قصص

قصه غرفه 7

جريت وأنا باتلفت حوالين نفسي، فتحت اللايف بسرعة، إيديا كانت بتترعش، قعدت قدام الموبايل، حاولت أمسح دموعي وأبطّل عياط، بصيت للموبايل وقبل ما أنطق كان البث اتقفل!
غمّضت عينيا وبنفاذ صبر قومت فتحته تاني، وأول ما قعدت اتقفل تاني، فضلت على كده كذا مرة، فصرخت بصوت عالي…
– سيبني في حالي بقى.
قومت عشان أشغل البث تاني، ولما رجعت مكاني لقيت المراية المتعلقة على الحيطة اللي في وشي دايمًا، وأنا بصور مكتوب عليها…..
– مش هاسيبك.
أنا أخدت قرار إني أحكي اللي بيحصلي عشان فاض بيا، قربت ستاند الموبايل من الكرسي اللي قاعدة عليه، ومديت إيدي ودست على زر التشغيل واللايف بدأ، فضلت ساكتة كذا دقيقة لحد المتابعين ما يتجمعوا….
كنت بافكر في آخر لايف ليا..
الفرق بينه وبين ده ٧ أيام، عدوا كأنهم سنين، مابقاش عندي جرأة أبص حتى جنبي، بقيت أخاف أنام، بس أنا عارفة إن اللي مريت بيه من أول ما رجعت من آخر جولة عملتها، صعب ويمكن مستحيل حد يستحمل اللي جرالي، ويفضل بعقله أنا أوقات باشك في نفسي ، مسحت وشي وحاولت أظهر مش مهزوزة مع إن ده كان واضح جدًا عليا.
ابتسمت بهدوء بس الابتسامة دي اتبخرت بسرعة البرق أول ما لمحت الظل الأسود الرفيع واقف ورا الموبايل!
عينيا دمعت غصب عني وبدأ الخوف يتملك مني تاني، شبكت إيديا في بعض، وغمضت عينيا، وأخدت نفس عميق وبدأت….
متابعيني الكرام ازيكم! عاملين إيه؟
صوتي كان مهزوز أوي، كان باين عليا الرعب، كنت باتكلم وأنا مغمضة عينيا، خايفة أفتح!
فتحت عينيا بالتدريج، وبدأت أتكلم تاني، لأول مرة أحس إن الكلام تايه مني، كتير منكم كان شايف إني حد مابيتهزش، ومش باخاف، باروح أماكن كتيرة، وباتصور وعايشة حياتي مغامرات، بس أنا النهاردة جاية أهد ليكم كل حاجة عرفتوها عني، أنا خايفة، أيوة خايفة، والله خايفة!
ناس كتير هتقول “ماهي” بتعمل شو عشان تطلع تريند، بس والله أبدًا، الموضوع كله بدأ من ٧ أيام بالظبط….
كنت باخطط لجولة في مدينة…… عشان أسجل فيديوهات مع شخصية أثارت الجدل على الميديا، يومها الفندق اللي كنت حاجزة فيه طلع وهمي، فاضطريت أشوف أي فندق تاني عشان مش هينفع أرجع وألغي الجولة، ولا حتى إني أبات في الشارع!
كل الفنادق محجوزة وكاملة العدد، حطيت شنطتي في التاكسي للمرة اللي مش عارفة عددها، وطلبت منه يوصلني محطة القطر…
سألني إذا كان يقدر يساعدني في حاجة؛ لأني كنت باعيط وقتها، فحكيت ليه اللي حصل وإني مش لاقية فندق أبات فيه، وقتها ضحك وقالي….
– “اسم المدينة” لا يمكن ترفض حد جه قاصد يزورها، أنا عارف فندق كويس هاوديكي فيه.
– بجد، يا رب يكون فيه أوضة فاضية.
– إن شاء الله يا ست الكل.
كان الطريق طويل نسبيًا على ما وصلنا للفندق، صحرا ونخل وبيوت لونها أبيض زاهي -أعتقد كده ممكن أكون سهلت عليكم اسم المدينة لأني أكيد مش هقدر أقولها- طلب مني أستناه في التاكسي ودخل هو، وبعد نص ساعة خرج معاه موظف من الفندق عشان يشيل الشنط، فتح الباب وقالي…
– أحلى أوضة في الفندق لعيونك.
– مش عارفة أقولك إيه، أنا متشكرة جدًا.
مد إيده في تابلوه التاكسي، وعطاني كارت وقالي…..
– مفيش شكر انتي هنا ضيفتنا، ده رقمي لو عوزتي تروحي في أي مكان، اتصلي بيا.
– حاضر.
حاسبته ونزلت من التاكسي، الموظف أخد الشنط ودخل، وأنا خدت نظرة كده على شكل الفندق، كان جميل أوي وهادي، دخلت وخلصت كل الإجراءات ووصلوني لأوضتي! قفلت الباب وفتحت الشباك، الفيو من هنا روعة، صحرا عينيك مش هتعرف تجيب آخرها، قفلت الباب بالترباس الصغير.
وكلمت الاستقبال، طلبت منهم ماحدش يصحيني خالص، رميت نفسي على السرير، وأنا بافكر في كم اللف والتعب اللي جرالي في السفرية دي لحد دلوقتي، وهي تعتبر لسه مابدأتش، أنا هنام دلوقتي ولما أصحى كل حاجة هتبقى كويسة، فجأة سمعت صوت في الأوضة معايا وأنا لسه هنام، كان صوت وشوشة خفيف، حاولت أرفع راسي عشان أشوف فيه إيه، لقيت شنطي اللي كانت مركونة على الحيطة واقعة على الأرض، كنت حاسة إن راسي تقيلة أوي، فغمضت عينيا وماقاومتش النوم……
ولما صحيت كان الوقت متأخر تقريبًا الساعة كانت ١١ أو داخلة على ١١، دخلت الحمام عشان آخد شاور، كان فيه حاجة غريبة بتحصل، كل ما أظبط المية كانت بتسخن جامد لوحدها أو تبرد جامد، المحابس كانت بتتقفل مع نفسها، اكتفيت بغسل وشي وخرجت، أنا كنت سايبة الشنطة جنب الباب فجأة مالقتهاش، قلبت عليها الأوضة والدولاب والحمام والبلكونة ماكانتش موجودة، جريت علي الباب عشان أتأكد إن ماحدش نزل، بس لقيت الترباس مقفول لسه، سمعت حركة كده زي مايكون حد بيجر حاجة، بصيت ورايا بسرعة لقيت الشنطة بتاعتي حرفها ظاهر من تحت السرير، جريت وشدتها وأنا باشدها كنت حاسة إن حد بيشدها قصادي، وفجأة سابها فوقعت على ضهري وطلع قط من تحت السرير، خرج جري للبلكونة، سبت الشنطة وطلعت البلكونة وراه، كان واقف على السور وكل تركيزه عليا، أنا بحب الحيوانات مش باخاف منها، مديتله إيدي وحاولت أطمنه عشان ماينطش، على الأقل هاخده وأفتحله الباب وأخرجه برا الأوضة بأمان، بس مع أول خطوة أخدتها باتجاهه، طلع منه صوت غريب وبعدها نط، ماقدرتش أستحمل الموقف، قفلت باب البلكونة كويس ودخلت قعدت ورا الباب، كنت باعيط كأن حد عزيز عليا مات، استغربت نفسي أوي، بس طاقة الحزن اللي جوايا كانت غريبة جدًا، كل العياط ده على قط!
أخدت وقت كتير على ما هديت، ووقتها كنت فقدت كل طاقتي، مشيت زي اللي متبنج لحد ما وصلت للسرير، ورميت نفسي عليه وبعدها ماحسيتش بحاجة خالص، كان فيه صوت دوشة كتير صريخ، عياط وضحك، وحاجة ناعمة بتمشي على إيدي، حركت كفي عشان أشوف إيه ده لقيته فرو حاجة صغيرة، شفت وش حيوان!
قطة، إيه هيجيب قطة هنا، دي نطت وقفلت البلكونة، فتحت عينيا ببطء، كان القط اللي شوفته قبل ماانام واقف على صدري، اتفزعت وقومت بسرعة وأنا مش مستوعبة، بصيت حواليا مالقتش حاجة، قلبت الأوضة ومالقيتش حاجة، فقلت أكيد دي تهيؤات عشان القط نط قدامي….
هابقى كويسة، كان الفجر قرب يأذن لبست هدومي ونزلت، الجو في الأوضة دافي أوي، بس بره كان برد جدًا فدخلت جبت جاكيت ولبسته ونزلت اتمشيت شوية، كنت بالف حوالين الفندق وباتمشى في أماكن قريبة، مع شروق الشمس لفت انتباهي إن الفندق شكله كان أجمل بكتير من لما شوفته، تفاصيل كتيرة حلوه فيه.
إيه ده، ثانية واحدة دي أوضتي!
مين اللي واقف في البلكونة ده!
معقول حد دخلها، طلعت أجري لحد ما وصلت وفتحت الباب وأنا بانهج، أنا متأكدة إني شفت حد واقف في البلكونة ونور الأوضة كان شغال، بس لما دخلت كانت البلكونه مقفولة والنور مطفي….
نزلت عشان أفطر، وقلت يمكن غلطت في أوضة جنبي، اتصلت بسواق التاكسي وأخدني في جولة في المدينة، كانت كل حاجة تمام وممتعة لحد ما خلصت وروّحت الفندق، يادوب وصلت وأخدت شاور وفردت جسمي على السرير، لقيت باب الحمام بيتفتح ويتقفل مع نفسه، النور بيولع وينطفي، كأن حد واقف وإيده على الزرار، فجأة سمعت صرخة جامدة من ركن في الأوضة، وحسيت ببرودة جامدة.
صداع، وجع فظيع في دماغي وصوت بيهمس جنبي بكلام مش مفهوم، اخدت أقراص المسكن اللي كانت جنبي، وحاولت أخرج بس باب الأوضة ماكنش بيفتح، فضلت أشد وأخبط فيه، وأنادي يمكن حد من برا يسمعني ويفتحه، فقدت الأمل وسندت ضهرى على الباب وفضلت أعيط لحد ما حسيت بنفس دافي قريب مني، كان فيه ضل واقف قدامي، ضل طويل وأسود ورفيع، كان بيقرب لحد ما حسيت برعشة غريبة في جسمي، وبعدها حسيت إن جسمي خفيف أوي وإن حد بيتحكم فيا، وصلت للسرير وشديت الغطا عليا جامد، فضلت باصة قدامي على الحيطة، من امتى الصورة دي متعلقة على الحيطة، أنا أول مره آخد بالي منها، هو ليه الشخص اللي في الصورة مكشر كده، علي الرغم من جماله إلا إن ملامح وشه كانت مليانة غضب، هو فيه حد عاقل بيحتفظ بصورة بالشكل ده!
ماعرفش أنا نمت امتي، بس كل اللي فاكراه إني فضلت باصة للصورة كتير.. كتير أوي.
أول حاجة عملتها لما فتحت عينيا إني بصيت على الحيطة؛ عشان أتأكد من اللي شوفته امبارح، كانت الصورة في مكانها على الحيطة، والشخص اللي فيها كان بيضحك ومعاه قط أسود!
أيوة بالظبط، هو نفس القط اللي شوفته بينط من البلكونة، بمجرد ما قفلت عينيا وفتحتها كان القط مش موجود في الصورة، النهاردة تاني يوم ليا في الفندق، حاولت أتحرك، جسمي كله كان بيوجعني ومكسر، قاومت واتحاملت على نفسي ده مش وقت تعب، دخلت الحمام أخدت شاور ودورت على لبسي مالقتهوش، كان اختفى!
أنا فاكرة كويس إني أخدته معايا الحمام، أنا مش متعودة ألبس برا الحمام لما أكون برا البيت، طلعت وأنا باتأفف لقيت هدومي على السرير مترتبة بنظام ودافية كأنها مكوية، اللي بييجي على بالي دايمًا الباب، بس بصيت ع الترباس كان مقفول!
يمكن فيه باب سري في الأوضة على جناح تاني!
لبست هدومي بسرعة، وأنا بافرد شعري لمحت الصورة كانت الابتسامة واسعة أوي وملفتة على وش صاحبها، أنا متأكدة إن الصورة دي مش طبيعية؛ ممكن تكون زي لوحة الموناليزا!
قربت من حيطان الأوضة وفضلت مركزة معاهم ماكنش فيهم حاجة غريبة، حركت السرير، بصيت ورا الدولاب ماكنش فيه أبواب سرية، أومال مين اللي طلع هدومي ورصها وكواها!
موبايلي رن، كان سواق التاكسي، جاي في معاده بالظبط، فيه مكان لازم أروحه هنا ضروري، أنا جيت المشوار ده كله عشانه….
أخدت شنطتي وخرجت، وصلني للمكان وهو ساكت مافتحش بوقه رغم إن كان باين إنه شخصية رغاية، طلبت منه يستناني، نزلت ومشيت في الشوارع الضيقة لحد ما وصلت، البيت الصغير ده هو بيت “العارف”، خبطت فتحلي راجل في آخر الأربعينات وقالي…..
– يا سواد حظك يا بنتي.
– عايزه أقابل العارف!
– مفيش إجابة هتشفي فضولك.
– قولتلك عايزة أقابله..
– أنا قدامك أهو.
– انت العارف؟ يوسف!
– أيوه أنا، خير!
– أنا بعمل فيديوهات على الميديا، وكنت محتاجاك تظهر معايا، هعمل حلقة عنك، انت قلبت الدنيا بتكهناتك عن المستقبل.
– انسي، مش جوي الجو ده.
– أرجوك، انت متعرفش أنا مريت بإيه عشان أوصلك.
– مكتوب على جبينك وأقدر أقراه، كل اللي مريتي بيه مايجيش ذرة جنب اللي جاي.
– تقصد إيه؟
– ماقصدش.
– فهمني.
– هتفهمي لوحدك كل الوقت مايعدي.
رفض رفض قاطع إنه يظهر معايا، خرجت من عنده وأنا تايهة، لا فاهمة ولا حاسة ولا سامعة، مشيت كأني منومة لحد ما وصلت لمكان غريب كله رمل، البيوت كانت ورايا كأنها أشباح بتطاردني، حسيت إني عايزة أنام مش قادرة أقاوم، طلعت الموبايل وقبل ما أتصل على سواق التاكسي حسيت بدوخة وكنت باقع بس إيديه أنقذتني، سندني لحد التاكسي وجابلي عصير، وقالي…..
– معلش بس انتِ إيه حكايتِك؟ غصب عني فضولي خلاني أمشي وراكِ، وشوفتك وانتِ بتدخلي بيت الغريب.
– العارف!
– ماحدش يعرفله اسم، فبنقول عنه الغريب.
– أنا باعمل فيديوهات ع الميديا، وكنت جاية أسجل معاه بس ماوافقش.
– ولا هيوافق.
– ليه!
– عشان….. هبقي أحكيلك بعدين، تعالي أوديكي مكان جديد في بلدنا هيعجبك.
اليوم خلص بسرعة، على قد ما كنت زعلانة إن السبب اللي خلاني آجي ضاع على قد ما فرحت، صورت فيديوهات كتيرة هناك، رجعت الفندق وأنا مبسوطة ومرتاحة، قعدت على السرير وقلعت الشوز، بصيت على الحيطة بتلقائية، لقيت الشخص اللي في الصورة مكشر، وملامحه باين عليها الغضب، ماقدرتش أكتم الضحك وقتها…
الصورة كانت بتضحك الصبح ودلوقت مكشرة، مفيش عقل ولا منطق يقدر يحط تفسير للي بيحصل ده.
قررت أحسم الأمر ويلا اهو فيديو عن أوضة في فندق فيها لوحة غريبة بتضحك الصبح وتكشر بالليل، سجلت فيديو وأنا واقفة والصورة ظاهرة ورايا مكشرة، والصبح سجلت فيديو تاني والصورة بتضحك، وعملت تعديل وحطيت الاتنين جنب بعض ورفعتهم، وفجأة الفون فصل شحن، وبدأت اللعنة اللي بجد….
عشت أسوأ ٤ أيام في الفندق، قضيتهم في الأوضة ماكنتش باقدر أخرج، كنت تعبانة وجسمي مهبّط بطريقة غريبة، جابولي كذا دكتور أكد إن مفيش فيا حاجة، ماكنش ينفع أسافر كده، مش هاستحمل الطريق….
كانت فيه بنت من خدمة الفندق بتفضل معايا طول النهار وبالليل بيطمنوا عليا من وقت للتاني، كنت لوحدي في الأوضة، بس حاسه إن فيه حد معايا، نفس جنبي على المخدة وريحة وحشة أوي، ماكنتش بعرف أغمض طول الليل، فيه إيد بتلعب في شعري بشكل مقزز لدرجة إني طلبت من البنت اللي بتقعد معايا بالنهار تقصلي شعري، بس هي رفضت….
أنا مش فاهمة إيه بيجرالي، بس عارفة إن فيه حاجة غلط في الليلة السادسة، ماكنتش قادرة آخد نفسي، كنت باموت وجسمي كله بيتشنج وحرارتي عالية، الدكتور طلب منهم ينقلوني لأقرب مستشفى، بس ماقدروش يفصلوني عن السرير كأني متثبتة بغرا، كلهم حسوا إن فيا حاجة غريبة، طلبت منهم يجيبولي سواق التاكسي، وحكيتله كل اللي حصل، وعدني إنه يخرجني من هنا.. كنت باعيط وأنا باقوله….
مش عايزة أموت في المكان ده، بس عارفين لو كنت مت وقتها العذاب ده كان انتهي….
خرج السواق ورجع بعد كذا ساعة مع شيخ كبير في السن، قعد قدامي وبدأ يقرأ قرآن، صوته كان بيبعد واحدة واحدة، كان قاعد قدامي شفايفه بتتحرك وبيتكلم بس مش سامعاه، بدأ يرش عليا ميه، كنت باحسها بتكويني، وفجأة ماحسيتش بنفسي إلا وأنا ماسكاه من رقبته وباخنقه وأقوله كفاية، السواق كتّفني والشيخ كمل زي المرة اللي فاتت، صوته بيضعف، كأنه بيروح مش سامعاه، فضلت بصاله وباضحك، كنت باضحك بشكل هستيري وباطلعله لساني وباتريق عليه، لحد ما ضربني بالقلم وفقدت الوعي….
فقت في التاكسي وشنطتي جنبي، والسواق بيقولي…..
– وصلنا محطة القطر يا ست الكل، آسف إني ماقدرتش أخدمك ولا ألاقيلك أوضة، انتِ عارفة البلد صغيرة.
فتحت عيني على وسعها، ماكنتش مستوعبة!
دة حلم، أكيد كل ده كان حلم، مش حقيقي لا يمكن، نزلت أجرّ شنطتي، ودخلت المحطة ورجعت البيت وأنا في دوامة، تقدر تقول دخلت فجوة زمنية ثقب أسود، هو فيه إيه؟
روحت الشقة، وأول حاجة عملتها إني أخدت شاور، وطفيت نور الشقة كلها، ودخلت أوضتي قعدت على السرير، وبدأت أعيط، انهرت من العياط.
وفجأة حسيت بنغزة في قلبي عارفاها كويس، وبعدها بدأت الإيدين تمشي على شعري، والنفس الدافي يقرب من وشي، والريحة المقرفة تتغلغل في مناخيري، بصيت جنبي حسيت فعلًا بحد قاعد بس مش شايفاه، دفنت راسي في الغطا اللي قدامي، وأول ما رفعتها كانت الصورة متعلقة على الحيطة، دي نفس الصورة اللي شوفتها في الفندق، مستحيل يكون كل ده حلم!
إيه اللي جاب الصورة دي هنا، الشخص بيضحك، ولّعت نور الأوضة وقرّبت من الصورة، أول مرة أقف قدامها كده، اتصدمت من الشبه الكبير بين العارف اللي شفته في البيت وبين صاحب الصورة، شبه إيه ده هو نفسه!
جريت على الفون لقيته فاصل شحن، حطيته ع الشاحن وأول ما شحن قررت أطلع لايف، وأحكي كل حاجة حصلت معايا.
مسحت وشي، وبصيت للكاميرا بتاعة الموبايل، وقلت….
– أنا محتاجة تساعدوني ألاقي تفسير للي بيحصلي، كلكم عارفين مين ماهي، أنا عمر شكلي ماكان متبهدل كدا، لو حد يقدر يساعدني مايتأخرش.
قفلت البث وكنت مفكرة إن الدنيا هتتقلب عشاني، بس ولا حاجة حصلت، حرفيًا ماحدش اهتم رغم إن عدد مشاهدات اللايف تخطى المليون، لكن مفيش حد رفع سماعة الفون عليا غير بعد كام ساعة من اللايف، لقيت اتصال من سواق التاكسي بيسأل فيه عني!
– قولي بأمانة فيه إيه حصل؟ أنا متأكدة إنك بتكدب عليا! اللي كان معايا في الفندق لسه معايا هنا.
– شفت البث بتاعك، وماكنتش أتمنى توصلي لكده، اوعديني تتماسكي يوم واحد، وكل ده هيتحل بإذن الله، أنا مش هاسيبك؛ عشان كنت السبب في اللي انتِ فيه، وبإذن الله هاخرجك منه.
– كنت السبب ازاي؟
– مش وقته.
– فهمني إيه بيحصل حواليا!
– كل حاجة انتِ فاكراها حقيقة حصلت بجد، الحكاية بدأت لما دخلت الفندق؛ عشان أشوفلك أوضة فاضية، الصراحة ماكنش فيه أوض غير أوضة ٧، ودي كانت مقفولة بقالها فترة طويلة وماحدش بيدخلها.
– ليه؟
– لحد كده وكفاية لما أقابلك هاحكيلك، انتِ بس حاولي تستجمعي قوتك وماتضعفيش ولا تخافي، هو بيقوى بخوفك.
– هو مين؟
– هزيم.
– مين هزيم؟
– بطلي أسئلة.
– طب آخر حاجة الصورة اللي في البرواز في الفندق، الشخص اللي فيها هو نفسه العارف قصدي الغريب.
– لا العارف راجل كبير، إنما اللي ظهرلك لما روحتي بيت الغريب هزيم مش العارف.
– طب مين هزيم؟ ألو ألووووو.
الخط اتقطع، وصوت الضحك ملا المكان، وقفت بثقة وقوة، وبدأت أصرخ وأقول….
أنا مش خايفة منك؛ انت جبان وضعيف، بتتعمد ماتظهرش عشان أخاف.
فجأة المراية انفجرت بقوة، كل الكريستالات والأباجورات والأنتيكات والبراويز اتكسرت، ولمبات النور بدأت تطفي واحدة ورا التانية لحد ما بقى المكان عتمة، أنا مش شايفة فيه حتى إيدي…
الموبايل مابينطقش، الجو بقى برد، برد من اللي بيجمد الدم في العروق، الريحة الوحشة إياها، إيد شدت شعري لورا جامد، وإيد مسكت رقبتي وضغطت عليها جامد، كنت حاسة إني باتخنق، مش قادرة آخد نفسي.
صوتي كان بيخرج ضعيف….
– سيبني؛ انت عاوز مني إيه؟
همس من كل اتجاه، أشخاص كتيرة بيرددوا في نفس واحد..
– اللي يطلبها هزيم ماتقاومش، تقول نعم وحاضر… اخضعي لأمره، اركعي ليه.
– أنا مش هر….
الدم كان بيغلي في جسمي، ماقدرتش أكمل كلامي، الأصوات وقفت، بس كنت حاسة إن فيه حاجة مكتفاني ومثبتاني في الأرض، وفجأة لقيتني باترمي على الحيطة، وقعت على الأرض وبقيت باتلفت حواليا بفزع، كنت باحاول أفتكر آية الكرسي، الحروف تقيلة على لساني، دماغي هتنفجر، افتكرت السلسلة، بس الدنيا ضلمة، فيه صوابع بتمشي على شعري، أنا لازم أتحرك، قمت وأنا مش باقية على حاجة، اتخبطت في الترابيزة واتكعبلت فوقعت، كنت حاسة بحاجة بتزحف ورايا، اتحاملت على نفسي وقمت وصلت للصندوق، وطلعت السلسلة مسكتها وفضلت مغمضة عينيا، ماكنتش قادرة أنطق، جسمي كله كان بيتنفض مع الصراخ اللي كان بيهز الشقة، عياط جامد، صوت تكسير وكلام غريب بيتقال، فضلت كده فترة طويلة لحد ما جرس الباب رن، فتحت عينيا ببطء، كانت الدنيا متبهدلة، كل حاجة متكسرة، والعفش مدمر والدنيا بايظة، اتحرك ناحية الباب، كان السواق ومعاه نفس الشيخ، دخلوا والشيخ بصلي وقالي…..
ربنا حفظك، انتِ حد قوي إنك استحملتي، نجيتي إزاي؟
فردت إيدي، فبانت السلسلة، كان فيها دلاية على شكل دايرة فيها لفظ الجلالة “الله”.
– الحمد لله إنك بخير، ساعدينا عشان نساعدك.
– إزاي! مطلوب مني أعمل إيه؟
– هتقعدي على الكرسي ده، وهنكتفك.
– نعم!
– أرجوكي، اسمعي الكلام لو عاوزة تخلصي.
– أنا ماعنديش حاجة أخسرها، حاضر.
مشيت لحد الكرسي اللي شاور عليه وقعدت بهدوء، فتح السواق الشنطة اللي كانت معاه، وطلع منها حبل بدأ يلفه حوالين الكرسي ويربطني بيه، بعدها الشيخ طلب منه ينده للست اللي بره، دخلت واحدة ست بشرتها سودة وشكلها يخوّف، كانت لابسة أسود في أسود، كان معاها قزازة مية بدأت توضيني منها، للمرة الأولى أحس إن جسمي بيتحرق، جلدي كان بيقع قدام عيني في نفس المكان اللي بتمسكني منه، كنت باصرخ وأشتمهم، وأوقات باتحايل عليهم يسيبوني، كنت باحاول أحرك الكرسي.. أكسره.. أعمل أي حاجة عشان أخرج من هنا.
خلصت وأنا جسمي كله بينزف دم، وحتت كتير جلدها وقع، كنت حاسة بوجع فظيع، الشيخ بصلي وقالي معلش هانت، حط ملاية بيضة عليا، وبعدين رش عليا حاجة، وبعدها قرب وحط إيده، وبدأ يقرأ……
بسم الله الرحمن الرحيم
“وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ، فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ، فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ”
صدق الله العظيم..
قالها ٣ مرات، وكمل..
بسم الله الرحمن الرحيم
“اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ” صدق الله العظيم..
قالها برضه ٣ مرات، ثم قال…..
بسم الله الرحمن الرحيم
“قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ، لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ، وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ، لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ.”
صدق الله العظيم..
بسم الله الرحمن الرحيم
“وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ.”
صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
“وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا.”
صدق الله العظيم
بسم الله الرحمن الرحيم
(إِنَّ عِبادي لَيسَ لَكَ عَلَيهِم سُلطانٌ إِلّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الغاوينَ)
ماكنتش قادرة أتحمل، كنت باصرخ وأصرخ لحد ما فكرت إن أحبالي الصوتية هتتقطع، بس أخيرًا النار اللي جوايا بدأت تهدا، وضربات قلبي بدأت تنتظم حتى نفسي رجع طبيعي، فتحت عينيا، الشيخ شال الملاية من عليا، بصيت حواليا لقيت السواق وست شكلها طيب جدًا، ووشها ابيض زي الحليب بتقولي….
– قدر ولطف يا حبيبتي.
الشيخ كان واقف، جسمه كله عرق وهدومه مبلولة….
قعد على الكرسي، وقال….
– حمدًا لله على السلامة.
– الله يسلمك، بس أنا مش فاهمة حاجة.
– علي هيفهمك.
شاور لعلي – السواق – فقعد قدامي، وقال:
بصي، انتِ صعبتي عليا، ولما روحت الفندق ماكنش فيه أوض فاضية، بس كان ليا صاحب شغال هناك، وعارف منه إن فيه أوضة مقفولة ماحدش بيفتحها؛ عشان حصلت فيها حادثة، دخلنا للمدير وأقنعناه إن الحادثة مر عليها كتير، وخلاص أكيد كل حاجة بقت أحسن، وطلعت قولتلك إن فيه أوضة.
– حادثة إيه؟
-هاحكيلك، بس اوعديني تسامحيني.
– احكي….
– كان فيه ٣ بنات نزلوا في الفندق ده، وقتها قالوا إنهم بيعملوا سياحة داخلية، بس عاملات النضافة في الفندق لاحظوا حاجات غريبة في الأوض، البنات دي كانت بتمارس طقوس مريبة، نجوم على الأرض ودم كتير وشمع دايب ومسامير، المهم صاحب الفندق اتأكد بنفسه وطردهم، بعدها فيه بنت نزلت في الأوضة دي، وكانت بتشتكي كتير، وتقول إنها بتحس حد معاها وحاجتها بتختفي، لحد ماركبولها ترباس في الباب من جوة، ولكن شكوتها استمرت برده، البنت فضلت كذا يوم في أوضتها مش بتطلع منها ولما فتحوا الأوضة ماكانتش بتتفتح، كانت مقفولة بالترباس من جوة، حاولوا مايعملوش شوشرة، جابوا رافعة ودخل حد من العمال من البلكونة؛ لأن صعب ينط من بلكونة للتانية، ودخل فتحلهم الباب، واتصدموا كلهم…
البنت انتحرت، جثتها كانت نازلة من السقف، وكان تحتها قط أسود صغير نام أول ما حس بالحركة، طلع يجري من الأوضة، كل اللي لقوه في حاجة البنت ورقة مكتوب عليها هزيم قالي أنتحر لو مش عايزاه.
من بعدها الأوضة دي اتقفلت حوالي ٧ سنين، وماتفتحتش غير لما انتِ كنتِ بتدوري على أوضة، أنا ماكنتش أقصد أعرضك للأذى…
أنا حكيت لأمي كل حاجة بعد ما روحت، وهي طلبت مني أصارحك بس خفت، ولما لقيتك بتتعبي جبت الشيخ خالد هو خالي، حكيتله اللي حصل وقال هيساعدني بشرط أعترفلك.
أنا عارف إن ممكن كنتِ تخسري حياتك بسبب غلطتي وكذبي.
– الحمد لله حصل خير.
تمت

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط