روايات رعبقصص

قصة اوضة المرايا

“القصة مستوحاة من أحداث حقيقية”

كل مرة بيبقى عندي نفس التحمس كإنها أول مرة…أول اكتشاف لمقبرة، أول قراية لجدرانها، أول رؤية للموميا اللي فيها…
اتبلغت إن في موقع جديد محتمل في “تل بسطة” قرب الزقازيق، العمال هناك اكتشفوا نفق تحت الأرض، نفق يدوي، مش طبيعي كإنه محفور وليه نمط معين…
“تل بسطة” مليانة آثار ومعابد وأطلال لقصور ملوك، روحتها مرتين بس قبل كده وكانت زيارات عابرة، المرة دي مع الفريق اللي معايا كان مطلوب مننا نكمل حفر وندور على مقبرة أو توابيت أو آثار محتملة…

شك العمال كان في محله! النفق مكنش طبيعي، التجويف ده بفعل فاعل، وواضح إن الحفرة عميقة أوي والشغل هياخد وقت كبير …
مكنش ينفع أرجع بيتي في القاهرة، مطلوب مني أفضل موجود لحد ما نتأكد إذا كان ده موقع أثري ولا لأ، على الأقل كنا هناخد أيام ولو ثبت وجود مقبرة أو معبد القعدة هتطول أكتر كمان…
دورنا على سكن مؤقت نأجره في منطقة في الزقازيق بالقرب من الموقع، ولقينا الحمد لله بعد ما نفسنا اتقطع من الحركة والبحث لساعات، أنا وواحد بس من زمايلنا اللي قررنا نعمل كده، الباقي فضل يروحوا ويبقوا ييجوا ويرجعوا تاني على بيوتهم كل يوم..
المنطقة كانت بسيطة جدًا، فيها محل محصلش سوبر ماركت، يعني زي كشك على كبير شوية، وقهوة محندقة وفقيرة ومباني قصيرة ملزقة في بعض…

الوقت كان اتأخر وانا و”جمال” مرهقين، ماشيين بنترنح من التعب، اتوجهنا لمدخل العمارة اللي فيها الشقة وقدامنا البواب اللي كلم صاحب الشقة واتفق معاه نأجرها، كان في حد معدي جنب المدخل، بصل لي لحظات وابتسم…
أكيد بيرحب بيا، شخص ودود وأخد باله إني غريب على المنطقة، ده اللي جه في بالي…
دخلنا أنا و”جمال” الشقة والحقيقة مفيش أقذر من كده!
دي مش شقة، دي عشة فراخ…
العفش عبارة عن قطعتين مكمكمين، ريحتهم فايحة، قماشهم مقطع وباهت وعليهم بقع والأرضية مليانة طين، مش تراب عادي، كتل طين سودة، البلاط مخلع، الحيطان مشققة وأوضة النوم بقى قصة تانية…
سرير واحد واطي على ملة مكسرة، والغطيان اللي عليها أكرملنا نرميها ولا نحرقها بجاز، ومش هقدر أتكلم عن الحمام، مفيش وصف…
أهذا ما ركلت بطن أمي لأجله؟ هي دي الشقة اللي البواب كان بيتفاوض معانا فيها وبيفاصل ، دي اللي دفعنا دم قلبنا عليها؟؟
هنعمل إيه، مكنش في غيرها…
من الصدمة متكلمتش أنا و”جمال” كلمتين على بعض، اترمينا وغرقنا في النوم علطول لعلنا ننسى الوكر اللي بايتين فيه…
صحينا من النجمة، لازم كنا نروح على الموقع ونشرف على الحفر….

تطوعت ونزلت قبل “جمال” عشان أجيب فطار من أي مكان قبل ما ننطلق…
لقيت محل فول وطعمية صغير، كإني وقعت على مقبرة كليوباترا المفقودة، مش ممكن على الفرحة اللي كنت فيها…
=عايز 3 فول و3 طعمية و2 بنت…
قاطعني البياع وقال:
-أهلًا يا دكتور…
مريب شوية الراجل بس…ماشي، أهلًا يا سيدي..
-إيه، مش قادر على بُعدنا؟!
مريبة أوي مش شوية، إيه اللي بيقوله ده…
مكنش عندي رد، ابتسمتله ابتسامة بلهاء وبعد لحظة صمت مريبة كررت:
=3 فول و3 طعمية و2 بنتجان…

دقايق الانتظار كانت غريبة، البياع كان كل شوية يبصلي كإنه مستنيني أتكلم معاه، والابتسامة مفارقتش وشه، هي الناس في المنطقة هنا ودودين بزيادة ولا ده طبع الناس بتوع الزقازيق ولا إيه…
كنت بجاهد عشان أنسى الموقفين، موقف الراجل اللي ابتسملي الليلة اللي قبلها والبياع في محل الفول، لكن مش قادر، في إحساس كده صغير اتسرسب جوايا، إن في حاجة غريبة…
كان باين عليا في السكة، مبلم، مش بتكلم مع “جمال”، في الآخر حكيتله… قال لي وهو بيضحك:
-طب ما أنت دكتور يا “شامي”، مش هتعمل دكتوراة قريب في آثار ما قبل التاريخ؟ فخامة…
=أنا مش بهزر..
-طب ما يمكن هم اللي بيهزروا؟ عادي الراجل حب يناغشك عشان لاقاك غريب عن المنطقة
=وبتاع امبارح؟
-ماله بتاع امبارح، واحد من ولاد المنطقة بيرحب بيك، هو اكمننا من القاهرة حيث لا ترحيب ولا ناس طايقة بعض يبقى كل المحافظات زينا، ما يمكن الناس هنا حبوبين وبيحبوا يرحبوا بالُغرب…
……………………..
وصلنا الموقع، زمايلنا وصلوا بعدنا بوقت بسيط والعمال كمان، وابتدى الحفر بالمجارف في المكان المحدد…

واحد من العمال رفع راسه وثبت نظره عليا، كان باين عليه الاستغراب وقال لي:
-إيه اللي جابك هنا يا دكتور؟
بصيت حواليا، مكنتش فاهم بيكلمني أنا ولا بيكلم حد تاني..
كمل وقال:
-ده عشان يعني لو حد اتصاب؟
أخيرًا فقت من حالة البلاهة اللي كنت فيها وسألته:
=أنت بتكلمني أنا؟
-أيوه أمال بكلم مين يا دكتور؟
=اؤمر؟
-إيه اللي جابك هنا؟ دي مواقع اثرية.
=طب مانا أثري.
-إزاي يعني؟ وبعدين إنت مش كنت مشيت خلاص؟
مشيت فين؟ هو في إيه؟ خلاص كده أنا تركيزي راح في داهية، ولا كنت هعرف أكمل شغل ولا أنزل مقابر، لو طلع الموقع مقبرة فعلًا، كنت هتجنن، عايز أفهم بيحصل معايا إيه…
مردتش على العامل، قلت أصطاده لما يبقى لوحده وأحاول أفهم منه…
وأخيرًا وبعد مرور ساعات قدرت اتكلم معاه…
سألته ليه بيقول لي دكتور، ويعني إيه إني مشيت…

رد فعله كان غريب جدًا، ضحك…بعد شوية ضحكته انكمشت وحواجبه اتعقدوا في بعض، قال:
-أنت بتتكلم جد يا دكتور؟
=وأنا أعرفك منين عشان أهزر معاك؟
-الله، معناه إيه الكلام ده، متعرفنيش إزاي، أوام نستني؟
=من فضلك فهمني، اتعامل معايا كإني غريب، فهمني إيه قصة الدكتور ده؟
-قصتك؟؟ يا دكتور أنت…أنت جيت من أكتر من سنتين وعشت هنا، قرب شارع الزراعة، كنت بتشتغل في المستشفى الحكومة اللي هناك وبعدين قلت إنك هترجع القاهرة تاني ومشيت…
هزيت راسي بنكر اللي بسمعه، سألته:
=مشيت إمتى؟ قصدي الدكتور مشي إمتى؟
-هو…مش أنت؟
=لأ، مشي امتى؟
-من كام إسبوع، بس ده أنت يا دكتور…
بلم وبان على ملامحه الصدمة والخوف، مكنش مصدق إني مش هو…
تمام كده الصورة وضحت، في واحد شبهي، دكتور جه برضه من القاهرة وعاش في الزقازيق سنتين عشان شغله، وده يفسر نظرات السكان وطريقتهم في التعامل معايا، اتلخبطوا…
عادي يعني ممكن تحصل…

الحفر فضل مستمر لحد المغرب، مع آخر الحفرة اتأكدنا إن في مقبرة…
كلنا هللنا وسقفنا، وقتها كل اللي كان هاممني هو اللي تحت الأرض، يا ترى دي مقبرة مين، يا ترى هقرا إيه على جدرانها، في موميا، مفيش، كان شخص مهم ولا واحد زي حالتنا بسيط من عامة الشعب يدوبك الزمن والإسم متغير…
لا كان في تماثيل دهب ولا فضة، المقبرة كانت بسيطة، محفور على جدرانها تفاصيل زي إسم الست المدفونة وشوية حاجات عن حياتها، كان في تماثيل صغيرة من النحاس وموميا ملفوفة بشاش، الموميا واضح إنها لحيوان، تقديري من الحجم والظروف بتاعتها إنها لقطة وده لإن ” بوباستيس” أو “تل بسطة” كانت مركز لعبادة “باستت” ورمزها كان القطة…
صحيح مفيش كنز لكن واضح إن الكنز كان في القصة، للأسف كنا منهكين وملحقناش نتمعن في القراية، وقررنا نكمل اليوم التاني…
………………….
خلاص بقى، المفروض مبقاش مستغرب، طول مانا ماشي في الشارع مع “جمال” ولحد ما وصلت العمارة الناس كانت بتبص لي، بتبتسم، أو بتسلم عليا، فاكرنني الدكتور، وأنا مش فايق أصححلهم المفاهيم وأعرفهم على نفسي، الوقت ليل، وأنوار المحلات والعمارات ضعيفة، كنت متأكد لو شافوني بالنهار هيعرفوا إني مش هو، مجرد شبيه ليه…
في الأول مكنتش عارف أنام من الفرحة والتحمس، اكتشفنا مقبرة جديدة وبكره هنعرف قصتها وقصة الست المدفونة هناك من آلاف السنين…
بس بعد حوالي ساعة ومع قرار “جمال” إنه يفرش على الأرض وينام بعيد عني، واللي كان قرار حكيم بالمناسبة وكنت شاكر ليه، بدأت جفوني تتقل وجسمي يرتخي واستسلم للنوم…

إحساس حلو، دافي، مريح، الونس، الونس؟
مكنتش لوحدي على السرير، يميني وشمالي كان في وجود، تمام ده “جمال”، بس مش “جمال” كان قام من جنبي وفرش بعيد؟ يبقى مين اللي جنبي؟ وبعدين ده مش شخص واحد، دول اتنين، حد يميني وحد شمالي…كل السيناريو ده كان بيدور في دماغي وأنا نايم أو شبه نايم، مشلول، مش قادر أتحكم في جسمي ولا عارف أفوق…
مخنوق، مرعوب، لكن مع الأحاسيس دس كان في إحساس برضه بالأمان، خليط غريب…
فضلت على وضعي ده شوية، مشلول تمامًا، وفي الآخر قدرت أخرج صوتي المحبوس، صرخت!
صرخة عالية خرجت مني، بسببها “جمال” صحي مفزوع… سألني:
-في إيه، في إيه؟؟؟
=كنت حاسس، كإن في حد، لأ، أكتر من حد جنبي…
-حد مين، حرامي؟
حركت راسي يمين وشمال بنفي ده…
قعد مكانه، بص لي بقلق ومعلقش، طلبت منه ينام بعدها، قال لي إن خلاص النوم طار من عنيه…فضلنا كده ساكتين شوية وبعدين قلت:
=دي مش أول مرة..
-مش أول مرة؟
=زمان وأنا طفل حصلتلنا أزمة مالية، بسببها بعنا الشقة اللي كنا فيها واتنقلنا في حي شعبي في بولاق، مكنتش صغير أوي، كنت واعي، عندي 10 سنين، من يوم ما اتنقلنا وأنا بيحصل معايا حاجات غريبة، كل ما أروح مكان، الناس كانت بتعاملني كإنهم يعرفوني، بينادوني باسم غير إسمي، المكوجي اللي في الشارع مرة وقفني وسأل:
-فين الحرق اللي في ركبتك؟
مردتش عليه، كالعادة يعني، مكنتش برد على تعليقاتهم اللي مش فاهمها…
-يا “مسعود” الحرق إزاي اتشال؟
أنا مش “مسعود”، “مسعود” مين؟ أنا “شامي”، أنا “شامي”، “شامي”، كنت بصرخ جوايا بده، مين “مسعود” اللي الكل بيناديني بإسمه حتى بعد ما اتعاملوا مع أبويا وأمي والمفروض اقتنعوا إننا أسرة جديدة اتنقلت قريب؟ كانوا بيتصرفوا كإنهم بياخدونا على قد عقلنا وفضلوا ينادوني ب”مسعود”….
-حاجة غريبة فعلًا، وكمان التجربة تتكرر دلوقتي، سبحان الله، يخلق من الشبه أربعين..

حركت راسي بالموافقة من غير رد، وده لإن كان عندي إحساس مظلم، إن الموضوع مش بالبساطة دي…
………………………….
الصبح نزلت على محل الفول زي اليوم اللي قبله، وبرضه البياع حياني بعشم وناداني ب”دكتور”…
المرة دي ابتسمتله وقلت:
=على فكرة أنا مش الدكتور، أنا اسمي “شامي” بشتغل أثري تبع وزارة الآثار واحنا هنا بننقب عن موقع أثري، ضيف يعني..
كشر وبصلي باستغراب ورد:
-مش ممكن!
=هو إيه اللي مش ممكن، بقولك أنا مش هو، ده مجرد شبه.
-أنت مش نبيل؟
=لأ، أنا “شامي”.
-مش ممكن تكون حد تاني..
خبطت إيدي في بعض وقلت:
=لا حول ولا قوة إلا بالله.
-ثواني بس.

ساب اللي في إيده ومسك موبايله وفضل يقلب كتير…
لاا ما أنا معنديش اليوم بطوله لازم أتحرك على الموقع…كنت خلاص بدأت أفقد صبري لحد ما رفع الموبايل في وشي…
كانت صورة ليه وجنبه…أنا!
أنا اللي متصور معاه، لكن أنا مكنتش وجود ساعتها…
ده مكنش شبيه، ده نسخة مني، نفس الملامح والشعر ولون البشرة، لون العين ورسمتها، شكل المناخير والرفعة اللي فيها، والأورة الكبيرة والشفايف، الشفة اللي فوق اللي رفيعة بشكل ملحوظ عن اللي تحت والشعر المفلفل الفاتح، نفس التفاصيل، مكنش شبيه، مش شبيه!
اديته ضهري، مشيت من غير ما اشتري حاجة، تجاهلته وهو بيندهني…
مجبتش سيرة ل”جمال”، مردتش عليه حتى لما سألني ليه مجبتش فطار، فضلت ساكت طول السكة لحد موقع المقبرة، هقول له إيه، أنا نفسي مش فاهم حاجة…
ونزلنا المقبرة…

بقيت أشيل التراب من على الجدران بالفرشة وأقرا الكتابات…
الست دي…كانت حزينة…
الجدران بتحكي قصتها واللي واضح إنها كتبتها بنفسها، محتوى الكلام إنها كانت دايمًا حاسة بنقص، في فجوة جواها، والمشكلة إنها مكنتش تعرف مصدرها، إيه السبب في الإحساس بالوحشة، بتقول كمان إن الإحساس كل مدى كان بيكبر لدرجة إنه مبقاش محتمل، واتمنت تروح للعالم الآخر، تتحاكم قصاد ماعت في قاعة المحكمة وتتخلد في النعيم، من غير حزن، من غير مسؤوليات، من غير الفجوة…

مكنتش حاسس بحد حواليا، كإني لوحدي في المقبرة، لوحدي مع عضمها، مع قصتها، مع روحها، وده لإنها زي ما تكون كانت بتحكي عني، بتوصف نفس حالتي، طول عمري فعلًا حاسس بفجوة، شعور مظلم مش فاهم جي منين، ومفيش حاجة، مفيش لا صحبة ولا إنجاز في حياتي كان بيسد الفجوة اللي جوايا…
الموضوع حتى كان وصل أيام المراهقة إن أهلي جريوا بيا على دكتور نفسي بسبب الجروح البشعة اللي كنت بسببها لنفسي في كل جسمي، منها جروح عميقة احتاجت خياطة، فضلت اتعالج فترة محترمة عند الدكتور وكنت باخد أدوية…
خلصنا شغل لليوم ده ورجعنا على العشة اللي مأجرنها…
كل يوم بقضيه في المكان ده التقل اللي جوايا بيكبر ومزاجي بيسوء، إحساس الغربة والتوهان بيزيد…
………………….
المرة دي أنا اللي قمت على صريخ “جمال”، مكنش في الأوضة، لقيته خارج بيجري من الحمام…
سألته:
=في إيه؟
شاورلي بإيده وهو بيترعش ناحية الحمام…مشيت ببطء في اتجاهه، فتحت النور ولقيتها في وشي…
قطة قاعدة على الأرض….القطة كان شكلها جربانة، متمرمغة في التراب ونظرتها فيها تحدي، متهيألي إنها لما سمعت حركتي لفت عشان تبقى في اتجاهي..

طلعت من الحمام وقلت ل”جمال”:
=إيه في إيه؟
-مشوفتهاش؟
=القطة؟
-امال إيه؟
=طب وفيها إيه؟ قطة تلاقيها اتسربت من واحد من الشبابيك المهكعة ولا دخلت في رجلينا واحنا مش واخدين بالنا وكانت مستخبية في حته.
-أنت مش شايف بصتها؟ دي كإنها بتتحدانا، وبعدين هي كل دي صدف، المقبرة…الظواهر الغريبة اللي بتحصل معاك، الناس اللي بتتعامل معاك كإنهم عارفينك…الوجود اللي حسيت بيه جنبك وأنت نايم…
=عايز تقول إيه، لعنة فراعنة؟ عيب عليك، إحنا اللي نفكر بالشكل ده؟ محتاجين نقنع بعض إنها تخاريف؟ وإحنا المفروض أصحاب المهنة ومحترفين؟ واشمعنى المقبرة دي؟ ما ياما اكتشفنا مقابر وآثار، جت عالست الغلبانة اللي من عامة الشعب، واستعانت بأنهي ساحر دي بالكام ملطوش اللي كانوا معاها؟ دي صرفت اللي وراها واللي قدامها على تربتها…
وبينما أنا متحمس وبديله المحاضرة لفيت بوشي ناحية القطة ملقتهاش! اختفت…تمامًا، لا موجودة يمين ولا شمال ولا في أي مكان…

بلعت ريقي بالعافية بس مقولتلوش على اللقطة دي، عزة نفسي مانعاني!
برغم الفقرة المريبة دي لكن اللي سهرني وشغل بالي حاجة تانية خالص، رغبة ملحة، “نبيل”، لازم أوصل ل”نبيل”، لازم أقابله…
……………………………
اليوم اللي بعده خلصنا شغل في المقبرة على العصر ومن بعدها كانت مهمتي أدور على عنوان “نبيل” في القاهرة، لما رجعت وقبل ما أطلع البيت فضلت الف، من الحلاق للقهوجي للترزي للمكوجي، لحد ما حد دلني على شاب كان قريب من “نبيل” في الفترة اللي قعدها في الزقازيق، روحتله، كالعادة في الأول رحب بيا على أساس إني “نبيل” بعدين جتله صاعقة لما عرف إني “شامي”، قلتله إني محتاج أشوف “نبيل”، لازم أشوفه بنفسي بدل ما طيفه بيطاردني واسمه بيتردد كل ما حد يشوفني…
اداني العنوان…

المهمة بتاعتنا خلصت في “تل بسطة” ورجعنا القاهرة…
برغم تحمسي إني أروح ل”نبيل” لكن كنت مرعوب، قلبي بينبض بعنف كإنه هيخرج من صدري، وعشان كده استنيت يومين كاملين من وقت ما رجعت القاهرة قبل ما أروحله…
وجه اليوم…
وصلت قدام الشقة، وقفت لأكتر من دقيقة ببص على الباب، يا ترى حياتي هتبقى عاملة إزاي لما الباب ده يتفتح، كنت متأكد إن الباب هو الفاصل ما بين حياتي السابقة واللي جايه…
مديت إيدي ورنيت عالجرس…
الباب اتفتح، شفت إنعكاسي وراه…
“نبيل” هو اللي فتحلي…

اتحركت يمين اتحرك معايا، اتحركت شمال اتحرك معايا، رفعت إيدي رفعها هو كمان، كإني انعكاس ليه وهو إنعكاس ليا، بنعمل نفس الحركات في نفس التوقيت، الصدمة في وشوشنا واحدة، ضحكنا اللي انفلت ما بين شفايفنا واحد، نفسها النبرة…
قال لي:
-“مهند” كلمني وحكالي، بس مكنتش مصدق..
“مهند” هو صاحبه في الزقازيق اللي لجأتله وخدت منه العنوان…
كان جوايا شك واتأكد لما شفت “نبيل”…”نبيل” هو أخويا التوأم!
أنا ليا أخ توأم، اصل… أنا مش إبن أبويا وأمي البيولوجي، أهلي اللي اتربيت معاهم أخدوني من ملجأ وربوني، إنا زي ما بيقولوا إبن عمرهم…مش إبنهم الحقيقي..
ماوعاش على الدنيا قبلهم، معنديش أي ذكرى عن الملجأ، وده لإن كان عندي سنتين بس ومعرفتش بوجود أخ ليا، لكن مع الأحداث الأخيرة ابتديت أشك في ده…
أهل “نبيل” استقبلوني كإني ملك، بعد الصدمة استوعبوا هم كمان الموضوع، إني أخوه ، مكنش عندهم فكرة، إدارة الملجأ مبلغوهمش إن “نبيل” ليه أخ …قعدنا أنا و”نبيل” ساعات نتكلم، اتكلمنا في أي وكل حاجة، اكتشفنا إننا مش بس نسخة من بعض في المظهر، طباعنا، أذواقنا، اختيارتنا، كإننا رسمة بالميه اتطبعت على ورقة تانية…

لكن في جزء مقربتش منه، مرضتش أشاركه معاه، الجزء المظلم، الاكتئاب الحاد اللي كان عندي ونوبات الذعر والفجوة وفترة العلاج النفسي…
مكنتش عايز اسيبه، حاسس إننا بننتمي لبعض، إننا جزء من كيان واحد، لكن كان لازم أرجع بيتي، في النهاية كل واحد فينا ليه بيت وليه حياة وأهل مختلفين…
واجهت أهلي لما رجعت، دي كانت أول مرة أشاركهم الأحداث، مرضتش أتكلم معاهم غير لما اتأكد بنفسي واقابل “نبيل”…محتجتش إجابة، الدهشة اللي على وشوشهم كانت كفاية عشان اعرف، أبويا وأمي مكنوش مدركين لوجود توأم ليا، برضه الملجأ مبلغهمش زي ما خبوا على أهل “نبيل”…
……………………..
أنا كنت آخر واحد أنام في البيت…
كنت لوحدي في أوضتي، على سريري، لكن الوضع مستمرش كتير!
بعد ما نمت بوقت حسيت بوجود، على يميني وعلى شمالي، في شخصين جنبي، الاتنين كانوا ماسكين فيا وأنا كنت مشلول ما بينهم، عاجز عن الحركة، عن الصريخ والاستنجاد، بس…بعدها استرخيت، بعد ما كان جسمي قافش انبسط، وشفايفي كمان، ابتسمت، كنت متطمن وده في حد ذاته قلقني!
إيه الكيانات دي؟ وليه أنا متطمن لوجودها، والاكتر كمان، عايزها حواليا…
………………………….
تاني يوم علطول اتكلمنا، اتفقنا نتقابل، واتفاجأت بضيف مع “نبيل”، كان واحد صاحبه، صحفي، سمع قصتنا والظروف اللي اتعرفنا فيها على بعض، وكان مذهول، مش مصدق، ولما شافنا بقى مع بعض جاتله حالة ازبهلال… ده طلع صح، في نسخة متطابقة من صاحبه، واتقابلوا بسبب وجودهم بالصدفة في نفس المنطقة في فترات زمنية مختلفة، اللي وصلهم ببعض هو الربط ما بين الخيوط، حل الألغاز…

وأصر يكتب مقال عننا، يحكي قصتنا، وانا رحبت، يا سلام، يا هلا بالشهرة، مش ممكن أستفاد من وراها في شغلي؟
اتصورنا أنا ونبيل كذه صورة، وقصتنا مع الصور نزلت في مجلة….
الوضع بقى جنوني، سواء أنا أو أخويا جتلنا اتصالات بالهبل من مجلات وصحف مطبوعة والكترونية، وبرامج بقى وعروض، لكن الحقيقة أغرب رسالة كانت من نصيبي…
سبحان اللي خلاني أخد بالي من الرسالة اللي جتلي على صفحتي وسط عشرات الرسايل…
الرسالة كان نصها :
“إزيك يا شامي، أنا التالت بتاعكوا!”

“يتبع”

“الجزء الثاني والأخير”

“إزيك يا شامي، أنا التالت بتاعكوا!”
من قبل ما عيني تيجي على اسمه، في اسم معين شعشع في بالي….”مسعود”!
ولمحت الاسم وكان…”مسعود”…
من غير ما أدخل على بروفايله كنت متأكد إنه أخونا التالت، التوأم المتبقي، وده عشان قصة في الماضي، أحداث مكنتش قادر أفسرها في وقتها…
وقت ما اتنقلت لحي بسيط، وكل اللي فيه كان بينادوني ب”مسعود”، “مسعود” كان عايش قبلي في نفس الحي، نسخة مني، نفس وشي وجسمي وطولي باستثناء الحرق اللي في ركبته، واللي قال عليه المكوجي…
صدفة؟؟ هو في حاجة في الحياة اسمها صدفة؟
اتتبع آثار اخواتي التوأم من غير ما أدري؟ أروح نفس الأماكن اللي كانوا فيها، نتواجد وسط نفس الأشخاص والظروف، هل للناس اثر شبه العلامات اللي رجليهم بتسيبها في الصحرا ومن خلالها بنعرف مسارهم وبنقدر نتبعهم؟… الفرق إن الأثر مع إخواتي كان خفي، خفي للكل ومع ذلك مشيت وراه من غير ما أدري؟

واتكلمنا أول مكالمة، وصوته كان هو صوتي، كإني برد على نفسي، الفرق كان في الإسلوب، إسلوب “نبيل” أقرب لي، “مسعود” مختلف…
إحساسي مش قادر أوصفه، كم المشاعر اللي اتكاتلت عليا…كنت حاسس إن دماغي هتنفجر..
كنت مبسوط بدرجة عمري ما عيشتها، ومتوتر ومندهش، مش مصدق اللي بعيشه…
لا وكمان الفقرة لما عملت مداخلة مع “نبيل” من غير ما أقوله مين اللي بكلمه، ورد فعله لما عرف…كان سيرك شغال في التليفون، احنا التلاتة بنتكلم في نفس واحد، بنضحك وبنزعق، وأكيد اتفقنا نتقابل في أقرب وقت، يومها….
معادنا كان بليل عندي في البيت…
كنت بعد الدقايق عبال ما ييجوا…
لكن في حاجة كسرت الملل بتاع الانتظار…
باب أوضتي اتفتح وهبت ريحة قوية، ريحة..كولونيا… مش برفيوم عصري، كولونيا معتقة، لكن مكنش في حد!
كان ممكن أقول إن اللي فتح أبويا، لولا إنه مش بيحط الريحة دي ومش موجود في البيت أصلًا! لا هو ولا ماما، أنا كنت لوحدي وهم في زيارة لواحد قريبنا…
خرجت ببطء، وقفت على عتبة الباب، بصيت في الطرقة، مفيش حد…
إيه اللي بيحصل لي؟
شوية و”نبيل” جه وبعده “مسعود”، احنا التلاتة حضننا بعض، انفجرنا في العياط وبعدين ضحكنا، كل شوية حد فينا يبص للتاني ويضحك، إيه ده، كإنها أوضة مرايا بانعكاسات كتير!

فعلًا برغم التطابق في الشكل لكن “مسعود” كان مختلف شوية عننا، زي ما حسيت في المكالمة، مثلًا باين على مظهره والساعة الغالية اللي لابسها أنه أغنى مننا بكتير، بس في نفس الوقت من برضه ذوق اللبس وشكل الساعة مستواه الاجتماعي والثقافي أبسط، و مستوى تعليم أقل، كمان طريقته السريعة في الكلام ولهجته، وده منطقي، هو كان عايش في نفس الحي البسيط اللي اتنقلت ليه فترة مؤقتة وواضح انه اتنقل لمكان شبهه، هو ده نمط الحياة بتاعه، السؤال بقى، إيه قصة النقلة المادية، إزاي بقى غني؟
مش مهم، مش مهم، المهم إننا اتجمعنا تاني، ومفيش حاجة هتفرقنا…
أقول لهم؟ لأ، أنا ما صدقت لقيتهم، أخاف يطفشوا مني لو عرفوا الجوانب المظلمة فيا، الماضي بتاعي و…اللي بيحصل لي في الحاضر كمان، التهيؤات، هي تهيؤات؟
……………………….
كل يوم، كل يوم كنا بنتقابل، خلاص، مهما كانت مشغولياتنا اليوم مكنش ينفع يعدي غير بوجودنا مع بعض ولو لزقت قليل، وكتير كنا بنبات سوا، الحياة اتلونت، كإنها كانت أبيض واسود قبل كده، من غير طعم، من غير روح…
وفي يوم واحنا قاعدين، فجأة ومن غير مقدمات “مسعود” قال:
-ما تيجي نروح الملجأ بتاعنا!
= الملجأ ؟
سألته باستنكار وأنا حواجبي معقودة…

-اه، سهلة، ممكن أعرف من أمي أو أي حد فيكوا يعرف من أهله مكانه ونروح نشوفه، معندكمش فضول؟
=فضول لإيه بالظبط؟
– ليه فرقونا، ليه مقالوش لأهالينا إننا تلاتة، ومين أبونا وأمنا الحقيقين…
“نبيل” رد:
-أكيد، بس…الخوف إننا منكنش مستعدين، لا دلوقتي ولا بعدين، مش يمكن الإجابات تنكد علينا، إحنا مصدقنا لقينا بعض، وبعدين حياتنا مستقرة، وأهالينا بيحبونا ولقينا بعض، عندنا كل حاجة…
“مسعود” طلعت منه ضحكة سخرية ممزوجة بمرارة، فهمت منها إن وضعه مكنش زينا، حياته مش بالاستقرار بتاعنا، وأهله مش مثاليين…
أنا فضلت ثواني ساكت وبعدين قلت:
=أنا كمان عايز أعرف…
اللي مكملتوش في الجملة وكان جوايا، هو إني عايز أعرف إجابات ممكن تفسر حاجات كتير في حياتي، الاضطرابات بتاعتي، الظواهر الغريبة، تركيبتي…
يا ترى مين فينا هيكون صح، أنا و”مسعود” وهنرتاح فعلًا لما نعرف جينا منين، ولا يطلع “نبيل” اللي صح ونكون بنحفر في عش دبابير…
……………………………
اتفقنا نروح بعربيتي للملجأ، عديت الأول على “نبيل”، وشه كان مخطوف، طلب مني نقعد شوية صغيرين عنده قبل ما نعدي على “مسعود”…
دخلنا أوضته وقفل علينا الباب…
قعد، شبك إيديه، بص قدامه، فضل ساكت شوية، سكوت مريب قبل ما يقول:
-في…حاجة كده، حاجة مقولتلكمش عليها…
=إيه يا “نبيل” خضتني؟
-وأنا صغير، في مراهقتي، اتلميت على شلة كده مش تمام، كنت متمرد جدًا الفترة دي على أبويا وأمي برغم إني مشوفتش يوم وحش معاهم، هم عملوا أقصى ما عندهم عشان يحسسوني إني ابنهم بجد، عمرهم ما بخلوا عليا بحاجة، لا بفلوس ولا باهتمام، لكن اللي خلاني اتصاحب على العيال الفاقدة دي، زي…زي رغبة واحد إنه ينهي حياته بنفسه، بينتقم، متعرفش من الدنيا ولا من اللي حواليه ولا من الظروف ولا من نفسه هو…وبإرادتي، أدمنت…كنت بتعاطى معاهم أخطر وأبشع المواد، وصلت إني مبقاش واعي معظم الوقت، حتى إني كنت بعمل على نفسي زي العيال من غير تحكم، وأهلي بما إنهم طيبين وحقيقي بالنسبة لهم أنا ابنهم ودوني بالعافية مصحة علاج إدمان خاصة، قعدت هناك شهور، اتعافت جسديًا ونفسيًا، التعافي النفسي بمعنى إني كرهت المخدرات، وندمت، ومكنتش مستوعب إزاي أصلًا أدمنت واتعاطيت القرف ده، لكن… هل أنا بقيت كويس فعلًا، نفسيًا تمام؟ مظنش، لا ساعتها ولا لحد دلوقتي…
مكنتش مصدق اللي بسمعه، معقول الصدفة دي، أنا و”نبيل” نمر باضطرابات بشعة في نفس الفترة من عمرنا، ونفسها الضلمة، الاكتئاب مجهول المصدر…
نسمة هوا هبت فجأة بعد ما خلص، ريحة الكولونيا العتيقة…ومعاها شفت أطياف! شخصين، راجل بنضارة سميكة وشعر مسبسب وماسك كاميرة فيديو قديمة ومعاه ست لابسة نضارة عادية ومعاها كراسة وقلم..
الطيفين اختفوا..

بعدها قربت منه، حطيت إيدي على كتفه وقلتله:
=أنت مش لوحدك يا “نبيل”، اللي مريت بيه واللي جواك ولسه جواك هو برضه جوايا، وأنا كمان أهلي تعبوا معايا في نفس الفترة، كنت بجرح نفسي، جروح سطحية وعميقة وسعوا يعالجوني..
-الفجوة.
=الفجوة اللي مش بتتملي، اللي كبرت معانا، عندي زيها..
…………………..
عدينا على “مسعود” وروحنا مع بعض الملجأ…
كل المشرفين اللي قابلناهم في الملجأ كانوا شباب، أكبرهم راجل في الخمسينات، لكن أخيرًا في واحدة ظهرت…ست عجوزة، وشها اصفر لما شافتنا، ومظنش عشان تلاتة توائم وكده، الموضوع أبعد…
الست دي كانت أكتر واحدة بتتعامل برسمية معانا، كلامها كان قليل، سألناها عن وضعنا، وليه مبلغوش أهالينا إننا 3 توائم، ردت علينا بإنهم كانوا خايفين لو قالوا المعلومة دي يبقى في صعوبة في عملية الكفالة، بمعنى منلاقيش اللي يكفلنا لإن محدش هيبقى قد مسؤولية 3 أطفال مع بعض، كده أسهل وأحسن لينا…
إجابة منطقية لكن إحساس قوي كان بيقول لي إن في جوانب خفية تانية… وإسلوبها المريب هو اللي أكد لي…
ومن نظراتنا لبعض، إحنا التلاتة جالنا نفس الإحساس…
طلبنا منها نعرف ابونا وأمنا الحقيقين، قالت إن معندهاش فكرة عنهم…
يعني كده قفانا يأمر عيش، مطلعناش بحاجة مفيدة من الزيارة…
في الطريق شاركنا أفكارنا مع بعض، لكن “مسعود” زود على الشكوك بتاعتنا إنه حاسس كمان إن الست كبيرة بتكدب وإنها تعرف أهلنا…
طيب هتكدب ليه؟ إيه مصلحتها إنها تخبي علينا، قلبها علينا إياك؟ خايفة على مشاعرنا ولا إيه، ما لو كانت عارفه كانت قالت…
“مسعود” رجع اصر إنها في الغالب تعرفهم وقال كمان إنه هيعرف يجيب المعلومة منها بمعرفته…
وده كان وقته…سألته:
=انا أثري و”نبيل” دكتور، لكن إحنا معرفناش لحد دلوقتي أنت بتشتغل إيه؟
بصلي بلؤم وقال:
-أهو، تقدر تقول…رجل أعمال، شرا وبيع ومشاريع..
=ما شاء الله، شوية المشاريع دي روقت عليك، نمسك الخشب…
عنينا كانت بتحكي باللي جوانا، أنا وهو فاهمين بعض، لا دخل عليا موضوع رجل الأعمال ده ولا هو دخل عليه إني اقتنعت!
……………………………..
صدق! لقيت “مسعود” بيكلمني بليل متأخر وبيقول لي إنه جاب عنوان أمنا!
عايشة في قرية من قرى سوهاج، ومفيش أي معلومات عنها غير كده، إسمها وعنوانها…
كلمنا “نبيل” واتفقنا نروح لها كمان كام يوم، “نبيل” مكنش متحمس وأنا المرة دي معاه، واضح إن ظروفها بسيطة جدًا، وواضح برضه إنها اتخلت عنا بسبب الظروف دي، مش محتاجة يعني…

بعد المكالمة رجعت نمت تاني، بس ملحقتش، لقيت أبويا بيصحيني…
-قوم يالا…
=إيه يا بابا بس، في إيه؟
-الضيوف…
=ضيوف مين اللي جايين دلوقتي؟
-الضيوف يا “شامي”.
لقيت اللي داخل عليا في الأوضة، راجل لابس بالطو وماسك في إيده كاميرة فيديو وست ماسكة كراسة وقلم..
اتنفضت من السرير واستخبيت تحته!
لمحت أطرافي، رجلي وإيدي، كاتوا متغيرين، حجمي صغير، رجعت طفل…
مش عايزهم، مش مرحب بيهم الضيوف دول، مش عايزهم…
أبويا جرني من تحت السرير، الكاميرة اشتغلت والراجل ده اللي باين عليه دكتور ومساعدته كانوا بيراقبوني بعيون جامدة، وشهم مفيهوش تعابير، كإنهم تماثيل، مش مريحين أبدًا…
ماما دخلت علينا بلعبة المكعبات وفرشتهم قدامي عشان ألعب، بس أنا مكنتش بلعب، الغرض مش اللعب، كان عندي يقين بده، الضيوف الغير مرحب بيهم مش بيبطلوا يراقبوني، عنيهم مش بتتحرك من عليا، والست عمالة تكتب حاجات في الكراسة…
=هاااه
قمت من النوم وأنا بشهق، وشي مليان عرق… هم فين؟
فين اخواتي؟
اخواتي!
الوجود، على يميني وعلى شمالي، دول اخواتي!
الكيانات اللي بتحاوطتني وأنا نايم، دول أطيافهم، عشان كنا مش بنفترق عن بعض واحنا صغيرين، من وقت ما اتخلقنا في رحم أمنا ولحد ما تمينا السنتين، لما 3 أسر اتبنتا وافترقنا، كل شوية عقدة تتفك والأمور تبقى أوضح، الفجوة هي بسبب فراقي عنهم، الفجوة اللي مكنش ليها حل، مفيش حاجة بتملاها، وده سبب الاكتئاب الحاد اللي كان عندي واللي قل طبعًا لكن لسه موجود، معايا في كل مراحل حياتي، والفجوة كمان، حتى بعد ما شملنا اتلم، في صدع حصل جوايا ومش بيتصلح، معرفش إيه تفسير ده، هل حاجة روحانية، ولا الموضوع أبعد، التصاقنا ببعض، كوننا احنا التلاتة جزء من كيان واحد، مش مجرد رابط روحاني، ده رابط مادي وفيزيائي كمان، وعشان كده حصل لنا خلل لما افترقنا، والخلل أو الصدع ميتصلحش للآخر برجوعنا لبعض؟
………………………….
الطريق أخد أكتر من أربع ساعات بالعربية لسوهاج، كنا بنبدل مع بعض في السواقة، متكلمناش مع بعض غير شوية جمل بسيطة، كنا متوترين جدًا، منعرفش هنواجه إيه، أمنا دي عاملة إزاي وابونا، وهل عندنا إخوات، ويا ترى هيفرحوا لما يشوفونا ولا هيعاملونا معاملة الغُرب ويطردونا بالطريقة، أصلًا هيكونوا في نفس العنوان ولا عزلوا…
وأخيرًا وصلنا…

في حد عايش هنا؟!
دي أوض مش بيوت، أوض خشب، شكلها بدائي، حاجة كده بره المنطق…
خبطنا على بيت منهم، اللي فتح دلنا على البيت المقصود…
كان في دوشة رهيبة جايه من البيت، عيال كتير جوه…
فتحلنا عيل صغير، سألنا عن “فايزة”، مردش علينا، اتلفت ونده “يا جدتي”…
سمعنا رجل بتمشي زحف لحد عندنا، ست باين عليها الغلب، عنيها مقفلة، وشها مكرمش…
-مين؟
=ممكن ندخل؟
-مين؟
=هندخل بس ونعرفك..
شاورت بإيدها لجوه…دخلنا وقعدنا على حصيرة في الأرض…
بصيت بصة سريعة على كوم العيال، في حاجة مش مظبوطة، العيال كانوا كلهم تقريبًا متبهدلين، اللي رجله مكسورة وملفوفة بشاش واللي إيده مكسورة ومتركبله جبيرة، واللي عنده جرح في وشه بالطول، واللي ماشي بعصاية وبيحجل…
أول تفسير جه في بالي، إن العيال دي بتسرح…
والست جدتهم، اللي هي أمنا هي اللي مسرحاهم يشحتوا، رئيسة عصابة يعني!
“مسعود” قرب منها وبص لها في عنيها وقال:
-أنتي مش عارفة إحنا مين؟
-مش واخدة بالي.
مش واخدة بالها؟! طب مش شايفة التطابق اللي بينا؟ قدامها 3 نسخ، ده مفكرهاش بحاجة؟ إيه الست دي؟
رزعت فجأة جملتي…ألا وهي:
=إحنا ولادك يا حجة!
عنيها ضاقت أكتر، حطت إيدها على بوقها وقالت:
-يوه، أنتوا التلات عيال!
=ايوووه، إحنا ال3 عيال.
بلمت، وشها ضلم وقالت:
-وأنتوا إيه اللي جابكم؟
=كنا عايزين نعرف.
-تعرفوا إيه؟
=ليه؟ ليه اتخليتي عننا.
-العوزة، أنتوا مش شايفين أورطة العيال دي، دول أحفادي كلهم، عندي 6 عيال غيركم وخلفولي دول، فلما جوملي وقالوا ياخدوكم متنتش خبر، قلت تعيشوا وأعيش، كمان عشان القرشين اللي أخدتهم.
“مسعود” قال بعصبية:
-هم مين دول اللي جولك؟ وقرشين إيه؟
-الملجأ، قالوا إنهم بيشتغلوا في ملجأ وعايزينكم وأدوني فلوس، أقول لأ؟ مش يمكن ربنا يكرمكم بناس مستريحين ياخدوكم وياخدوا بالهم منكم؟
ملجأ بيدي فلوس عشان ياخد أطفال يرعاهم ويعرضهم للتبني؟ ده في أنهي عالم ده؟ هو إيه القصة بالظبط؟؟؟
“نبيل” كان صح،جذورنا متسرش أبدًا عشان نعمل المجهود ده في التدوير عليها!
لو كانت أمنا ست فقيرة وبسيطة مكناش هنبقى زعلانين، كنا هنبقى فخورين بيها، لكن دي…مش مسألة فقر، ده فقر أخلاق وانحلال، بتتعامل مع ولادها وأحفادها كمصدر للسبوبة مش أكتر، والدليل إنها باعتنا بمنتهى السهولة، لا وكمان كانت مرحبة، محسناش منها بأي ندم في اللي عملته ولا مثلًا كانت مضطرة تتخلى عنا بس صعبان عليها، دي معرفتناش غير لما احنا قولنالها، نسيت إنها كانت مخلفة 3 توائم!
أكتر واحد كان متأثر هو “مسعود”، كإن في حجارة كبيرة نزلت على راسه، واضح كده إنه كان بيدور على حاجة معينة وملقهاش….
………………………….
وإحنا راجعين “مسعود” حكى قصته، أول مرة كنا نسمع عن طفولته وماضيه…

-الأسرة اللي اتبنتني…كانوا على قدهم، أمي ست الكل، ربنا يبارك فيها، بس كانت مكسورة، ضعيفة أوي، ملهاش شخصية قدام المارد جوزها، واللي عمري ما اعتبرته أبويا، كان عندهم بالمناسبة ولد غيري أكبر مني بسنة واحدة، معرفش كانت فكرة مين فيهم يكفلوا طفل تاني وهم عندهم واحد، ده غير ظروفهم المنيلة، لكن اللي حصل هو إن النطع كان بيخلينا نسرق من الناس، محافظ، فلوس، ساعات، شنط، يمكن يكون ده السبب اللي خلاه يتبنى طفل تاني، سبوبة، ابنه مش كفاية مثلًا؟ وللأمانة هو كان عادل، بيعامل ابنه اللي من دمه نفس المعاملة الزفت بتاعتي، مش بيفرق ما بينا، ضرب، وإهانة، وشتايم طول الوقت، افتكر مرة جاب المكوة وهي سخنة وحطها على ركبتي، إيه المناسبة، عملت إيه، مش فاكر، مظنش عملت حاجة، هو كان من أنصار “دبح القطة”، بيرهبنا طول الوقت عشان منفكرش نخرج عن طوعه، وكبرت على كده، يدوبك اتعلمت القراية والكتابة وبعدها خرجني من المدرسة، التعليم الحقيقي هو الصنعة اللي شربهالنا، السرقة والنصب والاحتيال، ولما كبرت استقليت، وسبقتهم بمشاوير، الراجل مات أظن من الحسرة، كان مغلول من نجاحي، من قدرتي إني استغنى عنه… علاقتي بأمي وأخويا كويسة، بس ملهاش طعم، مفيش حاجة ليها طعم، لا في علاقات حقيقية ولا مشاعر، كل حاجة فارغة…. تعرفوا وأنا عيل عندي 15 سنة موت واحد! مكنش في نيتي، الراجل قفشني وأنا بنشله، مسك فيا جامد ومن الخوف سحبت موس معايا ودبيته في رقبته….دخلت الإصلاحية بعدها كام سنة، عارفين ليه كنت بدور على الماضي؟ عايز أعرف أهلي الحقيقين؟ عشان كان عندي أمل يكون أصلي طيب، أهو حاجة تشيل حاجة، وساعتها كان هيبقى عندي قناعة إني هرجع لأصلي، للحلال، للخير، للطيبة، حتى لو بعد زمن…لكن…هههه….أهو، طلعت مش فارقة، هم واحد، كلهم واحد، زي ما يكون محكوم عليا بقدر معين، مفيش مفر، زي الفار اللي محبوس جوه جردل معدن وفي نار متوجهة ناحيته، هيروح فين؟ هيفضل يجري ويحاول يهرب، بس هيروح فين من قدره؟
في اللحظة دي أدركت قد إيه مساراتنا شبه بعض…
مش بس توأم في الشكل والطباع دي كمان الطرق اللي مشينا فيها وإن بانت مختلفة…
الاضطرابات اللي عيشناها، الاكتئاب الحاد، الإدمان، الرغبة في أذية نفسنا، القتل، 3 وجوه لعملة واحدة، لو وجدت يعني…

“نبيل” رفع راسه كإنه افتكر حاجة وقال:
-هو أنتوا كان بيجيلكم زوار غرب كده وتصرفاتهم مريبة؟
قلتله وأنا قلبي بينبض بسرعة:
=قصدك إيه؟
-راجل ببالطو أبيض ونضارة تخينة ومعاه ست بتدون حاجات في كراسة، وهم بيراقبوا وبيصوروا فيديو…
أنا و”مسعود” اترسمت على وشنا نفس التعابير، هو ده! هو ده تفسير المشاهد اللي بتخيلها والأحلام، ريحة الكولونيا المعتقة، دي كلها… مشاهد من الذاكرة، أكيد عقلي دفن الذكريات دي عن قصد عشان كانت مزعجة…
فعلًا…كان في زوار غير مرغوبين بيزورونا على فترات من وقت ما وعيت على الدنيا ولحد أوائل المراهقة، كانوا بيقعدوا في صمت مريب، بيراقبوني، بيصوروا ويدونوا ملاحظات، أهلي قالولي إنهم قرايبنا وبييجوا يطمنوا علينا، لكن أنا مكنتش مصدق، مش فاهم بييجوا ليه بالظبط بس مدخلش عليا موضوع القرايب ده…
اتفقنا نسأل أهالينا عن الزوار دول، لازم نفهم إيه علاقتهم بينا وغرضهم من الزيارة…
وسألناهم…
عرفنا إن لما أهالينا جم الملجأ وخلال إجراءات الكفالة إدارة الملجأ اشترطت عليهم يكون فيه زيارات من مشرفين اجتماعيين عشان يتأكدوا من سلامتنا وإنهم بيعاملونا بما يرضي الله، يااااااا سلام، لا بجد؟؟
كل مدى بتوه أكتر، وبحس إن القصة أكبر بكتير من قدرات عقلي، قصتنا…
في الأول نعرف إنه خبوا على أهلنا إننا 3 وبعدين إنهم هم اللي اشترونا من أمنا وأبونا الأصليين وبعدين إنهم بعتوا دكاترة ولا معرف إيه يراقبونا ويدونوا عننا ملاحظات، هو إيه الحكاية؟
“مسعود” بقى غريب الأطوار، يوم عن يوم وشه بيضلم وبيبقى كئيب أكتر، ساب شعر دقنه من غير تهذيب وشعر راسه كمان، وعنيه، عنيه بقوا مرعبين، جواهم عمق غريب، غضب، أسى، حزن….
مهما حاولنا أنا و”نبيل” معاه مفيش، حاله زي ما هو…
“مسعود” قدر يجيب سجلات عننا، عن السنة اللي كنا فيها في الملجأ، فيها اسمائنا وأسماء الولاد التانيين، ومعاهم كمان ألبوم صور، وده عن طريق رشوة واحد من الموظفين هناك…
الصور والسجلات بينوا حاجة غريبة…

في نفس الوقت كان في عدد كبير من التوائم في الملجأ!
احنا بس اللي 3 توائم وكتير بقى توأمين…صدفة؟ مظنش..
متأكد إن دول كلهم الملجأ اشتراهم من أهاليهم زي ما حصل معانا، ليه، وإيه علاقة ده بالدكتور أبو كولونيا فايحة والمساعدة بتاعته؟
…………………………
-هجيب إسمه واسم الست اللي كانت معاه ولو بالدم!
ده اللي “مسعود” قالهولي، كنت مرعوب منه أكتر مانا مرعوب من نهاية الطريق الأسود اللي مستنيانا، يا ترى هنخبط في إيه، ويا ترى “مسعود” هيكون عامل إزاي ساعتها…
=مش مستاهلة يا “مسعود”، إحنا لاقينا بعض، هو ده المهم، نقدر نتحكم في حياتنا من هنا ورايح، نقدر نكون جنة بعض، على قد ما عندي فضول وعايز أفهم على قد ما أنا مدرك قد إيه المستخبي بشع، أيًا كان اللي حصل فينا هو بشع، انا خلاص تعبت، مبقتش عايز أعرف، كل اللي عايزه هو أنتوا….
هز راسه جامد وقال:
-مفيش احنا، مفيش، الضرر حصل من زمان ومش هيتصلح، الفراغ اللي فيا مش بيتملي، مفيش قدامي غير إني أعرف، ليه حصل فيا كده؟ ليه فرقوني عنكم، ليه حطوني مع شيطان في بيت واحد وسمحوله يدمرني؟
…………………………
“مسعود” هدد الست الكبيرة في الملجأ وأخد منها معلومات عن الدكتور……….
اتفاجأنا في يوم برسالة مبعوتة منه فيها عنوان…
أنا و”نبيل” إحساسنا مكنش حلو، خصوصًا إن “مسعود” مكنش بيرد على تليفوناتنا…
روحنا بسرعة على العنوان…
خبطنا على الباب، “مسعود” فتحلنا، متكلمش، مشينا وراه لحد…لحد ما لقينا راجل كبير متكتف…
“مسعود” وجهله الكلام:
-قول لهم اللي قلتهولي…
الراجل كان بيتشحتف، بيترجاه يسيبه…”مسعود” شخط فيه والراجل بدأ يحكي:
-أنا اسمي الدكتور “إمام” وكنت…بعمل دراسة كده بعنوان “الجينات و البيئة”… لو حد فيكم دخل أوضة المرايا اللي في الملاهي، هيلاحظ إن ليه انعكاسات كتير ، لكن الحركات مش متطابقة، الحركة بالإيد اليمين بتبقى بالشمال في مراية منهم، مرة بتواجه وشك ومرة ضهرك هو اللي بيبقى واضح، حتى لون بشرتك بيختلف حسب الإضاءة، عملنا الدراسة على عدد من التوائم، أخدناهم من أهاليهم اللي ظروفهم وحشة، الفقرا أو اللي جابوهم بطريقة غير شرعية، واتفقنا مع ملجأ عشان يقوم بالدور ده، هو اللي يبقى في الصورة، بالنسبة لكم مثلًا إحنا اللي اخترنا الأهالي اللي هيكفلوكم وده عن طريق إننا قلنا للملجأ يختاروهم ضمن الأسر اللي عايزه تتبناكم، اخترنا أسركم بالذات، اللي أهله مجرمين واللي أهله دكاترة واللي أهله موظفين، عشان نشوف تأثير البيئة عليكم، وهل هتطلعوا مختلفين ولا متطابقين في الطباع والتصرفات برغم البُعد والظروف المختلفة، وكنت بجيلكم وبتابعكم لحد ما الممولين سحبوا التمويل والدراسة وقفت…

“مسعود” قال بضحكة سخرية:
-والنتيجة طلعت إيه يا دكترة، كنت خلاص طلعت بنتيجة مش كده؟
الدكتور صوت عياطه علي وقال:
-50/50، انتوا التلاتة كان عندكم اكتئاب وتمرد تجاه أهاليكم والواقع بتاعكم، وكإنكم من جواكم كنتوا عارفين إن ليكم إخوات وإنكم اتفرقتوا عن بعض ورافضين بنسبة كبيرة بيتكم الجديد، لكن في نفس الوقت أهاليكم أثروا عليكم، كانوا زي كفة الميزان التانية اللي بتحاول تقاوم تقل كفة الجينات…
“مسعود” قال:
-ههههه، يعني أنا محكوم عليا بالإعدام، كفة فيها أبويا وامي الفقرا معدومي الأخلاق، والكفة التانية راجل معدوم المباديء والرحمة طلعني بايظ، مجرم ومعقد، مفيش فايدة….
“مسعود” طلع مسدس من بنطلونه وفي لحظات ضرب نار على الدكتور وبعدها ضرب نار على نفسه!
ملحقناش! قبل ما نستوعب أنا و”نبيل” اللي بيحصل كان الأمر تم، “مسعود”…مات…
………………………..
حياتنا كانت عبارة عن تجربة، لعبة في إيد ناس مدعي العلم، بيبدوا العلم عن الرحمة والإنسانية، يا ترى أدركوا الخلل الرهيب اللي عملوه في نفسياتنا لما فرقونا عن بعض؟

أنا دلوقتي واقف مع إبني في أوضة المراية جوه الملاهي، وكل الأحداث اللي في الماضي بتطاردني، برفع إيدي وبتحرك وبراقب إنعاكاساتي في كل المرايا…
الدراسة طلعت بنتيجة وهي إن تأثير البيئة 50% وتأثير الجينات 50%، لكنها مكنتش دقيقة لإن في عنصر تالت وهو “الإرادة”، برغم الصعوبة لكن الإنسان يقدر يعوم عكس التيار، هياخد مجهود، هياخد وقت، ممكن ميعرفش يعالج بنسبة 100% ظروفه اللي ساهمت في تكوينه لكنه هيعدل من التكوين على قد ما يقدر، هو اللي بنفسه هيحط حجر في كفة الميزان لحد ما يظبطه وعقله مش هيشت من إنعاكاساته الكتير في أوضة المرايا…..

“تمت”
#أوضة_المرايا
#ياسمين_رحمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط