
قصة عهد الشماشقه فوق يا بهاء، اللي مستنيك محتاج تركيز.
فوقت من النوم وانا في مكان ضلمة، بصيت يمين وشمال لقيتني جوة ترب والكلاب بتنبح حواليا، قومت من على الأرض ونفضت هدومي، وقتها سمعت نفس الصوت مرة تانية، والمرادي كان جاي من ضهري.. بلعت ريقي ولفيت جسمي، في اللحظة دي لقيتني قدام ست كبيرة في السن، واضح عليها العجز بسبب ضهرها المحني، بس ده مش مبرر لريحتها النتنة، ريحة تشبه الترب اللي احنا فيها، ومش بس كده، دي هدومها مقطعه، لا زالمرعب ان ايديها كمان مقطوعة، اما وشها فماكنش باين من الضلمة:
-ايه يا بهاء، انت مش عارفني؟
-وانا اعرفك منين يا ست انتي، وبعدين انا ازاي جيت هنا، هو احنا في حلم ولا في علم؟
-حلم.. حلم وهيتحقق يا ابن صباح.
-انتي عرفتي اسم امي منين؟
-أنا في حاجات كتير أوي اعرفها عنك وعن وحيد وعن صباح، جارتي وحبيبتي، بس نقول ايه، ولاد الحرام يحبوا يوقعوا بنا، وانا دلوقتي جايالك عشان ألم الشمل، الشمل اللث انفض بسبب سوء تفاهم.
طريقتها في الكلام وترتني وحسستني إن في مصيبة، لكن اللي ريح بالي شوية إني في حلم.. اه حلم وهصحى منه، بس انا وقتها سمعتها وهي بتكمل كلامها:
-ماتخافش يا ابن صباح، هتفوق وهتعرف الحقيقة، المهم انك تسمع كلامه، هو يعرف كل حاجة، واه، قبل ما امشي، انا هفضل اجيلك وانت صاحي ووانت نايم كمان.
فوقت من الحلم وانا على سريري وموبايلي بيرن جنبي، بصيت على اللي بيتصل لقيته أبويا، الحاج وحيد حمدان، رديت عليه وقولتله بصوت نعسان:
-صباح الخير يابا.
-صباح الفل والياسمين على دكتور بهاء، عامل ايه يا حبيب أبوك، واحشني صوتك يا ابن الغالية.
-فكرتني بالغالية الله يرحمها.. وحشاني والله.
-الله يرحمها يابني.. بس دلوقتي زمانها فرحانة بعد ما انت حققتلها حلمها.
-والله يابا دي كانت اهم حاجة عندي، اني احققلها حلمها، والناس في الرايحة والجاية يقولولي يا دكتور، طب عارف.. انا مابخليش حد يدعيلي انا وبقولهم يدعولها هي.
-طب ما تيجي البلد يابني وزورها في قبرها، ولا انت خلاص، هتسيبني وتقعد هناك كتير زي كل مرة، انا يابني خلاص، عضمتي كبرت وبيني وبين القبر خطوة، وانت بقالك كتير مانزلتش البلد، دي سنة كاملة يابني.
-ماتقولش كده يابا، انت الخير والبركة، ولو ماكنتش انا اجيلك، مين هيجلك يعني، وعشان خاطرك، انا هاخد اجازة من المستشفى وهاجي على طول، اه، ما انا كمان عشان عايز احكيلك حاجة غريبة شوفتها.
-حاجة ايه يا حبيب ابوك، قولي، انت كويس؟
-كويس والله يابا ومافيش حاجة، هو حلم صغير كده وعايز احكيهولك.
في اللحظة دي موبايلي رن، اللي بيتصل كان دكتور ممدوح، وعشان كده قولت لأبويا يقفل دلوقتي وأنا هكلمه بعد شوية، بعدها رديت على الدكتور وبلغني ان فيه حالة حرجة في المستشفى، وبعد ما قفلت معاه، لبست ونزلت، ويدوبك مسافة السكة وكنت وصلت المستشفى، غيرت هدومي ودخلت أوضة العمليات، وأول ما خلصت واتطمنا على المريضة والطفل، طلعت أطمن جوزها، أصله راجل غلبان، جاي مسافة كبيرة عشان خايف على مراته لا تروح فيها:
-مراتك بقت بخير دلوقتي.. تقدر تخش تشوفها في أوضتها بعد ما تخرج من العمليات.
-الله يباركلك يا دكتور بهاء، انا مش عارف اشكرك ازاي، أصل زي مانت عارف، الدكاترة قالولي ان الولادة ممكن تبقى سبب في موتها، بس انت سُمعتك سبقاك، وعشان كده جيتلك مخصوص.
وقتها حطيت ايدي على كتفه وقولتله بابتسامة هادية:
-لو عايز تدعي لحد بجد ومن قلبك، ادعي لأمي بالرحمة والمغفرة.
-الله يرحمها ويغفرلها يا دكتور، والجواب باين من عنوانه، شكلها كانت ست طيبه وبنت اصول، عرفت تربي وطلعت راجل زيك، الف شكر تاني يا دكتور، انا مش عارف اقولك ايه.
-ماتقولش حاجة يا راجل يا طيب، انا كده راضي.
في اللحظة دي سمعت صوت شخص بيتكلم.. شخص تاني غير الراجل اللي واقف قدامي، صوته كان مرعب:
-بس احنا عمرنا ما هنرضى يا دكتور، لأن مش ده اللي عايزينه.
-انتوا مين بالظبط؟
قولت أخر جملة بتلقائية أحرجتني قصاد الراجل، وقتها بصلي وهو مستغرب ومش فاهم أنا بكلم مين، وبعد ما حسيت بالإحراج استأذنته ومشيت، دخلت أوضة الدكاترة وغيرت هدومي، بعدها طلعت على مكتب مدير المستشفى، وعلى ما وصلت المكتب كنت اقنعت نفسي ان اللي حصلي ده مجرد تهيؤات من الضغط اللي عليا، وقتها المدير شافني شارد وانا واقف قصاده ومش بتكلم.
-ايه يا دكتور، مالك.. مبرق كده ليه؟
-أنا؟.. لالالا، أنا تمام يا دكتور بسيوني، أنا بس كنت محتاج من حضرتك خدمة.
-اجازة مش كده؟
-بالظبط يا دكتور، أبويا وحشني وعاوز أروح أشوفه.
-وأنا موافق، انت محتاج ترتاح شوية، وانا قولتلك كده كذا مرة، بس انت اللي دماغك ناشفة.
-معلش بقى يا دكتور، وانا عندي ايه غير الشغل.
-هقولهالك تاني يا بهاء، والمرادي بصفتي أبوك مش مديرك، انت محتاج تعمل عيلة، مش معقولة هتفضل لوحدك والعمر بيجري بيك، انت مش صغير يا بهاء وعندك 30 سنة، ومش بقولك كده عشان سنك، بقولك كده عشان مش عايزك تفضل لوحدك.
-واحنا لقينا بنت الحلال وقولنا لأ يا دكتور؟
-لو عايز هتلاقي، واديك نازل يومين اجازة، وكل اللي عايزه منك وقتها انك تقعد تفكر كويس في اللي قولتلهولك.
-انت تؤمر يا دكتور، حاجة تانية قبل ما امشي؟
-هتفضل كده، دماغك ناشفة ومش شايف نفسك، بس لأ، مش عايز حاجة.
-لا عايز، وانا عارف انت عايز ايه وهجبهولك معايا، عيش الشمس بتاع كل مرة، ولا نسيت يا دكتور.
رد وعلى وشه ابتسامة هادية:
– مش قولتلك مش شايف نفسك.
اسطوانة الهزار اشتغلت بنا، وبعد ما خِلصت استأذنت ومشيت ورجعت شقتي، جهزت شنطتي ونزلت خدت تاكسي لمحطة مصر، واول ما وصلت حجزت تذكرة درجة أولى للقطر المكيف، أصل السكة طويلة والجو حر، واهو، الواحد بينزه نفسه، بس كل ده جه على دماغي في الأخر، أصل لما ركبت القطر وقبل ما يتحرك بثواني، لقيت ست كبيرة جت قعدت جنبي، ريحتها نتنة وطريقتها مش حلوة، خاصة انها لازقة فيها ومش محترمة وجودي، ولما طلبت منها تخش شوية.. رفضت وقالتلي:
-انا بقعد كده، ولو مش عاجبك انزل خد القطر اللي بعده، انا مش ناقصة وجع دماغ.
-والله لولا انك ست كبيرة كنت عملت حاجات مش هتعجبك.
-لا اعمل ياخويا.. اعمل ووريني اخرك ايه.
-انتي ست قليلة الذوق على فكرة.
-وانت عيل خرع، وكفاية صداع لحد هنا، السكة طويلة وانا مش قادرة.
ماستنتش أسمع منها كلمة زيادة وقومت من على الكرسي، بصيت حواليا مالقتش مكان فاضي، دورت على الكمسري لحد ما لقيته، بعدها قولتله على كل اللي حصل، وعكس ما كنت متوقع، ماهتمش بكلامي وطلب مني ارجع مكاني، اتعصبت وقتها وقولتله بحس عالي:
-حضرتك انا من حقي اتعامل معاملة احسن من كده، ومن فضلك، قعدني في حتة تانية، انا مش هقعد جنب الست قليلة الذوق دي.
لما لقاني بزعق لم الموضوع وطلب مني أوريه انا قاعد فين، شاورتله ب ايدي على الكرسي وجه معايا، لقينا الست قاعدة مكاني وبتاكل، اتعصبت من المنظر وقولتله بزعيق:
-شايف بتعمل ايه، قاعدة مكاني وبتاكل، انا مش هسكت على فكرة.
-يا باشا اهدى وكله هيتحل، وانتي يا ست، تعالي معايا اقعدك في حتة تانية، مش ناقصين وجع دماغ واحنا لسه في أول الطريق.
سِمعت الكلمتين من الكمسري وقالتلي وهي قالبة وشها:
-راجل عايب بصحيح، بقى رايح تشتكي واحدة قد ستك، وانت فين لسانك يابن امبارح؟
-في بوقي، ولو قولتي كلمة زيادة انا مش عارف انا هعمل ايه.
-تعمل ايه وانت رايح تشتكيني لجابي القطر، أو الكمسري، ده لو ماتعرفش يعني ايه جابي.
-ومش عايز اعرف، كل اللي انا عايزه انك تقومي من هنا.
-وانا مش قايمة، ويلا فضوها سيرة، مافيش حاجة، وانت يابني، تعالى اقعد وعدي الطريق على خير.
-بعد كل ده وعايزاني اقعد جنبك!
في اللحظة دي الكمسري اتدخل في الحوار بينا وحاول يلم الموضوع:
-اقعد انت يا باشا وأول ما نوصل هنعوضك عن تمن التذكرة.
وقعدت، بس مش عشان تمن التذكرة، عشان عيون الناس اللي كانت بصالي بنظرة مهينة انا ماستحملتهاش، وفي وسط الطريق ووانا حاطط السماعة في ودني، حسيت ب ايد لمست دراعي، اتفزعت واستعذت بالله من الشيطان الرچيم، بصيت على دراعي لقيت ايد الست هي اللي لمستني وكانت خايفة وبتترعش:
-هيقبضوا روحك يا بهاء، العهد هيتنقض والتمن هيبقى دم.
-انتي بتقولي ايه يا ست انتي؟
-بقول اللي لازم تعرفه، انا عارفاهم كويس، الشماشقة دول اقوى انواع الجن، دول ولاد ابليس والأخطر بين العشاير، ولو مالقتش التضحيه، اعرف ان نهايتك هتبقى على ايديهم.
-انتي واعية باللي بتقولي ولا انا بحلم ولا في ايه بالظبط؟
-بتحلم، بس الحلم هيبقى حقيقة.
بمجرد ما قالت كده افتكرت اللي حصل امبارح وبلعت ريقي، رجعت ابصلها تاني لقيتها اختفت، كأن الأرض اتشقت وبلعتها، وقتها الكمسري قال اننا وصلنا، بس وصلنا ازاي، احنا من لحظات كنا لسه في نص الطريق، حتى الست، انا مش مستوعب هي راحت فين، في اللحظة دي قومت وكلمت الكمسري على تعويضي بتاع التذكرة، وسألته على الست اللي كانت قاعدة جنبي، وقتها لقيته ضرب كف على كف..
يتبع
عهد الشماشقة
٢
بمجرد ما قالت كده افتكرت اللي حصل امبارح وبلعت ريقي، رجعت ابصلها تاني لقيتها اختفت، كأن الأرض اتشقت وبلعتها، وقتها الكمسري قال اننا وصلنا، بس وصلنا ازاي، احنا من لحظات كنا لسه في نص الطريق، حتى الست، انا مش مستوعب هي راحت فين، في اللحظة دي قومت وكلمت الكمسري على تعويضي بتاع التذكرة، وسألته على الست اللي كانت قاعدة جنبي، وقتها لقيته ضرب كف على كف وقالي:
-لا حول ولا قوة الا بالله، انا سايبك من اول الطريق بتكلم نفسك وساكت، لكن اقسم بالله ما كان في حد جنبك ولا ست بتكلمك، بس انا عاذرك، أصل الكرسي ده بالذات ماتت عليه ست كبيرة، ومن ساعتها اللي بيحجزه مش بيجي أو القطر بيروح عليه، وكل اللي بيقعد جنب الكرسي ده بيقول نفس الكلمتين اللي انت قولتهم، حاجة تانية انا ماعرفش، وعن اذنك بقى عشان بينادوا عليا.
لسه كنت هسأله ازاي.. سابني ومشي، وبعد ما استوعبت اللي بيحصل وابتديت اهدى، خدت تاكسي لبيت أبويا، بس أول ما ركبت حسيت اني حران، كأني في جهنم على الأرض، من الحر جسمي تعب واغمى عليا، وقتها حلمت اني في بيت غريب وستات كتير حواليا، منهم امي اللي كانت لابسة سلسلة أول مرة اخد بالي منها، ومعاهم الست اللي شوفتها في القطر، كانت بصالي ومبتسمة، بعدها لفت وشها لأمي وقالتلها:
-واد.. واد وزي القمر كمان.
-وريني كده يا عزيزة، هو فين، انا عايزة اشوفه.
-اهو يا ست البنات، امسكي وسمي الله.
شالتني بين ايديها والدموع في عينيها:
-بسم الله الله واكبر، تسلميلي يا عزيزة، مش عارفة اقولك ايه، انا كنت خلاص فقدت الأمل وقولت اني مش هخلف.
-يوه، وعزيزة فين من ده كله، طالما عزيزة موجودة، يبقى مافيش ست الا وهتخلف.. المهم الحلاوة، اه، احنا هنعيش ازاي من غيرها.
-محفوظة.. محفوظة يا غالية.
فوقت من الحلم والسواق بيفوق فيا:
-فوق يا استاذ، فووق، انت هتلبسنا مصيبة ولا ايه.
فتحت عيني لقيت جسمي غرقان ماية والسواق خايف وباين عليه الارتباك، أول ما لقاني بقيت كويس حمد ربنا وقالي اننا وصلنا، بعدها نزل الشنط وطلب مني الحساب، حاسبته وخد بعضه ومشي، بعد كده شيلت الشنط وطلعت بيهم الدور التاني، خبطت على الباب وابويا فتحلي، وأول ما شافني خدني بالحضن وقالي:
-بهاء، حبيب ابوك، وحشتني يا ابن الغالية.
-انت اكتر يابا، ماتعرفش المكان هنا واحشني ازاي.
-المكان برضه.. يعني مش انا؟
-انت لسه فيك العادة دي برضه، والمكان يوحشني ازاي وانت مش فيه؟
-انت اللي عيل بكاش، تجيلي من السنة للسنة وتقعد معايا اسبوع، بعدها تاكل بعقلي حلاوة وتمشي.
-ابقى كداب لو قولتلك اني هقعد اكتر من كده، مانت عارف يابا، الشغل والعيانين مش هيستنوا.
-والله يابني ما عارف اقولك ايه، كل اللي هقدر اقوله ربنا معاك ويقويك.
-تسلملي يا بركتنا، المهم، طمني عليك.. طول الفترة دي كنت عامل ايه؟
-هكون عامل ايه يعني، يا قاعد هنا، يا بنزل اقعد على قهوة عمك فرغلي والعب عشرتين طاولة، بس خد تعالى هنا، ايه هي الحاجة اللي قلقتني بيها لما كلمتك.
رديت عليه والتوتر والخوف باينين في عينيا:
-بصراحة كده في حاجات بتحصل من امبارح غريبة.
-ما غريب الا الشيطان يابني، مالك؟
-ما الخوف الحقيقي لا يطلع شيطان فعلا، لأن اللي حصل ده مش طبيعي.
-يابني احكيلي وكفاية الغاز، وغوشتني اكتر مانا متوغوش.
حكيتله على كل اللي حصل، ووسط مانا بحكي كانت نظرات ابويا بدأت تتغير لنظرات كلها قلق، ولما خلصت، ابويا رد عليا بطريقة خلتني اشك في اللي بيحصل اكتر:
-الموضوع بسيط يابني، انت محتاج تصلي وتقرب من ربنا، وحادثة القطر دي ليها تفسيرات كتير، بس الاقرب انها روح وهايمة في العربية.
-والروح دي تظهرلي انا ليه، وازاي عرفت اللي حصل في الليلة اللي قبلها.
-ظهرتلك ليه.. اجابتها بسيطة، مش الكمسري قالك انك مش اول حد يقول كده، اما بقى عِرفت منين وازاي، فـ دي روح يابني، والارواح بيعرفوا اللي احنا مانعرفهوش، وزي مانا قولتلك، انت لازم تقرب من ربك.
-يعني انت شايف كده؟
-انا مش شايف غير اننا نقوم نصلي دلوقتي.
قومنا وصلينا، بعدها غيرت هدومي وريحت في اوضة ابويا لأن اوضتي ماكنتش نضيفة وانا عايز انام، عدى حوالي عشر دقايق وروحت في النوم، بعد كده فوقت وانا في نفس المكان الضلمة، جوة الترب، ونفس الست اللي كانت في القطر كانت واقفة بعيد وبتضحك، قومت من مكاني ونفضت هدومي، دورت على مكان اهرب منه مالقتش، كأن الترب أخرها حفرة، وقتها عرفت اني بحلم زي المرة اللي فاتت، بس لما حاولت أفوق نفسي، ماعرفتش، اما الست اللي واقفة بعيد، ف قربت مني وهمست في ودني بصوت واطي:
-بكده اقدر اقولك انك تحت طوعي.
-انتي مين بالظبط وعايزة مني ايه؟
-انا ستك عزيزة، وقريب اوي هتعرف الحقيقة.
-حقيقة ايه يا ست انتي، وليه بتظهريلي؟
-عشان عزيزة مابتنساش، حتى لو عدى على الموضوع 30 سنة.
مالحقتش ارد عليها والمكان اتبدل لنفس البيت الغريب، وقتها الست عزيزة كانت واقفة مع ابويا، هي مبسوطة وهو متوتر، وف لحظة الحال اتبدل ووش ابويا اتقلب لما سمعها بتقوله:
-الف مبروك يابو بهاء، يتربى في عزك ياخويا، مش هتحلي بوقي بقى، مانت عارف، عزيزة مابتسكتش.
-وانا قولتلك عينيا ليكي، وقريب اوي هراضيكي باللي انتي عايزاه.
-وانا مش عايزة الا حاجة واحدة انت عارفها كويس.
-مش هيحصل يا عزيزة الا على موتي، وكل اللي اقدر اقدمهولك هو مبلغ انا برتبله، غير كده، ماشوفش وشك هنا تاني.
-ده بدل ما تقولي شكرا على ابنك اللي جه بسببي.
-بسبب ربنا، ابني جه على وش الدنيا بسبب ربنا.
ردت على كلامه وهي بتضحك بحس عالي:
-والله وبقيت تعرف ربنا يا وحيد.
-انتي تخرسي خالص ومش عايز اشوفك وشك هنا تاني، واللي وعدتك بيه هدهولك، غير كده توريني عرض كتافك، انتي فاهمة.
-انا همشي، بس بمزاجي، لكن افتكر كويس ان عزيزة بتاخد اللي هي عايزاه.. عزيزة بتاخد اللي هي عايزاه يا ابن شكرية.
خرجت الست عزيزة من الباب وانا فوقت من الحلم عرقان، لكن لما فوقت، كان في صوت حاجة بتتحرك تحت السرير، بصيت بطرف عيني لقيت فار جري ودخل الدولاب، قومت اخرجه وفتحت الضرفة، لقيته نط في وشي، مسكته وحدفته بعيد عني، وبعد ما فوقت للي بيحصل، لمحت جوة الدولاب سلسلة شبه اللي شوفت امي لابساها في حلم قبل كده، خدت السلسلة وطلعت برة، كان ابويا قاعد وباصص للسقف بشرود، ندهت عليه عشان افوقه، ماردش عليا وقام من مكانه، دخل المطبخ وولع النور، مشيت وراه بخطوات بطيئة، وبعد ما دخلت وراه لقيته واقف وبيخبط راسه في الحيطة، اتخضيت من المنظر، بلعت ريقي وقربت منه عشان اشوف ماله، لقيت عينه بيضه وريحته وحشة اووي، خوفت منه ورجعت خطوتين لورا، خبطت في حاجة صلبة وطويلة، بصيت ورايا لقيت شخص لابس روب اسود مقطع، ايده وصوابعه طوال، حتى رجله كانت طويله ورفيعه، لما ركزت شوفت عينه من تحت الروب، كانت بيضه وابتسامته تخلع القلب من مكانه، بلعت ريقي من المنظر وعيني دمعت من الخوف، اما الكائن اللي قدامي ده، فقالي بصوت مبحوح:
-هيفوق وهتحكيله على اللي حصل، بس افتكر انك لو رفضت اللي احنا عايزينه، هتموت، ولما تموت، هتبقى تحت طوعنا.
قبل ما ارد عليه كان اختفى وابويا فاق، وقع على الأرض وطلب مني اساعده يقوم، قربت منه وانا ملهوف، وبعد ما قومته، سألته ايه اللي حصل، بس ماكنش فاكر أي حاجة، وقتها حكيتله على اللي شوفته، ولما خلصت، وشه اتقلب واتوتر وخاف من اللي حكيته:
-يا ابني اللي انت بتشوفه ده مُجرد تهيؤات مش اكتر.
-والسلسلة اللي انا شوفتها يابا، ايه؟.. هي كمان تهيؤات، ده انا اول مرة اشوفها كان في الحلم.
-يمكن لمحتها قبل ما تنام يابني فحلمت بيها.
-الدولاب ماتفتحتش وانا ماشوفتش حاجة على يدك، قولي يابا، مين عزيزة اللي عمال اشوفها دي.. طمني.
مسح ايده بوشه والحزن بان في عينيه:
-لا حول ولا قوة الا بالله، انا ماكنتش عايز اقولك على الحكاية من الأول، وماعرفش عزيزة بتظهرلك في احلامك ليه، بس اللي انا اعرفه انها دجالة كبيرة اوي في قرية ابو كف، القرية اللي انا اتولدت فيها قبل ما اجي اعيش في البلد نفسها مع امك، وعشان اهلي كانوا بيؤمنوا بالسحر والشعوذة، كانوا قريبين من عزيزة، زيهم زي اهل القرية الغلابة، ومن هنا عرفت انا عزيزة وقربت منها، دايما كنت بقولها انها دجالة وربنا هيحاسبها حساب عسير، لكن اللي في دماغها ماتغيرش، لحد ما نزلت شغل في البلد واتعرفت على امك، بعدها اتجوزنا وخدنا الشقة دي وعيشنا فيها، كنا مبسوطين والحمدلله، بس موضوع الخلفة سبب مشاكل كتير مع صباح، كانت خايفة اسيبها واتجوز غيرها، لكن انا يابني كنت بحبها ومستحيل اعمل كده لو حصل ايه، واهو، مع الأيام وفي الأخر صباح سمعت كلام واحدة جارتنا وعرفتها على عزيزة، عزيزة اللي اديتها عمل وقالتلها تحطه تحت المخدة وبعد شهر هيجي مرادها، وحصل، بعد شهر صباح عرفت انها حامل، من فرحتها حكيتلي على كل اللي حصل، في البداية اتعصبت وسيبتلها البيت، وبعد ما هديت رجعت قعدت مع صباح وقولتلها ان اللي حصل ده غلط كبير، والعيل ده من عند ربنا مش عشان الدجل، وان عزيزة دي مش كويسة، بس هي ماصدقتش وقالتلي انها ست غلبانة وساعدتها، لحد ما جه يوم الولادة وعزيزة هي اللي ولدتها، اه كنت متضايق، بس ماكنتش عايز اكسر بخاطر صباح في يوم زي ده، ويومها، بانت نوايا عزيزة لما طلبت مني عقد بيتنا اللي في القرية، بس انا رفضت، اه رفضت وقولتلها اني عمري ما هستغنى عن بيت اهلى لو حصل ايه، وكل اللي هقدر اقدمهولك اني هدبرلك مبلغ محترم، بعدها ماشوفش وشك تاني، وفعلا، اديتها فلوس ومن ساعتها وهي اختفت من حياتنا خالص.
-وماقولتليش الكلام ده قبل كده ليه؟
-ماكنش ينفع يابني، لأنه جهل وانت ابو العلم، انت دكتور، كنت هقولك ايه يعني، امك اقتنعت بالأعمال والسحر؟
-بس حاجة زي كده كان لازم اعرفها، لو مش عشان الجهل، يبقى عالأقل عشان دي حاجة تخصني.
-تعرف ايه؟.. تعرف اننا جيبناك بالأعمال والسحر؟.. هو ده اللي عايز تفهمه يا دكتور؟.. ان ماكنش ده تخصصك.
-انا مش مصدق كل اللي سمعته، ومش مستوعب انكوا اهلي اللي ربتوني على العلم والأدب.
ابتسم ابتسامة خفيفة كلها حزن ومعاها قالي:
-هو ده اللي كنت عايز تعرفه يا دكتور؟ كنت عايزني كل شوية اشوف نظرة زي اللي انا شايفها في عينيك دلوقتي دي؟.. لا يابني، أبوك مش جاهل وفاهم كويس انك نعمة من عند ربنا، مش عن طريق اعمال وكلام فارغ من ده.
يتبع
عهد الشماشقة
٣
ابتسم ابتسامة خفيفة كلها حزن ومعاها قالي:
-هو ده اللي كنت عايز تعرفه يا دكتور؟ كنت عايزني كل شوية اشوف نظرة زي اللي انا شايفها في عينيك دلوقتي دي؟.. لا يابني، أبوك مش جاهل وفاهم كويس انك نعمة من عند ربنا، مش عن طريق اعمال وكلام فارغ من ده.
-انا.. انا مش عارف اقولك ايه.
-ماتقولش، هو مافيش حاجة تانية تتقال.
خدت مفاتيحي ونزلت اتمشيت شوية، كنت بفكر في كل اللي سمعته، ووسط مانا سارح وشارد لقيت واحد وقفني في نص الشارع، جسمه نحيف ووشه رفيع لدرجة ان عينه طالع لبرة، اتخضيت من منظره ورجعت خطوتين لورا، اما هو، ف ابتسم وبصلي من فوق لتحت وحط ايده على دقنه وقالي:
-الحقيقة مش كاملة حتى ولو كانت مقنعة.
-انت مين يا راجل يا مجنون انت عشان توقفني في نص الشارع وتقولي كده؟
في اللحظة دي برق بعينه ورد عليا بعصبية خلت عروق جسمه تتشد.
-كلها ساعات وهتبقى تحت طوعي، الشماشقة مستنين.. مستنين قربانهم.
ويدوبك بربشت بعيني واختفى، كأن الأرض اتشقت وبلعته، وقتها ضربات قلبي عليت ولقيت دم نزل من بوقي، وقعت على الأرض من التعب واغمى عليا، لكن لما فوقت، فوقت على صوت ابويا وهو بيفوقني وسط الشارع، كان في ناس كتير واقفين حوالينا بيتفرجوا، منهم واحد ضرب كف على كف وقال:
-لا حول ولا قوة الا بالله، الضاكطور اتجنن يا ولاد.
ابويا قومني وسندني للبيت، طلعنا الشقة وفرد جسمي على السرير، بعدها شد كرسي وقعد جنبي، بص لي بنظرة كلها خوف وقلق عليا وسألني:
-انت.. انت شوفت ايه تحت؟
رديت عليه والكلمة بتطلع مني بالعافية، بسبب الألم اللي كنت حاسس بيه:
-انت مخبي عليا ايه تاني؟
-بقولك ايه، انت لازم تمشي من هنا ودلوقتي، انا كنت فاكر بمجيتك وقعادك جنبي هقدر احميك، لكن لأ، انا طلعت هأذيك أكتر وهم مش هيسيبوك.
-هم مين دول؟، ومين الشماشقة اللي الراجل اتكلم عنهم؟
-مش مهم تعرف، المهم انك لازم تاخد اول قطر راجع مصر، انا ممكن اروح فيها لو جرالك حاجة يابني، انت مش عارف هم قادرين يعملوا ايه.
-وانا مش همشي غير لما افهم اللي بيحصل حواليا بالتفصيل، انت مخبي عليا حاجة كبيرة وانا عايز اعرفها.
-مش هينفع، السر ده انا بقالي سنين بحاول اخبيه، ونجحت فعلا، بس التمن كان غالي اوي، واديني بدفعه دلوقتي اضعاف ما كنت متخيل، واهو، الأذى بدأ يطولك وانا مش هسمح بده، حتى لو كان دمي هو العلاج.
-كلامك كبير ومش مفهوم، قولي وطمن قلبي، مين اللي بشوفهم، وعزيزة مالها ومال اللي بيحصلي!
-عزيزة دي أنا السبب فيها، ولولايا ماكانش هيحصل ده كله، المهم دلوقتي انك تمشي قبل نص الليل.
-وانا مش همشي غير لما اعرف الحقيقة كاملة.
-يابني ماتوجعش قلبي وامشي، انت ماتعرفش عزيزة عملت ايه.
-يبقى تعرفني وتفهمني مين عزيزة وايه علاقتها بيكوا، قصتك ناقصة يابا، وانا عايز اسمع بقتها.
بص على الأرض وخد نفس عميق، ومن بعد ما اتنهد اتكلم بصوت حزين:
-بص يا بني، انا راجل يتيم، لا كان ليا اهل، ولا اعرف يعني ايه عيلة، الشارع رباني واهل القرية عطفوا عليا، منهم الشيخ درغام، كان قدوتي في الدنيا ونفسي اطلع زيه، وف يوم اتشجعت وروحتله، قولتله اني نفسه اتعلم والناس تحبني زي ما بتحبه، وقتها قالي جملة مش هقدر انساها “الناس هيحبوك لو حصلهم مرادهم، حتى لو انت مش السبب فيه”.. ومن ساعتها واعتبرني ابنه، رباني وكبرني، اتعلمت من تحت ايده شغل الدجل والشعوذة، وكل ده عن طريق كتاب سحر بيقولوا ان جني من قبيلة الشماشقة اللي كتبه، ودول اكبر قبيلة جن قدرت تسيطر على البشر وتسكن فيهم، بس انا ماكنتش خايف، لأن الموضوع كان سهل وبسيط، ينفذوا الطلب وياخدوا مرادهم، وفضلت بتعلم لحد ما عدى على الحال ده سنين والشيخ درغام مات، وبموته، ورثت عنه الهبة والناس بقت تحبني، لدرجة اني بقيت بطلع برة القرية اساعد الغير وكله للخير، وفي يوم، جتلي واحدة اسمها عزيزة، قالتلي اتعلم تحت ايدك وابقى خاتم في صباعك، وقتها افتكرت اللي عمله معايا درغام زمان ووافقت، علمتها وبَقت معجونة في الشغلانة، لحد ما في يوم الموضوع كبر و القربان بقى دم.. لما عيل من العيال مات تحت ايد عزيزة، حلفتلي انها ماكنتش تقصد وانهم هم اللي كانوا عايزين كده، ماصدقتهاش وكل اللي جه في دماغي اني ابلغ عنها، بس ماكنتش عارف اقول ايه لأن الموته كانت طبيعية ومافيهاش اي شك، ضميري وجعني وحسيت بالذنب، بعدها اتعرفت على امك وقربت منها واتجوزنا وبعدت عن الشغلانة خالص، وده اللي خلى عزيزة تقلب عليا لأنها كانت بتحبني وعايزاني ليها، بس انا عمري ما فكرت فيها ولا جت على بالي، ولما هي عِرفت عن جوازي والمكان اللي انا فيه، جت البلد تطقس وتعرف ايه اللي بيجري من وراها، وبعد ما عرفت عن موضوع الخلفة عملت خطتها وقربت من صباح، ولما قربت منها اكتر فهمتها ان في ايديها الحل وعملتلها عمل، وفي يوم انا عرفت عن العمل لما لقيته تحت المخده، العمل ده ماكنش للخلفة يابني، ده كان للتفريق بين اتنين، فبطلت العمل ومارضتش اكسر بخاطر امك، بعدها هددت عزيزة لو قربت منها تاني هقتلها، لكن من حظها الحلو ان بعد شهر عرفنا ان امك حامل فيك، وطبعا عزيزة استغلت الموضوع وفي يوم الولادة جت وولدِتها، بعدها جتلي وقالتلي انها هتسكت ومش هتقولها عن الماضي بتاعي بس على شرط، وهو انها تاخد الكتاب مني، لكن انا طبعا رفضت، قولتلها اني هديها قرشين وتسكت، بس هي صممت على كلامها، وفي الأخر ماكنش قدامي غير اني اديهولها، وعشان اضمن انها مش هتقول، حصنت نفسي بعهد، لو حد نقضوا بيننا هيموت، وفعلا، من ساعتها وعلاقتي بعزيزة مقطوعة، لحد ما نفوذها زاد عندهم، والعهد من بعد نص الليل هيتنقض، والتمن هيبقى واحد من عيلتنا يابني، وعشان كده كلمتك عشان احميك منها، لكن.. لكن انا ماعرفش اني بالطريقة دي بأذيك اكتر، انت لازم تمشي دلوقتي، ماحدش عارف ايه اللي هيحصل، عزيزة من يومها والشر طايلها، لا عندها عزيز ولا غالي.
-هو بعد كل اللي عرفته منك دلوقتي وعايزني اسيبك؟
-لازم تسيبني، انا مش هستحمل لو جرالك حاجة، لكن انا عضمتي كبرت والحل ان افدي نفسي، الدم دايما معاهم هو العلاج والحل يابني.
-وانا مش هسيبك يابا.
-لا هتسيبني، ومش بمزاجك، ده غصب عنك.
وفي نص الحوار سمعنا صوت ست بتضحك ورانا، بصينا عليها لقيناها عزيزة، بلعت ريقي بصعوبة وقولتلها:
-انتي عايزة مننا ايه؟
-عايزة كتير، ستك عزيزة عمرها ما عازت وماخدتش، الا مرة واحدة، لما قربت من ابوك، ولما حبيته غَدر ومشي، اتجوز صباح، ست من طينه تانية ومش شبه اللي بيعمله.
-وتاب، عايزة ايه اكتر من انه رجع عن اللي بيعمله وقرب من ربه.
ضحكت بحس عالي وكملت كلامها:
-شكله ماقالكش ان صباح عمرها ما حبيته في يوم من الأيام، وهو اللي غواها بسحره وقرب منها.
بصيتله بنظرة كلها غضب وكملت كلامها:
-مانا كنت قدامك سنين طويلة، بسمع كلامك وبنفذه، واخرتها، حبيت ست تانية غيري، حتى الشغلانة اللي جمعتنا سيبتها، وكل ده عشان ترضيها.
-كدابه، انا عمري ما حبيتك ولا فكرت فيكي، انا عملت معاكي اللي عمله درغام معايا، لا اكتر ولا اقل، لكن انتي ماسمعتيش كلامي واستخدمتي الدم عشان فلوسه اكتر، وانا من يومي الاول قولتلك، دم لأ يا عزيزة، دم لأ، ومن بعدها وعلى اتفاقنا كملنا طريق.. طريق انتي قطعتيه بعملتك وقتلك لواحد مالوش ذنب.
وبعدها وجهلي الكلام والدموع في عينيه:
-ماتصدقهاش يابني، انا حبيت امك بجد وحطيتها جوة عينيا، ولو عايز أذيتها كنت كملت في شغلي من غير ما هي تعرف.
ماكنتش مستوعب اللي بيحصل، لساني اتشل ومابقتش اعارف انطق، كنت باصص لابويا وانا خايف، مين ده؟.. هو ده ابويا اللي رباني وكبرني، ولا راجل تاني انا ماعرفوش؟.. مش عارف، كل اللي اعرفه اني مش قادر اقعد قصادهم اكتر من كده ولازم امشي، بس قبل ما اخرج بره الشقة سمعتهم بيهمسوا جوة ودني بصوت واطي، طب هم مين؟… الشماشقة، واحد منهم ظهرلي ووقف قدامي، جسمي اتخشب وماكنتش عارف اتحرك، وقتها وبطرف عيني بصيت على الساعة لقيتها 12 بليل، ومع نظرتي للساعة الكائن اللي قدامي اتكلم وقالي:
-العهد اتنقض ولازم واحد يموت، واحنا مش هنموتك، عشان انت هتسمع كلامنا وهتبقى تحت طوعنا، زيك زي وحيد زمان.
بعد كلامه وف لحظة المكان اتبدل ولقيت نفسي في المقابر، بصيت قدامي شوفت تربة عيلتنا اللي امي مدفونة فيها، والكائن اللي كان معايا من لحظات كان واقف جنبها، ماسك سكينه ومبتسم، وبإشارة من ايده باب التربة اتفتح وانا رجلي شالتني واتحركت ناحيته، وقفت قدامه وانا مستني قدري.. الموت، وفعلا، الكائن اللي قدامي رفع السكينة، من الخوف غمضت عيني ونزل بيها على رقبتي، لكن الغريب اني ماحستش غير بحاجة دافيه اتنطرت على وشي، فتحت عيني لقيت ابويا سايح في دمه، نزلت على ركبتي وانا مصدوم، وساعتها سمعت صوت عزيزة وهي بتضحك ورايا، بتتغنى بموت ابويا، اما الكائن اللي قدامي، فاختفى وكل حاجة رجعت طبيعية، بصيت حواليا لقيتني في البيت وابويا بين ايديا، اتصلت بالإسعاف وجم، كشفوا عليه وقالولي انه مات بأزمة قلبية، مايعرفوش ان في ايد كانت سبب في موته، ايد هو كان متعاون معاها زمان ودلوقتي هي سبب في موته.
وبس.. بعد اللي حصل رجعت مصر مرة تانية ونزلت الشغل ومارست حياتي بشكل طبيعي، لكن.. لكن امبارح بالليل بس حلمت بعزيزة وبالكائن اللي شوفته.. شوفتهم في أوضتي وبيشاورا لي على دولابي.. ولما صحيت من الحلم او الكابوس وروحت ناحية الدولاب وفتحته.. شوفته.. الكتاب.. كتاب الشماشقة.. وبمجرد ما عيني وقعت عليه سمعت صوت من ورايا بيقولي.. (أهلًا بيك ياابن وحيد.. اجهز للعهد الجديد.. دم أجنة عن طريق عمليات إجهاض وقصادها فلوس كتير.. أظنه عرض مايترفضش!).
***************
دي كانت مذكرات الدكتور بهاء وحيد.. دكتور النسا الفاسد اللي انتحر في عيادته بعد اكتر من ١٠٠ عملية إجهاض!
تمت بحمد الله.