سبع قراريط
١
حكمت المحكمة حضوريا على المتهمين…… بالاعدام شنقًا… رفعت الجلسة..
في اللحظة دي كنت مبسوط، بس قلبي مقبوض… ماكنتش مرتاح، كنت عايزه يبقى في حضني تاني، وكل يوم الصبح يصحيني عشان ننزل نزرع حتت الارض اللي حيلتنا.. حتت الارض دي هي السبب في كل حاجه، 7 قراريط كانوا السبب في موت ابويا الله يرحمه ويغفرله…
انا ياسر عامر، جي احكيلكوا قصة غدر ابويا الله يرحمة، القصة بدأت لما اتنين من ايطاليا نزلوا البلد عندنا بحجة انهم عايزين يعمروا ارضهم البايرة بقالها سنين، وفعلا بدأو يجيبوا فلاحين ومعدات ويشغلوا جرارتهم القديمة، لكنهم ادعوا ان الارض بتاعتهم دي مكونة من 2 فدان وكام قراط، الكام قراط دول كانو واخدين من ارض ابويا قراط ونص، وارض ابويا كانت 7 قراط بس، حاجه على القد كده تأكلنا وتشربنا بالعافية، في البداية ابويا وراهم الورق وكلام من ده لكنهم لجأوا للتهديد، وابويا طبعا مهمهوش الكلام ده بالذات انه ماشي في السليم ومفيش اي حاجه غلط في اوراقة، وكان وقتها عمي بيزن على ابويا انه يبيع ويخلص هو وامي لكن ابويا كان بيرفض يسيب ارضة وارض ابوه، وفي نهااية الكلام خلص على ان الورق ده يتسلم للحكومة، والحكومة هي اللي هتحكم على الارض اذا كان القراط ونص دول بتوع ابويا، ولا بتوعهم.. في الفترة اللي ما بين تسليم الورق والحكم دي ابويا كان بيزرع ارضة عادي جدًا، وماكنش في اي حد بيتعرضلة من الاتنين صحاب الارض اللي جنبينا، ووقتها انا كنت عندي حوالي 7 سنين، يعني كنت طفل صغير… لكن ب 100 راجل، وابويا كان بيعتمد عليا في اي حاجه لاني ابنه الوحيد الولد، فعدت الايام ويمكن وصلت لشهر او اكتر لغاية ما ابويا الله يرحمة كان قاعد مع امي في الاوضة بيتخانقوا خناقة كبيرة اوي…
وقتها كان ابويا عمال يزعق فيها وجامد وفاكر لحد دلوقتي الزعيق اللي كان بيزعقة وبيقول:
-يا فاطمة قولتلك كتير انا مش هسيب حتة من ارض ابويا الحاج رمضان الله يرحمة، تقومي تقولي اسيبلهم قراط ونص بحالهم من ارضي وارض عيالي، يا ستي لو ماكنتش هظلم نفسي ابقى ظلمت ابنك ياسر…
لقيتها وهي بتبكي بتقول:
-ياسر مش هيزعل يا عامر… مش هيزعل لما يكبر ويعرف ان ابوه عمل كده عشان روحه، وانت عارف كويس انهم ناس قوية ويقدروا يعملوا اي حاجه، دول جايين من بلاد برا مخصوص عشان القراط ونص دول، وانت عارف كويس انهم مش محتاجينهم في اي حاجه ولا نيلة، بالله عليك يا عامر لا تسيبلهم الارض دي ونبعد عن المشاكل…
لقبت ابويا انفجر فيها وقال:
-بقولك ايه يا فاطمة، ابعدي عني بالله عليكي وعلى اللي خلفوكي، انا مش ناقص وجع دماغ على المسا الارض دي بتاعتي، ولو محدش في ضهري من عباد الله، فالله لوحده في ضهري يابنت شيخ الجامع…
بعدها ابويا طلع بره البيت خالص وهو متعصب، وحرق في سجاير لما قال يابس، وانا كنت متكوم في المطبخ قاعد ببكي.. ببكي لاني مش فاهم ومش واعي للي بيحصل، تخيلوا طفل عنده 7 سنين يسمع ابوه وامه بيتخانقوا وفي النص يسمع كلام عن موت ابوه….
عدى على الموقف ده ايام، والحكم كان طلع وقتها بالحكم لصالح ابويا في القراط ونص ، ابويا ماكنتش الفرحة سيعاه وجه لامي فرحها لكن امي كان على وشها ابتسامة مجاملة للي حصل، لانها خايفة من اللي هيحصل بعدين منهم بسبب القراط ونص دول واللي هيجي من وراه، ابويا مهتمش اوي بأمي قد ما كان عمال يلعب معايه ويهزر… بعدها جه خبر ان الاتنين اللي جايين من ايطاليا دول راجعين تاني، وخلوا فلاح من الفلاحين يهتم بالارض وكل حاجه لغاية ما يرجعوا تاني، وابويا وامي وقتها كانو مبسوطين جدا وكانت كل حاجه سعيدة في البيت، ودي كانت اخر مره اشوف فيها ابويا وامي مبسوطين من قلبهم..
عدى 9 سنين وكنت وقتها 16 سنة، وبقى ليا اختين تانين، نعمة، وفرح… وكانت الارض وسعت وابويا كبرها وبقى عندنا فدان كمان غير ال 7 قراط اللي عندنا، وكانت كلها حملها على رقابتي لكني ماكنتش زعلان، بالعكس كنت مبسوط اني بساعد ابويا… وفي يوم ابويا خادني معاه في الارض يوريني شوية حاجات كنت مستغرب انه عملها وعملها ليه اصلا، فسمعت منه اللي قاله كويس لغاية ما جه عمي ابراهيم وخد ابويا على جنب، لكنها ماكنتش بالمقابلة الكويسة، لان معداش دقايق على كلامهم الا وابويا زعق في عمي ابراهيم وقاله:
-بقى تيجي منك انت يا ابراهيم، عايز تبيع ارض ابوك الحج رمضان…
فعمي ابراهيم زعق في هو كمان وقال:
-بقولك ايه ياعامر انا ليا في ال 7 قراط دول زي مانت ليك كويس اوي، ان ماكنش الحاج بس كتبلك انت ال 7 قراط كلهم يبقوا بتوعك لاااا، انا ساكت عن الموضوع ده بمزاجي…
-لا مش بمزاجك يا ابراهيم.. كل ده عشان كاسر عينك وبديك اللي يعيشك انت ومراتك وعيالك وانت قاعد فيبيتكوا بتنزل تشتغل في الارض كل ما يجي في بالك، لكن انا براعي ربنا فيك وفي وصية الحج، لكن اكتر من كده متطلبش…
لقيت عمي ابراهيم حط ايده على كتف ابويا وقال:
-شكرا يابن ابويا على الكلام ده، بس انا خايف عليك، دول ناس شرانية وخسروا كل حاجه…. واللي مبيبقاش باقي على الدنيا بيعمل حاجات هو مش عاملها حساب كويس… سلام يابن ابويا.
-سلام ياخويا، ولو هتيجي عشان حاجه زي كده يبقى ماتجيش، مش فاضي..
عمي خد بعضة ومشي من غير ولا كلمة فروحت لابويا عشان اهدي لانه كان باين عليه العصبية وقتها:
-ايه يا حاج مالك بس، عم ابراهيم زعلك في حاجه؟… زي مانت عارف كده عم ابراهيم كلامه كتير وده اخوك الصغير بردو..
لقيته بكل هدوء قال:
-هقولك كلمتين تحطهم في حلقة في ودنك يابني، واياك تطلع حرف هنا ولا هنا لأي حد انا بقولك اهو وبالذات لامك نعمة…
رديت عليه بتوتر وقولت:
-ايه مالك يا حاج انت كده بتخوفني عليك، قولي بس في ايه، عم ابراهيم ضايقك في ايه بس؟!
-عمك ابراهيم دماغة فوتت خلاص، ولو ماكنوش هما اللي هيخلصوا عليا هيبقى عمك هو اللي هيخلص عليا، فاسمع مني ومتراجعش ورايا… لو جرالي حاجه، او حصلي حاجه، الارض تفضل زي ماهي ماتنقصش قراط… تزيد بس يابن ابوك…
-طب وعم ابراهيم.
-عمك ده حكايته حكاية تانية خالص، اما نشوف اللي هيجري، وافتكر اللي قولتهولك كويس…
-انت قلقتني كده يابا، وانا جتتي ملبشة لوحدها، هو ايه اللي حصل..
-اللي من ايطاليا رجعوا… صالح وفطوطة ولاد زبيدة…
بلعت ريقي وانا بقول:
-وده ايه اللي رجعهم دول بس يا حاج، مش كان موضوع وانتهى ورجعوا على ايطاليا مره تانية..
لقيته حط ايده على كتفي وقال:
-رجعوا وكلهم شر بعد ما خسروا كل حاجه، وخسروا فلوسهم، اتكل انت مع الفلاحين واعمل اللي قولتلك عليه.
سيبت ابويا وانا في دماغي مليون قصة ومليون حكاية، وفي نفس الوقت مش عارف اقول لامي ولا لا، الخوف على ابويا كان زاد وكنت قلقان من رجوعهم.. رجوع صالح وفطوطة الشر بعينة…
عدى الوقت وانا في الارض وسط المحصول والفلاحين، لغاية ما المغروب دخل علينا، فكنت بدور على ابويا بس ماكنتش لاقي، سألت الفلاحين بردو مالقتهوش، لغاية ما لقيته عند المصرف قاعد لوحده، فندهت عليه:
-يا حاج عااامر، يا حاج عاااامر.
لكنه ماكنش بيرد عليا، ولا حتى بيلتفتلي نهائي… وقتها كنت خايف اقرب لان في وقت زي ده محدش بيبقى موجود عند المصرف عشان زي ماتقول كده في اساطير وحاجات بتقول ان بيبقى ي جن، نداهة، حاجات كده واساطير كتير طالعة على المكان، وانا كنت بصدق في الحاجات دي ومؤمن بوجودها بالذات بعد موت جدي على ايد النداهة، ومحدش وقتها كان عارف مات ازاي، بس مستنتش كتير الا وقربت من ابويا، وكنت عمال انادي عليه وانا ماشي بخطوات هادية وده خوفا من اللي ممكن اشوفه.. فا أول ما وصلت لابويا حطيت ايدي على كتفه وقولت:
-ايه يا حاج مبتردش عليا ليه؟
بعدها سمعت صوت غريب، صوت كلب بيزوم، والصوت ده كان جي من ابويا، واول ما لف كان ابويا، او حد شبه ابويا كان مالوش عينين ولا بوء، كان ريحته كريهة، وكنت واقف متخشب ومبرق مش عارف اتصرف ولا حتى استعيذ بالله، زي ماتقول كده كنت حاسس بحاجه مسكاني ومش مخلياني قادر اتحرك حتى، كل ده انتهى لما سمعت صوت حد من بعيد بيقول:
-ياسر، اسمعني يا ياسر..
لكن الصوت كان باين اكنه من بعيد، او اكني انا في وادي تاني بفقد الوعي، بعدها الشخص ده لقيته شدني او شالني مش عارف.. ماكنتش حاسس بأي حاجه وقتها غير اني في وادي تاني خالص.. بعدها بدأت افوق لنفسي وانا في البيت والشيخ بيقرأ عليا ونمت… نمت نوم عميييق وحلمت بحلم اشبه بالخيال، شوفت اتنين ملاعين في مكان مظلم تماما ماسكين سكاكين، وكان في شخص قاعد بعيد، الشخص ده كان ابويا، وبدون اي رحمة الشخصين دول دبوا السكينة في قلب ابويا بدون اي رحمة، وانا كنت واقف اتفرج من بعيد ومش عارف اعمل اي حاجه…كل اللي كنت بعمله اني كنت قاعد بصرخ من اللي شايفة قدامي وابويا واقع بيطلع في الروح..
صحيت مره تانيه على صوت خناقة بين ابويا وامي… وامي بتقول لابويا:
-يا حاج بيع ال 7 قراط دول، بيعهم صحتك اهم من كل ده، الناس دي شرانية ومش هيجيبوها لبر يا حاج وانت عارف كده كويس، وانا مش هستنى اليوم اللي يجرالك في حاجه بسبب 7 قراط، وادي ربنا وسعها علينا اهو وعندنا بدل ال 7 قراط دول فدان كامل.
لقيت ابويا اتعصب مره واحده وقال:
-وانا مش هفرط في ولا حتة من ارضي يا نعمة، واتفضلي خشي اغرفيلي الاكل عايز اطفح…
بعدها امي دخلت وهي عمالة تدعي بربنا يعقل ابويا، وكلام من ده… بس زي ما امي كانت قلقانة فابويا كمان كان قلقان اكتر من كده بكتير، والحزن كان باين في عينه، فعشان اخفف عنه روحتله وقولت:
-الا ايه اللي حصل عند المصرف يابويا..
لكن اخفف عنه ايه.. وقتها اتعصب عليا
تتبع
سبع قراريط
٢
لكن اخفف عنه ايه.. وقتها اتعصب عليا وقال:
-انا مش قولتلك مليون مره متروحش ناحية المصرف الملعون ده من بعد المغرب، ولا هو لازم تتلبس يعني عشان ترتاح، المصرف ملعون.. ملعون وبيلعن كل اللي بيقرب منه، فاحسنلك متقربش منه تاني، انت فاهم..
بهدوء قولتله:
-حاضر يابا والله ماكان القصد اني اروح هناك، بس كنت بدور عليك ومالقتكش، انت اللي اختفيت وقتها والله..
-تاني مره لما متلاقينيش تقوم مروح، لكن تلف وراية وتروح المصرف، فما شوفكش هناك تاني، النداهة دي ملعونة بتظهر في اي وقت من الاوقات، وانت حظك ان حد لحقك، جدك الحاج رمضان الله يرحمة مات بسبب المصرف لما النداهة ندهته، انا مش عايز قلبي يتوجع عليك يابني .
-حاضر يابا اللي تؤمر بي..
بعدها امي جابت الاكل وابويا اكل ودخل ينام، وانا دخلت وراه عشان ننزل الارض تاني يوم نشتغل فيها، وفي وقت الراحة قعدت شربت كوباية الشاي مع عم عبد الرحيم، فكنا قاعدين زي ماتقول كده بنشكي لبعض همومنا واللي بيحصل في الدنيا، اصل انا دايما كانوا يقولوا عليا عقلي سابق سني، لغاية ما قومنا مره تاني نكمل شغل والمغرب كان قرب خلاص والفلاحين كلهم كانوا مشيوا، وابويا وقتها ماكنش موجود، فزي ما طلب مني مدورتش عليه وقومت خدت بعضي روحت على البيت، اول مادخلت كانت امي قاعدة بتبكي، فقربت منها اسألها مالك مردتش، نديت على البت فرح اسألها امي مالها، فقالتلي وهي بتعيط:
-امي على الحال ده من ساعة ما ابويا جه من شوية ودب معاها خناقة كبيرة اوي، وزي ما تقول كده ياخوي كان هيطلق امي…
-وايه سبب كل ده يابت يافرح، هو حصل حاجه جديدة؟
-معرفش ياخوي، كل اللي اعرفة ان ابويا رايح يقابل ناس كده من بلد حدانا اسمها طاليتا حاجه زي كده.
-طب خشي يا فرح جوه متخافيش، كله هيبقى كويس.
بعدها لقيت امي بتقول وهى بتبكي:
-روح شوف ابوك فين يا ياسر… انا قلبي مش مطمن يابني على اللي بيحصل، واللي ابوك بيعملة ده، روح شوفه فين طفي النار القايدة جوايا…
-حاضر ياما اوعدك هيرجع في ايدي، متشيليش انتي الهم بس…
بعدها طلعت من البيت وانا مش عارف رايح فين، فطلعت على المكان اللي بيقعد في ابويا مع عمي والفلاحين على اخر الليل، بس المشكلة ان المكان ده لازم نعدي على المصرف عشان نوصله بشكل اسرع يا نلف لفة كبيرة اوي، فانا قررت اني الف اللفة دي عشان ميحصليش حاجه كده ولا كده عند المصرف زي مابويا قالي، ولما وصلت للمكان هناك كان عمي قاعد ومش على بعضه وكان بيتكلم في الموبايل وبيقول:
-بقولك معرفش، حاولت معاه بس مرضيش.. زي ماتقول كده عصلج معايه وهو اللي اختار…
اول ماشافني وشه اتقلب وقال للي بيكلمة:
-طب سلام سلام دلوقتي، هكلمك بعدين انت.
بعدها بصلي وقالي:
-ايه اللي جابك دلوقتي يا ياسر في حاجه؟… ابوك لو عرف انك هنا هيضايق…
-مانا جاي هنا عشان ابويا ياعم ابراهيم، الا انت مشوفتوش؟؟… بيقول انه هيقابل فطوطة واخوه…
-اه لسه ماشي من هنا مفيش ربع ساعة وقال انه رايح مشوار، وكان لسه قاعد معايه ومش هيروح لفطوطة واخوه ، ابوك كده كده مش هيبيع وراكب دماغة، روح انت بس قبل ما يروح قبلك، هو ابوك هيروح فين يعني ماهو ياما كان بيختفي ويظهر..
بعدها قلب الموضوع هزار وقال:
-تلاقي اتجوز واحده تانيه ولا حاجه…
-ابويا ميعملهاش ياعم ابراهيم وانت عارف، ولو في جديد بلغني عشان امي قلقانه عليه اوي.
روحت البيت وقولت لامي انه كويس وطمنتها عليه لغاية ما دخلت نامت، وانا كمان نمت وصحيت تاني يوم في معادي علشان انزل الارض مع الفلاحين، وعدت ساعة ولا اتنين على الشغل زي العادي بتاع كل يوم لغاية ما لقيت عبد الرحمن فلاح من الفلاحين بيجري عليا وبيقولي:
-الحق يا ياسر، الحاج عامر لقوه مقتول عند المصرف، في حد فضل يخنق في لغاية ما مات… اجري على هناك لحسان البلد كلها ملمومة عليه..
كلامه نزل زي الصدمة عليا ودقات قلبي عليت، كنت مكدبة وبقول يارب ييبقى ده مش حقيقي، بس هيكدب عليا ليه، انا جريت… جريت لحد المصرف زي المجنون، وكان في لمة كبيرة اوي زي ماتقول كده خناقة، لقيت اللي بيقول:
– لا حول ولا قوة الا بالله
واللي بيقول:
-كان راجل طيب ابن حلال.
وكنت ماشي بخطوات متلغبطة، بقدم خطوة، وبرجع خطوة، لغاية ما وصلت للجثة ووقتها كان امي وصلها الخبر وكانت قاعدة جنب ابويا بتصرخ:
-حق جوزي فيين، جم من ايطاليا عشان يموتوه… قولتلك يا عامر سيبهم… اديهم اللي هما عايزينيه، ماكانوش 7 قراط اللي هياخدوك مني…
وقتها كنت ساكت.. ساكت ومش عارف اتكلم، لغاية ما البوليس كان وصلتط وبدأو التحقيقات مع كل الفلاحين عقبال ما غسلنا ابويا ودفناه، مش هقدر انسى قعدتة على الطوبة وهو متخشب مش بينطق وفاتح عينه ومبرق اكن عايز يقول حاجه مش قادر افهمها، كل ده وانا ساكت مش بنطق اي كلمة، صوت صريخ وتعزيات حواليا كتير وانا مش برد، صدمة ووجع كبير حاسس بي مش مخليني قادر استوعب انه خلاص مات وسابني، لغاية ما جه عليا الوقت اللي استدعيت في بالتحقيق بعد ما بويا اتكفن واتدفن، اول ما قعدت لقيت وكيل النيابة بيقولي:
-البقية في حياتك يا ياسر، كلنا لها يا حبيبي، احنا جايبينك عشان تقولنا اللي حصل عشان نقدر نجيب حق والدك..
لكني ماكنتش برد، ماكنتش قادر ارد او اقول اي حاجه… فكمل كلام وقال:
-لا ركز معايه كده عشان نخلص بسرعة..
رديت لأول مره بعد الحدثة وانا ببكي:
-انا معرفش حاجه، انا كل اللي اعرفه اني لو كنت ليلتها روحت ناحية المصرف كنت ممكن الحقه، يمكن النداهة اللي عملت كده… لالا نداهة ايه هما اكيد اللي جم من ايطاليا فطوطة واخوه…
-لا اهدى كده وسيبك من موضوع النداهة ده وقولي، كنت رايح فين بليل، وايه علاقة فطوطة واخوه بالموضوع.
بعدها حكيتله على الموضوع والقصة كلها، لكنه سألني سؤال اخير:
-يعني انت مش شاكك غير في فطوطة واخوه، وعمك والمكالمة ايه نظامها…
-انا معرفش حاجه انا كل اللي اعرفة قولته لغاية ما جه عبد الرحيم الصبح وقالي…..
بعدها سكت خالص منطقتش، فهو كمل كلام وقال:
-قالك ايه يا ياسر قولي وانا هساعدك..
-مقاليش حاجه، كل اللي قاله انه بلغني بموت ابويا، في حاجه تاني اساعدك بيها حضرتك..
-لا اتفضل انت ولما نعوزك او لو في اي جديد هنكلمك…
طلعت من عند وكيل النيابة وانا عارف انا هعمل ايه، وامتى…
لماطلعت كانت الساعة حوالي 6 فاتمشيت لحد المصرف ولقيت نفسي بتصل بعبد الرحيم وبقوله:
-الو يا عم عبد الرحيم، الحقني انا جسمي كله متخشب عند المصرف ومش عارف اتحرك وشايف ابويا هناك عايش مامتش، الحقني يا عبد الرحيم ابوس ايدك…
-يا سنة سوخة عايش ازاي ، انا جايلك حالا يابني، انت ايه اللي وداك هناك بس.
معداش ربع ساعة وكان وصل ووقتها كنت انا قاعد على الصخرة اللي شوفت فيها عفريت ابويا، معرفش مكونتش خايف ازاي، ولا حتى مظهرليش حاجه ازاي، المهم عبد الرحيم وقتها كان بيقرب مني بخطوات بطيئة وهو بيقول:
-ايه يا ياسر يابني انت مالك هادي كده ايه متخوفنيش..
بعدها لفيتله وشي وقولت:
-عرفت منين يا عبد الرحيم ان ابويا مات مخنوق؟
لقيته اتلبخ في الكلام وقال:
-البوليس يابني والطب الشرعي زي مانت عارف بقى…
قلبت وشي وقولت:
-بس لا في بوليس قال مات ازاي، ولا حتى الطب الشرعي، والجثة متشرحتش واتدفنت…
لقيته طلع بالكلام وقال:
-النداهة يابني… بعيد عنك بتقتل بالخنق ، تفضل تخنق فيك لغاية ما تطلع بالروح، زي جدك الله يرحمة..
قلبت في الكلام وقولت:
-بس انا جدي الله يرحمة محدش قال انه مات مخنوق، جدي لقوه مرمي عند المصرف في الترعة…
ماكنش عارف يرد يقول ايه وقتها وكل اللي عمله انه طلع جري، فطلعت ورا ومسكته وانا بقوله بزعيق:
-قتلت ابويا ليه، وايه علاقة ده بجدي وموته؟
-اهدى بس يا ياسر يابني وانا هحكيلك على كل حاجه، عمك هو اللي خلاني اعمل كده واداني قرشين والله..
رديت عليه بصدمة وقولت:
-عمي!!… انت بتخرف بتقول ايه..
-واقسم لك بالله ده اللي حصل، بس ابوس ايدك ماتسلمني للبوليس، دي فيها اعدام يابني، وانا بجري على يتامى.
مسكته من الجلبية وفضلت احرك في يمين وشمال:
-ولما قتلت ابويا مفكرتش فيا وفي اخواتي وامي الغلبانة، نسيت دينك عشان قرشين..
بدأي يدمع وهو بيقول:
-واقسم لك بالله عمك هو اللي خلاني اعمل كده…
بعدها عمي طلع من الناحية التانية اكنه كان سامعنا وقاعد معانا، وقال:
-كداب يا ياسر… انت تصدق ان عمك يعمل كده بردو؟
بعدها لقيت عبد الرحيم بيقول:
-والله العظيم زي ماقولتلك كده يا ياسر يابني هو السبب في كل حاجه..
عمي قرب مني بخطوات بطيئة وهو بيقول:
-متصدقوش يا ياسر ده كداب.
بدأت اعصابي تسيب، والتوتر بدأ يتملكني، وفي لحظة لقيت عمي ماسكني وبيخنق فيا بعزم ما في وهو بيقول:
-هيتباعوا وهاخد فلوسهم، ومحدش هيقف قدامي حتى لو هقتل ابن اخويا، زي ما قتلت اخويا وجدك بالظبط… الموضوع كله كان محتاج عمل صغير من عند دجال على باب اللن يخليكوا تشوفوا حاجات تقنعكوا بالنداهة والسحر، لغاية ما موت ابويا اللي في النهاية كتب كل حاجه لابوك، ومسمعش كلامي كل السنين دي ورضي بانه يبيع، فكان لازم يموت.. ايوه كان لازم يموت زي ماموت ابويا….
وقتها كنت بطلع في الروح ومش عارف انطق اي كلمة، لغاية ما عمي سابني وقال:
-لالالا… انا مش هخنقك.. انت مبتعرفش تعوم، هخليك دلوقتي تجرب تعوم..
وقتها كنت واقع في الارض باخد في نفسي وبقول:
-انا مش عايز اعرف اي حاجه غير ازاي؟؟ وليه؟
فضل يسقف زي المجنون وهو بيقول:
-ازاي دي سهله كام عمل من عند الدجال خلوا الدنيا تقضى وخلاكم تشوفوا اللي شوفتوا، اينعم العمل الاخير ماكنش ليك وكان لابوك، بس كانت مصلحة لما جه فيك ومخلكش تيجي ناحية المصرف اليوم ده.. وده كان قدر، هو اللي مرضاش ييبيع وياخد كل الفلوس اللي اتعرض علينا، كل ده عشان بعد ماموت جدك اكتشفت انه كاتب كل حاجه لابوك… كان دايما بيكرهني وشايف ان اخويا احسن مني وبيفهم اكتر، بس ده مش مهم، المهم اني هاخد حقي دلوقتي..
ضحكت وقولت:
-مش هتلحق.
عمي بص وراه، واول مابص كان عبد الرحيم رازقع طوبة في في دماغة، ونافورة دم نزلت وقتها وكان واقع بيفرفس زي الدبيحة، لغاية ما الشرطة جت، اتاريهم كان بيتتبعوني عشان وكيل النيابة شك فيا، ومفيش شهرين الا واتقبض على الدجال واتحكم عليه بالسجن 7 سنين، وعبد الرحيم اتعدم، لكن عمي كانت انتهت قصتة لما مات على ايد عبد الرحيم في الليلة دي…..