“في حد بيطاردني وحالف ياخد روحي”. قالها منصور وهو بيترعش وبيستخبى جنب اخوه خضر على السرير.
اتعدل خضر وبص بخوف لمنصور وقاله “انت اتجننت ياض؟ مين اللي بيهددك”؟ كمل جملته وقام جاب شومة من جنب السرير طويلة وسودا زارع فيها مسامير شكله حاد ومخيف.
منصور عينه بقت مبرقة وشاور على الباب وقاله بصوت مبحوح “أهو، بيحاول يدخل، متخليهوش ياخدني يا خضر”!
الباب كان بيتهز زي ما يكون حد واقف وراه بيزقه جامد، في صوت زي الحشجرة مسموع من وراه. خضر قرب ورفع الشومة لفوق واستعد يضرب اللي يدخل. الصوت فضل مكمل والزق مستمر ومنصور صوت عياطه ظهر أكتر، وفجأة الدنيا ضلمت!
اللمبة فصلت، النور اللي جاي من الشباك بينّ ملامح الأوضة، الباب مفتوح وخضر واقف يلف حواليه، سامع صوت حاجة بتعمل زي ما يكون شخص بيطلع في الروح ومش عارف يتنفس. خضر صرخ واتعصب “مين هنا”؟
الصوت زاد، منصور ضم رجله في بعض وقعد على السرير بيعيط أكتر، في كيان اتشكل في الأوضة زي دخان أسود لحيوان ضخم شبه الديب وعينه رمادي ومخالبه طويلة جدا قرب من منصور.
خضر رفع الشومة ونزل بيها على المخلوق ده وهو بيحاول يسيطر على خوفه، الشومة نزلت ومحصلش حاجة، كأنه نزل على هوا! المخلوق كمل ووصل لمنصور، فتح بقه، خرج دخان غريب ولف حوالين الشاب اللي بيعيط ومفيش ثواني وخضر سمع صريخ جامد في الأوضة وكل حاجة ضلمت تمامًا وبعدها النور رجع. منصور كان على السرير جثة باصة للسقف والزبد بينزل من بقه ووشه عليه خوف كبير، ومفيش حاجة تانية في الاوضة!
…………..
“لسه مش قادر تنسى”؟ قالها مسعد لخضر على القهوة، مر على الحادثة دي أسبوع ولسه الصدمة على الوش والذكرى مش قادر ينساها.
خضر بص لصاحبه وقاله “عايز اعرف اللي حصل بس، ليه منصور، وايه المخلوق ده”؟ مسعد سكت، مش عارف يصدق صاحبه ولا لا، بس اللي حصل كان غريب والكل عارف أن خضر ومنصور اخوات ومستحيل حد فيهم يأذي التاني والبوليس قال إن منصور مات من الخوف ومفيش شبهة جنائية.
“أنا مروح” قالها خضر وقام، مسعد معلقش، سابه يقول ومتكلمش بس لاحظ حاجة غريبة افتكر أنها بسبب إضاءة الشارع الضعيفة. شاف حاجة شبه الدخان بتدور حوالين صاحبه وبعدها طارت بعيد!
………….
الأوضة كلها كركبة، خضر بيفتش في كل مكان علشان يوصل لحاجة تدله على اللي حصل، فتح الأدراج وشاف الورق والحاجات بتاعت اخوه اللي مات بس موصلش لحاجة، أكيد في سبب بس مش قادر يوصله.
لفت نظره أن الدرج فيه خشبة عريضة بتخبي حاجة تحتها! رفعها بسرعة ولقى خاتم غريب ذهب وعليه وش ديب!
جسمه اتنفض، الخاتم باين عليه أثري! شافه قبل كده وعارفه كويس!
“رجعه”! سمع الكلمة بتتردد حواليه!
لف ودار حوالين نفسه وصرخ بخوف “مين هنا”! الصوت كررها تاني بنبرة حادة كلها تهديد “مش حقك”!
خضر بص حواليه ولقى الشومة مسكها جامد ورفعها يحمي نفسه من حاجة هو مش عارفها، الهوا بارد حواليه جدًا، بدأ يسمع صوت الحشرجة الغريبة اللي سمعها ليلة ما مات منصور، جسمه اتنفض من الرعب وافتكر اللي حصل، الباب بدأ يتهز تاني!
فكر بسرعة يهرب بس مش عارف إزاي، مفيش غير الشباك، مسك الخاتم وحطه في جيبه وجري فتح الشباك ونط من الدور الأول نزل على الأرض وجسمه بيوجعه وحاسس أن رجله اتكسرت. قام بصعوبة وبص فوق للشباك لقى وش الديب بيبص له بعينه الرمادي، كشر على أنيابه وبان دخان بسيط خارج من بقه!
ستر ربنا أن شقتهم معفنة، قديمة، منطقة شعبية والشباك بيبص على حارة ضلمة، استوعب خضر أنه هرب وطلع جري من الحارة للشارع الرئيسي وسط الناس.
حط إيده في جيبه وطلع الخاتم وبص فيه برعب، أكيد هو ده السبب! الخاتم اللي اخدوه من الجثة اللي اتدفنت من فترة في المقابر اللي جنب المنطقة، الخاتم اللي طلع من نصيبهم بعد ما فتحوا القبر هو واخوه.
طلع على المقابر جري وكل شوية يتلفت حواليه، وصل ونادى على عم عبدالودود التربي. الراجل عارفه وبيسهل لهم الحاجات دي. شاف عبدالودود وقاله “مفيش النهاردة حاجة جديدة يا خضر”.
خضر قرب منه وطلع الخاتم وقاله: “فاكر ده”؟ الراجل بص باستغراب وبص حواليه خايف يكون حد شايفهم أو سامعهم: “اه طبعًا حقك، انا اخدت سلسلة ذهب كانت مدفونة مع الجثة وأنتوا اخدتوا ده”.
رد خضر بصوت واطي بيترعش: “الخاتم ده موت أخويا من أسبوع وفي حاجة بتطاردني عايزة تقبض روحي”. وش التربي اتخطف، بقى شاحب وأبيض من الصدمة. قال بتردد: “كنت خايف من ده، الولية اللي اتدفنت معاها الحاجة دي بيقولوا إنها ماتت من الخوف وانا الحاجات دي بتلبشني”.
استغرب خضر وسأل: “يعني إيه ماتت من الخوف”؟ التربي رد: “سمعت طراطيش كلام أنها ماتت مرعوبة ووشها كان عليه غضب ربنا ولقوا في وصيتها أن الحاجة دي تتدفن معاها، ولما قولتلهم مينفعش زعقوا فيا وقالولي دي وصية”!
الهواء بارد، جسم خضر قشعر، طلب من عبدالودود يوديه مكان القبر، قرر أنه يرجع الخاتم تاني مكانه. التربي بصله بخوف بس وافق لأنه حس أن الموضوع مالهوش حل تاني غير كده بعد اللي سمعه.
بخطوات بطيئة مترددة بدأوا يتحركوا، راحوا القبر، عبدالودود فتحه ودخلوا، ريحة التحلل واضحة، الدنيا ضلمة، خضر ولع كشاف موبايله وقرب من مكان الجثة وطلع الخاتم وحطه وقبل ما يلف ويخرج حس بضربه على راسه قوية!
بص وراه لقاه التربي. وشه غضبان، متعصب: “هترجع خاتم يسواله شيء وشويات علشان وهم يا ابن الهرمة”. قالها وضرب خضر تاني بالعصايا على راسه، الشاب نزل بجسمه على الأرض ووشه كله دم، راسه بتدور، سمع صوت حشجرة بدأت تظهر، شاف وهو على الأرض حاجة بتتشكل وتسد باب الخروج من القبر، الديب!
عبدالودود مكانش متوقع أن حاجة كده تحصل، رفع العصايا وبدأ يصرخ، مش مستوعب، كان ناوي يسيب خضر في القبر ويموت زي الفيران ويطلع هو بالخاتم لوحده، خاتم يسواله أكتر من 20 ألف!
الديب قرب، خضر جسمه بيتنفض من الوجع، راسه بتدور أكتر، الضربتين كانوا جامدين، حس أنها النهاية، التربي بدأ يرجع لورا بخوف، يصرخ، يضرب بالعصايا في الهوا، لحد ما الدنيا ضلمت فجأة والموبايل طفى وبعد ثواني نوره رجع. خضر شاف التربي على الأرض ووشه عليه الرعب، لوحدهم في المكان، حاول يقوم معرفش، سمع صوت حد بيتكلم في ودني “ده جزاءك”، غمض عينه من الوجع وراسه دارت أكتر والدنيا ضلمت تاني في عقله بس المرة دي للأبد!
#تمت