتطلع هي وهالة بسرعة فقفلت وبصتله بخيبة أمل حاولت تداريها: طالعين.
ابتسم بهدوء: مفيش مشكلة نستناهم، بس هما عندهم نفس المسألة ولا حاجة مختلفة؟

شرحتله: هي نفسها ؛ امبارح كنا بنذاكر مع بعض ودي اللي وقفت قصادنا.
شاور بدماغه وماسك القلم بيحركه بايده وبيقلب في الورق بتاعها وبصلها بتعجب: كمية شخبطة غير طبيعية.
ابتسمت بإحراج: أنا بحب أشخبط على الورق وأنا بذاكر.
رد باعتراض: أنا غيرك، أنا مابحبش أحط أي قلم في الكتاب.
سألته بفضول: حتى لما كنت بتذاكر؟
هز دماغه بتأكيد: حتى وأنا بذاكر مابحبش أكتب في الكتاب.

بيبص على الشخبطة الكتيرة بس لمح تحتها حرف S وسأل يا ترى هل كانت بتفكر فيه مثلا وكتبت الحرف ده؟
الباب خبط ودخلت هالة وخلود وانضموا لهمس اللي قربت من سيف أكتر بتلقائية علشان توسع مكان لأصحابها وده خلاها تشم برفانه وحست انها مش مركزة في أي حرف هو بيقوله عايزة بس تبصله وتتأمل ملامحه كويس.

سيف لاحظ نظراتها اللي كلها هيام ولاحظ عدم تركيزها وسرح للحظات هو كمان بس سؤال خلود فوقه ورجع للورق وبص لهمس بجدية: خليكي معانا هنا.
همس اتكسفت وكشرت: أنا مع حضرتك.
اتضايقت بس ركزت مع كلامه خوفا ليسألها ويعرف انها تايهة تماما.

سيف شغل تفكير همس تماما وبتحاول تهرب كل شوية من التفكير فيه بمذاكرتها ويوم ورا يوم بتقنع نفسها انه مجرد دكتور بس كل ما بتشوفه الاقتناع ده بينهار.

في الكلية كانت محبطة؛ الأسبوع طويل جدا ومحاضرة واحدة بس لسيف مش كفاية، جه ميعاد السكشن لنفس مادة سيف وهي داخلة محبطة وقعدت في أول صف وجنبها أصحابها وهي نايمة على البنش لحد ما صاحبتها بتزقها وهي مش عايزة تتعدل وبتزعلقها لحد ما سمعت صوته بيقول السلام عليكم
هنا اتعدلت بسرعة وعينيها وسعت بدهشة وبصت لصاحبتها اللي همست: عمالة أزقك تتعدلي وانتي مش راضية.

سيف لاحظ حركاتهم ومفاجأتها وبعدها بدأ يتكلم: باشمهندسة داليا اعتذرت لظرف فبدل ما نلغي السكشن قلت أديكم أنا ولا مش عايزين وتفضلوا تروحوا؟
الكل أو الأغلبية كانوا عايزين السكشن وهو ابتسملهم بهدوء وبعدها قلع نظارته والچاكيت وبدأ يشرح وهمس في قمة تركيزها ونشاطها بعكس حالتها أول السكشن.

خلص السكشن وهو بيجمع حاجته همس وكذا طالب وقفوا جنبه بيسألوه وهو بيجاوب الكل ما عدا همس اللي مستنية دورها أو الأصح هي مستمتعة بوقوفها جنبه لحد ما بصلها بتساؤل: اسألي.

انتبهت فجأة واتحرجت لان الكل بصلها وهي سرحانة وبعدها فتحت كشكولها وبتوريه النقطة اللي بتسأله فيها فلاحظ انها كاتبة نقطة غلط فأخد منها قلمها وبدأ يصححلها النقطة دي وهي منتبهة معاه، بيقلب الورقة بعدها فلاحظ قلب صغير مرسوم في الطرف ولمح حرفه تاني بس المرة دي جنبه حرفها وهي لاحظت فقلبت الورقة بسرعة علشان محدش يلاحظ وعينيهم اتقابلت للحظة بس أنقذها طالب بيسأل سؤال فاضطر يجاوبه لحد ما الكل خلص وهو بيلم حاجته وخرج كانت همس نازلة مع أصحابها فمر من جنبهم بس همس وقفته بلهفة وخطت كام خطوة سريعة تلحقه: محاضرة الاتنين هنكمل الشيت ولا هتبدأ درس جديد؟

بصلها بهدوء: الشيت تقريبا غطينا كل الأفكار اللي فيه يا همس ولو في حاجة وقفت قدامك ابقي اسأليني فيها في أي وقت لكن الاتنين نبدأ حاجة جديدة.
ماكانتش عايزة تمشي فبصتله بفضول: صح في أي مشاكل حصلت لما اتأخرت على اجتماعك؟
بصلها باستغراب بيحاول يفتكر أي اجتماع تقصد؟ هو شبه يوميا في اجتماعات ففكرته بمرح: لما الوقت عدى في المكتبة.

ابتسم لما افتكر: اه افتكرت، لا مفيش مشاكل كلمتين بس للتأخير ( ضحك وسألها ) بس ايه اللي فكرك بيه دلوقتي؟ ده عدى عليه وقت!

همس حست انه قفشها انها بتخترع أي كلام عشان تقف معاه اكتر واتوترت وبدأت تتوه بالكلام بس ماعرفتش، وخصوصا أنه باصصلها ومستمتع بتوترها ده وحست أنه شمتان فيها وده غاظها جدا، حبت تردهاله فلقت نفسها بتسأله بغيظ سؤال تحرجه بيه أو هي افتكرت ده: مديرك صعب زي الدكتور بتاعنا اللي مش بيدخل حد بعده؟
سيف وقف وبصلها بشبه ذهول: أولا…

قاطعته همس باستفزاز: أولا ايه؟ أي حد في الدنيا معرض يتأخر لأي سبب حتى لو الوقت أخده فحضرتك قلت لمديرك ايه سبب تأخيرك؟ وهل هو اقتنع بيه؟
سيف بصلها كتير بتعجب واستناها تخلص كلامها وهو واقف قصادها وبعدها رد بهدوء: أنا ماقلتش أبدا اني مش غلطان لما اتأخرت أنا معترف بغلطي، وبعدين مديري يبقى أبويا وأعتقد اني عندي نفس الچينات.

همس ما تخيلتش أبدا انه هيعترف فضحكت بخجل وهو ضحك معاها على مشاكستها وكمل مشي بس بخطوات بطيئة: هقولك ايه يعني؟ الاعتراف بالحق فضيلة.
اتجرأت أكتر وسألته: قالك ايه؟ ولا قفل الباب في وشك وقالك مش هتحضر الاجتماع؟
بصلها وحاول يكتم ابتسامته اللي عايزة تظهر: حرماني من حضور الاجتماع مش هيكون عقاب بالنسبة ليا فلا ماقفلش الباب لانه محتاجني في الاجتماع.

سكتوا الاتنين لحد ما وصل للمبنى اللي هيدخله فسألته بلهفة: هتكون موجود بكرا؟
فكر شوية وحرك راسه برفض: ما أعتقدش ماعنديش محاضرات و ورايا شغل بس بعده هاجي شوية آخر النهار لو محتاجة حاجة هكون موجود.
هزت دماغها و وقفت علشان هو يكمل طريقه بص حواليه لقى طلبة كتير حواليه فابتسم بعملية وطلع لمكتبه وهي راحت لأصحابها اللي سكتوا شوية لحد ما خلود بدأت: همس ده دكتور مش معيد ولا طالب زميلنا.

همس بصتلها باهتمام: قصدك ايه؟ أنا عارفة انه دكتور.
خلود اترددت بس لازم تتكلم: قصدي يا همس ان دي أول مرة أشوفك كده، ملهوفة عليه
– حاولت تدافع عن نفسها بس خلود وقفتها- لا أرجوكي اسمعيني للآخر احنا أصحاب من سنين وأنا لازم أنبهك ده دكتور مش طالب، المسافة بعيدة أوي يا همس بلاش تعلقي نفسك بيه.
همس بصت للأرض بحزن وبعدها بصتلها: بس هو مهتم.

خلود هزت دماغها برفض: مهتم بطالبة شاطرة مش مهتم كراجل وست وبعدين ما يمكن يكون مرتبط؟
همس نفت بسرعة: لا طبعا مش لابس أي دبل.
هالة دخلت في الحوار: بس تعرفي منين؟ سألتيه؟
همس دافعت عن نفسها: هسأله ازاي وبصفتي ايه؟ وهقوله ايه؟ دكتور انت مرتبط؟ انتوا اتجننتوا؟
هالة مسكت ايدها بتوضيح: همس احنا خايفين عليكي تتعلقي بيه وبعدها يكون مرتبط أو يطلع مهتم اهتمام عادي بطالبة متميزة.

خلود عرضت: تحبي أسأله أنا إذا كان مرتبط أو لا؟
همس رفضت تماما وأصرت انه عادي مجرد دكتور وهي مجرد طالبة بس من جواها في إحساس بيكدبها.

نادر سافر إسكندرية ووصل الفندق اللي حجز فيه واستغرب هو بيعمل ايه هنا؟ ايه فايدة اجازة هيقضيها لوحده؟ هيعمل فيها ايه؟

نفض أفكاره وقام يقعد على البحر شوية ويتبسط وقرر انه مش هيفكر في الماضي، قعد قدام البحر واسترخى وبيتفرج على الموج والناس وغصب عنه لقى نفسه بيرجع لأول أيام سفره في الحملة للصعيد وكانت نصيبه قرية بسيطة وراح للوحدة الصحية هناك كان الوقت ليل واستقبله ممرض اسمه صبحي وده كان معروف في البلد انه شاطر، فضل يرحب بيه ودخله الوحدة بابتسامة: اهلا بيك يا دكتور بص حضرتك ترتاح النهارده وبكرا هتبدأ من الصبح إن شاء الله، احنا أعلننا في الإذاعة المحلية الصبح هتلاقي الناس أمم هنا.

نادر بصله باستغراب وبتهكم: أمم بحالها؟ ده أنا حاسس اني في بلد مهجورة أو حتة مقطوعة.
رد صبحي بنفى: لا ده علشان البرد الناس كاشة في بيوتها، النهار يطلع وهتلاقي الناس في كل حتة.
وهما بيتكلموا وواقفين في الطرقة برا أوضة الكشف دخلت واحدة ست شايلة طفل صغير: ازيك يا عم صبحي امال الدكتورة آمال فين؟ اوعى تقول مش موجودة؟

صبحي بصلها: لا موجودة يا أم إبراهيم اقعدي وهناديها وبعدين حتى لو مش موجودة دكتور نادر موجود ده جاي جديد وشاطر جدا.
أم إبراهيم رحبت بيه وبعدها الاتنين بصوله فنادر بصلهم بإحراج: مش أول ما هوصل هاخد حالات الدكتورة هنا، بلغها ولو مش فاضية أو مش هتخرج ساعتها أنا موجود لكن غير كده لا.
صبحي ابتسم لان نادر متواضع ومش عايز يتعدى على حقوق حد فراح ينادي الدكتورة.

نادر طلع موبايله يرد على والدته اللي بتطمن عليه وفضل يتكلم معاها وبعد شوية ولما رجع مالقاش الست مكانها وأوضة الكشف مقفولة فعرف ان الدكتورة خرجت.
لمح ممرضة فناداها: لو سمحتي عم صبحي راح فين؟
بصت حواليها: كان هنا دلوقتي استنى أشوفه، هو حضرتك الدكتور الجديد صح؟
نادر ابتسم وهز راسه بتأييد فرحبت بيه: أنا سهير وشغالة هنا في الوحدة
– فجأة لمحت صبحي فكملت – اهو صبحي اهو، انت يا راجل تعال الدكتور بيسأل عليك.

صبحي جه عندهم ووضح: كنت بجهز لحضرتك السكن علشان ترتاح.
سهير باستغراب: هو مش السكن فيه الدكتورة آمال ولا هيقعدوا مع بعض ولا ايه؟
نادر انتبه وصبحي جاوبها باستنكار: لا يا بت انتي هبلة ولا ايه؟! هيقعد عند الحاج عبد المنعم هو الله يكرمه اول ما عرف قال يقعد عندي وأهلا بيه.
نادر اعترض: أنا مش عايز أعمل مشاكل ولا أقعد عند حد أنا ممكن آجر أي مكان أو…

قاطعه بجدية: شوف يا دكتور هو دلوقتي يجي بنفسه وحضرتك اتكلم معاه براحتك بس يا دكتور الحاج عبد المنعم ده بيته (شاور على بيت جنب الوحدة كبير وضخم وكمل ) وزي ما حضرتك شايف كبير وعنده من برا مندرة للضيوف حضرتك هتقعد فيها وتكون براحتك هو هيجي دلوقتي بنفسه يستقبلك.
حاول يعترض بس الباب اتفتح وخرجت الست اللي شايلة ابنها ونادر مستني الدكتورة تخرج.

خرجت واحدة بتكلم صبحي: يا عم صبحي هو فين الواد سيد يجيب ساندوتشات؟
صبحي بص لسهير: الواد ده غطسان فين الليلة؟
سهير قالت ما تعرفش ونادر بص لصبحي: هي فين الدكتورة يا صبحي؟ خليني أشوفها قبل ما أمشي الليلة.
صبحي باستغراب: ما هي دي الدكتورة آمال
– بص لامال وعرفهم ببعض- ده دكتور نادر اللي جاي يستلم الوحدة معاكي.

الاتنين اتصدموا وصدمة نادر كانت أكبر لان دي آخر حد يتوقعه يكون دكتور بالعباية السودا والكروكس اللي في رجليها والطاقية اللي على شعرها والمصيبة كانت في بنطلون البيجامة اللي تحت العباية بالدباديب اللي عليه، من الآخر دي لا يمكن تكون دكتورة أبدا، ده مش مظهر دكتورة نهائي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط