قصص

قصه شقة السيده زينب (كامله)

قلوب البشر ماتت، في يوم وليلة ممكن تلاقي نفسك في الشارع عشان راجل قلبه مات ادعى سقوط العمارة، وده عشان ايه!!.. عشان العمارة ايجار قديم، وبسبب انها ايجار قديم، صاحب العمارة كان شايف إن اللي بيتدفع من ايجار كل شهر قليل، وقال ايه.. اللي ماعندهمش ضمير كتروا.
الباب كان بيخبط.. أقصد الباب كان بيرزع بشكل مُرعب، عزة بنتي جريت تفتح الباب، لكن أول ما الباب اتفتح عزة قعدت تعيط، كنت أنا وقتها وصلت لباب الشقة عشان أشوف ايه اللي بيحصل.
– انتي سندس علي؟
ده كان صوت ظابط بيكلمني، ده غير العساكر اللي كانوا حواليه، وقتها رديت وانا متوترة…
– أيوه أنا سندس يا باشا، في ايه.. هو أنا عملت حاجة؟!
وشه كان حازم وهو بيقولي..
– حضرتك تلمي هدومك والعفش بتاعك وفي ظرف ساعتين تتنقلي من هنا.. البيت مهدد بالسقوط ومعانا أمر بالإخلاء حالا.
صرخت فيه لدرجة إني نسيت انا بكلم مين…
– بس ده ظلم، مرعي الحيوان ده هو السبب في كل اللي بيحصل، البيت سليم وزي الفل، أنا طلبت منه مليون مرة اتني أعلي الإيجار واعيش هنا في بيت جوزي بس هو رفض، بقى دي اخرتها، بعد سكن السنين يعمل فينا كده!!
– الكلام مابقاش ينفع يا استاذة سندس، حضرتك ممكن تبتدي تلمي حاجتك من دلوقتي وتتصلي بعربية تنقلك العفش، ولو ماتعرفيش، فاممكن حد من العساكر يساعدك، أنتي جوزك ميت وإحنا في خدمتك بإطار القانون.
شاور لعسكري من العساكر وقاله…
– يامحمد، عايزك تقعد قدام باب الشقة هنا لحد ما الاستاذة سندس تخلص.. ولو طلبت مساعدة، ساعدها.
– تمام يا فندم.
الظابط وباقي العساكر طلعوا للدور اللي فوقينا إلا العسكري محمد، العسكري محمد اللي فتح معايا كلام لما لقاني بعيط، ايوه انا كنت بعيط لأني مش هقدر ألاقي بيت في وقت زي ده وانا وبنتي هنبات في الشارع، ده احنا حتى مش هنلاقي حد نبات عنده لإني مقطوعة من شجرة.. ومع عياطي اتكلم العسكري وقالي…
– بصي يا ست سندس، انا عندي واحد عايز يأجر الشقة خمس شهور لأنه مسافر، بس هياخد الخمس شهور مقدم، بس ايه، سعرها لُقطة بالنسبة للأسعار الموجودة دلوقتي، فممكن حضرتك تخلصي لم حاجاتك وأنا هكلملك عربية ونطلع على المطرح ده، هو في السيدة جنبينا، مش بعيدة.
ماكنش قدامي حل تانية غير إني وافق، يمكن ربنا بعتلي العسكري ده عشان يبقى سبب إني ماترميش في الشارع.
لميت حاجتي لحد ما العربية وصلت وأخدت العفش بتاعي كله، بعدها اتحركنا أنا وعزة ومعانا العسكري بعد ما استأذن من الظابط انه يوصلني الشقة ويرجع.
طلعنا على البيت الجديد، قابلت الراجل اللي هيأجر الشقة، كان محترم جدّا، يمكن أنا ماكنتش متوقعة إن ربنا هيحلها بسرعة كده، لا وكمان السعر كان حنين زي ما العسكري قال، وافقت فورا بعد ما بصيت على الشقة، كانت تشبه الشقة القديمة شوية، وبعد ما مضينا العقود وبعد محايلات عشان ياخد القرشين الزيادة اللي معايا، مش إيجار خمس شهور زي ما كان قايل، طلعت حاجتي فيها وراضيت العسكري محمد بقرشين لإنه تعب معانا جامد، بعد كده قررت اظبط الشقة واروقها لإني كده كده فاضية، لا عندي شغلة ولا مشغلة، يدوبك عايشة على معاش جوزي الله يرحمه.
عزة اختارت الأوضة بتاعتها.. أوضة كانت مقفولة ومتربة، كان فيها دولاب قديم شوية، وده كان كويس لإني هنضفه واسيبه لعزة، لكن التنضيف كان مُجهد أوي، وبعد معاناة لساعات، خلصت أخيرًا تنضيف، كل حاجة اتنضفت وماتبقاش غير الأوضة اللي اختارتها عزة بنتي.. لما دخلت روقتها وفي نص الشغل فيها تعبت وطلعت بره أرتاح شوية، فضلت أدور على عزة كتير لكن مالقتهاش، بعدها سمعت صوت جاي من الأوضة، دخلت الأوضة وأنا بنده بصوت واطي…
– عزة، انتي هنا يا عزة؟
ماردتش!، بلعت ريقي ومشيت ورا الصوت اللي كان جاي من الدولاب، مشيت بخطوات بطيئة وانا بقول بصوت واطي…
– أعوذ بالله من الشيطان الرچيم…
فتحت الدولاب بهدوء، ومع فتحته لقيت حاجة نطت عليا، من الخضة وقعت انا والشيء ده على الأرض، ومن الرعب، ماكنتش قادرة أفتح عيني أشوف في ايه، لكن لما سمعت صوت عزة بتتكلم فتحت عيني..
– ينفع كده ياعزة، ينفع تخضى ماما كده؟!
ضحكت وقالتلي…
– بس اتخضيتي يا ماما، صح؟.. اتخضيتي.
قلبت الموضوع هزار وشيلت عزة على كتافي وانا بقولها…
– بقى في بنت عندها 8 سنين وقمر زيك كده، تخض امها اللي بتحبها بالشكل ده.. بس لأ، أنا هردهالك على فكرة.
شيلت عزة وخدتها على السرير، بعدها قعدت جنبها وانا بلعب في شعرها، عزة كان لسه فيها حيل تلعب وأنا بصراحة ماكنتش قادرة من اجهاد اليوم، وقتها وبحزن شديد افتكرت جوزي الله يرحمه والشيلة اللي شيلتها لوحدي من بعده، بس يلا الحمدلله، ده نصيبي.. بصيت لعزة وقولتلها بهدوء…
– نامي بقى ياحبيبتي، اليوم كان مُتعب اوي، أنا عارفه انه كان غريب، بس ربنا بيحلها من عنده.. طب تعرفي، انا بكرة هخرجك خروجة حلوة اوي، يلا اتبسطي ونامي بقى.
كل ده وعزة ماكانتش بترد، من الواضح اني سرحت شوية، بصيت عليها عشان أشوف مالها لقيتها راحت في سابع نومة، ابتسمت وقتها وبوستها من خدها، بعدها قومت بهدوء وطلعت من الأوضة وقفلت الباب ورايا، أول حاجة عملتها هي اني روحت المطبخ عشان أعمل فنجان قهوة.. ماكنتش قادرة وقتها أركز في أي حاجة بعد تعب اليوم، وكان العلاج بسيط، فنجان القهوة والموضوع انتهى.. عملته وطلعت بره، قعدت على الكنبة وحطيت الفنجان قصادي على الترابيزة وأنا شاردة، كان عندي احساس إن في مصيبة هتحصل، لكن بهدوء خدت الفنجان من عالترابيزة، ومع أول بوء من الفنجان سمعت صوت حاجة بتتحرك جوة، الصوت كان جاي من أوضة عزة.. اتمشيت للأوضة بهدوء وأنا في ايدي الفنجان، فتحت الباب بهدوء وأنا لسه سامعه إن في صوت حد جوة بيتحرك، حسيت وقتها إن عزة بتعمل فيا نفس المقلب بتاع المرة اللي فاتت، فتحت باب الأوضة وانا بقولها بضحك…
– مش كل مره بقى يا زوزا.. نامي بقى اليوم طويل.
لكن عزة كانت نايمة فى السرير، بدأت أحس بالخوف، كده في حد غريب معايا أنا وبنتي دلوقتي في الأوضة، وفعلا، ده اللي اتأكدت منه لما شوفت خيال شخص طويل عدى قصاد الدولاب، أما أنا، ففنجان القهوة وقع من ايدي لأن الشخص المرعب ده قرب مني، كان جسمه أسود تماما، مبتسم.. ايده كانت بترتجف، فقدت النطق وقتها، لا كنت قادرة أصرخ، ولا حتى استنجد بحد، وفيزلحظة، حسيت بحاجة ساقعة قربت مني وبدأت أفقد الوعي.
صحيت لقتني واقعة على الأرض وفي حاجة لزجة على رجلي، حسيت إحساس مقزز بسبب الدبان اللي كان مالي المكان ومتجمع على بواقي القهوة اللي على رجلي، بعدها حسيت بحاجة دافية نقطت على وشي، ودي كانت دمعة من بنتي لإنها افتكرت اني مُت، قومت طمنتها وقعدنا نهزر شوية عشان انسيها اللي حصل، بس فجأة بدأت تحكيلي انها صحيت على صوت غريب كان في الأوضة، ولما بصت، لقت حد شكله مرعب، أول ما شافته وهو بيلمسني وانا وقعت على الأرض، افتكرت اني خلاص مُت.
عزة كملت عياط، لكن بسرعة خدتها في حضني وفضلت اطبطب عليها، كانت مصدومة وكان لازم أمتص خوفها، وبسبب حضني ليها، عزة نامت تاني.. شيلتها وحطيتها على السرير، بعدها نمت جنبها لحد ما صحيت على صوت المنبه جاي من الأوضة التانية، الوقت كان اتأخر على مدرسة عزة، صحيتها بسرعة ولبستها ونزلت وديتها المدرسة، بعد كده طلعت جيبت حاجات من السوق القريب من البيت الجديد عشان أعمل غدا، وكمان حاجات عشان أكمل تنضيف الشقة.
أول ما رجعت الشقة دخلت حطيت الحاجات في المطبخ، بعدها دخلت أوضة النوم أغير هدومي.. مسكت موبايلي وشغلت أغنية شادية بالهداوة وحطيت الموبايل على الترابيزة، الأغنية كانت شغالة وأنا بقطع البطاطس بره في الصالة، لكن في نص الأغنية الموبايل فصل لوحده، وبمجرد ما فصل، سمعت صوت حاجة بتتحرك جوة، خدت السكينة اللي في ايدي ومشيت ناحية المطبخ وانا ايدي بتترعش..
– مممين.. مين هنا؟
ماحدش رد، وده كان المتوقع، فدخلت المطبخ بقلب جامد وأنا بقول بصوت عالي…
– بسم الله الرحمن الرحيم.. مين هنا؟
وأول ما دخلت خطوتين جوة المطبخ، زعقت بصوت عالي…
– أقف مكانك.
ماكنش في حد واقف، لكن من الرعب تخيلت طيف في المطبخ.. فضلت أدور على الموبايل، لكن مافيش، فص ملح وداب.. في اللحظة دي سمعت صوت حاجة جاية من أوضة عزة، الأوضة اللي حصل فيها كل الحاجات الغريبة امبارح، خدت نفس عميق وشديت سكينة كمان من المطبقية اللي فوقي، بعدها اتحركت ناحية الأوضة، الباب وقتها كان متوارب بالرغم من إني قفلته قبل ما أنزل مع عزة، زقيت الباب وأنا باخد نفس عميق، الأوضة كانت ضلمة، شكلها كان يرعب، ماكنتش شايفه أي حاجة، حتى السرير كان باين طشاش مع اننا كنا الصبح والنهار طالع، لكن الشقة كان نظامها مختلف شوية ومتقفلة.. مالحقتش احط رجلي جوة الأوضة ولقيت حاجة مسكت ايدي الأتنين، حاجة رمت السكينة اللي في ايدي اليمين، بعدها مسكت السكينة اللي في ايدي الشمال وحطتها على رقبتي، ريحة نفس الكائن اللي ورايا كانت مُقرفة، حاولت اصرخ او استنجد بأي حد، لكن السكينة اللي محطوطة على رقبتي كانت بتقرب أكتر كل ما أحاول استنجد، وفي لحظة، الكائن أو الشيء المرعب اللي كان ورايا ده قالي بصوت تخين…
– المكان ده مش مكانك، ده تحذيري الأول، ومع التحذير التالت هتموتي، والسكينة دي، هتعدي من جلدك للحمك، هنا يسكن فرعون، هنا يمكث جسمانه.
بعدها زقني على الأرض، جسمي كله كان بيرتعش من الخوف، حاولت أشوف ايه اللي كان ماسكني ده، أو أستنجد بحد، لكن لساني كان مشلول، فضلت قاعدة على الأرض كده أكتر من عشر دقايق، ووقت قُعادي، سمعت صوت رزع على الباب، بدأت اتمالك نفسي وقومت من مكاني، اتحركت ناحية الباب وانا حاسة بألم جاي من رقبتي، ايوه، رقبتي كانت اتجرحت جرح بسيط بسبب السكينة، مارضتش امسح مكان الجرح وروحت فتحت الباب بسرعة، ومع فتحة الباب، لقيت واحده في التلاتينات، أول ما شافتني وشافت الدم اللي على رقبتي شهقت…
-هييه.. مالك يا حبيبتي، بتصرخي كده ليه؟!.. وايه الدم اللي على رقبتك ده!!
رديت عليها باستغراب…
– أنا كنت بصرخ؟!.. ده أنا ماكنتش قادرة أتنفس.
من غير مقدمات خدتني في حضنها…
– هو البيت الملعون ده السبب، أنا عارفه ايه اللي حدفك هنا!!.. والله يا اختي أنا من يوم ما عرفت إن صاحب المخروبة دي أجرها عشان يسافر، كنت عايزه أزورك.. لكن والله غصب عني، انا كنت خايفه ادخل المكان المرعب ده ويحصلي حاجة، بس لما لقيتك بتصرخي سيبت اللي في ايدي وجيتلك جري.
ماكنتش عارفه أرد على كلامها الغريب اللي استمر لحد ما وصلنا للإنتريه اللي في الصالة، سندتني وقعدتني على الكرسي، بعدها قعدت على الكرسي اللي قصادي وهي لسه بتكمل كلامه…
– هو ايه اللي ظهرلك في الشقة المنيلة دي؟
– مش فاهمة؟
– معنى انك كنتي بتصرخي، يعني ظهرلك، ومن الواضح ان الأذى وصل لرقبتك، ومش بعيد المرة الجاية تطير الرقاب زي ما بيقولوا.
كنت خايفة منها، لكن كلامها كان مستفز، وبسببه قولتلها بعصبية…
– انتي مين أصلا يا ست أنتي؟.. دخلتي كده وانا ماعرفكيش، لا وبتقولي كلام غريب!.. وبعدين انا ماطلعليش صوت غير دلوقتي، فين اللي كنت بصرخ ده؟!.
لقيتها استغربت كلامي، لكن تعبيرات وشها كان بتقول إنها عارفه حاجة أنا مش عارفاها.. قامت من مكانها عشان تمشي، لكن في لحظتها خدت نفس عميق وهديت نفسي وأنا بقولها…
– حقك عليا؟.. أنا بس كنت خايفة من اللي حصل، ثم انا متأكدة إني ماكنتش قادرة أصرخ.
خبطت كف على كف وقالتلي…
– ونبي مانا عارفة اللي ما يتسمى صاحب الشقة ده ماقفلهاش ليه؟.. ده كل اللي سِكن فيها ماسلمش منها.
– ماسلمش منها ازاي؟ّ!.
– يعني لامؤاخذة كده اتلبس، أو اتجنن، ماحدش فاهم بالضبط اللي بيحصل للناس اللي بتسكن هنا؟!.. بس الأكيد إن اللي بيحصل ده مابيكونش خير خالص، ماهو لو كان خير، ماكنش حصل اللي حصل للراجل اللي سكن الشقة هنا قبلك.. اعذريني.. ماعرفتش اسمك.
– سندس.. اسمي سندس.
– وانا نيرة.
ماهتمتش باسمها وقولتلها بلهفة…
– المهم، قوليلي.. ايه اللي حصل للراجل اللي سكن قبلي؟
لقيتها بتودي عينيها يمين وشمال، كانت خايفه تتكلم، عينيها كانت على الأوضة اللي جوة، بس في الأخر إتكلمت وقالتلي…
– بصي يا سندس، أنتي شكلك غلبانة وأنا حالفة من أخر مرة عتبت فيها الشقة دي إني مش هعتبها تاني، بس مايصحش أشوفك كده واسيبك، الجيران لبعضيها برضه.. الموضوع وما فيه إن في واحد اسمه عمران كان ساكن قبلك هنا، الراجل ده كان مطلق مراته، وبعد أسبوعين والعياذ بالله، لقوا طليقته مقتولة في شقتها، أهلها أتهموه إنه القاتل، لكن الشرطة ماقدرتش تمسك عليه حاجة، وبس، من هنا ابتدت الحدوتة.
يتبع
شقة السيدة زينب
٢
– بصي يا سندس، أنتي شكلك غلبانة وأنا حالفة من أخر مرة عتبت فيها الشقة دي إني مش هعتبها تاني، بس مايصحش أشوفك كده واسيبك، الجيران لبعضيها برضه.. الموضوع وما فيه إن في واحد اسمه عمران كان ساكن قبلك هنا، الراجل ده كان مطلق مراته، وبعد أسبوعين والعياذ بالله، لقوا طليقته مقتولة في شقتها، أهلها أتهموه إنه القاتل، لكن الشرطة ماقدرتش تمسك عليه حاجة، وبس، من هنا ابتدت الحدوتة.
في نفس اليوم بالليل لقيناه طالع من الشقة عريان، يدوبك الفوطة اللي كانت على جسمه هي اللي ستراه، فضل يصرخ ويقول سلمى جوة، سلمى ما ماتتش، اه، ما سلمى دي تبقى طليقته، لكن الغريب إنه في نص ما كان بيصرخ قال جملة غريبة… قال ان لو انا مجنون وماقتلتهاش، يبقى الشرطة كمان مجنونة!!.. ومن هنا أهل العمارة سابوا كل الكلام اللي اتقال ومسكوا في الجملة دي، بعدها بلغوا الشرطة اللي أول ما وصلت فتشت الشقة.. بس الغريب انهم مالقوش حاجة برضه، ف اضطروا وقتها يسيبوه، سابوه لإن الكلام اللي اتقال ماكنش كافي إنه يدينه، بالذات إنه اعترف أنه كان مرعوب وقتها، وده طبيعي.. لكن الحدوتة كانت لسه في نصها، لأن بعد الموقف ده بأسبوع أو أكتر شوية، أنا بنفسي سمعت صوت ترزيع جاي من الشقة وصوت حد بيصرخ، في الحقيقة الأصوات دي كانت طبيعية، بسمع منها كتير من ساعة ما سكنت قصادك هنا، لكن المرعب مش في كده.. المرعب إني لأول مرة أسمع الأصوات دي وحد في الشقة، أخري كنت بسمع صوت حد بيستنجد، زيك كده بالضبط.. من القلق فضلت أخبط على الباب، بس مافيش حد كان بيرد، الجيران كلهم اتجمعوا وحكيتلهم على اللي حصل، فين وفين لما قرروا اننا نكسر الباب، ولما عملنا كده مالقيناش حد في الشقة، ومن ساعتها وعمران مختفي، كل اللي لقيناه أدوات الجريمة اللي قدر يقتل بيها مراته، أما غير كده.. فهو فص ملح وداب.
عند النقطة دي خلصت نيرة كلامها وأنا كان قراري نهائي، لازم اسيب الشقة وأهرب، بس في نفس الوقت ماكنش معايا أي وسيلة تخليني أسيب الشقة، فكان لازم استنى أول الشهر عشان اقبض، وده اللي قولته لنيرة، في الأول عرضت عليا فلوس عشان أمشي، بس افتكرت إني برضه مش هقدر ألاقي شقة في الوقت القصير ده، أخري هلاقي لوكاندة ابات فيها يومين وفلوسي هتخلص، فماكنش قدامي حل غير إني اقعد، وهنا نيرة عرضت عليا عرض ماكنش ينفع أرفضه، وهو إنها هتجيبلي بكره شيخ، اسمه الشيخ فاروق.. بتقول إنه مبروك وهيبقى عنده الحل، ساعتها قبلت بالفلوس اللي عرضتها عليا عشان أديها للشيخ، لكنها قالتلي إن الشيخ بيعمل الحاجات دي لوجه الله، ولولا صاحب الشقة رافض، كان الموضوع اتحل من بدري لو الشيخ جه.
افتكرت وقتها عزة وإن معاد خروجها من المدرسة قرب، وفي نفس الوقت اتفقت مع نيرة إنها تجيب الشيخ بكرة وأنا مستنياها، بعد كده لبست ونزلت عشان أجيب عزة من المدرسة، وأول ما رجعت وفتحت باب الشقة، لقيتها مكركبة، من الواضح إن في حد كان موجود هنا قبل ما أوصل، مافيش حاجة اتسرقت من الشقة، وده لأن ماحدش دخل أوضة نومي أصلا، الكركبة كلها كانت في الحاجات اللي اتبدلت أماكنها مش أكتر، بالذات الأوضة الملعونة اللي الديكور فيها كان اختلف، يعني لما دخلتها، لقيت الدولاب مكانه متغير، وبالرغم إن الأوضة صغيرة، وصعب إن حد يعمل ده كله في الوقت القصير اللي أنا غيبت فيه، لكن هو ده اللي حصل.
قولت لنفسي وقتها اني لازم أحكي لنيرة، بس رجعت وقولت لأ، بلاش اتقل عليها، فمكانش قدامي حل غير إني أبات الليلة دي في أوضتي، وده اللي حصل، لما عزة خلصت مذاكرة وخدت دش، خدتها ودخلنا أوضة النوم بتاعتي، وبعد دخولنا لأوضة النوم، خدتها في حضني وفضلت أحكيلها حدوتة لحد ما نامت، اما أنا، فـ عيني كانت مفتحة طول الليل، ماقدرتش أشيل عيني من على باب الأوضة لحظة واحدة، وده كله كان خوف على عزة، لكن اللي خوفت منه حصل، باب الأوضة بدأ يتفتح لوحده، كان في طيف ماشي قصاد الأوضة ومش واضح منه غير إنه طويل، قررت وقتها إني مش هقوم من مكاني وهفضل جنب عزة، لكن مرة واحدة سمعت صوت صرخة من الأوضة التانية، صرخة كانت سبب في إني أقوم منفوضة من على السرير، وياريتها صرخة واحدة وبس، ده صوت الصرخة فضل يتكرر، ومعاها سمعت صوت استغاثة جاي من الأوضة، الصوت ده كان صوت راجل، ماكنتش قادرة أحدد هو بيقول إيه بالضبط؟.. بس في بعض الكلمات المميزة اللي كان بيقولها…”سجن، أنقذيني، أنا مش قادر أخرج، أنا مش هعيش عمري كله هنا”.. كان كلام مش مترتب، بس ده اللي قدرت أحدده من كل اللي اتقال، واللي في الحقيقة شجعني إني أقوم، خصوصًا لما سمعت الشخص ده بيقول…
– أنا عمران يا سندس.
افتكرت وقتها كلام نيرة عن عمران وإنه مُختفي لغاية دلوقتي، قُومت خرجت وقفلت باب الأوضة على عزة عشان ماتتأذيش، كنت ماشية بخطوات هادية لحد أوضة النوم، الباب كان مفتوح على الأخر والسرير كان متحرك من مكانه، أما صوت عمران، ف اختفي.. اختفى تمامًا لما دخلت الأوضة، وبمجرد ما دخلت، الباب أترزع ورايا وبقيت وش لوش مع كائن مش قادرة أميز ملامحه، ظهر فجأة، كان ماسك سكينة في ايده وباصصلي، الحقيقة أنا ماكنتش قادرة أميز إن كان باصصلي أنا ولا لأ، لكن مافيش حد غيري في الأوضة، فمن البديهي إن أنا الضحية اللي بيفكر ازاي هيقدر يفترسها.. بخطوة بطيئة قرب مني، فضل يشمشم فيا وهو بيقولي…
– ريحتك ياسمين يا سندس، بس الريحة دي هتتقلب لريحة عفن، وده لما تشرفيني هنا، الشيخ اللي هيجيلك بكرة ده مش هينقذك من ايديهم، هم لو عايزين يخلصوا عليكي زي ماعملوا فيا، هيعملوا ده، بس انتي عمرك ما أذيتي حد، وده بيصعب المهمة، أما أنا، فـ مراتي كانت سبب في حاجات كتير حصلتلي.
بلعت ريقي وقولتله…
– أنت.. أنت عمران!!.. ازاي؟
قرب السكينة من رقبتي وقالي…
– مش مهم ازاي، ومش مهم ليه.. المهم إنك مش هتفضلي هنا كتير.
مرة واحدة سمعت صوت صرخة عزة، ساعتها نسيت إن قصاد شبح أو قاتل، كل اللي فكرت فيه هو بنتي، فتحت الباب بكل عفوية وجريت على اوضة النوم التانية، عزة كانت متكومة في زاوية الأوضة وهي بتعيط، قربت منها عشان اشوف مالها، كان الشباك مفتوح ومن كركبة الأوضة عرفت إن كان في حد هنا.
– التالتة تابتة يا سندس.. التالتة تابتة.
ده كان صوت عمران اللي سمعته من بعيد، لكنه اختفى هو والأصوات التانية.. كل الاصوات اختفت لأن ظهر شروق شمس يوم جديد، شروق اليوم اللي هيجي فيه الشيخ فاروق، واللي من المفترض إن حل اللغز هيبقى على ايده.
في اليوم ده رفضت أودي عزة المدرسة واكتفيت إنها تبقى قصاد عيني، كنا قاعدين طول اليوم في الصالة بالرغم من اننا كنا سامعين أصوات كتير جاية من الأوضة، بس كنا ماشيين بمبدأ “لا اسمع، لا أرى، لا اتكلم”.. وعشان أقلل الخوف اللي كان عندي، واللي كان أزيد من عزة كمان، كنت بفكر في الشيخ، وإنه لما يجي كل حاجة هتتحل.
الساعة 6 بالدقيقة باب الشقة كان بيخبط، عزة كانت نايمة على كنبة الأنتريه، اما انا، فجريت على الباب عشان أفتحه، ومع لحظة فتح الباب، مالقتش حد، حتى الشقة اللي قصادنا، واللي كانت ساكنة فيها نيرة، كانت مقفولة، قفلت الباب تاني وأنا بنفخ بتوتر، لكن في حاجة صدت الباب، ولما لفيت عشان أشوف في ايه.. لقيت رِجل هي اللي بتصد الباب، بعدها ايد كانت بتزقه، ومع زقة الباب، شوفت بني أدم عادي، بس عينه كانت سودة، وماقصدش النيني بس، أقصد حوالين عينيه، لكن ده كان محسسني ان عينه سودة تمامًا، كان شكله مرعب، وبشع.
– ماوحشتكيش من امبارح يا سندس.
ده كان صوت الشخص أو الكائن اللي قصادي، رديت عليه بنبرة صوت بتترعش…
– أنت مين؟.. ووحشتك إيه يا أستاذ أنت؟.. أنا ماعرفكش أصلًا، ورِجلك لو سمحت عشان أقفل الباب، إلا والله أصوت وألم عليك الناس، أنت فاهم؟
ضحك بسخرية وفضِل يبصلي من فوق لتحت…
– تعرفي إنك أحلى من سلمى بكتير، انا هزعل عليكي لما أقتلك، أنا زعلت على سلمى برضه، بس هزعل عليكي أكتر، ماتستغربيش إني أعرف سلمى، أصل أنا عمران، وعارف مين جاي بعد شوية، الشيخ فاروق.. أبقي سلميلي عليه.
اتصدمت لما عرفت إن اللي بيكلمني ده يبقى عمران، رجعت خطوتين لورا، لكنه رجع وقتها أربع خطوات واختفى وسط ضلمة الدور اللي كنا فيه!، بس بعد ما اختفى صوته كان واضح وبيرن في ودني وهو بيهدنني ببنتى عزة.. وبعدها أغم عليا.
فضلت نايمة على الأرض ماعرفش قد ايه، لكن من الواضح إني نمت كبير، ولما فوقت، لقيت نيرة جنبي وقومتني من على الأرض، بعدها سمعت صوت راجل بيقول…
– مدد يارب… مدد.
الراجل ده كان الشيخ اللي جابته نيرة واللي بدأ يعرفني بنفسه لما قعدنا…
– أنا الشيخ فاروق، وأنتي الست سندس.. مش كده؟
من الصدمة عيني وسعت، كنت ببصله وأنا مبرقة من الخوف وبلعت ريقي…
– أنت.. أنت، هو إزاي عرف!!.. هو هيقتل بنتي؟؟
نيرة طبطبت عليا وقالتلي…
– مالك ياختي في ايه؟.. مصدومة من ايه؟.. والباب كان مفتوح ليه ساعة ما جينا؟.. لا وكنتي واقعة على الأرض كده ليه، وفين عزة؟
صرخت زي المجنونة وقومت من مكاني…
– عزة، بنتي.. بنتي فين؟
سمعنا وقتها صوت عزة بتعيط، الصوت كان جاي من أوضة النوم اياها، جرينا على الأوضة لقينا عزة واقفة عند الباب وهي بتعيط..
– الحقيني يا ماما، هيموتني.
ميلت وخدتها في حضني وأنا الدموع نازلة من عيني…
– هو مين اللي هيموتك يا حبيبتي، مافيش حد يقدر يعمل كده وأنا موجودة، ماتخافيش، عمو الشيخ هيحل كل حاجة.
بعدها بصيت للشيخ…
– مش كده يا شيخ فاروق؟
ابتسم وقالي…
– كده يا بنتي، أنا بس طالب منك ماية سخنة وحتة قماشة كبيرة.. وبعد ما تجيبي اللي طلبته، ياريت تسيبيني مع البنت لوحدنا.
لفيت ايدي على عزة أكتر وقولتله…
– ليه يا شيخ، هتعمل فيها ايه؟.. وايه اللي بيحصل في الأوضة دي؟.. أنا شوفت عمران، شوفته من شوية.
– العيب مش في الأوضة وبس يا بنتي، العيب في الشقة كلها، هنا في عمل شديد أوي.. والعمل ده مدفون في الأوضة دي، وأنا الحمد لله.. عرفت مكانه.
رديت بتلقائية…
– وماحلتش الموضوع ده من زمان ليه طالما الموضوع سهل أوي كده؟
ابتسم وقالي…
– عشان ماكناش بنلحق نيجي ننقذ حد في الشقة هنا، يا كان اللي فيها بيطفش، يا كان بيختفي، ده غير اني طلبت من صاحب الشقة كذا مرة اني أجي واتصرف براحتي، لكنه رفض، ماكنش مُقتنع إن في عفاريت في الشقة، وأدي نصيبك يا بنتي، نصيبك اللي جه في إن الشفا يبقى على إيدي، هم مايقدرش يعملوا حاجة، بالعكس، هم هيهددوكي وبس.. مش أكتر كده.
حسيت وقتها إني انفعلت على الشخص اللي هيقدر ينقذني من اللي أنا فيه واللي أحرجني بذوقه وبرده الهادي، سيبت عزة معاه وطلعت جيبت الماية و القماشة، بعدها سيبتهم في الأوضة لوحدهم، طلعت أنا ونيرة بره لحد ما يخلصوا، الوقت كان بيعدي عليا أكنه سنين، وده لأنهم قعدوا جوة أكتر من ساعة تقريبًا..
يتبع
شقة السيدة زينب
٣
حسيت وقتها إني انفعلت على الشخص اللي هيقدر ينقذني من اللي أنا فيه واللي أحرجني بذوقه وبرده الهادي، سيبت عزة معاه وطلعت جيبت الماية و القماشة، بعدها سيبتهم في الأوضة لوحدهم، طلعت أنا ونيرة بره لحد ما يخلصوا، الوقت كان بيعدي عليا أكنه سنين، وده لأنهم قعدوا جوة أكتر من ساعة تقريبًا، بعدها طلع الشيخ ومعاه عزة في ايده.. عزة كان واضح على وشها الأبتسامة، أما الشيخ فكان مُرهق، وده كان باين من كلامه…
– أنا قدرت أخرج العمل، وده بمساعدة الصغنونة بنتك، الموضوع كان صعب، بس الحمدلله.
شكرت الشيخ وطلبت منه يقعد يشرب حاجة، لكنه رفض، قال إنه مُرتبط بميعاد تاني، بعدها خلص كلامه وخد نيرة ومشيوا وسابوني أنا وعزة، بعد كده قررت أقفل الأوضة دي وأبات أنا وعزة في الأوضة التانية، ومن تاني يوم ابتديت أدور على شقة جديدة عشان أسكن فيها، بس عدا يوم، التاني، التالت، الرابع.. والأوضاع كانت اتحسنت كتير عن الأول، عزة كانت بتروح المدرسة، وأنا كنت بقعد أسمع أم كلثوم وشادية وأنا بعمل الأكل، ودي الحياة الطبيعية اللي كنت طول عمري عايشاها لغاية ما جيت الشقة هنا، بس الغريب إن نيرة بدأت تختفي تدريجيًا من حياتي، بس هي بررت ده بإنها بترجع من الشغل متأخر كل يوم، استغربت من كلامها لإني حتى مابقتش بسمع الباب بتاعها بيقفل أو بيفتح نهائي.. لكن الحلو ماكملش، بعد أيام، حالة عزة بدأت تدهور، برد شديد اتقلب لهزلان في الجسم، جريت بيها على الدكاترة اللي كل واحد فيهم كان له تشخيص مختلف، أما حالة عزة، فكانت في تدهور مُستمر.
وفي ليلة، كنت راجعة من عند دكتور بيها، دخلت الحمام خدت عشان اخد دش، وقتها سيبت عزة بره لوحدها، وأول ما طلعت من الحمام عيني جت على باب الأوضة اياها واللي كان مفتوح، والمصيبة، ان كان طالع منه صوت مُرعب، صوت همهمات، ندهت وانا بترعش على عزة، لكنها ماردتش، ندهت مرة تانية وبرضه ماردتش، قربت من باب الأوضة وأنا بسمي الله، وأول ما قربت الصوت بدأ يزيد ويوضح أكتر، كان صوت بنتي عزة، دخلت من الباب بهدوء لقيتها قاعدة على السرير ومدياني ضهرها، صوت الهمهات اتحول لصوت ضحكة، ضحكة مخيفة، مريبة.. ماكنتش قادرة اتأكد منها إذا كانت دي بنتي ولا واحدة بتحاول تقلدها، بس في لحظة عزة لفت جسمها ليا وبان وشها، كانت عينيها بيضة تمامًا وكانت بتخنق في نفسها، ومع خنقها لروحها سمعت صوت حشرجة مريب طالع منها، حاولت أقرب عشان انقذها من اللي هي بتعمله، بس كان في حاجز بينا، حاجز مش هقدر أعديه، لكن هي اللي ممكن تعدي من الحاجز ده، قامت من مكانها، حركت راسها 360 درجة ورجعت كام خطوة لورا، كنت خايفة من بنتي، وده كان طبيعي بسبب اللي أنا شايفاه، ومع تبريقتي لمنظرها، عدت الحاجز ده، كانت باصة لي بصة سفاح قدر ينفرد بضحيته، طلعت سكينة من جنبها، تقريبًا كانت عارفة ان ده اللي هيحصل وانها هتستفرد بيا، كانت مجهزة كل حاجة، اللي كان ناقص رقبتي، غمضت عيني وحطيت ايدي على وشي، ماكنتش بحاول أقاوم من الصدمة، كنت بصرخ بعلو صوتي وبتمنى كل اللي بيحصل ده يكون مُجرد حلم وهيخلص، عدت دقايق وانا مغمضة والسكينة لسه ماخترقتش جسمي، لكن فجأة.. لقيت ايد بتطبطب عليا ومعاها سمعت صوت بنتي…
– هي هتبقى كويسة يا طنط نيرة؟
صرخت وانا بتنفض من على سرير الأوضة اللي لقيت نفسي نايمة عليه…
– ابعدوها عني، هتقتلني، دي شبح.. دي عفريتة وعايشة معايا.
نيرة قعدت تهدي فيا…
– مالك بس يا سندس، أنا سامعة صوتك من بره، البنت فتحتلي الباب وهي مخضوضة، وايه السكينة اللي أنتِي ماسكاها في ايدك دي؟.. في حد يخوف عيلة صغيرة بالشكل ده؟!
فتحت عيني لأول مره من ساعة اللي حصل، بصيت لعزة، وشها كان زي الملاك، هي بنتي اللي أعرفها، ونيرة كان باين في عينها الحزن، ساعتها طلبت منها إن الشيخ يجي تاني، ولما سألتني ليه، حكيتلها كل اللي حصل، وبعد ما خلصت كلامي، بصتلي شوية وبعد كده قالتلي…
– انا هروح أجيب الشيخ دلوقتي، هو أكيد هيتفهم الموقف وهيوافق يجي معايا في وقت زي ده.
بعدها قعدت عزة في أوضة النوم لوحدها بعيد عني، اما أنا، فخرجت قعدت في الصالة وفضلت مستنياهم، كنت في الفترة اللي ما بين ما نيرة مشيت وجات، كنت سامعة صوت عزة بتصرخ في الأوضة، ده غير الضحكات المرعبة اللي كانت جاية من جوة، عقلي كان بيودي ويجيب، أدخل أفتح الباب عليها، ولا أفضل مستنية نيرة؟.. لكن بعد تفكير كتير قررت افتح الباب على عزة، قومت وبخطوات هادية مشيت ناحية الأوضة وفتحت الباب، عزة كانت قاعدة في زاوية من زوايا الأوضة وبتضحك، السكينة كانت واقعة على الأرض، وطيت جيبتها ووقفت في نص الأوضة.. عزة كانت باصة لي وبتضحك، عينيها بيضة تمامًا، نفس المسخ اللي كنت شايفاه قبل ما نيرة تيجي، المرة دي ماكنتش خايفة، وده لأن كان في شعور جوايا بيقولي أقتلها، في اللحظة ادي اكتشفت إن أنا السفاح وهي الضحية اللي في زاوية الأوضة، وقبل ما اضرب السكينة في رقبة عزة، في ايد قوية مسكتني…
– اعوذ بالله من الشيطان الرچيم، انصرف.. انصرف يا ابليس.. انصرف ملك الخبث والخبائث، أعوذ بالله، سيبييي.. سيبي السكينة.. ايه.. هتقتلي بنتك يا بنتي!!
الصوت ده كان صوت الشيخ فاروق، فوقت عليه.. وبمجرد ما فوقت، شوفت عزة مخبية وشها وهي بتعيط، أما أنا، فكنت مش في وعيي، ونيرة، كانت واقفة مندهشة من اللي بيحصل…
– الحمدلله إننا لحقناكي.
بعد كده الشيخ طلب إنه يقعد معايا لوحدي وشاور لنيرة إنها تاخد بنتي وتطلع بره، وفعلا، أنا والشيخ قعدنا مع بعض شوية وفضل يقرأ عليا قرأن، وماعداش ربع ساعة وخرجنا بره، الشيخ كان باين على وشه الصدمة وقالي وهو خايف…
– انتي لو ماسبتيش البيت ده يابنتي الله أعلم ايه اللي هيحصل، انتي لازم تمشي من هنا بأي طريقة، الموضوع مافيهوش اختيار، المرة الجايه بنتك هتموت، وماحدش هيقدر ينقذها.
الفجر وقتها كان أذن والدنيا بدأت تنور، ومع نهاية كلامه قالي الشيخ فاروق…
– مافيش حاجة هتحصل تاني الليلة دي، وقبل ما الليلة الجديدة تيجي، لازم تبقي مشيتي من هنا، ربنا معاكي يا بنتي… ربنا معاكي ويعينك.
نيرة والشيخ مشيوا، أما أنا فكنت خايفة على عزة، ماكنتش قادرة أقعد معاها تاني لأحسن اعمل فيها حاجة، وطبعًا هي كانت خايفه مني، بس قلبها كان أبيض، لما شافتني تعبانة ومتضايقة، قربت مني وطبطبت عليا وقالتلي وهي بتمسح دموعها…
– انا متأكدة إنك مش ممكن تعمليلي حاجة وحشة يا ماما.
هي واثقة فيا، لكن أنا اللي ماكنتش متأكدة، فماكنش قدامي غير نيرة، جريت على الشقة بتاعتها عشان اسيب عزة عندها، لكن مع أول خبطة ليا على الباب.. الباب اتفتح لوحده، الشقة كانت متربة تمامًا، خيوط العنكبوت في كل مكان، الشقة أكنها مهجورة من سنين، من صدمتي رجعت كام خطوة لورا، ومع رجوعي، فقدت الوعي.. غيبت عن الدنيا نتيجة لحاجة خبطتني على دماغي بقوة، فوقت مره تانية وأنا مربوطة في كرسي، قدامي كانت نيرة واقفة هي وشخص شكله مألوف…
– ليه؟
ده كان السؤال اللي سألته لنيرة، واللي جاوبت عليه بضحكة مستفزة…
– ماكنتش عايزه أذيكي، بس انا ماكنتش مرتبة إنك ممكن تيجي تزوريني في مرة، أصل أنا نسيت أقولك إن الشقة اللي أنتي فيها دي تبقى شقتي.. شقتي اللي سكنت فيها لسنين قبل ما أتسجن أنا ورفاعي، اللي هو بالنسبالك الشيخ فاروق، ويوم ما طلعت من السجن، صاحب المخروبة دي رفض يأجرها لي تاني، عايرني عشان اتسجنت في قضية نصب صغيرة أنا ورفاعي، بس والله.. والله كمان مرة كانت غلطة، وادينا بنصلحها، وبعدين ماتخافيش، احنا هناخد الأمانة اللي حطيناها هنا من سنين، التمثالين اللي قلبناهم من تاجر أثار في نصاباية وكانوا هم السبب في اننا اتحبسنا، وماتقلقيش، بعدها هنسيبك انتي وبنتك تقضي الخمس شهور في أمان، ومش هقتلك، انتي بنت حلال، مش هتبلغي.. صح، وحتى لو حصل، فماحدش هيلاقينا، احنا خلاص.. رتبنا كل حاجة.
– ازاي؟.. كل ده ازاي؟.. وايه اللي كان بيحصلي؟.. وانتوا مين؟.. وعمران!
– سألتي كل الأسئلة اللي تعجبني وانا هجاوبك على كل حاجة، هجاوبك لأنك تعبتي معانا الفترة اللي فاتت أوي، وانا مقدرة ده كويس جدًا.
بعدها بصت للشيخ، أو الدجال، أو شريكها في الجريمة، ومع نظرتها له اتكلمت…
– مش كده يا رفاعي.
ضحك وبعد كده قالها…
– كده يا حبيبتي.
ومع نهاية جُملته، رجعت نيرة بصتلي تاني…
– الموضوع وما فيه ان كل اللي شوفتيه مش حقيقي، كانت مُجرد تمثيلية اتعملت عليكي، حتى عمران ده يبقى اخو رفاعي الصغير والمساعد بتاعه، كان بيدخل ويخرج عشان يخوفك، حتى رفاعي، رفاعي كان بيجيلك وبيلبس لبس أسود واقنعة غريبة عشان يخوفك، وانتي نجحتي المهمة وسهلتيها، بس الموضوع ماكنش هيبقى مقنع أوي، كان سهل يتمسك، فكان لازم رفاعي يعمل عمل ويقرأ شوية حاجات على بنتك، وده عن طريق اننا ندخل البيت بسهولة ويقدر يقعد مع البت، وانتي سهلتي المهمة لما وافقتي على الشيخ، وقدرنا نعمل العمل ده.. ساعتها بدأتي تشوفي الحاجات المرعبة اللي شوفتيها، والموضوع اتطور انك كنتي هتقتلي بنتك.. عشان كده رمينا العمل اللي حطيناه في الأوضة، واللي كان ناقص بس انك تمشي من الشقة، بس انتي دورتي في اللي مالكيش فيه، أو بلاش أقول دورتي في اللي مالكيش فيه، لأنك كنتي عايزه تحمي بنتك منك، انا هقول ان من حظك إنك اكتشفتي الحقيقة، بس احنا هناخد اللي عايزينه وهنمشي، مش هنطول.. الحفر مش هياخد خمس ساعات، بعدها هنطلع التمثالين اللي محطوطين في الحيطة، ورا الدولاب بالظبط، وهنتوكل على الله، انتي ماتعرفيش احنا تعبنا قد ايه عشان نخبي التمثالين دول قبل ما نتسجن.
وبعد ما قالت كده طلعت بخاخة وقالتلي…
– أما دلوقتي فلازم تنامي، تصبحي على خير.
لسه كنت هنطق وأعترض.. رشت عليا منوم، وفي وقتها بدأت أفقد الوعي، لما فوقت من المخدر اللي اخدته، كانوا خلصوا اللي هم بيعملوه وكمان ظبطوا مكان الحفرة اللي في الحيطة ونضفوا مكانهم، أما بنتي فكانت لسه بتفوق من المخدر اللي خدته، نسيت كل ده وفضلت أفوق فيها، وبالرغم انهم فعلًا ماحاولوش يؤذوني بعديها، لكني ماكنتش مرتاحة ابدًا، كنت خايفة طول الوقت.. ومن خوفي حتى ماحاولتش أبلغ البوليس، وبعد خمس شهور من الحادثة لقيت الباب بيخبط، فتحت الباب ولقيت شنطة محطوطة على الأرض.. وطيت خدت الشنطة لقيت فيها مبلغ كبير، ده غير رسالة مطبوعة ومتسابة في الشنطة، فتحت الرسالة وكان مكتوب فيها الآتي “دي مكافأة بسيطة عشان انتي اتعاونتي معانا، وكمان دي تعويض على وقتك اللي ضاع، وإنك ماخنتيش العهد”
دي كانت رسالة من نيرة، وكان دليل في نفس الوقت على اللي حصل، وبعد شهر تقريبًا من الحادثة أنا خرجت عن صمتي، وقولت على كل حاجة وسلمت الشرطة الفلوس والورقة اللي كانت في الشنطة، بعدها بدأوا يدوروا على نيرة ورفاعي وقدروا يوصلولهم أخيرًا الحمدلله ومعاهم عمران… وده كله حصل من غير ما يعرفوا إن انا اللي بلغت.. أما انا، فسيبت السيدة وروحت عيشت في مكان تاني بعيد خالص عنهم عشان لو فكروا يوصلولي وينتقموا مني… مايعرفوليش طريق.
تمت
محمد_شعبان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط