جدي بقت تصرفاته غريبة، بينام بالنهار ويصحى بليل، عينه فيها لمعة مش طبيعية، قافل على نفسه في مكتبه بقاله أسبوع ومش بشوفه، ده غير الهدوم اللي فيها دم اللي بلاقيها في الغسيل!
عايش أنا وهو بس، ومن بعد ما زاره صاحبه الفرنساوي ريمون وحاله اتغير. الفضول خلاني أحاول أدخل مكتبه لما كان نايم بس لقيته قافله بالمفتاح، روحت أوضته ولقيت جنبه المفتاح، حاولت أشده وأخده بس رجعت وقفلت الباب بخوف بعد ما شوفته نايم وعينه مفتوحة!
بليل قاعدين على العشا، باصص حواليه زي ما يكون شايف حد معانا في الصالة. سألته بهدوء وحب: “مالك يا جدي، حالك مش عاجبني”.
رد عليا بنظرة صامتة وبس. حاولت أتكلم معاه بس جموده خلاني أطرد الفكرة من راسي.
رجعت أوضتي وقعدت على الفيس لحد ما الساعة جت واحدة بليل، قومت أعمل لنفسي كوباية عصير قبل ما أنام بس وقفت لما سمعت صوت جدي زي ما يكون بيكلم حد في المكتب.
قربت وحاولت أركز في الصوت. كان بيقول “بحق أزامير وياكون امنحني إياه”!
الجملة قشعرت جسمي، الكلمات دي بشوفها في الأفلام الرخيصة بتاعت الرعب، هو جدي من امتى ليه في الحاجات دي! لسه هخبط على الباب سمعت صوت أجش بيكلم جدي “لكل شيء ثمن لا تقدر على دفعه”.
مين بيكلم جدي! خبطت على الباب وسمعت صوت جدي بيصرخ “أبعد دلوقتي” وبعدها صوت زي فحيح قوي وتخبيط جامد. قلبي وقع في رجلي زقيت الباب جامد بس كان مقفول بالمفتاح، جدي كمل صريخ “ابعد يا عبدالله”.
زعقت فيه “قولي طيب في إيه وايه الصوت ده”! حاجة خبطت في الباب جامد زي ما تكون بتحاول تكسره، وصوت جدي بيكمل بصريخ “ابعد يا غبي”.
وقفت متسمر، رجعت فعلًا وحاسس بزعل كبير. مش فاهم حاجة، خايف، قعدت في الصالة وبعد ربع ساعة تقريبا جدي طلع، شكله متغير شوية بس مش عارف متغير إزاي، بصلي بغضب ومتكلمش، دخل المطبخ وجاب سكينة ورجع الأوضة تاني وأنا قاعد مذهول منه ومن تصرفاته!
مش عارف عدى وقت قد إيه بعد رحت في النوم وأنا في الصالة والصبح صحيت لقيت جدي في المطبخ بيجهز الفطار وبيدندن!
قومت وبصيت عليه لقيت هالة سودا حواليه! زي ما أكون شايفه بفلتر موبايل عامل حواليه ضباب أسود! عينه بقت واسعة أكتر، تجاعيد وشه قلت، وقفته بقت شباب أكتر!
طلعتلي ولقيت مفيش هالة حواليه كأنه سابها في المطبخ! في إيده طبق بيض أومليت ولنشون وجبنه وعيش وعامل شاي بلبن وكل حاجة عادية!
قعدنا وكل شوية أبص له، مجابش سيرة عن اللي حصل إمبارح، خلصنا أكل وقام دخل المكتب رغم أن دي مش عوايده لأنه كان بيفطر ويدخل ينام بالنهار!
دقايق والجرس رن، صاحبه الفرنساوي، بصلي وابتسم ودخل من غير كلام على المكتب.
سمعت صوتهم بيتكلموا، الفرنساوي بيتكلم عربي مكسر وبيقوله “عملتها يا شكري”؟ جدي رد بضحك “الموضوع سهل يا اخويا مش زي ما كنت متخيل”. صاحبه رد: “المهم رجعته”؟
جدي قال باستغراب: “مش عارف بس مش حاسس بحاجة”.
قلبي دق بسرعة، هما بيتكلموا عن ايه! مش عارف ليه حاسس إن في خطر وحاجة كارثية بتحصل!
صوتهم بقى واطي ومش عارف أسمعه، دقايق وصاحبه خرج وبصلي المرة دي بخوف شوية ونزل.
دخلت لجدي المكتب لقيته قاعد على الكرسي الهزاز باصص للسقف، سرحان في حاجة.
“مالك يا جدي، أبوس إيدك قولي في إيه”! بصلي بخوف واضح وقالي: “مفيش يا حبيبي، كله هيبقى كويس”.
زهقت من أنه بيتجاهلني ومش عايز يحكي، نزلت الشارع قعدت على قهوة وقابلت أصحابي ورجعت الساعة 9 بليل وبمجرد ما دخلت الشقة لقيت جدي على الأرض!
صرخت وجريت عليه حاولت أفوقه، مغمى عليه، جبتله كوباية مياه لقيته بيمسك إيدي وبيبص حواليه بخوف وقالي: “هما حوالينا”.
مفهمتش، بصيت حواليا ملقتش حاجة، رجعت ليه لقيته سلم روحه.
كانت صدمة كبيرة، جدي اللي ماليش غيره مات وسابني لوحدي، عدت عليا أيام صعبة ومكنتش متخيل أنها تمر.
3 شهور على وفاته، وفي يوم دخلت مكتبه وقلبت فيه لقيت كتاب قديم وجواه ورقة بخط إيده كاتب فيها:
إلى حبيبي وابن حبيبي، حاولت إصلاح ما فشل فيه والدك، حاولت إنقاذك من سحر سفلي يهدد حياتك ولكني فشلت، ماتت أمك وهي تلدك، وكنت على غير طبيعة أقرانك، مختلف، تحب الظلام وتتحدث مع أشياء لا نراها. حاول والدك أن يداويك بالطب والشيوخ وعلم أن هناك عملًا سفليًا صنعته عائلة أمك وهذا سبب القطيعة معهم، عمل يُبطل فقط إن وجدناه، وحين ذهب والدك لإخراجه وإبطاله وقعت له الحادثة ومات على الطريق، لا نعلم إن كانت صدفة أم أن العمل يلعن من يلاحقه.
عزيزي عبدالله، طوال سنوات حاولت إنقاذك واستعنت بصديقي الفرنسي في ذلك، لديه معرفة بتلك العلوم والأسحار، طلب من الاستعانة بملوك الجن والمردة لإحضاره ولكن هذا لم يجدي، استدعيت كثير منهم وأعدتهم إلا مارد واحد حضر وقبيلته ولم يعد، ظل معنا، حاول الاستحواذ علي ونجح، أصابني بالوهن والضعف ولكني استعنت بآخر لطرده ونجح ولكن لكل شيء مقابل، طلب روحي مقابل إحضار العمل الخاص بك، قدمتها بنفس راضية لإنقاذ حياتك.
أنت لا تتذكر ما تفعل حين لا تكون في وعيك، تقضي الليل والنهار بلا نوم، تختفي لساعات ولا أعلم أين أنت، تأتي ودماء على جسدك لا أعلم مصدرها ولكن كل هذا انتهى، عش حياتك الآن ولكن تذكر أنهم حولك، بعض ممن لم أقدر على إعادتهم، ستجد كتبًا عديدة للسيطرة عليهم عليك الاستعانة بها.
وقفت عن الجملة دي وحسيت أن في حاجة ورايا، بصيت ملقتش حد، بس في أنفاس سامعها حواليا، في برودة وسخونية في نفس الوقت حاسس بيها، كملت قراية: “سيطر عليهم بدلًا من أن يسيطروا عليك، ولا تجعل تضحيتي بحياتي تضيع بلا جدوى أو طائل. جدك المُحب: شكري.
قفلت الورقة، حسيت بعضلاتي بتنبض، عقلي بيدق، أنا مسحور! افتكرت أني كنت بنزل كتير الشارع ومش بكون فاكر كنت فين أو بعمل إيه! الهدوم اللي فيها دم كانت هدومي! بابا اتوفى من 8 سنين، فاكر شكله وهو بيتخبط بعربية ربع نقل سريعة! هو أنا شوفت الحادثة إزاي رغم أني كنت في البيت!
قلبي بيدق أسرع، أنفاس كتير حواليا وخيالات بتتحرك. فجأة النور طفى.
شايف في الضلمة عادي، قدامي 3 مسوخ واقفين في المكتب، بيبصلوي باستغراب، بلعت ريقي بخوف ومسكت الكتاب اللي كان فيه الورقة وبدأت أقلب فيه لحد ما وقفت عند الفصل اللي عايزه “باب السيطرة على المردة وملوك الجن”.
صعب أنك تعيش حياتك لوحدك، بس أنا مبقتش لوحدي، دلوقتي معايا 8 مردة وملوك للجن تحت خدمتي، منهم اللي بيعاند وبيحاول يأذيني علشان يخرج من سيطرتي ومنهم اللي طوع أمري، المهم اني قدرت انتقم من أهل أمي اللي أذوني يوم ولادتي وعملولي عمل سفلي قوي لمجرد أنهم رافضين جواز بابا وماما. اكتشفت أن الاذى سهل وأن اللي معاه القوة يقدر يأذي بس أنا قررت أعوض اللي عملته لما كنت مسحور، قررت أستغل قوتي في الخير مش الشر والسيطرة.
ويمكن علشان كده كتير بكون قاعد في المكتب وبلاقي طيف جدي مبتسم وبيضحك. دلوقتي أكيد هو راضي عني وعرف أن تضحيته كان ليها جدوى.
#تمت
#عبدالرحمن_دياب